المسيح هو باكورة الراقدين (ملف خاص عن القيامة)

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
+لك القوة والمجد والبركة+

+والعزة الى الابد امين+




+لك القوة


هولاء يظنونك ضعيفا على الصليب أما نحن فنعلم من انت......لك القوة كخالق وكديان .
لك القوة فى معجزاتك. .....
أعطانا الرب مفهوم جديدا لمعنى القوة القوة التى تحب وتستطيع أن تبذل وتستطيع أن تحتمل وان تعطى ولو على حساب ذاتها (الاقوى هو الذى يحتمل).

· ان الشخص الذى يحب هو الذى يقدر أن يحتمل
( يحتمل عن قوة وليس عن عجز).
· ماذا لو رفض السيد المسيح الاهانة والصلب؟ كانت النتيجة هلاكنا نحن .
لك القوة فى احتمال الصليب وكنت أقوى من اثارتهم فبقيت على الصليب ولم تنزل والا كنا قد هلنكا .
كان قويا فى قبوله للموت ولم يهرب .
كان قويا أثناء محاكمته ( ففى صمته كان أقوى من الكلام) وكان قويا أمام قيافا وكان قويا امام بيلاطس وكان قويا فى صلبه عندما غفر لصالبيه ....
وكان قويا فى موته بالرغم من كل هذا الانهاك يقول الكتاب (نادي بصوت عظيم) ونقف الى جوار هذه العبارة منذهلين .
ان أقوى لحظات المسيح هى لحظة موته لانه فى تلك الساعة استلم ملكه وملك على البشرية كلها.
كان قويا بعد موته (قبض على الشيطان وفتح الفردوس) كان قويا عندما خرج من القبر المغلق فى القيامه.
· ولكن أخفى الرب قوته عن الشيطان حتى لاتتعطل خطة الخلاص.....

+المجد


نحن نعلم يارب لماذا أهانوك لقد فعلوا ذلك لانك لست مثلهم لان تواضعك كان يكشفهم ...لقد رفضوا ان يمجدوك لانك أحتقرت أمجادهم هم يحقرونك لانك اخذت شكل العبد أما نحن فنمجدك لاننا نعرف من أنت.... أنت الممجد قبل أن تكون وقبل أن نوجد... أنت الذى "تجثو باسمك كل ركبه فى السماء ومن على الارض ومن تحت الارض"(فى10:2) .فأنت يارب ممجد بذاتك وممجد بصفاتك وممجد بلاهوتك .
لقد مجدتك الملائكة فى ميلادك وظهر مجدك وقت العماد وظهر مجدك على جبل التجلى وظهر مجدك فى معجزاتك الكثيرة وظهر مجدك ليوحنا الرائى عندما راك وسط المنائر الذهبيه وستاتى ايضا فى مجدك فى مجيئك الثانى
عندما نمجدك تتقدس افواهنا بتمجيد ك وانت لاتزيد شيئا.... اننا لسنا نمجدك فقط فى عظمة مجيئك الثانى وانما نمجدك الان فى عمق الامك وبتمجيدنا لك انما نحتج على مافعله بك المتأمرون والصالبون.

+البركـة


بصليبك ننال البركة فى كل شى :
الكهنة يرشمون به الشعب فيتباركون وبرشم الصليب يتم التكريس والتقديس به نرشم فى المعمودية فننال الميلاد الجديد...الخ "نقول لك البركة لان المصلوب هو ملعون اما الرب يسوع هذا القدوس الذى بلا خطية انما حمل لعنتنا نحن وحمل خطيتنا نحن"
لك البركةالتى منحتها للعالم هذه البركة التى لو لم تكن لك لهلك العالم كله فى خطاياه.
هذه البركة منحتها اولا للص اليمين عندماأدخلته معك الى الفردوس وبهذه البركة باركت جهال العالم الذين أخزيت بهم الحكماء وباركت كذلك الاونى الخزفية الضعيفة (كالصيادين..) التى حملت اسمك القدوس فتشبع بهم العالم كله من كان يظن ان هذه الجماعة الخانفة يمكن أن تخرج لتقف أمام أباطرة وأمام فلسفات انها البركة. كانت الخطية قد حجبت البركة فلما نزعت هذه الخطيه عنا أرجعت الينا البركة ايضا.

+الـــعـزة

لك العزة لانك (ملك الملوك ورب الارباب) (رو14:17)
لك العزة لان لك الهيبة ولك الوقار ولك المخافة لك العزة لانهم لم يستطيعوا أن يقبضوا عليك الا عندما أتت الساعه الساعه التى حددتها أنت لتسليم ذاتك بارادتك وحدك .
كنت عزيزا طول حياتك مهابا ومخافا وما قصة الصليب كلها الا رد فعل لخوف أعدائك منك كانوا يشعرون أنك أقوى منهم فى كل شى أقرب منهم الى القلوب وأكثر منهم اقناعنا للناس فخافوا على سلطانهم منك .
ونحن نقف يارب الى جوار صليبك ونقول لك على الرغم من هذه الاهانات والالام

"لك القوة والمجد والبركة والعزة الى الابد امين"

 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
القيامة والحياة الجديدة

ونحن جميعا ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما فى مرأة نتغير الى تلك الصورة عينها "صورة المسيح المتجسد الذى ظهر بها على الارض وقام بها من الاموات " من مجد الى مجد كما من الرب الروح 2كو 18:3



عندما قام المسيح من الاموات قام بمجد عظيم هو المجد الذى كان له عندى الاب وقد اخلى نفسه منه بسب التجسد.,

ولكن الان اصبح المسيح فى مجده ومن العجيب ان الطبيعه البشريه التى اخذها من أمنا كلنا العذراء مريم فيه وقد تمجدت بنفس مجده """

((((الان مجدنى أنت ايها الاب عند ذاتك بالمجد الذى لى عندك قبل انشاء العالم يو 17:4 ))))))

((وانا اعطيتهم المجد الذى اعطيتنى ليكونوا واحد كما اننا واحد يو22:17 ))


القيامه سر جبار دخل عالم الانسان عن طريق تجسد ابن الله و قيامته. و عندما قام قام بنفس الطبيعه البشريه التى اخذها و قد اظهر فيها مجده .

وبالتالى اصبحت مخفيه عن اعين الكثيرين ولكن كل انسان يحب المسيح بقلب صادق له الحق فى رؤيه مجد الرب بوجه مكشوف.

فالذى يحب يسوع ويبحث عنه و يفتش عنه بصدق ويسهر اليالى . المسيح يكشف له ويرى مجد الرب...

ولكن رؤيه الله قديما كانت مستحيله ولا يستطيع احد يرى الله ويعيش. ولكن من العجب من يرى الله فى هذا العهد الجديد يحيا ويعيش بل اصبح السبيل للحياه الان هو رؤيه الله...!

فعندما يسعى الانسان الخاطى نحو الله ويلتمس طلب وجه الله زى ما انت قلت اطلبوا وجهى وجهك يارب نطلب ويصر على الله يجد نفسه امام وجه الله ,,

ويكون وحه الله مكشوف له بالمجد ولكن رؤيه داخليه لا يمكن ان يدركها الا من تذوقها واختبرها مرات ومرات...

ولكنها حقيقه وليست خيال او كلمات تكتب فقط .

فهى عين الواقع لكل من يريد ان يختبر بصدق وايمان ورؤيه وجه الله الممجد يعطى الحياه للانسان فكل من يرى وجه الله لايمكن ان يتسلط عليه الموت او يقترب منه فنور الحياه التى فى وجه الله تسرى داخل الانسان وتعمل فيه يوم فيوم فهى تغير من داخل الانسان حتى يكون فى النهايه مثل نفس الصورة التى ظهرت فى المسيح المتجسد..

فهو عمل هذا النموذج حتى نتغير اليه تماما ومن الله الروح اى ان الله الروح وهو الروح القدس وهو الذى اخذ الطبيعه البشريه من العذراء,,,

و وحدها مع المسيح "المتجسد من الروح القدس والعذراء مريم "فهو الروح الذى ياخذ من المسيح ويعطينا حتى نصير مثله فى النهايه ليكون هو اخ بكر بين اخوه كثرين....

ربى يسوع فعلا اشكرك من كل قلبى على نورك ونعمتك وارفع نظرى الان وانظر مجدك بوجه مكشوف نعم يارب ارى مجدك وهو يضئ اكثر من لامعان الشمس

ولكن يمكن النظر فيه والتمتع بجماله شكرا يارب لانك وهبتنا نحن الخطاهأن نرى مجد ك بوجه مكشوف ونشعر بمقدار التغير المستمر داخلنا من قوة القيامه التى تسرى فينا كلما وقفنا امامك ونظرنا مجدك,,

انه عجب ان تمنح من ليس لهم شيئ ومن هم غير مستحقين اى شيئ مجدك الخاص والذى كان لك عند الاب قبل انشاء العالم صارا لنا ان مجدك ممنوح لنا وهذا بطلب خاص منك من الله الاب فى صلاه يوحنا 17

نبه روحى يارب ..حتى لا اطلب اى مجد اخر فى العالم ولا اتمسك بأى كرامه فى العالم فهل يوجد مجد فى العالم يساوى مجدك ؟

ايضا ايقذ نفسى عندما اُهان او ُاضطهد اننى وارث مجدك فاترك اى شيئ ولا يكون لى اى حق فى اى شيئ حتى فى حقى ..

(ومن اراد ان يخاصمك وياخذ ثوبك فاترك له الرداء ايضا.مت 5 : 40)




منقـــولـــــــــــــ




 

candy shop

مشرفة منتدى الاسرة
مشرف
إنضم
29 يناير 2007
المشاركات
50,807
مستوى التفاعل
2,019
النقاط
113
يسوع:لقد طلبت منى ان ترجع بك السنين لتر احداث الصلب

أنا:نعم يا الهى كم اشتاق لعشرتك فى هذة الايام

يسوع:ها انت معى الان لتر ما فعلتة لاجلك يا حبيبى

أنا:ولما يا الهى تريد العذاب من اجلى الا يكفى كلمة ويبرا حالى

يسوع:ان لم اصلب انا لاجلك حبيبى ستظل فى اسر ابليس

أنا:ولما العذاب يا الهى

يسوع:لانى لا اريدك حبيبى ان تموت ساجعلك تحيا معى

أنا:ولكن يا الهى كيف سأحتمل رؤياك يا حبيب قلبى معذبا بدلا عنى

يسوع:لا تبكى حبيبى ...لانة بعد الموت قيامة

أنا:اين نحن الان

يسوع:الان نحن فى السجن وسيأتى الجند ليجلدونى ويهزأوا بى

أنا:الهى أيمكن أن اجلد بدلا عنك

يسوع:لا يمكن لاحد ان يدفع ثمن فداء كل الخليقة الا اللا محدود

أنا:الجند قادمون الهى

يسوع:مستعد قلبى يا اللة مستعد قلبى

الجند يأتون ويأخذون يسوع الى ساحة الجلد ويبداون بالجلد ويضربونة بكل قسوة والجلد اشد وحشية واما عن التاج فضفروة من الشوك ووضعوة على راسة فنزف من كل مكان
وانا لقد لمست شجرة الشوك لم احتمل ملمسها فشهقت وجريت الية

أنا:الهى وحبيبى ماذا كل هذا انا لست شيئا لتتألم لاجلى

يسوع:أنت ابنى وحبيبى ولاجلك سأحتمل حتى موت الصليب

أنا:حبيبى وجهك كلة دماء وظهرك من اجلى ..من اجلى

يسوع :نعم من اجلك لكى اري وجهك بلا دماء (ارينى وجهك ..اسمعنى صوتك)

أنا:الهى اريد ان ارجع لا احتمل ان ارى الالام

يسوع :وهل تتركينى كما فعل الاخرون وفر كل عون عنى

أنا:انا لن اتركك ..لن اتركك ..ولكن الالامك حبيبي وجراحك من يحتمل رؤياك
هكذا وانت الذي ابرع جمالا من كل البشر ..من يحتمل جلدة واحدة مما احتملتة حبيبي ...كيف اراك يا حبيب قلبى تتألم عنى ...كيف ..ومن أين لى القوة لاحتمل رؤياك هكذا ...كيف احتملت كل هذة الجلدات القاسية ...كيفاكل هذا من أجلى أنا وهل من أجل من أشاحت الوجة عنك المئات من المرات...هل من أجل من تركتك تنادي وتنادي ولم تسمع ...هل من اجلى انا الخاطئ تحتمل كل هذا

يسوع:ولمن غيرك خلقت كل الخليقة ...ولمن غيرك ارسلت ملاكا يحرسك ..ولمن غيرك امسك بيمينه فكل الطرق حتى لاتعثر بحجر رجلك...ولمن غيرك احتمل اهوال الصليب ...سأحتمل كل هذا كى تكون لك الحياة الابدية معى ولا ينزعك منى عدو الخير

أنا:والى اين سنذهب الان يا الهى

يسوع:تعالى معى وسترى

هل انت مستعد انت تذهب مع المسيح ..... الله يريد ان يراك ويسمع صوتك وتذهب معه ..... هل انت مستعد
 

!ابن الملك!

בן המלך &#1497
إنضم
30 سبتمبر 2009
المشاركات
4,035
مستوى التفاعل
178
النقاط
0
جميل جدا .. شكرا Abotarbo , والنهيسى وكاندى
 

kalimooo

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
23 يونيو 2008
المشاركات
143,887
مستوى التفاعل
1,787
النقاط
113
الإقامة
LEBANON

هل كان ضرورياً أن يتم صلب السيد المسيح ؟


نعم، قارئي الكريم، كان ضرورياً أن يُصلب الرب يسوع المسيح ليتمم عمل الفداء الذي أتى من أجله إلى العالم، كي يتبرر كل من يؤمن من الجنس البشري من خطيئته بواسطة صلبه وموته نيابة عنه، ثم قيامته ظافراً منتصراً.

إذ أن موت المسيح على الصليب كان كفارة، أو بمثابة ذبيحة لمغفرة الخطايا. فالمسيح البار مات على الصليب بدلاً من الناس الخطاة حتى يتبرروا هم بموته، أي يتحرروا أو يتخلّصوا من الخطيئة. فالخطيئة دخلت إلى العالم بواسطة آدم الأول، والخلاص من الخطيئة هو بواسطة آدم الأخير أي المسيح، كما جاء في الكتاب المقدس "لأنه كما في آدم يموت الجميع هكذا في المسيح سيُحيا الجميع"(1كورنثوس22:15).

عندما نرجع إلى الكتاب المقدس، نقرأ في سفر التكوين قصة الخليقة ومن ضمنها قصة تعدي أبوينا الأولين آدم وحواء لوصية الله. فنلاحظ أن آدم وحواء أخطآ منذ بداية الخليقة، وبعصيانهما ومخالفتهما شرائع الله دخلت الخطيئة إلى العالم. ومفاد ذلك كما ورد في سفر التكوين، أنه بعد ما خلق الله آدم وحواء ووضعهما في جنة عدن، أوصاهما أن يأكلا من كل شجر الجنة ما عدا شجرة معرفة الخير والشر. ولكن آدم وحواء لم يطيعا، بل عصيا أوامر الله وأكلا من الشجرة المحرّمة. فغضب الله عليهما وعلى الحية التي أغرت آدم وحواء، وقال للحية: "ملعونة أنتِ من جميع البهائم ومن جميع وحوش البرية. على بطنك تسعين وتراباً تأكلين كل أيام حياتك. وأضع عداوة بينك وبين المرأة، وبين نسلك ونسلها، هو يسحق رأسك وأنت تسحقين عقبه" (تكوين 14:3و15).
وغضب الله على آدم وحواء وطردهما من الجنة. من هنا بدأت خطيئة الإنسان، فأصبح الناس يتوارثون الطبيعة الخاطئة عن أبويهم آدم وحواء. وهنا كان الوعد من الله بأنه سيرسل المسيح من نسل المرأة (أي من عذراء وليس من نسل رجل) ليسحق رأس الحية، أي الشيطان. ويشير الكتاب المقدس بهذا الصدد إلى أن كل الناس خطاة فيقول: "الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله" (رومية 23:3). ونقرأ أيضاً في الرسالة إلى رومية: "من أجل ذلك كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم، وبالخطيئة الموت، وهكذا اجتاز الموت إلى جميع الناس، إذ أخطأ الجميع" (رومية 12:5). وبما أن الجميع خطاة لا يستطيعون تتميم وصايا الله، فقد حاول بعض منهم في العهد القديم، أي قبل مجيء المسيح، لأن يكفروا عن خطاياهم بطرق مختلفة.
وبالرجوع إلى العهد القديم من الكتاب المقدس، نلاحظ أن الذبائح كانت تقدّّم لله علامة للتكفير عن الخطايا والتوبة إلى الله. وكانت تلك الذبائح تُقدَّم بطرق مختلفة، فنلاحظ أن نوحاً قدّم ذبائح لله، "وبنى نوح مذبحاً للرب. وأخذ من كل البهائم الطاهرة ومن كل الطيور الطاهرة وأصعد محرقات على المذبح" (تكوين 20:Cool.
كما أن الله عندما أراد أن يختبر إيمان إبراهيم الخليل، طلب منه أن يقدّم ابنه ذبيحة له. وعندما همّ إبراهيم بذبح ابنه، افتداه الله، فأرسل كبشاً قدّمه إبراهيم ذبيحة لله بدل ابنه.

