- إنضم
- 27 سبتمبر 2010
- المشاركات
- 66
- مستوى التفاعل
- 0
- النقاط
- 0
ميلاده ونشأته:
ولد الطفل إبراهيم حوالى سنة 1860م فى قرية أبو جرج التابعة لمركز بنى مزار محافظة المنيا لأب يدعى حنا جرجس عبد المسيح خطير ومن العائلة من ذهب الى السودان وإستقر بها ومنها من بقى هنا. أنجب حنا خمسة أبناء ، الأول "تادرس" أفندى حنا" ، بعد تعليمه إستقر فى القاهرة فى منطقة حارة السقايين وترك قرية أبو جرج ، والثانى "المعلم سليمان حنا" الشهير بالمقدس سليمان من مواليد سنة 1946م ، بعد تعليمه ذهب الى قرية براوة الوقف التابعة لمركز أهناسيا محافظة بنى سويف وعمل رئيسا للصيارفة عن مركزى أهناسيا وسمسطا ، والثالثة أسمها "مصطفية" تزوجت مرجان ملطى بقرية أبو جرج ، والرابعة "حنونة" تزوجت فى قرية الطيبة التابعة لمركز سمالوط محافظة المنيا ، أما الخامس فهو إبراهيم الذى أصبح فيما بعد الراهب القمص إبراهيم البراوى المقارى ، ومن الواضح أن أباهم حنا كان ثريا بالقدر الذى جعله يعلم أبناءه الثلاثة فى عصر كان التعليم فيه قاصرا على أبناء الأغنياء ويوفر لهم بعد ذلك معيشة كريمة. الانتقال الى براوة:
تنيح أبواه قبل أن يتجاوز التاسعة من عمره تقريبا فكان عليه أن يختار أحد الأخوين ليعيش معه فإختار سليمان لتعلقه بتقواه من جانب ولأن سليمان لم يكن قد أنجب أطفال بعد وكان هو وزوجته قمر يعتبران إبراهيم إبنا لهما ، وكان على سليمان أن يثقفه علميا وروحيا ، وكان ذهابه إلى قرية براوة حوالى سنة 1869م وكان محبوبا جدا من جميع أهالى قرية براوة.
المعلم سليمان فى براوة:-
لقد بارك الله المقدس سليمان فى براوة ، فكان يملك حوالى 40 فدانا أراضى زراعية بقرية دشطوط التابعة لمركز سمسطا ببنى سويف وكذلك فى براوة الكثير بالإضافة الى الخيل والبهائم والذهب الكثير والعبيد وصار من شرفاء المنطقة كلها وكان معروفا بحكمته وعلمه وتواضعه وتقواه حتى أنه كان يعمل شرفيا كمحكم فى المجالس العرفية بل أن هناك مثل ماذا يطلق حتى الآن فى براوة على أى حصان جميل وقوى ومزين يقولون (ولا فرسة سليمان فى زمانه) لأنه كان يملك فرسة جميلة لها سرج فضة غالى الثمن ، هذا يعكس الوضع الاجتماعى لسليمان آنذاك مما يعكس أيضا الوضع الإجتماعى لإبراهيم أخيه الذى كان يعيش معه ، إلا أن الوضع الإجتماعى لسليمان لم يؤثر على علاقته بالله بل كان معروفا عنه أنه رجل صلاة وتسبحة وذكر عنه كثيرا من أعمال الخير وبطبيعة عمل المقدس سليمان كرئيس للصيارفة كان يتجمع لديه كل أموال الرسوم والمتحصلات ليسلمها سنويا لخزينة الدولة فكان يتجمع لديه آلاف من الجنيهات الذهبية هذا بخلاف الأموال الخاصة ، فشب إبراهيم فى وسط كل هذا.
الحياة والعمل فى براوة:
لقد عاش الطفل والشاب إبراهيم فى عائلة ثرية تقية فكان يستقى من تقوى أخيه سليمان وتواضعه وكان يعمل معه أيضا فلم يعانى من الحرمان المادى إذا كانت أمام عيناه يوميا أكياس الذهب ، لقد شبعت عيناه من غنى العالم لذلك كان يتوق الى حياة أخرى يشبع فيها رغبته الجارفة للتقوى والبر عملا بقول رب المجد السيد المسيح:"طوبى للجياع والعطاش الى البر لأنهم يشبعون".
قداسته فى براوة:
لقد خصص غرفة من المنزل للعبادة والصلاة وكانت هذه الغرفة بحسب تقسيم المنزل قديما تقع فى الناحية الغربية للمنزل وكانت مظلمة وتسمى "بالخزانة" ربما لأن المقدس سليمان كان يضع خزانته فيها ولقد شهد كثيرون ومنهم الجيران الغير مسيحيين أن هذه الغرفة كان يخرج منها بخور من آن لآخر حتى فى الفترة التى كان المنزل فيها مهجورا بعد رحيل المقدس سليمان.
