القديس اوغسطينوس (ملف متكامل ) .. asmicheal

ABOTARBO

أنت تضئ سراجى
مشرف سابق
إنضم
21 نوفمبر 2009
المشاركات
30,377
مستوى التفاعل
2,099
النقاط
0
الإقامة
Je rêve que je suis un papillon
رد: القديس اوغسطينوس (ملف متكامل )

عطشان ولكنه جاء ليرويك - القديس أوغسطينوس

“فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ السَّامِرَةِ لِتَسْتَقِيَ”
(يو 4: 7) …… “جَاءَتِ امْرَأَة”(يو 4: 7). هذه المرأةُ هي صورةُ الكنيسةِ، لا المبررةِ بل التي يجبُ أن تُبررَ بعدُ. موضوعُ الكلامِ هو هذا: جاءتْ جاهلةً، فوجدتهُ، وأخذَ يسوعُ يُكلمُها. لِنرَ كيف ولماذا جاءتِ “جَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ السَّامِرَةِ لِتَسْتَقِيَ مَاءً”(يو 4: 7) , لم يكُنِ السامريونَ يَختلطون مع اليهود. كانوا غرباءَ عنهم. هذه المرأةُ قادمةٌ من بينِ الغرباءِ، فهي لذلك صورةٌ للكنيسة. لأنَّ الكنيسةَ سوف تأتي من الأممِ الغريبةِ عن اليهود.



لنسمعْ أنفسنا في كلامها، ولنتعرفْ على أنفسنا فيها، ولنحمدِ الله فيها من أجل أنفسِنا. هي صورةٌ لا حقيقية. كانت هي أولاً الصورةَ ثم تَمتِ الحقيقة: فلما آمنتْ به صارَتْ لنا رمزاً. “جاءَت تستقي”. جاءت بكل بساطةٍ تستقي ماءً كما اعتادَ الرجالُ أو النساءُ الاستقاءَ “فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «أَعْطِينِي لأَشْرَبَ» لأَنَّ تلاَمِيذَهُ كَانُوا قَدْ مَضَوْا إِلَى الْمَدِينَةِ لِيَبْتَاعُوا طَعَاماً. فَقَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ السَّامِرِيَّةُ: «كَيْفَ تَطْلُبُ مِنِّي لِتَشْرَبَ وَأَنْتَ يَهُودِيٌّ وَأَنَا امْرَأَةٌ سَامِرِيَّةٌ؟» لأَنَّ الْيَهُودَ لاَ يُعَامِلُونَ السَّامِرِيِّينَ” (يو 4: 7-9) إنها من الغرباء. ولم يكنِ اليهودُ يستخدمون حتى آنيتهم. كانَ مع المرأة دلوٌ تستقي به الماءَ، وقد دهِشَتْ لما سمعتْ يهودياً يطلبُ منها أن يشرب: فليستْ تلك عادةَ اليهود. أما هو الذي طلبَ أن يشربَ فقد كان عطِشاً إلى ايمانها.



واسمعْ أيضاً ماذا يطلبُ إذ طلبَ أن يشربَ “أَجَابَ يَسُوعُ: «لَوْ كُنْتِ تَعْلَمِينَ عَطِيَّةَ اللَّهِ وَمَنْ هُوَ الَّذِي يَقُولُ لَكِ أَعْطِينِي لأَشْرَبَ لَطَلَبْتِ أَنْتِ مِنْهُ فَأَعْطَاكِ مَاءً حَيّاً»”(يو 4: 10) طلبَ أن يشربَ ووعدَ أن يسقيَ. هو محتاجٌ ويبحثُ عمن يَسقيهِ، ولكنه أيضاً غنيٌ ويبحثُ عمن يُغنيه فيُرويه بغناه. وظلَّ يتكلمُ مع المرأةِ بكلامٍ ضمنيِّ وغامضِ. حتى دخلَ شيئاً فشيئاً في قلبها، فأظهرَ لها نعمةَ الله. أي حديثٍ ألطفُ وأعذبُ من هذا الحديث ؟ “لَوْ كُنْتِ تَعْلَمِينَ عَطِيَّةَ اللَّهِ وَمَنْ هُوَ الَّذِي يَقُولُ لَكِ أَعْطِينِي لأَشْرَبَ لَطَلَبْتِ أَنْتِ مِنْهُ فَأَعْطَاكِ مَاءً حَيّاً”(يو 4: 10) وأي ماءٍ سوف يُعطي إلا الماءَ الذي قالَ فيه المزمورُ: “لأَنَّ عِنْدَكَ يَنْبُوعَ الْحَيَاةِ”(مز35: 10). وكيف يعطشُ هؤلاءِ الذين “يَرْوُونَ مِنْ دَسَمِ بَيْتِكَ”(مز36: 9).



فقد وعدَ بالماءِ الغزير، والروحِ القدسِ الذي يروي، إلا أنها لم تفهمْ ولأنها لم تفهمْ أجابتْ فقالتْ: “يَا سَيِّدُ أَعْطِنِي هَذَا الْمَاءَ لِكَيْ لاَ أَعْطَشَ وَلاَ آتِيَ إِلَى هُنَا لأَسْتَقِيَ”(يو 4: 15) حاجتها اضطرَّتْها إلى العمل، ولكنَّ كسلها كان يرفضُ العملَ. ياليتها سمعتْ ما قالَ قبلاً: “تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ وَأَنَا أُرِيحُكُمْ”(مت 11: 28). هذا ما كانَ يقولهُ لها يسوعُ الآنَ حتى لا تتعبَ بعد الآن. أما هي فلم تفهَمْ
 

ABOTARBO

أنت تضئ سراجى
مشرف سابق
إنضم
21 نوفمبر 2009
المشاركات
30,377
مستوى التفاعل
2,099
النقاط
0
الإقامة
Je rêve que je suis un papillon
رد: القديس اوغسطينوس (ملف متكامل )

لو عايزين تانى ممكن نكمل....
صلواتكم
 

عادل نسيم

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
30 نوفمبر 2009
المشاركات
3,338
مستوى التفاعل
73
النقاط
0
رد: القديس اوغسطينوس (ملف متكامل )

أختي الوقورة إسميشيل
بارك الرب يسوع المسيح في إنتقائك المواضيع الجميلة وعرضها بأسلوب شيق وجميل
الرب يباركك ويحفظك
 

asmicheal

احبك ربى ياقوتى
عضو مبارك
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
14,498
مستوى التفاعل
232
النقاط
63
الإقامة
مصر ام الدنيا - القاهرة
رد: القديس اوغسطينوس (ملف متكامل )

لو عايزين تانى ممكن نكمل....

