أتذكر اليوم حبيبي "أمير" .....
تعرفت عليه منذ حوالى سبع سنوات
شاب فى العشرينات .... كان يعيش حياته بالطول والعرض ..... جميل الصورة ..... مناضل فى كل شيئ ..... لا يقبل إلا النجاح فى كل شيئ
مسيحيته كانت, مثل الأغلبية منا, مجرد خانة فى بطاقة الهوية.... لا أكثر ولا أقل
عاد من أحدى السهرات وهناك شيئ بداخلة, مجرد فتيلة مدخنة, فلم يكن راضيا عن نفسه ....
نظر إلى السماء معاتبا الرب: إلى متى ستظل تتركنى هكذا ؟؟؟؟
كانت تلك الكلمات كافية لتحرك مشاعر الرب .....
فى ثانى يوم ذهب لعمله كالمعتاد ..... وكان له أسبوع فقط فى هذا العمل..... وكان ذلك فى بناية تحت الإنشاء ..... كان مطلوب منه قياس بعض الأعمال وكان ذلك فى بلكونة لم يتم بناء جدرانها بعد .... ودون أن يدرى كان يتحرك للخلف ..... وسقط من الدور الأول إلى مدخل جراج بدروم البناية ...... وكانت أصابتة بتهشم الفقرة الثالثة من العمود الفقرى ........
أصيب أمير بالشلل الرباعى .... لا إحساس فى اليدين .... لا أحساس بالنصف السفلى من جسدة ..... لا تحكم فى التبول ..... عدم القدرة على التبرز .....
فى لحظة تحول إلى جسمان يتنفس بداخله قلب ينبض
جاء إلينا أمير فى الكنيسة محمول على مقعد ............ لكنه كان يبتسم .... بل كان يضحك ونحن جميعا نغالب دموعنا ............ لكنه قال لنا عبارة لن أنساها ...." أمير بعد الحادث أفضل من أمير الذى كان قبل الحادث " ................كان سعيداً وممتلئ بالسلام
عدت مع أمير إلى منزلة لأشارك فى خدمته .... وما رأيته أصابنى بالهلع .... ظروف الحياة لا يمكن لإنسان أن يتحملها ..... خاصة عملية التبرز ..... فقد كان يأتى ممرض ليخرج البراز بأصبعه .... وكان الأمر مريعا حتى إنى كدت أبكى ..... لكنه كان يبتسم ....
تواصلت علاقتى مع أمير .... وأخذت بركة الخدمة معه .... ليس كخادم ... بل كمخدوم
لقد علمنى ما عجز عنه عمرى الطويل على أن يتعلمه .... علمنى إن سعادة الإنسان تأتى من الداخل ..... وليس من الخارج
كانت مشكلة أمير التى رفضها هى أن يظل راقداً بالفراش .... رفض هذا .... بل رفض أن يكون عالة على أحد .... رفض أن يكون مشلول النفس .... أما شلل الجسد فهذه بركة نالها من الرب المحب الذى أستجاب لسؤاله: إلى متى ستظل تتركنى هكذا ؟؟؟ وكانت الأجابة سريعة .... والأفتقاد الإلهى أمات أمير التارك مسيحه وخلق أمير جديد مرتبط بمسيحه
ظل أمير فى رفضه لشلل نفسه.... واعطاه الرب كرسي بمحرك كهربائي يستطيع أن يتحرك به .... وقام بتنفيذ مزلقان على درج المنزل لينزل عليه إلى الشارع .... وكان يطوف الشوارع باحثا عن محل صغير .... وبالفعل أعطاه الرب سؤال قلبه ..... فقام بتجهيزة وجعله محل لعب أطفال وحلويات .... فأنه يعشق الأطفال .... وصنع حوله جيش من المحبين .... صغار وكبار ..... رجال ونساء ..... صبيان وبنات .... مسيحيين ومسلمين ..... صار أمير مثل عمدة الشارع .... من فى ضيقة يأتى إليه ليبث إليه ضيقاته .... والمحتاج يأتى إليه ليقترض منه ..... وكم من بنات أحبوه وعرضوا عليه الزواج .... رغم علمهن بعجزة نتيجة الأصابة .... لكنه رفض رغم إلحاحى عليه بالقبول ..... لكنه كان أبعد منى فكرا .... أنه لن يكون ظالماً لأحد
يعمل لدى أمير إثنين من الشباب .... يتقاضون أجر يصل لألف وخمسمائة جنية .... ويسدد إيجار المحل الذى يبلغ الثلاث مائة جنيه .... بخلاف الضرائب وقيمة الرسوم البلدية والنظافة, بخلاف مصاريف أدويته, التى تصل إلى خمسمائة جنيه شهريا.... بخلاف مصاريفه الخاصة .... كل هذا من محل 1 × 2 متر .... فقط ....................
أنه الرب