الصفحة الرئيسية

آخر المشاركات

المواضيع الجديدة للصفحة الرئيسية

*يوسف البار**صمتٌ يتكلّم*

يوسف هو الشخصية التي تكلّم بالصمت، وكشف في هدوئه عن نور عميق وحكمة تفوق الكلمات. الإنجيل لا ينقل لنا كلمة واحدة خرجت من شفتيه، لكنه ينقل لنا حياة كاملة نطقت بالطاعة، والإيمان، والرجاء، والرجولة الروحية التي تعرف كيف تُفسح المجال لعمل الله.
في لحظات كان فيها كل شيء مُهدَّدًاخ—مستقبل زواجه، سمعته، سلام بيته—لم ينفعل يوسف، ولم يتشبّث بحقوقه، ولم يغلق قلبه. وقف أمام سرّ الله بوقار، وسمح للنور أن يدخل إلى قراراته. وهذا ما جعله “بارًا” كما يسميه الإنجيل (متى 1: 19).
البرّ هنا ليس مجرد أخلاق بشرية، بل هو انسجام كامل مع إرادة الله، وثقة بأن الله قادر أن يعمل حين يصمت الإنسان.

*صمت يوسف ليس صمت الغياب، بل صمت الحضور*
الصمت عند يوسف ليس انسحابًا من الحياة، بل هو موقف روحي عميق يُتيح لله أن يتحدّث ويقود.
الصمت الذي يعيشه المتأملون والقديسون ليس فراغًا، بل هو امتلاء من الله.
يوسف عاش هذا الصمت في عمق قلبه.
لم يسعَ إلى تفسير كل شيء، بل إلى الإصغاء.
لم يضغط على السماء لتكشف
أسرارها، بل انتظر أن يكلّمه الملاك.
وفي تلك الليلة، حين قال له الملاك:
«يا يوسف ابن داود، لا تخف» (متى 1: 20)،
أجاب يوسف—ليس بالكلام—بل بالفعل.
قام في تلك الليلة، وأخذ مريم، وحمل الرسالة بكامل تواضعه، وسار بثبات في طريق لا يعرف نهايتها.

*الطاعة الصامتة التي تغيّر التاريخ*
يوسف يعلّمنا أنّ الطاعة ليست ضعفًا، بل قوّة من يسلّم ذاته لله.
لم يناقش، لم يعترض، لم يشترط.
طاعته كانت نابعة من قلب متوازن، يعرف الله، ويثق بعنايته.
هذه الطاعة حفظت مريم.
هذه الطاعة حمت يسوع من بطش هيرودس.
هذه الطاعة قادت العائلة
المقدّسة إلى مصر، ثم أعادتها إلى الناصرة.
ومن خلال هدوء يوسف، انفتح الطريق أمام سرّ التجسد لكي يثمر في العالم.

*في زمن المجيء: ماذا يقول لنا يوسف؟*
يوسف يدعونا اليوم إلى أربعة مواقف روحية جوهرية:

أولًا: الإصغاء قبل القرار
الإنسان المعاصر يعيش وسط ضجيج يلتهم بصيرته. أفكار متشابكة، أخبار متلاحقة، توتر مستمر.
يوسف يعلّمنا أنّ القرار الصائب يولد في صمت القلب، لا في فوضى الخارج.

ثانيًا: الطاعة كفنّ روحي

الطاعة ليست انكسارًا، بل هي خروج من سجن الذات.
يوسف أطاع لأنه وثق بالله أكثر من ثقته بمنطقه.

ثالثًا: الصمت الذي يهيّئ الطريق للنعمة
حين يصمت القلب، يصبح قادرًا أن يرى.

الكلمات الكثيرة تشتّت، أما الصمت فيجمع.
يوسف برهن أن الله يعمل كثيرًا في المساحات التي نتركها له.

رابعًا: الخدمة بدون ضجيج
يوسف خدم العائلة المقدّسة دون أن يطلب تقديرًا أو تصفيقًا.
كان حضورًا ثابتًا، وقامة روحية تحمي دون صراخ، وتبني دون استعراض.

هذا النموذج يصبح اليوم مدرسة لكل أب، ولكل مسؤول، ولكل شخص يشعر بثقل المهمة الملقاة عليه.

*يوسف في حياة المؤمن اليوم*
المؤمن الذي يريد أن يتعلم من يوسف لا يحتاج إلى تغيير عالمه الخارجي بقدر ما يحتاج إلى تغيير داخله.
أن يمارس الصمت وسط العمل.

أن يستقرّ في حضرة الله وسط الضغوط.
أن يصغي لصوت الروح في قراراته الصغيرة والكبيرة.
أن يتعلّم أن الله يقود بخطوات هادئة، ويكفي أن نسير معه يومًا بعد يوم
.

يوسف يقول للمؤمن:
لا تخف من الأيام التي يبدو فيها كل شيء غامضًا.
لا تستسلم للضجيج الذي يحاول خطف سلامك.
اسمح لله أن يفسّر لك ما تعجز أنت عن فهمه.
اخرج من ذاتك، واترك لله المبادرة.
فالله قادر أن يحوّل صمتك إلى طريق خلاص، تمامًا كما فعل معه.
بهذا المعنى، يصبح يوسف قدوة حيّة، لا بالكلام بل بالفعل، ومعلمًا للجميل في الإيمان: أن نثق بالله في الظل، وأن
نكتفي بالقيام بالمهمة التي أعطاها لنا، بثبات، وهدوء، وورع.

