متى أتكلّم ؟

fauzi

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
7 أكتوبر 2008
المشاركات
4,593
مستوى التفاعل
191
النقاط
63
جاء في الإنجيل المقدس: ولما نزل يسوع من الجبل، تبعته جموع كبيرة. ودنا منه أبرص، فسجد له وقال: «يا سيدي، إن أردت فأنت قادر أن تطهرني». فمد يسوع يده ولمسه وقال: «أريد، فاطهر!» فطهر من برصه في الحال. فقال له يسوع: «إياك أن تخبر أحدًا. ولكن اذهب إلى الكاهن وأره نفسك. ثم قدم القربان الذي أمر به موسى، شهادة عندهم»..متى 8 : 1 - 4
البرص مرض جلدي خطير ومعدي بشدة، وضمن شريعة الله التي اعطاها للنبي موسى، هناك خطوات يجب على المريض الذي يُشفى من البرص اتخاذها قبل السماح له بدخول المدن ومخالطة الناس، حيث كان مرضى البرص ينعزلون في اماكن خاصة خارج المدينة. وأول ما نلاحظه بكل تأكيد هو كيف ان السيد المسيح لم يمنع الأبرص من ان يدنو منه فقط، بل انه حتى لمسه قبل ان يشفيه! ولكن، لماذا منعه من ان يخبر الناس بما حدث له؟... يذكر الإنجيل المقدس اكثر من حالة يُخبر بها السيد المسيح من يشفيه او يقيمه منا لموت بألا يخبر أحد. والسبب المذكور في بعض الحالات هو لأن ساعة السيد المسيح (ساعة صلبه) ما كانت قد حانت بعد. ولكن، نحن اليوم على بعد الفي سنة من حادثة الصلب، ومن حياة السيد المسيح على الأرض بصورة عامة، وكلام الإنجيل هو كلام حي في كل لحظة من الزمن، فهناك تفسيرات يومية ينطبق عليها كلامه. واليوم نريد ان نتأمل بهذا التفسير "إياك أن تخبر أحدًا. ولكن اذهب إلى الكاهن وأره نفسك. ثم قدم القربان الذي أمر به موسى، شهادة عندهم"... احبتنا، تصادفنا الكثير والكثير من الحالات التي نكون فيها اما مأسورين بأفكار ومشاعر او محتاجين الى مساعدة وتدخل الله في حياتنا بصورة شديدة، ولكن ما يلبث ان يتدخل الله ويحل الأزمة، حتى ننطلق ونخبر الآخرين عما حدث لنا، وهذا ليس خطأً بالتأكيد، ولكن: لن تكون شهادتنا مؤثرة بالقدر الكافي اذا لم يكن هناك تطبيق عملي في حياتنا يشهد لحل الأزمة. على سبيل المثال: ترى شخص متسامح جدًا امامك، لا يتكلم بشيء، لكن له مواقف فعلًا رائعة في التواضع والمسامحة... يجذبك بتصرفاته، فتسأله بعد مدة: يا اخي، كيف يمكنك ان تكون صبور ومتسع الصدر الى هذه الدرجة؟... يجيبك: انا لم اكن كذلك، لكن عندما آمنت بالمسيح تغيرت حياتي، فصرت اسامح الناس و و و و ... كم ستكون هذه الشهادة عظيمة ومؤثرة اكثر من أن يأتيك الشخص من البداية ويقول لك: المسيح غير حياتي وصرت احب الناس. هذه النقطة التي نريد ان نتأمل بها اليوم: كن شهادة للناس عن ايمانك وتغيير حياتك قبل أن تقول شيء لهم عن ذلك التغيير. وفي الحقيقة ان ترديدك للشهادة كلاميًا يخلق في داخلك اولًا شعورًا بانك قد طبقتها دون ان تكون قد طبقتها فعلًا مجرّد لأنك نطقت بها، ويخلق في داخل المقابل ثانيًا شعورًا بكأنك تريد ان تلغي كل شيء آمن به (تريد أن تلغي هويته - حيث تقول له: انت على خطأ وانا على صواب). كم مسيحي يشهد على انه مسيحي كلاميًا، ولكن هل حياته اليومية تجعلك تسأله عن سبب الرجاء العجيب الذي فيه؟... او هل هناك رجاء اساسًا في حياته؟!... يقول الإنجيل المقدس "كونوا في كل حين مستعدين للرد على كل من يطلب منكم دليلًا على الرجاء الذي فيكم." ففي الأول يجب ان تكون حياتك شهادة للناس، وحين يسألونك عن السبب تجيب وتقدّم الدليل. فتُمجّد الله بشهادتك. ولهذا ايضًا يقول السيد المسيح «فليُضىء نوركم هكذا قدام الناس ليشاهدوا أعمالكم الصالحة ويمجّدوا أباكم الذي في السماوات.»... فيجب على نور الله أن يضيء من حياتك اولًا حتى يراه الناس ويكون شهادة عن التغيير الذي احدثه الله في حياتك، لكي يتمجّد الله بشهادتك عنه.


23316437_1696862103721409_1459131199727219868_n.jpg
 
أعلى