• عمون: عمون عمونيون قبيلة أموريّة أقامت في القرن الثاني عشر ق.م. على حدود بلقاء الحاليّة قرب مجرى يبوق العالي. طردوا أو أفنوا سكان البلاد الإصليّين (رفايم. أو سمّاهم العمونيّون زمزميم : تث 2 :20). كانت ربّة عاصمة العمونيّين. وهناك خبر شعبيّ يجعلهم يتحدّرون من بن عمي وبالتالي من لوط. وهذا يدلّ على أصلهم الأرامي. كانت حروب (تك 19 :30-38) بين العمونيّين والإسرائيليّين في أيام القضاة (قض 3 :13 : حالفوا عجلون ملك موآب، قض 10 :6-9؛ 11 :1-12 :4 : قهرهم يفتاح) وشاول (1صم 11 :1-11 : ناحاش العموني هاجم يابيش جلعاد) وداود (2صم 10 :1-11؛ 12 :26-31 : أساؤوا معاملة رسل داود فاحتلّ ربة). ومع أن داود اعتمر تاج عمون (2صم 12 :30)، لا نستطيع أن نقول إن العمونيّين خضعوا له. ثمّ إنّه ليس بأكيد أن العمونيّين اجتاحوا أرض يهوذا في أيام الملك يوشافاط (2أخ 20 :1-30). إلاّ أنّهم دفعوا الجزية لعزريا (2أخ 26 :8) ويوثام (2أخ 27 :5). بعد هذا، سقط العمونيّون (بيت عماني كما في النصوص الأشوريّة) في يد الأشوريّين. يخبرنا نص شلمنأسر الثالث عن ملك عموني (بعسا ابن روحوبي) غُلب سنة 548. ثمّ ان تغلت فلاسر الثالث (745-726) قبلَ الجزية من الملك العموني شنيفو. وأسرحدون (681-668) من فودوايلو، وأشور بانيبال (668-625) من عمندبي (مذكور على ختمين). إذاً كان للعمونيّين سلالة ملكيّة وقد خضعوا لأشور ثمّ لبابل في أيام المملكة البابليّة الجديدة. وبناءً على طلبها هاجموا يوياقيم (2مل 24 :2). وبعد دمار أورشليم، أرسل الملكُ العموني بعليسَ اسماعيل ودفع له المال ليقتل جدليا الحاكم اليهوديّ (إر 40 :14؛ 41 :1ي). بعد هذا صار العمونيّون، مثل يهوذا، مقاطعة في المملكة الفارسيّة. وامتدّت أرضها إلى الغرب حتى الأردن. وبعد الفرس خضع العمونيّون للملوك الهلينيّين. ويذكر 1مك 5 :1-3 صراعًا بين عمون ويهوذا المكابي (تحالفوا مع السامريّين، ولكن يهوذا قهرهم : 1مك 5 :1-7). وفي سنة 64 ق.م. كانت عمون تحت سلطة الرومان، بعد أن حكمهم ملك ظالم هو زينون كوتيلاس. قال الأنبياء خطبًا عديدة يهدّدون فيها عمون : عا 1 :13-15؛ صف 2 :8-11؛ إر 9 :25؛ 49 :1-6؛ حز 21 :33-37؛ 25 :1-7. لم نجد وثائق عمونيّة مكتوبة. ولكن أسماء العلم المحفوظة في النصوص الأشوريّة تبيّن أن اللغة العمونيّة قريبة من الكنعانيّة (والعبريّة) مع انتمائها إلى المجموعة الأراميّة (نعرف اللغة الموآبيّة من نصب ميشع). أما الإله الوطني فهو مولخ ( ملكوم. رج ملك) الذي بنى له سليمان مذبحًا على المشارف (كما كان للموآبيّين الاله كموش : 1مل 11 :7؛ لا 18 : 21؛ 20 :2-5؛ 2صم 12 :30). كان مولخ إلهًا رهيبًا وكانوا يذبحون له الأولاد (2مل 16 :3؛ 17 :17؛ 21 :6). نشير إلى أن عاصمتهم ربة صارت فيلدلفية إكرامًا لبطليموس فيلدلفوس. بعد القرن الثالث ق.م. زال العمونيّون من التاريخ وانضمّوا إلى البدو المقيمين في الصحراء، في شرقيّ الأردن. بعد هذه النظرة السريعة التي استندت بشكل خاص إلى الكتاب المقدس، نتوسّع في ثلاثة أمور : الجغرافيا، التاريخ، الحضارة. 