البابا فرنسيس: العذراء هي النّجمة الّتي توجّهنا

paul iraqe

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
3 يناير 2014
المشاركات
15,606
مستوى التفاعل
1,314
النقاط
113
الإقامة
IRAQ-BAGHDAD
pope-francis-web.jpg


عن القفزة الكبيرة للبشريّة إلى الأمام الّتي حقّقها انتقال مريم العذراء إلى السّماء، تحدّث البابا فرنسيس في كلمته إلى المؤمنين يوم السّبت خلال التّبشير الملائكيّ لمناسبة عيد السّيّدة، فقال بحسب "فاتيكان نيوز":
"عندما وطأ أوّل رجل على سطح القمر قيلت عبارة أصبحت شهيرة: "هذه خطوة صغيرة لإنسان، وقفزة كبيرة للبشريّة". في الواقع كانت البشريّة قد بلغت هدفًا تاريخيًّا. أمّا اليوم وبانتقال مريم العذراء بالنّفس والجسد إلى السّماء نحتفل بإنجاز أكبر من ذلك بكثير. لقد وطأت قدما العذراء الفردوس وهي لم تذهب بالرّوح فقط وإنّما بالجسد أيضًا، بكامل كيانها. لقد شكّلت هذه الخطوة لعذراء النّاصرة الصّغيرة القفزة الكبيرة للبشريّة إلى الأمام. لن يفيدنا كثيرًا الذّهاب إلى القمر ما لم نعش كأخوة على الأرض. لكن أن تقيم واحدة منّا في السّماء بالجسد هو أمر يمنحنا الرّجاء: نفهم أنّنا ثمينون، ونسير نحو القيامة. والله لن يدع أجسادنا تختفي في العدم. لأنّه مع الله لا شيء يضيع أبدًا! لقد بلغنا الهدف في مريم ولدينا أمام أعيننا الهدف الّذي نسير من أجله: لا لكي نكتسب أمورًا أرضيّة تزول وإنّما لنكتسب الموطن السّماويّ الّذي يدوم إلى الأبد. والعذراء هي النّجمة الّتي توجّهنا، وهي كما يعلّم المجمع الفاتيكانيّ الثّاني: "تزهو على هذه الأرض علامةَ العزاءِ والرّجاء الأكيد لشعبِ الله في غربته" (نور الأمم عدد 68).
بماذا تنصحنا أمّنا؟ أوّل شيء تقوله في إنجيل اليوم هو "تُعَظِّمُ الرَّبَّ نَفسي"، وإذ اعتدنا على سماع هذه الكلمات ربّما لم نعد نولي اهتمامًا لمعناها. التّعظيم يعني حرفيًّا أن نجعل الشّيء عظيمًا، كبيرًا؛ ومريم تعظّم الرّبّ، وليس المشاكل الّتي لم تكن تنقصها في تلك اللّحظة وإنّما الرّبّ. لكن كم من مرّة نسمح للصّعوبات بأن نتغلّب علينا وللخوف أن يتملّكنا! أمّا العذراء فلا، لأنّها تضع الله كأوّل عظمة في حياتها. من هنا ينبع نشيدها، من هنا يولد الفرح: ليس من غياب المشاكل الّتي تأتي عاجلاً أم آجلاً، وإنّما الفرح الّذي يولد من حضور الله الّذي يساعدنا، لأنّ الله كبير، ولاسيّما لأنّ الله ينظر إلى الصّغار. ونحن نقطة ضعف محبّته: الله ينظر إلى الصّغار ويحبّهم.
تعترف مريم بأنّها صغيرة وتبجّل الأمور العظيمة الّتي صنعها الرّبّ لها. وما هي؟ أوّلاً عطيّة الحياة غير المنتظرة: كانت مريم عذراء وحبلت، وأليصابات الطّاعنة في السّنّ كانت تنتظر ابنًا أيضًا. إنّ الرّبّ يصنع العظائم مع الصّغار ومع الّذي لا يعتبر نفسه كبيرًا بل يُفسح المجال لله في حياته. هو يجود برحمته على الّذين يثقون به ويرفع المتواضعين. ومريم تمجّد الله لأجل ذلك.
ونحن– يمكننا أن نسأل أنفسنا– هل نتذكّر أن نمجّد الله؟ هل نشكره على الأمور العظيمة الّتي يصنعها لنا؟ على كلّ يوم يمنحنا إيّاه أو لأنّه يحبّنا ويغفر لنا على الدّوام أو من أجل حنانه؟ أو لأنّه أعطانا أمّه وعلى الإخوة والأخوات الّذين يضعهم في طريقنا أو لأنّه فتح لنا السّماء؟ إذا نسينا الخير تنكمش قلوبنا. لكن إذا تذكّرنا، على مثال مريم، الأمور العظيمة الّتي يصنعها الرّبّ، وإذا عظّمناه مرّة واحدة على الأقلّ في اليوم، فسنقوم بخطوة كبيرة إلى الأمام. سيتَّسع القلب ويزداد الفرح. لنطلب من العذراء، باب السّماء، نعمة أن نبدأ كلّ يوم برفع أنظارنا نحو السّماء، نحو الله، لنقول له: "شكرًا!".
 
أعلى