 

Dona Nabil

خادمة الرب
مشرف سابق
إنضم
31 مايو 2007
المشاركات
57,233
مستوى التفاعل
4,256
النقاط
0
الإقامة
فى قلب يسوع
638957549.gif

اليوم الطبيعة في حداد
وقد غطاها الظلام الكثيف في هذه الساعة من الجمعة العظيمة
صمتت اناشيد اورشليم السّماوية وهبطت السماء بكاملها على الارض
وجثا الكون على اقدام المصلوب يقطف خفقان قلبه الاخير
صوت عظيم يدوّي في الاعالي
يا ابتاه في يديك استودع روحي
واحنى يسوع راسه واسلم الروح مائتا
فما اعظم واسمى هذا الحبّ الذي اعطانا الحياة
مات من اجلى واجلك
منذ هذا اليوم ونحن نعيش منتصريين بقوة صليبك يا الهى
منذ هذا اليوم وانت يا الهى لا يروى عطشك ماء او خل
لا يروى عطشك سوى توبتى و رجوعي لك تحت أقدام الصليب
أتأمل كيف بصقوا على وجهك و أرى إني أنا الذي أستحق هذه البصقات لأن عيني الشاردة هي المتسببة فى هذه البصقات
أيها الرب يسوع أن الصليب كان الوسيلة الوحيدة للقاء اللص معك. ما أسعدها ساعة و ما أمتعه صليب
ربى يسوع.. أعطني روحك المملوء حبا الذي قال لصالبيه: يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون. لأن هذه الصلاة هي التي أوقعت اللص القاتل أسيرا في أحضان محبتك
كم انت محب يا الهى
كم من درس اعطيتنا فى التضحيه وليتنانتعلم ولا نأخذ سواك قدوه لنا

ربى يسوع.. جبيني المملوء بالأفكار هو الذي يستحق إكليل الشوك، فأربط فكري بأشواكك المقدسة، و أعطني فكرك الطاهر
إلهي.. عرفت جيدا معنى قولك لي أن أحمل صليبي كل يوم كما حملت صليبك أنت.. صليبي هو جهادي ضد الخطية، و صليبك هو خطيتي التي فشلت أنا في مقاومتهــــــــا
ربي يسوع أنا لا أطلب صليبا معينا.. و لكن الذي تختاره مشيئتك لي، و أنا لا أريد أن أعرض عليك خدماتي.. بل أن تستخدمني أنت فيهــــا
..... ربى يسوع.. إني أتأملك مصلوبا و قلبي كالصخر، ما هذا الجفاف الروحي؟
يارب أفض فيّ ينبوع دموع.. يا ربي يسوع اضرب الصخرة فتفيض دموعــــا
ربى يسوع ... أعنى أن احمل صليبي بقوة و شجاعة و حب للحق و تمثلا بك و بفرح و سعادة للشهادة لك في عالم مخــادع
ربى يسوع أنت الذي تعطى الماء الحي الذي يشرب منه لا يعطش إلى الأبد، ثم بعد ذلك تعطش إلىّ..
يا لمحبتك لي أنا الساقط!!!!!!!! ليس هناك قوة في الوجود تربط يسوع إلا خطيتي... لأنه صنع هذا محبة لي. إذا الآن أعطني أن أقرأ في كل حركة طول يومي، ما هي مشيئتك، و أتممها بأسرع ما يكون، و بفرح عظيم. عندئذ سأرى من حيث لا أدري إني في حضن أبي

... يا أبتاه.. أعطني أن أكون سريع الاستجابة لإلهامات روحك القدوس فيّ عن طريق الصلاة.... إن حياتي ستظل بلا معنى و لا طعم و لا فائدة إن لم تعلن مشيئتك فيّ لأتممها إن أخطر لحظة فى حياتى هى التى أنسى فيها التفكير في المسيح ... انها لحظة الانحلال و الضعف، و التعرض للسقوط فى أبسط خطية
ما أقواك أيتها التوبة و ما أروعك، انك أروع أيقونة للقيامة
ربنا يسوع غلب العالم لأنه لم يكن للعالم شئ فيه.
نحن نحمل قوة لا نهائية أمام عالم مادي مغلوب رغم مظهره القوي، هذا هو إيماننا يارب..
أنت ترشدنا، و لكننا نتركك و نبحث عن إرشاد العالم و تعزيته، ثم نفشل فنجدك كما كنت. عندئذ نحس بخطئنا نحوك أنت يا الهى أب... كلك حب للبشرية و سكبت روح حبك فىّ ، و هذا هو الطريق الوحيد لمعرفتك و الحياة معك
الخادم هو إنسان غسل يسوع قدميه القذرتين، و يغسلها كل يوم... من أجل ذلك هو يجول مع يسوع من كل قلبه ليغسل أقذار كل الناس ربي.. أعطني أن أبكي على خطية أخي مثلما أبكي على خطيتي لأن كلاهما جرحاك يا حبيبي يسوع ......
إن النفس الساقطة عندما تقوم تشع منها قوة هائلة من قوة قيامة الرب يسوع يا نفسي اهتمي بداخلك لتعجبي يسوع ، العريس السماوي لا يهمه نوع الموضة بل يهمه الجمال الداخلي للنفس

اعطنا يا رب بركة صلبك وقيامتك واخلق فينا قلوباً جديده تعى الدرس جيداً ولا تبحث عن بديل لمحبتك
فمحبة العالم زائفه ولا تروى عطشنا
ولكن محبتك هى الاروع والابقى ..
انت من دفعت ثمن خلاصنا على الصليب لكى لا تهزمنا الخطيه

660644863.gif
 

+GOSPEL OF TRUTH+

اسيرة احسانه
عضو مبارك
إنضم
4 ديسمبر 2009
المشاركات
8,728
مستوى التفاعل
814
النقاط
0
الإقامة
+كنيستي+
مجهود رائع يا شباب

ربنا يبارك خدمتكم

سلام
 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus

سأنقل لكم من موقع الأنبا تكلا

كتاب تأملات في الجمعة العظيمة - البابا شنودة الثالث


1- المسيح على الصليب، ذبيحة حب وبذل


في يوم الجمعة العظيمة، نرى السيد المسيح في قمة حبة وفي قمة بذله..

إن المحبة تبلغ عمق أعماقها، أو ترتفع إلي قممها.. حينما تصعد علي الصليب. المحبة تختبر بالألم. نختبرها بالضيقة، ونختبرها بالعطاء والبذل. الذي لا يستطيع أن يبذل، هو إنسان لا يحب، أو هو إنسان محبته ناقصة، أو هو يفضل ذاته علي غيره.. أما إن أحب، فإنه يبذل..

وكلما يزداد حبه، يزداد بذله، حتي يبذل كل شئ..

فإن وصل إلي كمال الحب، وإلي كمال البذل، فإنه يبذل ذاته.. يصعد علي الصليب، ويقدم ذاته عمن يحبهم.

وهذا هو الدرس الذي أخذناه يوم الجمعة الكبيرة. "هكذا أحب الله العالم حتي بذل ابنه الوحيد" (يو 3: 16). لقد اظهر الله محبته للعالم بأنواع وطرق شتي: أعطي العالم نعمة الوجود، وأعطاه المعرفة، وكل أنواع الخيرات. بل أعطاه أيضاً المواهب الروحية. وتولي هذا العالم ورعايته وحبه. ولكن محبته لنا، ظهرت في أسمي صورها، حينما بذل ذاته عنا، لكي تكون الحياة الأبدية. ولقد جاء السيد المسيح إلي العالم، لكي يبذل.. لكي يبذل نفسه فدية عنا. وفي ذلك قال لتلاميذه:

"إن أبن الإنسان لم يأت ليخدم بل ليخدم، وليذل نفسه فدية عن كثرين" (مر 10: 45).

وأول شئ بذله الرب مجده وسماءه وعظمته، حينما تجسد من أجلنا، وأخذ شكل العبد، وصار في الهيئة كإنسان.. ثم بذل راحته أيضاً. وطاف يجول في الأرض يصنع خيراً، وهو ليس له مكان يسند فيه رأسه. (مت 8: 20). وأخيراً بذل حياته عنا علي الصليب.. وبهذا البذل، عبر عن حبه اللانهائي.. لنا.

وهكذا صارت صورة يسوع المسيح المصلوب، هي أجمل الصور أمام البشرية كلها. أنها صورة الحب الباذل، في أعماق بذله..

إن صورة التجلي علي جبل طابور، وربما لا تجدها في كل مكان صورة المسيح وهو داخل كملك إلي أورشليم.. ولكنك في كل مكان تجد صورة المسيح المصلوب.. لأنها أثمن صورة، أعمق الصور تأثيراً في النفس. أمامها وقف المهاتما غاندى Gandhi، وبكي.. إنها صورة الحب الكامل، والعطاء. لأنه "ليس حب أعظم من هذا، أن يضع أحد نفسه عن أحبائه" (يو 15: 13). ولهذا قال القديس بولس الرسول:

"حاشا لي أن أفتخر، إلا بصليب ربنا يسوع المسيح" (غل 6: 14).

وكلما ننظر إلي صورة الصليب، نتذكر الحب الإلهي العجيب.. نتذكر إلهنا القوي غير المحدود في قدرته وعظمته، وقد بذل سماءه، وأخلي ذاته، وأخذ صورة عبد، وبذل حياته، وبذل دمه، حباً للإنسان المحكوم عليه بالموت..

إن أجمل عبارة تكتب علي صورة المسيح المصلوب، هي عبارة "أحب حتي بذل ذاته"..

لقد كتبوا لافتة علي صورة السيد المسيح ، مكتوب عليها "يسوع الناصري ملك اليهود"

I N R I ولكن أجمل لافته نكتبها علي صليبه هي "الحب والبذل".. هكذا أحب الله العالم، حتي بذل أبنه الوحيد.. والعظة التي نأخذها من صلب ربنا يسوع المسيح، هي أن نحب وأن نبذل.. لا نحب ذاتنا، إنما نحب الناس، ونحب الله.. لا نحب راحتنا، إنما نحب راحة الناس، مهما كانت راحتنا.

إن كنت لا تحب ولا تبذل فأنت لم تستفيد من صليب المسيح دروساً ولا استفدت من صليبه قدوة لحياتك..

إن صليب السيد المسيح، يعلمنا أن نحب حتي الموت.. في حبنا لله نفعل هذا. وفي حبنا للناس نفعل هذا "لا نحب بالكلام ولا باللسان، بل بالعمل والحق" (يو 3: 18).

وما هو هذا التعبير العملي للحب؟

إنه العطاء والبذل، حتي الموت. نحب المحبة التي تصعد علي الصليب، المحبة التي تصل إلي الموت من أجل من تحبه، أو علي الأقل تكون مستعدة قلبياً أن تصل إلي الموت وأن تبذل ذاتها. انظروا في التوبة وفي مقومة الخطية، كيف أن الرسول يعاتب أهل العبرانيين ويقول: "لم تقاوموا بع حتي الدم، مجاهدين ضد الخطية" (عب 12: 4).

أتريد أن تحب الله؟ ينبغي إذن أن تحبه حتي الدم..

تقاوم الخطية حتي الدم. تصعد علي الصليب. تصلب ذاتك "تصلب الجسد مع الأهواء والشهوات" (غل 5: 24" تصلب العالم داخل قلبك، فلا يتحرك في داخلك. وتصلب ذاتك، فلا تتحرك هذه الذات طالبه أن تظهر. هنا يبلغ الحب غايته. وهنا تفتخر علمياً بصليب ربنا يسوع المسيح، وتقول عنه "هذا الذي به قد صلب العالم لي، وأنا للعالم" (غل 6: 4). نتعلم من صليب السيد المسيح، أن نحب وأن نبذل. ولا يمكن أن نحب وأن نبذل إلا إذا أنكرنا ذواتنا.

إن السيد المسيح، قبل أن يبذل ذاته، أخلي ذاته أولاً وأخذ شكل العبد..

إذن إذا أحببت، وأردت أن تبذل، عليك أن تخلى ذاتك أولاً من كل محبتك لنفسك وشعور بذاتك.. أي أن تتواضع، وتأخذ شكل العبد وحينئذ يمكنك أن تبذل..

وثق أن البذل هو التعبير الحقيقي عن الحب:

أبونا إبراهيم أبو الآباء، ظهرت محبته لله بالبذل (اقرأ مقالاً عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). فبدأ أولاً بأن ترك من أجل الله عشيرته ووطنه وبيت أبيه، وجال وراء اله متغرباً يعيش في خيمة. ومع ذلك فإن حب إبراهيم لله، لم يظهر في قمته إلا حينما وضع ابنه الوحيد عل المذبح، مع الحطب، وأمسك بالنار وبالسكين، لكيما يقدمه محرقة لله..

هناك عوائق قد تحاول منع الإنسان من البذل:

مثال ذلك: محبة الراحة،محبة الكرامة ومحبة الذات.. أما الحب الحقيقي، فلا يعرف لذاته راحة ولا كرامة إلا في تحقيق محبته. وهكذا يبذل كل شئ لأخل من تحب. يعقوب أبو الآباء، عندما أحب راحيل، بذل من أجلها الشيء الكثير.. تعب من أجلها عشرين سنة تحرقة الشمس بالنهار، والبرد بالليل.. وكانت هذه السنوات في نظره كأيام قليلة من أجل محبته لها. (تك 31: 40)، "تك 29: 20). أن المحبة تستطيع أن تعمل الأعاجيب. المحبة تحتمل كل شئ، وتبذل كل شئ.

إن كنت لا تستطيع أن تبذل، فأنت إذن تحب ذاتك، وليست تحب غيرك..

وإن عاقتك الكرامة عن البذل، فأنت إذن تحب الكرامة أكثر وهكذا أيضاً إن عاقتك محبة الحياة، أو محبة الحرية.. حينما أحب دانيال الرب، لم يجد مانع من أن يلقي في جب الأسود الجائعة، ولم يمنعه الخوف، ولم ير حياته أغلي من الحب.

كان الحب في قلب دانيال، أقوى من الخوف، وأغلي من الحياة.

و الثلاثة فتية بالمثل في محبتهم لله، لم يجدوا مانعاً من أن يلقوا في أتون النار. استهانوا بالنار وبالموت وبالحياة، لأجل الله، والقديس بولس الرسول، قال في التعبير عن محبته للمسيح: "خسرت كل الأشياء، وأنا أحسبها نفاية، لكي أربح المسيح" و"ما كان لي ربحاً، فهذا قد حسبته من أجل المسيح خسارة، بل إني أحسب كل شئ أيضاً خسارة من أجل فضل معرفة يسوع المسيح ربي" (في 3: 6-8).

وهنا نجد البذل، بكل رضى، بغير ندم علي شئ..

بل بكل زهد في ما يبذله، كأنه نفاية وخسارة.. أن صليب المسيح، يعلمنا بذل الذات في حب.. ولكن بذل الذات قد يحتاج إلي تدريب أخرى تسبقه. فقد يتدرب الإنسان الروحي علي أن يبذل أولاً من خارج ذاته، من ماله وعطاياه مثلاً، قبل أن يبذل ذاته.

وحقاً أن الذي لا يستطيع أن يبذل ما هو خارج ذاته، كيف يمكنه أذن أن يبذل ذاته؟

إن كنت لا تستطيع أن تعطي مالك للرب، أو عشورك وبكورك، فكيف يمكنك تعطيه عمرك وحياتك؟! كيف يمكنك أن تعطيه دمك؟! كيف..؟! وأن كنت لا تستطيع أن تعطيه الحياة كلها؟! في عصر الاستشهاد، لكي تدرب الكنيسة أولادها علي حب الموت ولقائه، دربتهم أولاً علي الزهد في الماديات، وترك الاملاك والمقتنيات، وترك الأهل والبيت، فكان "الذين يستعملون العالم كأنهم لا يستعملونه، والذين يشترون كأنهم لا يملكون، والذين لهم نساء كأن ليس لهم" (1كو 7: 29- 31) لكي يثق الكل بأن "هيئة العالم تزول" وتضع الكنيسة في آذان أولادها في كل قداس قول الرسول "لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم.. فالعالم يمضي وشهوته معه" (1يو 2: 15، 17). أن الذي يزهد في العالم وما فيه، يستطيع أن يبذل الحياة من أجل الله. الذي يقول "مملكتي ليس من هذا العالم" مشتهياً أن يملك مع المسيح في الأبدية، هذا يستطيع أن يبذل ذاته من آجل اخوته ومن آجل الرب

أما الذي لا يستطيع أن يبذل القليل، فكيف يمكنه أن يبذل الكثير؟! وكيف يستطيع أن يبذل الكل؟!

كيف يتمثل بالسيد المسيح الذي بذل الكل.. الذي بذل المجد وبذل الراحة، وعاش بلا لقب ولا مركز رسمي، وبلا مال وبلا مرتب.. ثم بذل دمه عن الحياة العالم كله، لكي نحيا نحن بموته، ونحيا بمحبته لنا..

كان السيد المسيح يعطي باستمرار قبل إعطاء ذاته علي الصليب.

كانت محبته تجول وسط الناس تعطيهم حناناً وحباً وشفقة. كانت تعطي البعض شفاء، والبعض عزاء والبعض طعاماً. كانت تنادي للمسبيين بالعتق، وللمأسورين بالإطلاق، وتعمل كل حين لأجل راحة الكل. ولكن كل هذا لم يكن يكفي..

كان ينتظر من المحبة أن تعطي ذاتها، أن تصعد علي الصليب، وتنضح بدمها علي البشرية، من قمة الفداء العالمية.

وسار السيد المسيح إلي الجلجثة، ليقدم ذاته ذبيحة حب. كان يمثل المحبة متجسدة، والمحبة باذلة. وتعجب الشيطان من هذا الحب، وثار عليه بكل قوته. وجميع كل قواته ليمنع محبه الرب من أن يصل إلي قمتها علي الصليب، بكل حيلة وبكل عنف..

وإذا بمياه كثيرة أحاطت بهذه المحبة التي تتقد ناراً

مياه كثيرة.. كالاستهزاء، والإهانة، والتهكم، والتحدي بتلك العبارة الماكرة المحتفزه "لو كنت ابن الله، انزل من علي الصليب" أو بنفس المعني "خلص آخرين، أما نفسه فلم يستطيع أن يخلصها)..

ولكن محبة ربنا لنا، كانت أقوي من محاولات الاستفزاز

وأنتصر الرب في المعركة. صمد أمام كل هذا التحدي والتهكم، لكيما يخلصنا من حكم الموت، واضعاً أمامه هدفه الذي جاء من اجله، أن يموت عنا لكي نحيا بموته. وهكذا ظلت محبته تصعد إلي قممها إلي الصليب والألم والعذاب، وتدوس في طريقها، كل عقبة، إلي أن وصلت إلي أعلي قمة لها وهي الفداء، فتكللت بمجد عجيب لا يوصف..

وصار الصليب رمزاً للحب، وبالتالي للفداء والعطاء.

فعلي الصليب أعطي السيد المسيح للعالم كله وثيقة العتق، وقدم له فداء كاملاً، وتكفيراً عن خطاياه.. وعلي الصليب أعطي اللص اليمين وعداً بان يكون معه في الفردوس، وأعطي لصالبيه - إن تابوا - غفرانا وتنازلاً عن حقه تجاه ظلمهم. وعلي الصليب أعطي يوحنا الحبيب أماً روحية هي العذراء مريم. وأعطي السيدة العذراء أبنا هو يوحنا.. وعلي الرغم من آلام الرب علي الصليب، كانت أفكاره ليست مركزه في آلامه وفي ذاته، إنما في خلاص الناس وتقديم ثمن العدل الإلهي للآب.

وصارت أبصارنا معلقة في هذا الصليب وعطائه:

الصليب الذي يعطي غفراناً وخلاصاً، وحياة، ورجاء أكيداً في الأبدية السعيدة.. الصليب الذي يعطي صورة مثالية للعطاء وللبذل، ولنكران الذات وإخلائها.. بلا حدود.. الصليب الذي أعطانا صورة لمن يعطي وهو في عمق آلام الجسد، ولكن في عمق محبة الروح.. ويعطي إلي آخر قطرة تسفك من جسده، في الوقت الذي لا يقدم فيه العالم أي عطاء.. إلا دموع عزيزة كانت تسكبها قلوب محبة. وكانت لها قيمتها عند الرب.. فليعطينا الرب بركة صليبه، وليعطينا أن نتدرب علي الحب والبذل، وأن نحب الإعطاء أكثر من الأخذ. وليعطينا أن ننمو في هذا العطاء ونظل ننمو حتي نعطي أرواحنا لأجله له القوة والمجد والبركة والعزة إلي الأبد آمين.

تابع
 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus

سأنقل لكم من موقع الأنبا تكلا

كتاب تأملات في الجمعة العظيمة - البابا شنودة الثالث


1- المسيح على الصليب، ذبيحة حب وبذل


في يوم الجمعة العظيمة، نرى السيد المسيح في قمة حبة وفي قمة بذله..

إن المحبة تبلغ عمق أعماقها، أو ترتفع إلي قممها.. حينما تصعد علي الصليب. المحبة تختبر بالألم. نختبرها بالضيقة، ونختبرها بالعطاء والبذل. الذي لا يستطيع أن يبذل، هو إنسان لا يحب، أو هو إنسان محبته ناقصة، أو هو يفضل ذاته علي غيره.. أما إن أحب، فإنه يبذل..

وكلما يزداد حبه، يزداد بذله، حتي يبذل كل شئ..

فإن وصل إلي كمال الحب، وإلي كمال البذل، فإنه يبذل ذاته.. يصعد علي الصليب، ويقدم ذاته عمن يحبهم.

وهذا هو الدرس الذي أخذناه يوم الجمعة الكبيرة. "هكذا أحب الله العالم حتي بذل ابنه الوحيد" (يو 3: 16). لقد اظهر الله محبته للعالم بأنواع وطرق شتي: أعطي العالم نعمة الوجود، وأعطاه المعرفة، وكل أنواع الخيرات. بل أعطاه أيضاً المواهب الروحية. وتولي هذا العالم ورعايته وحبه. ولكن محبته لنا، ظهرت في أسمي صورها، حينما بذل ذاته عنا، لكي تكون الحياة الأبدية. ولقد جاء السيد المسيح إلي العالم، لكي يبذل.. لكي يبذل نفسه فدية عنا. وفي ذلك قال لتلاميذه:

"إن أبن الإنسان لم يأت ليخدم بل ليخدم، وليذل نفسه فدية عن كثرين" (مر 10: 45).

