القديسة البارة فوزية اسحق

+مادونا+

عضوه مباركة
عضو مبارك
إنضم
24 أكتوبر 2007
المشاركات
831
مستوى التفاعل
5
النقاط
0
الإقامة
ما دام يسوع بقربي فأنا لا أخاف
انا عارفة انها كبيرة بس اقروها هتعجبكوا اوي
بركة صلوات هذه القديسة تكون معانا اجمعين

ولدت البارة فوزية في 14/8/ 1932 من أبوين تقيين ، الأب ذو نقاء ملائكي وقلب ملئه بالحب يعيش بحكمة الحيات وبساطة الأطفال ووداعة الحمام وله من الإيمان ما يكفى لنقل الجبال فصار رمزا بين أقرانه ومثلا عاليا بين أسرته وأولاده. أما الأم فمدرسة في التقوى ، كانت حصنا للأرامل والأيتام تبحث عن الجائع لتطعمه والعريان لتكسيه حتى أنها لقبت بالسيدة "صاحبة اليد البيضاء" . وفاح بخور هذه الأسرة سريعا وكانت مرآة حقيقية للإنجيل العملي "بيوت صلاة بيوت طهارة بيوت بركة".



و تفوق الأولاد جدا في دراستهم وأعمالهم وحصلوا جميعا على ميدالية الملك فاروق التى كانت تسلم لأوائل الطلبة الجامعيين. فخرج منهم الطبيب والمهندس والمعلم وجدير بالذكر أن الأخ الكبير "توفيق اسحق" هو الذى اكتشف بترول سيناء وهو من اعظم خبراء الشرق الأوسط في البتروليات. وهكذا جمعت تلك الأسرة بين الفطنة الفكرية واليقظة الروحية تخرجت / فوزية من كلية العلوم عام 1955 والتحقت للعمل كمدرسة كيمياء في مدرسة ثانوي كانت قدوة للطلبة والمعلمين في أمانتها المطلقة في أداء وظيفتها
مبتدأ الأوجاع :
ماتت أمها وأخوها خلال يومين وبعد ستة أشهر تبعتهم أختها "جوليا" ، كانت تلك الأحداث المفجعة خلال 1955 ذهب الجميع إلى السماء تاركين لها مسئولية رعاية أخوتها وأبيها . وإثر هذه الأحداث المؤلمة انتقلت الأسرة بنقل مقر معيشتها من مسكنهم الواسع الراقي بحي فكتوريا إلى شقة متواضعة بحي الرمل بالإسكندرية، وقد رتبت عناية اللـه أن ترتمي "فوزية" بين أحضان الكنيسة المرقسية الكبرى بالإسكندرية مؤكدة لزوجها مرارا أن للكنيسة فضل كبير في انتشالها مما أصابها من أحزان نفسية .
خدمتها :
كانت تميل للخدمات الاجتماعية الإنسانية موفرة الدواء والغذاء والكساء لكل مريض أو فقير. كما أنها نجحت في انتشال بنات ثانوي من تلميذات مدرستها من ضلالات المراهقة والانحرافات العاطفية الطائشة. فحفظت أسرارهم وتدخلت في مشاكلهم الأسرية وقادتهم بالحب والقدوة الحسنة إلى حضن التوبة.
زيجة مباركة :
أما عن قصة زواجها فهي عجيبة فقد تدخل فيها اللـه بصورة إعجازية وعن هذا يحكى زوجها قائلا : "شاءت تدابير اللـه أن التقى بها عند قريبة لي وأحسست أنها الزوجة المختارة لي من قبل الرب، ولما طلبت يدها وافقت على مضض بعد تدخل والدها حيث قد عزمت على تكريس حياتها لخدمة والدها واخوتها الباقيين على قيد الحياة. وقد حاول عدو الخير تشتيت فكرى من جهة الزواج منها ولكنني صليت لكي يرشدني الرب لما فيه تتميم إرادته الصالحة وقلت له "كلمني يارب من إنجيلك" وبعد الصلاة فتحت الإنجيل في إيمان قوى وللعجب وجدت رسالة اللـه من الاصحاح 5 لمعلمنا يوحنا اللاهوتى " ليس انتم الذين اخترتموني بل أنا اخترتكم وأقمتكم لتذهبوا وتثمروا ويدوم ثمركم" فعرفت قصد اللـه وتمت الزيجة بسلام.
إنجيلا معاشا :
ما أجمل تلك العبارة الرثائية التي ناجاها بها زوجها في يوم الأربعين على رحيلها قائلا "عاشرناك إنجيلا معاشا" وقد كان لها ثمارا كثيرة نقتطف بعضا منها :
1- ثمرة نقاوة القلب
"طوبى لأنقياء القلب لأنهم يعاينون اللـه – مت 5 : 8" ولعل نقاوة قلبها نبع من العمل الدائم على تنظيفه من كل شوائب أو متعلقات أرضية، فمثلا حين كان يراودها فكر سلبى من جهة شخص ما حتى ولو زوجها تخبره إياه بهذا الفكر حتى تتخلص من وزره وطيلة حياتها لم تدن أحد أو تلقى بالحكم عليه، والجميع في نظرها أتقياء وقلوبهم نظيفة، وربما الذى صهر قلبها أكثر صليب انتقال أسرتها فردا بعد الآخر. فعاشت دون تذمر على ما يفعله الرب بها، شاكرة إياه كل حين.