البتولية والوصية:
إلا أن الشاب إبراهيم خصص شيئا أخر أعظم من الغرفة وهو "قلبه وعقله" لله وأحب البتولية وأراد أن يعيشها دون أن يشعر به أحد فلم يصوت بالبوق قدامه كما يفعل المراءون وهو يعلم أن هذا هو "الباب الضيق والطريق الكرب". ويعلم أن أباه الذى يرى فى الخفاء يجازيه علانية. ولأنه كان يعتبر أخيه الأكبر بمثابة أب له – لأنه هو الذى رباه وعلمه- لذلك لم يشأ ان يتركه وزوجته فى براوة حيث أنهما لم يكن لهما أبناء آنذاك (أنجب سليمان بعد رهبنة أخيه إبراهيم تسعة ابناء) ، لذلك قرر أن يحيا مع الله فى صمت حتى وصل عمره تقريبا حوالى 25 سنة.
بداية العاصفة:
لقد سبب عزوف إبراهيم عن الزواج مرارة عظيمة لسليمان أخيه لذلك فكر أن يزوجه من "مريم" أخت قمر زوجته وبذلك يضمن أن إبراهيم يظل معه فى المنزل وكذلك أبناءه فيما بعد، لئلا يتزوج بأخرى تفرقه عن أخيه وبيت أخيه ، ولما وجدت الفكرة إستحسانا من سليمان وزوجته قمر فاتح المقدس سليمان أخاه إبراهيم فى هذا الموضوع إلا أن إبراهيم رفض.
نيران الغضب:
برفض إبراهيم الزواج من أخت زوجة أخيه أشعل نيران الغضب فى قلب زوجة أخيه وبالتالى فى قلب سليمان وكان مسرحا سهلا للشيطان لكى يشعل المنزل حريقة وجعل سليمان يسأل إبراهيم عن السبب الحقيقى الذى جعله يرفض أخت زوجته فأفصح له إبراهيم عن نواياه فى الحياة مع الله وتكريس حياته كلها للمسيح له المجد وأن الرهبنة هى طريقه ، مما جعل المقدس سليمان يستشيط غضبا عليه لأن إختيار إبراهيم لطريق الرهبنة سوف يحطم كل أحلام سليمان التى بناها عليه لذلك حاول أن يثنيه عن عزمه فقال له "أن الرهبنة هى طريق الفقراء والمحتاجين الذين ليس لهم عائل ولا عمل ، هؤلاء يهربون الى البرية ليختبئوا فيها ويعيشوا فيها (وهذا طبعا غير صحيح) وعار عليه أن يذهب أخيه ويترهب. ولكن كان لإبراهيم رأيا أخر وأمام إصرار إبراهيم على موقفه قام المقدس سليمان على أخيه إبراهيم وضربه بالمركوب (الحذاء ، هكذا كان يسمى وقتها) كنوع من أنواع العقاب.
سياسة الأمر الواقع:
لقد كان المقدس سليمان فى بادىء الأمر يظن أن قلب أخيه متعلق بفتاه أخرى ستخرجه من أحضانه ويبقى وحيدا هو وزوجته لكن إكتشف أن المسألة أخطر من هذا ، إن فكرة الرهبنة سوف تحكم على بيته بالخراب على حد تصوره لذلك قرر أن يحارب الفكرة بسياسة الأمر الواقع فذهب وخطب له أخت زوجته رغما عنه.
كانت حربا شرسة ليست من المقدس سليمان ضد أخيه بل من أجناد الشر الروحية ضد كل إنسان يريد أن يكرس حياته لله.
الزواج هو الحل:
لكن الخطوبة لم تثنيه عن عزمه بل ظل مصرا على رأيه وواصل الصلوات والميطانيات والتضرعات ولكن كيف للشيطان أن يهدأ وهو يرى كل هذا الجهاد من القديس ، كان يريد أن يكسب المعركة من الجولة الأولى مقدرا خطورة قداسة إبراهيم لذلك ساعد سليمان وزوجته فى إتخاذ أهم قرار وهو "زواج إبراهيم هو الحل" فذهب المقدس سليمان الى أهل العروس (غالبا العروس كانت من قرية أبو جرج) وحدد معهم موعد الزفاف وذهب الى الكنيسة وحدد مع الكاهن موعد الإكليل حتى لا يكون أمام إبراهيم فرصة للتراجع وأخبر إبراهيم بموعد زواجه.
الهروب الى الله:
"إحسبوه كل فرح يا أخوتى حينما تقعون فى تجارب متنوعة عالمين أن إمتحان إيمانكم ينشأ صبرا"
طوبى للرجل الذى يحتمل التجربة لأنه إذا تركى ينال إكليل الحياة الذى وعد به الرب للذين يحبونه. لم يعد أمام إبراهيم سوى الهروب ، لم يكن الزواج شرا يهرب منه لكن الهروب من أى شىء يعوق تسليم قلبه بالتمام الى الله فلم يعد هناك مكان لأخر ، إنه يحب الكل من خلال حبه لله المالىء قلبه ، لقد قال السيد المسيح له المجد "من إستطاع أني يقبل فليقبل" وهو قبل وبكل حب.
ولم يكن الهروب سهلا وميسرا بل كان صعبا ومرا فلم تكن الطرق سهلة ومعبدة كما هى اليوم وكذلك وسائل المواصلات لم تكن ميسرة فربما سار على قدميه عشرات الكيلومترات الى أن يجد وسيلة مواصىت تنقله الى المكان الذى يرجوه.