1) الجغرافيا أو الشعب والأرض. كان العمونيون قبيلة من أصل أموريّ (عد 21 :21 -32؛ رج قض 11 :13) أقاموا في ما يسمّى الاردن الحاليّ. ونحن نجد المواد الاركيولوجيّة في عمان، المقبلين. سحاب، خربة الحجّار، تل سيران، تل العميري، ثم تل حشبان (حشبون) في الجنوب الذي يبعد 26 كلم إلى الجنوب الغربيّ من عمّان، ثم البقيعة الاردنيّة التي تقع شماليّ غربيّ عمّان. وأخيرًا في الغور : دير علا، تل المزار، تل السعِيدية. إن اسم عمون يرتبط باسم المكان "عمّان" الذي نجده في "كتاب" الاسمائيات الاموريّ والذي احتفظت به عمّان عاصمة الاردن الحالي. العمونيون هم "بنو عمّون" وقد أقاموا في أرض البلقاء الخصبة، التي كانت في الوقت عينه منطقة مرور. فإن ربة، العاصمة العمونيّة "ر ب ت. ب ن ي. ع م و ن" (تث 3 :11؛ 2صم 12 :26؛ 17 :27؛ إر 49 :2؛ حز 25 :5) أو " ر ب ت. ع م ا ن ا" كما في بردية زينون، بوليبيوس 5 :71؛ اسطفانس البيزنطي (عمّان الحالية)، كانت مركز تجارة تمرّ فيها القوافل، مع نبع ماء معروف منذ القدم. وكانت تلتقي فيها طريقان قديمتان : "الطريق الملكية" و "طريق القوافل" (قض 8 :11) التي تأتي من بلاد الرافدين الجنوبيّة ومن عرابية الشمالية الشرقية، فتمرّ في واحة الجوف (دوما) ووادي سرحان، وتتواصل من عمّان إلى الغرب باتجاه أريحا وأورشليم. إن هذا الموقع على ملتقى الطرق التجاريّ جعل من عمّان مورد ربح هام وغنى كبير (رج 2صم 12 :30؛ 1أخ 20 :2). وفي الوقت عينه ترك المنطقة مفتوحة لجميع العابرين. لهذا، أحيطت أرض عمون في القرن 7-6 بسلسلة من الحصون شُيّدت الواحد تجاه الآخر. وبين الحصون العديدة الموجودة حول عمّان (قيل أنها تعود إلى عصر الحديد) هناك ثلاثة في رجم الملفوف الجنوبي، ورجم المَخيزين، وخربة الحجّار. هي تعود بلا شكّ إلى القرن 7-6. هذا يفترض ان سائر الحصون (أو : الابراج) المدوَّرة أو المربّعة تعود إلى الزمن نفسه، هذا مع العلم أن التأريخ الروماني لبرج الملفوف الشمالي يدلّ على أن هذه الطريقة في الدفاع ظلّت ثابتة على مدّ العصور. 2) التاريخ. ما زلنا نجهل الكثير من تاريخ العمونيّين بسبب غياب المراجع الاكيدة. فانتقالهم إلى حياة الحضر يرتبط بمسألة القبائل الاسرائيلية (رأوبين، جاد). فقبيلة رأويين كانت موجودة في زمن دبّورة (قض 5 :15-16)، ولكنها تفكّكت بعد ذلك الوقت بقليل (1أخ 5 :10)، وما احتلّت إلاّ الغور الغربي في منطقة أريحا. أما المنطقة الأولانية التي أقامت فيها قبيلة جاد (أرض يعزير، عد 32 :1؛ 2صم 2 :5، المحصورة بين ممتلكات عمون) فقد صارت للعمونيين (إر 49 :1-5) في نهاية القرن 8، ساعة دخلوا إلى جلعاد (عا 2 :13-15). منذ الحقبات الأول لانتقالهم إلى حياة الحضر، في القرن 9 تقريبًا، حاولوا الامتداد إلى شمال يبّوق في جلعاد، فكان قتال يشير إليه قض 10 :7-11 :33؛ 1صم 11 :1-11. وحاول العمونيون أيضاً أن يمتدّوا نحو الجنوب. إن حشبون (26 كلم إلى الجنوب الغربي من عمّان) كانت في القرن 7-6 مدينة عمونيّة أخذ منها عد 21 :27-30 نشيد انتصار قديمًا ينشد انتصار الحشبونيّين على الموآبيّين. قد يكون هذا النشيد سابقًا لمسلّة ميشع، ملك موآب، فيعود إلى القرن 9، وقبل حكم سلالة عمري في مملكة اسرائيل. أما حملات داود