2- ثمرة المحبة
لم تعرف سوى الحب، وأن تنشر بحياتها كل الحب للجميع على السواء ويتساوى عندها من يمدحها بمن يذمها. وحتى المخالفين معها في الطباع أو الأفكار تحبهم وتصلى من أجلهم، وكانت جلساتها تخلو من النميمة أو الوشاية أو التجريح فكانت تخجل الناس من لسانها العفيف ولم تكن تظن السؤ بأحد وتقول "ليه نظن السؤ .. وليه ما يكنش عندنا حسن ظن بالناس"
3- ثمرة الأمانة
و الأمانة إحدى العلامات البارزة في حياتها فقد نشأت في بيت صادق في قوله وفعله. وكانت أمينة في إشباع أولادها بالحب والحنان وكانت تغالي في حبهم وتقول لزوجها "عايزة اشبع أولادي بكل الشبع اللازم لحياتهم علشان ما يجوعوش ويشبعوا من حاجة بره عشان أن حاسة إنى مش هطول معاهم.
و كانت أمينة أيضا في عملها فمن المعروف عنها أنها لم تتاجر بمادتها على حساب أولياء الأمور وكانت تقول لبناتها الطالبات "أنا بقبض مرتبي علشان إنتوا مش بس تنجحوا لكن كمان تتفوقوا"
حتى أنها تعودت قبل أي ولادة أن تكثف حصصها حتى لا يضيع شهر الأجازة على حساب منفعة الطالبات.
4- ثمرة الزهد المقبول
قد يظن البعض أن حياة الجهاد الروحي تتطلب زهدا صارما من جهة الخدمة والصلوات والأصوام ولا يعلمون أن فرز المؤمنين إنما يكون من جهة نقاوة قلوبهم ومحبتهم وإن اللـه يهمه الجوهر لا المظهر فاللـه ينتقى أعمالهم الممزوجة بطابع الحب.
فلقد كانت نسكياتها بلا مغالاة أو اصطناع أو تكلف وحسب قدرتها تعطى بلا حدود تصوم في تعقل وتصلى في بساطة ولا تتخذ صلواتها طابع الروتينية فهي دائما في صلة مع الحبيب وكان اهتمامها هو كيف تحيا متممة وصايا اللـه ولسان حالها يقول "يارب اسندنى يارب ارحمني" وكانت نظرتها دائما للسماء زاهدة في المال والمأكل والملبس وكانت تقول لزوجها مرارا "يا أنسى ده إحنا تراب ولا يحق للتراب التزين والتنعم" ومن فرط زهدها انها في يوم إكليلها لم تتزين أو تهتم بآي مظاهر لها كعروس بل انتقلت مباشرة من المطبخ بعدما أعدت الطعام لأسرتها إلى الكنيسة بعدما غسلت وجهها وارتدت فستانها.
5- ثمرة السلام
كان سلامها عظيما ، ففي وقت حرب 1956 كانت القنابل تدوي بالحي الذى كانت تسكن فيه وبجوار بيتها كانت تتفجر بشدة العديد من المتفجرات أما هي فما كانت تخاف أو تختبئ لأن حياتها في يد اللـه وكانت تقول "هو اللي بيحرس مش ممكن حاجة تحصل إلا بأمره".
6- ثمرة البذل
كانت لذتها في الجلوس بجوار المجربين وحاملي صليب الفقر واليتم وبتلقائية تقول "أنا كنت أقصد آجى ماشية، وأقول طب وماله أمشى هو هيجرى حاجة؟ وأدى فلوس التاكسي لواحدة فقيرة مش لاقية تاكل، وماله هو أنا خسرت حاجة؟" وكانت حينما تسمع عن مريض تلازمه وتخدمه وإن احتاج شئ توفره له على قدر استطاعتها ومن سعادتها أن تعطى كل راتبها للمحتاجين والمعوزين حتى تفرج عنهم وتهون شدائدهم.
حينما دخلها مرض السرطان أصيبت في يدها اليمنى فتوقفت عن الحركة لأن كل العظم قد تآكل وما يربط اليد بالجسم هو عبارة عن جلد فقط. فعزم زوجها على إهدائها غسالة أوتوماتيكية في عيد ميلادها حتى تريحها في وقت مرضها. ولكنها سمعت عن عجز في صندوق الفقراء بالكنيسة فطلبت من زوجها أن يضع ثمن هذه الغسالة في صندوق الفقراء وضحت بنفسها وهي في هوة الألم حتى تسعد الفقراء.
7- ثمرة البساطة والتلقائية
لقد كانت لها رقة ملائكية ولسان طفولى لا يعرف التنميق أو الاصطناع وقد انطبعت بساطتها ووضوحها على قلبها فلم تدخل أى معاني للانتقام أو الحقد وكانت تقول "كلنا وحشين وكل واحد ربنا يهديه علشان يصلح نفسه ويبقى أحسن مما هو عليه" وقد علمت زوجها إلا يهتم بكلام الآخرين لأن الناس لا يعجبهم العجب وكانت تقول له "مادام تعمل الصح بعد كده ما يهمكش الناس . ما تحورش ولا تدوش فكرك". وكانت دائما تطلب من اللـه حكمة في قولها وفعلها وتناجيه دائما "يا ترى يا رب لو كنت مكاني كنت هتعمل إيه؟"
8- ثمرة الإستقامة
حينما كانت تستدعى الأمور ان تكون حازمة وتصد الأشرار كان الرب يعطيها حكمة وقوة وشجاعة. من هذه الأمور القوية التي أثبتت فيها استقامتها أنه كان بكليتها معيد منحرف الأخلاق يستغل نفوذه لاصطياد البنات وإجبارهم على مراوغاته الشريرة لأنه كان يحمل درجات العملي لأحد المواد الدراسية. وقد تعامل مع قديستنا لمدة أسبوع فوجدت فيه إنسان سيئ الأخلاق فصدته موبخة إياه في شدة قائلة "من فضلك انسانى خالص – ولا كأنى طالبة عندك". فلما سمعت صديقاتها بما فعلته فوزية مع هذا المعيد قالوا لها "طب يا فوزية نبقى نباركلك على الرفد" فقالت لهم "رفد رفد أنا ما أعرفش أنصاف حلول وعمري ما هدوس على مبادئى أبدا". وأنقذها الرب بنجاحها في هذه المادة، فبرغم من أن المعيد أعطاها صفر في درجات العملي تفوقت في درجات النظري وصدت شيطان النجاسة.