سيرة القديس العظيم الشهيد أبا أنودي (أنؤوتي بالقبطية) من المخطوطات الأصلية أونلاين مقروءة

image.jpg

القديس العظيم الشهيد أبا أنؤوتي عيد استشهاده يوم 3 بؤونة الموافق ليوم 10 يونيو

سيرة القديس العظيم الشهيد أبا أنودي (نطقها الأصلي أنؤوتي بالقبطية) من المخطوطات الأصلية أونلاين مقروءة نقلا عن (كتاب سيرة الراهب الشهيد أبانودوي نقلا عن مخطوطة رقم ٣١٧ ميامر بمكتبة دير السريان العامر) ملحوظة الكتاب يذكر أسمه بأسم أبانودي ولكننا قمنا بنعديله لأبا أنودي لأن أبا تعني أب فيكون أسمه أنودي أو أنؤوتي وهو الإسم الأصلي له في اللغة القبطية

باسم الآب والابن والروح القدس الله الواحد آمين

الشهيد أبا أنودي واحد من آلاف الشهداء الذين قدمتهم الكنيسة القبطية إلى السماء، هو من شهداء ( ٢٨٤ ٣٠٥ م)، – عصر دقلديانوس الشرير تمسك بالمسيح واحتمل عذابات رهيبة حتى نال إكليل الاستشهاد في ٣ بؤونة، وللأسف لم يرد اسمه في السنكسار. كتب سيرته القديس يوليوس الأقفهصي كاتب سير الشهداء كما تكفل بتكفينه ودفنه في المكان الذي أوصى به قبل استشهاده. تقول السيرة انه ولد في قرية تسمى موشا بجبل البهنسا ولكن لا توجد الآن في هذه المنطقة قرية بهذا الاسم بل توجد قرية تسمى شوشة بجبل مركز سمالوط القريبة من البهنسا كما توجد قرية تسمى موشا بجبل أسيوط الغربي.

لن أطيل عليك في هذه المقدمة – عزيزي القارئ –بل أتركك مع هذه السيرة العطرة لتعرف قيمة الإيمان الصحيح بربنا يسوع المسيح الذي بذل آباؤنا كل غال ورخيص في سبيل الحفاظ عليه وتسليمه لنا نقياً، فهو الإيمان المسلم مرة للقديسين ( يه ١:٣ ) والذي يجب أن نحافظ عليه كما حافظ عليه آباؤنا. أقدم لك هذه السيرة العطرة لتتعلم منها شيئاً عن الجهاد والصبر والاحتمال من أجل المسيح " الذي احتمل من الخطاة مقاومة لنفسه مثل هذه لئلا تكلوا وتخوروا في نفوسكم ( عب ٣:١٢) نرجو أن يستفيد من هذه السيرة العطرة كل من يقرأها بشفاعة القديسة الطاهرة مريم والراهب الشهيد أبا أنودي وصلوات أبينا المكرم البابا الأنبا شنوده الثالث. ولإلهنا كل مجد في كنيسته وقديسيه آمين.

الأنبا متاؤس أسقف ورئيس دير السريان العامر صوم العذراء 2006

بسم الآب والابن والروح القدس إله واحد آمين

مقدمة الكاتب

نبتدئ بعون الله وحسن توفيقه بنسخ شهادة القديس الطوباوي شهيد يسوع المسيح أبا أنودي الذي من أهل موشة الكبرى من أعمال البهنسا، وكان يوم كمال جهاده الحسن في اليوم الثالث من شهر بؤونة المبارك شفاعته الطاهرة فلتكن معنا إلى الأبد آمين.

" طوبى لعيونكم لأنها تبصر، ولآذانكم لأنها تسمع " ( مت ١٣ : ١٧)

أضل الشيطان قلب دقلديانوس عن عبادة إله السماء، وعبد الأصنام، وبدأ يضطهد المسيحيين في كل مكان، لقد أعمى بصره وانسدت آذانه عن كلمة الحياة، فصنع أصناماً وكتب مراسيم إلى جميع البلدان وإلى كل الكور وإلى كورة مصر يأمر جميع الناس أن يرفعوا البخور لآلهته.

" كان ينمو ويتقوى بالروح وكان في البراري إلى يوم ظهوره " ( لو ٨٠ : ١)

كان إنسان بار أمام الله بلحف الجبل من بلدة تسمى موشة، اسمه " فوسطس " واسم امرأته " أفومية " ورزقهما الله ابناً فأسمياه " أنودي " حلت عليه نعمة الله فكان ينمو ويتقوى بالروح، كبر وأصبح شاباً حسن المنظر يقدم عبارات (ربما عباد اتلا عبارات) قوية وحارة فكانت طلباته وتضرعاته متواترة منذ نعومة أظافره مواظباً على الصلاة والصوم. ولما أتم خمس عشر سنة اشتعل قلبه بمحبة الله، بغض مجد هذا العالم وحسبه كلا شيء، فذهب إلى الجبل وسكن البراري في برية تدعى " القلمون " هناك وجد حجرًا كانت الوحوش تسكنه، واعتاد أن ينزل كل يوم سبت ليقضي ليلته في الكنيسة، يسبح ويمجد إله السماء ثم يتناول من الأسرار المقدسة ويرجع إلى مغارته ليعيش حياة التأمل في وحدته.

" صلاة الإيمان تشفي المريض " ( يع ٥: ١٥)



شاع خبره واسمه في كل مكان، حتى صار الناس يأتون بالمرضى من الأقاليم امجاورة على الدواب، ليحضروهم بين يدي القديس الذي كان يصلي عليهم ويدهنهم بالزيت باسم ربنا يسوع المسيح فينالوا جميعهم الشفاء.

