اختبار الأخ زكريا عبد المسيح - زكريا السيد فضل الله سابقاً

صوت صارخ

New member
إنضم
3 أغسطس 2007
المشاركات
30,370
مستوى التفاعل
3,280
النقاط
0
الإقامة
تحت قدمى المصلوب
مقدمة الناشر

كنت أقوم بعمل الغسيل الكلوي البريتوني داخل منزلي، عندما سلمتني زوجتي مظروف بريدي ضخم قادماً من أحد الدول الأوربية, وبفتحه وجدت بداخله اختبار الأخ زكريا مكتوباً بخط يده، ومرفقاً معه مجموعة من المستندات الرسمية، منها بطاقته الشخصية رقم 3423 الصادرة من مكتب سجل مدنية زفتى بتاريخ 22 – 10 – 1972. وصورة من شهادة معموديته صادرة من الكنيسة القبطية، وكذلك شهادات معمودية أولاده وبناته، وصورة من قرارات اعتقاله وتجديدها، وصور تقارير طبية بالإصابات الموجودة بجسده جراء التعذيب الوحشي الذي تعرض له داخل أقسام البوليس والسجون والمعتقلات بسب اعتناقه المسيحية, مع قصاصة من صحيفة أوربية أجرت مقابلة صحفية معه وتناولت الإصابات الكثيرة الموجودة في جسده, مع العديد من صور المستندات الأخرى, بالإضافة إلى مجموعة من الصور الفوتوغرافية تجمعه مع بعض الآباء الأساقفة والكهنة الأقباط, وأرفق معهم هذا الخطاب القصير العجيب :
رفيق الغربة وعابر معي الطريق وبني جلدتي الأخ والابن: صموئيل
سلام و محبة إلهنا يسوع المسيح الذي هدانا وفدانا ودعانا دعوة سمائية عليا لنسلك فيها بغنى للتمتع
هذه النسخة معدلة ومنقحة ومضافاً إليها الكثير .. وهي بقوة الله سوف تنشر, صلي من اجلي؛ كما نحن نصلي من أجلكم.
زكريا الذي مات المسيح من أجله.

إذن فهو يريد مني ببساطة شديدة أن أترك كل شيء في يدي وأتفرغ لنسخ مخطوطة اختباره على الكمبيوتر وطبعه، ونشره في كتاب!
اندهشت جداً لقوة إيمانه وبساطته، وكان الأمر يبدوا لي صعباً للغاية، بل مستحيلاً، لأني كنت آنذاك في غاية التعب والإعياء لإصابتي بالفشل الكلوي، وقيامي بعملية الغسيل البريتوني, بالإضافة إلى عدم خبرتي في إخراج وطبع الكتب، وقبل كل ذلك ظروفي المادية الصعبة.
لكن ما أن شرعت في قراءة مخطوطة اختباره حتى سالت دموعي، ونسيت آلام المرض وأتعابه، ووجدت روحي تنحني أمام الآلام الكثيرة التي تحملها هذا الأخ المبارك من أجل محبته للسيد المسيح، والذي يعتبر بجد حالة استثنائية فريدة من نوعها من بين مئات قصص الاختبارات التي نطالعها على الانترنت لِما تميز به اختباره من عمق إيماني وروحي مصحوباً بآلام التعذيب داخل السجون والمعتقلات، ويضاف إلى كل ذلك اعترافاته العلنية ببعض الخطايا الصعبة التي ارتكبها، مطبقاً قول الكتاب: من يكتم خطاياه لا ينجح
ورغم إنني أخدم وسط أخوتي المتنصرون منذ 22 سنة، ضمن خدمتي للحالات الخاصة، إلا إنني لم أجد اختباراً مثل هذا قط، باستثناء اختبار أستاذه وأستاذنا كلنا الأخ جابر عبد المسيح وهبه، أمير المسلمين المهتدين في العصر الحديث، والأب الروحي لهم ، والذي اعتقل وسجن وعذب أيضاً، بل وتم صلبه داخل ليمان طره، واختبار أخونا الحبيب يوحنا بيشوي عبد المسيح (يحيى المرسي عبد الفتاح سابقاً).
لذلك تغلبت على مرضي، وقررت نسخ مخطوطة اختبار أخونا الحبيب زكريا على الكمبيوتر، وإخراجه فنياً بأسلوب بسيط في كتاب بلغت عدد صفحاته 136 صفحة من الحجم الكبير وبه ملحق للمستندات. ثم قمت بطبعه، ونشره وتوزيعه على عدد محدود جداً من المعارف، وأعيدت طباعته مرة ثانية، وثالثة، ولم أعيد طباعته ثانياً منذ عام 1999 . علماً بأن اختبار الأخ زكريا كان الكتاب الأول من سلسلة إصدارات "الحق والحياة" في هولندا، والتي بلغت ثمانية إصدارات بسيطة:
1 – مجلة "الحق والحياة" للمسيحيين الشرقيين الأحرار.
2 – كيف آمنت بالمسيح (اختبار الأخ زكريا)
3 – حوار صريح حول الإسلام.
4 – كان ميتاً فعاش (الجزء الأول من اختباري)
5 – كان ميتاً فعاش الجزء (الثاني من اختباري)
6 – رسالة إلى صديقي المسلم.
7 – نحن والآخر (ج1 )
8 – نحن والآخر (ج2 )
ثم توقفت بعد ذلك عن مواصلة هذه الإصدارات لتراجع حالتي الصحية، ولانشغالي بخدمة حالاتي في مصر، ولإعداد المقالات للمواقع القبطية، ولعدم إمكانياتي المادية
ولكن نظراً لأهمية هذا الاختبار الروحي الإيماني الغني والفريد جداً من نوعه، ولارتباطه بالقديس البابا كيرلس، والقديس الأب بيشوي كامل، فلقد قررت نشره على الإنترنت حتى لا يضيع هذا الأثر الروحي البديع الذي ولد من رحم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية التي ولدت لنا أقوى وأعمق اختبارات التوبة والاهتداء للمسيح من الخراف الآخر عبر الأجيال
مع تحياتي ومحبتي
صموئيل بولس عبد المسيح- الشيخ محمد النجار سابقاً
 
التعديل الأخير:

صوت صارخ

New member
إنضم
3 أغسطس 2007
المشاركات
30,370
مستوى التفاعل
3,280
النقاط
0
الإقامة
تحت قدمى المصلوب
نشأتي الأولى


ولدت في مدينة زفتى المحافظة الغربية بجمهورية مصر العربية من عائلة إسلامية مشهورة تدعى عائلة فضل الله، ولها شارعاً كبيرا يحمل اسمها حتى الآن, وكانت كل العائلات تخشاها وتتجنب الوقوع معها في مشاكل، حيث أنها عائلة كبيرة وقوية وبها قتلة ترتجف الناس عند سماع أسمائهم, وكان بعضهم يعمل في تجارة الجمال التي يأتون بها من السودان، والبعض الآخر يمتلك أراضي زراعية كثيرة خلف محطة السكة الحديدية وتعرف بأرض فضل الله, أما والدي فكان يعمل مقاولا لنقل الأقطان من المحالج إلى السفن في الإسكندرية لتذهب إلى مصانع الغزل في (يوركشاير) في إنكلترا، وكان يمتلك عددا من سيارات النقل
وكان والدي رجلا مسلما متدينا "جدا"، يؤدي الصوم والصلاة في مواعيدها المقررة، كما كان يعطي الفقراء بسخاء، وكان محبوبا من الكل
أما والدتي فكانت من أسرة ثرية مثقفة بها أعضاء من مجلس الشيوخ وحزب الوفد المصري, وكانت والدتي سيدة أنيقة ترتدي الملابس الأوربية وتمتلك الكثير من الذهب وكانت تضع في أصابعها ويديها وصدرها ورقبتها كثيرا من الذهب، وعرفت باسم أم الذهب, وكان لي أربعة أخوة كان ترتيبي بينهم قبل الأخير، وأدخلني والدي الكتاب, وهو عبارة عن مدرسة خاصة لتعليم القرآن وحفظه وتلاوته
وكان يشرف على تعليمنا مجموعة من الشيوخ يحمل كل منهم عصا رفيعة للضرب, وكان عقاب كل من يخطئ عشرون عصا على يده، وكنت سريع الفهم وقارئ جيد، وصاحب ذاكرة قوية، لذلك فقد تفوقت على زملائي وحفظت القرآن في سن مبكرة، وصار خطي أحسن من خط فضيلة الشيخ حسنين قشطى صاحب الكتاب نفسه
وكان الشيخ شبل والشيخ درويش أساتذتي في الكتاب يشحنون بطارية حياتي كل يوم ويقولون أن المسيحيين مصيرهم النار لأنهم يعبدون ثلاثة آلهة، ويقولون أن المسيح هو الله وأنه ابن الله و. و. و.
وكان والدي يأخذني معه إلى الصلاة في الجوامع ويحدثني كثيرا عن المسيحيين الكفرة المشركين حتى كرهت الله, لأنه سمح بالدين المسيحي، ولذلك كونت مجموعة من زملائي في الكتاب ومجموعة أخرى من أبناء الشوارع وأشعلت فيها الحماس والغيرة على الإسلام وجعلتهم طريقا واحداً تحت قيادتي للاعتداء على الصبيان المسيحيين ومطاردتهم وضربهم في الشوارع وأمام منازلهم وأينما كانوا
وكنت أحول أعياد الصبيان المسيحيين إلى أحزان, ففي صباح أول أيام العيد يتجمع أمام منزلنا عدد كبيراً من الصبيان المسلمين لقيادتهم في شن هجوم كاسح على الصبيان المسيحيين حتى لا يستمتعوا بالعيد, فكنا نمزق ملابسهم الجديدة ونكسر الدراجات التي يركبونها ونستولي على نقودهم بالقوة حتى أصبحوا يعيدون داخل منازلهم ولا يسير أحد إلا ومعه والده، وكنت أقذف الكنيسة بالحجارة وأكسر زجاج الشبابيك وأطلب من الصبيان المسيحيين عدم الذهاب إلى الكنيسة وعدم حمل صور القديسين وخاصة صورة المسيح مصلوبا لأن رؤيتي لها كانت تجعلني أحترق غيظا, وكنت أختبئ مع أتباعي في مكان بجوار كنيسة أبو سيفين وأهاجم الصبيان المسيحيين وهم ذاهبين وخارجين من مدارس الأحد وأقوم بضربهم وتفتيشهم، وكان كل من أضبطه متلبسا بحمل صورة المسيح مصلوبا يرتعد في يدي ويبكي بدموع طالبا الرحمة، وتحت تهديد المطواة المتعطشة إلى دمه اجبره على أن يبصق فوق الصورة ويمزقها بيديه ويدوس عليها بقدميه ويردد خلفي وبصوت عال ما أقوله من أقوال قبيحة ضد المسيح والعذراء والقديسين ثم أعاقبه بضربة بالمطواة في وجهه وأحدث به عاهة لتكون محذرة لمن يعصوني وإنذار لكل من يحمل المسيح مصلوبا
وكان أول ضحاياي صبي يدعى ناصيف, كان جده من تجار الذهب وصديقا لأسرتي, وهو يعمل الآن ترزيا وله قريب ترزياً في زفتى يدعى جرجس مينا، كان لا أحد من أهل الصبيان يجرؤ على إبلاغ البوليس ضدي حتى لا يتعرضوا للانتقام من عائلة فضل الله
إن كل مدينة زفتى والمدن المجاورة تعلم أن ابن عمي عبده فضل الله قد قتل أحد رجال البوليس في وضح النهار وأمام الكل في إحدى المقاهي لأنه قد تجرأ وشهد ضده في جريمة قتل، وبعدها لم يعد أحد يشهد ضده أو ضد أحد أفراد العائلة، أما عمي الغريب فضل الله فهو أكثر شهرة وله قصص في البطولة والمعارك والقوة مازالت محفورة في أذهان الناس ويتكلم بها حتى الآن في زفتى
كان يأتي إلى منزلنا كثيرا من الرجال والسيدات المسيحيات ومعهم أولادهم ورؤوسهم ملفوفة بالقطن والشاش ويترجوا والدي أن يتدخل لمنعي من مواصلة حمامات الدم التي جلبت الرعب لأولادهم, ومنعهم من الذهاب إلى المدارس والخروج إلى الشوارع وسجنهم في منازلهم، وفي كل مرة كان والدي يعلن أمامهم انه سوف ينتقم مني عندما يراني وأنه سوف يستولي على أسلحتي البيضاء والسوداء ويمنعني عن ضرب أولادهم, وعندما يراني يبتهج ويفرح ويبتسم ويقول ليّ: أحسنت صنعا" ويكافئني ماليا"
وكان التشجيع والإعجاب والتأييد الذي كان يكيل إليّ بحماس من أسرتي والناس ومن نفسي وأصدقائي وأساتذتي ومن شيوخي في الكتاب يزيدنى قسوة على المسيحيين، واختراع وسائل حديثة لزيادة عذابهم أكثر, فكنت أصنع كورا من القماش وأصب عليهم الكيروسن, وعندما يأتي الصبيان المسلمين إلى منزلنا ليلا حسب أوامري، أعطيهم التعليمات الأخيرة وأعطي كلا منهما كرة وعلبة من الكبريت، و أقودهم نحو بيوت المسيحيين, وبإشارة منى يشعل كل واحدا منهما الكره ويلقيها داخل أي نافذة مفتوحة، وكنت اسمع صراخ الأطفال فأفرح ورعب النساء فأنتعش، واستغاثة الرجال فأبتهج.
ثم تخرجت من الكتاب، ودخلت معهد كشك الأزهري وتخرجت منه أيضاً, ثم ظهر على أعراض النبوغ المبكر في الإجرام، فعشقته ونبعت فيه وتفوقت على أفضل من في المهنة, بدأت بسرقة الذهب من والدتي؛ وحينما ساورها الشك في؛ أخفت الذهب في مكان لا أعرفه؛ فكنت استولى على بعض ما كانت ترتديه بالإكراه, وكان والدي يضع النقود في خزانة حديدية كان معه مفتاحا،وأنا معي مفتاحين, فكنت استولى على مبالغ كثيرة أنفقها على أتباعي, وكونت عصابة وكنا نسرق الناس في الأسواق ومن أمام السينما
واكتشف والدي سرقة نقوده, فحبسني في غرفة، وانهال على ضرباً بالعصا هو وأمي وأخوتي، ومكثت عدة أيام لا أقوى على الحركة من شدة الضرب وقسوته, ثم هربت من بلدتي وصرت لصا محترفاً متخصصا في سرقة الذهب والمجوهرات والنقود والأشياء الثمينة, كما كنت محتالا عبقريا
فأنا أول من أخترع وأحتال على الناس في مصر وباع لهما أساور ذهبية عليها ختم الذهب، وهى في الحقيقة أساور نحاسية مطلية بماء الذهب، كنت أعملهم عند تاجر ذهب كان يشترى منى الذهب الذي كنا اسرقه, أصبحت مدمنا للسجائر والخمر والمخدرات والقمار والنساء، وكانت الناس تخاف منى، حيث كنت مشهوراً بالجرأة الشراسة والقسوة وسرعة الغضب، وكنت لا أخاف من الله أو من البوليس،أو من الناس, وكان كل من يريد الحصول على شهوة يسير معي
ولى قصص ومغامرات كثيرة ما زالت عالقة في أذهان الكثيرين في مدينة زفتى، وكانت المباحث تضعني في قائمة الخطرين على الأمن العام, وكنت مكروها من الجميع، واكره الجميع، ولم يكن أحدا يرغب في رؤيتي أو وجودي, وسجنت عدة مرات وتعرفت برؤساء عصابات خطرين لهما شهرة في عالم الجريمة وعملت معهم بعد خروجي من السجن, وأحيانا كانت الناس تستأجرني لضرب خصومهم, ولى معارك شهيرة مع البوليس ومع الناس ما زالت محفورة في أذهان الناس في مدينة زفتى، وكان البوليس وكبار المحتالين يطلقون على لقب أمهر الصيادين, لان شهرتي قامت على إني محتال قدير ونصاب خطير
ثم جندت بالجيش المصري لمدة ثلاث سنوات, وقبل مضى ستة أشهر حصلت على رتبه شاويش معلم، وكنت قائد فصيلة, وكان كل جندي مسيحي سيئ الحظ هو الذي يأتي إلى فصيلتي ويكون تحت قيادتي
فقد كنت أتفنن في عذابه، لا لكي يندم على كونه مسيحيا، بل لدفعه إلى الانتحار !!!
وبعد انتهائي من التجنيد بالجيش، مارست احترافي للإجرام، واضطهادي للمسيحيين وجعلهم ينكرون المسيح أمامي, وفرضت أتاوات مالية على التجار المسيحيين والمسلمين في زفتى، وكان كل من يرفض أو يعتذر احرق متجره أو أحطم محله
كما حدث مع تاجر مسلم اسمه (شلاطه الوكيل) وكما حدث مع تاجر مسيحي اسمه (صهيون حنا مطر)، وفى يوم ما شاهدت أحد المحتالين الناشئين وكان شابا مسيحيا أعرفه، يعتنق الإسلام ، وكانت العادة المتبعة، أن يحمل الإنسان الذي أسلم فوق أكتاف أحد الأشخاص، ثم يتقدمه مجموعة من الشيوخ يصيحون قائلين، الله اكبر، الله اكبر، لقد اهتدى الكافر، ويجمعون للشخص الذي أسلم نقوداً من الناس ويضعونها في شنطة، وبعد ان يطوقوا به في شوارع المسلمين، يذهبون إلى شوارع المسيحيين لإغاظتهم، ثم يعطوه شنطة النقود, فنظرت إلى الشنطة وحقدت على هذا المحتال الناشئ لانه قد ضحك علينا وعمل مسلما، ليس حبا في الإسلام، بل ليستولي على نقود المسلمين، وقررت الاعتداء على المسيحيين بنفس الوسيلة، عملا بقول الله "فمن اعتدى عليكم فأعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم" وقلت في نفسي: إذا كان محتالا ناشئا من الدرجة الثالثة مثله استطاع أن يحصل على حقيبة مليئة بالنقود في عدة أيام، فأنا أمهر الصيادين أستطيع الحصول على عدة حقائب في عدة ساعات, ودرست خطة الاحتيال من كل الجوانب، فأحضرت كتابا مقدسا كنت قد سرقته وأنا طفل من مكتب محامى مسيحي يدعى بسطا روفائيل, وكونت فكرة عن المسيح وحفظت بعض المعلومات حتى اخدع بها القس ويصدق إن رغبتي في أن أكون مسيحيا نابعة من دراساتي للكتاب المقدس واقتناعي بالمسيح, ووضعت خطة الاحتيال وبدأت التنفيذ



يتبع
 

صوت صارخ

New member
إنضم
3 أغسطس 2007
المشاركات
30,370
مستوى التفاعل
3,280
النقاط
0
الإقامة
تحت قدمى المصلوب
سقط الصياد الخطير في شبكة الإله القدير

ذهبت إلى كنيسة كبرى أعرفها في مدينة كفر الدوار، وقابلت القمص مينا منصور وعرضت عليه رغبتي في أن أكون مسيحياً؛ فسألني عن السبب، فقلت له أنني قد درست الكتاب المقدس, وقدمت له الأدلة بما كنت قد حفظته من معلومات عن المسيح، فأقتنع تماماً وأرسلني مع فراش الكنيسة إلى كنيسة الشهيد العظيم مار جرجس بأسبورتنج الإسكندرية.