9- ثمرة التسليم
كانت تاركة حياتها للرب يسوع ليقودها كما يشاء. ولعل الرب قد تنسم عبير تسليم القلب والحياة من خلال تقواها عندما خضعت لارادته عند وفاة أسرتها الواحد تلو الآخر ولم تفتح فاها عند تجارب موت أسرتها لأن الرب قد فعل.
ظلت قديستنا طيلة ستة أعوام بدون ثمرة البطن، ولم تعارض الرب أو تلومه بل كانت تباركه وتشكره على كل عطاياه عالمة أن لكل أمر تحت السموات وقت. وكانت تخفف عن زوجها قائلة "يا أنسى إحنا عندنا أولاد كتير في المدرسة وفي الكنيسة"
كل الأشياء تعمل معا للخير
ثم حملت القديسة بولد وجاءت ساعة ولادته وكانت وقتها بالأقصر وزوجها بالإسكندرية ومن قلقه عليها كان دائم الاتصال بالطبيبة المولدة ليطمئن فأحس من خلال ردود الطبيبة أنها تحاول أن تخفى شيئا. فلم يكن أمامه سوى مناجاة اللـه وصلاته "يارب انت عارف انها بعيدة عنى بمئات الكيلومترات، إرشدنى للى بيحصل معها وطمئني على سلامتها". ثم فتح الإنجيل ليجد إرادة اللـه "و تعجب بيلاطس إنه مات هكذا سريعا – مر 15 : 44" فإتصل على الفور بالطبيبة قائلا " يا دكتورة رفقة الولد مات أخبار أمه ايه؟" فاندهشت الطبيبة وقالت "يا خبر ايه اللي عرفك" فرد قائلا "مش مهم . المهم طمنينى عليها" ثم أمسك التليفون ليطمئن على حالها وبحكمته المعهودة أراد أن يخفف عنها هذه الفجيعة فأرسل لها تلغراف مهنئا إياها على سلامتها وذلك قبل سفره إليها. ولقد أطلق على هذا الولد اسم ايليا لأنه أحس بأنه صعد سريعا إلى السماء، فلقد تناولت أمه أثناء حمله تسعين مرة من يد قداسة البابا كيرلس.
نبوة للبركة والتعزية
التقى الدكتور أنسى بأبيه الروحي قداسة البابا كيرلس السادس وقال له "صلى لأجل زوجتي يا سيدنا لأن جلنا ولد وراح على طول واحتمال الصدفة دى متتكررش تانى" فرد عليه العظيم بين القديسين البابا كيرلس قائلا "يا وحشين ما تحبوش تدوا البكور لربنا ، مين يستاهل يديله البكور، طب ربنا يهديكم ويصلحكم" ورفع قداسته يده عاليا مشاورا بأصابعه الثلاثة "بكره ربنا يديكم ويديكم ويديكم لغاية ما تقولوا بس" وفعلا حباهم الرب بثلاث أولاد.
موهبة الكشف الروحي :
وهبها اللـه نقاوة قلب غير عادية وشفافية كشفت أمامها أمورا يتعجب منها، فكانت تبادر زوجها بأحداث في حياته أو بأحداث تخص عمله أو أهله وتقول له مثلا "اللـه .. هو حصل كذا وكذا؟" ويحتار من معرفتها بتلك الأمور.
1- وفاة أخيها توفيق :
في عام 1971 إستلم زوجها تلغرافا ينبئه بوفاة الأخ توفيق اسحق وظل محتارا كيف يوصل لها هذا الخبر المؤلم؟ ويا للعجب فحينما أغلق عيادته وصعد لشقته إذ بها تفتح الباب وتبادره دون أن يخبرها بشيء "هو توفيق انتهى وإلا ايه؟"
2- موكب ملائكي :
حدث وقت انتقال والدها بالإسكندرية وكانت ما تزال تسكن بالأقصر مع زوجها انها استيقظت في منتصف الليل وأيقظت زوجها قائلة له "بابا خلاص إنتقل وإرتاح من أتعابه، أنا شفته دلوقتى محمول على ملاية بيضاء وماسكها أربع ملائكة وهما طالعين به للسما". وقد تلقوا نبأ وفاته صباح اليوم التالي وعندما سافروا إلى الإسكندرية للعزاء علموا أن ساعة انتقاله كانت بالضبط في الساعة التى رأته فيها صاعدا للسماء في ثوب المجد وسط زفوا الملائكة
3- ظهورات وتجليات :
و كانت لما تشتاق لأحد أفراد عائلتها المتنقلين تناجيهم فيظهروا لها بكامل هيئتهم وتقضى ليالي كاملة في صحبتم وثاني يوم تخبر زوجها بأنها قضت تلك الليلة مع أختها جوليا أو أبيها أو أخيها ..الخ وهكذا لما تشتاق لأحدهم يتجلى لها في أى وقت.