" سلاماً أترك لكم " ( يو ١٤: ٢٧)

وفي ذات ليلة بينما كان يصلي ظهر له رب المجد قائلاً " السلام لك يا مختاري أنودي الذي يحبه أبي السماوي لأنك تحبني وتصنع مرضاتي، لقد صارت صلاتك كعمود من نور يمشي قدامك إلى أورشليم السمائية مدينة الأبرار جميعاً لقد أعددت لك يا حبيبي أنودي إكليلين واحد لأجل حفظ طقس رهبانيتك والآخر لأجل أنك سوف تسفك دمك شهادة لاسمي، اسمع مني يا حبيبي أنودي لأعرفك ما سيحدث لك هوذا يسمع عنك قلقيانوس والي البهنسا وتقاسي منه عذابات شديدة، لكن ها أنا معك ومنحتك عمل قوات وعجائب عظيمة حتى تفضح أعمال هذا المنافق وأوثانه النجسة، وقد أعددت لك يوليوس المعين الأقفهصي ليكفن جسدك ويكتب أيضاً سيرتك وكل من يتعب من أجلك سأكافئه أجرُا سمائياً " ثم أعطاه السلام وغاب عن نظر القديس أنودي.


" وظهر له ملاك من السماء يعزيه " (لو ٢٢: ٤٣)

في الغداة في اليوم الثالث من شهر برمودة وإذ ملاك الرب ميخائيل يظهر في زي راهب يطرق باب المغارة التي يسكنها القديس كعادة الرهبان، فخرج القديس إليه وقبله بفرح عظيم ثم قال له الملاك " هلم ورائي " فذهب الطوباوي أبا أنودي وراءه حتى وصلا إلى مدينة البهنسا وهناك شجعه الملاك وقواه وقال له " لا تخف لأني معك " واختفى عنه بعدما عرف القديس أن هذا الراهب هو ملاك الرب ميخائيل، ظهر له لكي يقوده إلى موضع الحكم.


"هوذا ما أحسن وما أجمل أن يسكن الإخوة معاً" (مز ١٢٣: ١)

جاء الطوباوي القديس أبا أنودي إلى موضع الحكم، فوجد الوالي قلقيانوس جالساً وأمامه أقوام مسيحيين يحكم عليهم، وعندما رأوا القديس أبا أنودي أتى إلى موضع الحكم صرخوا قائلين " إنه يوم مبارك وحسن جدًا قد اجتمعنا اليوم مع بعضنا بعضاً لكي نستحق الوصول إلى المدينة المقدسة، لأنه ليس أحد يشبهك يارب، فاسمع طلبتنا ولا تتركنا بل مجد اسمك القدوس فينا فإنك مبارك وممجد في قديسيك ولك ينبغي المجد والإكرام إلى أبد الآبدين آمين ".

" ولا تخافوا من الذين يقتلون الجسد " ( مت ١٠:٢٨)

فلما سمع الوالي قلقيانوس هذه الأصوات غضب جدًا وأمر أن يطرحوا القديس أبا أنودي ويشدوه في الهمبازين وأن يضربوه حتى يتهرأ جسده، ففعلوا به كما أمرهم الوالي، حتى صار جسده كله ملطخاً بالدماء. أما القديس فرفع نظره نحو السماء وطلب من الله قائلاً " يا سيدي يسوع المسيح ابن الله الحي الذي خلص الثلاثة فتية من آتون النار الذي أعده لهم نبوخذنصر ملك بابل، استمع طلبتي في هذا اليوم، أنا عبدك المتكل عليك، وارحمني ومجد اسمك القدوس وأنقذني من هذا العذاب لأن لك كل مجد وإكرام وسجود مع أبيك الصالح والروح القدس المحيي المساوي لك الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور آمين ".

" من الضيق دعوت الرب فأجابني " (مز ١١٨ : ٥)

سمع الرب الإله صوت القديس أبا أنودي وأرسل له الملاك ميخائيل وأبرأ جسده من كل الجراحات، وعندئذ ذهب القديس إلى موضع الحكم وقال للوالي " افتضح الآن الوالي ولتفضح آلهتك النجسة، هوذا قد علمت الآن قوة سيدي يسوع المسيح " قال له الوالي " أعلمني من أين أنت ؟ " فأجابه القديس أبا أنودي قائلاً " كما يقال بين أهل العالم، أنا من موشى الكبرى التي بحاجر جبل البهنسا، واسم أبي فوسطس وأمي أوفومية، ولكن أنا قد تركت أبي وأمي وتبعت سيدي يسوع المسيح لكي أستحق أن أكون من جملة الجند القائم أمامه في المعسكر السمائي في مملكته السمائية التي لا تزول إلى الأبد ". انذهل الوالي جدًا من هذا الكلام وقال له " كيف ذلك ؟! من هو الذي جعلك تترك أباك وأمك وتختار لنفسك أن تموت هذه الميتة الرديئة "، أجابه القديس قائلاً " مكتوب في الإنجيل المقدس " من أحب أباً أو أماً أكثر مني فلا يستحقني. ومن أحب ابناً أو ابنة أكثر مني فلا يستحقني " ( مت ١٠: ٣٨ ،٣٧ ). وما هو هذا الموت الذي تريد أن تقتلني به؟! ليس هو موت بل حياة أبدية لأنه مكتوب أيضاً " من وجد حياته يضيعها ومن أضاع حياته من أجلي يجدها " ( مت ١٠ :٣٩ )، فخير لي أن أتعذب هنا لأتمجد في مملكة أبي وإلهي يسوع المسيح ".