لعله كان يتعزى بقول المرنم "معك لا أريد شيئا على الأرض" ولعله كان يشارك الملاك قوله للوط "إهرب لحياتك ولا تنظر الى ورائك ولا تقف فى كل الدائرة" إهرب الى الجبل لئلا تهلك.
إلى دير العذراء "المحرق" :
لقد ذهب أولا الى دير السيدة العذراء بالقوصية بأسيوط الشهير بالمحرق ، والمسافة بين براوة والمحرق ربما تزيد عن 200 كيلومتر وكان هروبه حوالى سنة 1887م تقريبا وبعد ذهابه الى دير المحرق خاف أن يبحث عنه أخوه سليمان هناك أو أن أحدا من أهله الذين يقطنون الصعيد يراه ويخبر أخاه بمكانه فيعيده للمنزل مرة أخرى ، لذلك قرر أن يترك دير المحرق.
الى برية شيهيت (وادى النطرون):
ترك الدير المحرق وذهب الى برية شيهيت (ميزان القلوب) حيث يوجد بها مجموعة من الأديرة مازالت عامرة وتسمى أديرة وادى النطرون (دير العذراء الشهير بالبراموس ودير السريان ودير الأنبا بيشوى وكذلك دير القديس مقاريوس الكبير الشهير بدير أبو مقار) وقد كانت هناك علاقة حب كبيرة بين إبراهيم البراوى والقديس أبو مقار يبدو أنها بدأت من قبل ذهابه للدير لذلك إتجه رأسا الى دير أبو مقار ، وكانت علاقة الحب تشبه علاقة الحب التى بين الشهيد مارمينا العجايبى وبين المتنيح قداسة البابا كيرلس السادس ، لقد كان يدعو أبو مقار أباه ويقول :أنا إبن أبو مقار على سن ورمح.
طالب الرهبنة فى دير أبو مقار:
لقد قطع إبراهيم البراوى مسافة طويلة جدا من دير المحرق الى دير أبو مقار. كان لمظهره وملابسه غالية الثمن الدليل الواضح على أن هذا مجرد ضيف ثرى ذهب لأخذ بركة دير أبو مقار فقط ، إلا أن الرهبان تعجبوا عندما علموا أنه طالب رهبنة.
لم يكن لشكله ومظهره وملابسه الغالية الثمن أبدا أن يشجع الرهبان على إتخاذ قرار مثل هذا ، إن مظهره لم يوح أبدا أنه سيتحمل شقاء البرية ومرارتها ، لقد كانت الحياة خاصة فى تلك الأزمنة قاسية جدا – لا يمكن أن يتحملها إلا من مات حقا عن العالم وحمل الصليب بكل معانيه وراء المسيح فى البرية.
لذلك تساءل الرهبان كثيرا عن أصله وهويته والأسباب التى دفعته لاتخاذ قرار خطير مثل هذا ، ربما ثورة من ثورات الحماس الروحى عند الشباب التى سرعان ما تنطفىء ويندم على قراره ويكون أواخر هذا الإنسان أشر من أوائله.
إلا أنه أوضح لهم بواطن الأمور عنده وقص عليهم حكايته فى بيت أخيه ببراوه ثم هروبه من وجه أخيه أو بالأحرى هروبه من الزواج. فقال له الرهبان سوف نصالحك على أخيك وننصحه ألا يرغمك على الزواج من تلك الفتاة ويتركك تتزوج من الفتاة التى تحبها.
فقال لهم أنا لا أريد الزواج ، أنا أحب هذا المكان وأريد أن أحيا هذه الحياة معكم وأريد أن أكون إبنا لأبو مقار وأن أحمل الصليب بإرادتى مع المسيح.
فقال له الرهبان لعلك هربت من أعباء الحياة وأنت طامع فى أى غنى تجنيه من الرهبنة ، ربما ليس لك عائل أو عمل فقلت أترهبن وخلاص. فقال لهم أنا هارب من غنى العالم ومجده الذى هو فقر بالنسبة لغنى المسيح لو كنت طالب للعالم ومجده لبقيت فيه.
فقال له الرهبان أيضا: لعلك تكون هاربا من جريمة قد إرتكبتها أو يكون لأحد ثأرا عليك فقلت أختبىء فى الدير. فقال لهم صدقونى إن ما أقوله هو الحقيقة. فقالوا له إن كانت هذه حقيقتك فأعطنا عنوان أخيك فى العالم وإسم أخيك لنرسل له ونتأكد قبل أن نرهبنك. فأعطاهم ما أرادوا.
براوة تبحث عن إبراهيم:
بعد هروبه من براوة طار عقل أخيه سليمان وشعر بخطئه وندم على ما فعله بأخيه وبدأ يبحث فى كل مكان عنه ولعل لسان حاله شارك عروس النشيد قائلا: "تحت ظله إشتهيت أن أجلس وثمرته حلوة لحلقى". ذهب الى الأقارب فى كل مكان سواء فى الصعيد أو القاهرة ولكن الموضوع لم يتوقف عند بحث المقدس سليمان أخيه بل إنتقل الى أهالى قرية براوة الغير مسيحيين الذين وضعوا فى قلوبهم أن لا يتوقفوا عن البحث عن إبراهيم حبيبهم حتى يجدوه ، ولقد ظلوا أكثر من شهرين يبحثون عنه مع المقدس سليمان فى أى مكان يتوقعون أن يجدوه فيه وطبعا لم تكن الطرق ممهدة ووسائل المواصلات لم تكن ميسرة مما جعل المقدس سليمان إشفاقا على أهل القرية المحبين له ولأخيه أن يتوقف عن البحث تاركا الأمر لمن بيده الأمر الى أن أرسل له رهبان أبو مقار رسالة تفيد أن أخيه إبراهيم عندهم فى الدير.