وأول شئ بذله الرب مجده وسماءه وعظمته، حينما تجسد من أجلنا، وأخذ شكل العبد، وصار في الهيئة كإنسان.. ثم بذل راحته أيضاً. وطاف يجول في الأرض يصنع خيراً، وهو ليس له مكان يسند فيه رأسه. (مت 8: 20). وأخيراً بذل حياته عنا علي الصليب.. وبهذا البذل، عبر عن حبه اللانهائي.. لنا.

وهكذا صارت صورة يسوع المسيح المصلوب، هي أجمل الصور أمام البشرية كلها. أنها صورة الحب الباذل، في أعماق بذله..

إن صورة التجلي علي جبل طابور، وربما لا تجدها في كل مكان صورة المسيح وهو داخل كملك إلي أورشليم.. ولكنك في كل مكان تجد صورة المسيح المصلوب.. لأنها أثمن صورة، أعمق الصور تأثيراً في النفس. أمامها وقف المهاتما غاندى Gandhi، وبكي.. إنها صورة الحب الكامل، والعطاء. لأنه "ليس حب أعظم من هذا، أن يضع أحد نفسه عن أحبائه" (يو 15: 13). ولهذا قال القديس بولس الرسول:

"حاشا لي أن أفتخر، إلا بصليب ربنا يسوع المسيح" (غل 6: 14).

وكلما ننظر إلي صورة الصليب، نتذكر الحب الإلهي العجيب.. نتذكر إلهنا القوي غير المحدود في قدرته وعظمته، وقد بذل سماءه، وأخلي ذاته، وأخذ صورة عبد، وبذل حياته، وبذل دمه، حباً للإنسان المحكوم عليه بالموت..

إن أجمل عبارة تكتب علي صورة المسيح المصلوب، هي عبارة "أحب حتي بذل ذاته"..

لقد كتبوا لافتة علي صورة السيد المسيح ، مكتوب عليها "يسوع الناصري ملك اليهود"

I N R I ولكن أجمل لافته نكتبها علي صليبه هي "الحب والبذل".. هكذا أحب الله العالم، حتي بذل أبنه الوحيد.. والعظة التي نأخذها من صلب ربنا يسوع المسيح، هي أن نحب وأن نبذل.. لا نحب ذاتنا، إنما نحب الناس، ونحب الله.. لا نحب راحتنا، إنما نحب راحة الناس، مهما كانت راحتنا.

إن كنت لا تحب ولا تبذل فأنت لم تستفيد من صليب المسيح دروساً ولا استفدت من صليبه قدوة لحياتك..

إن صليب السيد المسيح، يعلمنا أن نحب حتي الموت.. في حبنا لله نفعل هذا. وفي حبنا للناس نفعل هذا "لا نحب بالكلام ولا باللسان، بل بالعمل والحق" (يو 3: 18).

وما هو هذا التعبير العملي للحب؟

إنه العطاء والبذل، حتي الموت. نحب المحبة التي تصعد علي الصليب، المحبة التي تصل إلي الموت من أجل من تحبه، أو علي الأقل تكون مستعدة قلبياً أن تصل إلي الموت وأن تبذل ذاتها. انظروا في التوبة وفي مقومة الخطية، كيف أن الرسول يعاتب أهل العبرانيين ويقول: "لم تقاوموا بع حتي الدم، مجاهدين ضد الخطية" (عب 12: 4).

أتريد أن تحب الله؟ ينبغي إذن أن تحبه حتي الدم..

تقاوم الخطية حتي الدم. تصعد علي الصليب. تصلب ذاتك "تصلب الجسد مع الأهواء والشهوات" (غل 5: 24" تصلب العالم داخل قلبك، فلا يتحرك في داخلك. وتصلب ذاتك، فلا تتحرك هذه الذات طالبه أن تظهر. هنا يبلغ الحب غايته. وهنا تفتخر علمياً بصليب ربنا يسوع المسيح، وتقول عنه "هذا الذي به قد صلب العالم لي، وأنا للعالم" (غل 6: 4). نتعلم من صليب السيد المسيح، أن نحب وأن نبذل. ولا يمكن أن نحب وأن نبذل إلا إذا أنكرنا ذواتنا.

إن السيد المسيح، قبل أن يبذل ذاته، أخلي ذاته أولاً وأخذ شكل العبد..

إذن إذا أحببت، وأردت أن تبذل، عليك أن تخلى ذاتك أولاً من كل محبتك لنفسك وشعور بذاتك.. أي أن تتواضع، وتأخذ شكل العبد وحينئذ يمكنك أن تبذل..

وثق أن البذل هو التعبير الحقيقي عن الحب:

أبونا إبراهيم أبو الآباء، ظهرت محبته لله بالبذل (اقرأ مقالاً عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). فبدأ أولاً بأن ترك من أجل الله عشيرته ووطنه وبيت أبيه، وجال وراء اله متغرباً يعيش في خيمة. ومع ذلك فإن حب إبراهيم لله، لم يظهر في قمته إلا حينما وضع ابنه الوحيد عل المذبح، مع الحطب، وأمسك بالنار وبالسكين، لكيما يقدمه محرقة لله..

هناك عوائق قد تحاول منع الإنسان من البذل:

مثال ذلك: محبة الراحة،محبة الكرامة ومحبة الذات.. أما الحب الحقيقي، فلا يعرف لذاته راحة ولا كرامة إلا في تحقيق محبته. وهكذا يبذل كل شئ لأخل من تحب. يعقوب أبو الآباء، عندما أحب راحيل، بذل من أجلها الشيء الكثير.. تعب من أجلها عشرين سنة تحرقة الشمس بالنهار، والبرد بالليل.. وكانت هذه السنوات في نظره كأيام قليلة من أجل محبته لها. (تك 31: 40)، "تك 29: 20). أن المحبة تستطيع أن تعمل الأعاجيب. المحبة تحتمل كل شئ، وتبذل كل شئ.

إن كنت لا تستطيع أن تبذل، فأنت إذن تحب ذاتك، وليست تحب غيرك..

وإن عاقتك الكرامة عن البذل، فأنت إذن تحب الكرامة أكثر وهكذا أيضاً إن عاقتك محبة الحياة، أو محبة الحرية.. حينما أحب دانيال الرب، لم يجد مانع من أن يلقي في جب الأسود الجائعة، ولم يمنعه الخوف، ولم ير حياته أغلي من الحب.

كان الحب في قلب دانيال، أقوى من الخوف، وأغلي من الحياة.

و الثلاثة فتية بالمثل في محبتهم لله، لم يجدوا مانعاً من أن يلقوا في أتون النار. استهانوا بالنار وبالموت وبالحياة، لأجل الله، والقديس بولس الرسول، قال في التعبير عن محبته للمسيح: "خسرت كل الأشياء، وأنا أحسبها نفاية، لكي أربح المسيح" و"ما كان لي ربحاً، فهذا قد حسبته من أجل المسيح خسارة، بل إني أحسب كل شئ أيضاً خسارة من أجل فضل معرفة يسوع المسيح ربي" (في 3: 6-8).

وهنا نجد البذل، بكل رضى، بغير ندم علي شئ..

بل بكل زهد في ما يبذله، كأنه نفاية وخسارة.. أن صليب المسيح، يعلمنا بذل الذات في حب.. ولكن بذل الذات قد يحتاج إلي تدريب أخرى تسبقه. فقد يتدرب الإنسان الروحي علي أن يبذل أولاً من خارج ذاته، من ماله وعطاياه مثلاً، قبل أن يبذل ذاته.

وحقاً أن الذي لا يستطيع أن يبذل ما هو خارج ذاته، كيف يمكنه أذن أن يبذل ذاته؟

إن كنت لا تستطيع أن تعطي مالك للرب، أو عشورك وبكورك، فكيف يمكنك تعطيه عمرك وحياتك؟! كيف يمكنك أن تعطيه دمك؟! كيف..؟! وأن كنت لا تستطيع أن تعطيه الحياة كلها؟! في عصر الاستشهاد، لكي تدرب الكنيسة أولادها علي حب الموت ولقائه، دربتهم أولاً علي الزهد في الماديات، وترك الاملاك والمقتنيات، وترك الأهل والبيت، فكان "الذين يستعملون العالم كأنهم لا يستعملونه، والذين يشترون كأنهم لا يملكون، والذين لهم نساء كأن ليس لهم" (1كو 7: 29- 31) لكي يثق الكل بأن "هيئة العالم تزول" وتضع الكنيسة في آذان أولادها في كل قداس قول الرسول "لا تحبوا العالم ولا الأشياء التي في العالم.. فالعالم يمضي وشهوته معه" (1يو 2: 15، 17). أن الذي يزهد في العالم وما فيه، يستطيع أن يبذل الحياة من أجل الله. الذي يقول "مملكتي ليس من هذا العالم" مشتهياً أن يملك مع المسيح في الأبدية، هذا يستطيع أن يبذل ذاته من آجل اخوته ومن آجل الرب

أما الذي لا يستطيع أن يبذل القليل، فكيف يمكنه أن يبذل الكثير؟! وكيف يستطيع أن يبذل الكل؟!

كيف يتمثل بالسيد المسيح الذي بذل الكل.. الذي بذل المجد وبذل الراحة، وعاش بلا لقب ولا مركز رسمي، وبلا مال وبلا مرتب.. ثم بذل دمه عن الحياة العالم كله، لكي نحيا نحن بموته، ونحيا بمحبته لنا..

كان السيد المسيح يعطي باستمرار قبل إعطاء ذاته علي الصليب.

كانت محبته تجول وسط الناس تعطيهم حناناً وحباً وشفقة. كانت تعطي البعض شفاء، والبعض عزاء والبعض طعاماً. كانت تنادي للمسبيين بالعتق، وللمأسورين بالإطلاق، وتعمل كل حين لأجل راحة الكل. ولكن كل هذا لم يكن يكفي..

كان ينتظر من المحبة أن تعطي ذاتها، أن تصعد علي الصليب، وتنضح بدمها علي البشرية، من قمة الفداء العالمية.

وسار السيد المسيح إلي الجلجثة، ليقدم ذاته ذبيحة حب. كان يمثل المحبة متجسدة، والمحبة باذلة. وتعجب الشيطان من هذا الحب، وثار عليه بكل قوته. وجميع كل قواته ليمنع محبه الرب من أن يصل إلي قمتها علي الصليب، بكل حيلة وبكل عنف..

وإذا بمياه كثيرة أحاطت بهذه المحبة التي تتقد ناراً

مياه كثيرة.. كالاستهزاء، والإهانة، والتهكم، والتحدي بتلك العبارة الماكرة المحتفزه "لو كنت ابن الله، انزل من علي الصليب" أو بنفس المعني "خلص آخرين، أما نفسه فلم يستطيع أن يخلصها)..

ولكن محبة ربنا لنا، كانت أقوي من محاولات الاستفزاز

وأنتصر الرب في المعركة. صمد أمام كل هذا التحدي والتهكم، لكيما يخلصنا من حكم الموت، واضعاً أمامه هدفه الذي جاء من اجله، أن يموت عنا لكي نحيا بموته. وهكذا ظلت محبته تصعد إلي قممها إلي الصليب والألم والعذاب، وتدوس في طريقها، كل عقبة، إلي أن وصلت إلي أعلي قمة لها وهي الفداء، فتكللت بمجد عجيب لا يوصف..

وصار الصليب رمزاً للحب، وبالتالي للفداء والعطاء.

فعلي الصليب أعطي السيد المسيح للعالم كله وثيقة العتق، وقدم له فداء كاملاً، وتكفيراً عن خطاياه.. وعلي الصليب أعطي اللص اليمين وعداً بان يكون معه في الفردوس، وأعطي لصالبيه - إن تابوا - غفرانا وتنازلاً عن حقه تجاه ظلمهم. وعلي الصليب أعطي يوحنا الحبيب أماً روحية هي العذراء مريم. وأعطي السيدة العذراء أبنا هو يوحنا.. وعلي الرغم من آلام الرب علي الصليب، كانت أفكاره ليست مركزه في آلامه وفي ذاته، إنما في خلاص الناس وتقديم ثمن العدل الإلهي للآب.

وصارت أبصارنا معلقة في هذا الصليب وعطائه:

الصليب الذي يعطي غفراناً وخلاصاً، وحياة، ورجاء أكيداً في الأبدية السعيدة.. الصليب الذي يعطي صورة مثالية للعطاء وللبذل، ولنكران الذات وإخلائها.. بلا حدود.. الصليب الذي أعطانا صورة لمن يعطي وهو في عمق آلام الجسد، ولكن في عمق محبة الروح.. ويعطي إلي آخر قطرة تسفك من جسده، في الوقت الذي لا يقدم فيه العالم أي عطاء.. إلا دموع عزيزة كانت تسكبها قلوب محبة. وكانت لها قيمتها عند الرب.. فليعطينا الرب بركة صليبه، وليعطينا أن نتدرب علي الحب والبذل، وأن نحب الإعطاء أكثر من الأخذ. وليعطينا أن ننمو في هذا العطاء ونظل ننمو حتي نعطي أرواحنا لأجله له القوة والمجد والبركة والعزة إلي الأبد آمين.

تابع
 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
2- كان الآب قد أعد مذبح المُحرَقة



في هذا اليوم تحتفل الكنيسة المقدسة بتقديم السيد المسيح ذبيحة عنا. وهنا نود أن نشرح ما هو المقصود بكلمة ذبيحة، في بعض تفاصيلها.. منذ أن بشر الله آدم بالخلاص، في قوله أن "نسل المرأة يسحق رأس الحية" (تك 3: 15)، علمه من ذلك الحين أن يقدم ذبائح، ويسلم نسله:

وتعلم آدم بهذا أول درس للفداء.

لقد أخطأ فتعرى، ولم تصلح لستره أوراق التين. فصنع له الله قميصاً من جلد ذبيحة لعله جلد ذبيحة، وستره به. فعرف أن الخطية مها العرى، والذبيحة معها الستر. وكان هذا الدرس الأول. وتوالت الذبائح من حيوانات طاهرة.

نفس طاهرة لم تخطئ، تموت عن نفس بشرية أخطأت.

وقرأنا عن محرقة هابيل الصديق (تك 4) قدمها "من أبكار غنمه ومن سمانها". من أين عرف هابيل أن يقدم ذبيحة محرقة للرب؟ لعله عرف هذا بالتقليد، تسليما من أبية آدم، الذي تسلم هذا الأمر من الله. وعبرت فكرة الذبيحة، أو عقيدة الذبيحة إلي جميع الأجيال. وقرأنا عن محرقات أبينا نوح "تك 8" من الحيوانات الطاهرة. إنه نفس الدرس "نفس طاهرة تموت عن نفس مخطئة. وكان هذا هو الدرس الثاني. وهكذا قرأنا عن محرقات قدمها أيوب الصديق عن أولاده قائلا "ربما أخطأ بني وجدفوا في قلوبهم، علي الله" (أي 1: 5) ومن سفك دم الذبائح والمحرقات، ظهر الدرس الثالث وهو: "أجرة الخطية موت" (رو 6: 23) للخاطئ أو نفس عوضاً عنه.

وجاء موسى النبي ليشرح بالتفاصيل المحرقات والذبائح التي تقدم عن الخطايا. وكانت كل منها ترمز إلي ذبيحة السيد المسيح من زاوية معينة. فلنأخذ إذن فكرة عنها لنعرف ما الذي قدمه المسيح عنا في هذا اليوم، يوم الفداء العظيم. نحن نعلم أن الإنسان قد أخطأ. وكانت خطيئته ضد الله ذاته. ويكفي أنها عصيان لله وتمرد عليه،، كما أنها انفصال عن الله وعدم محبة له.

وخطيئة الإنسان كانت لها نتيجتان: أولاً إغضاب الله، وثانياً هلاك الإنسان. وجاء السيد المسيح ليعالج الأمرين معاً.

1- يصالح الله الآب، ويتحمل غضبه، ويدفع له ثمن الخطية.

2- يخلص الإنسان المحكوم عليه بالموت، بأن يموت بدلاً منه.

أما إرضاء قلب الله، فكانت ترمز إليه ذبيحة المحرقة.

لذلك وضعت في مقدمة الذبائح كلها، في الأصحاح الأول من سفر اللاويين. وقبل عنها ثلاث مرات في هذا الأصحاح إنها "محرقة وقود، رائحة سرور للرب" (لا1: 9، 13، 17). ولأنها كانت خاصة بالله وحدة، ما كان يأكل منها احد، لا الكاهن، ولا اللاوى، ولا مقدمة الذبيحة، ولا أصحاب مقدمها. إنما كانت تأكلها نار المذبح وحدها "التي تشير العدل الإلهي" تظل النار تتقد فيها، حتي تتحول إلي رماد. ثم يأخذ الكاهن هذا الرماد إلي خارج المحلة إلي مكان طاهر "لا 6: 8- 12" إشارة إلي أن حق الله قد استوفي، وتمت المصالحة معه، وأخذ ثمن الخطية: وسر من خضوع المحرقة حتي المنتهي. هذا عن إرضاء قلب الله، فماذا عن خلاص الإنسان؟

كانت ذبيحة الخطية، هي التي تحمل خطايا الإنسان وتموت بدلاً منه، لكي يخلص. وكذلك ذبيحة الإثم.

إنهما ذبيحتان، إحداهما عن خطية الإرادية، والأخرى عن خطية التي فعلها الإنسان سهواً ثم أعلم بها (لا 4، 5) كل من ذبيحة الخطية وذبيحة الإثم، كانت طاهرة وبلا عيب.

الذبيحة لم تكن خاطئة، إنما كانت حاملة خطية.

كانت حاملة لخطية مقدمها، الذي يضع يده عليها، إشارة إلي أنها تنوب عنه، وأن خطاياه تنتقل منه إلي رأس هذه الذبيحة، فتموت عنه (لا 4: 4، 15، 24، 29، 33)

وقد قال الكتاب عن هذه الذبيحة إنها قدس أقداس.

"في المكان الذي تذبح فيه المحرقة ذبيحة الخطية أمام الرب إنها قدس أقداس.. في مكان مقدس تؤكل في دار خيمة الاجتماع. كل من مس لحمها يتقدس.. إنها قدس أقداس" (لا 6: 24- 29). ونفس الكلام قيل عن ذبيحة الإثم (لا 7: 1، 2، 6) (إنها قدس أقداس). كل هذه كانت رموزاً في العهد القديم. فما الذي حدث للسيد المسيح الذي كانت ترمز إليه هذه الذبائح والمحرقات؟

في يوم الجمعة الكبيرة، كان الله الآب قد أعد مذبح المحرقة علي جبل الجلجثة..

وتقدم السيد المسيح، وهو يحمل حطب المحرقة. تقدم وارتفع علي هذا المذبح بنفسه. لم يرغمه أحد، لكنه هو الذي قال: أنا أضع نفسي عن الخراف. ليس أحد يأخذها مني. بل أضعها أنا من ذاتي. لي سلطان أن أضعها، ولي سلطان أن آخذها أيضاً (يو 10: 15- 18). تقدم السيد المسيح وصعد علي مذبح المحرقة من ذاته. واتقدت فيه النار

وأتت نيران كثيرة، وأحاطت به.

نيران من أقطار قريبة وبعيدة. ونيران من أجيال عديدة. كلها كانت تخص الناس، في كل مكان، وعلي مدي الأزمان. إنها نار العدل الإلهي الواقع علي كل هذه الخطايا. وظلت النار تتقد ثلاث ساعات كاملة. من السادسة حتي التاسعة.