" كثيرة هي بلايا الصديق من جميعها ينجيه الرب " ( مز ٣٤: ١٩)

فلما سمع الوالي هذا الكلام غضب جدًا بحنق عظيم وأمر جنوده أن يضربوه ويربطوه على سرير من حديد ويوقدوا من تحته النيران، ففعل الجنود كما أمرهم الوالي، وفوق ذلك صهروا الرصاص حتى صار منصهراً كالماء المغلي وسكبوه عليه، وفي كل هذه العذابات
كان الرب ينجيه، النيران لم تحرقه والضرب لم يؤذه، الرصاص المنصهر صار كالماء البارد. فصاح الطوباوي القديس أبا أنودي وقال للوالي " أقول لك افتضح أيها الوالي فلا تقوى على عذاباتك، ولا ألتفت إليها أو إليك، كل ما فعلته صار كلا شيء، النيران لم تحرقني، والرصاص كالماء البارد الملطف على جسمي، فماذا استفدت بما فعلت ؟! ".

" جميع أعدائي يخزون ويرتاعون جداً " (مز ٦: ١٠)

حنق الوالي جدًا واحتار وقال " سأبذل قصارى جهدي وأرى إن كان يسوع إلهك يقدر أن يخلصك من يدي " ثم أمر أن يُطرح القديس في مستوقد الحمام، أما القديس الطوباوي أبا أنودي فتح فاه وصلى قائلاً " أسبحك يا ربي يسوع المسيح وأباركك يا فرح سائر الأزمان مع أبيك الصالح ضابط الكل والروح القدس المحيي المساوي، فإليك أطلب وأتضرع ان تعينني وتنقذني ليتمجد اسمك القدوس أمام هذه الجموع ". وفي تلك الساعة أطفأ ملاك الرب لهيب النيران وصارت مثل الندى. وبينما يصيح الوالي قائلاً " أين هو يسوع إله أنودي ؟ " وجد القديس قائماً أمامه سالماً، معافياً ليس فيه شيء من أثر النار، اندهش واستغرب جدًا ولم يستطع أن يفتح فاه، عندئذ قال له القديس أبا أنودي " اخز وأغلق فاك أيها المنافق الذي تعبد الأصنام الصماء التي لا ترى ولا تسمع وصيرتك نجساً فلا تجدف على اسم إلهي الطاهر بفمك النجس".

" اشفوا مرضى طهروا برصاً أقيموا موتى " (مت ١٠ : ٨)

ضاق الأمر جدًا بالوالي وقال لحاجبه " بالحقيقة لقد فزعت جدًا، لأني قتلت أكثر من أربعمائة شخص ولم أر أحدًا منهم مثل هذا الساحر الذي هو أنودي الموشي، فاطرحوه في السجن حتى أفكر كيف أقتله وأهلكه " فذهب به العسكر إلى الموضع حيث كان هناك السجن وتبعه جمع غفير من الرجال والنساء، وخضعوا (ربما المعنى هنا هو سجدوا) أمامه قائلين " نطلب إليك بمحبة ربنا يسوع المسيح أن تباركنا يا أبانا القديس حبيب المسيح الكائن معك في كل حين ". وبينما هم سائرون أيضاً إلى السجن، أتى إليه قوم باكين على شاب ابن أحد أكابر مدينة البهنسا كان قد مات فأجابهم الطوباوي القديس أبا أنودي قائلاً " قد وهب لكم الخلاص حينما تنظرون قيامة هذا الشاب وتعاينون هذه الأعجوبة العظيمة التي يصنعها أمامكم اليوم ربي وسيدي يسوع المسيح ثم بسط القديس يديه على مثال الصليب متجهاً للشرق وبدأ يصلي قائلاً " أطلب وأتضرع إليك يا سيدي يسوع المسيح الذي باركنا بكل بركة باسمه القدوس المملوء مجدًا وبركة، أسالك يا ربي يسوع المسيح كما أقمت لعازر من بين الأموات بعد أربعة أيام من القبر، استمع طلبتي في هذا اليوم، يا ربي يسوع المسيح الذي سمع طلبة بطرس ويوحنا وهما داخل الهيكل وشفيا الرجل المقعد استمع طلبتي في هذا اليوم يا ربي يسوع المسيح وأعط الحياة لهذا الشاب ليعلم جميع هذا الشعب أنك أنت هو الإله الحقيقي ويتحقق الكل أن ليس إله غيرك لك المجد والكرامة والقوة مع أبيك الصالح والروح القدس الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور آمين ".

" الرب هو الإله ... ليس سواه " ( تث ٤ :٣٩)

وبعد أن أكمل القديس صلاته في تلك الساعة أرسل الرب قوته وأقام الشاب من الأموات وصاح بصوت عظيم أمام الجميع قائلاً " ليس إله غيرك يا سيدي يسوع المسيح والويل لكل من لا يؤمن بك ". اندهش وتعجب كل الجمع الذي كان موجوداً وصرخوا قائلين " حقاً إنه ليس إله في السماء وعلى الأرض إلا يسوع المسيح إله القديس أبأ انودي، فإن هذه الأعجوبة التي تمت وعايناها اليوم من أجل صلاة هذا الرجل الصالح أبا أنودي ". أما جنود الوالي دفعوا القديس أبا أنودي وأدخلوه السجن السفلي ثم رجعوا إلى الوالي وأخبروه بجميع ما صنع القديس أبا أنودي. فلما سمع الوالي تعجب جداً لأجل القوات العظيمة التي كان يصنعها القديس، ثم أمر أن يبقى في السجن إلى أن يصدر أمر منه بخروجه إلى العذاب المرير الذي سوف يتفنن في أن يفعله فيه.

