• حاران: حاران (في العربيّة : حرّان) مدينة تجاريّة قديمة في بلاد الرافدين (حز 27 :23)، على نهر بليخ وعلى ملتقى طرق القوافل الآتية من بابل إلى سورية ومصر وآسية الصغرى. كانت حاران مركزًا هامًّا لعبادة الإله القمر. هي مدينة أجداد ابراهيم ونقطة انطلاقه في هجراته (تك 11 :31؛ 12 :5؛ 24 :4 ي؛ 27 :43). يذكر 2مل 19 :12 أن الأشوريّين احتلوا حاران. ترتبط حاران بالأكادي حارانو أي الشارع. موقع حاران هو اسكي حاران (أي حاران القديمة) شماليّ غربيّ حاران الحاليّة التي هي قرية صغيرة (اسمها التركي : التينباصاك) جنوبيّ شرقيّ أورفا (أو الرها). سنة 1951 بدأت الحفريّات، فاكتشف المنقّبون مكتبة مهمّة تعود إلى الزمن الأشوري. ما هو تاريخ حاران؟ ذُكرت مرارًا في وثائق إيبلا كموقع تجاريّ ذات أهمّية معقولة. إذن، يعود وجود المدينة أقلّه إلى القرن الرابع والعشرين ق.م. نجد حاران في أرشيف ماري، في القرن الثامن عشر، وكانت عاصمة مقاطعة يجول فيها البدو الاموريّون. حوالى سنة 1500، كانت حاران جزءً ا من الدولة الحوريّة الميتانيّة، وصارت بعد سنة 1100 مركز تجمّع أراميّ. في عهد شلمنصّر الثالث (858-824)، ضُمَّت إلى أشورية وظلّت مركزًا إداريًا وعسكريًا هامًا في المملكة حتى نهاية الاشوريين. سنة 610، احتل حاران البابليون والمادايون. ثم إن المادايين سلبوها بهياكلها بمعاونة الاسكوتيين. فأعاد نبونيد (555-539) بناءها خلال الحقبة البابليّة. وكانت المدينة للفرس الاخمينيّين، ثم للسلوقيين الذين جعلوا فيها مستوطنة مكدونيّة. جاءها كراسوس، القائد الروماني، سنة 53 ق.م.، ومنها اجتاح بلاد الرافدين الفراتي، فهُزم فيها شرّ هزيمة. ولكن المدينة ضُمّت إلى الامبراطوريّة الرومانية مع مرقس اوريليوس (161-180 ب.م.). وفي حاران قُتل الامبراطور كركلاّ (211-217 ب.م.)، ساعةَ كان يزور هيكل القمر "سين" الذي ظلّ يُعبد فيها أقلّه حتى عهد الخليفة عبد الملك (685-705)، بل حتى القرن العاشر. بما أن هذه المدينة كانت على حدود البيزنطيين والساسانيين، فقد ظلّت مركز حضارة هلنستية حتى احتلال العرب الامويين للمنطقة وبداية العهد العباسيّ. وماذا عن ديانة حاران؟ لعبت حاران دورًا هامًا في تاريخ بلاد الرافدين كمركز دينيّ. فقد كانت، شأنها شأن اور، مدينة مقدّسة للاله القمريّ سين، الذي سيطرت عبادته منذ القرن الثامن عشر ق.م. فهناك نصّ من ماري يعود إلى هذا التاريخ فيذكر "معاهدة" عُقدت في هيكل سين في حاران. وقد تعبّد الاراميون للاله سين وسموه "شيا" أو "بعل حاران". زوجته كانت نكَّال التي يتفرّع اسمها من السومري "نين غال" (أي السيّدة الكبرى). هذا ما يدلّ على قدم عبادة القمر في حاران. والاله نوسكو الذي سمّاه الاراميون نسوخ، قد اعتُبر ابن سين ونكال. كان إلهَ الهلال القمريّ. ولقد تعبّد الملوك الأشوريون، ولا سيّمـا اسرحدون وأشور بانيبال (الذي كانت أمّه وجدته نقيّة زكوتو أرامية من بلاد الرافدين العليا)، تعبّدًا عظيمًا للاله العظيم في حاران. وكذلك فعل نبونيد الذي أعاد بناء هيكل أخلخل المكرّس للمثلّث القمري (كانت أم نبونيد الكاهنة العظمى فيه). وكان الملوك العظماء يسألون "سين" و "نوسكو" أقوالاً إلهية. وكان على الحالف كذبًا أن يدفع لخزانة سين ونكال غرامة من الذهب أو الفضّة أو الجياد. وقدِّمت في هياكل حاران ذبائحُ الأطفال كما يقول الكتّابُ المسلمون الأولون الذين يذكرون في هذه المناسبة السبأيين في حاران. تحمل زوجة اسحق (تك 25 :20) اسمًا أراميًا (ر ب ق هـ، رج "ر ب ض في العربية، رقد، "ر ب ض ت"). واسم أبشالوم (حوالى سنة 900) الذي هو اسم ملك جوزان، يوجّه أنظارنا إلى المنطقة عينها (2صم 3 :3؛ 13 :1-4، 22...) ويفترض اتصالات مُتشابهة بين أورشليم والعواصم الأراميّة في بلاد الرافدين العليا. ووجود بعض الاسرائيليّين المسبيّين بيد الأشوريين إلى جوزان، ثبّت الاعتقاد بعلاقات أجداديّة بين أهل أرام النهرين واسرائيل ويهوذا. 1}
أعلى