الجسد هل هو مصدر كل خطية ؟!
لقداسة البابا شنودة الثالث
ونحن نقول لهم: لو كان الجسد خطية فى ذاته، ما كان الله قد خلق جسداً على الإطلاق، وما كان قد أبدع فى تكوين هذا الجسد...
فلقد خلق الله أجساداً للبشر والحيوانات والأسماك والطيور... ولكن أبدعها جميعاً فى كثرة أجهزته وأدقها هو الجسد البشرى. فهل يُعقل أن يكون هذا الجسد مجرد وعاءِِ للخطيئة ؟! وهو أكمل جسد فى الخليقة...
***
ونقول لهم أن سبب سقوط الرجل هو شهوته. كما أنه قادر على ممارسة شهوته بدون المرأة، على الأقل بفساد قلبه وبتصورات ذهنه التى تسبح فى مجال أوسع من نطاق الواقع!
إن الخطيئة تبدأ فى العقل والقلب أولاً. وبعد ذلك تبحث لها عن سبب خارجى عملى لكى تتعلق به. وهنا تبدو المرأة باعتبارها الشماعة التى يعلّق الرجل عليها أخطاءه!!
***
وقد تكون أخطاء الروح والعقل أكثر. فلماذا التركيز إذن على الجسد وأخطائه ؟! ربما لأن غالبية أخطاء الجسد واضحة ومكشوفة، بينما أخطاء العقل – على الرغم من كثرتها وبشاعتها – غير مكشوفة،! لذلك فهى تختفى وراء الجسد، وتصدّره للمسئولية!!
بينما – فى الكثير من الحالات – العقل هو الذى يتسبب فى خطايا الجسد..
هو الذى يفكر فى الخطية وفى طريقها وفى توقيتها، ثم يدفع الجسد الى ارتكابها... فعلى من تقع مسئولية الخطية اذن؟ على العقل أم على الجسد؟ على كليهما طبعاً. على العقل أولاً كمحرضِِ ومدبرّ. ثم على الجسد أخيراً كمنفذ...
***
ولكن لا يجوز فى إكرام الروح، أننا نهبط بمستوى الجسد حتى أننا نسلبه كل حقوقه! فالجسد له ماله، وعليه ما عليه، وكذلك الروح. كما أن الأخطاء المنسوبة الى الجسد، هى منسوبة فقط الى غرائزه اذا أسُى استخدامها... وما أسهل استخدام كل هذه الغرائز فى طريق الخير...
كما لا يصح فى الحكم على الجسد، أننا نركز على السلبيات فقط، بينما نتجاهل الايجابيات وهى ذات تفاصيل عديدة...
والمعروف أن غالبية النساك الحقيقيين، ما كانوا فى كل تداريبهم الروحية، يهدفون الى تعذيب الجسد، بل الى توجيهه روحياً.. والى تهذيب غرائزه وليس قتلها...
***
* بالجسد نركع ونسجد، ونعبد الله، ونرفع أيدينا فى الصلاة، ونحنى هاماتنا أمام الله. ونعبّر عن خشوع الروح بواسطة خشوع الجسد. وبالجسد نصوم، ونقدم أجسادنا ذبيحة لله. وبالجسد ندخل إلى أماكن العبادة، ونستمع فيها الى كلمة الله ووصاياه على أفواه الواعظين... وكل مشاعر العبادة التى هى داخل القلب، نعبّر عنها بالجسد...
* وبالجسد أيضاً نفعل الخير، ونخدم الناس. به نمشي ونذهب إلى أماكن المرضى ونزورهم. وبه نمد أيدينا ونعطي للمحتاجين والفقراء. وبه نعقد كل الإجتماعات التي تبحث كل ما يؤول إلى خير المجتمع. وبه نجلس مع الفقراء ونبحث مشاكلهم. وبه نربت بأيدينا على الأطفال، ونقدم لهم عطفاً وحناناً. وكل عواطف القلب نؤيدها بواسطة الجسد.
***
ومن اهتمام الله بالجسد، قيامة الجسد بعد موته، وحفظه سالماً إلى الأبد،
وتهيئة مكان له في الأبدية السعيدة...ولو كان الجسد مصدراً لكل خطية، ما كان الله يقيمه في اليوم الأخير، ليحيا في الأبدية حياة لا خطية فيها...
***
وكذلك ما نقيمه لهذه الأجساد من تماثيل تعمر بها الميادين، وكلها تخليد ذكرى أصحابها، ولإحتفاظ التاريخ بها، فلا تُنسى..
وأيضاً ما يحتفظ به غالبية الناس من صور لأحبائهم، سواء منهم الأحياء أو الذين أنتقلوا من هذا العالم. وكلها صور للأجساد وليس للأرواح..لكي بصورة الجسد يتذكرون حياتهم وسيرتهم. وكذلك الأحتفاظ بصور الشخصيات الشهيرة...
أيضاً التحنيط.. أليس هو دليلاً آخر على الإهتمام بالأجساد، ولو لحفظها لرجوع الروح والأتحاد بها، حسب عقيدة قدماء المصريين
***
***
أهمية الجسد في التناسل، وتتابع الأجيال
فلولاه ما بقى أحد من البشر من أبناء آدم وحواء!!