كانت النار تلتهم هذه المحرقة الإلهية. وصعد دخانها إلي فوق. وتنسم الآب رائحة الرضا.

ولم يرفع يده عن المحرقة، كما حدث مع أسحق. لذلك صرخت المحرقة "إلهي إلهي، لماذا تركتني؟" أنه - تبارك أسمه - لم يترك محرقة أبنه الوحيد لحظة واحدة ولا طرفة عين. إنما ترك نار العدل الإلهي تتقد فيها حتي النهاية لإرضاء الآب ومصالحته.. عن كل خطية. وعن كل إثم، وكل سهو. لكل أحد، في كل مكان، وفي كل الأزمان.

وقبل أن تتحول المحرقة إلي رماد، قالت للآب: قد أكمل

"أيها الآب.. العمل الذي أعطيتني لأعمل، قد أكملته" (يو 17: 4) (اقرأ مقالاً عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). وإذا استودعت روح السيد المسيح في يدي الآب، أخذ الآب رماد المحرقة - حسب الناموس - ووضعه في مكان في الفردوس أولاً.. ثم عن يمين الآب ..

وفي نفس الوقت. وعلي نفس الجبل، جبل الجلجثة. قدم السيد المسيح ذاته كذبيحة خطية.

ليحمل خطايا العالم كله، كما قال المعمدان (يو 1: 29) وكما قال القديس يوحنا الحبيب (1يو 2:2) سواء الخطايا المعاصرة لوقت الصلب، أو خطايا الماضي منذ آدم، أو خطايا المستقبل حتي آخر الدهور.. لكل من يؤمن به ويتوب.. لهذا فإن كل الراقدين علي رجاء في الجحيم، مدوا أيديهم ووضعوها علي رأس هذه الذبيحة، لتنوب عنهم، وقد قبلوها ذبيحة عن خطاياهم. وكل الذين آمنوا بالسيد المسيح في جميع الأجيال، يضيعون أياديهم أيضاً علي هذه الذبيحة لتنوب عنهم. وهم يقبلونها لفدائهم.

ودم ذبيحة الخطية هذه رش مستديراً، حول الكرة الأرضية..

وعندئذ، حدث أن الملاك الذي كان يحرس الطريق إلي شجرة الحياة، بسيف من نار (تك 3: 24).. هذا الملاك رأي الدم، نازف من ذبيحة الخطية، ليمحوا كل خطية، فقال "عندما أري الدم أعبر، عنكم" (خر 12)

وأصبح طريق شجرة الحياة، مفتوحاً أمام من يغلب.

وذلك كما قال الرب فيما بعد لملاك كنيسة أفسس "رؤ 2: 7). أما الكنيسة المقدسة، فقد وقفت أمام هذه المحرقة الإلهية وذبيحة الخطية، ترتل في كل يوم من أيام البصخة قائلة:

المسيح مخلصنا جاء وتألم عنا، لكي بآلامه يخلصنا.

نسألك أيها الصالح أن تصنع معنا رحمة كعظيم رحمتك.. وإذ كان الناس يستهزئون بهذا المصلوب، ويظنون فيه الضعف، ظلت الكنيسة طوال أسبوع الآلام تغني في أذني المسيح تسبحتها المعروفة "لك القوة والمجد والبركة والعزة يا عمانوئيل إلهنا وملكنا" وعندما كان الناس يسخرون به وهو مصلوب، ويقولون له "إن كنت أبن الله، إنزل من علي الصليب وخلص نفسك"كانت الكنيسة تنشد له لحن (أومونوجينيس): "أيها الابن الوحيد، الكلمة الأزلي، الذي لا يموت). ولما "أحصي بين أثمه" وهو علي الصليب، ظلت الكنيسة خلال الساعة السادسة والساعة التاسعة، تغني له باللحن (آجيوس) أي قدوس.. قدوس.. قدوس..

إن حامل خطايا العالم كله ترتل له الكنيسة لحن الثلاثة تقديسات

إن الكنيسة تعرف قداسته التي بلا حدود.. وتعرف أنه قد مات عنا، من فرط حبه لنا. كان لابد من ذبيحة بلا عيب، لكي تحمل عيوب الناس جميعاً.. كان لابد من إنسان بلا خطية.. إذا مات، يكون موته عن خطاياً غيره فيفديهم.. علي أن يكون هذا الذي يموت غير محدود،، ليقدم كفارة غير محدودة، تكفي لجميع الخطايا، لجميع الناس، في جميع الأجيال. ولم يوجد إنسان بلا خطية، ولم يوجد غير محدود بين جميع المخلوقات. فتجسد الرب لأجلنا، وحمل خطايانا. ولما مات عن خطايانا نحن، إذ ليست له خطية خاصة يموت عنها..

تابع

 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
[size="[color="red"]4[/color]"]3- إنكار بطرس، وضعف الطبيعة البشرية


في قراءات ليلة الجمعة من البصخة المقدسة، تتضح لنا حقيقة بارزة وهي:

أن الله الذي خلق طبيعتنا البشرية، يعرف ضعفاتها.. بينما هذه الطبيعة البشرية التي لا يعرف ذاتها.. كثيراً ما تكون واثقة أزيد مما يحب!!

الله الذي يعرف الطبيعة البشرية، يعرف أن تلميذه المتحمس الغيور، بطرس، يمكن أن ينكره ثلاث مرات، في دقائق قليلة، أمام جارية بعض وبعض الخدم، وليس أمام رؤساء لهم خطورتهم.. هكذا كانت الطبيعة البشرية أمام الرب. ولذلك قال لبطرس ينذره "هوذا الشيطان طلبكم لكي يغر بلكم كالحنطة. ولكني طلبت من أجلكم لكيلا يفني إيمانكم" (لو 22: 31، 33) أما بطرس الواثق بنفسه أزيد من واقع الضعيف، فإن رد علي الرب في ثقة بذاته قائلاً "إني مستعد يا رب أن أمضي معك حتي إلي السجن وإلي الموت" (لو 22: 33).

كنت أظن أن معلمنا بطرس، يجيب بغير هذا..!

سامحوني يا اخوتي، أنا لست أتدخل في تصرفات القديسين. بل إنني لست مستحقاً للتراب الذي كان يدوسه القديس بطرس بقدميه. ولكنه مجرد رأي أعرضه: مادام الرب قد قال "هوذا الشيطان طلبكم لكي يغربلكم كالحنطة". وقال كنتيجة لهذه الغربلة: "كلكم تشكون فى في هذه الليلة، لانه مكتوب إني أضرب الرعي فتتبدد الرعية" (مر 14: 27) (مت 26: 31). مادام الرب قال "كلكم تشكون" ولم يستثن بطرس.

كان الواجب إذن، أن يتضع هذا القديس ويطلب المعونة.

كان الأليق به، أن يلقي بذاته عند قدمي ربنا يسوع المسيح ويقول له: "يا رب قوة ضعفي. أعطني نعمة منك تسندني في هذا الضعف، حتي لا أنكر". كان يمكن أن يقول في أتضاع.

أنا واثق أن نعمتك لو تخلت عني، ربما أنكر سبع مرات وليس ثلاثاً فقط، علي الرغم من محبتي لك..

أنا إنسان ضعيف، إذا تصرفت بقوتي الخاصة، سأشابه الهابطين في الجب. ولن أنسي قولك من قبل "بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً" (يو 15: 5). ولكنني بك أستطيع كل شئ.. "أستطيع كل شئ في المسيح الذي يقوني" (في 4: 13). ولكن بطرس لم يفعل هكذا!!.. كان واثقاً بنفسه. كان واثقاً بمحبته للرب علي الثبات..

بل كان واثقاً إنه أكثر من جميع التلاميذ ثابتاً!

فقال للرب مجادلاً "وإن شك فيك الجميع فأنا لا أشك أبداً" (مر 14: 29) (مت 26: 33) والعجيب أنه لما واجهة الرب بالحقيقة المرة وقال له بالذات، وليس ككلام عام "الحق أقول لك إنك اليوم في هذه الليلة، قبل أن يصيح الديك مرتين تنكرني ثلاث مرات).. قال بطرس بأكثر تشديد "ولو اضطررت أن أموت معك، لا أنكر". "وهكذا قال الجميع" (مر 14: 30، 31) (مت 26: 34، 35).

إن النفس الجاهلة بحقيقة ذاتها، ما أسهل أن تقول للرب مع بطرس "أني أضع نفسي عنك" (يو 13: 37).

تقول ذلك في ثقة. ويثبت الواقع عكس ما تقول! هذه النفس الواثقة بذاتها، ليتها، تدرك قول القديس بولس الرسول "لست أفعل ما أريده، بل ما ابغضه إياه أفعل!.. فالآن لست بعد أفعل ذلك أنا، بل الخطية الساكنة في" (رو 7: 15، 17). هناك نصائح تقوم لمثل هذه الحالة منها:

أن يعرف الإنسان ضعف الطبيعة البشرية، وقوة الشياطين وحيلهم.

لابد أن نضع أمامنا في جهادنا الروحي إن عدونا الشيطان مثل أسد زائر يجول متلمساً من يبتلعه هو (إبط 5: 18). وقد قيل أنه عندما يحل الشيطان من قيده "لو لم يقصر الله تلك الأيام، لم يخلص أحد" (مت 24: 22) (اقرأ مقالاً عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). مادام الشياطين لهم هذه القوة والحيلة والخداع، حتي أن الشيطان يمكن أن يغير شكله إلي شبه ملاك نور (2كو 11: 14).

إذن النصيحة الأولي، هي أن نتضح، وننسحق في داخلنا.

نتواضع تحت يد الله القوية، وأمام ذاتنا في الداخل. ولا تظن أن لنا قوة فوق مستوي الخطية، وفوق مستوي الحروب الشيطانية. فالخطية طرحت كثرين جرحي، وكل قتلاها أقوياء (أم 7: 26). وبكل أتضاع ندرك انه يمكن أن تخطئ.

وإلي جوار الإتضاع تلزمنا أيضاً الصلاة الدائمة.

وهكذا يلهج القلب باستمرار "يا رب أعطني نعمة. يا رب أعطني قوة. حافظ علي. أنا أضعف من الخطية. اسندني فأخلص".

ومع الإتضاع والصلاة، ينبغي أن يكون لنا الاحتراس الدائم.

أحياناً لا نحترس من بعض خطايا، نظن أنها من خطايا المبتدئين! أما أمثالنا الذين تدربوا عل الروحيات، وعاشوا زماناً في الكنيسة، ومارسوا وسائط النعمة.. فليس من المعقول أن يقعوا في أمثال هذه الخطايا..! وبالتالي لا نحترس. ونتيجة لعدم الاحتراس، نسقط في (خطايا المبتدئين)!

ربما ظن بطرس أنه من الاستحالة أن ينكر المسيح.

جائز في أتضاع يظن أنه يمكن أن يسقط في خطايا أخري غير هذه. أما عن إنكار المسيح، فهذا مستحيل، مستحيل.. إنه لم ولن يصل إلي مثل هذا المستوى..

هل يعقل أحد أن القديس بطرس يمكن أن ينكر!

بطرس الذي قال له الرب "طوباك يا سمعان بن يونا. إن لحماً ودماً لم يعلن لك، لكن أبي الذي في السموات" (مت 16: 17، 19) بطرس الذي أعطاه الرب مفاتيح الملكوت وسلطان الحل والربط، كواحد من الإثني عشر (مت 18: 18).. بطرس المعتبر احد أعمدة الكنيسة بشهادة القديس بولس الرسول (غل 2: 9) بطرس الذي هو من كبار المتحمسين للرب السائرين وراءه، بطرس المملوء غيرة، الذي منذ لحظات أستل سيفه وضرب أذن عبد رئيس الكهنة. بطرس هذا ينكر المسيح؟! ألا يبدو هذا مستحيلاً؟ وأمراً لا يخطر علي بال.

فإن كان بطرس هذا قد أنكر، ألا نتضع نحن؟! ألا نقول: لسنا أقوي من الذين سقطوا ونحترس.

وإن كان الله يسندنا في بعض الأوقات نسقط، فليس هذا راجعاً إلي قوتنا الشخصية، ومقاومتنا وصمودنا.. فلنقل إذن مع المرتل في المزمور "لولا أن الرب كان معنا.. لا بتلعون نحن أحياء.. مبارك الرب الذي لم يجعلنا فريسة لأسنانهم.." (مز 124).

إذن فلنداوم علي الإتضاع، والصلاة والاحتراس.

ولا نحاول أن نقسم الخطايا، إلي خطايا كبيرة تحتاج إلي صلاة واحتراس، وخطايا أخري نحن فوق مستوي السقوط فيها، وهذه لا تحتاج إلي احتراس ولا إلي صلاة! أن ربنا يسوع المسيح، الذي يعرف ضعف طبيعتنا، يعرف أن عبارة "لو أدي الأمر أن أموت معك" هي مجرد حماسة ظاهرية، أو مجرد نية طيبة.

ولكن الإرادة في الواقع، ليست علي مستوي الحماس والنية.

النية الطيبة، والحماس متقد. ولكن العزيمة لا تسندهما. والقلب ربما يهتز، إن كان الاختبار شديداً يكشف ضعفه. لا حظوا أن الرب قال لبطرس "طلبت من أجلك، لكي لا يفني إيمانك" (لو 22: 32).

إلي هذه الدرجة يا رب تقول لكيلا "يفني" إيمانك؟

قل مثلا: لكيلا يضعف إيمانك، أو لكيلا يهتز إيمانك.. أما عبارة (يفني) فإنها صعبة وشديدة، وبخاصة إذا قيلت لرسول عظيم كبطرس نعم، أنها كلمة صعبة، ولكنها الواقع.

إنكار يا بطرس كان أفضل النتائج، وكان نتيجة للصلاة!

لولا الصلاة من أجلك، ربما كان يفني إيمانك.. يا للهو!

إن الحماس ليس هو كل شئ، ولا الاندفاع.. بطرس ربما كان أكثر الرسل حماساً. ولكن..

فلنأخذ نحن درساً، ونتضع ، ونحترس، ونصلي:

أنا يا رب تحت رجليك. لست أدعي لنفسي قوة. أنا أضعف الضعف. أنا أضعف من أن أقاتل أصغرهم، وليست كفؤاً أحد. اسندني فأخلص. وان انتصر في يوم علي خطية، سأقول بكل تأكيد "يمين الرب صنعت قوة. يمين الرب رفعتني" (مز 117) "لولا أن الرب كان معنا، لابتلعونا ونحن أحياء". النفس المتواضعة التي من هذا النوع، هي التي يمكنها أن تجتاز التجربة بسلام. أما الواثقة بذاتها، فلتسمع قول الكتاب:

قبل الكسر الكبرياء. وقبل السقوط تشامخ الروح (أم 16: 18).

أن قوة الرب هي التي تحفظ، وليس قوتنا، وهي تحفظ المتواضعين. لذلك حسناً قال الرب لله الآب "حين كنت معهم في العالم، كنت أحفظهم في اسمك، الذين أعطيتني حفظتهم ولم يهلك منهم أحد" (يو 17: 12) نعم، أنت الذي حفظتهم، وليست قوتهم أو تقواهم أو حرصهم. وليست حكمتهم، أو إرادتهم وعزيمتهم، أو مجرد محبتهم لك. فبطرس كان يحبك. ولكن هو حفظك لهم.

احفظنا يا رب إذن كما حفظتهم.

أعطنا قوة كما أعطيتهم. وقدنا كما قدتهم في موكب نصرتك (2 كو 2: 14). أنك لما أمسكت بيد بطرس، أمكنه أن يمشي علي الماء. معك. ولكنه بقوته الذاتية وحدها، لا يستطيع أن يمشي. لقد جرب ذلك فسقط في الماء.. أن سرت يا أخي فوق الماء ولم تسقط، فاعرف أن ذلك سببه أن الرب ممسك بيدك. لذلك احتفظ بهذه اليد معك، واحترس أن تعتمد علي ذاتك لئلا تسقط.. إننا نريد هؤلاء المتواضعين، الذين بدلا من أن يعلنوا قوتهم وقدرتهم كبطرس، يحولون ذلك إلي صلاة.

اعتماد بطرس علي قوته، كان له جانب شخصي وآخر مقارن.

فمن جهة اعتماده علي شخصه، أو اعتماده بشخصيته، قال "إني أضع نفسي عنك". ومن جهة المقارنة قال "وإن شك فيك الجميع فأنا لا أشك أبداً" (مر 14: 29). كأنه أكبر من الكل، وأكثر منهم محبة، وأقوي منهم مقاومته. والتواضع يعلمنا ألا نفضل أنفسنا علي غيرنا.

لذلك سمح الوحي الإلهي، أن يسجل إنكار بطرس وحده.

لقد قال الرب "كلكم تشكون" وقال "تتبدد الرعية" وقال عن الشيطان "يغربلكم".. إذن هي لم تكن تجربة فردية لبطرس، أو سقطة فردية. ولكنها للجميع سقطة بطرس وحدة هي التي سجلها الوحي لأنه افتخر علي باقي التلاميذ، وظن أنه أكثر حباً للرب منهم. ولعله من أجل هذا عاتبه الرب بعد القيامة بقوله "يا سمعان بن يونا، أتحبني اكثر من هؤلاء؟ (يو 21: 15) ولاحظوا هنا أنه ناداه بإسمه القديم سمعان بن يونا، وليس باسم بطرس الذي ناله في التطويب (مت 16: 18) فليس الآن مجال تطويب. هنا عاد لشخصية الإنسان العتيق، عاد صياد سمك وليس صياد الناس (لو 21: 3). لم يعد كالصخرة، لأنه أهتز أمام جارية. ولكن الرب أعاده إلي رتبته الرسولية بقوله (أرعي غنمي..أرعى خرافي)، ولم يحاسبه بالإنذار الإلهي الذي يقوله "من ينكرني قدام الناس، أنكره أنا أيضاً قدام أبي الذي في السموات" (مت 10: 33). لقد سمح الرب بإنكار بطرس، وبتسجيل الوحي لذلك، لكي لا يفتخر بطرس علي باقي التلاميذ فيما بعد، كما سبق أن قال: أن شك الجميع فأنا لا أشك. نلاحظ هنا أن الرب لما عاتب بطرس بقوله "أتحبني أكثر من هؤلاء" أجاب "أنت تعلم يا رب إني احبك". ولم يقل بعدها "أكثر من هؤلاء". كان قد أخذ درساً.. وبسبب هذا الدرس، حينما حان موعد استشهاد القديس بطرس طلب أن يصلب منكس الرأس. وهكذا حدث.

لأن قلبه كان منكساً بالداخل، قبل أن تتنكس رأسه.

وكأنه يقول للرب: أنا يا رب خجلان منك ومن أخوتي، خجلان من ثقتي السابقة، واعتدادي بقوتي، وظني أنني أفضل من أخوتي، مما جعلني أقول: لو شك الجميع، أنا لا أشك.. أنا الآن انكس رأسي أمامك وأمام الجميع وأقول أنا لا أستحق. وهكذا عندما شفي الله الرجل الأعرج عند باب الجميل، علي يدي بطرس. والتف حوله الناس معجبين، قال لهم - ومعه يوحنا الحبيب).. ما بالكم تتعجبون من هذا؟ ولماذا تشخصون إلينا، كأننا بقوتنا أو تقوانا قد جعلنا هذا يمشي.." ثم حول أنظارهم إلي الرب يسوع وقال "وبالإيمان باسمه، شدد اسمه هذا.. وأعطاه هذا وأعطاه هذه الصحة" (أع 3: 12- 16).

نعم بقوتنا ولا بتقوانا.. لقد جربتها قبلاً..!