" فيخبرون بمجدي بين الأمم " ( إش ٦٦ : ١٩)

ُأخبرت الجموع بالآيات والقوات التي كان الرب يصنعها عى يدي القديس أبا أنودي فشاع اسمه في المدن كلها بأن القديس أبا أنودي الذي هو معتقلاً من أجل الإيمان بالسيد المسيح يصنع عجائب عظيمة. فكان إنسان له ابن مريض منذ ثلاث سنوات، كان قد اعتراه الشيطان وكان يعذبه كثيرًا، فلما سمع بالقوات التي كان يصنعها القديس قام وأتى إلى السجن، حيث كان القديس، يطلب من أجل شفاء ابنه، فعندما رآه القديس قال له " امض وائتني بابنك لكي يظهر مجد سيدي يسوع المسيح الذي يفوق كل مجد وتظهر قوته التي تفوق سائر القوات في هذا المكان". مضى الرجل وأحضر ابنه أمام القديس فلما رأى الشيطان القديس صرخ قائلاً " أنا أخرج منه يا قديس الله أبا أنودي لأجل إني خائف من رئيس الملائكة ميخائيل الذي معك واقفاً بجانبك ". أما القديس فبسط يديه نحو السماء يصلي قائلاً " يا ربي يسوع المسيح الذي يرعاني ويعولني ولا يعوزني شيء لأنك أنت معي فيا سيدي يسوع المسيح ابن الله الحي أزجر هذا الروح النجس، فإن لك المحد والقوة الآن وإلى أبد الآبدين آمين ". أتم القديس صلاته، فصرخ الروح الشرير وخرج في الحال وشُفى الشاب ورجع مع أبيه بخير يُخبر ويتحدث بعظائم الله على يدي القديس.

" القديس أبا أنودي مع القديس يوليوس الأقفهصي "

سمع القديس يوليوس المعين الأقفهصي بالقوات التي كان يصنعها القديس أبا أنودي أثناء وجوده في الحبس، فقام ومضى وأتى إليه وطلب منه أن يصلي من أجله لكي الرب الإله يشفيه من وجع مؤلم كان في يديه ورجليه، فقال له القديس أبا أنودي " أعطني قليل من الزيت "، لإارسل القديس يوليوس عبده وأحضر قليلاً من الزيت، فأخذه القديس أبا أنودي وصلى عليه قائلاً " باسم سيدنا يسوع المسيح الذي نؤمن به يهبك الشفاء " ثم رشم القديس يوليوس باسم الآب والابن والروح القدس، فبريء لوقته وصح جسده، حينئذ سجد القديس يوليوس عند قدمي القديس أبا أنودي قائلاً " أسألك يا أبي القديس أن تطلب مني شيئاً أفعله لك فإن الرب منحني الشفاء بصلاتك " فأجابه القديس أبا أنودي قائلاً " لا أطلب شيئاً سوى أن تصلي من أجلي لأكمل جهادي، وتهتم بجسدي إذا أكملت قضيتي، فتأخذ جسدي إلى برية القلمون وستجد هناك مغارة بجوارها نخلة تأتي بثمر جيد، كنت قد غرستها والرب أراد أن يعزيني ويظهر قوته ومشيئته لي في سكن تلك البرية فصارت شجرة مثمرة فهناك ادفن جسدي ". فقال له القديس يوليوس " أنا مستعد أن أفعل هذا الأمر، وأحب أن أخبرك برعاية الله واهتمامه بجسدك، فقد ظهر لي ملاك الرب إلهك لكي أهتم بجسدك وأكتب سيرة أتعابك وصبرك، وأتركها في بيتي إلى اليوم الذي يشاء فيه الرب بإظهارها، لكن أطلب إليك أن تذكرني في المسكن السماوي الذي سوف تمضي إليه، فصلي من أجلي ومن أجل أهل بيتي ". ففتح الطوباوي فاه وبارك الله قائلاً " يباركك الرب الإله ويعدك من صفوف الشهداء القديسين ويهتم بأمرك ويجعلك من المتكئين في المائدة السمائية ويكتب اسمك في ألواح المدينة العظيمة أورشليم السمائية المملكة التي لسيدنا يسوع المسيح ". لما قال القديس أبا أنودي هذا الكلام استأذن القديس يوليوس الأقفهصي وخرج من عنده إلى بيته.


" كل آلة صورت ضدك لا تنجح " (إش ٥٤ :١٧)

اغتاظ الوالي جدًا واحتار من أجل القوات والعجائب التي صنعها الرب على يدي القديس أبا أنودي بالرغم من إنه مسجون، فأمر ان يحضروا القديس إلى موضع الحكم. فأتوا به فعندما رأى الوالي القديس أبا أنودي واقفاً أمامه، قال له " ارجع الآن وارفع البخور للآلهة، وأكمل أوامر ساداتنا الملوك " فأجابه القديس الطوباوي أبا أنودي قائلاً " إن كان سيدك ديقلديانوس، فليس ديقلديانوس سيدي أنا، بل سيدي وربي وإلهي يسوع المسيح ". غضب الوالي جدًا وأمر أن يطرحوه في الهنبازين ويعصروه، عندئذ رفع القديس عيناه إلى السماء وقال " يا ربي يسوع المسيح الذي من أجله تركت العالم كله وتبعته منذ صغري وحفظت غربتي معك إلى هذا اليوم فلا تتخل عني وسط هذه الآلام، ليعلم الوالي المنافق هذا أن قوته ليست شيئاً، وليتمجد اسمك القدوس ". بدأ الجنود في تعذيب القديس بالهنبازين ففي تلك الساعة ظهرت حمامة نورانية نازلة من السماء ووقفت على رأس القديس، فللوقت انكسر الهنبازين وصار نصفين وأن الطوباوي أبا أنودي وقف على الأرض بقوة عظيمة ولم يصب جسده أم البتة، فلما رأى الوالي هذه القوة العظيمة، امتلأ غضباً وأمر أن يوضع على سرير حديد ويشعلوا النيران كما فعل به سابقاً، وإذ بسحابة نورانية ظللته وأخمدت قوة النار فلم تمسه البتة.