4- رحيل رجل الصلاة :
و في فجر الثلاثاء 9 مارس سنة 1971 ظهرت لها أختها جوليا وأعطتها السلام فتعجبت فوزية من هذا الظهور وسألتها قائلة "يعنى أنا مفكرتش فيك الليلة دى" فردت جوليا وقالت "أصلى أنا مش جاية عشانك. أنا قلت أشوفك بالمرة، إحنا جايين في موكب سماوى كبير نأخذ البابا كيرلس وطالعين على طول" ثم اختفت من أمامها حتى لا تتأخر. فأيقظت فوزية زوجها وهي في غاية التأثر قائلة "خسارة كبيرة يا أنسى، البابا كيرلس خلاص هينتقل للسماء" وكان هذا في فجر الثلاثاء انطلق بعدها بساعات قليلة البابا كيرلس إلى السماء وكانت فوزية في ذلك الوقت في الأقصر يفصلها مئات الكيلومترات عن مقر البابا في القاهرة.
معصرة الألم :
سمح لها الرب بالتجربة الأليمة "مرض السرطان" حتى يظهر بالضعف ما هو أقوى من القوة. احتملت من الآلام ما لا طاقة للجبابرة على احتماله وبدأت رحلة المرض معها في سبتمبر 1981 لتستمر رحلة السرطان معها طيلة ثلاث سنوات ونصف وفي بداية المرض استأصل الأطباء صدرها الأيسر لكن المرض كان أسرع كالقطار محطما جسدها وسرعان ما انتشر به ليفتت عظامها لدرجة أن ذراعها الأيمن قد تفتت عظامه واضمحلت قواه ثم تخللت أعاصير المرض الجزء السفلي من الجسم ليشل حركته وكانت محطته الأخيرة عندما استقر بالمخ. تقبل جسدها أعدادا هائلة من حقن المورفين وعديد من جلسات الكوبلت وما هذه الجلسات سوى موت أكيد أنفاسه ضيقة يعود بعدها المريض لحياته وكأنه عاش بعد موت حتى إن الأطباء قد تحيروا جدا من قوة آلامها وطول مرضها مؤكدين لزوجها أنها حالة فريدة من نوعها.
في يوم كانت متألمة جدا لدرجة انه من شدة آلامها إحمر وجها واهتز السرير بشدة من رعشات الألم لدرجة أن كاهن الكنيسة صلى صلاة حارة وبدموع لأنه تألم لأجلها جدا. وبعد أن انصرف أبونا قالت لزوجها "شفت إزاى يا أنسى إن كل ألم وراه بركة كبيرة لأنه لو ما كنتش اتألمت في وجود أبونا كيرلس مش كنا خسرنا بركة الصلاة دى اللي إحنا اتباركنا بيها؟" وهكذا كانت بالروح تحلل كل الأمور طوال معاناتها من مرضها القاسى الفظيع.
كانت أثناء الليل وهي بين النوم واليقظة (لأنها كانت لا تعرف طعم النوم بمعناه الطبيعي) من فرط آلامها الشديدة والمستمرة إنما كانت تحت مفعول المهدئات والمنومات تذهب في اغفاءات صغيرة من النوم تتكلم فيها بكلمات بسيطة واضحة وعميقة تصور فيها مشاعرها وتعلنها في صورة تأملات وأحيانا نصائح وإرشادات وأخرى إعلانات لما تراه من رؤى روحية وسماوية وهي تحت وطأة الألم. وهنا يسرد زوجها بعض مما سجله لها مما قالته أثناء الشهور الأخيرة من مرضها ويقول "زوجتي نيح اللـه نفسها كانت تتكلم بهذه الأقوال في وضوح وبساطة وهي لم تقصد أن توجهها لأي أحد منا ولكنها كانت تقول تلقائيا معبرة به عن مشاعرها ومكامن وجدانها ورغم أنها كانت تقولها وهي تحت وطأة الألم إلا انها كانت مع بساطتها أقوالا مرتبة وواضحة ذات أفكار عميقة هادئة وكنت اسمعها أنا بمفردي أثناء الليل اشعر كما لو كان روح طيب مقدس بداخلها يلقنها لتخرج عباراتها رصينة وغير مهزوزة وفيما يلي مقتطفات من هذه الأقوال:
الشبع الحقيقي :
يا يسوع انت اللي تشبعنا بس مش هنشبع من أجسادنا أبدا مهما أكلنا ولبسنا وأخذنا .. أهو أنا دلوقت جسدي يبلى يوم بعد يوم وحتى اللقمة الصغيرة بتقف في حلقى لكن أشكرك لأنك ورتنى إن انت شبعى ولأنى في أوجاعي الشديدة أشوفك جنبي، زمان وأنا كويسة ما كنتش أشوفك وعلشان كده أنا اصبر واشكر وافرح.
العالم يمضى وشهوته:
باريت الناس يعرفوا يعملوا لك مكان في حياتهم، الشيطان يضحك عليهم علشان يملوا قلوبهم بأمور العالم الفانية لغاية ما يتبقاش فيها مكان لك، أرجوك ياربى تفرح الكل بشخصك وتساعدهم علشان يجعلوا لك مكان في قلوبهم وأفكارهم ويفرحوا الفرح الحقيقي الفرح اللي ولا أشد الأوجاع تزحزحه.
أهو أنا في الامى الشديدة أشوف عطاياك العظيمة وأشوف عطاياك العظيمة وأشوف نفسي مش مستحقة لها فأفرح واصبر وأقول زي ما أخذت منك الحاجات الحلوة لازم اقبل من ايدك بشكر الحاجات المرة وحتى الحاجات المرة هي نفسها عطية كبيرة لأنى باشوفها فتفوتة صغيرة خالص من الصليب تجعلنى شريكة معك في الآمك.
