العدد 21- 28: كفرناحوم= كفر النياح أو الراحة وجغرافياً فيه أوطى من الناصرة لذلك يقول إنحدر. في السبت= يوم الراحة فالقديس مرقس بدا معجزات السيد المسيح بهذه المعجزة، وهو يكتب للأمم ليعلن لهم أن السيد المسيح أتى ليعطي الراحة للمتعبين إذ يحررهم من الأرواح النجسة التي سيطرت عليهم زماناً وأتعبتهم بل استعبدتهم. كمن له سلطان وليس كالكتبة= كان الكتبة يقولون، الناموس يقول.. أو المعلم فلان يقول، أما السيد المسيح فكان يقول.. أما أنا فأقول كذا وكذا.. والكتبة كانت كلماتهم جوفاء بلا قوة، أمّا المسيح فكلماته كلها قوة وجذابة للنفس.
آه ما لنا ولك يا يسوع الناصري.. أنا أعرفك= الشياطين عرفت المسيح ولكن ليس كمعرفة الملائكة والقديسين الذين يجدون في معرفته فرحاً وحياة وشركة أبدية (يو3:17). أمّا الشياطين فتعرفه دياناً لها يأتي ليهلكها، وترتعب منه. من يفرح بالمسيح هو من إمتلأ قبله محبة، أمّا هؤلاء الشياطين فمملوئين كراهية وحقد. هم يعرفون الله لكنها معرفة بلا حب ولا رجاء، يؤمنون ويقشعرون (يع19:2) وهم يحاولون إبعاد البشر عن الله. والله لا يقبل شهادة هؤلاء، فهم إذا شهدوا يكون هذا بنية خبيثة، فمثلاً هم أقنعوا الفريسيين أن السيد يخرج الشياطين بواسطة بعلزبول، وربما يريدون بشهادتهم إثبات هذه العلاقة. المهم أن المسيح في غنى عن شهادة الأشرار عنه. والسيد المسيح كان لا يريد في البداية الإعلان عن أنه المسيا المنتظر حتى لا تحدث ثورة سياسية إذ يظن الشعب أنه جاء ليحررهم من الرومان. والمسيح رفض شهادة الشياطين. فشهادتهم له هي نوع من الخداع. فهم يريدون إثبات أن لهم علاقة بالمسيح، واليوم يشهدون له وغداً يهاجمونه فيضللون السامعين.
ولاحظ أن الشيطان لم يحتمل وجود المسيح الذي كان يعلم بسلطان فبدأ يهتاج. ولكن الشيطان مهما كانت قوته فهو بلا حول ولا قوة أمام سلطان رب المجد. ولاحظ أنهم عرفوا كثيراً عن المسيح، لكن الشياطين لم يدركوا أنه الله المتجسد، ولكن الشيطان فزع منه كما تفزع الظلمة من النور. ولاحظ أن السيد المسيح قبل أن يخرج الشياطين من الناس سبق وهزم الشياطين في البرية. فهو إن لم يكن قد هزمه، ما كان يقدر أن يكون له هذا السلطان. فهو هزمه لحسابنا ليحررنا من سلطانه. العدد 35- 39: وكان يصلي= هي علاقة النور بالشمس، هي صلة الإبن بأبيه، هي المحبة المتبادلة، وإن كان المسيح يصلي فكم وكم إحتياجنا نحن للصلاة. فبدون الصلاة أي الصلة بالله فلا سلطان لنا على إبليس. ولا حماية من الله لنا بدون علاقتنا بالله. ولاحظ أنه إذ عَلِمَ بأن الجموع تطلبه ذهب ليكرز ويخرج شياطين، فهو لم يأتي لراحته بل ليريح الناس= لأني لهذا خرجت. والمسيح لم يكتفي بمدينة واحدة بل هو يريد أن يذهب للجميع= ينبغي لي أن أبشر المدن الأخر. فهو يريد أن الجميع يخلصون. فنحن نرى أن سكان كفر ناحوم حاولوا أن يمسكوه ويحتفظوا به لكنه في محبة شرح لهم أنه أتى للكل. يريد أن يحرر الكل من سلطان إبليس.