لقاء الأخوان:
لقد ذهب على الفور المقدس سليمان الى أخيه فى دير أبو مقار راجيا أن ينجح فى أن يستعطف قلب أخيه ويرجعه الى أحضانه مرة أخرى وإلتقى بأخيه هناك وعاتبه كثيرا على هروبه وعرفه أنه وأهل القرية تعبوا كثيرا فى البحث عنه وقال له إن كنت يا أخى تريد أن تتزوج فتاة معينة فسوف أزوجك الفتاة التى يختارها قلبك ولن أفرض عليك أخت زوجتى ولكن المهم أن ترجع معى.
فقال له إبراهيم: هذه هى الفتاة التى أحبها ، الجوهرة كثيرة الثمن التى من فرحتى بها بعت كل شىء وإشتريتها. فكيف لى بعد أن وضعت يدى على محراث الحياة مع الله أعود وأنظر الى الوراء وأضيع نصيبى فى الملكوت.
كيف لى بعد أن تركت العالم وهربت الى الجبل بإرداتى أعود وأشتهى النظر الى سدوم. لقد عشقت هذه الحياة بمشقتها وصعوبتها وأردت من كل قلبى أن اصير إبنا لأبو مقار وخادما له.
فقال له المقدس سليمان الآن يا أخى بعد أن أصبحت إبنا أبو مقار تغضب على لأنى ضربتك وأهنتك وأردت أن أرغمك على الزواج. أنت تعلم أن كل هذا كان بدافع حبى لك ورغبة منى فى أن تبقى بجوارى ، صل من أجلى يا أخى لكى يباركنى الله ويعطينى النسل الصالح ويعيننى على الحياة ولا يكون ما فعلته معك سببا فى غضب الله على. فصلى له إبراهيم وطمأنه قائلا لا تخف سوف يباركك الله ببركات سماوية كثيرة وأما عن ضربك لى فثق تماما يا أخى أنه من تلك الساعة التى خرجت فيها من براوة متجها الى الدير قد نسيت كل الأشياء وطرحتها وراء ظهرى.
وثق يا أخى إنى لم أتركك كما تظن بل إنى كل عام سوف أتى لأزورك فى براوة وأطمئن عليك. فعاد سليمان الى براوة مطمئنا على أخيه عالما أن إبراهيم البراوى قد صار أيضا مقارى. أما الرهبان فتأكدوا من هوية إبراهيم وأنه بالحقيقة رجل غنى ترك غنى العالم من أجل غنى المسيح مثل أسلافه العظماء مكسيموس ودوماديوس وأرسانيوس والمحبوبة الملكة أنا سيمون وإيلاريا وغيرهم ممن باعوا غنى العالم وشهواته من أجل الرهبنة وحمل الصليب مع المسيح فى البرية ، وعلموا حقيقة سيرته من أخيه فطوبوا أبيهم مقارا الذى تبنى إبنا عظيما مثل هذا.
بركات الله وعد له:
بعد أن بارك إبراهيم أخيه بدأت تظهر بركات الله على المقدس سليمان وكذا عدله ، لقد أعطاه مريم سنة 1887م ثم ديمترى سنة 1889م الذى كان محبوبا جدا الى قلب عمه القمص إبراهيم وله داله عليه ولم يتوقف العطاء عند مريم وديمترى بل أعطاه الله أيضا ميخائيل ومكارى وأليصابات وحنا وفيلبس. إلا أنه قد تعرض لتجربة عظيمة ألا وهى أن هناك شخصا كا كان يأتمنه وكان يعمل معه (غالبا إضطر المقدس سليمان للاعتماد عليه بعد رهبنة أخيه إبراهيم) والواضح أن هذا الشخص كان غير أمين وغير كفء ولكنه إضطر لإبقائه لأنه كان يمت بصلة قرابة الى زوجته قمر من ناحية ومن ناحية أخرى أن سليمان كان رجلا بارا ولم يشأ أن يطرده رغم إكتشافه – بمواقف كثيرة – إنه غير أمين.
حقا لقد كان أخوه إبراهيم كنزا وكان يحق له أن يتمسك به. ولكن ماذا فعل الغير أمين الذى إحتضنه ، كان يتجمع لدى المقدس سليمان فى خزينته الخاصة كل أموال الرسوم والمتحصلات التى تتجمع على مدار العام إذ كان يسلمها سنويا بحسب طبيعة عمله وفى إحدى السنوات بعد أن تجمعت كل هذه الأموال فى خزينته قام هذا الشخص بسرقتها وإخفاءها فى مكان ما ولم يتم العثور عليها وقام سليمان عليه وضربه لكى يعترف بمكانها لكنه لم يعترف ، مما جعل أهالى قرية براوة يمسكون هذا الشخص ويهمون بإيذاءه لكن المقدس سليمان خلصه من بين أيديهم خوفا عليه وقام بطرده من القرية ومات هذا الشخص بعد هذا ومات السر معه.