أنا لما أشوف حبايبى المؤمنين يحاولوا يشبعوا من أمور العالم الزائلة بزعل خالص .. زي فترينات المحلات مثلا يفكروا إن سعادتهم فيها عرفهم يارب إن ينبوعهم الحى هو انت المحب والغنى واللي تحب تدينا دائما وكل ما تشوفنا سعداء بحبك وبشخصك تفرح انت وتديلنا اثر، انت كنت مع يوسف ويقول الكتاب انه كان ناجح في كل شئ.
المحبة أساس البنيان :
يارب خلى ولادى يعيشوا لك ويعيشوا فيك علشان يعيشوا حياة الفرح الحقيقي في يسوع في طهارة وأمانة واتضاع ووداعة وقناعة وبحق الالام اللي أنا فيها احفظ حياتهم في حبك ويحبوا بعض ويحبوا كل الناس. حتى الوحشين يحبوهم علشان خاطر ربنا ويطلبوا من أجلهم علشان صليبك اللي خلص الكل.
الفرح الحقيقي :
أشكرك ياربى يسوع لأن ضيقتي دى ورتنى جمالك اللي فوق جمال كل البشر ، أنا شفت كتير وانت ورتنى كتير وفرحت كتير لكن كل الفرح ده كان محدود وينتهى بسرعة لكن فرحى بك انت هو اللي في زيادة على طول وفرحى باقي للأبد ولولا الفرح ده أنا ما كنتش استحمل لحظة من الامى الشديدة اللي أنا أقاسيها كل لحظة من الشهور الطويلة دى.
ميراث مجد لا يتدنس ولا يضمحل
أنا فرحانة بك انت وبثوب المجد اللي شفته عندك وقلت لي أنا هلبسه بعد شوية، وأنا يا أولادي عايزاكم تفرحوا دايما، علشان أنا هاكون خلعت ثوب الألم والوجع. تكرهوا إن أمكم تنزف للسما؟ وهناك هتكون روحها معاكم اكثر من هنا بكتير وتكون لها رسالة معاكم اكثر من هنا بكثير، أنا يوم ماما لما روحت من العالم ده وقت انتقالها وقفت جنب سريرها وصليت من اجلها وكما لأجل نفسي علشان الرب يعطيني الإيمان والقوة وفاتت التجربة بسلام واللـه ساعدني انى بأشعر دائما انها ويايا وأنا وياها. وأنا عايزاكم تكونوا كده ولا تحزنوش أبدا علشان أنا مازعلش وأنا في فرحى السماوي. وأنا متأكدة إن اللـه هيكون معاكم اكثر واكثر وبعدها أروح أنا عنده هيتمجد معاكم اكثر ويكون لكم نجاح في كل شئ.
رسالة إلى الشباب
بس اخدموه واخدموا كنيستكم أمكم الأصلية اللي ولدتكم من معموديتها وعيشوا حياة الطهارة علشان الروح القدس يسكن ويدوم فيكم. ولا يهمكم العالم فأعملوا دايما الشيء المظبوط فإذا الناس كانوا راضيين كويس وإذا ما رضيوش معلش، المسيح القدوس نفسه كان كثير من الناس ما يرضوش عنه.
جوهر أرواحكم
أنا اتعلمت من تجربتى كتير ، كنت زمان اهتم بكلام الناس وكان يهمني المظهر لكن بعد العبر الكثيرة اللي ورهانى ربنا وشفت إن اللي احسن منى راحوا للدود والتراب عرفت إن دى خدعة لازم ما ننخدعش بيها. ومن وقتها وأنا بحب البساطة الكاملة والطبيعة المجردة من كل شئ لدرجة إن كتير انتقدوني وكمان جرحوني علشان المظهر وغيره لكن ما كنش يهمني أى شئ مادام أنا راضية، المسيح كان بسيط ويوصى بالبساطة في كل شئ. في الأكل كمان لازم نكون بسطاء كله كلام فارغ يا أولادي وكله للفساد.
أرواحكم بس هي اللي تحافظوا عليها وتهتموا بيها هي الباقية والجسد لو اديناله اكثر من اللازم ممكن يكون سبب هلاكنا وضياع خلاصنا، صحيح اطلبوا نجاح حياتكم في الدنيا علشان نجاحكم ده تخدموا بيه ربنا وتمجدوه لكن أوعوا تفكروا إن نجاحكم ده حاجة تذكر لو ما كنش معاه نجاح في الروح يبقى زي قلته. المهم هو نجاح أرواحكم قبل كل شئ أما نجاح العالم هينتهى ويبقى هو وعدمه واحد.
تعزيات العريس للعروس
و كانت لها لقاءات متعددة مع حبيب نفوسنا يسوع الذى سمح في تنازل محبته أن يتراءى لها عدة مرات معلنا لها ذاته، بل ناشرا حولها نوره وجماله. ويدخل معها في حوارات عديدة يمدها من خلال أحاديثه العذبة بالرجاء والمعونة والتعزية يخفف عنها آلامها لتصير عروس مزينة لائقة بعرس مجده الإلهي
جماله ابرع جمالا من بنى البشر
يحكى زوجها أنه في إحدى الليالي التى كانت فيها تئن من شدة الألم ذهبت في إغفاءة نوم بعد حقنة المورفين ثم أيقظته بصوتها قائلة له "يا حلاوة ايه اللي أيا شايفاه ده يا أنسى؟"
فيرد هو : "شايفة ايه"
فتقول له: شايفة يسوع جماله غير عادى ما أقدرش أوصفه
فيرد عليها : طبعا مش هو ابرع جمالا من بنى البشر
فتقول : صحيح صحيح
فيرد عليها : قال لك حاجة؟
فتقول : ايوه قاللى تحبى تيجى عندى دلوقتى؟ فقلت له ايوه حاضر أنا مشتاقة خالص بس بعد شوية قليلة، سيبنى أكلم أولادي وأوصيهم شوية انهم يكونوا معاك وبعد كده آجى عندك.