لقائي مع أبونا القديس بيشوى كامل

وهناك تقابلت مع كاهن الكنيسة وكان شابا رفيعا هادئا رقيقا يدعى القس بيشوى كامل إسحاق, ولما رآني سألني عن سبب حضوري إليه، فكلمته عن رغبتي في أن أكون مسيحياً، فسألني بفرح وقال هل رأيت رؤيا؟ فقلت له ما هي الرؤيا؟ قال هل كنت تجلس بغرفتك ثم شاهدت شخصاً يرتدى ملابس بيضاء يهبط أمامك من سقف الغرفة ويكلمك؟ فلت لا, قال لماذا تريد أن تكون مسيحيا؟ قلت لأنني قد درست الكتاب المقدس وآمنت بما قرأت, قال هل معك بطاقة شخصية؟ قلت نعم, ولما عرضتها عليه، أخرج من جيبه مفكرة ووضع فيها أسمى وعنواني وقال لي تعال لي هنا بعد ثلاثة أيام حتى أكون قد سألت عنك
وأثناء خروجي من الكنيسة قلت لنفسي أن هذا الكاهن لن يعمدني أبداً، لأنه سوف يسأل عنى القمص حنا في بلدتي، وهو لن يقل له عنى كلمة طيبة واحدة ويعرف إنني متألق في الإجرام منذ طفولتي، وعندما سرقته قبل ذلك قال عنى إنني الفساد في البر والبحر والجو، وأينما كنت, وقلت في نفسي إن القمص حنا سوف يخبره كم من الشرور فعلتها بالمسيحيين في بلدتي، وهذا وحده كافيا لان يجعل القس بيشوى يكرهني ويرفض عمادي فقررت الذهاب إلى كنيسة أخرى لتنفيذ خطتي، وذهبت إلى لصاً خطيراً يدعى رزق التركي, كان مسجوناً معي ويقيم في شقة فاخرة شارع بجوار الكنيسة، وكنت ضيفاً عليه وعلى زوجته الشهيرة في عالم الإجرام والجريمة, وفى يوم ما كنت أتجول بالمنطقة وسرت أمام الكنيسة لحظة خروج القس بيشوى منها، فنادى على وأخذني إلى داخل الكنيسة وهو فرحان كطفل وقال لى "المسيح بيحبك" فقلت في داخلي إن كان المسيح يحبني حقاً يكون المسيح لا يعرفني مطلقا, ولم أصدق إن المسيح يحبني، لأني لا أحبه ولا أحب أحدا ولا أحد يحبني, ولما شعر إنني لا أصدق محبة المسيح لي قال "أن المسيح يحب الخطاة الذين مثلنا" فقلت له بدهشة هل كنت مسلماً وأصبحت قسا؟ فصمت لحظة ثم قال لماذا قلت ذلك؟ فقلت لأنك قلت إن المسيح يحب الخطاة الذين مثلنا, فأغرقت عينيه بالدموع وقال "يا ليتني كنت مسلماً وآمنت بالمسيح حتى أتألم من أجله" ثم قال كلنا خطاة, وأخذ يحدثني عن محبة المسيح الذي جاء ليخلص الخطاة الذين أولهم هو, وكلمني عن محبة المسيح الخاصة للصوص، وكيف مات بدلا عن لص يدعى بارا باس, ولماذا صلب مع اللصوص على الصليب.
وحدثني عن اللص الذي اعترف به على الصليب في الوقت الذي أنكره فيه تلاميذه، وكيف دخل هذا اللص إلى الفردوس وكان ينطق كلمة لص ومحتال بطريقة تزعجني، فأردت إنهاء اللقاء وقلت له: هل سألت على؟ قال نعم, وقدم معلومات تؤكد انه يعرف عنى كل شىء، فأردت الخروج من الكنيسة قبل أن يطردني منها، ولكني فوجئت به يقول "المسيح يحبك ويريدك ليظهر فيك عمل نعمته، وهذه هى قوته" وأخذ يروى لي قصصا عن محتالين ولصوص وقتلة وزناة ومجرمين أحبهم المسيح وهم أحبوا المسيح من كل قلوبهم وصاروا مسيحيين قديسين، وتكلم كثيرا عن إنسان كان أسود الوجه، وكان لصاً ومحتالا وزعيما لإحدى العصابات ثم صار مسيحيا قديسا يدعى القديس القوى الأنبا موسى الأسود, وبعد أن أنهى كلامه أخذني من يدي وأراني كنبة بغرفة داخل الكنيسة وقال لي: سوف تنام هنا. وأعطاني الكتاب المقدس وطلب منى أن اقرأ إنجيل القديس لوقا فقط؛ وأعطاني كتابا بعنوان أسرار الكنيسة السبعة وانصرف
ونظرت إلى هذه الكنبة، فوجدت فوقها سجادة قديمة جدا تقوم بدور المرتبة وفوقها بطانية قديمة قذرة متآكلة الأطراف ومخدة قديمة يفوح منها روائح كريهة وبعد أن نمت فوقها فترة وجدت إن جسدي غير مستريح، ولما كشفت عن سقف الكنبة وجدت إنها خالية من بعض الألواح الخشبية
ولذلك كنت أنام فترة وأقوم فترة أخرى حتى ترتاح ضلوعي من الألم، وكنت استغل هذه الفترة في القراءة بهدوء في سكون الليل, وفى الصباح الباكر جدا وجدت القس بيشوى أمامي وأنا أقرأ إنجيل لوقا، فأبتسم فرحا وقال لي "هل نمت جيدا؟" فقلت لا،إنها كنبة متعبة. فقال عليك أن تتعلم من الآن الاحتمال والصبر وحياة الرضا،لان المسيحية آلام, وقال أيضاً إن الشياطين سوف تحاربك في فكرك، وحتى ينشغل فكرك سوف تكنس الكنيسة
وأعطاني ملابس قذرة قديمة ممزقة لارتدائها أثناء العمل في الكنيسة, وكانت صدمة مريعة لكرامتي التي كانت عالية ومنتفخة و تثور لأتفه الأسباب, ولم يكتفي بذلك بل زاد في تعذيبي فكان يرسلني إلى كنائس ومكتبات وأنا احمل فوق كتفي كرتونة مليئة بكتاب قد ألفه هو أسمه "صلاة يسوع" وكان يرسلني سيراً على أقدامى ويقول لي إنها فرصة جيدة حتى تحفظ المزامير أثناء الطريق
ولما علم إن نقودي قد نفذت مني أعطاني جنيهاً لكي أتناول به طعامي وشرابي لمدة أسبوع, وحدثني عن حياة الرضا والقناعة والتقشف, وكانت الذات تصرخ في وتطالبني بالانتقام من هذا القس القاسى الذي يتفنن في عذابي بطرق متنوعة, ولكني احتملت حتى أتمكن من خداعهم واحصل على أموالهم وأهرب من وجوههم، وكان القديس الراحل القمص بيشوى كامل يعطيني كل يوم كتابا مختلفا ويطلب منى قراءته، وتلخيصي له، وتعليقي عليه، وكان يعيين لي مزاميراً خاصة وآيات معينه لحفظها وترديدها أمامه غيباً، هذا إلى جانب القراءة اليومية
لانجيل القديس لوقا، وكنت قارئ جيد، سريع الفهم، قوى الذاكرة، أقبل على القراءة بشراهة ونفس مفتوحة، وكنت أول من يحضر القداسات في الكنيسة وآخر من يخرج حسب أوامره, وكان ينظر إلى ليراني هل
أنا موجودا في المكان الأخير الذي حدده لي أم لا ؟
وكان يرسل إلى شبانا مؤمنين يحدثونني عن المسيح، وكان يأخذني معه في جميع خدماته المختلفة ويدربني على الخدمة العملية، وكان يحدثني عن الصليب بحب وهيام وعشق وغرام حتى ظننت إن الصليب عشيقه, وبعد عدة شهور لاحظت إن بداخلي هدوء في قلبي وفرحا في نفسي وراحة في ضميري وسمواً في تفكيري, فلم أعد محباً للمال، وماتت في الرغبة في حصولي على الشنطة، وتلاشت أشواقي نحو كل ما كنت أحبه سابقا.
وقامت في أشواق جديدة هي،محبة الصلاة والصوم، محبة قراءة الكتاب المقدس، محبة الترانيم، محبة حضور اجتماعات الكنيسة، وكنت أحزن حين انتهاء القداس؛ وانتظر القداس القادم بشوق ولهفة.
وأصبحت شديد الإعجاب بالرب يسوع المسيح الذي ولد من العذراء القديسة الطاهرة مريم، بدون احتياج إلى بذرة حياة من رجل ما مثل كل المولودين, فآمنت برسالته وصدقت محبته، حيث كان يطبق على نفسه ما كان يعلم به، قال أحبوا أعداءكم ورأيته يحب أعدائه حتى الموت, موت الصليب, فلقد قال المسيح اغفروا؛ وغفر لصالبيه وهو ينزف دماً، طلب من كل من يريد أن يتبعه أن ينكر ذاته بعد أن أخلى هو ذاته، قال أعطوا، وأعطى نفسه، كان رحيما قبل أن ينادى بالرحمة, وديعا قبل أن يتحدث عن التواضع، ومحبا قبل أن يطالب بالمحبة، وقدوسا قبل أن ينادى بالقداسة, وأصبحت مبهوراً بهذا المسيح العجيب الذي غير نظرتي للحياة.
,كثف القديس الراحل من إرشاداته لي، وسمح لي بقراءة إنجيل يوحنا، الذي من شدة محبتي له حفظت منه الإصحاحات الثلاثة الأولى عن ظهر قلب، وأعطاني كتبا عن أبطال الإيمان، وكتبا عن حياة الطهارة، وكتبا عن الذات وصلب الذات وحمل الصليب.
من العجيب إنني قد أحببت الصليب جداً بقدر ما كنت أكرهه جداً، وحملت على صدري ميدالية كبيرة بها صورة الرب يسوع المسيح مصلوبا
 

صوت صارخ

New member
إنضم
3 أغسطس 2007
المشاركات
30,370
مستوى التفاعل
3,280
النقاط
0
الإقامة
تحت قدمى المصلوب
لقائي بالقديس البابا كيرلس

وفى يوم ما طلب منى القديس الراحل القمص بيشوى كامل مرافقة معلم الكنيسة ويدعى بطرس حنا إلى بطريركية الأقباط الأرثوذكس في الإسكندرية، وهناك رأيت القديس الراحل البطريرك البابا كيرلس السادس واقفا ببساطة واتضاع، وأمامه طابور من الرجال والسيدات وكان كل من يقف أمامه ينحني له ويقبل يده، فخرجت من الطابور واقتربت منه حتى أرى أفضل, ولاحظت إن عيون قداسة البابا تنظر إليّ بشدة، ثم فوجئت به بشير بيده نحوي ويقول: يا زكريا تعالى عندي, فقلت في داخلي إن المعلم بطرس حنا هو الذي اخبره بأسمى, فنظرت إلى من يقف أمامه فوجدته رجلا آخر، ثم نظرت إلى الطابور فوجدت المعلم بعيدا، فاندهشت وذهبت إليه وفوجئت به يحتضنني ويضمني إلى صدره بحب وفرح وسعادة كأني حبيب له لم يراه منذ سنوات, ثم وضع صليبه على رأسي وصلى باللغة القبطية.
ثم قال لي قداسة البابا ثلاث مرات:المسيح يحبك, وفى كل مره كنت أشعر إن محبة المسيح تنسكب في قلبي بغنى للتمتع, وببراءة شديدة ضحك كطفلاً صغيراً بريئاً ممتلئاً بالسعادة وقال لي "أنت اللص الذي سرق ملكوت السموات" وأخذ يضحك مع نفسه، وكان بعينيه بريقا لامعا،ثم اخرج زجاجة بها زيتاً كان يأخذ منها بإصبعه ويرسم بها صلبانا على أماكن متفرقة في وجهي ورأسي ويدي ورقبتي وجسدي، وكان يقول كلاما لا أفهمه, وفى النهاية شعرت بالبهجة والسعادة والفرح والراحة
وبينما كنت أمسك يد المعلم لكي أسير به لأنه فاقداً لبصره، اكتشف أن في معصم يدي مادة سائلة، فسألني عن مصدرها، فقلت له إن قداسة البابا قد مسحني بها، فأرتبك وتغير صوته، وأخذ يسألني عن الأماكن التي مسحنى فيها، وكنت أحددها له ثم قال بدهشة انه زيت الميرون, وطلب منى عدم مغادرة الكنيسة وعرض على القديس الراحل كل ما سمعه، ثم طلبني القديس الراحل وأخذ يطرح الأسئلة, ماذا قال لك البابا؟ ماذا فعل؟ ماذا قلت؟ بماذا شعرت؟ ثم كشف عن الأماكن ورأى آثار الزيت عليها, ثم قال لمن حوله "املئوا جرن المعمودية بالماء" والتفت إلى وقال "سوف تتعمد وتصبح من الآن مسيحياً تشهد للمسيح"
وأخذني إلى الهيكل وخلعت كل ملابسي ونزلت عرياناً في مكان ضيق به ماء، وكان يقول كلاماً من كتاب في يده وهو يضع الماء على رأسي في المرات الثلاثة، ثم خرجت من الماء وأخذ يدهنني بالزيت في أماكن متفرقة من جسدي ويقول كلاما يجعلني أردده من بعده

وكان ذلك يوم الأربعاء 4-1- 1961
 

صوت صارخ

New member
إنضم
3 أغسطس 2007
المشاركات
30,370
مستوى التفاعل
3,280
النقاط
0
الإقامة
تحت قدمى المصلوب
تأثير المعمودية في داخل نفسي