وظهر لي إني في الموازين إلي فوق، يوم أنكر الرب ليس لمجرد استخدام كلمات أتضاع، قال بطرس ذلك يوم شفي الأعرج، إنما قال هذا عن إقناع داخلي.. لقد جربت قوتنا وتقوانا، فلم أنتفع شيئاً.. ليس سوي الرب "قوتي وتسبحتي هو الرب، وقد صار خلاصاً" (مز 117). لقد جرب معلمنا بطرس قوته وتقواه مرة أخري، حينما كان ربنا يسوع المسيح يصارع من أجلنا في بستان جثماني. وكان مع بطرس عمودان آخران من أعمدة الكنيسة هما يعقوب ويوحنا. ولم يستطيع هؤلاء الأعمدة الثلاثة أن يسهروا مع الرب ساعة واحدة مع أنه طلب منهم ذلك ثلاث مرات.

"ووجدهم أيضاً نياماً، إذ كانت أعينهم ثقيلة" (مر 14: 40).

"فلم يعلموا بماذا يجيبونه".. وكان هذا الأمر عجباً.. أعمده الكنيسة الكبار، ما استطاعوا أن يسهروا مع الرب ساعة واحدة، في أخرج الأوقات، حينما كان يجاهد لأجلنا، وقطرات عرقه تتساقط كقطرات دم.. وعاتب الرب بطرس قائلاً: (يا سمعان، أنت نائم. أما قدرت أن تسهر ساعة واحدة؟!) (مر 14: 37). أين إذن "قوتنا وتقوانا"؟ وأين الحدث عن الصخرة"؟!

وان كان هؤلاء الأعمدة عيونهم ثقيلة، ألا نتضع نحن؟!

ألا نصرخ إلي الرب ونقول: أنت تعرف ضعف طبيعتنا.. إنه يعرف بلا شك، كما قال داود في المزمور "لأنه يعرف جبلتنا يذكر أننا تراب نحن" (مز 103: 14).

ولأنه يعرف ضعفنا، لا يوبخ كثيراً، ولا يعاتب كثيراً.

يوبخ من؟ ويعاتب من؟ أيوبخ التراب والرماد.. المزدري وغير الموجود. لذلك فإن داود النبي يقول له "لا تدخل في المحاكمة مع عبدك، فإنه لا يتزكى قدامك أي حي" (مز 134: 2). ويقول له أيضا "إن كنت للآثام راصداً يا رب، يا رب من يثبت؟ لأن من عندك المغفرة" (مز 13: 3). نعم لا يثبت أحد، لأننا كلنا "في الموازين إلي فوق" (كلنا كغنم ضللنا. ملنا كل واحد إلي طريقه" (أش 53: 6). مسكين هذا الإنسان الذي يحاول أن يبرر ذاته، ويقول "أنا.. أنا..". أنت حبيبي؟ كلنا خطاه، فلا داع لكلمة أنا هذه. وأن حكمنا الله، سوف "يستد كل فم"..

صدقوني، لو أسلمنا الله إلي ضعفنا، ما خلص منا أحد.

إن نعمة الله لا تزال تسندنا "لئلا يفني إيماننا). وهكذا كان السيد المسيح: يقوي تلاميذه، ويشجعهم، ويحفظهم ويعطيهم نعمة، ويبعدهم عن كل عثرة. لذلك فإنه في إرساليته الأولي لهم، اقل لهم من أجل معرفته بضعفهم:

في طريق أمم لا تمضوا، ومدينه للسامريين لا تدخلوا.

لماذا؟ لأنهم سيرفضونكم، وربما لا تحتملون الرفض. لستم الآن في مستوي هذه الخدمه الصعبة. أذهبوا الأن إلي خراف بيت إسرائيل الضالة، وربما تكون خدمتهم أسهل.. وقد جربهم الرب في هذا الأمر، فلم يصمدوا.. ذهب إلي أحد قري السامرة، فأغلقت أبوابهم في وجهه ولم يقبله فصاح التلميذان اللذان معه: أتشاء يا رب أن تنزل نار من السماء فتفنيهم. (لو 9: 54)

هل إلي هذه الدرجة ثرتم لكرامتكم الشخصية، ولم تحتملوا.

أن يغلق باب في وجهكم! ألم تعلموا رسالة ابن الإنسان هي أن يخلص العالم ، وليس أن يهلك العالم. والعجيب أن أحد هذين التلميذين كان يوحنا الحبيب، المملوء حباً، أو صار مملوءاً حباً فيما بعد بمعاشرته للمسيح. أما وقتذاك فكان مع أخيه يلقيان بوانرجس أي أبني الرعد.. كان الرب يعرف ضعف طبيعتهم. وكان يعرف ضعف غيرتهم أيضاً. إنه يذكر أننا تراب نحن (مز 103). وكان الرب خلال هذا الأسبوع يتعامل مع التراب، التراب الذي دخلت المياه إلي نفسه، فصار طيناً. كان يصبر علي أعدائه. وعلي أصدقائه علي السواء.

كان يحتمل ظلم الشرار. وكان يحتمل ضعف الأبرار. كان يحتمل تآمر أعدائه ويحتمل خوف ونكران أصدقائه.

كان يحتمل الكل.. فقد جاء لا ليعاقبهم علي أخطائهم إنما لكي يخلصهم منها. ولهذا دعي أسمه يسوع (مت 1: 21). وجد تلاميذه في ذلك الحين ضعفاء وخائفين. فلم يعاتبهم علي ضعفهم وخوفهم، إنما قال لهم: ستلبسون قوة متي حل الروح القدوس عليكم. وحينئذ تكونون لي شهوداً" (أع 1: 8).. حينئذ وليس الآن، فماذا أقول؟.. ناموا الآن واستريحوا (مر 14: 41).

أنتم الأن تعشون بالخوف.. ليست ألومكم علي خوفكم. ولكنكم ستنالون قوة من الروح القدس. وتتغيرون تماماً..

وقتذاك سوف لا تخافون من رؤساء اليهود، إنما ستقولون لهم: ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس (أع 5: 29). عندما يحل الروح القدس عليكم، سوف لا تخفون أنفسكم في العلية، وسوف لا تنكرونني، إنما ستشهدون لي في أورشليم وكل اليهودية والسامرة وأقصي الأرض. وسوف لا تكونون أنتم المتكلمين بل روح أبيكم. وستقفون أمام ملوك وولاة لأجل أسمى.

فتراب ضعفكم الحالية، سأحتملها، بل سأنساها لكم إلي أن تتقوا، فينساها العالم لكم. ويذكر قوتكم..

بالقوة التي تنالوها من الروح القدس، سوف تستطيعون أن تكرزوا وتتلمذوا جميع الأمم. وسأكافئكم علي أعمال هذه القوة التي ليست هي منكم، لكنكم كنتم آنية حسنة تحملها. انظروا وافهموا جيداً ما سوف أعاملكم به.. سأنسي الضعف الصادر منكم الآن. وسأكافئكم علي عمل القوة التي ستنالونها متي حل الروح عليكم.

أخطاء ضعفكم الحالي سأنساها، لا أعود أذكرها.

أما البر الذي ستعملونه بالروح، فسيبقي لكم إلي الأبد.

سأسجله لكم في سفر الحياة. ولن أنسي أبداً تعب محبتكم، ولا حتي كأس الماء البارد الذي تسقونه لفقير باسمي. هكذا قضي السيد المسيح هذا الأسبوع، يجاهد وحده..

يجوز المعصرة وحده..

يحتمل ظلم الأشرار، وضعف الأبرار يثبت أصدقاءه وأولاده وتلاميذه، ويحتمل نكرانهم وخوفهم وهروبهم.. يحتمل كل هذا ولا يتخلي عنهم. وهنا نسألك يا رب، بعد كل ما ظهر من ضعفهم،

هل علي الرغم من ضعفهم، سوف تستخدمهم في ملكوتك؟

لقد جربتهم، ورأيت فيهم المنكر، والشكاك، والخائف، والهارب، والضعيف.. فهل يصلحون بعد ذلك لخدمتك؟ نعم. هم أولادي. من جهة أخطائهم، قد غفرت لهم. ومن جهة ضعفهم، سأقويهم.. وماذا أيضاً؟ سوف أطهرهم وأقدسهم وأبررهم وأعينهم، وأكتب أسماءهم في سفر الحياة وأسماء الذين يخلصون عن طريق كرازتهم.

حقاً يا رب أنك طيب. ليس لك شبيه بين الآلهة.

تابع
[/size]
 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
[size="[color="red"]4[/color]"]3- إنكار بطرس، وضعف الطبيعة البشرية


في قراءات ليلة الجمعة من البصخة المقدسة، تتضح لنا حقيقة بارزة وهي:

أن الله الذي خلق طبيعتنا البشرية، يعرف ضعفاتها.. بينما هذه الطبيعة البشرية التي لا يعرف ذاتها.. كثيراً ما تكون واثقة أزيد مما يحب!!

الله الذي يعرف الطبيعة البشرية، يعرف أن تلميذه المتحمس الغيور، بطرس، يمكن أن ينكره ثلاث مرات، في دقائق قليلة، أمام جارية بعض وبعض الخدم، وليس أمام رؤساء لهم خطورتهم.. هكذا كانت الطبيعة البشرية أمام الرب. ولذلك قال لبطرس ينذره "هوذا الشيطان طلبكم لكي يغر بلكم كالحنطة. ولكني طلبت من أجلكم لكيلا يفني إيمانكم" (لو 22: 31، 33) أما بطرس الواثق بنفسه أزيد من واقع الضعيف، فإن رد علي الرب في ثقة بذاته قائلاً "إني مستعد يا رب أن أمضي معك حتي إلي السجن وإلي الموت" (لو 22: 33).

كنت أظن أن معلمنا بطرس، يجيب بغير هذا..!

سامحوني يا اخوتي، أنا لست أتدخل في تصرفات القديسين. بل إنني لست مستحقاً للتراب الذي كان يدوسه القديس بطرس بقدميه. ولكنه مجرد رأي أعرضه: مادام الرب قد قال "هوذا الشيطان طلبكم لكي يغربلكم كالحنطة". وقال كنتيجة لهذه الغربلة: "كلكم تشكون فى في هذه الليلة، لانه مكتوب إني أضرب الرعي فتتبدد الرعية" (مر 14: 27) (مت 26: 31). مادام الرب قال "كلكم تشكون" ولم يستثن بطرس.

كان الواجب إذن، أن يتضع هذا القديس ويطلب المعونة.

كان الأليق به، أن يلقي بذاته عند قدمي ربنا يسوع المسيح ويقول له: "يا رب قوة ضعفي. أعطني نعمة منك تسندني في هذا الضعف، حتي لا أنكر". كان يمكن أن يقول في أتضاع.

أنا واثق أن نعمتك لو تخلت عني، ربما أنكر سبع مرات وليس ثلاثاً فقط، علي الرغم من محبتي لك..

أنا إنسان ضعيف، إذا تصرفت بقوتي الخاصة، سأشابه الهابطين في الجب. ولن أنسي قولك من قبل "بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً" (يو 15: 5). ولكنني بك أستطيع كل شئ.. "أستطيع كل شئ في المسيح الذي يقوني" (في 4: 13). ولكن بطرس لم يفعل هكذا!!.. كان واثقاً بنفسه. كان واثقاً بمحبته للرب علي الثبات..

بل كان واثقاً إنه أكثر من جميع التلاميذ ثابتاً!

فقال للرب مجادلاً "وإن شك فيك الجميع فأنا لا أشك أبداً" (مر 14: 29) (مت 26: 33) والعجيب أنه لما واجهة الرب بالحقيقة المرة وقال له بالذات، وليس ككلام عام "الحق أقول لك إنك اليوم في هذه الليلة، قبل أن يصيح الديك مرتين تنكرني ثلاث مرات).. قال بطرس بأكثر تشديد "ولو اضطررت أن أموت معك، لا أنكر". "وهكذا قال الجميع" (مر 14: 30، 31) (مت 26: 34، 35).

إن النفس الجاهلة بحقيقة ذاتها، ما أسهل أن تقول للرب مع بطرس "أني أضع نفسي عنك" (يو 13: 37).

تقول ذلك في ثقة. ويثبت الواقع عكس ما تقول! هذه النفس الواثقة بذاتها، ليتها، تدرك قول القديس بولس الرسول "لست أفعل ما أريده، بل ما ابغضه إياه أفعل!.. فالآن لست بعد أفعل ذلك أنا، بل الخطية الساكنة في" (رو 7: 15، 17). هناك نصائح تقوم لمثل هذه الحالة منها:

أن يعرف الإنسان ضعف الطبيعة البشرية، وقوة الشياطين وحيلهم.

لابد أن نضع أمامنا في جهادنا الروحي إن عدونا الشيطان مثل أسد زائر يجول متلمساً من يبتلعه هو (إبط 5: 18). وقد قيل أنه عندما يحل الشيطان من قيده "لو لم يقصر الله تلك الأيام، لم يخلص أحد" (مت 24: 22) (اقرأ مقالاً عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). مادام الشياطين لهم هذه القوة والحيلة والخداع، حتي أن الشيطان يمكن أن يغير شكله إلي شبه ملاك نور (2كو 11: 14).

إذن النصيحة الأولي، هي أن نتضح، وننسحق في داخلنا.

نتواضع تحت يد الله القوية، وأمام ذاتنا في الداخل. ولا تظن أن لنا قوة فوق مستوي الخطية، وفوق مستوي الحروب الشيطانية. فالخطية طرحت كثرين جرحي، وكل قتلاها أقوياء (أم 7: 26). وبكل أتضاع ندرك انه يمكن أن تخطئ.

وإلي جوار الإتضاع تلزمنا أيضاً الصلاة الدائمة.

وهكذا يلهج القلب باستمرار "يا رب أعطني نعمة. يا رب أعطني قوة. حافظ علي. أنا أضعف من الخطية. اسندني فأخلص".

ومع الإتضاع والصلاة، ينبغي أن يكون لنا الاحتراس الدائم.

أحياناً لا نحترس من بعض خطايا، نظن أنها من خطايا المبتدئين! أما أمثالنا الذين تدربوا عل الروحيات، وعاشوا زماناً في الكنيسة، ومارسوا وسائط النعمة.. فليس من المعقول أن يقعوا في أمثال هذه الخطايا..! وبالتالي لا نحترس. ونتيجة لعدم الاحتراس، نسقط في (خطايا المبتدئين)!

ربما ظن بطرس أنه من الاستحالة أن ينكر المسيح.

جائز في أتضاع يظن أنه يمكن أن يسقط في خطايا أخري غير هذه. أما عن إنكار المسيح، فهذا مستحيل، مستحيل.. إنه لم ولن يصل إلي مثل هذا المستوى..

هل يعقل أحد أن القديس بطرس يمكن أن ينكر!

بطرس الذي قال له الرب "طوباك يا سمعان بن يونا. إن لحماً ودماً لم يعلن لك، لكن أبي الذي في السموات" (مت 16: 17، 19) بطرس الذي أعطاه الرب مفاتيح الملكوت وسلطان الحل والربط، كواحد من الإثني عشر (مت 18: 18).. بطرس المعتبر احد أعمدة الكنيسة بشهادة القديس بولس الرسول (غل 2: 9) بطرس الذي هو من كبار المتحمسين للرب السائرين وراءه، بطرس المملوء غيرة، الذي منذ لحظات أستل سيفه وضرب أذن عبد رئيس الكهنة. بطرس هذا ينكر المسيح؟! ألا يبدو هذا مستحيلاً؟ وأمراً لا يخطر علي بال.

فإن كان بطرس هذا قد أنكر، ألا نتضع نحن؟! ألا نقول: لسنا أقوي من الذين سقطوا ونحترس.

وإن كان الله يسندنا في بعض الأوقات نسقط، فليس هذا راجعاً إلي قوتنا الشخصية، ومقاومتنا وصمودنا.. فلنقل إذن مع المرتل في المزمور "لولا أن الرب كان معنا.. لا بتلعون نحن أحياء.. مبارك الرب الذي لم يجعلنا فريسة لأسنانهم.." (مز 124).

إذن فلنداوم علي الإتضاع، والصلاة والاحتراس.

ولا نحاول أن نقسم الخطايا، إلي خطايا كبيرة تحتاج إلي صلاة واحتراس، وخطايا أخري نحن فوق مستوي السقوط فيها، وهذه لا تحتاج إلي احتراس ولا إلي صلاة! أن ربنا يسوع المسيح، الذي يعرف ضعف طبيعتنا، يعرف أن عبارة "لو أدي الأمر أن أموت معك" هي مجرد حماسة ظاهرية، أو مجرد نية طيبة.

ولكن الإرادة في الواقع، ليست علي مستوي الحماس والنية.

النية الطيبة، والحماس متقد. ولكن العزيمة لا تسندهما. والقلب ربما يهتز، إن كان الاختبار شديداً يكشف ضعفه. لا حظوا أن الرب قال لبطرس "طلبت من أجلك، لكي لا يفني إيمانك" (لو 22: 32).

إلي هذه الدرجة يا رب تقول لكيلا "يفني" إيمانك؟

قل مثلا: لكيلا يضعف إيمانك، أو لكيلا يهتز إيمانك.. أما عبارة (يفني) فإنها صعبة وشديدة، وبخاصة إذا قيلت لرسول عظيم كبطرس نعم، أنها كلمة صعبة، ولكنها الواقع.

إنكار يا بطرس كان أفضل النتائج، وكان نتيجة للصلاة!

لولا الصلاة من أجلك، ربما كان يفني إيمانك.. يا للهو!

إن الحماس ليس هو كل شئ، ولا الاندفاع.. بطرس ربما كان أكثر الرسل حماساً. ولكن..

فلنأخذ نحن درساً، ونتضع ، ونحترس، ونصلي:

أنا يا رب تحت رجليك. لست أدعي لنفسي قوة. أنا أضعف الضعف. أنا أضعف من أن أقاتل أصغرهم، وليست كفؤاً أحد. اسندني فأخلص. وان انتصر في يوم علي خطية، سأقول بكل تأكيد "يمين الرب صنعت قوة. يمين الرب رفعتني" (مز 117) "لولا أن الرب كان معنا، لابتلعونا ونحن أحياء". النفس المتواضعة التي من هذا النوع، هي التي يمكنها أن تجتاز التجربة بسلام. أما الواثقة بذاتها، فلتسمع قول الكتاب:

قبل الكسر الكبرياء. وقبل السقوط تشامخ الروح (أم 16: 18).

أن قوة الرب هي التي تحفظ، وليس قوتنا، وهي تحفظ المتواضعين. لذلك حسناً قال الرب لله الآب "حين كنت معهم في العالم، كنت أحفظهم في اسمك، الذين أعطيتني حفظتهم ولم يهلك منهم أحد" (يو 17: 12) نعم، أنت الذي حفظتهم، وليست قوتهم أو تقواهم أو حرصهم. وليست حكمتهم، أو إرادتهم وعزيمتهم، أو مجرد محبتهم لك. فبطرس كان يحبك. ولكن هو حفظك لهم.

احفظنا يا رب إذن كما حفظتهم.

أعطنا قوة كما أعطيتهم. وقدنا كما قدتهم في موكب نصرتك (2 كو 2: 14). أنك لما أمسكت بيد بطرس، أمكنه أن يمشي علي الماء. معك. ولكنه بقوته الذاتية وحدها، لا يستطيع أن يمشي. لقد جرب ذلك فسقط في الماء.. أن سرت يا أخي فوق الماء ولم تسقط، فاعرف أن ذلك سببه أن الرب ممسك بيدك. لذلك احتفظ بهذه اليد معك، واحترس أن تعتمد علي ذاتك لئلا تسقط.. إننا نريد هؤلاء المتواضعين، الذين بدلا من أن يعلنوا قوتهم وقدرتهم كبطرس، يحولون ذلك إلي صلاة.