" لأنه تعلق بي أنجيه، أرفعه لأنه عرف اسمي " ( مز ٩١ : ١٤)

لم يستطع الوالي أن يقول شيئاً سوى بأن يأمر جنوده بالضرب المبرح على وجه القديس أبا أنودي حتى تساقطت أسنانه وكما أمر أيضاً بأن يمسحوا جسده بأمشاط حديدية ويصبوا الخل والجير على جروحه وبأن يقلعوا أظافره واحدًا فواحدًا، وفي كل هذا كان القديس أبا أنودي متحملاً، صابرًا على هذه الآلام بقوة ربنا يسوع المسيح المعطاة له.

" على الأسد والصل تطأ، الشبل والثعبان تدوس "( مز ٩ : ١٣)

أمر الوالي بتشريح جسده حتى يتلطخ بالدماء وأمر بإلقائه للأسود الجائعة، وفي كل هذا لم يستطع القديس أن يفعل شيئاً سوى أن يرشم الصليب على ذاته، فالوحوش لم تقترب إليه بل تآلفت معه، تعجب الجميع ومجدوا إله القديس أبا أنودي وأرسل الرب ملاكه الطاهر وشفاه من جراحاته. صاح الجميع بصوت واحد " مبارك وممجد إله القديس أبا أنودي " وازدادت الأصوات فأمر الوالي بان يأخذوا القديس ويمضوا به إلى السجن حتى يهدأ الشعب من الهتاف .

" عزوا بعضكم بعضاً وابنوا أحدكم الآخر " (١تس ٥: ١١ )

أخذ الجند القديس ودخلوا به السجن وكان هناك أناس قديسون أيضاً معه في السجن وهذه أسماؤهم: يفتاح الشماس من بلهو، وبموا الشماس الذي من سفط وأبانسا قسيس أبو جرجه وأبا سرنا قسيس البهنسا وبقطر وبولا من أهل سبيوانس، وغيرهم. هؤلاء جميعهم عندما رأوا القديس أبا أنودي قالوا له بفم واحد " طوباك أنت يا أخانا الحبيب، إذ احتملت وصبرت على هذه العذابات المريرة بقلب قوي، فنحن نريد أن نعلمك يا أخانا أنودي، بما حدث لنا في هذه الليلة، رفعنا أعيننا إلى السماء نطلب الرب إلهنا، فامتلأ المكان بالرائحة العطرة وجمع من الملائكة قائمين يسبحون ويرتلون ومعهم إكليلين نورانيين يقولون " هذان الإكليلان لقد ُأعدا لأنودي في المساكن النورانية، أنعم بهما الرب الإله له، واحد لأجل رهبانيته والآخر لأجل شهادته " هذا ما سمعناه من الملائكة وهم يسبحون ويمجدون الله، فالآن يا أخانا الحبيب إذا أكملت جهادك قبلنا أذكرنا نحن أيضاً أمام ربنا يسوع المسيح لكي يقوينا لنكمل جهادنا بسلام الله آمين ". فأجابهم القديس أبا أنودي قائلاً " أيها الآباء، اغفروا لي، فإني رجل خاطيء ولم أستحق أن أكون في مترلتكم وليس لي قوة إلا أن أسير قليلاً من خطوات أرجلكم، فإنكم أنتم أحباء الله ". وهكذا كانوا يعزون بعضهم بعضاً. وأثناء حديثهم مع بعضهم بعضاً، حضر إليهم القديس المعين يوليوس الأقفهصي، وسجد قدام القديس أبأ انودي، وقال له " باركني يا أبي القديس ببركة صلواتك، فإن الملك قد تحدث عن كمال قضيتك، فلا تنساني يا أبي في صلواتك، وأما من جهتي لا أنسى تكفين جسدك وأن أكتب سيرتك ". فأجابه القديس أبا أنودي " بارك علي يا أبي القديس يوليوس وصلي من أجلي لأكمل قضيتي بسلام الرب، وأقم صلاة على جسدي وهوذا ثلاثة من الآباء المتوحدين سيهتمون بجسدي معك وأسماؤهم ثاؤفيلس واهراقلمون وديسقوروس، وستدفنون جسدي كما قلت لك في المغارة التي بجوار النخلة وإله السماء سيكافئك أجرًا سمائياً، وسيكون هناك إلى اليوم الذي يطرح فيه تذكاري في قلوب أهل بلدي فيأتون ويحملون جسدي ويدفنوه في بيعتي وذلك سيكون في اليوم العاشر من شهر برمودة ".


" للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد " ( مت ١٤ :١٠)

أتم القديس أبا أنودي حديثه مع القديس يوليوس الأقفهصي، وإذ جنود الملك الأشرار قد أتوا إلى السجن وربطوا القديس أبا أنودي وجعلوا طوقاً في عنقه وأخرجوه وأوقفوه في وسط الحكم أمام الوالي، فلما رآه الوالي قال له " إلى الآن لم ترجع وترفع البخور لآلهة الملك، أيها العاصي اسمع الآن صوتي وأطع وارفع البخور وأنا أكتب إلى سيدي الملك من أجلك لكي يجعلك وزيرًا في القصر الملكي ويكون تحت سلطانك مائة فارس في خدمتك، بالحقيقة يا أبا أنودي إنك شاب حسن المنظر ووجهك منير وشاب محبوب من الجميع وأنا أحبك محبة عظيمة وأثق في طاعتك لي ". أجاب الطوباوي أبا أنودي وقال له " دعهم يعدون مكان الآلهة فآتي وأسجد لها ". فلما سمع الوالي ذلك فرح جدًا وظن أن القديس سيرفع البخور لآلهته. فأمر الكهنة بإعداد المكان والاهتمام بأبلون بان يزينوه قدام القديس، فعندما رآه القديس قال للوالي " هذا هو إلهك أيها الوالي ؟ " فأجابه " نعم ". عن ذلك رفع القديس عينيه إلى السماء وصلى قائلاً هكذا : " يا سيدي وربي يسوع المسيح الجالس عن يمين الآب، رجاء من ليس له رجاء ومعين من ليس له معين، المقيم المسكين من التراب والرافع البائس من المزبلة وأذنيه مصغيتان إلى تنهداتهم، فأطلب إليك يا ربي يسوع المسيح أن تسمع صوتي وترسل ملاكك الطاهر بسيفه الناري لكي يحرق هذه الأصنام وجميع كهنتها معها أمام هذا الجمع القائم لكي يعلموا أنه ليس إله غيرك له نسجد وإياه وحده نعبد يا سيدي يسوع المسيح الإله المبارك لك المجد والقوة والسجود إلى الأبد آمين ".