وفى تلك الليلة التاريخية امتلكتني مشاعر قوية مختلفة, فقد شعرت بفرح عظيم, فرحا من ذلك النوع الذي قيل عنه انه فرح لا ينطق به ومجيد, فرحاً فيه كل الفرح، ولم أعد أفكر في البحث عن أفراح أخرى، فقد وجدت فرحى كاملا في المسيح وشعرت في داخلي بسلامً عظيم، سلام من ذلك النوع الذي قيل عنه انه سلام يفوق كل عقل، وشعرت بأن مياها لذيذة قد غمرت نفسي ومتعتني بالارتواء, كحديقة سقطت علنها الأمطار فروت كل أشجارها وأغصانها وأوراقها، لقد شعرت إن هناك شئ ما قد أضاء في نفسي، أو كأن أمواجا كهربائية قد سرت في كل كياني، أو كأن أعضاء جسدي قد تحركت من أماكنها، وكنت كمن يسير على الهواء لا على الأرض، وأصبحت مشاعري رقيقة حساسة، واستيقظ ضميري، فبكيت بكاء شديداً جداً، وسالت دموعي بغزارة فوق مياه معموديتي، ولم أتوقف عن البكاء إلا بعد أن أصيبت رأسي بصداع شديد، وحينما خرجت من الكنيسة وجدت المعلم والفراش والمحصل بالخارج, ولما سألت عن القديس الراحل قال لي المحصل بعصبية لقد أنتظرك أبونا أكثر من ثلاثة ساعات وأنت تبكى، وهو ينتظرك، وأخيرا قال لنا: دعوه يبكى ولا يزعجه أحدا حتى يخرج وحده، ثم انصرف .
وحدث ما أدهشني وأدهش كل من يعرفني، فقد ماتت في داخلي الرغبة في التدخين والخمور والمخدرات، وكف نداء صوت الخطية في حياتي ولم أعد أشتهي النساء، بل ولا أنظر إليهن، أو أسلم بيدي عليهن, وكرهت السرقة والاحتيال والشر والقمار والزنا والفجور والشهوات, وعرفت معنى الآية الجملية التي تقول "لانه قد ظهرت نعمة الله المخلصة لجميع الناس معلمة إيانا أن ننكر الفجور والشهوات العالمية ونعيش بالتعقل والبر والتقوى في العالم الحاضر - تى 2 : 11
وليس هذا فقط، بل حدث تغيير كامل شامل في حياتي، فقد تغير الفكر والسمع والبصر واللسان والأحاسيس والإرادة والعواطف، كأني ولدت من جديد, وعرفت معنى الآية الصادقة التي تقول "إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة, الأشياء العتيقة قد مضت. هوذا الكل قد صار جديدا - 2 كو 5 : 17
ومن هذا اليوم تضاءلت كل الأشياء الأرضية ولم أعد احتاج إلى شئ من هذا العالم، ولم يعد للرب يسوع المسيح أي منافس له في حياتي, وسقط أمهر الصيادين في شبكة صائد الصيادين, ووقع المحتال الخطير في يد المسيح القدير, سقط صائدا الفلوس في يد مخلص النفوس, حتى إنني قد تعجبت من قدرة الله وقلت له "عجيبة هي أعمالك ونفسي تعرف ذلك يقينا - مز 139 : 14
وفى داخل الكنيسة كان القديس الراحل أبونا بيشوي كامل يتحدث مع بعض الأشخاص، فلما رآني اقبل نحوى بفرح وأخذني في حضنه وسالت دموعي على صدره. فأخذني إلى مكتبه، وحدثني من جديد عن الصليب والآلام والجهاد، ثم كتب ورقة بها عنوانا باسم إنسانا يدعى "جابر عبد المسيح وهبه".. وطلب منى السفر فوراً إلى القاهرة لمقابلة، فسافرت وتقابلت معه, وكان جابر عبد المسيح هذا مسلماً وصار مسيحياً هو الآخر، وكان الأب الروحي لكل المسلمين الذين أصبحوا مسيحيين في مصر، وكان له نشاطا كبيرا مع المسلمين الذين يريدون أن يصيروا مسيحيين، ومع المسيحيين الذين يريدون أن يصيروا مسلمين, وكان يجمع حوله مجموعة كبيرة من المسيحيين ذو الأصل الإسلامي، يعاونونه في هذه الأعمال، فعملت معه، وكان يرسلني إلى المهمات الصعبة التي تحتاج إلى جرأة وشجاعة ومواجهة، ومع مرور الأيام أصبحت الرجل الثاني بعده، وكان يأتي إلينا طلبة جامعيون ومثقفون وعمالا ليعرفوا من هو المسيح، وكان بعضهم يؤمن، وبعضهم لا يؤمن، وكانت الكنائس من كل الطوائف ترسل لنا أي إنساناً مسلماً يريد أن يكون مسيحيا.
وكنا نعمل لهما اجتماعاً خاصا مساء كل يوم جمعة في إحدى الكنائس القبطية الأرثوذكسية, وكان لي شرف قيادة هذا الاجتماع من ترنيمات وعظات وصلوات ومقارنات, وفى يوم ما جاءني أحد رجال البوليس السرى وكان يدعى محمد، ولم يكن له سوى إصبعاً واحداً في إحدى يديه؛ وكنا نطلق عليه أبو صباغ, وكان يقف دائما أمام الكاتدرائية ليجمع معلومات عن قداسة البابا والأساقفة ورؤساء الأديرة والرهبان؛ والقسس الإنجيليين؛ وكل من أصبح مسيحياً من المسلمين, وكان يحمل لكل من كان مسلما أصبح مسيحيا حقدا وغيظا وعداوة لا مثيل لهما إطلاقاً, ولما جاء الصول أبو صباع لي قال أن الضابط المسئول عن المسلمين الذين صاروا مسيحيين يريد مقابلتك
فذهبت معه إلى إدارة المباحث العامة بحي لاظوغلي بالقاهرة, وقابلت ضابطاً ممتلئ الجسم أبيض الشعر حاد النظرات يدعىمنصور حلمي أحمد، وفوجئت انه يعرف كل شئ عنى حتى ساعة عمادي واسم والدتي. وقال له الصول محمد أبو صباع "هذا الولد ثعبان يجب أن يقطع رأسه لأنه وراء عودة كل من كان يريد أن يصبح مسلماً المسيحيين؛ كما أنه قد جعل مسلمين كثيرين يصيرون مسيحيين, فقلت له أنا فعلت كل ذلك، كيف؟ هل أنا الله؟ فقال الضابط منصور حلمي احمد لن نحدثك عن عودتك إلى الإسلام، فنحن قد عرفنا أنك حالة ميئوسا منها، ولكننا نعرف انك رجلا محبا لوطنك, وطلب منى أن أكون عميلاً سرياً للمباحث العامة وأخبره بأسماء وعناوين جميع المسلمين الذين أصبحوا مسيحيين؛ وأسماء الكهنة والقسس الذين قاموا بعمادهم؛ وأيضا أسماء وعناوين المسيحيين الذين لهم نشاطا في الكنائس، وأيضاً أسماء كل من يريدون أن يكونوا مسيحيين, ووعدني بمكافأة مالية كبيرة ومرتباً كبيراً كل شهراً، ثم هددني بالاعتقال إذا لم أنفذ طلباته، وأمهلني يوماً واحداً للعودة ومعي كل الأسماء والعناوين, وبعد خروجي من المبنى قلت لنفسي إنني ضد الخائن، ولا أحب الخيانة؛ ولا يمكنني أن أخون أحداً؛ فهذا مستحيل
ووجدت أن الحل هو الهروب إلى الصعيد، فذهبت إلى حبيبي وصديقي القديس الراحل البابا كيرلس السادس وعرضت على قداسته رغبتي في الوعظ بكنائس الوجه القبلي، فأعطاني خطابات إلى كل أساقفة الوجه القبلي، فسافرت وكان كل أسقف يعاملني بمحبة شديدة، وبعد حوالي عام عدت إلى القاهرة، وتقابلت مع صديق لي قال أن البوليس قد اعتقل جابر عبد المسيح هو ومجموعة من زملائك؛ ثم أفرجوا عنهم وبعد عدة سنوات هاجر أخي جابر عبد المسيح إلى الولايات المتحدة الأمريكية هو أسرته وشقيقته حياة وزوجها رشدي وأولادهم وآخرين، وتحملت الخدمة التي كان يقوم بها وحدي.
 

صوت صارخ

New member
إنضم
3 أغسطس 2007
المشاركات
30,370
مستوى التفاعل
3,280
النقاط
0
الإقامة
تحت قدمى المصلوب
خيانة من داخل الكنيسة؛ واعتداء وحشي من العمدة والخفراء والرعاع

وفى يوم ما سافرت إلى صديق لي كان يعمل قساً للكنيسة الرسولية في قرية صنبو بجوار مدينة أسيوط، وكان يدعى القس جرجس, الشهير بأبو ماهر, فلما رآني فرح بي وعرض على إقامة أسبوع نهضة بالكنيسة كما حدث قبل ذلك ففرحت ووافقت, وبعد عدة أيام كنت افتقد منازل المسيحيين في القرية لدعوتهم للحضور إلى الكنيسة، وجدت عمدة القرية ونائبه يجلسان بأحد الشوارع وحولهم مجموعة من الخفراء، فناداني العمدة، فذهبت إليه، ولما وقفت أمامه ألتف الخفراء من حولي، وقال العمدة هل أنت الذي تعظ بالكنيسة؟ فقلت نعم, فقال هل حقا انك كنت مسلما ثم أصبحت مسيحياً؟, قلت: نعم, فقام وضربني بالعصا التي كانت في يده وانهال على الخفراء ضربا بالعصى والأرجل والأيادي ومؤخرة البنادق في كل مكان من جسدي، فسقطت على الأرض والدماء تنزف من رأسي و أنفي وفمي, ثم طلب العمدة من الخفراء أن يتوقفوا عن الضرب ويذهبوا ويأتوا بالقس جرجس، فتركوني وذهبوا لإحضاره، وبعد فتره عادوا، وقال له أحدهم إن القس جرجس يرفض الحضور لأنه قال أنه لا يعرف هذا الرجل
فقال العمدة لي أنظر هؤلاء هم الذين قد تركتنا من أجلهم، لقد تنكروا لك وتبرئوا منك يا ابن ال ... وصفعني على وجهي .. وقام الخفراء بضربي من جديد, ثم طلب العمدة من شيخ الخفراء أن يسلمني إلى نقطة البوليس في القرية المجاورة، وبينما كنت أسير وجدت ورائي جموعا كثيرة تتبعني، وكان يزداد عددهم وغضبهم ولعناتهم، وكان بعضهم يندفع نحوى وهو يسبب ويلعن ويكيل لي بعض الضربات في وجهي أو رأسي أو صدري أو ظهري، وكان الخفراء يتوسلون إلى الناس بعدم ضربي، ولما وجدوا إن الضرب لم يتوقف رغم النداء،ألتفوا حولي لحمايتي, ومع ذلك كان بعضهم يتمكن من اختراق الحصار وضربي بلا رحمة.
ووسط هذه الجموع الحاشدة والغاضبة،رأيت وجها أعرفه ينظر إلي ويشفق على، وكان انسانا مسيحيا تقيا عضوا بالكنيسة الرسولية وصاحب محل أحذية بالقرية يدعى (أ)، وعند اقترابي من نقطة البوليس، جاء رجلا يرتدى جلبابا ريفيا أنيقا، ويبدوا إن له مكانه محترمة عند الناس، وكان يمتطى جواداً فلما رآه الخفراء توقفوا، فقال لهم أتركوه، فتركوني فوراً، وذهبت إلى محطة الأتوبيس بالقرية حتى أسافر إلى أي مكان. وكان بعض الناس يسيرون خلفي، وحينما وقفت بمحطة الأتوبيس جاءوا ووقفوا بجواري وكان الغيظ واضحاً من خلال نظراتهم لي، ولما اقتربت السيارة من المحطة، هجم هؤلاء الناس علىّ وضربوني بشدة حتى ركبت السيارة, وفى داخل السيارة سألني السائق قائلا: ماذا فعلت لهم حتى يضربوك بهذه القسوة؟ قلت لم افعل شيئا, قال هل أنت مفتش تموين؟ قلت لا, قال هل أنت مفتش صحة. قلت لا, فصمت،وأخذت أمسح الدماء من رأسي ووجهي وأنفي وأنظف ملابسي من التراب حتى وصلت السيارة إلى مدينة ديروط ومنها سافرت إلى القاهرة في نفس اليوم وأنا مصابا بجروح كثيرة.
وكان معي قليلا من النقود فذهبت ونمت في إحدى الحمامات الشعبية وهى أسوأ درجات الفنادق، فيها من الحشرات الزاحفة والطائرة ما لا يمكن حصره، وكنت أقوم من النوم عدة مرات لكي احك جلد جسدي من لدغات الحشرات التي تصول وتجول فيه, ونفذت نقودي، وعدت إلى النوم في الحدائق وأكل الفضلات وانتظار يوم الأحد لعل أحدا من المصلين في الكنيسة يرشده الله لمساعدتي.
وقد وعظت في كثيرا من محافظات ومراكز وقرى مصر حوالي ثلاثون عاما. وكنت أعظ عن المسيح وحده، ولا أتحدث عن المذاهب أو العقائد, وذاع صيتي وكانت الآلاف تحضر عظاتي وتعجب بها، وكنت قد قدمت طلبا إلى بطريركية الأقباط الأرثوذكس اطلب منهم إعطائي شهادة بأني قد صرت مسيحيا
وحسب القانون الذي وضعته الدولة لخنق الكاتدرائية وتكبيلها بالسلاسل، والذي يقول لها كل من يريد أن يكون مسيحيا، ترسل أوراقه أولا إلى مديرية الأمن للإطلاع والموافقة, فقد حولت الكاتدرائية أوراقي إلى مديرية أمن القاهرة ..... ذهبت إلى الكاتدرائية لكي اعرف هل جاءت الموافقة أم لا, فقال لي القديس الراحل القمص مرقس غالى الذي كان يشغل وكيل عام الكاتدرائية في هذا الوقت أن المحافظ لن يرسل لنا الموافقة على طلبك إلا إذا وقفت أمامه وحدثت المواجهة، فإذا نجحت يرسل لنا أوراقك بالموافقة، وفى هذه الحالة سوف أعطيك هذه الشهادة، وأنا أثق انك سوف تنجح لأنك ابن أبونا بيشوى كامل, ثم قال لي الرب معك, ثم جاء أخي جابر عبد المسيح وقال لي البوليس السري تنتظرك بالخارج، وسوف يمسكونك ويضربونك في أماكن حساسة من جسدك وقال أيضاً لقد أخبرت قداسة البابا كيرلس السادس فقال لا خوف على زكريا, وعند خروجي من الكاتدرائية امسكني رجال البوليس ونظرت خلفي فوجدت كثيرين ينظرون إلي وأنا اركب سيارة البوليس, وفى محافظة القاهرة وقفت أمام مدير أمن القاهرة، وكان يدعى اللواء محمود السباعي, فسألني قائلا هل كنت مسلما ثم أصبحت مسيحيا؟ قلت نعم, قال من الذي شجعك على ذلك من القسس؟ قلت: لا أحد. قال: كلمني مثلما أكلمك يا ابن ال .., قلت له أنا أقول الحقيقة، قال نحن سوف نعرف منك الحقيقة رغم انفك
ثم أخذني إلى محافظ القاهرة وكان يدعى اللواء سعد زايد، وكان مشهورا بعداوته للمسيحيين منذ أن كان محافظا لمدينه أسيوط, فلما وقفت أمامه قال لي هل تعلم انك مرتد عن الإسلام؛ وان موتك حلال حسب الشريعة الإسلامية؟ قلت نعم, قال سوف أتركك يوما واحدا في السجن لتفكر بهدوء، فإذا ندمت وتبت وعدت إلى الإسلام، سوف أتركك فورا، وإذا لم تهتدي ستندم على اليوم الذي صرت فيه مسيحياً، وسوف تتمنى الموت وسوف أقدمه لك على طبقا من الذهب، وأنا بريئا من دمك, وأخذني أحد الضباط ووضعني في أحد الغرف بالسجن, وتلقائيا وبلا مقدمات وجدت قلبي يرنم ترنيمتي المحبوبة ويقول: الله قوة لنا وحمانا الوطيد.في الضيق عوناً قادراً ونصير شديد, فلذا لسنا نجزع والقلب لا يفزع, ولماذا أتزعزع والرب معين, وكنت أرنم هذه الترنيمة من قبل، ولكنى لم أكتشف قوتها ولم أتذوق حلاوتها إلا في السجن، لذلك صارت ترنيمتي الحبيبة في كل سجن من السجون, وبعد أن انتهيت من الترانيم سجدت مصليا بدموع وخشوع وخضوع، ورفعت عيني إلى السماء من حيث يأتي عوني ومعونتي من عند الرب، وشعرت بالقوة والارتواء، وتذكرت وعود الله التي ليّ "لا تخف لأني معك, لا تتلفت لأني إلهك, قد أيدتك وأعنتك وحفظتك بيمين برى, لأني أنا الرب إلهك الممسك بيمينك, القائل لك لا تخف أنا أعينك - اش 41 : 10 ، 13
وقلت لنفسي لو قال لك جمال عبد الناصرلا تخف، فهل كنت تخاف؟ قلت لا, قلت فكم وكم إذا قال لك الله لا تخف ؟؟؟ وشعرت في داخلي بقوة هائلة تتحدى الخوف وترحب بالموت، وتمنيت أن يأتي الصباح سريعا حتى أتقابل مع الموت الذي سيقدم لي على طبق من ذهب, وفى الصباح وقفت أما اللواء سعد زايد، فقال لي هل فكرت وعرفت انك قد فعلت خطأ لا يغتفر؟ قلت له أنا لم ارتكب خطأ, قال ألن تعود إلى الإسلام؟ قلت أنا مقتنع بما فعلت, فقام عن كرسيه وهو ثائرا وغاضبا وضربني بقدميه في أماكن حساسة من جسدي وبصق على وجهي وقال للضابط: خذوا هذا الكلب وعلموه الأدب
وبدأت مرحلة التعذيب في السجون, فأخذني الضابط إلى إحدى الغرف، وبعد أن بقيت بها عدة ساعات شعرت بحرارة شديدة، وكأنها قد تحولت إلى فرنا مشتعلا، فخلعت كل ملابسي وكنت أمسح بهم العرق الشديد الذي كان ينزل من رأسي ويخرج من جسدي، وقلت في داخلي :ربما يريد سعد زايد أن يقتلني بأسفكسيا الخنق, وبعد عدة ساعات جاء أحد الضباط وأخذني عاريا إلى غرفة أخرى، وبعد بقائي فيها عدة ساعات شعرت ببردا شديدا،وكأنها قد تحولت إلى ثلاجة, وبعد عدة ساعات جاء الضابط وأخذني إلى غرفة كبيرة بها قيودا حديدية ثابتة في الأرض وجعلني أنام مفرود الذراعين ووجهي إلى الأرض. وقام رجلا بوضع القيود الحديدية في رقبتي وفى يداي وقدماي، وكان قلبي يدق بشدة في هذه اللحظة. وسلمت أمري إلى الله, وبعد ذلك شعرت بتيارا كهربائيا يجرى في كل جسمي، وكان قلبي يتوقف عن النبض لحظات ثم يعود. وأخيرا فكوا قيودي وصاروا يضربونني بعصى مطاطية على جسدي العاري، وظلوا يفعلون ذلك عدة مرات في عدة أيام
أما الجوع فلم يتعبني، فقد كنت قد تدربت عليه جيدا قبل ذلك, وفى يوم ما جاء الضابط ووضعني في غرفة يتدلى من سقفها حبلا غليظا وكأنها دعوة إلى الانتحار, وفى اليوم التالي جاء الضابط وقال لي، سوف نعذبك بالقانون ونعمل لك كعبا دائرا، وهذا الكعب الدائر قد عمل خصيصا لتحطيم وإرهاب وإذلال وقهر الإنسان، وهو من اختراع زكريا محيى الدين عندما كان وزيرا للداخلية في عهد عبد الناصر، وهو عبارة عن سفري وعرضي على ضابط مباحث كل قسم وكل مركز في جمهورية مصر، لأخذ بصماتي ويرى هل أنا الذي فعلت الجريمة التي لم يعرف فاعلها عنده أم لا، وقد وقفت أمام ضابطا لا تعرف الرحمة قلوبهم, كان منهم من يأتي إلي ليلا ومعه فريقا متدربا على فنون الضرب ويضربونني بقسوة ويطلب منى أن اعترف بأحد الجرائم التي لم أفعلها، وكان منهم من يأتي إلي نهارا ويقومون بضربي حتى المساء لكي يجبروني على التوقيع بارتكابي أحد الجنايات وقد ذهبت إلى كل أقسام ومراكز الجمهورية والقيود في يدي والجوع في بطني
وانتهى الكعب الدائر بعد ستة اشهر من العذاب المستمر، ثم عدت إلى مديرية أمن القاهرة وتركوني من هناك ثم أرسل محافظ القاهرة موافقته للكاتدرائية، وأعطتني الكاتدرائية شهادة بأنني قد صرت مسيحيا، وهذه الشهادة موجودة معي حتى الآن
 