اعتماد بطرس علي قوته، كان له جانب شخصي وآخر مقارن.

فمن جهة اعتماده علي شخصه، أو اعتماده بشخصيته، قال "إني أضع نفسي عنك". ومن جهة المقارنة قال "وإن شك فيك الجميع فأنا لا أشك أبداً" (مر 14: 29). كأنه أكبر من الكل، وأكثر منهم محبة، وأقوي منهم مقاومته. والتواضع يعلمنا ألا نفضل أنفسنا علي غيرنا.

لذلك سمح الوحي الإلهي، أن يسجل إنكار بطرس وحده.

لقد قال الرب "كلكم تشكون" وقال "تتبدد الرعية" وقال عن الشيطان "يغربلكم".. إذن هي لم تكن تجربة فردية لبطرس، أو سقطة فردية. ولكنها للجميع سقطة بطرس وحدة هي التي سجلها الوحي لأنه افتخر علي باقي التلاميذ، وظن أنه أكثر حباً للرب منهم. ولعله من أجل هذا عاتبه الرب بعد القيامة بقوله "يا سمعان بن يونا، أتحبني اكثر من هؤلاء؟ (يو 21: 15) ولاحظوا هنا أنه ناداه بإسمه القديم سمعان بن يونا، وليس باسم بطرس الذي ناله في التطويب (مت 16: 18) فليس الآن مجال تطويب. هنا عاد لشخصية الإنسان العتيق، عاد صياد سمك وليس صياد الناس (لو 21: 3). لم يعد كالصخرة، لأنه أهتز أمام جارية. ولكن الرب أعاده إلي رتبته الرسولية بقوله (أرعي غنمي..أرعى خرافي)، ولم يحاسبه بالإنذار الإلهي الذي يقوله "من ينكرني قدام الناس، أنكره أنا أيضاً قدام أبي الذي في السموات" (مت 10: 33). لقد سمح الرب بإنكار بطرس، وبتسجيل الوحي لذلك، لكي لا يفتخر بطرس علي باقي التلاميذ فيما بعد، كما سبق أن قال: أن شك الجميع فأنا لا أشك. نلاحظ هنا أن الرب لما عاتب بطرس بقوله "أتحبني أكثر من هؤلاء" أجاب "أنت تعلم يا رب إني احبك". ولم يقل بعدها "أكثر من هؤلاء". كان قد أخذ درساً.. وبسبب هذا الدرس، حينما حان موعد استشهاد القديس بطرس طلب أن يصلب منكس الرأس. وهكذا حدث.

لأن قلبه كان منكساً بالداخل، قبل أن تتنكس رأسه.

وكأنه يقول للرب: أنا يا رب خجلان منك ومن أخوتي، خجلان من ثقتي السابقة، واعتدادي بقوتي، وظني أنني أفضل من أخوتي، مما جعلني أقول: لو شك الجميع، أنا لا أشك.. أنا الآن انكس رأسي أمامك وأمام الجميع وأقول أنا لا أستحق. وهكذا عندما شفي الله الرجل الأعرج عند باب الجميل، علي يدي بطرس. والتف حوله الناس معجبين، قال لهم - ومعه يوحنا الحبيب).. ما بالكم تتعجبون من هذا؟ ولماذا تشخصون إلينا، كأننا بقوتنا أو تقوانا قد جعلنا هذا يمشي.." ثم حول أنظارهم إلي الرب يسوع وقال "وبالإيمان باسمه، شدد اسمه هذا.. وأعطاه هذا وأعطاه هذه الصحة" (أع 3: 12- 16).

نعم بقوتنا ولا بتقوانا.. لقد جربتها قبلاً..!

وظهر لي إني في الموازين إلي فوق، يوم أنكر الرب ليس لمجرد استخدام كلمات أتضاع، قال بطرس ذلك يوم شفي الأعرج، إنما قال هذا عن إقناع داخلي.. لقد جربت قوتنا وتقوانا، فلم أنتفع شيئاً.. ليس سوي الرب "قوتي وتسبحتي هو الرب، وقد صار خلاصاً" (مز 117). لقد جرب معلمنا بطرس قوته وتقواه مرة أخري، حينما كان ربنا يسوع المسيح يصارع من أجلنا في بستان جثماني. وكان مع بطرس عمودان آخران من أعمدة الكنيسة هما يعقوب ويوحنا. ولم يستطيع هؤلاء الأعمدة الثلاثة أن يسهروا مع الرب ساعة واحدة مع أنه طلب منهم ذلك ثلاث مرات.

"ووجدهم أيضاً نياماً، إذ كانت أعينهم ثقيلة" (مر 14: 40).

"فلم يعلموا بماذا يجيبونه".. وكان هذا الأمر عجباً.. أعمده الكنيسة الكبار، ما استطاعوا أن يسهروا مع الرب ساعة واحدة، في أخرج الأوقات، حينما كان يجاهد لأجلنا، وقطرات عرقه تتساقط كقطرات دم.. وعاتب الرب بطرس قائلاً: (يا سمعان، أنت نائم. أما قدرت أن تسهر ساعة واحدة؟!) (مر 14: 37). أين إذن "قوتنا وتقوانا"؟ وأين الحدث عن الصخرة"؟!

وان كان هؤلاء الأعمدة عيونهم ثقيلة، ألا نتضع نحن؟!

ألا نصرخ إلي الرب ونقول: أنت تعرف ضعف طبيعتنا.. إنه يعرف بلا شك، كما قال داود في المزمور "لأنه يعرف جبلتنا يذكر أننا تراب نحن" (مز 103: 14).

ولأنه يعرف ضعفنا، لا يوبخ كثيراً، ولا يعاتب كثيراً.

يوبخ من؟ ويعاتب من؟ أيوبخ التراب والرماد.. المزدري وغير الموجود. لذلك فإن داود النبي يقول له "لا تدخل في المحاكمة مع عبدك، فإنه لا يتزكى قدامك أي حي" (مز 134: 2). ويقول له أيضا "إن كنت للآثام راصداً يا رب، يا رب من يثبت؟ لأن من عندك المغفرة" (مز 13: 3). نعم لا يثبت أحد، لأننا كلنا "في الموازين إلي فوق" (كلنا كغنم ضللنا. ملنا كل واحد إلي طريقه" (أش 53: 6). مسكين هذا الإنسان الذي يحاول أن يبرر ذاته، ويقول "أنا.. أنا..". أنت حبيبي؟ كلنا خطاه، فلا داع لكلمة أنا هذه. وأن حكمنا الله، سوف "يستد كل فم"..

صدقوني، لو أسلمنا الله إلي ضعفنا، ما خلص منا أحد.

إن نعمة الله لا تزال تسندنا "لئلا يفني إيماننا). وهكذا كان السيد المسيح: يقوي تلاميذه، ويشجعهم، ويحفظهم ويعطيهم نعمة، ويبعدهم عن كل عثرة. لذلك فإنه في إرساليته الأولي لهم، اقل لهم من أجل معرفته بضعفهم:

في طريق أمم لا تمضوا، ومدينه للسامريين لا تدخلوا.

لماذا؟ لأنهم سيرفضونكم، وربما لا تحتملون الرفض. لستم الآن في مستوي هذه الخدمه الصعبة. أذهبوا الأن إلي خراف بيت إسرائيل الضالة، وربما تكون خدمتهم أسهل.. وقد جربهم الرب في هذا الأمر، فلم يصمدوا.. ذهب إلي أحد قري السامرة، فأغلقت أبوابهم في وجهه ولم يقبله فصاح التلميذان اللذان معه: أتشاء يا رب أن تنزل نار من السماء فتفنيهم. (لو 9: 54)

هل إلي هذه الدرجة ثرتم لكرامتكم الشخصية، ولم تحتملوا.

أن يغلق باب في وجهكم! ألم تعلموا رسالة ابن الإنسان هي أن يخلص العالم ، وليس أن يهلك العالم. والعجيب أن أحد هذين التلميذين كان يوحنا الحبيب، المملوء حباً، أو صار مملوءاً حباً فيما بعد بمعاشرته للمسيح. أما وقتذاك فكان مع أخيه يلقيان بوانرجس أي أبني الرعد.. كان الرب يعرف ضعف طبيعتهم. وكان يعرف ضعف غيرتهم أيضاً. إنه يذكر أننا تراب نحن (مز 103). وكان الرب خلال هذا الأسبوع يتعامل مع التراب، التراب الذي دخلت المياه إلي نفسه، فصار طيناً. كان يصبر علي أعدائه. وعلي أصدقائه علي السواء.

كان يحتمل ظلم الشرار. وكان يحتمل ضعف الأبرار. كان يحتمل تآمر أعدائه ويحتمل خوف ونكران أصدقائه.

كان يحتمل الكل.. فقد جاء لا ليعاقبهم علي أخطائهم إنما لكي يخلصهم منها. ولهذا دعي أسمه يسوع (مت 1: 21). وجد تلاميذه في ذلك الحين ضعفاء وخائفين. فلم يعاتبهم علي ضعفهم وخوفهم، إنما قال لهم: ستلبسون قوة متي حل الروح القدوس عليكم. وحينئذ تكونون لي شهوداً" (أع 1: 8).. حينئذ وليس الآن، فماذا أقول؟.. ناموا الآن واستريحوا (مر 14: 41).

أنتم الأن تعشون بالخوف.. ليست ألومكم علي خوفكم. ولكنكم ستنالون قوة من الروح القدس. وتتغيرون تماماً..

وقتذاك سوف لا تخافون من رؤساء اليهود، إنما ستقولون لهم: ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس (أع 5: 29). عندما يحل الروح القدس عليكم، سوف لا تخفون أنفسكم في العلية، وسوف لا تنكرونني، إنما ستشهدون لي في أورشليم وكل اليهودية والسامرة وأقصي الأرض. وسوف لا تكونون أنتم المتكلمين بل روح أبيكم. وستقفون أمام ملوك وولاة لأجل أسمى.

فتراب ضعفكم الحالية، سأحتملها، بل سأنساها لكم إلي أن تتقوا، فينساها العالم لكم. ويذكر قوتكم..

بالقوة التي تنالوها من الروح القدس، سوف تستطيعون أن تكرزوا وتتلمذوا جميع الأمم. وسأكافئكم علي أعمال هذه القوة التي ليست هي منكم، لكنكم كنتم آنية حسنة تحملها. انظروا وافهموا جيداً ما سوف أعاملكم به.. سأنسي الضعف الصادر منكم الآن. وسأكافئكم علي عمل القوة التي ستنالونها متي حل الروح عليكم.

أخطاء ضعفكم الحالي سأنساها، لا أعود أذكرها.

أما البر الذي ستعملونه بالروح، فسيبقي لكم إلي الأبد.

سأسجله لكم في سفر الحياة. ولن أنسي أبداً تعب محبتكم، ولا حتي كأس الماء البارد الذي تسقونه لفقير باسمي. هكذا قضي السيد المسيح هذا الأسبوع، يجاهد وحده..

يجوز المعصرة وحده..

يحتمل ظلم الأشرار، وضعف الأبرار يثبت أصدقاءه وأولاده وتلاميذه، ويحتمل نكرانهم وخوفهم وهروبهم.. يحتمل كل هذا ولا يتخلي عنهم. وهنا نسألك يا رب، بعد كل ما ظهر من ضعفهم،

هل علي الرغم من ضعفهم، سوف تستخدمهم في ملكوتك؟

لقد جربتهم، ورأيت فيهم المنكر، والشكاك، والخائف، والهارب، والضعيف.. فهل يصلحون بعد ذلك لخدمتك؟ نعم. هم أولادي. من جهة أخطائهم، قد غفرت لهم. ومن جهة ضعفهم، سأقويهم.. وماذا أيضاً؟ سوف أطهرهم وأقدسهم وأبررهم وأعينهم، وأكتب أسماءهم في سفر الحياة وأسماء الذين يخلصون عن طريق كرازتهم.

حقاً يا رب أنك طيب. ليس لك شبيه بين الآلهة.

تابع
[/size]
 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
4- نفوس مضيئة في جو مظلم: 1) جو بشري مظلم


في هذا اليوم الخالد، يوم الجمعة الكبيرة، نقف وقفه تأمل هادئة، لنري أمامنا صورة عجيبة تجمع بين أمرين هما:

محبة الله وخلاصه العظيم.. في ناحية وجحود البشر وخيانتهم للرب.. في ناحية أخرى

كان الله في هذا اليوم، في عمق حبه وحنانه، وفي عمق جوده وأحسانه، يقدم للبشر فداء إلهياً عجيباً، مغفرة كاملة لكل ما صدر عن البشرية من خطية وإثم ونجاسة، وصفحاً كاملاً عن كل تعديتهم وعصيانهم وتمردهم.. حتي أنه قدم غفراناً لصاليبه، ووعداً بالفردوس للص اليمين. يقابل هذا الحب قسوة من البشر بلغت أقصي حدودها، وخيانة بشعة ما كان أحد ينتظرها.. ومع أنه كان هناك فرح في السماء، بالخلاص العظيم الذي منحه الرب للبشر، كانت - في نفس الوقت - ظلمة علي الأرض كلها!

كان كل شئ يبدو وقاتماً حقاً ..

الوثنية كانت سائدة في العالم كله. فماذا عن اليهود الذين أؤتمنوا علي أقوال الله وعلي وعوده. (رو 3: 2)؟ وماذا عن المدينة المقدسة التي تعبد الرب؟ وماذا عن هيكلها المقدس الذي تقدم فيه الذبائح والقرابين وتتلي فيه الصلوات والمزامير والتسابيح؟ وماذا عنى هذا الشعب الذي يفتخر أعضاؤه بأنهم أولاد إبراهيم "ولهم التبني والمجد والعهود والاشتراع والعبادة والمواعيد ولهم الآباء ومنهم المسيح حسب الجسد" (رو9: 4،5).

للآسف، كانت أورشليم طوال هذا الأسبوع مركزاً للتآمر والدسائس. وكان كهنتها ورؤساء الكهنة فيما يخططون لأبشع جريمة في التاريخ.

كانوا يخططون لقتل الفادى العظيم الذي جاء لأجل خلاصهم! وكانوا يبحثون عن تهم يلصقونها بذلك القدوس الكامل، الذي بلا خطية وحده الذي قدم مثالية سامية لم يعرفها العالم من قبل.. كانوا يصيحون ضد القلب الكبير الحاني، الذي أحب الكل وأحسن إلي الكل.. باذلين كل قواهم للتخلص من المعلم الصالح الذي جمع الكل حوله.

حتي التآمر، وشهادة الزور، والحسد، والقسوة، وكل ذلك كان قد زحف إلي الكهنوت اليهودي في ذلك الأسبوع..

وإذا بمجمع السنهدريم العظيم، الذي يضم رؤساء الكهنة والشيوخ والقادة وأقدس شخصيات في اليهودية.. إذا بهذا المجمع يجتمع ليلاً ضد الناموس، ويبحث أعضاؤه عن شهود زور ليشهدوا ضد المسيح (مت 26: 60).. فلم تتفق شهاداتهم وأقوالهم.

وأورشليم المدينة المقدسة، مدينة الملك العظيم، لم تعد في تلك الفترة البشعة موضع مسرته..

بل أنه بكي عليها وهو يقول "يا أورشليم يا أورشليم، يا قاتلة الأنبياء وراجمة المرسلين إليها، كم مرة أردت أن أجمع أولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها، فلم تريدوا. هوذا بينكم يترك لكم خراباً (مت 23: 37- 38) (اقرأ مقالاً عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). نعم، لقد كان الهيكل المقدس في ذلك الحين، مركزاً للتآمر والدسائس، وفقد قدسيته. وقد أراد الرب أن يطهره في أحد الشعانين. ولكن قاده اليهود لم يريدوا.

ومن يوم الأحد بدأ التآمر، وبدأت البشرية تظهر بشاعها.

كان ذلك منذ أن صرح الحسد الأسود في قلوبهم قائلاً: "انظروا، إنكم لا تنفعون شيئاً. هوذا العالم كله ذهب وراءه" (يو 12: 19) وأمكن أغراء واحد من الإثني عشر، تلميذ الرب للأسف الشديد! وكان أحد البارزين، إذ كان الصندوق في يده، أو كان في قلبه. إنه واحد من الذين أختارهم الرب ليكونوا خاصية! ولكن خان سيده ومعلمه، وباعه بثلاثين من الفضة، بثمن عبد. ولم يستح بعد ذلك من أن يجلس معه المائدة، ويغمس لقمته في نفس صحفته، ليتحقق فيه قول الكتاب "الذي أكل خبزي رفع علي عقبه" (مز 41: 9)

وقوف أعداء الرب ضده، ربما كان أمراً منتظراً لا يدهش أحداً. أما خيانة واحد من خاصته له، فكان أمراً بشعاً.

وتزداد البشاعة أن هذا التلميذ يسلمه بقبلة! لذلك تذكاراً لقبلة يهوذا، واحتجاجاً عليها، تمنع الكنيسة التقبيل من عشية الأربعاء (يوم التآمر) إلي نهاية أسبوع الآلام. وكذلك فإن هى تذكاراً لهذا التآمر، تصوم الكنيسة يوم الأربعاء من كل أسبوع.. ما أبشع الصورة التي قدمتها لنا البشرية في هذا الأسبوع. ما أبشع معاملتها لمن أحبها وأتي لخلاصها! ومن أمثلة هذا أن اليهود الذين كانوا يركزون كل آمالهم في التخلص من حكم الرومان، والذين نادوا بالمسيح ملكاً يوم الأحد، لكي يخلصهم من حكم قيصر، عادوا في هذا الأسبوع يتملقون قيصر، ويهتمون المسيح بأنه ضد قيصر (لو 23: 2)، ويلجأون إلي بيلاطس الحاكم الروماني لكي يخلصهم من المسيح الرب ويقتله! فلما قال لهم بيلاطس في تعجب "أقتل ملككم؟!" ردوا عليه في هوان وصغر نفس، قائلين "ليس لنا ملك إلا قيصر" (يو 19: 15). كم كانت حينئذ مذلتهم، وكم كان كذبهم، في سبيل التخلص من المسيح مخلصهم، الذي نادوا به ملكاً منذ أيام!!

بل ما أعجب رفضهم أن يكتب علي صليبه عبارة "ملك اليهود" (يو 19: 21) مدافعين الآن عن قيصر الذي أذلهم، وملتمسين رضا ذاك الذي خلط دمهم بذبائحهم. (لو 13: 1).

أن يهوذا لم يكن هو الخائن الوحيد في قصة الصلب.

ألم يكونوا خائنين أيضاً أولئك الذين صرخوا قائلين (اصلبه اصلبه) (دمه علينا وعلي أولادنا) (مت 27: 25)، هؤلاء الذين شفي المسيح مرضهم، وأخرج من بعضهم شياطين، وأطعم جياعهم، وصنع معهم معجزات لم يصنعها أحد من قبل.. وأخيراً نسوا له كل إحساناته، وفضلوا عليه لصاً هو بارا باس..! (مت 27: 20) ولم يكتفوا بالاتهامات والشكاية إلي الحكام، إنما أشبعوه إهانات وسخرية وتهكماً ولطماً وضرباً وبصاقاً.. وكانوا يلطمونه قائلين "تنبأ لنا أيها المسيح من ضربك؟ (مت 26: 68). كل هذا، ضد المسيح الوديع الطيب، الذي قال عنه الكتاب (لا يخاصم، ولا يصيح ولا يسمع أحد في الشوارع صوته. قصبة مرضوضة لا يقصف، وفتيلة مدخنة لا يطفئ" (مت 12: 20، أش 42: 3). حقاً كم كان أبشع البشرية يوم الجمعة الكبيرة.