ثم تتأوه وتقول آه .. آه الالام شديدة خالص لكن أشكرك يا يسوع لأنك معايا تسندنى أنا مستحقش أبدا كل عطاياك اللي انت كاسفنى بيها حتى الحقنة المسكن اللي مش كل واحد متألم بيلقاها أنا ما استهلهاش.
أشكرك ياربى الف شكر ده أنا شبعانة بيك خالص وما عنديش اى فراغ في حياتي وفي نفسي كل الناس تكون شبعانة من شبع المسيح الحقيقي اللي هو خبز الحياة.
باريت كل الناس يا حبيبي يجربوا يكونوا شبعانين بيك وعمرهم ما يجوعوا ولا يحتاجوا لشيء ولا يخافوا من شئ، أوصيكم يا أولادي ثاني عيشوا فرحانين دايما بيسوع وافرحوا لي وأنا في السما معاه هناك لغاية ما نكون كلنا مع بعض معاه هناك.
اذكرينا أمام الرب
كانت دائما تتكلم مع يسوع وهي تعاين نوره وجماله وذات ليلة بينما تتكلم معه أثناء نومها وزوجها يسمعها قال لها "عايزك يا فوزية وانت مع يسوع تذكرينا علشان يعيننا ويقوينا ويرحما" فأجابته "طبعا ها أذكركم" ثم يعود ويقول لها "يعنى ده وعد" فتجيبه هي "إلا وعد يا أنسى هو أنا لي عمل معاه غير كده، وهيكون كده دائما لما أكون معاه هناك"
ثم يقول لها "أصلك ها تكوني مشغولة بيه وبجماله" فتجيبه "و أنا من ضمن مشغولياتى بيه انى أذكركم واحد واحد". ثم تتأوه بأنين الوجع الشديد وتقول "آه .. آه الوجع شديد خالص، لكن كفاية يا يسوع انى شايفاك انك معايا، ده يعزينى ويفرحنى ويجعلني استحمل كل شئ.
بالآلام تكثر التعزيات
و في ليلة أخرى بعد إعطائها حقنة المخدر والمنوم وفيما هي بين النوم واليقظة قالت "أنا النهارده فرحانة بيه هو وبالنعيم اللي أنا فيه، النهارده اكثر يوم فيه الألم شديد وزي ما انت عارف يا أنسى اكثر يوم أخذت فيه حقن مسكن. لكن كمان المسيح النهارده اكثر يوم يحوطني فيه وفرحني بشخصه علشان يعوض ألمى. أنا فرحانة بيه هو، أنا عملت ايه من الخير علشان استاهل يورينى النعيم ده كله بعينى وأنا حية مش عارفة أشكره ازاى مهما شكرت مش كفاية، النهارده فيه وجع زيادة لكن كمان فيه حب زيادة علشان كده أنا فرحانة بأوجاعي وحاسة بإيديه الاثنين ، دى مراحم فوق الوصف ، الحمد للـه حقيقي.
نوره أشرق لمختاريه
و ذات ليلة نادت على زوجها قائلة "شايف يا أنسى النور الهايل اللي مالى الأوضة ده؟ غريبة خالص، ده أنا دايما أقول لك إن عيوني مش قادرة على نزر الكهرباء حتى ولو ضعيف، اشمعنى النور ده قادرة اشوفه ومبسوطة بيه وعيوني مرتاحة له؟ صحيح نور قوى لكنه مريح وحلو خالص.
(حقا يا حبيبتنا إنه نور الإله الذى تجلى قديما أما تلاميذه وها هو الآن يظهر لك بصيص من مجده فان كان ذلك وانت بالجسد فياترى ماذا ترين الآن وانت معه في الفردوس؟)

كانت دائما تقول لمن حولها "ليه تتألموا وتنزل دموعكم وتزعلونى؟ إذا كنت أنا فرحانة بأوجاعي علشان بأشوف فيها المسيح وأمجاده ليه انتم تزعلوا؟

و أمام هذه التعزيات السمائية كانت تشتهى أن تقسو الالام اكثر واكثر حتى تنعم بالمزيد من النعم الإلهية والكاشفات الروحية وكانت تقول لزوجها "يا أنسى خذها قاعدة اليوم اللي تلاقيني فيه تعبانة زيادة افرح لي لأنه مفرحنى زيادة بطرق ما أقدرش أوصفها أو اعبر لك عنها.
معونة السيدة العذراء
و في شهور مرضها الأخيرة كانت تتجلى لها أم النور كثيرا حتى تعزيها وتخفف عنها الآمها وتصد عنها ضربات الشياطين الأعداء وكانت كثيرا ما تصف العذراء وجمالها وفستانها السماوى.
و في ذات ليلة حوالي الساعة الثانية بعد منتصف الليل أيقظت زوجها وهي تقول له "يا أنسى أوعى تخاف من حاجة، كل اللي أنا شايفاهم بره الأوضة" ويرد عليها "مين دول؟" فتجيبه "الجماعة الكتار قوى اللي شكلهم مفزع ولونهم أسود وطوال خالص، شايفاهم متزاحمين علشان يدخلوا علينا، محدش ها يقدر يدخل منهم طول ما الست الجميلة دى اللي واقفة لنا على طول ، شايفها يا أنسى أد إيه جميلة ولابسة فستان سماوي حلو وخفيف ووشها منور ومادة ايدها على الباب وتصدهم، أشكرك يارب علشان انت اللي بتحمينا صحيح".