صلواتكم



:download:

ارجوك اكون شاكرة لو كملت
انا اعشق فعلا كل كلام القديس اوغسطينوس
ويمس وجدانى وفكرى جدا جدا

كمل ابو تربو الغالى

شكرا لمجهودك الرائع

 

asmicheal

احبك ربى ياقوتى
عضو مبارك
إنضم
16 يونيو 2009
المشاركات
14,498
مستوى التفاعل
232
النقاط
63
الإقامة
مصر ام الدنيا - القاهرة
رد: القديس اوغسطينوس (ملف متكامل )

أختي الوقورة إسميشيل
بارك الرب يسوع المسيح في إنتقائك المواضيع الجميلة وعرضها بأسلوب شيق وجميل
الرب يباركك ويحفظك


:download:

ارق ا / عادل نسيم
مشرف الموضوع هنا
وانا بقول اية النور دة كلة

شكرا لك
واصلى ان يكون الموضوع سبب بركة واستفادة لكل من يدخلة
 

ABOTARBO

أنت تضئ سراجى
مشرف سابق
إنضم
21 نوفمبر 2009
المشاركات
30,377
مستوى التفاعل
2,099
النقاط
0
الإقامة
Je rêve que je suis un papillon
رد: القديس اوغسطينوس (ملف متكامل )

آباء الكنيسة

" آباء العصر الذهبيّ "


الأب بسّام آشجي



القديس أُغسطينوس

ogostinus.jpg



1 - حياته :