صوت صارخ

New member
إنضم
3 أغسطس 2007
المشاركات
30,370
مستوى التفاعل
3,280
النقاط
0
الإقامة
تحت قدمى المصلوب
ملحوظة من الناشر​

الله يرحمك يا عبد الناصر، نحن نتحسر على أيامك، ونتحسر على إلغاء هذا القانون؛ لأنه على الأقل كان يعترف بحق المسلم في اعتناق المسيحية؛ وحق الكاهن في إجراء المعمودية بعد صدور موافقة الجهات الأمنية المختصة؛ كما حدث مع الأخ زكريا، وغاية ما ترجوه الكنيسة القبطية هو أن يعود العمل بهذا القانون الذي تم إلغائه في عهد السادات؛ وأصبحت معمودية المسلمين في مصر جريمة يعاقب عليها القانون؛ وفي حكم صادر من محكمة أمبابة بخصوص حرية الاعتقاد قال إن حرية الاعتقاد لا تعني الارتداد عن الإسلام, الأمر الذي نسف معه إمكانية أن يعتنق المسلم المسيحية سواء بطريقة رسمية أو في الخفاء, وطبقاً لتعاليم ووصايا الإنجيل فلا يجوز للكنيسة أن ترفض معمودية إنسان يريد اعتناق المسيحية مما جعل موقف رجال الكنيسة حرجاً جداً داخل البلاد الإسلامية؛ والحل هو إلزام هذه البلاد بمواثيق حقوق الإنسان؛ فالكل إنسان الحق في اختيار الدين الذي يرضاه ضميره بدون تدخل من الدولة الحاكمة؛ لكن المشكلة إن الدول الإسلامية تعرف إنها لو أطلقت هذا الحق فلن تجد مسلماً واحداً في تلك البلاد، لذلك كانت أحكام الردة وإرهاب مباحث أمن الدولة، لكن ماذا يقول الكتاب؟ يقول "كلمة الله لا تقيد" والتخويف لا ينشأ ديناً، وفي عصر العولمة والانفتاح وحقوق الإنسان بدأ العد التنازلي لبقاء الإسلام كدين أوحد داخل تلك البلاد؛ وهاهم المسلمون المهتدون للمسيحية يملئون أوروبا وأمريكا وكندا واستراليا، بل ومنتشرون حتى داخل الدول الإسلامية نفسها. صموئيل بولس عبد المسيح
 

صوت صارخ

New member
إنضم
3 أغسطس 2007
المشاركات
30,370
مستوى التفاعل
3,280
النقاط
0
الإقامة
تحت قدمى المصلوب
وفى يوم ما كنت أعظ بأحد الكنائس في مدينة أسيوط, وبعد خروجي من الكنيسة وجدت بانتظاري أحد رجال البوليس السرى الذي كان يعرفني من قبل، ولما تقدم نحوى لإمساكي أسرعت بالهرب، ثم توقفت عن الجرى وقلت لنفسي ممن تهرب؟ وممن تخاف؟ وأطرقت برأسي إلى الأرض خجلا من الله، وقلت ما قاله حبيبي الجسور بولس الرسول "الرب معين لي. فلا أخاف ماذا يصنع بي إنسان - عب 13 : 6
وامسكني هذا الرجل وذهب بي إلى قسم أول أسيوط ووقف بي أمام ضابطا اسمر الوجه يدعى حسن، وأشار إليّ وقال له هذا الكلب كان مسلما وهو يبشر بالمسيح في مدينة أسيوط وقد ضبطناه هنا قبل ذلك, فقال له: ضعه في السجن لحين عودتي في المساء, فأخذني وهو سعيدا ووضعني في غرفة وحدي وبعد عدة ساعات حضر هذا الضابط إلى غرفتي ومعه مجموعة من رجال البوليس السري وانهالوا على ضربا بعصى رفيعة وكانت كل عصا تنزل على جسدي أشعر وكأن ثعبانا ساما قد لدغني.
وفى منتصف الليل حضر هذا الضابط ومعه نفس رجال البوليس السرى وجلس على كرسيا وأمرهم بضربي، فضربوني بالعصى الرفيعة من جديد، وبعد فترة قام عن كرسيه وقال لهم: استمروا في ضربه، وانصرف, واستمروا في ضربي، وفجأة توقفوا عن الضرب حينما دخل إلى الغرفة رجلا طويل القامة عريض الكتفين، أنيق الملبس، جميل الوجه، يرتدى جلبابا بلديا نظيفا، وفوجئت بهذا الرجل يقول لهم بصوت غاضب: لو كان هذا الإنسان مسيحيا وأصبح مسلماهل كنتم تضربونه؟ فلم يرد عليه أحد
وعلمت فيما بعد أن هذا الإنسان مسيحيا غيورا يدعى (...) ويعمل في البوليس السرى منذ فترة طويلة وهم من قرية بجوار مدينة أسيوط
وكان هذا الرجل يرافقني أثناء تنقلاتي بين النيابة العامة ومباحث أمن الدولة والمباحث الجنائية, وكان رجال البوليس السرى في هذه الأماكن لا يضربونني إكراما له, ولما عجزوا عن وجود أي دليل اتهام ضدي، أرسلوني تحت حراسة البوليس السرى إلى مركز زفتى، وخرجت في نفس اليوم.
وفى يوم ما تذكرت إن لي صديقا مسيحيا كريما في مدينة نجع حمادى، فذهبت إلى زيارته, وكان من عادتي إذا زرت صديقا مسيحيا أن أنام في أحد الفنادق حتى لا يقع في مشاكل مع البوليس أو مع الناس إذا اكتشف إنني كنت مسلما, فنمت في أحد الفنادق، وفى الصباح ذهبت إلى الكنيسة لمقابلة صديقي، وأثناء تجوالي في هذه المدينة الحبيبة إلى قلبي، وجدت محلا لتفصيل الملابس به رجلا يبدوا انه مسيحيا حقيقيا لا غش فيه، فطلبت منه أن يبقى حقيبتي لديه حتى أعود من الكنيسة، فرحب بذلك وأبقي حقيبتي لديه, وذهبت إلى الكنيسة، وبعد انتهاء القداس بحثت عن صديقي فلم أجده، وبينما كنت في طريقي إلى منزله سمعت صوتا يناديني بأسمى من الخلف، فنظرت ورائي فوجدت شابا أنيقا يأمرني بالركوب إلى جواره في السيارة، ثم وجدت نفسي واقفا معه أمام باب مكتب مأمور مركز نجع حمادى, وبعد لحظة سمعت ضربات وصيحات فنظرت نحوها فوجدت بعض رجال البوليس السرى قادمين ومعهم صاحب محل تفصيل الملابس ومعه حقيبتي، وكان يبدوا على وجهه انه قد أهين، مما يدل على أن الاستقبال كان حارا، وان اللقاء كان ساخنا،ثم ادخلوه إلي المأمور، ومن جديد سمعت ضربات ثم أسئلة موجهة إليه عن معرفته بي، ولماذا جعل حقيبتي لديه و . و . و.
ثم خرج بدون حقيبتي، ونظر إلي بعينيه البسيطتين الباسمتين وانصرف، ودخلت أنا إلى المأمور وكان الضابط معي، فوجدت محتويات حقيبتي مبعثرة أمامه وهو يقرأ بعض ما كتبت، فلما رآني قال لي: هل أنت الذي كتبت هذا الكلام؟ قلت: نعم, فقام عن كرسيه واخذ يضربني بيديه وقدميه، ثم جلس على كرسيه وقال وهو منفعل لماذا صرت مسيحيا يا ابن ال .. قلت له: أنا لم أخالف القانون, فقال بغضب وهل تعرف أنت القانون يا ابن ال .. ثم قال لي ليس هنا أحدا من المسيحيين، فقل لي بصراحة لماذا أصبحت مسيحيا وأنا اعفوا عنك
كلت له : كنت أكره الله لأنه خلق المسيحيين، وكنت اعتقد كما قيل لي أنهم كفرة ويشركون بالله ويعبدون ثلاثة آلهة، لكن بعد بحثي وفحصي في الإنجيل لم أجدهم كما قيل لي
ثم رفعت رأسي بافتخار وقلت له يكفيني فخرا إن المسيح حيا وجميع الأنبياء أمواتا وقبورهم تشهد بفنائهم، حيث عادوا إلى أصولهم. فالذي جاء من التراب يعود إلى التراب، والذي جاء من السماء يعود إلى السماء
فصرخ وقفز وكأن نوبة من الجنون قد أصابته فجأة وقال بصوت عالي أنا الذي سوف اصعد روحك إلى السماء, أنت هو الجاسوس الإسرائيلي الذي أرسل معلومات إلى إسرائيل، وبعدها جاءت الطائرات الإسرائيلية وضربت خزان وكوبري نجع حمادى بالقنابل, وقال للضابط الذي كان يقف متفرجا خذه وضعه في غرفة وحده، ولا تجعله يتحدث مع أحدا من المساجين، ولا أحدا من المساجين يتحدث معه, وفى غرفة السجن أخذت أرنم ترنيمتي الحبيبة الله قوة لنا وحمانا الوطيد, في الضيق عوناً قادرا ونصير شديد, فلذا لسنا نجزع, والقلب لا يفزع, ولماذا نزعزع والرب معين. وكالعادة شعرت بالانتعاش والارتواء فصليت وفرحت وتقويت وتعزيت .
ولم أكن أفكر فيما أنا فيه، أو ما سأكون فيه، بل كان تفكيري مشغولا في من أين دخلت إلى هذه القوة التي جعلتني افرح رغم الأحزان وجعلت إيماني يرتفع وسط الآلام وجعلتني لا أخاف مع أن كل شئ حولي يدفعني إلى الخوف, وفى منتصف الليل سمعت صوتا يناديني من خارج الغرفة، فذهبت نحو الباب فوجدت عددا من أرغفة الخبز وبعض لفافات بها قطعا من الجبن والحلاوة تتساقط على الأرض من بين القضبان الحديدية الموجودة بأعلى باب غرفة السجن، ثم قال هذا الصوت هل تريد شئ آخر؟ قلت له أريد كوبا من الشاي, قال بعد قليل سيصلك .











 