(و من تكون هذه السيدة النورانية غير فخر جنسنا والدة الإله؟ الآن قد عرفت معنى صلاة الأجبية "و عند مفارقة نفسي من عندي احضري عندي ولمؤامرة الأعداء اهزمي ولأبواب الجحيم اغلقي لئلا يبتلعوا نفسي يا عروس بلا عيب للختن الحقيقي)
أسعد لحظات حياتها :
و يبدو أن السيد المسيح له المجد لم يكن يتركها فترات الليل أو النهار بل وقد تيقنت أنه في شهورها الأخيرة كان معها كل لحظة. بل كان يأخذها وينطلق بها فترات طويلة خارج الجسد وخارج نطاق هذا العالم، ليعطيها فترات راحة وسعادة وتعزية مشابهة بذلك القديس يوحنا الرائي فيما قد أعد له وهو منفى في جزيرة بطمس .
فيحكى زوجها قائلا "في صبيحة أحد الأيام استيقظنا صباحا فوجدنا راحلتنا الكريمة في حالة غيبوبة، لا هي متيقظة ولا هي نائمة، وبينما نحن نفكر في هذا الأمر المحير جاءت إلينا الطبيبة "مفيدة معوض" (و هي صديقة مخلصة وكانت تتردد عليها كثيرا وقت الفرح والألم)، ولما فحصت الحالة تعجبت جدا وتحيرت هي الأخرى، فحالتها ليست بصورة الغيبوبة المعروفة ولا هي بحالة الموت أو الحياة؟ وظلت تمارس معها كل الوسائل الطبية لتفيق وتنتبه، وبعد حوالي نصف ساعة فتحت عينها فجأة. فبادرتها الدكتورة "إيه الحكاية يا فوزية انت كنت فين وحصل معك إيه؟" فردت عليها "إنتوا دلوقت قطعتوا على أسعد لحظات حياتي" ولكنها لم تصف شئ أكثر من ذلك.
يسوع يريها الأمجاد السماوية :
إلا أنها في الليلة التالية أيقظتني بصوتها وهي شبه نائمة وكانت تتكلم بصوت مسموع وواضح وتقول "غريب خالص اليوم اللي فات ده إبتدا برحلة غريبة خالص من غير آي ألم ودى أول مرة أعيش فيها ساعات من غير آي ألم من شهور طويلة وشعرت بسعادة كاملة غير آي سعادة شفتها، سعادة من نوع جديد على متتوصفش وأكثر من كده شفت يسوع الصبح بدرى وقال لي "إنت من بناتي اللي بحبهم واللي بأحبه أكبر له إكليله ، شوفي الإكليل بتاعك جه على أدك مضبوط وفستانك السماوى جاهز ومكانك إتعد خلاص.. باريت ما تروحيش للأرض ولا ترجعى لجسدك تانى، وكمان اللي بيحبنى بصحيح يتحملنى ويقبل منى كل شئ". وكنت شاعرة زي ما أكون خفيت خالص لغاية ما تركت العالم فعلا وعبرته لمدة لحظات ما أقدرش أعرفها أد إيه أو أصفها أبدا، وحسيت إن كل آلامي وأتعابي كلها خلعتها علشان أتهيأ للبس الثوب الأبيض بتاع السماء، كنت في منتهى الفرح وبعدها دخلت الدكتورة /مفيدة وقالت ليهم انتم دلوقت قطعتوا على أسعد لحظات حياتي. والدكتورة افتكرتني في غيبوبة. أبدا ، أبدا ، أنا كنت بأعبر الحياة والعالم، وورانى يسوع حلاوة العبور علشان أطمئن في ساعة إنتقالى اللي هي قربت خلاص.
ليس موت لعبيدك :
و كانت بعدها قد كررت نفس هذه المعاني لزوجها وهي متيقظة بالنهار قائلة " أنا أشكر اللـه خالص علشان الحاجة الوحيدة اللي كنت خايفة منها هي لحظات الموت، ولكن شوف يا أنسى إزاى محبة ربنا أطلقتنى من جسدي وعبر بي الحياة والعالم، وعرفني إن ساعة الانتقال دى هي بالعكس ساعة فرح وانطلاق مع المسيح، وبعدها أنا مش خايفة أبدا، لأنى شفت أد إيه حلوة وجميلة"، بل إنها كانت تقول لزوجها دائما "يا أنسى خذها قاعدة اليوم اللي تلاقيني فيه متألمة زيادة إفرح لي، لأنه مفرحنى زيادة بطرق ما أقدرش أعبر عنها، طرق فوق الوصف لأنه يعلن لي ذاته كل يوم".
فكانت تشتهى أن تقسو الآلام دائما حتى تكثر تعزياتها السمائية وفي إحدى المرات قالت "أشكرك يا ربى لأن ضيقتي دى ورتنى جمالك اللي فوق جمال كل البشر، أنا شفت كثير وإنت أعطتني كتير وفحت كتير لكن كل الفرح ده كان محدود وينتهى بسرعة لكن فرحى بيك إنت هو اللي في زيادة على طول فرح باقي للأبد، ولولا الفرح ده أنا ماكنتش أستحمل لحظة واحدة من الآمى الشديدة اللي أقاسيها كل لحظة من الشهور الطويلة دى".