وُلد أغسطينوس سنة 354 بمدينة تاغسطا من أعمال نوميديا بأفريقيا الشمالية (الجزائر اليوم)، وكان والده باتريكبوس وثنيًا فظ الأخلاق، أما والدته مونيكا فكانت مسيحيّة تحتمل شرور زوجها وحماتها بصبر عجيب، وبطول أناتها كسبت الاثنين حتى أن رجلها قبل الإيمان واعتمد قبيل موته.
كان كل همّ والده أن يرى ابنه رجلاً غنيًا ومثقفًا، وكان معلموه الوثنيين لا يهتمون بسلوك التلاميذ، فنشأ أغسطينوس مستهترًا في حياته ميالاً للكسل. ولمّا بلغ السادسة عشرة من عمره أرسله أبوه إلى قرطاجنة ليتمهر في البيان، هناك التقى بأصدقاء أشرار، وصار قائدًا لهم يفتخر بالشر، فتحولت حياته إلى المسارح والفساد. أما عن دراسته فقد عكف على دراسة الفقه والقوانين مشتاقًا أن يرتقي إلى المحاماة والقضاء، وقد تضلع في اللاتينية حتى افتتح مدرسة لتعليم البيان وهو في التاسعة عشرة من عمره.
أعجب أغسطينوس بمذهب شيشرون، فقرأ كتابه "هورطانسيوس" الذي أثار فيه الشوق إلى العفة والبحث عن الحق. قرأ أيضًا الكتاب المقدس لكن ليس بروح الإيمان والتواضع وإنما في كبرياء، فأغلق على نفسه وسقط في "المانوية". ولمّا رأت مونيكا ابنها قد انحرف سلوكيًا وعقيديًا، وصار عثرة لكثيرين طردته من بيتها، لكن بمحبتها ردته ثانية، وكانت دموعها لا تجف طالبة خلاص نفسه. فرأت في حلم أنها واقفة على قطعة خشبية (ترمز للإيمان) والكآبة تشملها، وإذ بفتى يلمع بهاؤه أمامها ويشع الفرح من محياه ينظر إليها ويسألها عن سبب حزنها، وإذ أجابت، قال لها: "تعزي ولا تخافي، فها ولدك هنا وهو معك". التفتت مونيكا لتجد ابنها واقفًا معها على الخشبة، فتأكدت أن الله استجاب طلبتها.
في عام 382م أوعز إليه أصدقاءه بالسفر إلى روما لينال مجدًا وغنى أعظم، فحاولت والدته صده وإذ لم تفلح عزمت على السفر معه. احتال عليها بقوله أنه ذاهب ليودع صديقًا له ، فسافر تاركًا إياها غارقة في دموعها.
أرسل حاكم ميلانو إلى حاكم روما يطلب أستاذًا في البيان، فبعث إليه أغسطينوس، وقد دبرت له العناية الإلهية الالتقاء بالقديس أمبروسيوس أسقف ميلان، الذي شمله بحبه وحنانه فأحبه أغسطينوس وأعجب بعظاته، وكان مداومًا على سماعها لما فيها من قوة البيان دون اهتمام بالغذاء الروح الدسم.
سمع من القديس أمبروسيوس تفاسيره الروحية للعهد القديم الذي كان المانيون يتجاهلونه، كما سمعه في رده على أتباع ماني وغيرهم من الهراطقة، فبدأ نور الحق ينكشف أمامه. هنا أدرك أغسطينوس ما للكنيسة من علامات أنها من الله: فيها تتحقق نبوات العهد القديم، وفيها يتجلى الكمال الروحي، وتظهر المعجزات، وأخيرًا انتشارها بالرغم مما تعانيه من ضيق.
أبحرت مونيكا إلى ميلانو ليلتقي بها ابنها ويبشرها بترك المانوية، لكن دون قبوله الإيمان الحق، إذ كان منهمكًا في الشهوات، حاسبًا حفظ العفة أمرًا مستحيلاً.
بدأ أغسطينوس يقرأ بعض كتب الأفلاطونيين التي نقلت عن اليونانية بواسطة فيكتريانوس، التي انتفع بها لكنها لم تقده للإيمان. وعاد يقرأ الكتاب المقدس خاصة رسائل معلمنا بولس الرسول فأعجب بها، خاصة في ربطها العهد القديم بالعهد الجديد.. فدبرت العناية الإلهية أن يزور سمبليانس حيث بدأ يخبره عن قراءته في كتب الفلسفة الأفلاطونية التي عني بنشرها فيكتريانوس، فأظهر سمبليانس سروره بذلك، ثم عرف أغسطينوس منه عن اعتناق فيكتريانوس المسيحيّة ، فشبت فيه الغيرة للاقتداء به، لكنه كان لا يزال أسير العادات الشريرة.
زاره مؤمن حقيقي من كبار رجال الدولة يدعى بنسيانس، فوجده مع صديقه أليبوس وبجوارهما بعض رسائل معلمنا بولس الرسول، فظنها أحد الكتب الفلسفية، لكن أغسطينوس أخبره بأن له زمانًا لا يشغله سوى مطالعة هذه الأسفار، فدار الحديث بينهما حتى تطرق بنسيانس لسيرة القديس أنبا أنطونيوس وكيف تأثر بها اثنان من أشراف البلاط فتركا كل شيء ليسيرا على منواله، وهنا التهب قلب أغسطينوس بالغيرة، كيف يغتصب البسطاء الأميون الملكوت ويبقى هو رغم علمه يتمرغ في الرجاسات. وإذ مضى بنسيانوس، قام أغسطينوس إلى البستان المجاور لمنزله وارتمى على جذع شجرة تين، وتمثلت أمامه كل شروره، فصار يصرخ: "عاصفة شديدة... دافع عني... وأنت فحتى متى؟ إلى متى يارب؟ أتغضب إلى الأبد؟ لا تذكر علينا ذنوب الأولين. فإنني أشعر بأنني قد اُستعبدت لها. إلى متى؟ إلى متى؟ أ إلى الغد؟ ولما لا يكون الآن؟! لما لا تكن هذه الساعة حدًا فاصلاً لنجاستي؟" وبكى بمرارة... وهكذا تغيرت حياته وتجددت بنعمة الله، فتحولت القوة المحترقة شرًا إلى قوة ملتهبة حبًا... وذلك عام 386، بالغًا من العمر 32 عامًا.
عاد أغسطينوس إلى أليبوس ليذهبا معًا إلى مونيكا يبشرانها أن صلواتها التي دامت قرابة 30 عامًا قد استجيبت، ونبوة القديس إمبروسيوس قد تحققت، هذا الذي سبق فرآها تبكي فقال لها: "ثقي يا امرأة أنه من المستحيل أن يهلك ابن هذه الدموع". فعزم بنعمة الله على ترك تدريس البيان وتكريس حياته للتأمل في كلمة الله والخدمة، فاعتزل ومعه والدته وصديقه أليبوس وابنه أدياتس (غير الشرعي) وبعض أبناء عمه وأصدقاءه في كاسيكاسيوم Cassiciacum بجوار ميلان حيث أقام ستة شهور يتأهب لنوال سرّ العماد، وفي ابتداء صوم الأربعين عام 387م ذهب إلى ميلان واعتمد على يدي الأسقف إمبروسيوس.
سافر القديس أغسطينوس مع ابنه ووالدته وأخيه وأليبوس إلى أوستيا منتظرين السفينة للعودة إلى وطنهم، وكانت الأم تتحدث مع أغسطينوس معلنة بأن رسالتها قد تحققت برؤيتها له كخادم أمين للرب. وبعد خمسة أيام مرضت مونيكا بحمى شديدة، وإذ أُغمى عليها وأفاقت قالت لابنيها: "أين كنت أنا؟... هنا تدفنان والدتكم"... قالت هذا ثم سلمت روحها في يدي الله.
بعد موت القديسة مونيكا قرروا العودة إلى روما، حيث جاهد أغسطينوس هناك لدحض بدعة المانويين. ومن هناك انطلق إلى أفريقيا حيث ذهب إلى قرطاجنة ثم إلى تاجست، فوزع كل ممتلكاته واختلى للعبادة والتأمل في كلمة الله ثلاث سنوات، ووضع كتبًا كثيرة.
إذ كان أغسطينوس يزور رجل شريف بمدينة هيبو (تدعى حاليًا إيبونا من أعمال نوميديا) سامه الأسقف كاهنًا بالرغم من محاولته رفض السيامة بدموع، بل وجعله يعظ أكثر أيام الأسبوع. فسكن في بستان ملك الكنيسة وجعله ديرًا حيث امتلأ بالرهبان الأتقياء، كما أنشأ ديرًا للراهبات تحت تدبير أخته.
أقيم أسقفًا مساعدًا لفاليروس عام 395م الأمر الذي أفرح قلوب المؤمنين، وإن كان الهراطقة قد حزنوا وأثاروا شغبًا ضد الشعب وحاولوا قتله. امتاز هذا الأسقف القديس بحبه الشديد للفقراء حتى كان يبيع أحيانًا ما للكنيسة ويوزعه على الفقراء ويحرر به المسجونين. واهتم بدحض أصحاب البدع. وحضر مجمعًا بأمر الملك أونريوس عام 421م ضم 275 أسقفًا مؤمنًا و279 من الدوناتيين... فقام يجادلهم ويردهم إلى الإيمان المستقيم.
إذ بلغ من العمر 72 عامًا استعان بأحد الكهنة في تدبير أمور الكنيسة راغبًا أن يكون خليفته، وبقى 4 أعوام يستعد للرحيل، وتوفي عام 430 وهو في سن السادسة والسبعين، وكانت دموعه لا تتوقف.

2 - كتاباته :

لا يفوق أغسطينوس غزارة في الكتابة سوى أوريجانوس، فقد بلغت مؤلفاته حوالي 232 كتابًا، بعضها فقد كغيره من كتابات الآباء. ويمكننا تصنيفها كما يلي:

أ‌- مؤلفات تاريخية : "الاعترافات" و"الاستدراكات"..
ب‌- مقالاته فلسفيّة: "الرد على الأكاديميين" و"الحياة السعيدة"، "خلود النفس"، "في الموسيقى"...
ت‌- دفاعات جدليّة: ضد اليهود والوثنيين، ضد أتباع ماني، ضد الدوناتيين، ضد البيلاجيين، ضد الأوريجانيين..
ث‌- تفاسير كتابيّة: في التكوين والمزامير والرسالة الأولى إلى يوحنا، والموعظة على الجبل، وعن اتفاق الإنجيليين، وتعليقات على الرسالة إلى أهل غلاطية والرسالة إلى أهل رومية وإنجيل يوحنا.
ج‌- كتب نسكيّة وأخلاقيّة...
ح‌- مجلدات كتاب "مدينة الله" (De Civitate Dei)، وهو أشهر كتبه (22 مجلّد، استغرقت 14 عامًا من سنة 412 حتى سنة 426)، ويعبّر أمثل تعبير عن فكره، وهو الذي جعله مع كتابه "الاعترافات" من بين فلاسفة عصره.
3 - أفكاره :

لا يمكننا في عجالة كهذه أن نستعرض أفكار قديس عظيم وفيلسوف ماهر، لذلك نكتفي بإدراج بعضها.