صوت صارخ

New member
إنضم
3 أغسطس 2007
المشاركات
30,370
مستوى التفاعل
3,280
النقاط
0
الإقامة
تحت قدمى المصلوب
وبينما كنت منتظرا بجوار الباب، سمعت حوارا هامسا بالخارج، فنظرت من ثقب المفتاح، فرأيت انسانا يضع ورقة مالية في يد الحارس، والحارس يضعها في أحد جيوبه، ثم فتح له الباب ليعطيني كوب الشاي, وقد سجنت في بلاد كثيرة فلم يهتم بي أحد سوى أبطال نجع حمادى. ومن خلال هذا الكتاب أقدم الشكر إلى هذا الإنسان العظيم الذي ما يزال حيا
وفى الصباح أخذني أحد رجال البوليس وأوقفني أمام أحد الضباط، فلما رآني أمرني بالجلوس أمامه ووضع بيننا مسجلا ليسجل عليه ما يدور بيننا من حوار، ثم قال لي: ما هي المعلومات التي أرسلتها إلى إسرائيل؟ وأين تخبئ جهاز الإرسال؟ وكم أخذت من نقود؟ ولم أكن أجاوب على أسئلته حتى لا يتلاعبوا بالكلمات ويقدمون للمحكمة تسجيلا بصوتي اعترف فيه بأنني جاسوسا لإسرائيل ويحكم على بالإعدام
وقد علمت فيما بعد، أن هذا المأمور يدعى محمد وان كثيرا من أهل نجع حمادى يقولون عنه انه مختل العقل وقد حاول هذا المأمور المجنون ومعه هذا الضابط أن يجبروني على الرد، ولكنى رفضت وقلت لن أتكلم إلا أمام وكيل النيابة, فقال لي المأمور بتحدي سوف استدعى لك ضابطا خبيرا ليأخذ منك الإجابة بالقوة
ثم تحدث تليفونيا وبعد فترة حضر ضابطا عملاقا وقف الجميع احتراما له، ونظر إلى فعرفته وعرفني، فقال لي وهو مندهشا زكريا! ما الذي جاء بك إلى هنا؟ فأشرت بأصبعى نحو المأمور والضابط وقلت له: اسألهم هم, فقال له المأمور بلهفة هل تعرفه؟ فقال له نعم, ثم قال لي انتظر بالخارج يا زكريا, وبعد خروجي من الباب، امسكني رجال البوليس الواقفون بالخارج معتقدين إنني أحاول الهرب، فقلت لهم إن سعد اللبان هو الذي طلب منى أن انتظر بالخارج, فقال رئيسهم بدهشة انك تقول سعد اللبان بدون ألقاب وكأنك صديقه، هل تعرفه؟ قلت له هو الذي يعرفني, وفى هذه اللحظة فتح الباب وظهر سعد اللبان وقال لهم اتركوه, فتركوني وكانوا ينظرون إلي وهم متحيرين
وعادت بي الذاكرة إلى الوراء، وتذكرت حينما كنت امتلك مطعما، وجاء سعد اللبان ضابطا صغيرا إلى مركز زفتى وهاجم إحدى العصابات لضبط إحدى المسروقات، وقامت معركة بالرصاص، وهرب اللصوص بالمسروقات بعد إصابة أحد رجال البوليس السرى وسرقة مسدسه, وتذكرت الساعة التي جاء فيها سعد اللبان إلى مطعمي وقال ليّ أن رجال البوليس السرى القدامى قالوا لي انك تستطيع إعادة المسدس، لان زعيم العصابة كان تلميذا لك وسجن معك وان لك نفوذا عليه، ولا يرد لك طلبا، وأرجوك أن تعيد المسدس إلى, فقبلت القيام بهذه المهمة وقلت له سوف أعيد لك المسدس غدا, وذهبت إلى صديقي حيث كنت اعرف أين يختبئ، وأقنعته بأن يعطيني المسدس، فأعطاه لي، وذهبت إلى مكتب سعد اللبان ليلا، وأعطيته له, ومن هذا اليوم أحبني وصار زبونا دائما في مطعمي، وظل الحب متبادلا بيننا إلى أن نقل من مركز بوليس زفتى، إلى بلدة أخرى
وتوقفت الذكريات حينما فتح الباب وظهر سعد اللبان وعلى وجهه ابتسامة، ثم أخذني تحت إبطه كما كان يفعل معي سابقا، وقال لي هل حقا انك قد أصبحت مسيحيا؟ قلت نعم, قال أما انك قد أصبت بالجنون، أم أنك تخطط لإحدى السرقات الكبرى؛ أم انك قد وقعت في حب أحد الفتيات المسيحيات الجميلات، وفعلت ذلك من اجلها, قلت له لا هذا ولا ذاك، لقد تغيرت ولم اعد حتى محبا للمال أو النساء, فقال لي أنا لا أستطيع أن أخرجك من هنا خوفا عليك من غضب المسلمين, فأختار أي مدينة تروق لك وأنا أرسلك إليها مع حارسا خصوصيا درجة أولى بالقطار إكراما لك، ومن هذه المدينة تخرج من السجن بضمان أحد الأشخاص, فشكرته وطلبت منه إرسالي إلى أسوان.
وفى الصباح الباكر جاء أحد رجال البوليس بالملابس الرسمية وكان مسيحيا طويل القامة، كشر الوجه، ووضع يدي الاثنين في قيدا حديديا له سلاسل حديدية كان يمسكها في يده، وقال لي أنا ذاهب معك لتسليمك إلى مديرية أمن أسوان، وركبت معه القطار، وجلسنا في عربة فاخرة.
وفى مدينة الأقصر صعد إلى القطار وجلس أمامي شيخا وقورا مهيب الطلعة، نظيف الهندام، ولما رأى القيود والسلاسل في يدي، اخذ يحدثني عن الحرام والحلال والسرقة والقتل, ولكنى قاطعته وقلت له إنني لم افعل شئ مثل ذلك, فقال لي إذن ما سبب هذه القيود؟ قلت له إنها بسبب أنى كنت مسلما وصرت مسيحيا, فأرتعش وتحول وجهه إلى اللون الأصفر وقال لي لقد كفرت, واخذ يحدثني بهدوء ووقار عن الشرك والكفر, وأخذت أحدثه بوداعة وحب عن التثليث والتوحيد, كان يبشرني بمحمد الهادى, وكنت ابشره بالمسيح الفادى, وكنا نتجادل بصوت مرتفع جذب إلينا انتباه الناس فحضروا ووقفوا بجوار الباب، وظلوا يستمعوا إلى ما يدور بيننا من حوار ساخن حتى وصل القطار إلى أسوان.
وقبل أن يغادر هذا الشيخ مقعده قال لي, انك لا تستحق القيود الحديدية، ولكنك تستحق الإعدام, ثم سأل الجندي الذي معي وقال له من أين أنت قادم به؟ قال له: من نجع حمادى, قال له وأين أنت ذاهب به؟ قال له إلى مديرية أمن أسوان, فتوعدني بالويل وانصرف
فذهبت إلى شقة حبيبي الدكتور (أ.ع) الذي كان مديرا لمستشفى حميات أسوان في ذلك الوقت، حتى اخرج إلى الحرية عن طريق ضمانته لي عند البوليس كما هو متبع, ولما قرعت على الباب وفتحت زوجته التي كانت تعرفني، ولما رأت القيود في يدي والسلسلة في يد الجندي، ارتبكت وأغلقت الباب في وجوهنا بطريقة لا تليق, فأغتاظ الجندي وقال هل نحن كلاب حتى تغلقي الباب في وجوهنا هكذا؟ ثم جذبني من السلسلة بقوة وعنف ووحشية، فأصيبت معاصم يداي بكدمات وتسلخات نتيجة لاحتكاك القيود الحديدية في يداي, فقلت له لو كان معي جنديا مسلما ما كان قد قسي على مثلك.
 

صوت صارخ

New member
إنضم
3 أغسطس 2007
المشاركات
30,370
مستوى التفاعل
3,280
النقاط
0
الإقامة
تحت قدمى المصلوب
ثم ذهبنا إلى مديرية أمن أسوان، ولما اقتربنا منها رأيت اثنين من رجال البوليس السرى يسرعون نحونا ويقول أحدهما للجندي الذي معي هل أنت قادم بمتهما من نجع حمادى, فقال له نعم, فقال له اتبعني سريعاً, فتبعناه وصعدت إلى الدور الثاني ووقفت أمام مدير أمن أسوان وكان يدعى اللواء عبد الفتاح أبو باشا، فلما رآني قال لي هل كنت مسلما وأصبحت مسيحيا؟ قلت نعم, قال هل بلغت بك الجرأة والإجرام أن تبشر مدير عام الوعظ بجمهورية مصر, قلت له أنا لا أعرف مدير عام الوعظ ولم أتقابل معه قبل ذلك, قال انه فضيلة الشيخ الذي كان معك بالقطار, ففهمت وصمت, ثم قال لي قل لي ما حدث بينكما من حوار في القطار، لان فضيلته قد تحدث معي بخصوص هذا اللقاء, فرويت له ما قاله وما قلته, فقال لمن حوله من الضباط يبدوا انه كان ضحية لأحد وان أحد المسيحيين قد خدعه, ثم قال هل قرأت كتاب المغنى لابن قدامه الجزء الثامن؟ قلت لا, قال سأمنحك فرصة حتى الصباح لقرأته, ثم اخرج كتابا كبيرا من درج مكتبه وأعطاه لي، وقال لمن حوله من الضباط دعوه في غرفة وحده حتى يقرأ الكتاب ثم اعرضوه على غداً, فوضعوني وحدي بأحد غرف السجن وأغلقوا الباب, ونظرت إلى الكتاب، فوجدته انه صادر من المملكة العربية السعودية، من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية كلية الشريعة والرياض, وقرأت هذا الكتاب وكان عن المرتد, أي المسلم الذي يترك دين الإسلام ويؤمن بدين آخر, ويقول هذا الكتاب المرتد هو الراجع عن دين الإسلام إلى الكفر, ويتحدث عن قتل المرتد وكيف يقتل ولماذا يقتل ولماذا يحرم من ميراث والديه وكيف يكون التعامل معه
ويقول الكتاب "وقد أجمع الصحابة الأربعة أبى بكر وعمر وعثمان وعلى ومن بعدهم على وجوب قتل المرتد فكان إجماعا وتأييدا على قتل المرتد" وبعد قراءة هذا الكتاب قلت لنفسي ومن قال أنني أخاف الموت, وفى الصباح وقفت أمامه ومعي الكتاب المقدس، فقال لي هل قرأت الكتاب؟ قلت له نعم قرأته, فقال وهل اقتنعت انك تستحق القتل؟ فلم أجاوبه, فقال لي هل أنت مستعدا للعودة إلى الإسلام؟ قلت له أنا قررت أن أكون مسيحيا وأموت مسيحيا, فقال هل أنت مصمما على ذلك؟ قلت نعم, فقال للضابط الذين حوله خذوه واضربوه بدون إصابات ظاهرة في جسمه, فأخذني أحدهم وأدخلني إلى إحدى الغرف، فوجدت بها رجلا ضخم الجثة قوى العضلات، امسكني هذا الرجل من أكتافى بقوة واخذ يصدم ظهري بالحائط بقوة وعنف، وكان يقول لي بعد كل اصطدام لن أتركك حتى يحدث لك نزيف داخلي, وكانت عظامي تؤلمني، وكنت اشد عضلات رقبتي حتى لا تصطدم رأسي بالحائط، وظل هذا العملاق يفعل هكذا حتى لم اعد قادرا على الوقوف على قدمي، وما حدث لي في تلك الليلة من اللواء عبد الفتاح أبو باشا كان مروعا إلى حد انه قد حضر في ذاكرتي ولن تمحوه الأيام، فقد كان يعد لي مفاجأة غير سارة سوف تعرفها في الفصل القادم.
وبعد نجاتي من المفاجأة، خرجت من الغرفة آلتي كنت بها إلى غرفة أخرى كان بها مساجين كثيرين، ثم دخل إلينا مجموعة من الضباط والجنود، وقيدوا يدي اليمنى مع اليد اليسرى لمسجون آخر، وأصبح كل مسجونين في قيدا حديديا واحدا، ثم ركبنا جميعا في سيارة بوليس كبيرة، ثم أنزلونا ووضعونا في عربة خاصة بالقطار المتجه إلى القاهرة، وفى محطة مدينة قنا، توقفت عربة المساجين على أحد القضبان الحديدية الخاصة لمدة يومين، حضر خلالهم مجموعة كبيرة من المساجين في سجن قنا، ووضعوهم معنا في العربة، وحدث ذلك في محافظات سوهاج وأسيوط والمنيا وبنى سويف. وكان الحر شديدا داخل العربة والزحام لا يحتمل، ووصلت إلى القاهرة في إحدى عشر يوما، ولم يكن معي نقودا، ولكن الله الذي وثقت به أعطاني نعمة في عيني المسجون الذي كان مقيدا معي فكان يشترى لي طعاما
وفى قسم بوليس حي شبرا بالقاهرة حضر أخي الأكبر وهو يعمل في البوليس ووالد لاعب كره القدم الشهير بالنادى الأهلي وأخرجني من السجن، وفى الطريق كان يسبني ويقول لي لقد كرهت حياتي بسببك وكنت أتمنى أن لا تكون أخي, وطلب منى أن لا أقول لأحد انه أخي حتى لا اشوه اسمه، وألقى في وجهي ورقة مالية كبيرة وهو يقول لا ترسل إلي وأنت مسجونا بعد ذلك لأني لن احضر إليك مرة أخرى. أرسل إلى المسيحيين الذين أنت منهم، وانصرف وهو يقذفني بالسباب والشتائم
وفى يوم ما بعد انتهائي من إلقاء إحدى العظات في إحدى الكنائس الكبرى بمدينة المنصورة، وأثناء ذهابي إلى محطة القطار لكي أعود إلى القاهرة، لاحظت أن هناك اثنين من الرجال يتتبعون خطواتي عن بعد, وأثناء انتظاري للقطار تقدموا منى وقالوا نحن من رجال البوليس السرى وأنت مطلوب أمام العميد إسماعيل عبد الغفار، مفتش مباحث مديرية أمن المنصورة, فذهبت معهم، فلما شاهدني قال كلاما قبيحا عن والدي وكلاما أقبح عن والدتي ثم قال بعصبية وغضب المسيحيين يسلمون، وأنت تصبح مسيحيا؛ وتعظ،في الكنائس؛ هذه كارثة كبرى, وقام من كرسيه وأخذ يضربني بيديه في وجهي وبقدميه في بطني، وبعد أن تعب من كثرة ضربي أدخلني غرفة أخرى بها عصا كبيرة قوية وقطعتين من سلك الكهرباء ومقعدين وعددا من رجال البوليس وبسرعة فائقة قيدوا يداي خلف ظهري بأحد الأسلاك وقيدوا قدامى بالقطعة الأخرى، وجاءوا بالعصا وادخلوها بين السلك الذي يقيد أقدامى ورفعوني إلى أعلى ثم وضعوا أطراف العصا على المقعد فأصبحت رأسي إلى أسفل وأقدامى إلى أعلى, وكانت العادة إن الضابط يأمر وأتباعه تضرب، لكن العميد إسماعيل عبد الغفار خالف القواعد فكان هو الذي يضرب ويستمتع بضربي !!!
وبعد أن تورمت قدماي من الضرب طلب ممن حوله أن يفكوا قيودي، ففكوها وطلب منى أن أجرى على أقدامى داخل الغرفة، فلم أستطيع حتى الوقوف على أقدامى من شدة الألم الذي بهما، فتقدم نحوى وهو رافعا كرباجه السوداني الرهيب وضربني به على رأسي وقال لي اجري يا ابن ال ... فجريت من أمامه، وكان يطاردني بكرباجه حتى أجرى، وكانت أقدامى تصرخ من شدة الألم، وظل هذا الوحش يضربني ثم يجعلني أجرى لمدة ثلاثة أيام، وفى اليوم الرابع قال لي: سوف اعفوا عنك بشرط أن لا تعود إلى المنصورة مرة أخرى، وإذا علمت انك هنا سوف أقتلك ولن يعرف أحدا جثتك, قلت له لن احضر إلى هنا مرة أخرى, فتركني وسافرت إلى القاهرة في نفس اليوم، وكنت أعتقد إننى لن أصادف ضابطا في مثل قساوته؛ ولكني صادفت بعد ذلك من هو أكثر منه عنفا وشرا وقسوة ووحشية



 

