العدد 1- 7: الآيات (1-7): "وقلت اسمعوا يا رؤساء يعقوب وقضاة بيت إسرائيل أليس لكم أن تعرفوا الحق. المبغضين الخير والمحبين الشر النازعين جلودهم عنهم ولحمهم عن عظامهم. والذين يأكلون لحم شعبي ويكشطون جلدهم عنهم ويهشمون عظامهم ويشققون كما في القدر وكاللحم في وسط المقلى. حينئذ يصرخون إلى الرب فلا يجيبهم بل يستر وجهه عنهم في ذلك الوقت كما أساءوا أعمالهم. هكذا قال الرب على الأنبياء الذين يضلون شعبي الذين ينهشون بأسنانهم وينادون سلام والذي لا يجعل في أفواههم شيئا يفتحون عليه حربا. لذلك تكون لكم ليلة بلا رؤيا ظلام لكم بدون عرافة وتغيب الشمس عن الأنبياء ويظلم عليهم النهار. فيخزى الراؤون ويخجل العرافون ويغطون كلهم شواربهم لأنه ليس جواب من الله."
هنا يبرز خطايا القيادات، أي الملك والرؤساء والقضاة الذين يسيئون استخدام مراكزهم، فالله وضعهم ليحكموا بالعدل لا بالظلم. والله يبرز أخطائهم لكي يقدموا توبة. وعندما يؤدي الرؤساء والأنبياء مهمتهم بأمانة فإنه يجب إكرامهم جداً أكثر من باقي الناس، لكن عندما يخونون الأمانة يجب أن يعرفوا بخطيتهم كغيرهم. وهنا النبي يضعهم أمام محكمة. وفي كنيستنا فحتى الأب البطريرك له أب اعتراف يسمع منه كلمة الله. اسمعوا يا رؤساء يعقوب = اسمعوا كلمة الله التي فيها توبيخ لكم. أليس لكم أن تعرفوا الحق = لقد أصبحتم في ظلمة غير قادرين أن تعرفونه. فقفوا واصمتوا واسمعوا. وفي (2،3) صورة لقسوتهم الفظيعة ضد المساكين. هم رعاة نهبوا خرافهم. صحيح أنه يليق بمن يرعى الرعية أن يأكل من لبن الرعية (1كو7:9). وأن يلبسوا من صوف غنمهم لكن ليس أن يأكلوا لحم شعبي ويكشطون جلدهم عنهم وينزعوا جلودهم ويكشطون جلدهم = يستغلونهم تماماً، بأن يأخذوا من المسكين حتى ثوبه الوحيد ويأخذون غلتهم، وفرضوا عليهم ضرائب باهظة وحصلوها بقسوة. ويهشمون عظامهم = للوصول للنخاع. ويشققون كما في القدر كأنهم يقطعون اللحم ليضعوه في القدر. لقد تحولوا لوحوش ضارية بدلاً من أن يكونوا رعاة. وفي (4) لذلك فحين يجئ يوم شدتهم يصرخون للرب فلا يجيبهم. كما صرخ إليهم المساكين ولم يسمعوا. وفي (5) على الأنبياء الكذبة أن يسمعوا هم أيضاً تهمتهم ومصيرهم = هؤلاء الذي يضلون شعبي = فهم يتملقوا الشعب بأخبار ونبوات مبهجة فيدفعونهم بالتالي للتمادي في الخطأ مقابل أموال الشعب فهم ينهشون بأسنانهم وينادون سلام = يأكلون لحم الشعب في مقابل نبواتهم الكاذبة بالسلام. والذي لا يعطيهم في أفواههم يفتحون عليه حرباً فهم يتنبأون ضده بالخراب. هؤلاء الذين أحبوا الظلام سيتركهم الله في الظلام، ويحجب عنهم شمس الرؤيا والفرح والبهجة والرجاء. ولن يستطيعوا أن يبصروا في هذا الليل. تكون لكن ليلة بلا رؤيا = أي يحل عليكم ليل النكبات وتهجركم التعزيات، وتفقدون القدرة على إتخاذ القرار السليم. وحينما تجئ هذه الضربات سيخجلون خجلاً شديداً إذ إفتضح كذبهم. هذا معنى آية (7) ويغطون شواربهم كأنهم مرتبكين ليس لهم ما يقولونه عن أنفسهم. العدد 8: أية (8): "لكنني أنا ملأن قوة روح الرب وحقا وباسا لأخبر يعقوب بذنبه وإسرائيل بخطيته."
هنا النبي يختبر قوة إلهية ترافقه في عمله. وهذه القوة تدفعه للشهادة ضد الرؤساء والأنبياء الكذبة. وهو يشعر أن رسالته حق. وهو مملوء من كل محبة يوبخ الجميع ليتوبوا. وهو هنا يذكر أنه يخبر يعقوب بذنبه وإسرائيل بخطيته ولم يقل يهوذا. والسبب أنه في وقت هذه النبوة كانت مملكة إسرائيل قد ذهبت للسبي فأطلق اسم إسرائيل على يهوذا. وقد استنتجنا أن هذه النبوة حدثت في أيام ما بعد السبي الأشوري لإسرائيل من الآية (12) في هذا الإصحاح، فهي قد قيلت في أيام حزقيا الملك (راجع أر18:26،19). العدد 9- 12: الآيات (9-12): "اسمعوا هذا يا رؤساء بيت يعقوب وقضاة بيت إسرائيل الذين يكرهون الحق ويعوجون كل مستقيم. الذين يبنون صهيون بالدماء وأورشليم بالظلم. رؤساؤها يقضون بالرشوة وكهنتها يعلمون بالأجرة وأنبياؤها يعرفون بالفضة وهم يتوكلون على الرب قائلين أليس الرب في وسطنا لا يأتي علينا شر. لذلك بسببكم تفلح صهيون كحقل وتصير أورشليم خربا وجبل البيت شوامخ وعر."
يكرهون الحق = هم يوجهوا العدالة حسب مصالحهم الشخصية وفي (10) يبنون صهيون بالدماء وأورشليم بالظلم = نبوا بيوتهم بالظلم والتسخير دون أن يدفعوا أجرة. وهم يبنون قصوراً لهم ويدعون إنهم إنما يعمرون أورشليم. وفي (11) جشع الكهنة، فهم بالرغم من أن الله ضمن لهم معيشة كريمة إلا أنهم طامعين في الربح الكثير. ورؤسائها يقضون بالرشوة = قارن مع قصة يوحنا ذهبي الفم الذي حرم الإمبراطورة من دخول الكنيسة لأنها ظلمت امرأة مسكينة. وهم يبررون مظالمهم بأنهم رجال الرب فهم يقولون أليس الرب في وسطنا. ولكن هل الإمتيازات الكنسية تبيح الظلم؟! وفي (12) بسببكم تفلح صهيون كحقل = أي تحرث وتخرب تماماً. والمقصود بصهيون هي المرتفع المقام عليه الهيكل وقصر الملك. فكأن هذه نبوة بخراب الهيكل وبيت الملك. وتصير أورشليم خرباً = هذه نبوة بخراب بقية أورشليم. وقد تم هذا بعد سبي بابل ثم أيام الرومان سنة 70م. وجبل البيت = أي الجبل المبني عليه الهيكل يصبح شوامخ وعر = يصير كمرتفعات يملأها الشوك.