أ ‌- العقل والإيمان :




"فكّر لكي تؤمن، وآمن لكي تفكّر".. بهذه العبارة نختصر رأيه حول علاقة العقل بالإيمان. وما الدين (Religio) في المسيحيّة سوى "اختيار" (Re-eligere) الإنسان لله مصدراً لحياته وتفكيره. وهذا الاختيار لا يتمرّد على حدود "المعرفة" والعقل.. يقال أن القديس أُغسطينوس بينما يفكّر بحقيقة سر الله الثالوث الأقدس، وقد أراد القبض عليها كاملةً، رأى طفلاً ينقل في كفّه الصغير مياه البحر إلى حفرة صغيرة، فاستهجن ذلك. والطفل بدوره، استهجن رغبة اُغسطينوس القبض على حقيقة الله كاملة. وما يفيد في هذه المقاربة هو أنَّ الحفرة تستوعب مياه البحر بقدر اتساعها، لن تستوعب البحر كاملاً. ولكن كلَّما اتسعت استوعبت مياهه أكثر. كذلك محاولة الفهم في الإيمان تتسع يوماً بعد يوم، دون أن تصل إلى نهاية.. "إن قارنا، يا ربّ، بين معرفتك ومعرفتنا وجدنا معرفتنا جهلاً"..



ب ‌- الخطيئة الأصليّة




يركّز على إرث خطيئة الإنسان الأول لتشمل كل البشر، وهو أكثر من روّج هذا التعبير وهذه الفكرة، ليؤكّد أنها "انفصال" عن الله، بينما نعمة المعموديّة تمنح "محو" هذه الخطيئة والعودة إلى ربّه. كما يُرجع شهوات الإنسان إلى نتائج الخطيئة الأصليّة بما في ذلك الرغبة الجنسيّة!



ت ‌- يسوع المسيح




تعلّق بيسوع تعلقاً شديداً حتى الوله والعشق، واكتشف، إضافة لكونه "الكلمة صاراً بشراً"، "رجلاً كاملاً وحقيقيّاً بكلّ معنى الكلمة، لا نظير له بين الناس، اشترك اشتراكاً كاملاً في الحكمة". كما ركّز، لكون المسيح إلهاً وإنساناً، على دور وساطته بين الله والإنسان، متحدّثاً عن سرّ شخصه وعمق تواضعه. فالإنسان لا ينال "نعمة الخلاص"، "السابقة لكلّ استحقاق بشريّ"، "المجانيّة"، إلا باتحاده بالمسيح من خلال الكنيسة الحقيقيّة، "وبالمعموديّة تحديداً". ولا تستطيع الإرادة البشريّة، مهما كانت، أن تأتي بشيء بدون "نعمة" الله. فالإنسان بحكم الخطيئة الأصليّة هالكٌ لا محالة، إلا إذا استقبل "خلاص" المسيح.



ث ‌- الأسرار




ليست الأسرار ملك خدّامها الكهنة، فهي صحيحة حتى ولو كان بعضهم في واقع الخطيئة.
ويرى في الافخارستيّا البعد "الرمزي": "الخبز الذي ترونه على الهيكل يصبح جسد المسيح عندما يتقدّس بكلمة الله". ويتكلّم، في معرض حديثه عن التوبة التي تصح مرّة واحدة في حياة المسيحيّ بعد المعموديّة، يتكلّم عن أنواع الخطايا، "العرضيّة والجسيمة"،. أما إن عاد إليها "يترك أمره لرحمة الله وللأعمال التكفيريّة"، ويستدرك: "عدم التوبة أو القلب غير التائب أمر غير مؤكّد طالما لا يزال الإنسان حيًا في الجسد. فعلينا ألا نيأس قط من إنسان مادامت أناة الله تقود الشرّير إلى التوبة".



ج‌ - "مدينة الله":




يوجد، رمزيّاً، مدينة الله (Civitas Dei) والمدينة الأرضيّة (Civitas terrena)، أي طريقتان متعارضتان لعيش المحبّة .. تختلفان بالنسبة الى التوجّه المعتمَد حيال سرّ الخليقة والفداء: فمدينة الله تقبل هذا السرّ بتواضع، والمدينة الأرضيّة ترفضه منغلقة في الحلقة المفرغة للتأكيد الذاتي المدمِّر.
إنّ الخير الأسمى هو الحياة الأبديّة، والشرّ الأكبر هو الموت الأبديّ، فالأمر المهمّ هو السعي إلى الهدف الأخير الذي يمثّل مركز الثقل الذي لا بدّ من أخذه بعين الاعتبار في حياة الأفراد والجماعات. هذا التوق إلى الهدف يمثّل الرقم الأساسيّ للكون المخلوق والذي اسمه السلام.
إنّ السلام يثبت التوازن الجذريّ لكل كائن في نظام الخليقة؛ وهو توازن يصبح، في المخلوقات العاقلة، قيمةً يجب بناؤها بحرّيّة تطلّعًا إلى نظام محبّة (ordo amoris).
هناك إمكانيّة لوجود نقطة تماسّ بين المؤمنين وغير المؤمنين، الملزَمين جميعًا بتوافق منظّم في الحياة الأرضيّة.
إنّ مساواة البشر أمام الله تعبيرٌ عن رباط " خليقيّ" أصليّ يرفض بأيّ شكل من أشكال السيطرة الطبيعيّة للإنسان على الإنسان.
فإذا كان السلام يعبّر عن الخير الأسمى، على كافة المستويات، فإنّه يعبّر عن وجوب تحقيقه في شكل وفاق منظّم ومفصّل تراتبيّاً كـ:البيت، الأرض، المدينة، العالم.. وهذه كلًها تعيش، بفضل الطبيعة، السلام الأرضيّ.
عند هذا الحدّ، ينفتح مجالٌ لتعايش الأرض ومدينة الله بشكل متناسق ويكون السلام هو الوسط الملموس والإيجابيّ لمثل هذا التلاقي.
إنّ مدينة الله الرحّالة مدعوّة إلى قبول هذا السلام مع الإقرار له بقيمته كعلامة (signum)، إضافيّة ومحرّرة، لاستباق السلام الأبديّ، الذي تتطلّع إليه دائماً.
4 - خاتمة :


لنصلِّ في الختام مع أغسطينوس: "أنت يا مَن أمرتَ البحر والرياح فسكنت، تعالَ وامشِ على أمواج قلبي فيهدأ
 

