هو عن الجاسوس المصري الجنسية (محمد عبد العليم نافع)، من المحتمل أن
يكون بعضكم قد سمع عن هذا الجاسوس على الرغم من أنه
كان من أحد أهم الجواسيس وأكثرهم حساسية لأن على الرغم من أنه تم القبض
عليه في النهاية إلا أنه كان قد نجح في خلال فترة عمله في
تسريب معلومات مهمة جدا للمخابرات الإسرائيلية عن كل من مطار دمشق
ومنشآته بسوريا ومطار أنشاص المصري إلا أنه سقط في النهاية
في قضية من أكبر القضايا والتي عرفت فيما بعد "بتخابر مركز روما"
...سقط على يد مواطن مصري مثله تماما
الأسم: محمد سامي عبد العليم نافع
الجنسية: مصري من مواليد عام 1922
الإقامة: أحد أحياء مصر الجديدة
الوظيفة: جاسوس لصالح المخابرات الإسرائيلية
مرحلة الرصد:
تبدأ قصته مع المخابرات الإسرائيلية في عام 1956 حينما سافر إلى ليبيا
للبحث عن عمل مثل معظم المصريين آنذاك، وفي أحد الأيام وهو جالس على
أحد مقاهي طرابلس تعرف عليه
أحد الأشخاص وقدم نفسه إليه بأسم سليم من لبنان ومن خلال الحديث فهم سليم
أن سامي يبحث عن عمل فوعده بأن يلحقه بعمل في ميناء جنوة بإيطاليا....
وبعد بضعة أيام سافرا معاً إلى روما، وطلب سليم من سامي أن ينتظر في
الفندق الذي نزلا به حيث يحضر إليه شخص بعد 24 ساعة لكي يعمل على
تشغيله وأعطاه مبلغ 10 آلاف ليرة
إيطالية لسد نفقات إقامته في الفندق ومصاريفه......
وما لا يخفى على أحد أن سليم هذا لم يكن غير أحد عملاء المخابرات
الإسرائيلية في الخارج والمكلفين باصطياد المصريين وتقديمهم للمخابرات
الإسرائيلية لتجنيدهم ويعرف باسم
(Spotter).
وفي الموعد المحدد تماما حضر إلى سامي في الفندق شخص يتحدث اللغة
العربية وقدم إليه نفسه بإسم (عصام) وقال له أنه سيبذل كل ما في وسعه لكي
يجد له عملاء... ثم سأله عن أسمه وسنه وعائلته وأصدقائه في مصر وخارج
مصر ومعارفه والأعمال التي اشتغل بها ووعده بأن يمر عليه في نفس الفندق
بعد يومين وأعطاه 10 آلاف ليرة إيطالية أخرى لتغطية نفقاته ومصروفاته
بعدما أخذ الإيصال اللازمة عليه بالطبع.
ولم يكن عصام غير ضابط المخابرات الإسرائيلي المكلف بتجنيد سامي نافع
وتشغيله (Case Officer).
وبعد عشرة أيام عاد (عصام) إلى سامي في الفندق وأخبره أن العمل الذي وجده
له سيكون مع منظمة تسعى إلى جمع المعلومات عن تسليح الدول وأقتصادياتها
وأن عمله سيكون في دمشق بشكل أساسي وحدد له مبلغ 1000 دولار مرتباً
شهرياً...... وافق سامي بدون تردد فأمره عصام بالحفاظ على سرية العمل معهم
ولهذا السبب فإن التراسل بينهما سيكون بالكتابة السرية.
مرحلة التدريب:
قام عصام بتدريب سامي على الكتابة بالحبر السري وكيفية إظهارها وسلمه
الأدوات اللازمة لذلك وكان الحبر السري داخل زجاجة قطرة أما المحلول
المظهر للكتابة فقد كان في أنبوبة معجون صابون للحلاقة... ثم حدد عنواناً له
في روما (20 شارع جرازيولي) للتراسل عليه.
