• جازر: جازر الحظيرة. مدينة كنعانيّة قديمة. تقع على طريق القوافل من مصر إلى الشمال. احتلّها أو حصّنها تحوتمس الثالث. ولكنّها صارت مستقلّة في أيام تل العمارنة وفي القرن 13. يورد يش 10 :33؛ 12 :12 أن بني إسرائيل غلبوا ملك جازر. وجُعلت جازر لافرايم (يش 16 :3؛ 1أخ7 :28)، واعتُبرت مدينة كهنوتيّة (يش 21 :21؛ 1أخ 6 :52). ولكن بني اسرائيل لم يحتلّوا يومًا جازر (يش 16 :10؛ قض 1 :29)، ولا هي وقعت بين أيديهم إلاّ حين أعطاها الفرعون مهرًا لابنته التي صارت زوجة سليمان الملك. حصّن سليمان جازر (1مل 9 :15-17)، ثمّ صارت لمملكة الشمال (يش 16 :3؛ 1أخ 7 :28) إلى أن ضمّها الأشوريّون إلى بقيّة شفاله (أي منطقة الساحل). تنازع عليها المكابيّون والسلوقيّون بضراوة بسبب موقعها الستراتيجي. وحصّنها بكيديس (1مك 9 :52). ولكن سمعان احتلّها (1مك 13 :43. نقرأ جازر لا غزة مع المؤرّخ يوسيفوس 14 :7، 34؛ 15 :18-35). أقام فيها يوحنا هرقانوس. اكتُشفت المدينة القديمة في تل جازر (تبعد 8 كلم إلى الجنوب الشرقيّ من رمله)، وقرب ضيعة عربيّة قديمة هي أبو شوش. وبدأت فيها التنقيبات منذ سنة 1902. فبرز مكانُ عبادة كنعاني والمقبرة الملكيّة وقناة تحت الأرض وروزنامة جازر الزراعيّة، ولوحات طينيّة مع كتابات مسماريّة (عقود) واوستركات مع أولى الكتابات الأبجديّة. واكتُشفت أيضاً مغاور عديدة. نوضح هنا أن جازر كانت على ملتقى الطرق التجاريّة التي تنطلق من مصر، فتحاذي البحر بين غزة وعسقلون (أشقلون) ويبنة وأفيق، وتنطلق إلى دمشق وبلاد الرافدين. وسمّيت "طريق البحر". والتي تصعد من يافا واللدّ وعماوس وبيت حورون إلى أورشليم. ظهر اسم جازر أول ما ظهر في حوليّات الفراعنة : تحوتمس الثالث، امينحوتب الثاني، تحوتمس الرابع. في القرن الرابع عشر، تحدّثت رسائل تلّ العمارنة عن العلاقات بين أمراء جازر وامينحوتب الثالث والرابع (اخناتون). وحين قاد منفتاح حملته سنة 1220، حفر على مسلّة هذه العبارة : "أُخذت جازر". وحين دخل بنو اسرائيل إلى كنعان، ظلّت جازر للفلسطيين على ما نقرأ في يش 16 :10 : "ولم يطردوا (أي : بنو اسرائيل) الكنعانيّين المقيمين بجازر". في الواقع، إن الفرعون سيامون أخذ جازر "وأحرقها بالنار... ووهبها مهرًا لابنته زوجة سليمان" (1مل 9 :15، 17). بعد موت سليمان، أخذ الفرعون شيشق المدينة التي يرد اسمها بين المدن المحتلّة (في هيكل الكرنك، 2أخ 12 :4). بعد ذلك رُسمت جازر على جدار قصر تغلت فلاسر الثالث الذي حاصرها خلال حملته الثالثة على أرض فلسطين سنة 734. ماذا دلّت التنقيبات؟ أقام السكان الأولون في جازر في الحقبة الكلكوليتيّة (الانتقال من الحجري إلى البرونزي)، في مغاور طبيعيّة وفي خيام. في الحقبة البرونزيّة القديمة (III-II)، عاد السكّان إلى جازر بعد أن تركوها. كانوا كثُرًا فازدهرت المدينة مع أنه لم يكن لها أسوار. ثمّ تُركت المدينة خلال 600 سنة. في البرونز الوسيط، بُنيت قرية غير محصّنة. وفي مرحلة تالية، شيِّدت الأسوار. ولكن الحريق دمّر المدينة في نهاية هذه الحقبة. وهكذا بدت جازر مقفرة في البرونز الحديث. كلّ ما نجده هو فخاريات جاءت من مصر أو قبرص. واستعادت المدينة الحياة في القرن الرابع عشر، أي في زمن تل العمارنة. وبُنيت أسوار. ولكن المدينة احترقت أيضًا في نهاية حقبة تل العمارنة. وعادت المدينة تزدهر في زمن الحديد، ببيوتها ذات الرواق الداخليّ، وأهراء القمح، ومعاصر الزيت. في منتصف القرن العاشر، دمِّرت جازر. ولكن في نهاية ذلك القرن عاد إليها المحتلّون الجدد ومنهم بعض قبائل اسرائيل. عرفت المدينة بعض الانتعاش في الحقبة الفارسيّة، ولكنّها لن تأخذ مركزها الهامّ إلاّ في زمن الحروب المكابيّة. نعرف من ملوكها ثلاثة. هم : ملكيلو وابناه بعلوشفتا ويفحو. كتبوا عشر رسائل إلى امينحوتب الثالث وامينحوتب الرابع (رسائل العمارنة 267-271، 292، 297-300، 378). واتصلوا بأمراء شكيم وجنتي كرمل من أجل مراقبة السهل الساحليّ والجبال الوسطى (245، 253). ولكنّ سقطت المعاهدة، فصار ملكيلو حليفًا صادقًا لمصر، وقد طلب منه الفرعون الجواري والمحاصيل الثمينة. بل هو سينزل إلى مصر ليدلّ على ولائه. في ذلك الوقت، هاجمته جماعة عابيرو. ولما مات لعايو، أمير شكيم، رأس ملكيلو حلفًا جديدًا تألّف من أمراء حبرون، جنتي كرمل، عسقلون، جت، كايلا، لخيش، وأبناء لعايو، وعابيرو (287، 290). احتلّ الحلف الجديد روبوتو وبيت نينورتا (بيت لحم، 289). وبرزت معارضة من أمير أورشليم (287). ثمّ انهار الحلف قبل موت ملكيلو بقليل. أما ولداه فظلاّ موالين لمصر. 1}
أعلى