ABOTARBO

أنت تضئ سراجى
مشرف سابق
إنضم
21 نوفمبر 2009
المشاركات
30,377
مستوى التفاعل
2,099
النقاط
0
الإقامة
Je rêve que je suis un papillon
رد: القديس اوغسطينوس (ملف متكامل )

مناجاة للقديس اغسطينوس منقول عن كتاب الله فردوس نفسى

  • كم كانت نفسى جزعة يا الهى وانا كحمل ضال
    حينما بحثت عنك بعيدا بينما كنت انت فى داخلى
    وكلما جذبتنى اليك
    نفسى تواصل البحث عنك بدوافع رغباتى بينما انت ساكن فى قلبى
    اخذت فى البحث عنك فى كل مكان....
    فى الاحياء وفى الطرقات العامة من مدينة هذا العالم ولم اهتد !
    نظرت من حولى فى قصور وجهل
    سألت رفاقى عن كنز مخبأ فى قلبى !
    واطلقت لجميع حواسى العنان كرسل اوفياء
    لتبحث عنك وتطاردك....وبقوتها لم تستطع ان تلحق بك وتدركك
    قد تملكتها الدهشة...كيف اقتحمت يا الهى قلبى ودخلته..! ؟
    ربى...اشرح لعبدك الذى يتوسل الى رحمتك
    عرفه من اين له حياته ؟ ....الست انت مصدرها ؟
    اليس بك وحدك يحيا الانسان ؟ ...الست ينبوع الحياة وواهبها ؟
    انت خالقى..وانا جوبلتك يداك تفضلتا وصنعتانى وكونتانى
    عاونتنى على ان اعرفك واعرف نفسى
    وعندما عرفت نفسى عرفتك ايضا لان معرفتى لك نور لسبيلى
    كما ان الشر حرمان من الخير فان الظلمة حرمان من النور
    ربى اشكرك......لقد ملأت قلبى من انوارك
    الست انت ملك الملوك ورب الارباب ؟
    الذى وحده له عدم الموت ساكنا فى نور لا يدنى منه
    الذى لم يره احد من الناس ولا يقدر ان يراه
    " له الكرامة والقدرة الابدية ...1تى16:6 "
    الست انت الاله العظيم المتجسد الذى ظهر فى صورة بشرية غير مدركة ؟
    " الله لم يره احد قط...يو18:1 "
    كيف نعرف ما لم نكن قد رايناه ؟
    " ليس احد يعرف الابن الا الاب ولا احد يعرف الاب الا الابن "
    مت27:11
    ثالوث فى وحدانية تامة فى ذاته الكمال المطلق والمعرفة
    قلت لنفسى : يا لى من انسان شبيه بالعدم قد تجاسر وعرفك !
    اليست هذه المعرفة انعاما منك يا الهى ؟
    ليس من حمد يوفى نعمك ولا قدرة تصور جلالك
    عظيم وعظمتك لا تقارن
    لا بداية لك ولا نهاية
    مسبح وممجد الى الابد.. امين
 

ABOTARBO

أنت تضئ سراجى
مشرف سابق
إنضم
21 نوفمبر 2009
المشاركات
30,377
مستوى التفاعل
2,099
النقاط
0
الإقامة
Je rêve que je suis un papillon
رد: القديس اوغسطينوس (ملف متكامل )

ودى مناجاة تانى للقديس أوغسطينوس

آه ! اننى لن اشبع الا عندما يتجلى مجدك قدامى
نعم يا الهى فانت وحدك القادر ان تعيد لى حياتى السعيدة
لك اعترف ببؤسى
وذلك عند رحيل اليوم الذى كنت فيه غارقا بين اباطيل العالم المتعددة
محروما منك انت موضوع حبى الوحيد
ذلك اليوم الذى فيه كانت اشواقى الجسدية مشتتة فى المباهج الخادعة
وما اكثر هذه المباهج تلك التى تحمل فى بهجتها اتعابا لا حصر لها ؟!
هذه المباهج وعدتنى بامور كثيرة ومع ذلك فهى لم تجلب على سوى الفقر
انتقلت من واحدة الى اخرى لعل احداها تقدر ان تشبع نفسى
لكنها عجزت..! اذ لم تكن نفسى تحيا بعد الا فيك
حقا ...ان فيك الجمال يا من وحدك سرمدى وسام وكامل على الدوام
من يقتفى اثارك لن يضل قط ! من يصل اليك لا يلحقه يأس
من يمتلكك تشبع كل رغباته ! لكن يا لبشاعة بؤسى !
ويحى يا الهى فان قلبى يميل الى الهروب منك
الهروب منك انت ايها الغنى الحقيقى والفرح الحقيقى
لكى يتبع العالم الذى ليس فيه الا الحزن والالم
الهى ! انى احبك وشوقى هو ان تزداد محبتى لك على الدوام
بالحقيقة انت افضل من اللبن واحلى من الشهد
واكثر ضياء من كل نور
الذهب والفضة والاحجار الكريمة لا تقارن بك فى داخل قلبى
كل مسرات العالم لا تظهر لى الا كرائحة كريهة وبلا طعم
اذ قد تذوقت عذوبتك مرة ورايت جمال بيتك
ايها النار الالهى.... يامن لهيبك لا ينقطع بل هو دائم الحرارة
ايها الحب الدائم الحرارة يا من لا تفتر قط
ايها الحب الالهى....احتضنى امتلكنى بكليتى فالتصق بك تماما
ليتنى احبك يا الهى لانك احببتنى اولا
ان وجد فى شئ صالح انما مصدره انت
فالخير الذى فى هو خيرك انت ايها الصالح ...منك قد تقبلته
من يعيننى على الوقوف الا انت يا الهى !؟
وما الذى يسقطنى غير اتكالى على ذاتى !؟
اننى سأبقى غارقا فى الطين ما لم تجتذبنى
وابقى اعمى ان لم تفتح عينى
وابقى ساقطا لا اقوم قط ما لم تعيننى يداك
اننى اهلك تماما ما لم تحرسنى عنايتك
مناجاة للقديس اغسطينوس
عن كتاب الله فردوس نفسى

 

ABOTARBO

أنت تضئ سراجى
مشرف سابق
إنضم
21 نوفمبر 2009
المشاركات
30,377
مستوى التفاعل
2,099
النقاط
0
الإقامة
Je rêve que je suis un papillon
رد: القديس اوغسطينوس (ملف متكامل )

نسينا نكتب سيرة القديسة مونيكا أم القديس أوغسطينوس:


القديسة مونيكا


طفولتها:
"أنت الذي جبلتها يا الله... أما أبواها فلم يعلما في ذلك الحين قيمة الدُرَّة الخارجة من أحشائهما". وُلدت سنة 332م في قرية تاغستا (سوق الأخرس الآن) بشمالي أفريقيا، وتربت تربية مسيحية صادقة. كانت وهي طفلة تترك رفيقاتها أحيانًا وتترك لعبها وتختفي وراء شجرة تركع وتصلي. وكلما كانت تكبر كانت تتفتح في قلبها رياحين المسيحية. كان جمالها بارعًا، وقامتها فارعة، وعقلها سديدًا، وحكمتها عظيمة، ونفسها كبيرة، وعاطفتها قوية.