على عمون، فالسبب الحقيقيّ ليس المعاملة السيّئة لوفده على يد حنون بن ناحاش، ملك العمونيين (2صم 10 :1-5؛ 1أخ 19 :1-5)، بل الرغبة في الاستيلاء على ميدبا (1أخ 19 :7؛ رج 2صم 10 :6-14؛ 1أخ 19 :7-15)، وربّة عاصمة عمّون (2صم 11 :1؛ 12 :26-31؛ 1أخ 20 :1-3) التي كانت تسيطر على الطرق التجاريّة ولا سيّما "الطريق الملكيّة". إن احتلال أرض عمون بيد داود، فرض على السكّان السخرة. ولكن هذا الاحتلال كان موقتا (2صم 12 :31؛ 1أخ 20 :13). لا شك في ان سليمان تزوّج نساء عمونيات (1مل 11 :1-7)، وكانت أم رحبعام أميرة عمونيّة (1مل 14 :21). غير أن هذه الزواجات تدلّ فقط على علاقات طيّبة بين بلدين مجاورين. ويمكن أن يكون نعمة العمونية (1مل 14 :21) بنت "شوبي بن ناحاش من مدينة ربّة عاصمة بني عمون" (2صم 17 :27) الذي جاء يسلّم على داود في محنائيم خلال ثورة أبشالوم. ونستطيع أن نفترض، دون براهين مباشرة، أن داود سلّمه التاج العموني. إذا وضعنا جانبًا سيحون الحشبوني الذي ملك في بداية القرن 9 (عد 21 :21-32)، يجب أن ننتظر القرن 8 لنجد في مراجعنا ملكًا عمونيًا. إن الظلام الذي يلفّ هذه الحقبة، يرتبط بسيطرة بني عمري وياهو على هذه المنطقة. أما أول ذكر لملك عمونيّ في الوثائق الأكادية، فيتوافق مع نهاية مملكة السامرة. نعرف ان الملك شنيفو دفع الجزية لتغلت فلاسر الثاني سنة 729-728. ونجد اسم هذا الملك على تمثال حفيده : "تمثال يريح عازر، بن زكور، بن شنيفو". ولكن يريح عازر لم يكن خلف شنيفو، لأن العرش العموني بين سنة 701 وسنة 677، كان في يد فودوإيلو الذي نعرفه بفضل ختم أحد وزرائه (ف د إ ل ) ومدوّنات سنحاريب واسرحدون (فودوايل). أما خلفه فكان عميناداب الأول (عمنيدبي) الذي عُرف أيضاً في أختام وزرائه (ع م ن د ب) ومدوّنات أشور بانيبال (عم - مي - نا - اد - بي) الذي دفع له الجزية سنة 667. وقد يكون ذُكر عميناداب هذا في نش 6 :12 (إذا اعتبرنا الكلمة العبريّة اسم علم) الذي يدلّ على غنى القصر العمونيّ في ذلك الوقت. وسمِّي أيضاً على قنينة شهيرة في تل سيران تعود إلى سنة 600 تقريبًا، مع أن تحليل الكربون 14 يعود بنا إلى سنة 400. إن المدوّنة المحفورة على هذه القنينة البرونزيّة تذكر ثلاثة ملوك عمونيين : عميناداب الأول، حصّيل ايل، عميناداب الثاني (حكموا حول سنة 600 ق.م.). وقد نجد اسم الملك عميناداب في مدوّنة ناقصة في مسرح عمان. "عميناداب ملك بني عمون". وهكذا نكون أمام اسم المُهدي العموني لختم قدّم لعشتار، إلاهة صيدون. فالملك العمونيّ الذي أرسل وفدًا إلى أورشليم سنة 594 (إر 27 :3) قد يكون بعليس الذي قتل جدليا (إر 40 :14). وهو يُعرف في كتابة وُجدت في تل العميري (ب ع ل ي ش). إن سبب هذا الاغتيال (إر 40 :14)، يرتبط بسياسة الملك العموني المعادية لبابل (إر 41 :3، 18). وهذا ما ينعكس أيضاً في قول حز 21 :24-27، حيث نعرف أن صدقيا، ملك يهوذا، حاول أن يلتجئ إلى العمونيين (2مل 25 :5)، وأن العمونيين استقبلوا لاجئين يهوذاويّين (إر 40 :11-12). حسب فلافيوس يوسيفوس (العاديات 10 :181-182)، تغلّب نبوخذنصر الثاني على العمونيين والموآبيين سنة 582-581 وهي السنة التي سُبي فيها يهوذاويون آخرون حسب إر 52 :30. يجب أن نجعل قول حز 25 :1-7 قبل هذا التاريخ. وهذا يعني أن العاصمة العمونيّة لم تكن بعد هُوجمت على يد البابليين (اوستراكة حشبونية، 4 :1، يُذكر فيها ملك). ماذا بعد هذا من التاريخ العموني؟ هذا ما نجهله. ولكن عندما عادت مجموعة جديدة من اليهوذاويين من بابل، وأرادت أن تعيد بناء أسوار أورشليم، قاوم نحميا مؤامرة "طوبيا العبد (الوزير) العموني" (نح 2 :10، 19؛ 3 :35؛ 4 :1؛ 6 :1، 12-19؛ 13 :14-18) ومنع زواج اليهود مع النساء العمونيات (نح 13 :23). حصل هذا سنة 445 أو 385، أي بعد السنة العشرين لحكم ارتحششتا الأول أو الثاني (نح 2 :10). ولقب "العبد العموني" الذي أعطي لطوبيا يدلّ على أن أرض عمون كان يحكمها حاكم من عائلة طوبيا المحلّية. ففي زمن بطليموس الثاني فيلدلفوس (282-246) الذي سمّى عمّان باسم فيلدلفية، تذكر برديات زينون طوبيا آخر حكم في "مدينة العمونيين القويّة". هذا الاسم الواحد يدلّ على تواصل في سلالة حكّام أرض عمون في القرن 4-3. وحين برزت مرّة أخرى مقاومة العمونيين لليهود في عهد يهوذا المكابيّ، كان على رأسهم قائد اسمه تيموثاوس (1مك 5 :6). وكانت نتيجة هذا الصراع ضم المناطق الغربية لأرض عمون إلى المملكة الحشمونيّة (1مك 5 :7، شكلت البيريه). في سنة 134 تقريبًا كان زينون كوتيلاس حاكمًا في عمّان (يوسيفوس، العاديات 13 :235؛ الحرب 1 :60). وخلفه ابنه تيودورس (العاديات 13 :356؛ الحرب 1 :86). بعد الاحتلال الروماني للمنطقة سنة 63 ق.م.، ضُمَّت العاصمة العمونيّة إلى ديكابوليس أو المدن العشر. سنة 66 ب.م.، عارض سكّان "فيلدلفية" يهود البيريه. وسنة 106، ضُمت المدينة والمنطقة إلى مقاطعة عرابية الرومانيّة. ويقول القديس يوستينوس (حوار مع تريفون 119) الذي عاش في القرن الثاني ب.م.، إن الشعب العمونيّ كان بعد كبيرًا في أيامه. 3) الحضارة والدين. تتميّز الحضارة العمونيّة بوجود مركز مديني محصّن ومنطقة زراعيّة واسعة (2أخ 27 :5). لا نعرف سماتِها المميّزة بسبب غياب الوثائق الكثيرة المكتوبة التي تعود إلى العمونيين. هي تتوزّع بين القرن 9 والقرن 5 ق.م.، بانتظار المدوّنات الهلنستية واليونانيّة. دُوّنت معظم الوثائق القديمة في اللغة العمونيّة وهي لغة قريبة من الفينيقيّة والعبريّة. وُجدت هذه الوثائق في عمّان، حشبون، تل المزار، كما وجدت في كلح، في أشورية، حيث قدّم موقع نمرود اوستراكة عمونيّة تعود إلى القرن السابع. ودوّنت كتابات في لهجة أراميّة : نص على الجفصين في دير علا، يعود إلى القرن 8. واوستراكات وُجدت في حشبون. ملكوم هو الاله العموني العظيم. نجد اسمه في التوراة وعلى مدوّنة تعود إلى القرن 9 وقد وُجدت في قلعة عمّان. هو ملك إلهي تماهى مع هرقل وملقارت. وهناك مدوّنة يونانية في عمّان تذكر هرقل. وأخرى تذكر اثينة أو مينرفا التي تماهت مع اللات الالاهة العربيّة. وعُرفت عبادة عشتار في ختم عموني وفي نص استفانوس البيزنطيّ. وتكشف الأسماء العمونيّة عبادة إيل الذي لعب دورًا هامًا في دير علا. هذا ما يثبت معلومة عد 22 :5 (ع م ا و ) حول الاصل العموني للرائي بلعام بن بعور. 1}
أعلى