إتفاق على موعد الإنطلاق :
يوم 4 يناير 1984 وفي الصباح الباكر الذي ثقلت فيه الآلام جدا أشارت لزوجها قائلة (تعالى يا أنسى عندي كلام هقوله لك ومتزعلش، أنا الليلة دى كنت مع المسيح وقال لي "إنت كفاية عليك، أخذت إكليل الآمك كله، وإن كنت تحبى تيجى عندي أنا مستعد .. لكنى قلت له .. معلش يا يسوع، صحيح الألم دلوقت فوق طاقتي شديدة خالص، لولا ما إنت ساندنى لكن انت عارف أد إيه أنا بحب ولادى ومستعدة أحتمل علشانهم، ونفسي يعيدوا لك عيد الميلاد وعيد الغطاس كمان وبعدها ينبسطوا مع زملائهم في الكنيسة في أجازة نص السنة، وأحب أكون عندك، علشان الأولاد يدخلوا كلياتهم تانى يوم." ويسوع وافقني على الكلام ده ووعدني إنه يتممه معايا. فأنا يوم الجمعة آخر أجازة نص السنة ها أروح السماء عنده، إنت موافق ولا زعلان يا أنسى؟ ) فتمالك الرجل نفسه وبالجهد إستطاع أن يرد بعدما التقت أنفاسه "معقول يا فوزية، الشيء اللي وافق عليه يسوع أعترض أنا عليه ، لتكن مشيئته"
وقد كمل الرب وعده معها وأطلقها من جسدها بسلام في يوم ما الجمعة 27 يناير في اليوم والساعة التى اتفقت فيه مع حبيبها "لأنه ليس شئ غير ممكن لدى اللـه".
(حقا ما أعجب هذا الحدث الختامي والإكرام الإلهي لمن أكرمت الرب طيلة حياتها وارتضت قسوة الصليب، نحن نسمع كثيرا عن أبرار يكشف لهم الرب يوم انتقالهم، لكن ها نحن نسمع عن سيدة علمانية تحدد للرب يوم انتقالها؟ وكأنهم صديقان قد وقعا معاهدة على موعد الإنطلاق، كما اننى أقف متحيرا أمام محبتها العميقة الباذلة التى أدت بها إلى تأجيل يوم الرحيل تلك اللحظة التى طالما يتمناها مريض السرطان بالأخص، فلقد قبلت الآلام والأوجاع مدة أخرى حتى لا تعكر صفو أسرتها وسعادتهم في أيام الأعياد والأجازات فصارت ذبيحتها استشهاد يومي فاستحقت الإكرام من خالق الكون وفاديه، فمن تكون هذه النفس التى تخضع لطلبها يا رب وتؤجل يوم انتقالها؟ إنى متحير من حبك العجيب ، صداقتك الوطيدة أمام تلك النفس البارة )
وصيتها الأخيرة :
قبل انتقالها بأيام قليلة أوصت زوجها قائلة " طبعا إنت عارف يا أنسى إنى يوم الجمعة مسافرة للسماء، باريت تخلى أبونا كيرلس والشمامسة يزفونى بلحن ابؤرو علشان أنا يوم إكليلي الأرضي اتزفيت باللحن ده، فما بالك وأنا رايحة للسماء عند يسوع، وكمان يوم الثالث بتاعى موافق يوم الأحد، أوعى ما تلبسش شماس وتقف جنب معلم الكنيسة، صلى عادى خالص ولا كأن فيه حاجة حصلت." وهكذا تمم لها زوجها جميع ما أوصته به.
هي ترعانا بصلواتها :
إن شعور أسرتها الدائم أنها لم تغب عنهم لحظة واحدة، بل دائما تحس بهم وأنهم يشعرون ببركتها وصلواتها الدائمة عنهم. وقد أخبرني زوجها أنه كثيرا ما يراها (ربما في أحلام سماوية) كما لو كانت بالفردوس وتطمئنه على حالها ودائما تقول له "أنا تمام وكويسة، أنا سبتكم وأنا مطمئنة عليكم ، المسيح يبارككم ويكون معاكم، ولسه ها يبارككم أكثر وأكثر"
ظهور عجيب :
إحتاج زوجها لمن يخدم بيته وأولاده بعد رحيلها حيث قد أحدث حيلها فراغا كبيرا وانقلابا هائلا في كل جوانب حياتهم، وقد طلب من شغالة تقية أن تعتني بخدمة بيته فقالت له الشغالة "سبنى أقضي الليلة دى معاكم وأعرف مشيئة اللـه بالنسبة لأمر خدمتكم..!" وظلت تلك السيدة طيلة الليلة تصلى وبينما هي تتضرع للرب حتى يكشف مشيئته بخصوص خدمتها لهم إذ بالقديسة فوزية إسحق تظهر لها قائلة "إنت اشتغلت ثلاث شغلانات وأنا اللي خرجتك منهم علشان تيجى هنا وتخدمى أولادي وجوزي في الوقت المناسب، وأنا حبيت أطمنك علشان ما تخافيش أو تقلقي من حاجة".
ثم ظهرت أختها التقية "جوليا إسحق" وقالت للشغالة ".. لسه أختي فوزية بتوصيك على ولادها وجوزها وتطمنك علشان ما تتردديش في خدمتهم"
و في صباح اليوم التالي أخبرت الشغالة الدكتور أنسى بجميع ما رأته من ظهورات مباركة ووصفت القديستين وصفا دقيقا، ووافقت على خدمتهم لأنها عرفت مشيئة اللـه. وكثيرا ما كانت تراها تلك الشغالة التقية وهي تنتقل من حجرة لأخرى بالمنزل وكأنها تباركهم وتطمئن على حالهم.
بركة صلواتها فلتكن معنا جميعا آمين.
 

يوحنا/نصر

امسك يمينى
عضو مبارك
إنضم
9 أغسطس 2007
المشاركات
2,212
مستوى التفاعل
12
النقاط
0
الإقامة
egypt
رد على: القديسة البارة فوزية اسحق

ربنا يبارك حياتك و يحفظك فى اسمه القدوس
موضوع جميل خالص يا مادونا
ربنا يدينا النعمة والقوة اننا نعيش ليه بامانة
 
أعلى