حياتها الزوجية:
"كانت هي خادمة خدامك يا إلهي. كل من عرفها مجّد اسمك القدوس الذي فيها وسبَّحه وأحبه". تزوجت مونيكا بغير إرادتها من رجلٍ وثنيٍ شريرٍ يدعى باتروشيوس، كان يشغل وظيفة كبيرة، فخُدِع أهلها به. كانت أمه حسودة شريرة كما كان الخدم أشرارًا، لكنها أيقنت بعد زواجها أن الله يريدها أن تحمل الصليب، فلم تتذمر لشرور زوجها وحماتها بل كانت تظهر لهما جمال المسيحية ووداعتها. هُزمت حماتها أمام تواضعها وطول أناتها ولم تعد تسمح للخدم أن يشوا بمونيكا لديها أو لدى باتروشيوس، بل وطلبت من ابنها جلد الخدم الأشرار. كانت مونيكا تقابل ثورات غضب زوجها بالحلم والصمت والصبر. وحينما كان يهدأ كانت تشكو له برقة وحنان ما نالها من غضبه فكان يلوم نفسه ويّعِد بإصلاح ذاته، لكنه كان يعود لسيرته الأولى. رزقت بثلاثة أولاد كان أكبرهم أغسطينوس، فكانوا موضع عنايتها وكانت تتعزى بهم عن حماقة زوجها وشراسته.

حياة الصلاة مع العمل:
أهم ما تتصف به هذه القديسة البارة هو إيمانها بقوة الصلاة، لقد تم فيها قول الآباء: "طوبى لمن يقف على باب الصلاة". بالصلوات الحارة الخارجة من قلبها المفعم بالإيمان كسبت كلاً من زوجها الشرير وابنها الذي انحرف، شأن شباب عصره. وضعت في قلبها أنها لابد أن تربح نفس زوجها، وكان إيمانها وطيدًا حتى كانت ترشد المُعَذَبات مثلها بأن الصلاة هي مفتاح الفرج. كانت الثمرة الأولى لصلاتها هي إيمان زوجها الوثني، ففرحت لذلك جدًا ونسيت آلامها، لكنه ما لبث أن مرض ومات وترملت في شبابها. استجاب الله لدعاء مونيكا فقبل زوجها باترشيوس الإيمان في الوقت الذي كان أغسطينوس في السابعة عشر من عمره. بعد وفاة زوجها تفرغت لأولادها ولخدمة القريب وأعمال العبادة، فكانت تذهب كل يوم إلى الكنيسة. وهبها الله نعمة الدموع حتى اشتهرت بين قديسي الكنيسة بهذه الفضيلة. وكانت تخصص أوقاتًا طويلة لزيارة المرضى وخدمتهم وخدمة الفقراء وتعزية الأرامل وتقوية قلوب الزوجات المتزوجات بأزواج أشرار والأمهات اللواتي لهن أولاد شاردون.

انحراف أغسطينوس:
أتم أغسطينوس دراسته في مدرسة مادورا Madaura بثاجست Thagaste وكان متفوقا حتى على معلميه إذ كان موهوبًا وذكيًا. أراد والده أن يرسله إلى قرطاجنة ليقضى عامين في الدراسة. وكان لا بد من قضاء سنة في بيته حتى يدبر له والده المال اللازم لنفقات الدراسة. وكانت هذه السنة تمثل وباء أفسدت حياة أغسطينوس إذ كان في بطالة وكسل لا عمل له سوى أصدقاء السوء. كان قائدًا لهم في سرقة الكمثرى من حدائق جيرانهم مع أن حديقته كانت مليئة بتلك الثمار. لكنه كان يهوى القيادة، يسرق ليلقى بالكمثرى للخنازير. برع في دراسته بقرطاجنة وفاق الجميع واشتعل قلبه بحب الحكمة. وكانت أمه تطمع له في المزيد من العلم، إذ كانت تأمل أن العلم يرتقى به إلى معرفة الله. ما أن وصل ابنها أغسطينوس إلى سن الشباب حتى انحرف انحرافًا خطيرًا، إذ أن سيدة تكبره أغوته وهو شاب صغير. ووصل الأمر به أن صار له خليلات عشيقات وابن غير شرعي. كانت نصائحها له غير مجدية على الإطلاق. فيقول أغسطينوس بعد توبته في مناجاة لله: "أمي التقية قد تكلمت، وصوتها على ما أرى كان صدى صوتك. فلأنها كانت تلح عليَّ بشدة لأعتزل الغواني وكل أنواع الفجور، لم أكن أعيرها أذنًا صاغية ولا أكترث بأقوالها، لأنها أقوال امرأة، بينما هي صادرة من لدنك. فكان امتهاني لها امتهانًا لك، وعدم اعتباري لها عدم اعتبار لأقوالك". وضعت كل ثقلها في الدموع والصلاة والصوم لكي يعيد الله ابنها.
يقول القديس أغسطينوس: "باتت أمي تبكي عليَّ بكاءً فاق بكاء الأمهات على فقد أولادهن بالموت الجسدي. وأنت يا مولاي قد استمعت لها. ولم تزَل تلك الدموع التي كانت تذرفها في صلواتها بين يديك حيث كانت تبلل وجه الأرض بدموعها". أخذت تركض وراءه من بلدٍ إلى بلدٍ، وهو الابن الضال، وتسأله بدون تذمر أو يأس، وبقيت على هذه الحال عشرين سنة.