هذا عن العامة وعن الأعداء. فماذا عن تلاميذه؟

يكفي أنه تحقق فيه قوله "تأتي ساعة - وقد أتت الآن - تتفرقون فيها كل واحد إلي خاصته، وتتركونني وحدي،" (يو 16: 32) من كان يظن أن الأحد عشر القديسين يتركونه أيضاً وحده! ولكن هذا هو الذي حدث في بستان جثسمانى، في أشد أوقاته صراعاً عنا تركه أعمدة تلاميذه، أعني الثلاثة الكبار، بطرس ويعقوب ويوحنا، هؤلاء الذين قالوا لهم: "امكثوا ههنا واسهروا معي" (متي 26: 38). فناموا وتركوه. ومع أنه عاتبهم أكثر من مرة قائلاً (أما قدرتم أن تسهروا معي ساعة واحدة)، إلا أنه في تلك الساعة الحرجة، "كانت أعينهم ثقيلة" (مت 26: 43). وعندما قبض عليه، نقرأ في الإنجيل عبارة مؤلمة هي:

"حينئذ تركه التلاميذ كلهم وهربوا" (مت 26: 65).

ومع أن هذا كان موفق البشرية - في أعلي قممها - من السيد المسيح، إلا أنه لم يغضب بسبب أن تلاميذه تركوه وهربوا، بل أنه هو أيضاً أراد لهم أن يمضوا حفظاً علي سلامتهم، لكي لا يصيبهم ضرر وقتذاك بسببه. فليفعل به الأعداء ما يشاءون، أما تلاميذه فليظلوا سالمين. وهكذا قال للجند الذين أتوا للقبض عليه: أنا هو. فإن كنتم تطلبونني، دعوا هؤلاء يذهبون. ليتم القول الذي أعطيتني لم أهلك منهم أحد (يو 18: 8،9).

وعندما وقف المسيح للمحاكمة، لم يقف معه احد.

لم يدافع عنه احد، وهو الذي دافع عن أشر الخطاة.. لم يوجد شجاع واحد يقول فيه كلمة حق. ولم يوجد شجاع واحد يحتج علي شهادات الزور.. وقبل السيد المسيح هذا الظلم، ولم يدافع عن نفسه. وفي فمه نبوءة أشعياء النبي عنه "قد دست المعصرة وحدي، ومن الشعوب لم يكن معي أحد" (أش 63: 3).

والمؤلم أن تلاميذه لم يتركوه فحسب، بل قال عنهم كلكم تشكون في، في هذه الليلة. (مر 14: 37)

ما أقسى علي القلب المحب، أن يشك فيه محبوه، ومحبوه كلهم، وأن يجرح في بيت أحبائه (زك 13: 6). بل ما أقسى أن ينكره أحباؤه! من يستطيع أن يحتمل هذا ولكن السيد المسيح أحتمل أن ينكره بطرس ثلاث مرات في ليلة واحدة، أمام جارية، ويسب ويلعن ويجدف ويقول لا أعرف الرجل (مت 26: 70- 74). إلي هذا الحد المؤلم، وصلت البشرية يوم الجمعة الكبيرة.

الأعداء تآمروا وأسلموه للموت. والأحباء خافوا وتركوه وهربوا.

ووقف المسيح وحده، يحتمل خيانة الأردياء، ويحتمل ضعف الأحباء ، ويشفق علي هؤلاء وأولئك. ويقول لله الآب "يا أبتاه أغفر لهم، لأنهم لا يريدون ماذا يفعلون). كان السيد المسيح هو النور الوحيد وسط هذه الظلمة البشرية. وقد قال للمتآمرين عليه:

"هذه ساعتكم، وسلطان الظلام" (لو 22: 53).

وكان الظلام يعمل بكل قوته. وبدأت النعمة تعمل.

تابع
 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
5- نفوس مضيئة في جو مظلم: 2) النعمة تعمل

حقاً كانت الصورة قاتمة، يسيطر عليها سلطان الظلام. ولكن علي الرغم من كل هذا ظهرت نتائج واضحة لعمل النعمة في الناس. وكما قال الرسول:

"حيث كثرت الخطية، أزدادت النعمة جداً" (رو5: 20).

وهكذا وجدنا أضواء تظهر في هذا اليوم. بعضها كان مضيئاً حقاً، واستمر كنور مضيء وسط الظلمة. والبعض أضاء حقاً واستمر كنور مضيء وسط الظلمة. والبعض أضاء قليلاً ثم خبا واستلم لسلطان الظلام. والبعض أضاء ثم أخفاه الظلام ثم رجع لضيائه مرة أخرى، واستمر نوراً وتوهج..

أما هذا النوع الأخير، فيمثل القديس بطرس الرسول.

كان هذا القديس في منتهى الحماس، عملت فيه النعمة بقوة في هذا اليوم. وقد تبع السيد المسيح حتي بعد القبض عليه. وظهر حماسه في أنه استل سيفه دفاعاً عن معلمه، وضرب عبد رئيس الكهنة فقطع أذنه.. حقاً أنها وسيلة خاطئة، وقد وبخه الرب عليها قائلاً له: رد سيفك إلي غمده. لأن من أخذ بالسيف، بالسيف يأخذ (مت 26: 52) ولكن علي الرغم من كل هذا، كانت الغيرة المقدسة موجودة، والشجاعة أيضاً كانت موجودة، وكذلك الإخلاص والوفاء. ولكن هذا كله لم يستمر. وسرعان ما ضعف بطرس، وجرفه الخوف، وأنكر ثلاث مرات أنه يعرف المسيح. وسب ولعن وجدف! ولو أن النعمة عادت وعملت فيه، فندم وبكي بكاء مراً. وبالتوبة أضاء ثم توهج فيما بعد، بعد حلول الروح القدس،

ومن الذين عملت فيهم النعمة، ثم جرفهم التيار: بيلاطس.

لا شك أن النعمة كانت تعمل أيضاً في بيلاطس البنطى. ولا شك أنه استجاب لها في بادئ الأمر. كان هناك صوت قوى في دخله يحذره، كي لا يقع في خطأ.. ولعل النعمة عملت أيضاً في إمرأة بيلاطس عن طريق أحد الأحلام. وهكذا أرسلت إلي زوجها تقول له "إياك وذلك البار لأني تألمت اليوم كثيراً في حلم من أجله" (مت 27: 19). ومن دلائل عمل النعمة في بيلاطس أنه قال عن السيد المسيح ثلاث مرات "لا أجد عله في هذا الإنسان" (لو 23). ويقول الكتاب في هذا "ودعا بيلاطس رؤساء الكهنة والعظماء والشعب، وقال لهم: قد قدمتم إلي هذا الإنسان كمن يفسد الشعب. وها أنا قد فحصت قدامكم، ولم أجد في هذا الإنسان علة مما تشتكون به عليه، ولا هيرودس أيضاً، لآني أرسلتكم إليه. وها لا شئ يستحق الموت صنع منه. فأنا أؤبه وأطلقه" (لو 23: 13-16) (لو 23: 4) "وقال لهم ثالثة، فأي شر عمل هذا. إني لم أجد فيه علة للموت). وكان يريد أن يطلق يسوع بلاً من بارا باس (لو 23: 20) (يو 18: 39) وقد شهد بيلاطس عن الرب يسوع أنه بار. ولكن خوف بيلاطس علي وظيفته، غلب عليه، وكذلك رغبته في مجاملة اليهود. فلم يستمر في استجابته للنعمة. والنور الذي ظهر منه، عاد فخبا، واستسلم لسلطان الظلام. وهكذا أسلمهم الرب يسوع ليصلب. وفي محاولة يائسة لإرضاء ضميره، غسل يديه بماء وقال "إني برئ من دم هذا البار" (مت 27: 24). وقد تذكر القديس بطرس محاولة بيلاطس لإطلاق المسيح، فقال لليهود بعد معجزة شفاء الأعرج).. يسوع الذي أسلمتموه. أنتم وأنكرتموه أمام وجه بيلاطس وهو حاكم بإطلاقه. ولكن أنتم أنكرتم القدوس البار، وطلبتم أن يوهب لكم رجل قاتل" (أع 3: 13، 14). عمل النعمة في بيلاطس جعله يقتنع ببر الرب وبراءته، ويرغب في إطلاقه. ولكن بيلاطس لم يستجب طويلاً لعمل النعمة.

أن عمل النعمة في إنسان، لا يرغب علي فعل الخير (اقرأ مقالاً عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). إنما ينبغي أن يستجب لعمل النعمة، ويستمر في الاستجابة.

ومثال بيلاطس واضحاً جداً. استطاعت النعمة أن تقود بيلاطس حينما كان مستجيباً لها. ولكنه لما فضل أن يستجب لها لرغباته الخاصة، تركته النعمة إلي حرية إرادته، ولم ترغمه علي عمل الخير. لأن نعمة الإرشاد، لا تلغي نعمة الحرية.

مثال آخر لعمل النعمة، في يهوذا الاسخريوطى..

حتي يهوذا الخائن، لم يتركه النعمة، وظلت تعمل فيه، وأتت بنتائج عجيبة جداً. فشعر يهوذا بأنه قد أخطأ،، ووبخه ضميره، وأراد أن يصحح ما يستطيعه من أخطائه، فذهب إلي رؤساء الكهنة والشيوخ، وأرجع إليهم الثلاثين من الفضة، واعترف أمامهم بأنه قد أخطأ، فقال "أخطأت إذا أسلمت دماً بريئاً. وطرح الفضة في الهيكل وأنصرف (مت 27: 3-5). إلي هنا، كانت النعمة ناجحة في عملها، وكان يهوذا مستجيباً لها.

ولكن نلاحظ أن يهوذا لم يتحرك ضميره إلا أخيراً..

بعد أن "أوثقوا المسيح ومضوا به ودفعوه إلي بيلاطس البنطى)، بعد هذا يقول الإنجيل "حينئذ لما رأي يهوذا الذي أسلمه أنه قد دين، ندم.." (مت 27: 1-3). "لما رأي أنه قد دين" وانتهي الأمر.. حينئذ ندم! لقد أحتمل ضميره الخائن أن يسلم. ولكن نتائج خيانته كان فوق الاحتمال، فاستجاب لتوبيخ النعمة، وندم.. ولكن الشيطان أنتهر فرصة الندم الشديد الذي اشتعل في ضمير يهوذا. وجعل شدة الندم تتحول إلي يأس، فمضي يهوذا وشنق نفسه. والنور الذي أضاءت به النعمة، قضي عليه سلطان الظلام..


تابع

 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
6- نفوس مضيئة في جو مظلم: 3) نفوس كانت مضيئة

علي الرغم مما ظهر يوم الجمعة الكبيرة من خيانته وتأمر في جانب، وضعف وخوف وإنكار في جانب آخر. وعلي الرغم مما ظهرت به البشرية في قسوتها التي سيطر عليها سلطان الظلام، إلا أنه كانت توجد في هذا اليوم نفوس مضيئة، نذكرها بكل فخر في هذا اليوم ونحييها. تحيى أولاً أولئك الذين وقفوا إلي جوار الصليب مع السيد المسيح، وثبتوا معه إلي آخر لحظة في قصة الصلب.

1- نحيى القديسة العذراء مريم.

2- وأختها مريم زوجة كلوبا.

3- و القديس يوحنا الحبيب.

4- و القديسة مريم المجدلية.

هؤلاء الذين رافقوا المسيح حتي الصليب، ولم يتخلوا عنه في أخرج أوقاته. لا خافوا من بيلاطس، ولا من هيرودس، ولا من حنان وقيافا، ولا من الجند، ولا من كل القوى الثائرة وجمهور الشعب الصاخب الذي قال أصلبه أصلبه..

يقول الإنجيل المقدس "وكانت واقفات عند صليب يسوع: أمه، وأخت أمه مريم زوجه كلوبا، ومريم المجدلية" (يو 19: 25" وقفت هؤلاء النسوة القديسات معه إلي جوار صليبه، وليحدث ما يحدث. وقفن معه في ألمه وضيقه وصلبه (اقرأ مقالاً عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات).. ليس في وقت صنعه المعجزات، إنما في وقت ظن فيه الرومان واليهود أنه قد هزم، وأنه في ضعف، وأنه لم يستطيع أن يخلص نفسه، وأن المجتمع اليهودي قد استطاع أخيراً أن يتخلص منه..‍

وقف هؤلاء النسوة القديسات معه بكل القلب وكل الحب، ومعهن يوحنا الحبيب، في أثناء تعيير الناس له، واستهزائهم به واعتدائهم عليه، وفي أثناء تسميره علي الصلب. وكن معه في كل الآمة.. قلوباً مخلصة محبة إلي جواره.. لم يزعزع إخلاصها زوال مجده، أو ما يظنه اليهود من زوال مجده. أن حبه هو الذي يربطهم به، وليس المجد..

5- وبالمثل نحيى باقي النسوة القديسات..

تابع

 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
7- نفوس مضيئة في جو مظلم: 4) الجموع التي تبعته من بعيد

أولئك الذين قيل عنهم في الإنجيل "وتبعه جمهور كثير من الشعب، والنساء اللواتي كن يلطمن أيضاً وينحن عليه" (لو 23: 27) وأيضاً "وكان جميع معارفه ونساء كن قد تبعته من الجليل، واقفين من بعيد ينظرون ذلك" (لو 23: 49). وقد قال القديس متي الإنجيلي عن هؤلاء النسوة "وكانت هناك نساء كثيرات ينظرون من بعيد، وهن قد تبعن يسوع من الجليل يخدمنه. وبينهن مريم المجدلية، ومريم أم يعقوب ويوسي، وأم ابني زبدي" (مت 27، 55، 56). وقد ذكرهن أيضاً مرقس الرسول (مر 15: 40، 41). نحيي كل هؤلاء النسوة فيما أظهرت النسوة فيما أظهرنه من حب ومن إخلاص، وفي كل خطوة خطونها وهن يتبعن المسيح. ونحيى أيضاً النسوة اللائى أخذن الأطياب وذهبن اللائي قبره. وهن يعرفن أنه مغضوب عليه من رؤساء الكنهة ومن الشيوخ ومن الكتبة والفريسيين، ومحكوم عليه من الدولة.. وبطرس نفسه خاف وأنكر أمام جارية. أما هؤلاء النسوة فأظهرن مشاعر الحب من نحوه في أحلك الأوقات، وليكن ما يكون. إن الحب إن كان عميقاً، لا يبالى بالخوف. وقد ظهر وفاء النسوة للسيد المسيح في الوقت الذي تخلي فيه الجميع عنه. تحية لكل واحدة منهن..

تابع
 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
- نفوس مضيئة في جو مظلم: 5) نُحيّي أيضاً القديس يوسف الرامي
في ذلك الوقت العصيب - "تجاسر ودخل إلي بيلاطس وطلب منه جسد يسوع" (مر 15: 43).. وأخذه "أنزله، ولفه بكتان نقي" (ووضعه في قبره الجديد الذي كان قد نحته في الصخرة، ثم دحرج حجراً كبيراً علي باب القبر" (مت 27: 57-60) (لو 23: 52، 53). موقف يوسف الرامي كانت فيه شهامة ورجولة.. ما أكثر الذين ساروا وراء المسيح في مجده، ولكننا في ألمه لم نبصر أحداً منهم فكأنهم كانوا يتبعون المجد وليس الشخص.. أما يوسف الرامي، فذهب إلي بيلاطس الوالي الروماني، ليطلب منه جسد إنسان حكم عليه بيلاطس، وأسلمه للموت، وصلبه اليهود خارج المحلة لئلا ينجس المحلة وكان رؤساء الكهنة يتتبعون أنصار هذا المصلوب لفتكوا بهم، حتي هرب التلاميذ واختفوا. أما يوسف فلم يهرب، ولم يختف. وإنما "تقدم إلي بيلاطس وطلب جسد يسوع). هذا النبل يهز النفس من الداخل. وبهذه المناسبة، نذكر كلمات جميلة قالتها الأناجيل عن يوسف الرامي. قال عنه القديس لوقا الإنجيلي "وإذا رجل أسمه يوسف، وكان مشيراً ورجلاً صالحاً وباراً. وهذا لم يكن موافقاً لرأيهم وعملهم. وهو من الرامة مدينة اليهود. وكان هو أيضاً ينتظر ملكوت الله" (لو 23: 50، 51)، وقال عنه مرقس الرسول أنه كان مشيراً شريفاً منتظراً ملكوت الله (مر 15: 43) (اقرأ مقالاً عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). وقال عنه القديس متي الإنجيلي "ولما كان المساء، جاء رجل غني من الرامة أسمه يوسف. وكان هو أيضاً تلميذاً ليسوع" (مت 27: 57).. هنا ظهر تلاميذ يسوع الحقيقيون، الذين في قلوبهم حب وشجاعة. والذين لم يهزهم الخوف في وقت هز فيه الكثيرين.. والعجيب أن الأناجيل لم تكن قد ذكرت أسم يوسف الرامي من قبل لكنه ظهر في الوقت المناسب ليعمل عملاً لم يجرؤ عليه أحد.




9- نفوس مضيئة في جو مظلم: 6) نيقوديموس




نحيي في هذا اليوم أيضاً في هذا اليوم أيضاً نيقوديموس:

نيقوديموس الفريسى وعضو مجمع السنهدريم الأعلى، هذا أيضاً جاء واشترك مع يوسف الرامي في تكفين جسد المسيح. ويقول في ذلك القديس يوحنا الإنجيلي "وجاء أيضاً نيقوديموس الذي أتي أولاً إلي يسوع ليلاً، وهو حامل مزيج مر وعود نحو مئة مناً. فأخذا جسد يسوع، ولفاه بأكفان مع الأطياب" ودفناه (لو 19: 39- 42).

كان في موقفه خطورة، لأنه عضو في مجمع السنهدريم الذي حكم علي المسيح ظلماً، وهو لم يكن موافقاً لهم. ولكن لسان حال نيقوديموس يقول: سأعلن تبعيتي للمسيح، حتي وهو ميت في نظر الناس ومصلوب ومحكوم عليه وقد أحصي مع الأثمة. أنا لا أتخلي عنه في هذا الوقت، بل أعلن تبعيتي له، متحملاً كل نتائج هذا العمل. حقاً إنها نفوس كريمة نبيلة، أضاءت في هذا اليوم (اقرأ مقالاً عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات).. لو إن المسيح جاء الآن بيننا وأقام ميتاً، لكنا نري الآلاف تصرخ وتقول كلنا أتباع المسيح. أما أن يكون المسيح مصلوباً كأثيم، وقد مات ثم يأتي واحد من الرؤساء ويقول أنا من أتباع ويأخذ جسده ويكفنه فهنا النبل والرجولة والحب وهذا ما فعله يوسف الرامي ونيقوديموس والنسوة. نحيي هذه النفوس المضيئة في هذا اليوم، ونحيي معها القديس سمعان القيرواني.



10- نفوس مضيئة في جو مظلم: 7) سمعان القيرواني



هذا الذي لما وقع المسيح تحت ثقل الصليب في يوم الجمعة الكبيرة جاء سمعان القيراونى هذا وحمل الصليب عنه. فاشتراك مع المسيح في حمل الصليب (لو 23: 26). المسيح الذي يقول "تعالوا إلي يا جميع المتعبين وأنا أريحكم)، لما كان في تعب بالجسد، سمح لهذا القديس أن يأتي ويريحه.. "ويدخل في شركة الآمة". هنا ويصمت القلم. لا يجسر أن يقول أكثر..

نحيى في هذا اليوم أيضاً، رجلاً أممياً هو قائد المئة (القديس لنجينوس).


