ده باعتبار إن الانتحار "أوبشن" عندنا أصلا يا حبو!
الانتحار بحد ذاته يكفي تماما للهلاك. احنا بنقول يمكن ـ ياريت ـ نتعشم ـ إن ربنا برحمته يغفر للمنتحر. لكن من ناحية تانية: حتى الغفران لا يعني بالضرورة "
الراحة"، وده كان هدف مداخلتي نفسها لما طرح الأستاذ تيودور ما يشير لهذا المعنى. يعني فيه ببساطة "بديل ثالث" هنا. التقسيم الحاد ـ إما
الهلاك أو الخلاص، إما
العذاب أو النعيم ـ هو تقسيم بروتستانتي في الحقيقة، لأن البشر عند البروتستانت قمسين: إما
قديسين أو
خطاة، ولا يوجد أي بديل آخر. (وده نفسه فيما أذكر يترتب على عقيدة إن "كل مؤمن كاهن"). بالتالي المنتحر إما إلى "
الجحيم" هالك يتعذب، وإما ـ برحمة الله ـ إلى "
الفردوس" وبالتالي سعيد يتنعّم!
لكن الأمور قد لا تكون أبدا بهذه الحدة. هناك مثلا نار مُطهّرة أو "مطهر" عند الكاثوليك، وهناك ما يعادل الفكرة نفسها تقريبا عند الأرثوذكس أيضا فيما يسمى "قوة الله المطهّرة". (في الحقيقة كادوا يتفقوا بالفعل في أحد المجامع على هذه النقطة)! ده لأن هدف الحياة المسيحية ـ كما ذكرنا قديما ـ هو
التطهّر، ثم
الاستنارة، ثم
الاتحاد بالله. طيب: إذا لم يتحقق التطهر في هذه الحياة وانتحر الإنسان أو حتى مات قبل التوبة، هل معنى هذا
هلاكه أبديا؟ فلماذا نصلي إذاُ للراقدين ونطلب النياح والغفران لهم؟ حتى لو كنا نصلي لمن هم حسب ظننا بالفعل في الفردوس، ألا تنصرف صلاواتنا ـ ومن ثم مراحم الله ـ بالأحرى على من هم في الهاوية؟
فإذاً المنتحر
لا يرتاح بالطبع أبدا يا صديقتي الجميلة. ولكن هذا لا يعني حتما وبالضرورة هلاكه أيضا وإلى الأبد. بل لا نيأس أبدا من رحمة الله ورأفته ومحبته، من إشراق شمسه ـ ما لم تأتِ الدينونة بعد ـ على الخطاة كما على الأبرار، وكما هنا كذلك هناك!