ولكى يسدد المقدس سليمان هذا الدين وهو آلاف الجنيهات الذهبية إضطر الى بيع كل ما يمتلك تقريبا ثم قام بتسوية معاشه وتكريس كل حياته لله ولكن من الواضح أن زوجة المقدس سليمان لم تحتمل كل هذا فتنيحت بعد أن أنجبت فيلبس فى سنة 1904م ، لذلك بدأت فى تربية فيلبس ورعايته أخته أليصابات قبل زواجها فى قرية الطيبة ، وواضح أنه نتيجة لإقتراح من أخيه القمص إبراهيم البراوى قام سليمان بإتخاذ زوجة أخرى لرعايته وأسرته وكان ذلك فى حوالى سنة 1911م وكان إسمها مصطفية وأنجب منها يعقوب ورحمة. وهكذا زال الغنى والمال والمجد ولم يبقى له إلا البركة.
لقد ايقن سليمان بضرورة البحث عن الكنز الذى لا يسرق فكرس كل حياته لله ولدراسة الكتاب المقدس ولتعليم أبناءه وعمل الخير على قدر إستطاعته. هذا المال الذى ضرب أخيه إبراهيم من أجله قد زال وأعطاه الله كنزا أخر – حياته مع الله وأبناءه. لقد عاش ما يقرب من الثلاثين عاما مكرسا حياته لله وكان معروفا عنه أنه رجل صلاة وتسبحة وتنيح بسلام سنة 1932م.
الراهب إبراهيم البراوى:
بعد أن إطمآن الرهبان من صدق نية إبراهيم وبعد أن عرفوا أصله وهويته ورأوا أخيه المقدس سليمان وبعد أن تأكد بالتجارب والجهاد ورؤية الأباء أنه قد نوى من كل قلبه على حمل الصليب وإحتمال حياة البرية القاسية قاموا برهبنته. وأصبح إسمه (الراهب إبراهيم حنا البراوى المقارى) إذ كان الراهب فى تلك الأزمنة يدعى أولا بإسمه ثم إسم أبيه ثم إسم بلدة ثم إسم الدير الذى ترهبن به. وهذا ما ورد فى سيرة القديس المتنيح الآنبا إبرآم الأول أسقف الفيوم والجيزة إذ دعى بعد الرهبنة (الراهب بولس غبريال الدلجاوى المحرقى).
حياة البراوى فى دير أبو مقار:
لم نعرف الكثير عن مراحل جهاده الأولى فى الدير لكن المعجزات التى صنعها الله بواسطته والمكانه التى وصل اليها لهى دليل واضح أنه دخل فى مراحل جهاد عنيفة كانت سببا فى إرتقاء مستواه الروحى الى هذا الحد.
علاقته بالأنبا كيرلس الخامس (البابا الـ 117 الملقب بأبو الإصلاح):
كان صديقا حميما له ولعل هذه العلاقة توطدت فى الفترة العصيبة التى قضاها البابا كيرلس الخامس معزولا فى دير السيدة العذراء البراموس عندما عزله المجلس الملى فى 26 أغسطس 1892م وعين أسقف صنبو وكيلا للبطريركية ورئيسا للمجلس ومكث البابا القديس ما يقرب من العام فى دير البراموس وكان يعمل بالدير متضعا وساوى نفسه بالرهبان وكان يقوم بغرس حديقة الدير وريها وعزقها حتى صارت روضة زاهرة (كتاب تاريخ الكنيسة القبطية للقس منسى يوحنا).
إن هذه الفترة القاسية على البابا والعزلة والفقر والصلوات كانت من أسباب الترابط القوى الذى نشأ بين البابا المحبوب وقديسى وادى النطرون الذين يعرفون مدى قداسته ومنهم أبونا إبراهيم المعروف فى كل أديرة وادى النطرون والذى كان له فى الرهبنة أكثر من سبع سنوات وقتها.
ولعله كان يذهب له ويؤازره فى محنته مما وطد العلاقة بينهما خاصة أنهما من نفس المحافظة بنى سويف فالبابا من قرية تزمنت وأبونا إبراهيم من قرية براوة.
الكهنوت والخدمة العامة:
رسم البراوى قسا ثم قمصا لما ظهر فيه من طهارة وبر وعرف عنه أنه كان يخرج الى الكنائس الفقيرة ويصلى فيها ثم يترك مبلغا من المال فى الهيكل ومع الوقت عرف عنه هذا الأمر.
ثقة البابا فى أبونا إبراهيم البراوى:
كان البابا يدعو أبونا إبراهيم بالبراوى المبروك وإختاره ليخدم مذبح الأمير تادرس الشطبى للراهبات بحارة الروم بمصر القديمة وكانت الراهبات تحبه جدا وقد كان لهن الأب المرشد الروحى.
نياحة البابا القديس:
تنيح البابا كيرلس الخامس (البابا 112) الملقب بأبو الإصلاح الصديق الحميم أبونا القديس إبراهيم البراوى وذلك فى سنة 1927م وفى نفس السنة ترهبن الشاب عازر فى دير العذارء (البراموس) الذى أصبح فيما بعد البابا كيرلس السادس وكأن الله أخذ من الكنيسة قديسا مثل البابا كيرلس الخامس ويوجه نظرنا إلى أنه يعد بابا قديسا أخر ألا وهو البابا كيرلس السادس وسنذكر فيما بعد علاقة أبونا إبراهيم البراوى بهذا.