صوت صارخ

New member
إنضم
3 أغسطس 2007
المشاركات
30,370
مستوى التفاعل
3,280
النقاط
0
الإقامة
تحت قدمى المصلوب
ففي يوم ما سافرت إلى مدينة المنيا لزيارة صديق لي يعمل قسا للكنيسة الرسولية في منطقة تدعى العزبة بأحد ضواحي المنيا وكان يدعى القس وليم إبراهيم, فلما رآني طلب منى أن أعظ بالكنيسة لمدة أسبوع، فرحبت بذلك وكنت حارا في الروح ونجحت الخدمة نجاحا لم يكن أحد يتوقعه، وطلب الشعب إن أعظ لمدة أسبوعا آخر فوافقت ونجحت الخدمة أكثر فأكثر، وفى آخر عظة لي بالكنيسة طلب منى القس هرمينا ويصا راعى كنيسة نهضة القداسة بالمنيا أن أعظ عنده لمدة أسبوع فوافقت على طلبه، وكان يأخذني معه إلى محلات ومنازل المسيحيين ويقدمني لهما ويقول هذا هو الأخ زكريا الذي كان مسلما ثم أصبح مسيحيا، ويطلب منهم الحضور إلى الكنيسة ليستمعوا إلى عظاتي الرائعة حسب قوله, وكانت الكنيسة تمتلئ عن أخرها وكان الزحام شديدا وكانت الناس تقف في الطرقات وأما أبواب الكنيسة بالخارج
وفى أحد الأيام وبينما كنت أعظ وجدت إنسانا يهمس في آذني بصوت مرتعد ويقول احترس في كلامك لان بالكنيسة كثيرا من كبار شيوخ المنيا يخفون شعر ذقونهم ومعهم كثيرا من رجال البوليس السري, ثم وجدت إرشادا داخليا قويا بأن اشهد وأجاهر باسم الرب يسوع المسيح في وجوههم، فتحدثت عن لماذا صرت مسيحيا وكيف آمنت المسيح؟ وقبل أن انتهى من المقارنة بين المسيح ومحمد، رأيت رجلا قويا يركل شابا صغيرا ركلة قوية في جسده، ثم شاهدت مقاعد ترتفع إلى أعلى ثم تنزل على رؤوس البعض، ثم رجالا تضرب رجالا، ونساء تصرخ وأطفالا تبكى ورجالا تسقط والجميع يتجهون نحو أبواب الخروج من الكنيسة وهم في حالة رعب وخوف وفزع، ولم يتبقى أحدا بالكنيسة سوى القس هرمينا ويصا ورجال البوليس ومشايخ المنيا وبعض أعضاء الكنيسة وأنا
وتقدم نحوى رجال البوليس والشيوخ وامسكوني ليذهبوا بي إلى قسم البوليس، ولما خرجت إلى الشارع وجدت جمهورا كثيرا ينتظرني فلما شاهدوني هاجوا وصرخوا وطالبوا برأسي، وكانت المشايخ تحرضهم ضدي وتثير حماسهم فهجمت على مجموعة من الذئاب البشرية واختطفوني من أيدي رجال البوليس وكان كل منهم يحاول أن يأخذ قطعة من جسدي، وفى اللحظة الأخيرة جاء إنسانا مسيحيا أعرفه يدعى أنور يعمل سجانا في سجن المنيا؛ واختطفني من بين أيديهم بالقوة وقال لرجال البوليس وهو يصرخ فيهم سوف تحاكمون جميعا وسوف اشهد ضدكم إذا قتلته الناس وانتم المسئولين
وطلب منهم العودة بي إلى الكنيسة والاتصال بمديرية الأمن لإرسال قوات تكفى لحمايتي، فاستجابوا لقوله وأعادوني إلى الكنيسة, وبعد لحظات حضرت عدة سيارات بها عددا من كبار ضباط البوليس بالملابس الرسمية وأخذوني تحت حراسة قوية إلى قسم ثان المنيا.
وفى داخل القسم شاهدت الشاب الصغير الذي ركل في الكنيسة محبوسا، ثم أدخلوني إلى أحد الغرف ووقفت أمام ضابطا كبيرا، وبعد لحظة جاء شيوخ المنيا وشهدوا بما قلت، وبعدها جاء رجال البوليس السري الذين كانوا بالكنيسة وشهدوا بما قلت، فنظر الضابط الكبير إلى وقال بغضب هل قلت هذا الكلام؟ قلت له نعم, وبعد لحظة أخرى جاء القس البروتستانتي هرمينا ويصا؛ فقال له الضابط هل تعلم إن هذا الإنسان كان مسلما ثم أصبح مسيحيا؟ فأرتعش القس وكأن تيارا كهربائيا قد صعقه وقال بدهشة واستنكار: كان مسلما؟ لم أكن أعرف, ثم انفعل كمن سمع خبرا سيئا وأشار علىّ وقال بنفاق ورياء وخيانة وغدر لو كنت اعرف إن هذا الخنزير كان مسلما وأصبح مسيحيا ما كنت قد سمحت له بدخول الكنيسة إطلاقا, لو كنت أعرف أن هذا الخنزير كان مسلما وأصبح مسيحيا ما كنت قد أدخلته إلى منزلي, لو كنت اعرف أن هذا الخنزير كان مسلما وأصبح مسيحيا، ما كنت تعرفت به أبدا, ثم أشار بيده نحوى مرة أخرى وصاح قائلا, من ليس في خيرا في دينه، فلن يكون له خيرا في أي دين آخر, ثم وقع على الأوراق التي أمام الضابط وأنصرف.
ثم جاء وكيل بطريركية الأقباط الأرثوذكس بالمنيا، وكان يدعى القمص شنوده، وكان يوجد ندبة ظاهرة في وجهه، وأخذني إلى جانب من الغرفة وقال لي أنت في موقف صعب جدا ولن يتركوك إلا إذا ادعيت الجنون، وطلب منى أن أتصنع الجنون, فغضبت وقلت بانفعال وإصرار لن أدعى الجنون حتى لا تفقد عظاتي مصداقيتها عند الناس، وأشوه صورة المسيح، وأفسد كل شي, فنظر إلى باحترام وحب وإعجاب وقال لي: الرب معك وانصرف؛ وفى هذه اللحظة تذكرت قائد قوات نابليون بونابرت وهو يصدر أمرا إلى الجندي حامل البروجي أن يعزف لحن الهزيمة في أحد المعارك، ولكن الجندي رفض أمره وحطم قيثارته أمامه وقال له إن جندي نابليون لا يعزف لحن الهزيمة
وقلت في داخلي إذا كان جندي نابليون لا يعزف لحن الهزيمة، فهل أعزفه أنا جندي المسيح؟ وقلت في نفسي إن كل ما في استطاعتهم هو موتى، وأنا سوف أموت، فمن من الناس لن يموت؟ وهيأت نفسي بعناد وإصرار على الموت، ثم أفقت من شرودي حينما حضر ضابطا برتبة لواء ومعه مجموعة من الضباط وأخذوني معهم في سيارة مغلقة وأمامها سيارة كبيرة بها مجموعة كبيرة من جنود العمليات الخاصة ومعهم بنادق يصوبونها نحو الجموع المحتشدة تحت قيادة شيوخ المنيا، وكانوا يهتفون مطالبين بتوقيع حد الردة علىّ،أي قتلى.
وأقول الصدق في المسيح، لم أكن خائفا، بل كان هم الخائفون، وكنت اشعر إن هناك يدا قوية غير منظورة تسندني وتعينني وتعطيني قوة في ضعفي وشجاعة في قلبي وكلاما في فمي, وكان في داخلي سلاما منتصرا على كل الأمور التي تدور في الداخل والخارج أيضا, ثم وقفت السيارة أمام إدارة المباحث العامة، وهى بجوار أحد الكنائس الكاثوليكية الكبرى أمام محطة قطارات المنيا، وصعدت إلى الدور الثاني ودخلت إلى غرفة كبيرة وجدت بها عددا كبيرا من كبار رجال البوليس يقفون، وإنسانا يرتدى ملابس مدنية أنيقة يجلس على مقعد خلف مكتب أنيق، فلما وقفت أمامه قال لي هل حقا انك كنت مسلما؟ قلت نعم, قال وهل فعلت ذلك لكي تتزوج من فتاة مسيحية؟ قلت لا, فأنا لم أتزوج حتى الآن, قال لماذا فعلت ذلك؟ قلت, لقد درست الكتاب المقدس والقرآن الكريم عدة مرات، فوجدت إن الكتاب المقدس يشهد بأن المسيح حيا، والقرآن الكريم يشهد إن المسيح حيا وان محمد ميتا, ونظرت إلى وجوه الضباط لكي أرى تأثير هذه الكلمة على وجوههم، فوجدتهم واقفين صامتين بلا حركة وكأنهم ضباطا داخل لوحة مصورة, ثم قلت له إن ميلاد المسيح أكثر من معجزة, فقال إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم, قلت قبل آدم لم يكن هناك امرأة ليولد منها آدم، ولكن بعد وجود الذكور والإناث على الأرض ولد
المسيح مخالفا لنواميس الطبيعة، فهو لم يولد نتيجة لمعاشرة رجلا لامرأة ولم يأتي من بذرة حياة أرضية ولم يكن في دمه دماء ملوثة بالخطية، فميلاده معجزة تفوق معجزة آدم وتختلف عنها .
وكان هذا الرجل مستمعا جيدا فلم يكن يقاطعني, ولكن عندما تحدثت عن السلام الذي يعطيه المسيح إلى خاصته قاطعني وقال لي هل تقصد السلام مع إسرائيل, وكنا في عام 1968؛ وفى عهد جمال عبد الناصر, وكان الشعب المصري بين مسجون في السجن، أو مرشح لدخول السجن، أو خائف من دخول السجن، ومن يستمع إلى إذاعة إسرائيل يدخل السجن، ومن يتحدث عن إسرائيل يدخل السجن. وتنبهت إلى ما يريد استدراجي إليه، فقت له أنا أتحدث عن السلام الذي تركه لنا المسيح, قال وأين تركه لكم؟ فأشرت إلى قلبي وقلت هنا, قال ساخراً هنا؟ ثم قال وهو يبتسم وهل هو معك الآن؟ قلت: نعم, قال وبماذا يشعرك الآن؟ ومرت لحظة صمت كأنها الدهر كله استجمعت خلالها كل قوى التحدي في داخلي مع خلاصة السلام في إيجاز شديد وبما قل ودل؛ فقلت بصوت عالي واثق من إلهه السلام الذي تركه المسيح في قلبي يجعلني لا أخاف منكم؟
وفجأة وجدت هذا الإنسان يضحك بصوت عالي جداً, ولكن لم يضحك أحدا من الضباط الواقفين, وبعد أن ضحك كثيراً قال للضباط الواقفين, ما دام لا يخاف منا فهو مجنوناً رسمياً, وليس لدي شيء ضد المجانين؛ خذوه من أمامي.
فأخذوني من أمامه وأعادوني إلى قسم ثان المنيا؛ وكان ضوء النهار قد بدأ؛ وانصرفت الناس؛ وأثناء وضعي في السجن رأيت الشاب الصغير الذي ركل بشدة في الكنيسة يخرج من السجن مع والده وينظر إلي, وقد صار هذا الشاب فيما بعد قساً إنجيلياً محبوباً ومعروفاً في العالم كله؛ ومازال يتذكر هذه الأحداث ويذكرني بها.
 

صوت صارخ

New member
إنضم
3 أغسطس 2007
المشاركات
30,370
مستوى التفاعل
3,280
النقاط
0
الإقامة
تحت قدمى المصلوب
وفي غرفة السجن جاء ضابطاً متوحشاً يدعي مجدي الديب ومعه ثلاثة من رجال البوليس السري؛ وسألني قائلاً هل تعرف عائلة الديب؟ قلت لا, قال كان والدي دكتوراً ومفتشاً لصحة زفتى, ثم قال كيف تتجرأ هكذا وتقول أنا لا أخاف منكم, ثم أخذ يلكمني بيديه القويتين في وجهي وفي آذاني حتى فقدت السمع نهائياً؛ ثم تركني وانصرف, وكانت آذاني تؤلماني جدا ويصدر منها صفيرا وضجيجاً وأصواتا متداخلة؛ وكانت الأماكن الحساسة أكثر ألماً؛ حيث كان يركلني فيهما بقسوة ووحشية؛ وبعد عدة ساعات عاد هذا الوحش وضربني بعنف مرة أخرى؛ وكان ذراعي الأيسر يؤلمني بشدة حيث كان قد تلقي عدة ضربات قوية وسريعة من قدمه اليمنى؛ وأثناء ضربه لي اكتشفت أنني ارتدي جاكتة بيجامة تحت ملابسي التي تمزقت وكانت مباعة من إحدى محلات المنيا؛ فقال لي: من أين حصلت عليها؟ قلت لقد أعطاها لي القس وليم لتحميني من البرد؛ فتركني
وفي المساء عاد السمع إلى آذاني؛ ثم استدعاني هذا الضابط إلى مكتبه فوجدت القس وليم هناك يرجوه أن يكتب بلاغاً ضدي بأنني قد سرقت منه جاكتة البيجامة؛ ولكن القس وليم رفض هذا الظلم؛ وقال له كيف أظلم وأكذب واشهد زوراً وأنا رجل دين؟ فأنا الذي أعطيتها له, ثم أعادوني ثانياً إلى غرفة السجن
وبعد عدة ساعات فتح باب غرفة السجن ودخلها إنساناً متهماً بالسرقة؛ وكان يحمل لفافة في يده؛ فجاء جلس بجواري على الأرض؛ وقال لي: هل أنت الذي كنت بالكنيسة؟ قلت نعم, قال إن المنيا كلها تتحدث عنك, ثم فتح اللفافة التي كانت في يده؛ وكان بها طعاماً؛ وأخذ يأكل ثم دعاني للطعام فأكلت معه
وبعد عدة ساعات جاءوا وأخذوه لعرضه على النيابة؛ وفي المساء جاء الضابط المتوحش محب الدماء مجدي الديب وأخذ يضربني بكل وحشية وقسوة وعنف إلى أن فقدت الوعي ولا أدري ماذا حدث بعد ذلك؛ وحينما عدت إلى وعي وجدت ملابسي ورأسي مبتلان بالماء؛ وأستمر هذا الضابط في تعذيبي لعدة أيام؛ ولم يكن يشترك معه أحداً من رجال البوليس السري في تعذيبي.
وفعل معي ما هو أبشع من ذلك؛ وهو ما سوف تراه في الفصل القادم, لكن الله أنقذني من بين أيديه؛ وجاء أحد رجال البوليس ووضع قيوداً حديدية في يداي؛ وسافرت معه إلى بلدتي ثم سلمني إلى رئيس مباحث مدينة زفتى؛ فأطلق سراحي ومازلت مدينة المنيا تتذكر تلك الأحداث وتتحدث عنها حتى الآن.
في يوم ما كنت في أزور القديس الراحل القمص بيشوي كامل في الإسكندرية؛ وكان إبليس في قمة غضبه على هذا القديس؛ وقد سمعت بأذاني من ميكروفانات بعض مساجد الإسكندرية؛ الشيوخ وهي تطالب بسفك دمه, وكان البوليس السري يراقبه حتى يضبطه متلبساً بعماد أحد المسلمين؛ فلقد كان القديس الراحل يعمد الناس سراً دون الحصول على تصريح من البوليس حسب القانون الذي وضعته الدولة لإرهاب وتهديد الكهنة والقسس حتى لا يعمدوا أحد.
وتقابلت مع أبونا بيشوي بالأحضان كالعادة؛ وحدثني عن الصليب وحمل الصليب وقوة الصليب والجهاد حتى الدم؛ وطلب مني مغادرة الإسكندرية فورا, وبينما كنت أتجول على شاطئ البحر حتى يأتي موعد قيام القطار المتجه للقاهرة؛ قررت البقاء في الإسكندرية لمدة ثلاثة أيام؛ وحجزت غرفة بأحد الفنادق, وكان من عادة الفنادق أن ترسل بأسماء النزلاء إلى إدارة البوليس السري؛ وفي اليوم الثاني وجدت رجلا يتبعني كظلي لعدة ساعات؛ ثم اختفى وجاء رجلاً آخر؛ وفي اليوم الثالث؛ وفي ساعة مبكرة من الصباح؛ فوجئت برجال يوقظونني من النوم ويأخذونني معهم إلى إدارة المباحث العامة بحي المنشية.
وهناك وقفت أمام ضابطا يرتدي ملابس مدنية؛ فلما رآني استقبلني بود وحب وترحاب على غير العادة؛ وبأدب شديداً سمح لي بالجلوس؛ واعتذر عن استدعائه لي بهذه الوسيلة؛ ثم طلب لي فطوراً وقهوة؛ وأخذ يحدثني عن كرة القدم؛ وتشجيعه للنادي الأهلي؛ وإعجابه الشديد بابن أخي اللاعب الشهير في النادي الأهلي؛ ثم انتقل إلى مطعمي الذي بعته؛ وكان يحدثني بلطف ورقة وكأني صديق له من زمن, ثم قال لي: نحن سوف نعطيك نقوداً لتعمل لك مطعماً آخر إذا تعاونت معنا
ثم قدم لي ورقة مكتوبة وقال لي: أريدك أن تكتب ما في الورقة بخط يدك في ورقة أخرى؛ ثم توقع عليها, فلما قرأت ما بالورقة وجدتها شكوى مقدمة باسمي ضد القديس الراحل؛ أقول فيها أنه خدعني وعمدني وأعطاني مبلغاً كبيراً من المال؛ وأنه قد فعل ذلك مع مسلمين كثيرين؛ وان نقود كبيرة وكثيرة تأتيه من الخارج؛ وأنه يطعن في القرآن ويهاجم الإسلام؛ وقبل أن أنتهي من القراءة؛ كنت قد اتخذت القرار؛ وقلت له بتحدي: لن اكتب هذا الكلام؛ وسوف أموت قبل أن أكتبه
فقال بهدوء شديد: سوف تتوسل إلي طالباً مني السماح بكتابته, ثم قال لمن حوله: اميتوه موتاً بطيئا, فأخذوني وألقوني في غرفة وأغلقوا الباب وانصرفوا, ورنمت ترنيمتي الحبيبة
الله قوة لنا وحمانا الوطيد
في الضيق قادر ونصير شديد
فلذا لا نجزع والقلب لا يفزع
ولماذا نتزعزع والرب معين؟
وسجدت بخضوع وخشوع إلى الله متوسلاً إليه أن يقوى نفسي, ثم قفز إلى فكري والى مشاعري والى ذهني مجموعة من وعود الله جعلتني لا أبالي بما سوف يحدث، وحملت كفني على يدي ولم اعد أخاف من الذين يقتلون الجسد، وتذكرت قول حبيبي الجسور القديس بولس الرسول ( لي حياة هي المسيح والموت هو ربح) واشتاقت أحشائي للموت مرحباً به إن كان سريعا أو بطيئاً أو متوسطا أو كما يكون.
وبعد بقائي في الغرفة بدون طعام لمدة يومين، حضر الضابط إلى الغرفة وقال لي: سوف أفرج عنك، لكن عار علينا أن تكون ضيفاً عندنا ونخرجك جائعاً !!
ووضع احد رجال البوليس أمامي صينية فوقها خبزاً، وصحن به جبن أبيض ممزوج بمادة لونها أحمر, ووضع آخر كوباً كبيراً بجوار وعاء مليء بالماء المثلج، حيث كان الطقس حاراً، وقال الضابط لي: كل واشرب حتى لا تقول لأحد حينما تخرج: إننا قد جوعناك !!
وأضاف قائلاً: وإذا أردت الذهاب إلى دوره المياه، فأقرع على الباب
وأثناء تناولي الطعام شربت كثيرا جدا من الماء المثلج، حيث كنت أشعر اشعر بأن معدتي تحترق من الداخل, وكانت مياه البول الذي بداخلي تتكاثر وتريد الخروج، فقرعت على الباب لكي أذهب إلى دورة المياه، ففتح الحارس وقال لي انتظر لحظة, وقال الحارس لرجل كان يقف بجواره: اذهب واحضر مفتاح دورة المياه سريعاً قبل أن يتبول على نفسه
وبعد فترة جاء الضابط ومعه رجلين، كان مع أحدهما قيد حديدياً، وكان مع الآخر لفافة من الخيوط البيضاء، وكان الضابط ينظر إلى نظرة المتنصرين، ثم أشار برأسه إلى الرجلين اللذان قد جاءوا معه، فتقدم أحدهما نحوي ووضع يداي خلف ظهري، ثم قيدهما بالقيد الحديدي؛ وقام الآخر بتنزيل البنطلون إلى أسفل ثم ربط عضوي التناسلي بخيطا رفيعاً من البلاستيك حتى لا أستطيع أن أتبول، وأعادوني إلى الغرفة
وبعد فترة شعرت بان راسي يكاد أن ينفجر وأذاني يخرج منها طنينا وحرارة وعيناي لا ترى بوضوح أما الكليتان فكان بهما من الآلام ما لا أستطيع أن أصفه، وكانت هذه الآلام تختلف عن كل ما تعرضت له من آلام سابقة أثناء تعذيبي بواسطة الأمن المصري فكل, الآلام الماضية كانت تهدأ وتتلاشى مع مرور الوقت، أما هذه الآلامات الشنيعة الفظيعة فكانت تتزايد وتتكاثر مع مرور الوقت .
وكنت كمن يحترق من الداخل والخارج على نيران ملتهبة. وكنت أتلوى على الأرض وأصرخ من شدة الآلام وعلى صراخاتي جاء الضابط فقلت له: أرجوك أريد أن اكتب الورقة!!
فقال بكبرياء وغرور: ألم أقل لك إنك سوف تتوسل إلي؟
قلت : نعم ؛ وأتوسل إليك.
فقال لمن حوله: فكوه قيوده.
ففكوا القيود عن يدي، وقبل الانتهاء من عملية فك آلة التناسل تدافعت المياه بغزارة على ملابسي وعلى الأرض وأنا في طريقي لدوره المياه, وبعد ذلك قدم لي الضابط هذه الورقه وطلاب مني كتاباتها ؛ فقلت له لن أكتب، وأريدك أن تموتني فوراً, فصفعني على وجهي وقال: هل كنت تضحك علينا يا ابن الكلب؟
وقال لرجاله: خذوه إلى الغرفة التاسعة



