العدد 1- 6: الآيات (1-6): "ويل لي لأني صرت كجنى الصيف كخصاصة القطاف لا عنقود للأكل ولا باكورة تينة اشتهتها نفسي. قد باد التقي من الأرض وليس مستقيم بين الناس جميعهم يكمنون للدماء يصطادون بعضهم بعضا بشبكة. اليدان إلى الشر مجتهدتان الرئيس طالب والقاضي بالهدية والكبير متكلم بهوى نفسه فيعكشونها. أحسنهم مثل العوسج وأعدلها من سياج الشوك يوم مراقبيك عقابك قد جاء الآن يكون ارتباكهم. لا تأتمنوا صاحبا لا تثقوا بصديق احفظ أبواب فمك عن المضطجعة في حضنك. لان الابن مستهين بالأب والبنت قائمة على أمها والكنة على حماتها وأعداء الإنسان أهل بيته."
نجد هنا وصف لأزمنة شريرة تنطبق على يهوذا وإسرائيل في ذلك الزمان. لكن هذا وصفاً بالأكثر للعالم كله قبل مجيء المسيح وفيه إعلان بفساد البشر مما يتطلب عمل المسيح نفسه وقد عبر بولس الرسول عن هذه الحالة في (رو9:3-19). وفي (1) النبي يعبر عن حاله وحال كل مؤمن تقي بقوله ويل لي = لأنه عاش في هذا الزمان الشرير الذي شابه كرمة بعد جني الصيف، فلا تجد فيها إلا فضلات الحصاد = كخصاصة القطاف. فلا عنقود للأكل ولا باكورة تينة، أي أصبحوا شعباً عقيماً أخلاقياً وبلا ثمر فهذا الشعب لا يستحق سوى اللعنة وقطعه وإلقاؤه في النار. وخصاصة القطاف المقصود بها الفضلات، (وهذا عنب رديء لأن العنب الجيد تجده في الفروع الكبيرة) أو تعني ما نسيه الشخص على الفروع، وهذا قطعاً قليل جداً. والمعنى أن المؤمنين الأتقياء صاروا عملة نادرة، قليلين جداً. وفي (2) يصطادون بعضهم بشبكة = فلكي يحصلوا على الثروة لهم لا يبالوا بأن يظلموا أي إنسان. وفي (3) الرئيس طالب = أي طالب رشوة ليحكم للبريء بالحق والقاضي بالهدية = لن يحكم بالحق سوى بهذا. والكبير = أي صاحب السلطان والنفوذ متكلم بهوى نفسه أي لا يخجل من التصريح برغبته الشريرة بالاشتراك مع الرئيس والقاضى (اللذين يعضدانه) في الرشوة والهدايا. وهكذا يعكشونها = أي يعكشون الشبكة. في آية (2) التي نصبوها للبريء. ويعكشونها أي يزيدون الشبكة تعقيداً ويشبكونها، وهكذا يصنع العنكبوت فهو يعكش بيته ليصطاد الذباب، وهكذا هؤلاء الأكابر يستعملون الغش والحيل ليسلبوا الناس وفي (4) أحسنهم مثل العوسج = التعامل معه خطر جداً فهو حاد ويمزق ويجرح. يوم مراقبيك = المراقبين هم الأنبياء الذين طالما تنبأوا بيوم الخراب نتيجة الشر وها هو قد جاء وفي (5،6) صورة بشعة للخيانة التي تفشت في كل إنسان فلقد تقطعت أوثق صلات القربى والصداقة، وبهذا تفكك المجتمع، فأعضاؤه بلا أمانة متبادلة التي تنبني الحياة الاجتماعية عليها. العدد 7- 13: الآيات (7-13): "ولكنني أراقب الرب اصبر لإله خلاصي يسمعني الهي. لا تشمتي بي يا عدوتي إذا سقطت أقوم إذا جلست في الظلمة فالرب نور لي. احتمل غضب الرب لأني أخطأت إليه حتى يقيم دعواي ويجري حقي سيخرجني إلى النور سأنظر بره. وترى عدوتي فيغطيها الخزي القائلة لي أين هو الرب إلهك عيناي ستنظران إليها الآن تصير للدوس كطين الأزقة.يوم بناء حيطانك ذلك اليوم يبعد الميعاد. هو يوم يأتون إليك من أشور ومدن مصر ومن مصر إلى النهر ومن البحر إلى البحر ومن الجبل إلى الجبل. ولكن تصير الأرض خربة بسبب سكانها من اجل ثمر أفعالهم."