أما البابا الذى خلف البابا كيرلس الخامس فهو البابا يؤانس التاسع عشر الملقب بأبو الإحسان (البابا 113) والذى كان له بعض المواقف مع أبونا إبراهيم البراوى.
البراوى فى طنطا:
خدم القمص إبراهيم البراوى فترة فى مدينة طنطا إمتثالا لأمر البابا يؤانس التاسع عشر وكان معروفا هناك بقداسته وقوته وخرج من طنطا بعد معجزة كبيرة مع المأمور هزت كل الأوساط ثم عاد الى حضن الأمير تادرس الشطبى فى دير حارة الروم كأب إعتراف للراهبات.
مواقف من حياته
ذكرت السيدة قمر ديمترى أن أبيها قال لها وكذلك أختها أسنات أن أبونا إبراهيم البراوى كان محبا للأطفال جدا وكان يملأ لهم جيوبه بالحلوى ، وكان يحب الطفلة أسنات أختها الكبيرة محبة خاصة وكلما ذهب الى بيتهم كان يأخذها ويجلسها على رجليه ويخرج لها الحلوى من جيوبه.
قرض البراوى:
"ومن أراد أن يقترض منك فلا ترده".
كان المرحوم مكارى سليمان يمر بضائقة مالية أثناء بنائه لمنزله الموجود حاليا ببراوة فنصحوه أن يقترض من عمه القمص إبراهيم البراوى لأنه معروف عنه أنه رجل غنى فطلب منه مبلغا من المال على سبيل القرض فلم يرده وأعطاه ما أراد ، وبهذا المبلغ أكمل بناء المنزل كله ولقد شهدوا أن هذا المبلغ كان به بركة غير عادية فأكملوا بناء البيت بدون عناء.
إلا أن الخواجة مكارى لم يرد المبلغ وقال أن عمى رجل راهب وغير محتاج للمال بالإضافة الى أنه رجل فقير وينبغى أن يساعد أهله الفقراء (لم يكن الخواجة مكارى فقيرا) إلا أن أبونا إبراهيم لما علم بذلك غضب جدا ووبخهم قائلا :"إن هذا المال ملك لربنا ولديرى وأنا كما قلتم راهب مات عن العالم". وصمم أن يسترد المبلغ وفوقه حق ربنا.
البراوى والوحدة:
لقد ذكر عنه أنه فى أواخر أيامه أخذ غرفة فى حارة السقايين ليتوحد فيها وكان يخدم نفسه بنفسه طوال حياته ولم يقبل أن يخدمه أحد أو يذهب ليأكل عند أحد إلا نادرا وكان ينزل الى ديره ليقضى فيه الخلوات الروحية ثم يعود الى دير الراهبات وخدماته الأخرى.
البراوى لما يقول:
ومن المواقف التى حدثت بين البراوى وبين البابا يؤانس التاسع عشر هذا الموقف ، لقد كان أبونا إبراهيم البراوى يخدم مذبح الأمير تادرس الشطبى بحارة الروم وهو دير للراهبات بمصر القديمة ، وله أيضا خدمة روحية كبيرة وإرشاد بالإضافة الى أنه كان يذهب الى الكنائس الفقيرة ليصلى بها ويترك فى هياكلها مبالغ مالية كبيرة دون أن يعرف أحد ، وكان أيضا يعيش فى غرفة كمتوحد فى حارة السقايين ، هذه المقدمة نوردها للآتى:-
لقد أصدر البابا أمرا برجوع الرهبان الى أديرتهم وكان وقتها أبونا إبراهيم فى خلوة روحية بالدير ولما حان موعد رجوعه الى خدمته فوجىء بأن أمين الدير يمنعه ، حاول أن يفهمه أن له خدمة لابد أن يعود اليها وأن البابا على علم بخدمته إذ أنها ليست بعيدة عن مقره بالقاهرة إلا أن أمين الدير أصر على أن يمنع الشيخ القديس المعروفة معجزاته وقداسته للجميع ، بل قال له مستفزا لو نزلت البابا هيشلحك (شلح: كلمة سيريانية معناها خلع أى سيخلع رتبته الكهنوتية) لا يمكن أن تنزل بدون تصريح ، فقال له يا ولدى "البراوى لما يقول ها ينزل يبقى هينزل" (وصارت هذه كلمة مأثورة أو مثل فى أديرة وادى النطرون الى يومنا هذا) فقال له أمين الدير :"البابا والمطارنة متشددين جدا فى هذا الأمر "لو نزلت بدون تصريح هيشلحوك".