رؤيا مطمئنة:
إذ سكبت القديسة مونيكا الدموع لسنوات من أجل ابنها، وطلبت من الكاهن أن يصلي لأجله قدم لها الله تعزية في حلم. رأت نفسها تقف علي منصة خشبية وإذا بصبي مشرق الوجه يبتسم بينما كان الحزن يملأ كيانها. جاء الصبي يسألها عن سبب حزنها ودموعها المستمرة التي لا تجف، فأجابته: "إنني أبكي من أجل ضياع نفس ابني". قال لها الصبي: "انظري وتأملي أيتها الأم، في المكان الذي تقفين يقف ابنك أيضًا"، تلفتت مونيكا وإذا بها تقف علي منصة عالية ومعها ابنها أغسطينوس. روت هذا الحلم على ابنها، أما هو فقال لها: "لا تيأسي يا أمي! فربما تصيرين حرة يومًا ما مثلي" . أما هي ففي يقين بعمل الله قالت له: "كلا! إنه لم يقل لي حيث يكون ابنك تكونين، بل حيثما تقفين فهناك يقف ابنك أيضا".

جهادها لخلاص ابنها:
في عام 382م سافر القديس أغسطينوس إلى روما بإيعاز من أصدقائه طلبًا للمجد الزمني والغنى. حاولت والدته أن تصدّه عن ذلك فلم تفلح، لذلك عزمت على السفر معه. احتال عليها بقوله أنه ذاهب ليودع صديقًا له على السفينة تاركًا إيّاها غارقة في دموعها. طلب حاكم ميلان من حاكم روما أستاذًا للبيان فأرسل إليه أغسطينوس، هناك التقى بالقديس أمبروسيوس أسقف ميلان. أحبه أغسطينوس وأعجب بعظاته لما فيها من قوة البيان، دون أن يهتم بخلاص نفسه. لم تستسلم القديسة مونيكا بل أبحرت إلى ميلان لتلتقي بابنها. توسلت في إحدى المرات إلى القديس أمبروسيوس أن يتناقش مع ابنها ليردّه إلى صوابه. ولكنه اعتذر، لأنه كان يدرك أنه لا جدوى من النقاش مع إنسان يعتز بعقله وذكائه وله أسلوب في المراوغة، وطلب إليها الأسقف أن تصلي. لكنها ألحَّت عليه أكثر، فردَّ عليها بعبارة مشهورة: "اذهبي في طريقك والرب يباركك. ثقِ يا امرأة أن ابن هذه الدموع لن يهلك".
تركها أغسطينوس إلى روما حيث الشهرة، وكانت الأم تبكي وتتوسل إلى ولدها لكي يبقى إلى جوارها، ليس من أجل راحتها وحنانها وشوقها إليه، إنما كانت دموعها من أجل بُعدِه عن الله، لأنه لم يكن قد نال نعمة العماد بعد ولم تكن هناك بارقة أمل في توبته. أخيرًا بعد هذه السنوات الطويلة أتت نصيحة الأسقف ثمارها وأنبتت دموع الأم غرسًا مباركًا. تاب أغسطينوس وحق أن يُدعى "ابن الدموع"، وصارت له أمه مونيكا أمًا بالجسد والروح، فقد تمخضت به وولدته إنسانًا للعالم، وناحت عليه حتى ولدته ابنًا للمسيح والكنيسة. يتذكر أغسطينوس بعد توبته ومعرفته لله أمه ودموعها السخية فيقول في مناجاته لله: "خادمتك، عبدتك، التي حملتني في الجسد لأولد للنور الزمني. وحملتني في القلب لأولد للنور الأبدي. أمي التي أنا أؤمن أن كل ما يفيض فيَّ من حياة يرجع إليها، إلى الدموع الأمينة إلى الدموع الدائمة، إلى دموع أمي وُهِبْتُ حتى لا أهلك". سافرت إلى ميلان بإيطاليا وحضرت عماد ابنها أغسطينوس على يد أسقفها العظيم أمبروسيوس مرشده الروحي، وكانت فرحتها لا توصف. وارتفع قلبها إلى عرش الله مع من كانوا يسبحون قائلين: "نسبحك ونباركك يا الله. بالحقيقة نعترف أنك ربنا. الأرض وملؤها تسجد لك أيها الآب الأزلي. أنت الذي يقف أمامك الملائكة والرئاسات والسلاطين والقوات. أنت الذي يسجد أمامك الشاروبيم والسيرافيم يمجدونك على الدوام صارخين بغير سكوت قائلين قدوس قدوس قدوس".
بعد العماد أراد أغسطينوس العودة إلى أفريقيا فرافقته أمه مونيكا في السفينة وكانت تقول له: "يا بُنيَّ إن بقائي على الأرض أضحى فضوليًا، ولا أدري لماذا لا أزال حية، لأنه لم يبقَ لي شهوة أطمع فيها فلقد تحققت رغباتي كلها". وبعد خمسة أيام من هذا الكلام مرضت مرضها الأخير الذي عبر بها إلى الأبدية. وقالت لابنها: "ادفنِّي أينما شئت. أسألك فقط أن تذكرني دائمًا أمام هيكل الله أينما كنت وحيثما اتجهت". وفارقت روحها جسدها وانطلقت إلى المسيح الذي أحبته وهي تصلي وتتشفع بالعذراء الطاهرة والقديسين سنة 387م، ولها من العمر ست وخمسين سنة. يُعلق القديس أغسطينوس على انتقال أمه بقوله: "كنت أشعر بأمواج من الأحزان تثور في أحشائي. وكنت أتماسك لكي لا أذرف الدمع أمام أمي وهي في لحظاتها الأخيرة، بل كنت جاثيًا أمامها كمن يجثو أمام الأيقونات في الكنيسة".


عن موقع الأنبا تكلا...




 

ABOTARBO

أنت تضئ سراجى
مشرف سابق
إنضم
21 نوفمبر 2009
المشاركات
30,377
مستوى التفاعل
2,099
النقاط
0
الإقامة
Je rêve que je suis un papillon
رد: القديس اوغسطينوس (ملف متكامل )

كتاب البتولية في فكر الآباء - القمص أثناسيوس فهمي جورج

51- نصائح أغسطينوس للعذارى






ويحِث القديس العذارى ”اذهبنَ اتبعنَ الحَمَلْ لأنَّ جسد الحَمَلْ بالتأكيد هو بتول“ ويدعيهُنْ أن يتبعنَ المسيح حافِظات بتولية قلوبِهِنْ وأجسادِهِنْ إينما ذهبنَ، ويشرح أنَّ التبعية ليست إلاَّ اقتداء ومُحاكاة.