بعد هذه الصورة البشعة السابقة نجد هنا النبي ينظر إلى بعيد كمراقب، ويرى من بعيد نجدة قادمة فيبدأ يفرح بهذا الرجاء، فقد صار هناك أمل في الخلاص. هو اشتكى بأنه لم يجد عزاء عند أقرب الناس إليه فرفع عينيه إلى الله فوجده يسمعه = يسمعني إلهي. ولذلك طالما هو يسمع إذاً هو سيستجيب قطعاً. لذلك أصبر لإله خلاصي. ثم بثقة يوجه كلامه للأعداء الشامتين بأن الرب نوره حتى لو كان مازال في الظلمة. فبعد كل ليل لابد أن تشرق الشمس. هذا ما يعطي رجاءً لكل متألم. وهذا الرجاء به نحتمل التأديب = أحتمل غضب الرب ولكن هذا لن يحدث أن لم نشعر أننا خطاة = لأنني أخطأت إليه وبعد التوبة والاعتراف يقيم دعواي ويجري حقي ويخرجني للنور = "إن سرت في وادي ظل الموت لا أخاف شراً" فهو سيخرجني من ليل الضيق والألم وسأنظر بره = سأنظر عدالة كل تصرفاته معي، وبعد أن يظهر عمل الله معي تخزي عدوتي= الشيطان. الذي أعطانا الله سلطاناً أن ندوسه = تصير للدوس. هذا لسان حال النبي في العهد القديم وهو ينتظر المسيح، وهو لسان حال كل خاطئ الآن حينما يقدم توبة. وفي (11) يوم بناء حيطانك = يوم تأسيس الكنيسة يبعد الميعاد = الميعاد هو الحدود التي عينها الله لشعبه في أرض فلسطين. ولكن الكنيسة ستملأ العالم كله ولن يكون لها حدود (أش1:54-3) وفي (12) نبوة بأن كل الشعوب ستدخل الإيمان. وقد تعني هذه الآية جزئياً عودة الشعب من السبي. وفي (13) ولكن تصير الأرض خربة = لابد أن تؤّدب أورشليم على خطاياها وتخرب قبل أن يعودوا من السبي وذلك بسبب خطاياهم = ثمر أفعالهم = أو أن الأرض التي لا تؤمن تصير خربة.
العدد 14- 20: الآيات (14-20): "ارع بعصاك شعبك غنم ميراثك ساكنة وحدها في وعر في وسط الكرمل لترع في باشان وجلعاد كأيام القدم. كأيام خروجك من ارض مصر أريه عجائب. ينظر الأمم ويخجلون من كل بطشهم يضعون أيديهم على أفواههم وتصم آذانهم. يلحسون التراب كالحية كزواحف الأرض يخرجون بالرعدة من حصونهم يأتون بالرعب إلى الرب إلهنا ويخافون منك. من هو اله مثلك غافر الإثم وصافح عن الذنب لبقية ميراثه لا يحفظ إلى الأبد غضبه فانه يسر بالرافة. يعود يرحمنا يدوس آثامنا وتطرح في أعماق البحر جميع خطاياهم. تصنع الأمانة ليعقوب والرافة لإبراهيم اللتين حلفت لآبائنا منذ أيام القدم."
وفي (14) النبي يصلي لله راعي شعبه ليرعاهم. هم غنم ميراثك = هم القطيع الصغير في هذا العالم (لو32:12). وهو ساكن وحده وسط وعر = أي وسط مخاطر الغابات والوحوش فإبليس كأسد زائر. ولكن الكنيسة وسط الكرمل = أعلى القمم الجبلية بمعنى أنها في السماويات. والله يرعى بعصاه، وعكازه. يضرب ويشفى، يضرب ويعين، يجرح ويعصب. وباشان وجلعاد = مراعٍ خضر فيها يسكننا الله عوض الوعر. وفي (15) الله يرى شعبه عجائب أكثر مما يظنوا أو يفتكروا كما أظهر لهم قدرته عند خروجهم من أرض مصر. وأيضاً هذا إنطبق جزئياً على رجوعهم من سبي بابل. وفي (16،17) سيرى كل الشعوب عمل الله في خروج شعبه من بابل ويخجلون من سابق تصورهم أنهم قد انتهوا كشعب وسيرون كيف عظم الرب عمله مع شعبه. وأيضاً فهذه تنطبق على الكنيسة بالأولى وخلاص المسيح الذي جعل الشياطين كالحيات تحت أقدام شعبه تلحس التراب وأصبحوا بلا حصون فعلامة الصليب من أي طفل تحرقهم. وتصم آذانهم = كأنهم لا يريدون أن يسمعوا شيئاً عن هذا الخلاص. وأيديهم على أفواههم = كأنهم خجلون مما قالوه.
وفي الآيات (18-20): أنشودة شكر من الكنيسة للمسيح على خلاصه العجيب فهو طرح خطايانا في البحر وغفرها بدمه الذي يطهرنا من كل خطية. ولأنه لم يحفظ للأبد غضبه. من هو إله مثلك = ليس حب أعظم من هذا أن يبذل إله نفسه عن شعبه. فهو تجسد ومات وقام ليغفر خطايانا، ويطرح الخطية لأعماق البحر، وكان رمزها قديماً طرح فرعون وجنوده في البحر. وعهد الله بهذه البركات قديم جداً، فقد أعطاه الله لآدم وحواء ثم لإبراهيم وإسحق ويعقوب.