البابا فرنسيس: إنّ تحمّل الاضطهادات يشكّل جزءًا من الدّعوة المسيحيّة

paul iraqe

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
3 يناير 2014
المشاركات
15,606
مستوى التفاعل
1,314
النقاط
113
الإقامة
IRAQ-BAGHDAD
pope-francis-web.jpg


أطلّ البابا فرنسيس ظهر الأحد على المؤمنين في ساحة القدّيس بطرس ليصلّي معهم التّبشير الملائكيّ. وللمناسبة توجّه إلى المشاركين بكلمة قبل الصّلاة قال فيها بحسب "فاتيكان نيوز":
"في إنجيل اليوم، نلتقي مرّة أخرى بيسوع فيما يكلّم الجموع بالأمثال عن ملكوت السّماوات. سأتوقّف فقط عند المثل الأوّل، مثل الزّؤان الّذي من خلاله يكشف لنا يسوع عن صبر الله ويفتح قلبنا على الرّجاء.
يخبر يسوع أنّ في الحقل الّذي زُرع فيه الزّرع الطّيّب نما أيضًا الزّؤان، تعبير يلخِّص جميع الأعشاب الضّارّة الّتي تسمّم الأرض. فَجاءَ رَبَّ البَيتِ عَبيدُهُ، ليعرفوا من أَينَ أتى الزُّؤان، فقَالَ لَهُم: "أَحَدُ الأَعداءِ فَعَلَ ذَلِك!". فأرادوا أن يذهبوا فورًا ليقتلعوا الزّؤان الّذي بدأ بالنّموّ. أمّا ربّ البيت فرفض مَخافةَ أَن يقلَعوا القَمحَ فيما يَجمَعونَ الزُّؤان. ولذلك يجب الانتظار إلى يَومِ الحَصاد، وعندها فقط يمكن فصلهما ويتمُّ حرق الزّؤان.
يمكننا أن نقرأ في هذا المثل نظرة للتّاريخ. إلى جانب الله– ربّ الحقل– الّذي يزرع على الدّوام زرعًا طيّبًا فقط، هناك عدوّ يزرع الزّؤان لكي يعيق نموّ القمح. يتصرّف ربّ البيت بانفتاح وفي وضح النّهار وهدفه هو الحصاد الجيّد؛ أمّا الآخر، أيّ العدوّ، فيستفيد من ظلمة اللّيل ويعمل يدفعه الحسد والعداوة لكي يدمّر كلّ شيء. إنّ العدوّ الّذي يشير إليه يسوع يملك اسمًا: إنّه الشّيطان، خصم الله بامتياز؛ وهدفه هو إعاقة عمل الخلاص، وأن يعيق ملكوت الله بواسطة العمّال الظّالمين، وزارعي الفضائح. في الواقع إنّ الزّرع الطّيّب والزّؤان لا يمثّلان الخير والشّرّ بشكل مجرَّد، لا! وإنّما يمثّلاننا نحن البشر الّذين بإمكاننا أن نتبع الله أو الشّيطان.
لقد كانت نيّة العبيد إزالة الشّرّ فورًا، أيّ الأشخاص الأشرار ولكن ربّ البيت كان أكثر حكمة ويتحلّى ببعد نظر: عليهم أن يتعلّموا الانتظار، لأنّ تحمّل الاضطهادات والعداوة يشكّل جزءًا من الدّعوة المسيحيّة. ينبغي رفض الشّرّ بالتّأكيد ولكنّ الأشرار هم أشخاص ينبغي أن نتعامل معهم بصبر. والأمر لا يتعلّق بالتّسامح المرائيّ الّذي يخفي الإبهام والغموض وإنّما بالعدالة المخفّفة بالرّحمة. وبالتّالي فإن كان يسوع قد جاء ليبحث عن الخطأة أكثر من الأبرار وليشفي المرضى قبل أن يشفي الأصحّاء، فينبغي أن يكون عملنا، نحن تلاميذه، موجّه لا لكي نلغي الأشرار وإنّما لكي نخلّصهم. وهذا هو الصّبر.
يقدّم إنجيل اليوم أسلوبين للعمل والإقامة في التّاريخ: نظرة ربّ البيت من جهة، ونظرة العبيد من جهة أخرى. يدعونا الرّبّ لكي نتبنّى النّظرة عينها، تلك الّتي تحدّق إلى الزّرع الطّيّب وتعرف كيف تحميه أيضًا بين الأعشاب المضرّة. إنّ الله لا يتعاون مع من يذهب بحثًا عن محدوديّات ونواقص الآخرين وإنّما مع من يتعرّف على الخير الّذي ينمو بصمت في حقل الكنيسة والتّاريخ ويعزّزه إلى أن ينضج. وعندها سيكون الله وحده هو الّذي يجازي الصّالحين والأشرار. لتساعدنا العذراء مريم لكي نفهم صبر الله ونتشبّه به، هو الّذي لا يريد أن يهلك أحد من أبنائه الّذين يحبّهم محبّة أبويّة."
 
أعلى