أمَّا المؤمنون الذين فقدوا بتوليتهم فيدعوهم القديس لأن يتبعوا الحَمَلْ ولكن ليس حيثُما يمضي بل حيثُما يستطيعون هم الذِهاب وراءهُ، وهم يستطيعون أن يتبعوه في كلّ مكان إلاَّ عندما يمشي في مُرَوِج البتولية، ويرى القديس أنَّ كلّ المسيحيين يتبعون المسيح ولكن المُتبتلين يضعون أقدامهم ويسيرون على أثار أقدام المسيح footprints بينما المُتزوِجون يسيرون فقط في الطريق ولكن ليس على أثار أقدام المسيح.

ويشرح القديس أنَّ الحَمَلْ يسير في طريق عذراوي لذا لا يستطيع هؤلاء الذين فقدوا بتوليتهم أن يتبعوه، ويحِث عذارى المسيح أن يتبعوه أينما يمضي، ويشرح أنَّ باقي المؤمنين الغير مُتبتلين يفرحون مع المُتبتلين ولن يحسدونهم لأنهم يرون فيهم ما ليس فيهم هم أنفسهم، ومع أنَّ التِسبحة الجديدة يُسبِّحها المُتبتِلون فقط إلاَّ أنَّ غير المُتبتلين لن يكونوا عاجزين عن أن يسمعوا...

ويحِث القديس أُغسطينوس المُتبتلين والعذارى على التواضُع لأنهم عندما يُقارِنون أنفسهم بالمُتزوجين سيجدون أنهم أفضل منهم بحسب تعليم الكِتاب المُقدس، وأنَّ الآخرين أقل منهم في الأعمال والجعالة، لذا يجب أن يعلموا أنه بقدر عِظَمْ الإنسان بقدر ما يجب أن يتضع، فمقدار ومِعيار الاتضاع قد أُعطِيَ من مقدار ومِعيار العظمة والكرامة.

ويُحذِّر القديس أُغسطينوس قائِلاً: ”لأنَّ العِفة الدائِمة وخاصَّة البتولية هي الصَّلاح الأعظم في قديسي الله، لذا يجب أن ينتبِهوا بحذر وتيقُظ من أن تفسد بالكبرياء والعجب“.

وصفوف العذارى والمُتبتلين، الأولاد والفتيات القديسين، قد تدرَّبوا في الكنيسة المُقدسة، فهناك كانوا يزهرون ويينعون من صدر أُمهم، لأنَّ اسم الرب جعل لِسانهم يتحدَّث، ولأنَّ اسمه، كما لو كان لبن الطِفولة، قد انسكب داخِلهم ورضعوه، فهؤلاء نذروا لا خوفاً من عِقاب أُعلِنْ، بل من أجل جعالة مُدِحت، من أجل ملكوت السموات.. (انظر المزيد عن مثل هذه الموضوعات هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و الكتب الأخرى).

وفي مُناجاة رائِعة يقول ابن الدِموع:

”إنهم أبرار ولكنهم ليسوا مثلك يُبرِّرون الخُطاة

إنهم عفيفون ولكن بالآثام حملتهم أُمهاتِهِمْ في أرحامِهِنْ

إنهم قديسون ولكِنَّك أنت قدوس القديسين

إنهم مُتبتِلون ولكنهم لم يُولدوا من عذارى

إنهم عفيفون كُلِّيةً في الجسد، ولكنهم ليسوا الكلمة الذي صار جسداً“.

ويتساءل القديس: ”أي أعضاء من الجسد المُقدس الذي هو الكنيسة يجب أن تحترِس – لكي يستريح فيها الروح القدس – أكثر من تلكَ التي نذرت القداسة العذراوية؟“.

وينصح القديس الفيلسوف عذارى المسيح أنَّ أوِّل فِكْر يقودَهُنْ للتواضُع هو ألاَّ يَظُنَنَّ أنَّهُنْ عذارى من أنفُسَهُنْ بِجهادِهِنْ فقط بل هي ”عطيَّة صالِحة... مِنْ فوقُ نازِلةٌ من عِند أبي الأنوار الذي ليس عِندهُ تغيير ولا ظِلُّ دورانٍ“ (يع 1: 17).

ويرى القديس أنه لا أحد يحرُس البتولية إلاَّ الله نفسه الذي يهِبها، والله محبَّة، إذاً حارِس البتولية هو المحبة.
بردو عن موقع الأنبا تكـــلا....
 

ABOTARBO

أنت تضئ سراجى
مشرف سابق
إنضم
21 نوفمبر 2009
المشاركات
30,377
مستوى التفاعل
2,099
النقاط
0
الإقامة
Je rêve que je suis un papillon
رد: القديس اوغسطينوس (ملف متكامل )

ودى مشاركة لأستاذة ميرنا....

http://www.arabchurch.com/forums/showthread.php?t=5285
كلمات اوغسطينوس

الاشرار الذين لا يهدأون انهم يقدرون على الهروب من امامك ، لكنك تيصرهم وتخترق ظلماتهم
انظوروا ان الكون طاهر حتى ان وجد بعض الحمقى فيه
فأى جرح اصابوك به اذن وأى عار أنزلوه بملكك الذى بمقدار علو السموات عن الأرض هو عادل وكامل؟ والى اين هربوا عندما فروا من حضرتك ؟ ايظنون انه يوجد مكان لا تستطيع ان تجدهم فية؟ لذا هربوا لعلهم لايرونك وانت تراهم ، فكف بصرهم فتعثروا فى طريقهم .
انت لا تنسى خليقتك حتى يجازى بعدل كل من هرب من لطفك ثم اصطدم باستقامتك فوقع تحت غضبك .
انهم بالحق جهلاء ، لا يعلمون انك موجود فى كل مكان ، ولا مكان يمكن ان يحدك او يحصرك ، ولا يعلمون انك وحدك قريب جدا حتى من الذين ابتعدوا عنك بعيدا .
لذا دعهم يتوبون يا الهى ويطلبوا ويطلبو وجهك لانك لا تنسى خليقتك ، حتى وان نسيت الخليقة خالقها .
دعهم يتبون ويطلبونك لانك فى قلوبهم ، فى قلوب من يعترفوا لك ويطرحوا ذاواتهم عليك ،وينوحوا على صدرك بعد كل طرقهم المتمردة التى ساروا فيها .
عندئذ تمسح انت كل دمعة من عيونهم ، فينوحوا اكتر من ذى قبل لكن هذه المرة ينوحوا من فرحتهم ، لأنك انت يا ربى - وليس لحما ودما - خلصتهم وارحتهم .

القديس اوغسطينوس
 
أعلى