الأخ الفاضل اليعازر :
في كلامك مقاطع شدتني بقوة .. لأنني و ببساطة عشتها ...
كنت دائماً أصطدم بين كتب السيرة وتفاسير القرآن وحال المسلمين المزرية..كنت أعزي نفسي بأن الخطأ في التطبيق وليس في الدين نفسه...كان كل شيء مقدس قي الإسلام ومحرمات لا يجب التطرق إليها- الله الجنة النار- محمد- الصحابة-زوجات محمد..ولكن هذا الأمر لم يكن كذلك بالنسبة إلي، فكان محاوري من الأقارب أو المعارف الملتحين ينتهي الجدال بيني وبينهم إلى طلاق فكري وختامه كلمة (الله يهديك) .
أكثر نقاشاتي في هذا الموضوع بالذات بدأت مع بداية مرضي و عزلتي ... و لكن سواء كان النقاش حواراً مباشراً او عبر النت فطريقتهم واحدة :
1- هذا سكت عنه السلف فيسعك ما وسعهم = لا تناقش
2- هذا من المعلوم بالدين بالضرورة لا ينكره إلا جاحد = لا تناقش
3- هذا بحر عميق من خاض فيه غرق = لا تناقش
إلى آخر محاولات التسكيت و الإخراس التي يتعرض لها الإنسان ...
في أحد الأيام جاءني أحد الأقارب من طرف زوجتي وأهداني كتيب يجمع الآيات والأحاديث التي تحرم الموسيقى والعمل بها وتدريسها ...فأصبحت بعد هذه الآيات والأحاديث وكأنني الشيطان نفسه. (طبعاً كنت أعرف من خلال متابعتي وقراءاتي أن هناك أحاديث حول هذا الموضوع وما كنت أعير الموضوع الاهتمام الشديد)... ولكن أن أواجه وكأنني مجرم يرتكب الآثام لمجرد أنني أمتهن مهنة من أجمل وأرقى المهن، فهذا أمر فاق كل احتمال..
أنا منذ الصغر مولع بالغيتار بكل أنواعه [ كلاسيك - فلامنكو - أكوستيك - إلكتريك ] .. أعتني بمجموعتي و أقوم بتنظيفها و صيانتها بشكل دوري , أحس بحنان تجاه غيتاراتي و كأن كل غيتار هو ابن لي ..
هل تصدق أنني كدت أرتكب في فترة من فترات تدين الترهيب و جلد الذات أكبر حماقات حياتي! كدت احطم غيتاراتي و السبب خطبة مطولة لأحدهم حملتها من النت عن [ المعازف و حكمها ] :
1- لغو الحديث في القرآن : قال أكثر من صحابي انه الغناء
2- حديث يستحلون الحر و الحرير و الخمر و المعازف
3- إنها مزامير الشيطان
4- الغناء ينبت النفاق في القلب
5- فتوى : يحرم اقتناء المعازف و تعلمها و بيعها..و من ابتلي بشئ من ذلك فليكسره و لا يبعه حتى لا يضر الآخرين!!!
:cry2: ... كلام يجعلك تشعر انك نجس بمعنى الكلمة ..
قرأت مقالات ناقده حول الاسلام لكتّاب ملحدين..دخلت مواقع الملحدين يدفعني دأبي الشديد للتخلص من كابوس جثم على صدري طوال سني عمري..وسجلت في إحدى أكبر شبكات الإلحاد ..وشاركت في نقد وتفنيد مزاعم الإسلاميين ...وأنشأت مواضيع ناقده للإسلام ..حتى نزعته من عقلي وقلبي كما ينزع اللباس المتسخ من على جسد الإنسان....نعم لقد نزعته وإلى الأبد ولكنني عريت،أصبحت عارياً ولا من يسترني ..عريت وفي عريي فراغ نفسي الراغبة إلى خالقها...التواقة للمحبة..
هنا و كأنك تتحدث عني .. عدا فرق صغير هو أنني لم أستطع إنكار الله يوماً... فصرت لادينياً ألوهياً يقر بوجود إله لكن لا يعتنق أي دين..
و لكن القوة الكائنة في هذا المنتدى العجيب و أعضائه و الدالة بدورها على قوة معتقدهم جعلتني أصلي..فتأمل
مبارك عليك خلاصك اخي الفاضل .. و ادع لي أن يكون خلاصي كذلك قريباً... تحياتي الحارة لك..