هنا غضب البراوى وقال له : يا ولدى المطارنة لم يخلقونى والبابا لم يصلب من أجلى على عود الصليب ، ثم أمسك ورقة وقلم وكتب رسالة للبابا سلمها لأمين الدير مضمونها :"لئلا يقال أن البراوى ليس فى البرية ، بتصريح أو بدون تصريح أنا نازل ، لأن البراوى لما يقول ها ينزل يبقى ها ينزل". أرسل أمين الدير الرسالة الى البابا وقال له أيضا باقى الكلام مما اثار بعض المطارنة وصمموا على أن البابا يشلح أبونا إبراهيم البراوى فقال لهم البابا الذى يعلم مدى قداسة أبونا إبراهيم إن هذه ما هى إلا حرب من حروب الشياطين ضد رجل بار مثل هذا :"إن البراوى على حق هل أنتم خلقتموه؟ فقالوا لا، فقال لهم أنا صلبت من أجله؟ فقالوا لا ، فقال لهم فكيف أشلحه إذا وهو لم يخطىء بالإضافة الى معرفتى بمدى خدمته وقداسته وأحتاجه الى جوارى دائما إذ أنى لم أقصد أبونا إبراهيم بهذا القرار".
إلا أن البراوى ذهب الى البابا حزينا غاضبا فقابله البابا على سلم الكاتدرائية فرحا مبتسما فقال له:"تعال يا أبونا إبراهيم يا مبروك علشان تصلى لى". فقال له البراوى:"ما أنت كنت عاوز تشلحنى" فقال له البابا :"هو أنا أستغنى عنك يا أبونا". ثم جذب يد أبونا إبراهيم ووضعها على رأسه عنوة وصمم على أن يصلى له". وبعد الصلاة أعطاه ثلاثة جنيهات ذهبية فكيف يشلح إبن أبو مقار على سن ورمح.
الثوب الحمصانى:
كان البابا يؤانس التاسع عشر يمتلك ثوبا غالى الثمن يسمى بالثوب الحمصانى (مطرز ومذهب وبه أكثر من فتحة جانبية) وكان لا يرتديه إلا عندما يجلس على كرسى مارمرقس الرسول ومن شدة إعجابه بقداسة أبونا إبراهيم أهداه هذا الثوب (كان ذلك فى أواخر أيام أبونا إبراهيم غالبا عام 1936م)، ولكن يبدو أن هناك أشياء صنعها البابا – خاصة فى دير البراموس الذى كان يدعى دير البراموس البهى أو دير البابا كيرلس الخامس – ولم تعجب أبونا إبراهيم وساء فى عينيه أن يحدث مثل هذا فى دير صديقه المتنيح البابا كيرلس الخامس. (يمكنك أن تقرأ فى كتاب "سيرة المتنيح البابا كيرلس السادس" عن بعض من هذه الأشياء مثل طرد الرهبان السبعة من دير البراموس).
وفى إحدى زيارات البابا لدير أبو مقار وكان أبونا إبراهيم البراوى هناك وقام أبونا إبراهيم البراوى بإرتداء الثوب الحمصانى غالى الثمن ودخل المطبخ وجلس وبدأ يعمل (كان البراوى ماهرا فى أعمال الطهى وخاصة طواجن السمك) وهنا دخل عليه البابا فى المطبخ – لعل البابا كان يراقب تحركات البراوى ليفهم المغزى الروحى الذى أراد البراوى أن يعلمه إياه فوجده جالسا على كرسى المطبخ ويعمل غير مكترث بقيمة الثوب الذى يرتديه. فقال له البابا :"يا أبونا إبراهيم" الثوب الذى كنت أرتديه وأنا جالس على عرش مارمرقس ترتديه أنت وأنت جالس على كرسى مطبخ أبو مقار". فنظر اليه البراوى وقال:" صدقنى يا سيدنا إن كرسى مطبخ أبو مقار عندى أفضل من كرسى البطريركية. فقال له البابا: عندك حق يا أبونا إبراهيم!!!
ذكر هذا الموقف نيافة الأنبا ميخائيل مطران أسيوط والقمص زوسيما السريانى والمهندس كرومر (مكارى) وزوجته السيدة قمر ديمترى.
البراوى فى القدس:
روى المهندس إبراهيم جاد الله نقلا عن والدته المرحومة دميانة مكارى الذى يعتبر البراوى جدها ، أن القمص إبراهيم البراوى إشتاق الى زيارة الأماكن المقدسة التى عاش فيها السيد المسيح له المجد بالجسد وفى عودته أحضر هدايا لأحبائه ومن ضمنهم المرحومة دميانه أحضر لها ثلاثة صلبان خشبية مختلفة الأحجام مازالوا موجودين حتى يومنا هذا.
الذهاب الى براوة:
"تعهدات فمى باركها يا رب" (مز 119: 108).
لقد وعد القمص إبراهيم أخوه سليمان أنه بعد رهبنته سوف يزوره سنويا ليطمئن عليه. وبالفعل كان يزور براوة سنويا فى أيام الخماسين المقدسة ومعه بعض الرهبان وكان المقدس سليمان يذبح لهم خروفا كبيرا فور وصولهم. ولم يكن الاحتفال والاحتفاء بهم يقتصر على المقدس سليمان بل نقل أيضا الى أهالى القرية غير المسيحيين حيث أنهم كانوا يفرحون بقدومه ويذهبون اليه ليروه ، بل أن أكابر البلد منهم كانوا يستضيفونه وضيوفه عندهم ، حتى الشباب الصغير كان دائما يقابله ويسأله هل تعرفنى يا أبونا؟ فكان يقول لهم لقد خرجت من البلد وأنتم صغار أخبرونى أبناء من أنتم وأنا أعرفكم ، وكان عند المقدس سليمان خادم غير مسيحى يدعى عبد الله – أبو جلال – وكان يقول كنت أقوم على خدمتهم وأقوم بصب المياه على أيديهم أثناء غسلها وكانوا كلهم لابسين عمم سوداء.