11- نفوس مضيئة في جو مظلم: 8) قائد المائة (القديس لونجينوس)

هذا الرجل Saint Longinus الذي هو مرتبط بالعسكرية وأحكامها، وهو إنسان له صفة رسمية في الدولة، ومكلف من الوالي الروماني بحراسة هذا المحكوم عليه بالإعدام والمنفذ فيه الحكم.. شهد هذا القائد عن المسيح أمام الجميع ومجد الله قائلاً "بالحقيقة كان هذا الإنسان باراً" (لو 23: 47). وقال أيضاً "حقاً كان هذا ابن الله" (مت 27: 54، مر 15: 39). وقد آمن هذا القائد فيما بعد وصار شهيداً. والكنيسة تذكرة في السنكسار في يومين هما:

أ‌- 23 أبيب: عيد استشهاد القديس لونجينوس قائد المئة (قطع رأسه).

ب‌- 5 هاتور: عيد ظهور رأسه المقدسة.

تحية لهذا القديس، كنفس مضيئة أنارتها النعمة في هذا اليوم وتحية لشهادته عن السيد المسيح. إننا نحييه إلي جوار الصليب، ونحيى معه علي الصليب: اللص اليمين.


12- نفوس مضيئة في جو مظلم: 9) اللص اليمين

St-Takla.org image: The right theif صورة اللص اليمين

إنه قديس آخر بين القديسين، يكفيه أن الرب قد قال له " الحق أقول لك إنك اليوم تكون معي في الفردوس" (لو 23: 43). هذا اللص كان يعير السيد المسيح مع زميله، كما ذكر القديسان متي ومرقس (مت 27: 44، مر 15: 32). ثم عملت النعمة، وبدأ قلبه يتغير وهو علي الصليب. فلما رأي زميله يجدف علي المسيح "انتهره قائلاً: أولاً تخاف أنت من الله، إذ أنت تحت هذا الحكم بعينيه. أما نحن فبعدل (جوزينا) لأننا ننال استحقاق ما فعلنا. وأما هذا فلم يفعل شيئاً ليس في محله" (لو 23: 39-41). ولم يكتف بهذا أنه اعترف بخطاياه وباستحقاقه للموت، موبخاً لزميله، ومدافعاً عن السيد المسيح، إنما اعترف أيضاً بالسيد المسيح رباً وملكاً وقادراً علي أن يخلصه، فقال له "اذكرني يا رب متي جئت في ملكوتك". وهكذا آمن واستحق الخلاص. ومات مع المسيح، فاعتبر موته هذا معمودية له. نحييه في هذا اليوم الذي أنكر فيه التلميذ، واعترف اللص. نحييه لاستجابته لعمل النعمة وإيمانه، علي الرغم من رؤيته للمسيح في آلامه مصلوباً معه ومعبراً من الجميع (اقرأ مقالاً عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات)..

أن الكنيسة تلقب هذا القديس باللص الطوباوي، وتحييه في طقس الجمعة الكبيرة بمديح طويل ولحن (أمانة اللص اليمين). أنه من النفوس المضيئة في الفردوس علي الرغم من أن لقب (لص) سيظل يتبعه وهو في ظل القديسين في فردوس النعيم. ولكنه لص استطاع أن يسرق الفردوس في آخر لحظات حياته..



13- نفوس مضيئة في جو مظلم: 10) جماعة من غير البشر


نحيى أيضاً في هذا اليوم جماعة من غير البشر

نحيى من الطبيعة الشمس التي أظلمت، الأرض التي تزلزلت، والقبور التي تشققت، وحجاب الهيكل الذي انشق. إن الطبيعة التي أظهرت عدم رضاها علي ظلم الأشرار، حيت المسيح بالأسلوب الذي يناسبها.. وكانت نقطة مضيئة في هذا اليوم. وربما بسببها آمن قائد المئة، كما آمن اللص اليمين، وآمن فيما بعد القديس ديونيسيوس الأريوباغي (أع 17: 34). لقد انطبق علي الطبيعة في هذا اليوم، قول السيد المسيح "إن سكت هؤلاء فالحجارة تصرخ" (لو 19: 40). كل هذه أضواء في يوم الجمعة الكبيرة، ولكن:

النور الأعظم الحقيقي، كان هو نور المسيح وفدائه..

كان يشع منه نور الحب، ونور البذل والفداء، أكثر من الشمس كان مشرقاً في هذا اليوم بطريقة قضي علي سلطان الظلمة. وبالموت داس الموت (اقرأ مقالاً عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). وكما أشرق هنا الحب، أشرق أيضاً علي الراقدين في الجحيم، علي رجاء. فنقلهم إلي الفردوس.. وأشرق أيضاً كنور أمام الآب، وأعطي به اجمل صورة للإنسانية الكاملة، غطي بها علي أخطاء البشرية كلها، وكان محرقة وقود رائحة سرور للرب.. ونحن نقف أمامه في إشراقه العجيب، وهو مسمر علي الصليب ونقول له تسبحتنا المستمرة:

لك القوة والمجد والعزة والبركة إلي الأبد آمين،

يا عمانوئيل ملكنا وإلهنا ...


تابع
 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
14
- المسيح ملكاً
يظن البعض أن أصلح صورة للسيد المسيح كملك، هي صورته وهو داخل أورشليم، والناس حوله بسعف النخل وأغصان الزيتون، يهتفون: أوصانا يا ابن داود..

ولكنني أرى أن أصلح صورة للمسيح كملك، هي صورته وهو مصلوب. ينطبق عليها قول الوحي في المزمور:

"الرب ملك علي خشبة" (مز 95).

ذلك لأنه علي الصليب، اشترانا بدمه (رؤ 5: 9) فصرنا ملكاً له. وهكذا ملك الرب علي العالم الذي اشتراه. وهكذا بدأت مملكة روحية للرب.. ونحن ننظر إلي هذا الملك الذي اشترانا، ونغنى له في يوم الجمعة الكبيرة لحن (بيك اثرونوس) أي "عرشك يا الله إلي دهر الدهور. قضيب الاستقامة هو قضيب ملكك). نقول له: تقلد سيفك علي فخذك أيها الجبار. واستله وانجح واملك" (مز 44)

كيف ملك الرب علي خشبة؟ وما قصة هذا الملك؟..

الرب يملكنا منذ البدء، لأنه خلقنا وأوجدنا من العدم. ولكننا بالخطية انفصلنا عن ملكوت الله، وبالخطية ملك الموت علينا (رو 5: 17، 14). إذ صرنا تحت حكمة. السيد المسيح علي الصليب، بالموت داس الموت، وخلصنا من حكم الموت، والسيد المسيح علي الصليب بالموت داس الموت، وخلصنا من حكم الموت، ووهبنا الحياة، فصرنا له. يملك الخطية والموت، كان الشيطان أيضاً يملك. ولذلك تلقب في الإنجيل أكثر من مرة بأنه "رئيس هذا العالم" (يو 12: 31). أى العالم الذي تحت الخطية الموت..

و بالصليب، استطاع المسيح أن يقضي علي المملكة الشيطان، وكذلك بالصليب داس الموت، ودفع ثمن الخطية..

وإذا بالرب يقول عن الشيطان "رئيس هذا العالم قد دين" (يو 16: 14) ويقول أيضا "رأيت الشيطان ساقطاً مثل برق من السماء" (لو 10: 18).. أن السيد المسيح قد هزم الشيطان في كل تجاربه وكل حروبه، ولكنه بالصليب قضى علي ملكه.

كل ما اقتناه الشيطان خلال آلاف السنين، أفقده المسيح إياه علي الصليب، لما افتدى الناس من خطاياهم.

لذلك فإن الشيطان يخاف الصليب الذي يذكره بهزيمته (اقرأ مقالاً عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). ولهذا كان لعلامة الصليب سلطان علي الشيطان..

علي الصليب تم الفداء الذي ضيع مملكته، وأن كان هذا الفادي هو أبن الله الذي يقدم كفارة غير محدودة، تكفي لغفران جميع الخطايا لجميع الناس في جميع العصور. لذلك صرخ الشيطان - علي أفواه تابعيه - بعبارته المشهورة:

"إن كنت أبن الله، إنزل من علي الصليب"

(مت 27: 40؛ مر 15: 30)

إنزل من علي الصليب، لكي لا يتم الفداء، ولكي لا تتأسس المملكة الروحية وتضيع مملكة الشيطان..

وسكت المسيح. لأنها عبارة لا تستحق الرد. فهو، لأنه أبن الله، صعد علي الصليب، وملك.

اللص علي الصليب، اعترف بملكوت المسيح..

فقال "اذكرني يا رب متي جئت في ملكوتك". ولعله كان يقصد الملكوت الآتي، الذي يأتي فيه المسيح علي الصليب، لكي يجمع مختار يه ويأخذهم إلي مملكته السمائية. ولكن السيد المسيح في ملكوته السمائي الأبدي، فهناك مملكة قد تأسست اليوم علي الصليب.

وبدلاً من عبارة (متي جئت) قال له (اليوم) تكون معي،

أبشر، فاليوم قد بدأت مملكة المسيح، أيها اللص الطوباوي. وقد تقلد سيفه علي فخذه، وقيد الشيطان ألف سنة. وسقط الشيطان مثل برق من السماء المسيح علي الصليب أكثر جمالاً وجلالاً من كل أصحاب التيجان، نغني له ونقول (في آخر مزامير الساعة السادسة الخاصة بصلبه": الرب قد ملك ولبس الجلال (مز192) أما المملكة التي أرادها له اليهود يوم أحد الشعانين، فقد رفضها الرب وقال "مملكتي التي أرادها له اليهود يوم أحد الشعانين، فقد رفضها الرب وقال "مملكتي ليست من هذا العالم" (يو 18: 36). إنه علي الصليب أسس مملكته الروحية. وحينما نقول له استقامة هو قضيب ملكك" نقصد أنه ملك بكل استقامة، بكل عدل، بدفع ثمن الخطية ووفاء العدل الإلهي تماماً مبارك الرب في ملكه.


تابع
 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
15- حول آلام المسيح


الرب الذي لا تتفق طبيعته الإلهية مع الألم، أخذ له طبيعة بشرية مثلنا، قابلة للألم. وتألم عنا، لكي يعرف عنا الآلام. هذا المتواضع الوديع، أسلم ذاته للمتكبرين، فتعجرف عليه هؤلاء القساة.. بذل ظهره للجالدين، وخده للناتفين (أش 50: 6). خداه لم يمنعهما عن الطم، ولم يرد وجهه عن خزى البصاق! وتحمل كل هذا من التراب والرماد، من الإنسان الضعيف الذي لو تخلت عنه رحمة الله لحظة لفنى وضاع..

وجهت إليه إتهامات باطلة، ولكنه لم يدافع عن نفسه.

ولو دافع، لأمكنه أن يدحض كل تهمة ويتبرأ. ولكن بذلك ندان نحن. ففضل أن يحمل الدينونة عنا، ويصير هو مذنباً لكي يتبرر نحن. ويحكم عليه بالموت، لكي يحكم لنا بالحياة.. ولم يدافع عن نفسه، لأنه تجسد لكي يبذل نفسه، ولكي يوفي للعدل الإلهي حقه عن خطايانا.

وخطايانا ما كانت تحتاج إلي دفاع، بل تحتاج إلي فداء.

تحتاج إلي ذبيحة تموت عنها، إلي كفارة، إلي نفس بارة تموت عن نفس آثمة. نفس تؤخذ عوضاً عن نفس الدفاع الوحيد الذي يدافع به، هو أن يقدم ثمن الخطية.

أي أنه يقدم دمه الطاهر ليسفك عن كثيرين لمغفرة الخطايا. فيتنسم الآب من ذبيحته رائحة الرضا، ويقول للبشر: لما أرى الدم أعبر عنكم" (خر 12: 13). دفاع المسيح ليس هو دفاعاً عن نفسه، إنما دفاع عنا. وهو دفاع ليس بالكلام ولا باللسان، إنما هو بالعمل والحق بإرضاء العدل الإلهي.. بالموت عنا..

وفي بستان جثسيمانى، أستعد المسيح ليحمل خطايا العالم كله. ووقفت أمامه كل خطايا البشر في كل الدهور، بكل ما فيها من بشاعة ونجاسة.. كانت كأساً مملوءاً بالمرارة. وقال الرب:

نفسي حزينة جداً حتي الموت (مت 26: 38).

كان حزينا علي البشرية التي وصلت إلي هذا المستوى الحقير، وفقدت الصورة الإلهية التي خلقت علي شبهها ومثالها. عجيب أن الرب الذي هو مصدر كل تعزية وفرح، ويقول "نفسي حزينة حتي الموت).. ذلك لأنه كان أمامه كل الصور البشعة لخطايا الناس، الظاهرة والخفية، مع كل صور أفكارهم الداخلية ومشاعر قلوبهم، وما يتصورون ارتكابه من خطايا..

كيف ينحنى القدوس، ليحمل كل هذه النجاسة؟!

يا أبتاه، إن شئت أن تعبر هذه الكأس، وإلا فلتكن مشيئتك.. (مت 26: 42). قد يستنكف بار من النظر إلي صورة خطية نجسة، فكم بالأولي القدوس الكلي القداسة وهو ينظر إلي كل النجاسات مجتمعة، ثم يحملها كأثيم، نيابة عن جميع فاعليها، ليموت عنا.. ويقف ليحتمل كل غضب الآب وكل قصاصه..

يا أخوتي، لا تظنوا أن آلام المسيح، كانت هي آلام الجسد فقط، إنما هناك أيضاً آلام النفس والروح..

آلام الجسد كانت تتمثل في الجلد والشوك والمسامير والصلب، وأيضاً في الضرب واللطم وحمل الصليب والوقوع تحته، ومشقته الطريق، والعطش الشديد وما إلي ذلك. ولكن كانت هناك آلام أخري، من نوع آخر، عبر عنها بقوله "نفسي حزينة جداً حتي الموت) (اقرأ مقالاً عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات).. آلام الحزن علي البشرية الساقطة،ولآلام التي صادفها من خيانة الناس وغدرهم وقسوتهم، وآلامه من جهة هذا الشعب المخدوع، الذي يهتف في جهل أصلبه أصلبه.. حقاً أنها لا يدرون ماذا يفعلون. وهناك أيضاً آلام المسيح من جهة تلاميذه الذين ملكهم الخوف والشك فهربوا واختبأوا، وترصد بها رؤساء اليهود ليفتكوا بهم..

كل هذا والسيد الرب في بستان، وهو "عالم بأن ساعته قد جاءت" (يو 13: 1)، "وهو عالم بكل ما يأتي عليه" (يو 18: 4)، وهو يصارع حتي صارت قطرات عرقه كقطرات دم.

ومع ذلك فقد داس المعصرة وحده (أش 63: 3).

حتي تلاميذه، تركوه في هذه الساعة الحرجة، ولم يستطيعوا أن يسهروا معه ساعة واحدة، علي الرغم من طلبه ذلك منهم ثلاث مرات، وقوله لهم "اسهروا وصلوا لئلا تقعوا في تجربة" (مت 26: 41).

إني أريدكم أن تسهروا من أجل أنفسكم، وليس من أجلي.

اسهروا، لا لكي تسندوني في وقت ضيقتي، وإنما اسهروا لأجل أنفسكم لكي لا تقعوا في تجربه، لأن عدوى قد أقترب، والظلمة زاحفة بكل سلطانها، والشيطان مزمع أن يغربلكم. والمقصود ليس فقط أن يضرب الراعي، إنما لمقصود أيضاً أن تتبدد الرعية. أسهر يا بطرس قبل أن يصيح الديك. أسهر مع الرب، وصارع في الصلاة أيضاً، لكي تدخل إلي التجربة وأنت محصن.

ربما يا بطرس لو كنت سهرت، ما كنت أنكرت..!

ولكن "العين الثقيلة" لا تبصر التجربة المقبلة ولا تستعد لها. هل الشخص الذي يقول لمعلمه "أضع نفسي عنك" (ولو أدي الأمر أن أموت معك). هل مع هذا الكلام، لا يستطيع أن يسهروا معه، ولا ساعة واحدة!

إن كنت لا تستطيع أن تسهر معه، فكيف يمكنك أن تموت معه؟! إنتبه إذن إلي نفسك واستعد..

ما أقسى التجربة حينما تأتي لأناس، فتجهم نياماً، وأعينهم ثقيلة! لهذا كان الرب متألماً لأجل تلاميذه..

ومع ذلك أن كنتم لا تستطيعون، ناموا الآن واستريحوا. أنا الذي سوف أسهر عنكم. فأنا لا أنعس ولا أنام مثلكم، لأني ساهر علي خلاصكم.

كان السيد المسيح يحمل آلام جسده، وآلام نفسه، وآلام الناس، وألم خطايا البشر كلها.

ولعل الخطية كانت أثقل ما حمله المسيح لأجلنا. فالذي بلا خطية وحده"ملنا كل واحد إلي طريقه، والرب وضع عليه إثم جميعنا" (أش 53). ولعله بسبب هذه الخطايا، عبر عن أعظم آلم مر به بقوله للآب "لماذا تركتني).. أي تركه للعدل يحتمل كل قصاصه الواقع علي البشر منذ آدم.

أن كانت التوبة سبب فرح السماء، فماذا عن الخطية؟

يقول الكتاب إنه يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب. إذن علي القياس يكون حزن علي من يسقط. فكم وكم كان حزن المسيح إذن لا بسبب سقطة إنسان، إنما بسبب كل سقطة لكل إنسان.. بما يحمل ذلك من ملايين الملايين للصورة الكئيبة التي وقفت أمام الرب، ليحملها وينوب فيها عن الكل

ومن النجاسات التي يحملها الرب، خطايانا نحن الخاصة..

إن كل خطية، لكل واحد منا، كانت قطرة مرارة في الكأس المر الذي كان لابد للرب أن يشربه..

ولو لا أن الرب قد حمل خطايانا هذه ليمحوها بدمه، ما كان يمكن أن يغفر لنا.. إذن فنحن قد آلمنا الرب وكنا جزءاً من آلامه يوم الجمعة الكبيرة. لهذا ففي كل خطية نرتكبها ليس غريباً أن نقول له:

لك وحدك والشر قدامك صنعت

إن كنا قد آلمناك يا رب، فلا تسمح أن نتسبب في ألمك مرة أخري. ولا تسمح أن نضيف إلي كأسك قطرات مرة أخري. أنضح علينا بز وفاك فنظهر. واغسلنا فنبيض أكثر من الثلج.

وليكن فرحك بخلاصنا، أكثر من ألمك بسبب خطايانا .


 

النهيسى

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
27 يوليو 2008
المشاركات
92,327
مستوى التفاعل
3,200
النقاط
113
الإقامة
I love you Jesus
فى النهايه


بشكر صاحب الموضوع abotarbo

لأن الموضوع مهم جدا ورائع ومناسب للحدث


وجعل الكل ينقب ويبحث ويطلع


ربنا يباركه


وكل سنه والمنتدى كله وشعب يسوع بخير



ملحوظه


من وجهه نظرى أن آلام الرب يسوع لا نتعايش معها بالحزن لأسبوع

ثم ننسى وتلهونا فرحه القيامه والمرح والأكل والزيارات وغيره

لازم نعيش الآلام ونحسها طوال العام .. فكلما تذكرنا آلام الرب لأجلنا

فى كل لحظه من لحظات حياتنا ,, لا تسود الخطيه علينا لحظه ويخذل الشيطان

لأن فى ألام الرب يسوع قوه لنا .. لقد خلصنا وفدانا وبررنا من أجل حبه لنا

ودائما نسعى فى حياتنا لنؤكد هذا الحب العظيم

بالطاعه والصلاه والتسامح والمحبه للجميع
والعطف على الأخوه أخوه الرب بأشياء كثيره معبره

من ضعفى كتبت لكم هذا

أخوكم النهيسى
 
أعلى