يتبع

 

أَمَة

اخدم بفرح
نائب المشرف العام
إنضم
16 يونيو 2008
المشاركات
12,649
مستوى التفاعل
3,559
النقاط
113
الإقامة
في رحم الدنيا، اتطلع الى الخروج منه الى عالم النور
تسلم ايدك ويباركك الرب أخي الحبيب صوت صارخ
على مجهودك في نقل هذه الشهادة التي تذكرني في شهداء القرون الأولي للمسيحية
لقد شوقتني لقراء البقية

سلام ونعمة
 

صوت صارخ

New member
إنضم
3 أغسطس 2007
المشاركات
30,370
مستوى التفاعل
3,280
النقاط
0
الإقامة
تحت قدمى المصلوب

فأخذوني إليها وكان بها برميلا كبيرا مليئا بالمـاء وبجـواره رجـلا عمـلاقــا يشــبه كينـج كونـج! فــأمرنى بخـلــع كـــل ملابـــسي،ثـم حملــني كطفــل رضيــع بيــن يديه ثـم وضعنــى داخــل البرميــل، وكـان يضغط بيديـه القويـتـيـن علـــى رأســى، ثم يخرجــها مــن المـــاء عندمــا يـشعــر أننـي ألفظ أنفاسـي الأخيـرة، وكــان خبيــرا في ذلــك، وظــل يفعــل هكــذا طــول اليــوم.

وفــى المســاء عدت إلــى الغرفــة ورنمـت وصليـت وتشـددت وتعزيــت, وتذكــرت لمــاذا كــان القديــس الــراحــل (أبونا بيشوى كامل) يطــلب مـنى فـي كــل زيـارة لــه أن أعــود فــورا إلــى القـاهــرة.
وقلــت فـي داخلـي: سـوف أتحمــل خطــأي برجولــة، ولــن أكــون سببــا فـي آلامــه، وأنـــا مســـــتعد للمــــوت وهــو أقصــى مــا فـي أيديهـــم.

وفـى اليـوم التالـي أخـذوني إلـى غـرفـة تتدلـى مـن جدرانـها قيـود حديديــة فنزعــوا كـل ملابسـي وجعلونـي أقف بجــــــــوار الحــائط ثـم قـيدوا يداى وقـدماى ورقبتى بهـذه القيـود، وكـان أحـدهما يـأتى بعصـا حديديـة رفيـعة مـن أتــون النـار ويضــــع مقدمتـها علــــى أجـــزاء متفرقـة مـن جسـدى، وكـان جـلد جسدى يحـترق ويخــرج منــه دخانـــا لـــه رائحـة كريهـــة، ومـا زلات هــــــذه الآثـــــــــار واضحـــــة فــــي جســــدي وعددهــــــــا 21 آثـرا، وقـد شـاهدها الكثيرون فـي جســدي (أنظر ملحوظة رقم 1)

كــان هــذا الظابط يـتـفنـن فـي عذابـي بالطرق المعــروفة وغيـر المعــروفة, ففـــى صبـــاح أحـد الأيــام دعـــاني هــذا الظابط إلــى مكتبه وأشـار إلــى بعض الأوراق التي أمامــه وقــال لـي: هــل تعــرف مـــا هـي هــذه الأوراق؟ فقلـت له لا, فقــال أنـهــا عــدة قضايــا ســوف أقــول أنــــك قــد فعلـــــــتها ولـدى شهوداً يؤيدون ذلـك، فــإذا لـم تكتـب هــذه الورقــة سـوف أحـول هـذه الأوراق إلــــى رئيـــس النيابـة, فقلت لـه بتحـدي لـن أكتـب شـىء حـتى لـو حولـــت هــــــذه الأوراق إلـى فضيلـــــة المفتى نفسه ؟؟؟!!!!, فأعادني إلى السجن وبـقيت يــوما بلا تعذيــب، وفـى اليـوم الثانـي تركـــــني اخــرج مـن الســجن بعـد أن هددنـي بالسـجن مــرة أخــــــــــــرى إذا قلــت لأحـد عمـا فعـله معـي.

وكـل مـا ذكـرته ليــس هـو كــل مـــا قـــد صادفــــني مــن اضطــهاد وآلام وســـــجون، فلـــــدى الكـثــير الـذي لم أذكــره وفـى جســــدي أثــار شــاهدة وكســــــــــور ناطقـــــة على ما أصابنـــــي على أيدي هؤلاء الظالمين الذين لا قـلب لهمـا ولا ضمــير.

ومـن خـلال اضطهـاداتـى وآلامـاتى و سجـوني التـي كـنت مثـل قـوس قــــــزح بهــا كـل ألـوان الألـم والتــــي كنت خلالها مثـل شمعـــة تحتــــــرق من الجانـبيـن، صنـع جســـــــدي لنفســــــــه أجهـزة تكـييف داخلـية يحركـها كمـا يشـــاء مـن درجـات الصمــــــــود والثبــــات والاحتمـال والعنـاد والصـلابة, وكنــــت أشـبه بالكـره المطاطيـة؛ كلمـا رمـاني الأقـويـاء بعنـف إلـى الأرض أرتـفع إلـى فــوق, وأستـهـيـن بـالآلام وأقبــلـــــــهـا ببســاطة؛ وقـد اختـبرت أن مـن إحسـانـات الرب على كـل مـن يتـألم مـن أجـل أسمـــه، أنـه لا يجعـل لـــــه البـاب أضيق من الـلازم، ولا يجعـل له الطـريق شـاقا أكثر ممـا ينبغي، و لا يجعـل لـه الشـوكة أكثر عمقا فـي جسـده، ولا يجعـل كأسـه التي يشربهـا مـرا لا يطـاق، ولا يجعـل صليبـه الـذي يحمـله ثقيـلا لا يقـوى على حملـه، حتـى وان ثقـل صليبـه عليـه، فهـو يرسـل سـمعانـا قـيروانيـا آخـــر ليشـاركه فــي حمـل صليبـه، فـهـو قـد جـرب ويقـدر أن يعيـن المجــربيـن.

وأثنــــــــاء إعـداد مـذكـراتـى لكتـابة هـذا الكتـاب، تـذكـرت كـل هذه الأحداث وكـأنها قد وقعت بالأمس القريب، ودهشت وقلت لنفسي كيـف اسـتطعت أن احــــــتمل كـل ذلـك ؟؟ وقـلت مـا قـاله أيـوب للـرب (أى 26: 2): "كـيف أعـنت مـن لا قـــوة لــــــــــه وخلصـــــــت ذراعــــــــــا لا عــــــــزا لــــــــــها ؟؟؟؟ْ" وجــــاء رد اللـه وهــو (اش 50 :2): "هـل قصـرت بـدى عـــــــن الفـــــــــــداء؟ّ وهــــــــل ليــــــس فـــــــي قــــــــــــدرة للإنقاذ؟" فخجلــت مـن الله وقـلت مـع موسى النبى(خر 14 : 6 ) ""يمينــــــــك يـــــــــا رب معتــــــزة بــالقدرة؛ يمينـك يـا رب تحطـــــم العـــــــدو

الأعتقال بأمـر عبـد النـاصـر!!

كنت أقيـم بـفنـدق رمسـيــس بشـارع كـلوت بـك فـي القـاهـرة، وفـى يـوم مـا حـضر إلـى أحــد رجــال البـوليـس الســري وكــان يـدعــى السنـوسـى وقـال لـي: أنـت مطلوبــاً فـي إدارة المبـاحث العـامـة لمـدة خمـس دقـائق!!!
فـذهبـت مـعه وهنـاك وقفـت أمـام أحـد الضبـاط، وأخـذ يـسألـني: لمـاذا آمنــت بالمســــــــيح وكيـف أقتـنـعــت بــه وكــــــم عــدد العظــــــات الـتي ألقيـتـها, ومــن هـــم القمــــامصـــــــة والقســـــس الـذيـن وجهـوا لـك دعــوات العظــــــات فــي كنائســــــــهم, ومـا هـو الأجـر الـذي تتقاضـاه عـن كـل عـظة؟

وأثـناء التحـقيـق حـضـر محـمد أبـو صبـاع (انظر الملحوظة رقم 2) الـذي يـكرهني بشـدة وأبتسم ابتسـامـة عريضـة وقـدم للظابـط أوراقـا بـها معـلومـات عـنى وأنـصرف وهـو ينـظر إلـى بغـيظ وحقـد ، وبـعد أن قـرأ الظابط تلـك الأوراق نظـر لي من أسـفل إلـى أعلـى وقـال: لم أكن اعرف انك بهذه الخطورة !!!

وطلب من رجال البوليس وضعي في السجن، وعند خروجي من الغرفة وجدت أبو صباع ينتظرني بالخارج والفرح يطل من وجهه ويقول لى أننا سوف نجعلك لا تدخل الكنائس فقط، بل سنجعلك إذا سرت بشارع به كنيسة تعود منه !!!
وسرت مع رجال البوليس وكنت أهبط على سلالم كثيرة متجهة إلى جوف الأرض وأخيرا وضعوني في غرفة تحمل رقم أربعة, وفى داخل الغرفة رنمت ترنيمتى القوية:

الرب قوة لنا وحمانا الوطيد
في الضيق عون قادر ونصير شديد
لذا لسنا نجزع والقلب لا يفزع
ولماذا نزعزع والرب معين ؟!!!

وسجدت مصليا طالبا من الله العون والمساعدة، وكالعادة شعرت بقوة ترفعني وعزاء يعزيني وسلاما يطمنئني, وفى اليوم الثاني وقفت أمام اللواء حسـن طلعـت عبـد الوهــاب, مدير إدارة المباحث العامة في ذلك الوقت, فلما رآني سـألني: هـل أنت زكريا؟ فلت نعم, قال: ل كنت مسلما وصرت مسيحيا؟ قلت نعم, قل: قد صدر أمرا من الرئيس جمال عبد الناصر باعتقالك لخطورتك على الأمن العام !!!!! وقال لنائبه وكان يدعى اللواء زهـدى: أرسـله إلى معتقـل المغضوب عليهم لأنه اعتقل بقرار جمهوري .

فخذوني من أمامه ووضعوني في السجن من جديد، عدت إلى الترنم والصلوات من جديد أيضـا !!! ومن غرائب السيد العجيب نه أعطاني فرحا رغم الأهوال المنتظرة و أنا لا أستطيع أن اصف مقدار هذا الفرح العجيب، ولكنه فرحا ممزوجا بالبهجة ومغلفا بالسلام وممتلئا بالقوة، نه فرحا يشبه نسيما عليلا رطبا منعشا جعلني لا أخاف من وزارة الداخلية والحربية، لا من الموت نفسـه !!! واعتقد أن هذا الفرح هو أحد منافذ الله لنفسي لكي أستطيع أن احتمل التجربة.

وفى صباح اليوم الثاني أخذوني إلى مكان فسيح وجدت فيه رجالا يقف كلا منهما وراء الأخر، وأوقفوني خلفهم، نظرت لأرى ماذا يحدث، فوجدت أن كل من في مقدمة الطابور يدخل إلى أحد الغرف ولا يخرج منها؛ ثم بعد فترة يدخل إنسانا آخر؛ وكانت فترة الانتظار صعبة؛ وتذكرت المثل المصري القائل: وقوع البلاء أفضل من انتظاره, إلى أن وقع البلاء ودخلت الغرفة؛ فوجدت رجلا يمسكني من يدي ويهبط على سلالم كثيرة متجهة إلى جوف الأرض أيضا، ثم فتح أحد الغرف وتركني بها وأغلق الباب خلفه بالمفتاح؛ وكانت الغرفة كبيرة ويجلس في ركن منها ضابطا في يده صفارة, فلما رآني طلب منى خلع كل ملابسي فخلعتها، ثم وضع الصفارة في فمه ونفخ فيها، وفجأة فتحت عدة أبواب صغيرة من الحائط وخرج منها مجموعة من الكلاب لها سيقانا طويلة وآذان قصيرة وأفواه كبيرة وأسنان بارزة وأسرعوا نحوى وهم يكشرون عن أنيابهم وينبحون نباحا يوقف القلب عن النبض، وكانت أسناني تصطك ببعضها، وشفتاى ترتعدان وقلبي يرتجف، فأختل توازني وسقطت على الأرض وأغمضت عيني حتى لا أرى لحمى وهـو يؤكــــل!!! ولكنهم بمهارة عالية كانـوا يجرحـون جلـد جسـدي فقـط ويلحـسون دمائي بلسـانهم؛ ولا أدرى ماذا حدث بعد ذلـك؛ فقد فتحـت عينـي فوجدت نفسـي نائمـا عاريـا علـى بلاط غرفة السجـن والدمـاء تنـزف مـن جسـدي وملابسي موضوعـة في الغـرفـة.

وبعـد عـدة أيــام مــع الآلام جـاء أحـد الضبـاط بالمــــلابــس الرسمـية وأخـذني مـعه تحـت حـراسـة مشـــددة إلـى ســـجن بنـى ســويـف العـمومي, وسـلمني إلـى أحـد الضبـاط الذي وضعني في غرفـة بالـدور الأرضي، وكـان بالسـجن عنبـر خـاص بالمعتقـلين يدعـى عنبر (ب) .

وفـى صباح اليـوم التـالي فتـح البـاب، فوجـدت مجموعة من الجنـود الأقـوياء يجذبـونني بشـدة وعنـف إلـى الخـارج؛ ثـم أمسكني أحـدهـما من رقبتي بقسـوة وكـان يقودني منها حتى أوقفني أمـام ضابطا كان يقف في ميدان فسيح وحوله دائرة من الجنود, وكان كل منهما يحمل في يده شىء مختلفا لكي يضرب به، وكان هذا الضابط يمسك في يده كرباج سوداني طويلا.

فلمـا وقفت أمامه قال لي: إنك هنا في معتقل المغضوب عليهم؛ وكـل شيء هنـا قـذر حـتى أنا!!! ثم رفع كرباجه الرهيب وهـوى به على جسدي، ثم خرج من الدائر ولم تمض ثوان على خروجه من الدائرة حتى ضاقت الدائرة من حـولي وهجـم علـــــى الجنود مـن كـل جانـب وأخذوا يضربونني بمـا في أيديـهم من أدوات البطش والإرهـاب، وكنـــت أضغط عـلى شفــــــــتى لأحتبـس دموعــــي وأجاهـد حتــى لا يخرج صراخــي، ومــع ذلـك فقد خرجت الصرخات مذعـورة والدمـوع منـهمرة، وحينما سـقطت على الأرض كـان بعضـهم يركـلني بحذائه الثقيـل في جسـدي وكـان البعض الآخـر يدوس على رقبتـي بحذائه (انظر الملحوظة رقم 3).

وبعد فترة لا أعلم مقدارها فتحت عيني فوجدت نفسي نائما في أحد الغرف والدماء تسيل من أماكن مختلفه من جسدي، وقد لاحظت إن هناك شيئا غير عاديا داخل فمي ولما أخرجته وجدته أنه بعض أسناني التي تهشمت من شدة اللكم والصفع, ثم حضر هذا الضابط إلى الغرفة وقال لمن حوله من الجنود: ضعوه يسكن في الغرفـة رقـم 14 مع الأخوان المسـلمين!!!

