آن للشيطان أن يستريح ..

soul & life

روح وحياة
مشرف سابق
إنضم
28 نوفمبر 2011
المشاركات
10,525
مستوى التفاعل
3,000
النقاط
113
الإقامة
باريس الشرق
ألم يحِن الوقتُ لكى يستريح الشيطانُ بعد قرون من العمل الدءوب، بلا نوم ولا تعب، من أجل تضليل البشرية؟ أظنُّ أن عليه أن يتقاعد الآن لأن نفراً من أتباعه قد بذّوه وتفوّقوا عليه آتين بما لا يقدر على فعله، لو كان بشراً.


فى يونيو ٢٠١٤، وقت بدايات استفحال «داعش» المذمومة، تيقّنتُ أنها كُرة من الثلج تنتفخ وتكبر مع الوقت، ومن الخطر السكوت عليها. لكن المجتمع الدولى صمت لأسباب متباينة.

بعض الدول صمتت استهانةً بهذا التنظيم، والبعض الآخر صمت لأن «داعش» تحقق مصالحها الاستعمارية.

وفى يوليو ٢٠١٤ حين بدأت شاشات الحواسيب توثّق جرائمَهم الفجّة، كتبتُ مقالاً عنوانه: «أيها الشيطانُ قَرّ عيناً»، فى إسقاطة لاطمئنان الشيطان لما يفعله أولئك الآبقون من مظلة الإنسانية نحو فجاج الضوارى الناهشة. أراجعُ الآن مقالى ذاك وأبتسم! لأن «داعش» وقتها كان ما زال تنظيماً «طفلاً» قبل انفصاله فى فبراير ٢٠١٤ عن تنظيم القاعدة.

المضحك المبكى هو أن «القاعدة» تبرّأت من «داعش» بسبب وحشية الأخيرة التى استنكرتها القاعدةُ نفسها (!)، التى كانت تتبنى «الإرهاب الوسطى الجميل» كما قال ساخرٌ حزين. الآن، وقد بلغ «داعش» ذاك المبلغُ المقزز من الإجرام والانحطاط كما شاهدنا فى نحر شهدائنا المصريين فى ليبيا، ومن قبلهم حرق الطيار الأردنى حياً، ماذا عسانا أن نكتب؟!


كان الجيل الأول من الحروب يعتمد على أن تغزو قبيلةٌ قبيلةً، والبقاءُ للأقوى، شأن الضوارى فى مملكة الحيوان. ثم تطور مع اختراع الإنسان الرصاصة والبارود مع الثورة الصناعية لتضربَ دولةٌ دولةً عن بُعد فى حروب معلنة نظامية، كما شاهدنا فى الحربين العالميتين اللتين أسفرتا عن ملايين الضحايا من بنى الإنسان.

بعد ذلك جاء الجيل الثانى من الحروب مع ظهور القُطبية العالمية. وتلك الحروب تعتمد على القوى الناعمة والتأثير النفسى والحروب الإعلامية كما شاهدنا فى الحرب الباردة التى أسفرت عن سقوط المعسكر السوڤيتى وانفراد أمريكا بسيادة العالم.

ابتكرت أمريكا بعدئذ ما أسمته الحرب على الإرهاب، وهو الجيل الثالث من الحروب، حيث ضربت أفغانستان للقضاء على حركة «طالبان» الإرهابية، ثم العراق، بحجة امتلاكه أسلحة نووية. وهذا الجيل من الحروب يسمح بالضربات العسكرية الوقائية والاستباقية، غير المبررة أحياناً.

حتى حلّ الجيلُ الرابع من الحروب، الجيل «الداهية»، وهو ما نعيشه الآن وتبرع «داعش» وأزلامها فى أدائه لصالح دول تنظر إلى المنطقة العربية باعتبارها بؤرة مزعجة لاستقرار المجتمع الدولى بما نمثله نحن العرب من فوضى وعشوائية وانحطاط فى التعليم ونزعات طائفية وعنصرية.

فارتأت أمريكا، بعد ١١ سبتمبر، أن إفناء تلك المنطقة الجاهلة المزعجة لا يأتى بقنبلة نووية مكلّفة تضعها فى مأزق مع الرأى العام العالمى ، ولا بحرب باردة شأن ما فعلت مع الاتحاد السوڤيتى المثقف، بل عن طريق زرع ڤيروس داخلى فى جسد المنطقة العربية ينخر فى نخاعها حتى تُبيد نفسَها بنفسِها.

الجيل الرابع من الحروب يعتمد «الخرافة» والتغييب العقلى وخلخلة النظم وتخريب المؤسسات وإنهاك القوى الأمنية للدول المستهدَفة. ولم تجد أمريكا أفضل من الإخوان والجماعات الجهادية التكفيرية التى تبلورت أخيراً فى «داعش» لتنفيذ هذا المخطط الغبى، تحت مسمى نصرة الإسلام بينما هم هادموه، والسبب الرئيس الآن لخروج الناس من ثوب الإسلام نحو فضاء الإلحاد المطلق، أو لاعتناق ديانة أخرى مسالمة، أو نحو اللادينية، أو نحو اللا-أدرية.


أعتى أنواع الغباء هو أن تسعى بنفسك لكى تكون أداة طيّعة فى يد عدوك ليقتلك بها. أثق فى أن نهاية هذا الميكروب الداعشى السرطانى سوف تكون على يد نسورنا فى الجيش المصرى العظيم، اللهم استجب.
آمين
 
أعلى