- إنضم
- 6 أكتوبر 2009
- المشاركات
- 16,056
- مستوى التفاعل
- 5,370
- النقاط
- 0
[ الملتوي رجس عند الرب أما سره فعند المستقيمين ] (أمثال3: 32)
لا يتجاسر أحد ويستطيع أن يعرف أسرار الله كقوة حياة وخبرة يتذوقها في أعماق قلبه من الداخل وقلبه ملتوي وغير صادق، ولا يستطيع أحد أن ينال سلام الله الذي يفوق كل عقل وهو معجون بالشر ويحيا في فساد، لأنه باطلة كل معرفة تنبع من قلب شرير...
ومن المستحيل على الإطلاق أن يُعطى سلام للأشرار الذين يحجزون الحق بالإثم ويأكلون حق الأرملة وأرجلهم سريعة لسفك الدماء ويريدون أن ينتقموا لكل من يوبخهم أو يحيا لله بكل إخلاص وأمانه وكما هو مكتوب: [ لا سلام قال الرب للأشرار] (إشعياء48: 22)
فكم هو مرعب ذلك الطريق المظلم القفر الذي لا يسير فيه أحد ولا يُسمع فيه صوت إنسان، فهو يسكنه الوحوش الشرسة وكل عقرب وحية سامة، وأي إنسان يسير فيه، يكون مصيره الهلاك لا محاله !!!
فالويل للنفس التي لا يسير فيها الرب ويسكن داخلها، ويجلس فيها ملكاً متوجاً على قلبها، حتى لو كانت تعرف كل المعرفة الروحية من الكتب، وحتى لو خدمت سنين العمر كله في داخل بيت الله أي الكنيسة، بل وحتى لو كانت في أعلى الرتب الكنسية وأمانة كل خدمة، لأن الرب هو وحده القادر أن يطرد بصوته وحوش الشرّ الروحية، ويزيل كل سم الحية المميت، ويشفي أعماق النفس ويُريحها من الظلمة التي تسكنها، ويحفظ ويحرس كل مداخلها ومخارجها من كل شر وشبه شر بروحه القدوس الساكن فيها...
وكما أن الأرض تبور إذا تركها الفلاح ولم يعتني بها ويسقيها من ماء صالح، وكل زرع فيها يموت ولا تظهر ثمار فتمتلئ شوكاً وحسكاً، ويكون كل زرع فيها مصيره حريق النار، هكذا الويل للنفس التي ليس لها المسيح الراعي الصالح الحقيقي والوحيد، ليُفلَّحها بعنايته لكي تأتي بثمار الروح الصالحة والنقية، والويل كل الويل للنفس التي تفتش عن نبع آخر تشرب منه سوى النبع الحي الذي هو الروح القدس، لأن كل نبع آخر يختفي فيه السم القاتل الذي للحية القديمة التي أغوت آدم ففصلته عن الله الحي، فالروح القدس هو الذي يشع حياته في داخل القلب ليستنير الإنسان بالنور السماوي الذي لا يُطفأ بل به إشراق الحياة وكل قوى النفس التي تحفظها من العطب وكل مرض وضعف...
وكما أن البيت المتروك من سيده يقتحمه اللصوص ولا يتركون فيه شيئاً نافعاً أو صالحاً، بل معدماً من كل زينة أو غنى، بل يخربوه عن آخره، هكذا النفس تصير منهوبة ومسلوبة مملوءة بالأشواك ومقفرة قاحلة، كصحراء خربة يسكنها وحوش الشر والفساد وتصير وكراً للأعداء واللصوص، حتى أنهم يملكوا كل جزء فيها وتصير أداة شر تتحرك بموجب أوامرهم، وتفوح منها رائحة الإثم والشهوات الكريهة، وتصير في النهاية كمن أخذ مخدراً، فيفتخر بخزيه ويصير عاراً أمام الملائكة والقديسين مرفوضاً من الله، ومحتقراً من الجميع...
فالويل كل الويل لكل نفس تتكل على معرفتها وعلمها وقدرتها على الكلام وإقناع الآخرين بينما لا يكون الرب المحبوب سيداً ساكناً فيها، لأنها – حتماً – ستتعذب بالشر وتصير نبع مرّ لكل من يُصاحبها !!!
- اليوم لنا أن لا نسكت على أنفسنا أو نهملها، أو نتكل على معرفتنا ومعلومتنا عن الله، بل لنطلب بإصرار من رب المجد محب البشر القدوس، أن يشرق علينا كشمس برّ (ملاخي4: 2) ليبدد ظلمتنا ويطرد منا أرواح الشرّ ويعيد زينتنا الداخلية بالقداسة والعفة وكل سيرة حسنة، ويفتح أعيننا الداخلية لنبصر بهاء مجد نوره العظيم، ويفتح أذاننا لنسمع صوته المُحيي فيصير لنا قيامة بكلمته، فنحيا في مجد عظيم ويشع نوره فينا فنحقق قوله: [ أنتم نور العالم ]، فيكون لنا شركة على مائدته المقدسة الملوكية وسط قديسيه، ونعيش بكرامة البنيين، ولا يستطع أن يقترب منا الأعداء لأن الرب هو المالك علينا..
فيا أحباء الرب أعلموا أنه لا يجرؤ لص أن يقترب من بيت يسكن سيده فيه، بل ويصير هذا البيت حلواً ومرتباً ونظيفاً ويتزين بكل زينه حَسنة، ويأتي رب البيت مع كل أصحابه وأحباؤه ليجلسوا على المائدة المقدسة الذي يعدها لهم في هذا البيت محل فرحه ومكان راحته، فيفرحوا ويتعزوا جداً في هذا المكان الذي زُين بكل زينة مقدسة حلوة لحساب مجد صاحب البيت...
فأن النفس التي يسكنها الرب مثل ذالك البيت المزين بكل زينة الروح، فتصير عذراء المسيح العفيفة [ أختي العروس جنة مغلقة عين مقفلة ينبوع مختوم (للرب فقط). أغراسك فردوس رمان مع أثمار فاغية ونادرين... ينبوع جنات بئر مياه حية وسيول من لبنان ] (نشيد 4: 12 – 15)، ويعتني بها الرب ويرسل له ريحه المقدسة فتفيح رائحته الزكية فيها فتثمر ثمر الروح النفيس:
- [ استيقظي يا ريح الشمال وتعالي يا ريح الجنوب. هُبي على جنتي فتقطر أطيابها. ليأتِ حبيبي إلى جنته ويأكل ثمرهُ النفيس ] (نشيد 4: 16)
- [ أما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول أناة لطف صلاح إيمان وداعة تعفف ] (غلاطية 5: 22 و23)
- [ لأن ثمر الروح هو في كل صلاح وبر وحق ] (أفسس 5: 9)