لكن فى نهاية أيام أبونا إبراهيم كان يحضر بمفرده ربما لكبر سنه وربما لأن الكثير ممن كانوا يحضرون معه قد تنيحوا ، إلا أنه ظل محافظا على وعده حتى بعد نياحة أخيه ، حتى أخر زيارة التى ودعهم فيها ,وأخبرهم أنه ذاهب ليتنيح فى ديره.
دا صوت ملاك:
يبدو أن أبونا إبراهيم كان معتادا أن يصوم من خميس العهد حتى عيد القيامة لكنه فى إحدى المرات ذهب الى منزل ديمترى إبن أخيه بعد قداس خميس العهد لكى يتناول طعام الإفطار هناك وما إن وصل الى الشقة حتى قابلته الطفلة أسنات قائلة:" أنت جاى عندنا ليه ، يالا إمشى". فإنحنى وقال لها:"عندك حق يا بنتى مكانى مش هنا".
وسمعت أم الطفلة الحوار من الداخل فإنزعجت جدا وخافت من غضب أبونا إبراهيم على بنتها فركضت مسرعة فلم تجده ورغم أن ملابسها مملوءة بالدقيق والعجين بسبب الاستعداد للعيد إلا أنها نزلت الى الشارع مسرعة بحثا عنه فلم تجده أيضا فحزنت جدا وجلست تبكى قائلة إن إبنتى ستموت لا محالة الى أن جاء زوجها فوجدها على هذا الحال فهدأ من روعها قائلا :"أن أبونا إبراهيم لن يغضب من طفلة. لقد عاد ليكمل أيامه صائما حتى العيد". وبعد العيد ذهب أبونا إبراهيم اليهم فإعتذروا له عما بدر من إبنتهم فطمآنهم قائلا:"أنا لم أغضب من الطفلة لأنه لم يكن صوتها ، ده صوت ملاك".
فضائله
لقد كانت صلاته قوية نافذة لا تعرف المستحيل مبنية على إيمان قوى كالصخر بل وتنفيذا لمشيئة السيد المسيح له المجد فى الايمان :"إن كنت تستطيع أن تؤمن كل شىء مستطاع للمؤمن". هكذا كان هذا البار معروفا بقوة صلاته.
v لقد كان يصلى على القليل من الماء فيشربه المريض فيبرأ.
v لقد كان يصلى أن تحل البركة على إنسان فتحل.
v عندما كان يصلى أن يعطى الله نسلا لأحد كان الله يعطيه.
v صلى أن يقف القطار فوقف ، وصلى أن يتحرك فتحرك.
v وفى إحدى المرات جذب البابا يؤانس التاسع عشر يده عنوة لكى يصلى من أجله فصلى له لأنه كان يخشى غضبه.
حقا قال المتنيح البابا كيرلس السادس "الصلاة قادرة على كل شىء لأنها تحرك اليد التى تدير الكون".
ولقد سخر الله الشيطان أن يخبر أحد محبى أبونا إبراهيم البراوى عن قوة صلاة القديس فبمجرد أن ذكر إسمه أمام الشيطان إهتز وإرتعد إرتعادا عظيما ، ولم يستطع أن ينطق إسمه لكنه قال عن القديس ، لقد كان يقول :"ياأبانا الذى" فتصير مثل حجر ثقيل على قلوبنا ، عندما كان يقف ويصلى كان بيزعجنا ومكناش (لم نكن)نقدر نسمعه ، إحنا بالنسبه له كنا عيال ، كان بيزعجنا فى راحتنا .. ده إحنا إرتحنا منه ومن صلاته.
الى هذه الدرجة مجرد صلاة أبانا الذى (الصلاة الربانية) من فم هذا القديس كانت تزعج الشياطين ، كم من كلمات نرددها فى صلواتنا ولا نشعر بقوتها.
لقد طلب منا الله أن نصير قديسين كما هو أيضا قدوس ولا يمكن أن نصير قديسين إلا إن تقدسنا بالوقوف الدائم أمام الله القدوس ، لذا ينبغى أن نصلى كل حين ولا نمل. بل ينبغى أن نبدد ظلمة ليالينا بنور الصلاة كما علمنا مخلصنا "إسهروا إذا وتضرعوا فى كل حين".
هذا أيضا قاله الرسول بولس "صلوا بلا إنقطاع. إشكروا فى كل شىء". لأن هذه هى مشيئة الله فى المسيح يسوع من جهتكم".
لقد تقدس هذا البار بحياته مع المسيح أو داخل المسيح ولقد أظهر الله قداسته بالمعجزات التى صنعها الله إستجابه لصلاته. ولعل مشهد نياحته لهو خير دليل على قداسته من ناحية ومن ناحية أخرى على الربط بينه وبين حياة الصلاة ، لقد خرجت روحه فى أقدس لحظات وهو يصلى ساجدا أمام المذبح وقبل أن يصرف ملاك الذبيحة بل أن هذا إستجابة لصلاته.
التعديل الأخير بواسطة المشرف: