صدقا أتعجب يا صاحبي لماذا تناورنا وتراوغنا وتدور بنا هكذا في دوائر لا تنتهي!!
هل فهمت ابتداء ما كتبتُ لأجلك، أو حتى قرأته؟ هل تريد أسلوبا أبسط قليلا؟ هل تفضل أن أكتب بالعامية؟ أخبرنا يا صديقي كيف نتواصل معك، لأنني شخصيا بدأت أشك حتى في فهمي لما تقول!
السؤال بكل بساطة: هل هناك احتمال ـ مجرد احتمال ـ أن يكون المسيحي على صواب؟
إذا لم يكن مجرد الاحتمال قائما: فلا مشكلة أبدا. من حقك أن تشارك وأن تناظر وأن تنقد بل حتى أن تدعو إلى الدين الذي تؤمن به، إذا كانت قوانين المكان تسمح بذلك. فقط في هذه الحالة أقول: لستُ يا صديقي الشخص المناسب لهذا النوع من الحوارات.
أما إذا كان الاحتمال قائما: مجرد الاحتمال ـ ولو بأقل الدرجات ـ أن يكون المسيحي على صواب، فعندئذ يكفيني هذا تماما وأقنع به راضيا كبداية للحوار. عندئذ على الأقل أعرف أنني أتحاور مع شخص بلغ الحد الأدنى من الفهم! من المعرفة والصدق والحياد والتقدير الصحيح للأفكار والتمييز بين العقائد أيّها يستحق البقاء بعقله خقا وأيّها يستنحق سلة المهملات.
***
هل يسوع المسيح أزلى؟
نعم، بالطبع يسوع المسيح أزلي. كيف لا يكون أزليا وهو القائل عن نفسه: «الحق الحق أقول لكم: قبل أن يكون إبراهيم أنا كائن»؟ (يو 58:8). حتى في العهد القديم جاءت النبوءة عنه بنفس هذا المعنى: «أما أنتِ يا بيت لحم ... فمنك يخرج لي الذي يكون متسلطا على إسرائيل، ومخارجه منذ القديم، منذ أيام الأزل». (مي 2:5)
على أي حال هذا ليس "سؤال منطقي" كما تقول، هذا "سؤال عقيدي" بحت! هذا "سر التجسد" نفسه، الذي حارت أمامه العقول. وكلمة "سر" هنا ليست (secret) بمعني المخبوء أو الخفي، ولكن (mystery) بمعنى "الذي لا يتناهي فهمه" حسب تعبير القديس أوغسطين.
أقول هذا مقدما كي تنتبه، لأنني أتوقع مقدما ما سوف تتحفنا به بعد ذلك! كما صار الله إنسانا ولم يفقد ألوهيته، وكما صار اللامحدود محدودا ولم يفقد لامحدوديته، كذلك صار الأزلي زمنيا ولم يفقد أزليته. تذكر: المسيح أله تأنسن، إله تأنسن، وليس إنسانا تأله. بالتالي كان وما يزال أزليا، حتى وإن وُلد في ملء الزمان من امرأة تحت الناموس، كما كان وما يزال إلها، حتى وإن جاع وعطش وتعب ونام!
***
او الأفضل لك ان تتجاهلنى وتتركنى اهرطق على نفسى وابلل لباسى
لا لن أتجاهلك، المهم ألا تهرطق عليّ وتبللني أنا معك في النهاية! 
من أين يا صديقي جاءك هذا الفكر؟ أنا لا أتجاهل أبدا أي إنسان، بالعكس أحترمك وأقدّرك وأحبك وأعتز بك كثيرا، فوق ما تتصور. (علاوة على إنك كمان من "ريحة الحبايب" كما يُقال
). فلماذا أتجاهلك؟! فقط أضع بعض الشروط أو القواعد أحيانا، لأجلي ولأجلك ولأجل أن يكون حوارنا مثمرا، فإذا لم نتفق على هذه القواعد فعندئذ ببساطة لا أستطيع الاستمرار، وعندئذ أخبرك أيضا بذلك مقدما.
ورغم أنني سألتك عن "هدف" الحوار ـ وكان هذا شرطا من شروطي ـ رغم ذلك فهأنذا أجيبك. أولا لأنني بدأت صدقا أشك في أنك تفهم تماما ما أقول، وثانيا لأنني ـ بناء على ذلك ـ قررت أن أنتظر حتى يظهر شيطان الجدل مرة أخرى وعندها أعود إليك قائلا: «انظر، لأجل هذا تحديدا كنت أسأل عن هدفك منذ البداية». وعليه فقد علّقت فقط شرطي، أرجأته قليلا، بانتظار أن ألمح ـ فقط ألمح ـ شيطانك هذا مرة أخرى، وعندها ستكون هذه حتما نهاية الحوار. عندها ببساطة أقول: «هذا فراق بيني وبينك لـن أنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا».