الغفران والتوبة
قد يقول المستمعون: كان الأقدمون أوفر حظًّا منّا، لأنّ الخطأة كانوا ينالون مغفرة خطاياهم بتقدمة محرقات حسب طقوس مختلفة. أمّا نحن، فليس لنا سوى مغفرة واحدة للخطايا تعطى في البداءة مع نعمة المعموديّة، وبعدها لا رحمة للخاطئ ولا توبة. من الأكيد أنّه يجدر بالمسيحيّ، الذي مات المسيح من أجله، أن يخضع لشريعة توبة أقسى. عند الأقدمين، كانت النعاج والكباش والثيران تذبح، بالإضافة إلى الطيور، كما كانت ترشّ زهرة الطحين. أمّا أنت، فابن الله قد ذُبح لأجلك، مع ذلك، فلا تقطع رجاءك، بل تشجّعْ، وعشْ حياة فاضلة. لقد سمعتَ كم من المحرقات تنصّ عليها الشريعة. فإليك، الآن، كم نوعًا من الغفران معروف في الإنجيل:
الأوّل هو المعموديّة لمغفرة الخطايا. والثاني هو الاستشهاد. والثالث هو الحسنة. والرابع هو أن نغفر، نحن بدورنا، لإخوتنا. والخامس هو الإسهام في ارتداد خاطئ عن ضلالـه، لأنّ الكتـاب يقـول: "من يردّ خاطئًا عن ضلاله، يخلّص نفسه من الموت، ويستر جمًّا من الخطايا". والسادس هو المحبّة العظمى، حيث قول الربّ نفسه: "الحقّ أقول لك: إنّ خطاياها الكثيرة تُركت لها، لأنّها أحبّت كثيرًا"، وحسب قول الرسول: "المحبّة تستر جمًّا من الخطايا". والسابع إنّما هو التوبة، وهو أقسى وأصعب، أعني عندما يبلّل الخاطئ فراشه بدموعه ليلاً ونهارًا، وعندما يعود لا يستحيي من كشف خطاياه لكاهن الربّ، ليحصل منه على الدواء، على مثال من قال: "أضعْ خطاياي أمامي، وإنّك غفرت جهالات قلبي". وهذا يتجاوب وكلام يعقوب الرسول: "هل فيكم مريض، فليدعُ كهنة الكنيسة، ليصلّوا عليه، ويمسحوه بالزيت باسم بالربّ. فإنّ صلاة الإيمان تخلّص المريض، والربّ يُنهضه، وإن كان قد ارتكب خطايا، تُغفر له".