" ليس في أفواههم صدق " (مز ٥ : ٩)

وفي تلك الساعة نزل ملاك الرب وأمر سحابة من نار وأحرقت الأصنام وكهنتها فلما عاين الجمع الواقف ما حدث خافوا خوفاً عظيماً وصرخوا قائلين " عظيم هو إله القديس أبا أنودي ربنا يسوع المسيح هو الإله وليس آخر غيره ". وقد أصاب الوالي بعض الحروق وتعذب كثيرًا أما جنوده فروا هاربين وذهب قوم منهم وأخبروا القديس يوليوس الأقفهصي بما حدث وبحريق الوالي. حضر القديس يوليوس القفهصي ليرى ذلك، فعندما رأى الوالي القديس يوليوس قال له " أطلب من القديس أبا أنودي لكي أشفى من حروقي ". طلب القديس يوليوس من القديس أبا أنودي لكي يشفي الوالي، فأجاب القديس أبا أنودي قائلاً " إن ربنا يسوع المسيح يُشرق شمسه على الأشرار والأبرار ويهب الخير للجميع " أما الوالي فقال " عظيم هو إلهك يا أبا آنودي عبد يسوع المسيح، وإننا نفعل هذه القسوة معكم خوفاً من الملوك فأنا أؤمن وأسجد لإلهك " فعندما سمع الجمع ذلك من الوالي آمن بربنا يسوع المسيح. سمع ذلك الكلام القديس أبا أنودي فحينئذ صلى من أجله قائلاً " يا ربي يسوع المسيح اسمع صوت تضرعي، واظهر قوتك، واشف هذا الرجل ( الوالي ) ليتمجد اسمك القدوس ولك كل مجد وإكرام مع أبيك الصالح والروح القدس المحيي المساوي ". منح الرب الإله الشفاء في الحال للوالي وبعدما نال الوالي الشفاء، صرخ في وجه القديس قائلاً " أنت ساحر يا أنودي فكما سجدت أنا لإلهك تسجد أنت أيضاً لآلهتي، وإن لم تسمع وتصغ لكلام أوامري فإني أهلك جسدك هذا كله ". قال له القديس أبا أنودي " أيها الشرير لأنك غيرت قلبك وأطعت صوت الشيطان هوذا يسكنك شيطان الهواء " فوقع الوالي على الأرض، فاندهش الجمع من ذلك قائلاً " إنه يتكلم كمن له سلطان " فتقدم إليه القديس يوليوس وقال له أيها الأب الطوباوي إنك تتمثل بسيدك ربنا يسوع المسيح الذي يشفق على الجميع ويشرق شمسه على الجميع فأسألك أن تطلب من أجله لكي يخرج منه الشيطان وينظر هذا الجمع ويمجد الله ". فأجابه القديس أبا أنودي قائلاً " أنا لا أخالفك في جميع ما تقول " فأمر القديس أبا أنودي الشيطان قائلاً " باسم الثالوث القدوس، سيدي يسوع المسيح وأبيه الصالح والروح القدس، أخرج منه " وللوقت خرج الشيطان منه في الحال وقام معافى ولكنه ما زال عنيدًا وقاسي القلب.

" ليس لنا ههنا مدينة باقية لكننا نطلب العتيدة "( عب ١٣: ١٤)

" عرفني لماذا لا تعقل، وترفع البخور للآلهة التي منحتنا كرامات عظيمة ؟ " قال الوالي هذا الكلام للقديس أبا أنودي. أجابه القديس قائلاً " الكرامات التي يمنحها ملوك الأرض هي كرامات أرضية غير باقية، أما نحن فلنا كرامة أخرى، كرامة في مملكة أبينا السماوي، لحظة في مملكة ربنا يسوع المسيح الدائمة خير من ممالك العالم الزائلة، فلا تتعب معي أيها الوالي وأريد أن ترجع إليك عقلك وتعبد إلهي يسوع المسيح ورأيت كم صنع الرب عجائباً. اغتاظ الوالي وأمر أن يضربوه بسياط بها مسامير، فانقلعت عيناه أما القديس صرخ قائلاً " يا ربي يسوع المسيح أعني " فإذ سحابة نورانية ظللت على رأس القديس وشُفي في الحال وصاح قائلاً " كفاك أيهاالوالي نفاقاً فالآن لعلك أن تكون قد أدركت قوة ربي يسوع المسيح بمعاينتك العجائب التي حدثت ويد ربي يسوع المسيح التي حطمت كل خطط اضطهاداتك فمهما أردت افعل فقوة ربي يسوع المسيح كائنة معي".