يتبع

ملحوظات
1- قامت بعض الصحف الألمانية بتصوير آثار هـذه الحــــــروق وبقية آثار التعذيب الوحشـي الأخـرى التـي تعرض لـها أخـونا البطل زكريـا "المعترف" في السجون والمعتقلات المصرية،وقد اطلعت على هذه الصور ،وقرأت الموضوع المرفق بها.

2- الصول محمد أبو صباع هو أقدم صول في أمن الدولة متخصص في التجسس على آباء الكنيسة وخدامها والمتنصرون والعائدون ويجلس على باب الكاتدرائية بجانب عم عبد المسيح البواب منذ الستينات وحتى اليوم!!! وتم تمديد خدمته لخبرته النادرة, وبطبيعة الحال فقد كنا هو وأنا ناقر ونقير, وقد استطاع الآباء بمحبتهم له إبعاده عني طوال فترة خدمتي بالكاتدرائية من سنة 88 حتى 93 .

3- كيف يشعر المهتدين المسيحيين داخل البلاد الإسلامية بالأمن والأمان والكرامة الآدمية وهم يعاملون بمثل هذه المعاملة المتوحشة داخل أجهزة الأمن في البلاد الإسلامية ؟؟ وأي نوع من البشر هؤلاء ؟؟ وأي دين هذا الذي يبيح لأتباعه ارتكاب كل هذه الجرائم البشعة ضد من يخالفونهم في الدين ،كما فعلوا مع زكريا، ومع الأخ جابر عبد المسيح، ومع الكثيرين من المهتدين الحقيقيين؟ (الناشر: صموئيل بولس عبد المسيح)
 

صوت صارخ

New member
إنضم
3 أغسطس 2007
المشاركات
30,370
مستوى التفاعل
3,280
النقاط
0
الإقامة
تحت قدمى المصلوب
تسلم ايدك ويباركك الرب أخي الحبيب صوت صارخ
على مجهودك في نقل هذه الشهادة التي تذكرني في شهداء القرون الأولي للمسيحية
لقد شوقتني لقراء البقية

سلام ونعمة

أهلا بك أختنا العزيزة, ونشكر ربنا على رجوعك

صدقيني إن تلك الأختبارات تشعرنى بالخجل

فأين أنا من هؤلاء

ربنا يرحمنا ويعيننا فى ضعفاتنا, وما أكثرها
 

صوت صارخ

New member
إنضم
3 أغسطس 2007
المشاركات
30,370
مستوى التفاعل
3,280
النقاط
0
الإقامة
تحت قدمى المصلوب

وأثناء صعودي إلى الغرفة تذكرت إنني معتقل من أجـل إيمانى بالرب يسوع المسيح فشعرت بفرح كبير يكفى العالم كله, وأقول الصدق في المسيح إننى دخلت إلى الغرفة وأنا فرحا متهللا سعيدا مبتهجا، حتى إن فرحى هذا قد آثار دهشة كل من كانوا بالغرفة 14، وقد تعجب أحدهم وقال: أنني اعتقلت ثلاث مرات ولم أرى إنسانا واحدا يدخـل إلى غرفة اعتقاله وهو يضحك مثلك!

وكان عدد المعتقلين اثنين وثلاثين رجلا، وكان رئيس الغرفة يدعى الشيخ حسن آمين محمود زعيم جماعة الأخوان المسلمين بمدينة المنصورة، وكان نائبه يدعى الشيخ رأفت أبو زهرة, كان متهما بتحريض عمال مصانع الغزل والنسيج بمدينة المحلة على الإضراب عن العمل، وكان بها ضابط طيران من مدينة بيلا يدعى شاكر, وكان لا يكف عن لعـن وســـب جـمـال عـــــــبد الناصر ليلا ونـهارا، وكـانت الغرفة بالدور الثالث، وكانت نوافذها مغلقة بقضبان من الحديد، هوائها خانق، جوها مكتوم، جدرانها متحجرة كقلوب السجانين، لها بابا حديديا ثقيلا له صوت كئيب مفزع عندما يفتح أو يغلق, وكانت الغرفة هي أيضا دورة المياه، فقد كـان بهـا ثلاثة جرادل الصاج يمثلون دوره المياه, وكـان هناك جردلاً لماء الشرب موضوعا في مكان، وجردلا للبراز وآخر للبول في مكان آخر، وكنا ننام متلاصقين لضيق الغرفة؛ وكان يعطى لكل معتقلا بطانية واحدة لتكون سريره وفرشه وغطاؤه، وكان كل من يدفع رشوة يحصل على بطانية جديدة، وأما من لا يدفع مثلي فيحصل على بطانية مستعملة مليئة بجيوش من حشرات القمل والبراغيث لتزيـده ألما وعذابا وشقاء!

وكـان قائد المعتقل رجــلا شهــيراً في مصلحة السجون ويدعـى محمـد عـبد الرحمـان أبو جريشة الشهير بالمطيعى, وكان له نائبين شريرين أحدهما يدعى سميح وكان له صوت مـرعب، والآخــر مسيحي للأسف يدعى محروس عبد الشهيد، وكان كلا منهما يحمل في يده سوطا متعطشا للضرب.

وكانوا يـتـفنون في إيلامي وإهانتي وتحطيمي، وكانت كل الأبواب تـفـتح في حوالي الساعة السادسة صباحا ويخرج منها المئات إلى دورات المياه لإزالة الضرورة وغسيل الوجه، وبعد حوالي خمس دقائق ينقضي الوقت المصرح به، ونطارد بالعصي من السجانين حتى ندخل إلى غرفنا، ومرات كثيرة كنت أعود إلى الغرفة دون أن أتمكن من غسيل وجهي، وأحيانا كنت أعود إلى الغرفة دون إزالة الضرورة، وفى كـلا الحالتين كنت أحصل على عده ضربات متلاحقة بالعصي تجعلني لا أتوقف عن الجري إلا في الغرفة، ولم أكن وحدي الذي يحدث له ذلك.

وكانوا يعطون لكل معتقلا ثلاثة أرغفة من الخبز في كلا مـنهم عددا كبيرا واضحا من الــــدود الأبيض الكبير له رؤوس حمـراء، وكان للخبز رائحة كريهة تزكم الأنوف. وفى الصباح يأخذ كل معتقلا ملعقة واحدة من العسل الأسود به حشرات ميتة؛ وفى الساعة الواحدة يأتي الغذاء وهو عبارة عن فول مدمس كل حبة منه مليئة من السوس الكبير له رأسا تشبه الذبابة.... ثم يغلق الباب ولا يفتح إلا في اليوم الثاني, وفى يوم ما أخذني السجانين مع مجموعة أخرى من المعتقلين الجدد، وقاموا بوضع أرقاما على صورنا ثم صورونا بـهذا الـــرقـم، وكنت أنا المعتقل رقم 700 .

وبعد عودتي من التصوير إلى الغرفة سألني رئيس الغرفة قائلا: مـا هو سبب اعتقالك يـا زكـريـــا؟ فدق قلبي بشدة وأختل تفكيري واتجه عقلي نحو تأليف قصة لكي أقولها حتى لا أقع تحت غضبهم وخاصة إنني أقيم معم في غرفة واحدة مغلقة ليلا ونهارا, ولكني تنبهت وتـذكرت وعـــود الله القادرة على الإنقاذ في أحلك ساعات الظلام فتشددت بالله وقلت لنفسي إن الله الذي أنقذني من وحوش وزارة الداخلية لهو قادر على حمايتي من شيوخ الإخوان المسلمون وأنا محبوساً معهم في زنزانة واحـدة, وقـوى الله قـلبي فحدثــت رئـيس الغرفــــــــــة عن إيــــماني بالســيد المســـــيح !!! وكان هدوئه يشجعني على مواصـلة الكلام، ولكنه كان هدوئه من ذلك النوع من الهدوء الذي يسبق العاصفة !!!! فقد ثـار وهــاج وسب ولــــعن واشترك معه كل من كان بالغرفة، وكانت أذاني تلتقط أصواتا مختلفة تعبر عن آراؤهم، وكانت كلها تتفق في الهجوم والتقبيح والإدانة والاستنكار، ولكنها كانت تختلف في الأحكام، فقد كان البعض يطالب بقتلى بصفتي مرتدا عن الإسلام، وكان البعض الآخر يطالب بعدم السماح لي بالنوم معهم بالغرفة حتى لا أنجسهم !!!!! و.و.و.

لكن رئيس الغرفة الذي سبق اعتقاله عده مرات استخدم خبرته السابقة معي وأصدر قرارات تعرف في المعتقلات باسم: معتقل داخل المعتقل!! وكانت كالآتي:
1- عدم الصعود إلى إحدى شبابيك الغرفة لكي لا أرى الشمس أو القمر أو السماء أو أي أحد .
2- عدم التكلم مع أي معتقل داخل الغرفة .
3- عدم النظر إلى أي معتقلا وهو يأكل .
4- عدم المشي ليلا أو نهارا داخل الغرفة .
5- عدم التبول أو التبرز نهارا .
6- نومي يكون بجوار جردل البـــــول والبراز.

فأطعت على الفور ونهضت من مكاني وجلست بجوار جردلى البول والبراز، وأحيانا كان جردل البول يمتليء عن أخره وتنسكب منه المياه على بطانيتي، وكان جردل البراز يخرج منه روائح كريهة، وكان بعض المعتقلين يتبولون على حتى احتج فيضربوني، وكان البعض يتبول على ما تبقى معي من خبز، ثم اخترعوا لي تعذيبا آخر كان سيدفعني إلى الجنون، فقد كانوا يتركوني حتى أنام ثم يكشفون الغطاء عنى ويضعون بين أصابع يداي وقدماي أوراقا كثيرة ثم يشعلون فيها النار دفعة واحدة، فكنت أقوم من النوم مذعورا وأطفيء أكثر المناطق ألما والتهابا في جسدي،وكانوا يضحكون، فكنت أخاف أن أنام وأصبحت رجل لا ينام وكدت أصاب بالجنون .

وفى الشتاء يكون البرد قارسا لا يحترم ثقوب بطانيتى فينفذ منها إلى جسدى الهزيل شبه العارى، وكنت استيقظ من النوم ليلاُ لتدليك أطرافي المتجمدة، وكنت أنتهز هذه الفرص وأرنم وأصلى في داخلي بصوت غير مسموع، وكان يدخل إلى الغرفة السجانين الذين سيقومون بحراستنا ليلاً،فيقوم كل واحد من المعتقلين بوضع وجهه نحو الحائط، ثم يقوم الجنود بعملية الإحصاء بالضرب على مؤخرة الرأس فتصطدم الرأس بالحائط، وأحيانا أخرى يكون الإحصاء بالكرباج من أحد الضباط، وكانت عملية التسليم والتسلم تحدث مرتين في اليوم الواحد، وكان كل معتقلا يأتي إليه أحد لزيارته، وكنت الوحيد الذي لا يزوره أحداً، وكان كل معتقل لديه رصيدا ماليا ويستطيع به شراء ما يشاء من كافتيريا المعتقل، وكنت الوحيد الذي ليس له رصيدا، وكان كل معتقلا تصله خطابات كثيرة من أهله وأصدقائه، وكنت أنا الوحيد الذي وصله خطابا واحدا, وكان الطابع العام للمعتقل هو عدم الاستقرار, عذاب دائم، قلق مستمر, تعليمات مختلفة، تفتيش مفاجىء

والعجيب أن هذه الأيام هي أقوى وأجمل وأعظم أيامي الروحية، وحتى هذه اللحظة لا أستطيع أن أعرف ما هي العناصر والأدوات والقوى والطاقات التي جعلتني أصمد في وجه العواصف ولا انهار أمام الأعاصير، حتى هذه اللحظة لا أفهم من أين جاءتني هذه القوة التي جعلت الضربات التي تلقيتها من الخلف تدفعني إلى الأمام والتمسك بالرب يسوع أكثر فأكثر ؟؟

وفى يوم ما وجدت قطعة من الحجر الأبيض بارزة من إحدى جدران الغرفة، فأخذتها وكتبت بها على الحائط الذي فوق رأسي:
الإرهاب لا يهز كيانى، بل يثبت إيمانى
إن عشنا فاللرب نعيش, وإن متنا فاللرب نموت
فإن عشنا وإن متنا فاللرب نحن (رو 8:14)



يتبع
 

صوت صارخ

New member
إنضم
3 أغسطس 2007
المشاركات
30,370
مستوى التفاعل
3,280
النقاط
0
الإقامة
تحت قدمى المصلوب

وبعد أن انتهيت من الكتابة جاء رئيس الغرفة ونظر لما كتبت وقال لي : أنني لم أرى خطا جميلا مثل هذا وكنت أظنك جاهلا؛ ثم طلب منى أن اكتب له خطابا إلى زوجته؛ فكتبته له؛ وكان من عادة إدارة المعتقل إن تراجع الخطابات قبل إرسالها ويمزقون الخطابات رديئة الخط أو الخطابات التي تتحدث عن سوء المعاملة؛ وبعد عدة أيام وصل إلى رئيس الغرفة خطابا من زوجته؛ ففرح به جدا وأعطاني رغيفا من الخبز خاليا من الدود والروائح القذرة؛ وأمر بنقلي من جوار جردلى البول والبراز؛ وطلب من المعتقلين بالتوقف عن اهانتي وتعذيبي؛ وانتشر خبر خطى الجميل وخطاباتي التي تصل سريعا داخل المعتقل؛ فكان يأتي إلى غرفتي كثيرا من المعتقلين لأكتب لهم خطاباتهم؛ وكان يأخذني الكثيرين إلى غرفهم لكتابة خطابات لهما؛ وكان بعضهم يسألني لمــــــاذا آمنت بالمســـــــــــــــيح؟ وكنت أجاوبهم بقوة وشجاعة؛ وقد آمن أحدهم وتعمد بيد القديس الراحل القمص يوســـف أســـعد .

وفى يوم 15-5-1971 سمعنا من ميكرفون المعتقل نبأ الإفراج عن جميع المعتقلين بأمر من الرئيس أنور السادات, فخرجت من المعتقل بعد أن مكثت به حوالي أربعة أعوام, ذقت خلالها من الألم والعذاب والإرهاب والاضطهاد والتحدي والجوع والحرمان والفقر والتهديد والاستهزاء والاتهام والاستفزاز والاحتقار والسخرية من اثنين وثلاثون رجلا متعصبا يقيمون معي ليلا ونهارا في غرفة واحدة لعدة سنوات وهم يتعاملون معي على أنني الرجل الذي يجب أن تكرهه.

وليس هذا هو كل ما قد أصابني في المعتقل، فهذا قليل من كثير؛ ومع كل ذلك لم تستطع السجون أن تخيفيني، أو السلاسل أن تضعفني، أو الاضطهاد أن يحد من صلابتي أو البطش أن يثنى عودي أو القهر أن يكتم شهادتي.

وقد استفدت من كل التجارب التي أصابتني داخل المعتقل أكثر مما استفدت من كل التجارب التي أصابتني خارجه؛ فلقد تعلمت في المعتقل أن الحياة مجموعة من المتناقضات وعلى أن أقبلها وأتحملها؛ لأنها من قبل الله الذي لا يخطيء؛ وأن التجارب يمكن احتمالها جميعا وانه لا يوجد موقف يائس وإنما يوجد الإنسان اليائس الذي لا ينتظر الرسم النهائي لخطة الله,

وعن نفسي سأظل شاكرا إحسانات الله على في تلك الأيام الرائعة؛ فقد لمست أنه وحده:

الفاعل عظائم لا تفحص وعجائب لا تعد (أى 9:5).

ومعي حتى الآن أوراقا رسمية تثبت وجودي في معتقل المغضوب عليهم من أجل إيماني بالرب يسوع .

يتبع
ملاحظات من الناشر:

يوجد بالكتاب المطبوع ملحق خاص بالمستندات ،ومن ضمنها صورة من القرار الجمهوري الخاص باعتقال الأخ زكريا، وشهادة معموديته، والعديد من الصور الفوتوغرافية التي تجمعه مع زوجته وأطفاله ومع بعض الآباء الروحيين..

 

gerglys

New member
إنضم
13 أبريل 2009
المشاركات
42
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الإقامة
shubra om eldonia
اين يمكننى الحصول على هذا الكتاب
الرب يعوض تعب محبتك
 
إنضم
14 سبتمبر 2009
المشاركات
10
مستوى التفاعل
0
النقاط
0
الرب معك يا جبار البأس ونحن نعلم ان عصر الاستشهاد لم ينتهى بعد فطوباك ايها الرجل العظيم والرب قادر ان يكمل جهادك وانا مستعد لنشر قصتك فى ملازم توزع سرا على الاخوة المسلمين فى بلدتك زفتى اولا ثم جميع انحاء القطر المصرى بس عاوز اعرف ازاى احفظها من على النت وكيفية طباعة كوبى منها وايميلى هو samyelmasry27******.com او ارسالها لى على ايميلى وانا اتولى طبعها ونشرها وطالبا صلواتكم عنى اخيكم + عادل القبطى + ويا ريت تكون القصة كاملةالى الان بحيث لا تضر صاحبها ولا تدل على عنوانة
 
أعلى