" وأخيرًا قد وضع لي إكليل البر " ( ٢تي ٤ : ٨)

اندهش واحتار جداً الوالي وقال لحاجبه " ماذا أفعل بهذا الإنسان فإنه ساحر عظيم جسده لا يقبل ولا يتأثر بالعذاب، عرفني ماذا أفعل ؟ " أجابه حاجبه قائلاً " اسمع مني يا سيدي الوالي وأكتب قضيته، فهوذا أنت تعلم جيدًا أن أهل المدينة جميعاً أحبوه وبالأكثر لأجل
القوات التي صنعها " فأمر الوالي بقطع رقبته وكتب قضيته قائلاً هكذا " أنودي الذي من أهل موشة الكبرى التي بلحف ( لحف الجبل أي بداية الجبل.) جبل البهنسا لم يختار أن يسجد لآلهة الملك لكنه اختار أن يموت على اسم السيد المسيح والآن أنا قد أمرت أن يُضرب عنقه بحد السيف " ثم ركب جواده ومضى من موضع الحكم، ثم الجنود ربطوا القديس أبا أنودي وجروه إلى موضع الاستشهاد، أما القديس ترجى الجنود وطلب منهم أن يتمهلوا عليه قليلاً، فتركوه يفعل ما يريد. أدار القديس وجهه ناحية الشرق وصلى قائلاً " أطلب وأتضرع إليك يا سيدي يسوع المسيح اسمع صوتي وأكمل لحظات جهادي وأقدم ذاتي محبة لاسمك القدوس، وعوض يارب كل من له تعب في تكفين جسدي اكسيه يا سيدي بالحلل النورانية والذي يكتب سيرة استشهادي اكتب اسمه في سفر الحياة، وكل من يقدم عطايا أو نذور لاسمك القدوس في بيعتي أعطه أجرًا سمائياً. فإنه ينبغي لك المجد والإكرام والبركة والعزة والسجود مع أبيك الصالح والروح القدس المحيي المساوي لك الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور آمين " حينئذ ظهر له المخلص وقال له " كل ما تسألني أعطيه لك وأعطيك أيضاً أكثر مما تسأل أو تطلب وافرح وسر لأني قد جعلتك ترث ملكوتي مع جميع القديسين " ثم بعد ذلك لم ير أحدًا فأدار وجهه إلى الخلف وقال للجنود " افعلوا ما ُأمرتم به ". فأخذ احد الجنود رأسه المقدسة الطاهرة بحد السيف، وكان ذلك في اليوم الثالث من شهر بؤونه، في الساعة الثالثة من النهار وحملت الملائكة نفس أبينا القديس أبا أنودي إلى فردوس النعيم ليفرح مع جميع القديسين الأطهار.


" ورفعوا الجسد ودفنوه " ( مت ١٤ :١٢)

أمر القديس يوليوس الأقفهصي ابنه أوخاريستوس أن يحمل جسد القديس أبا أنودي ويكفنه جيدًا ويحمله إلى الموضع الذي قال عنه القديس قبل استشهاده، فأحضر أوخاريستوس ستة عبيد معه وكفنوا جسد القديس وحملوه على دابة وذهبوا ليدفنوه في برية القلمون.

" رأيت منظراً وسمعت صوتاً "

رجع أوخاريستوس وعبيده بعد دفن القديس أبا أنودي، فأخبر أباه القديس يوليوس الأقفهصي قائلاً " يا أبي ونحن في طريقنا إلى برية القلمون لقد رأينا منظراً عظيماً، وإذ نور عظيم حل علينا جميعاً وسمعنا صوتاً خارجاً من هذا النور قائلاً " يا أوخاريستوس ابن يوليوس عند العلامة التي هي النخلة المغروسة هناك ادفن جسدي " فلما سمعت هذا تعجبت جدًا واجتازني خوف أنا وكل الذين كانوا معي، وبعد ذلك دفنا جسد القديس ووقفنا نصلي ولما فرغنا من الصلاة وإذ صوت من الموضع حيث جسد القديس أبا أنودي موضوعاً يقول لنا " امضوا بسلام ".

" خاتمة "

كتب القديس يوليوس الأقفهصي قائلاً " أنا يوليوس كتبت سيرة الشهيد القديس أبأ انودي، وأشكر إلهي الذي أعطاني نعمة وأوقع سباتاً على قلوب الولاة المضطهدين ولم يضطهدونني ليمنحني الرب فرصة لأتكفل بتكفين أجساد الشهداء القديسين الأطهار فلتكن بركتهم المقدسة كائنة معي والسلام لكل القديسين الذين استشهدوا على اسم سيدنا وإلهنا ربنا يسوع المسيح هذا الذي ينبغي له المجد والإكرام والعز والسجود والسلطان مع أبيه الصالح والروح القدس الآن وكل أوان وإلى دهر الدهور آمين.

أكسيوس أكسيوس أكسيوس مستحق مستحق مستحق أبا أنؤوتي بي مارتيروس (أي الشهيد)

كل طريق نحو المذود… يقود إلى الله

كل طريق نحو المذود… يقود إلى الله.
وين وصلتِ في رحلتك هالسنة؟ 💬






اكل لحم الخنزير و شرب الخمر في المسيحية

مرحبا
بكل الأديان مثل الاسلام اليهودية البهائية وغيرهم الكثير يحرم اكل لحم الخنزير وشرب الخمر (اغلب الأديان تقريبا )
سؤالي هو سمعت ان المسيحية ياكلون لحم الخنزير ويشربون الخمر عادي مسموح عندهم
ممكن توضيح هل مسموح فعلا
اذا نعم مالسبب في السماح لكم
اعرف ان الخنزير يسبب أمراض و الخمر كذلك
ممكن توضيح وجهة نظركم في اكل لحم الخنزير و شرب الخمر دون جدال بس توضيح وجهة نظركم
امل
أعلى