كما إتفقا على أن يكون عنوان سامي على فندق قصر النيل بدمشق
وأعطاه 3000 دولار مرتب 3 شهور مقدماً
وأفهمه أن مرتبه سيحول شهرياً بأسمه
على بنك دي روما بدمشق ثم أخذ عليه الإيصال كالعادة وبعدها أفهمه حقيقة
عمله بانه سيعمل تحت إمرة المخابرات الإسرائيلية وعلى الرغم من مصارحته
بالعمل الذي سيقوم به إلا أن سامي نافع لم يتراجع ولو للحظة عما أتفقا عليه.
ثم قام عصام بتدريب سامي على طريقة الحصول على المعلومات وكيفية
جمعها دون أن يلفت إليه الأنظار او يثير الشك من حوله وأفهمه أن عليه في
سبيل ذلك أن ينشئ علاقات وصداقات مع مواطنين سوريين ومصريين وأن
يقيم لهم من آن إلى أخر الحفلات والسهرات ويقدم لهم الهدايا حتى يوطد علاقته
بهم ويثقوا فيه ويتحدثوا معه وأمامه عن أسرار بلادهم...... وبعد شهر تقريباً
سافر سامي إلى دمشق حيث أقام في فندق قصر النيل وأبتدأ في مزاولة نشاطه
وأرسل إلى المخابرات الإسرائيلية عد خطابات بالحبر السري تتضمن
المعلومات التي كلفوه بالحصول عليها.
وقد حدد له عصام مهمته في دمشق وتقتصر على الحصول على معلومات عن
سوريا ومصر من المواطنين السوريين وحالة الشارع السوري ثم تطورت بعد
ذلك إلى طلب معلومات ورسومات تخطيطية لمطار دمشق ومنشآته وعدد
الطائرات فيه وأنواعها وأسماء الطيارين وأماكن خزانات البترول ومخازن
الطائرات وعددها بجانب المعلومات السياسية والإقتصادية الآخرى والتي أصبح
بارعاً إستخلاصها.
حتى أن المخابرات الإسرائيلية كانت ترسل له من حين إلى آخر خطاباً بالحبر
السري على الفندق بأسمه مباشرة وبه أسئلة محدد عن معلومات معينة يتعين
عليه الحصول عليها فوراً.
ولكن كيف تمكن سامي نافع من الحصول على هذه المعلومات؟
لقد وجد صيده في شخص (مرتضى مصطفى التهامي) الميكانيكي الجوي
وبعض زملائه من القوات الجوية المصرية والذين كانوا قد سافروا إلى دمشق
في مأمورية سرية ونزلوا بنفس الفندق الذي يقيم فيه سامي وكعادة المصريين
بالغربة تم التعارف السريع بينهم وبين سامي الذ قدم نفسه إليهم على أنه ضابط
بحري مصري سابق وكان سامي يغدق على مرتضى التهامي وزملائه بالنقود
والهدايا ويقيم لهم السهرات والحفلات الماجنة...... وكان سامي خلال هذه
السهرات يسأل مرتضى وزملائه عن القوات الجوية المصرية وكانوا للأسف
يجيبونه عن كل أسئلته واستفساراته..... بل وأكثر من ذلك فقد ساعده أحدهم
ذات مرة على الدخول إلى المطار الحربي بدمشق ومكنه من إلتقاط بعض
الصور الفوتوغرافية للطائرات والمطارات.
وفي ذلك الوقت إنفصل مرتضى التهامي عن زملائه وأستأجر بمفرده حجرة
مفروشة بحي شعلان بدمشق وتوطدت علاقة سامي به إلى حد كبير.
وفي مارس سنة 1958 عرض سامي على مرتضى التهامي أن يمده بمعلومات
عن القوات الجوية المصرية مقابل مائتين جنيهاً شهرياً فوافق مرتضى دون
تردد بعدما أدمن المستوى الذي عوده عليه سامي وأدمن السهر والليالي الحمراء
برفقته.
وفي 12 إبريل 1958 أنتهت مأمورية مرتضى في سوريا والتقى بسامي قبل
عودته إلى مصر والذي أملى عليه مرة أخرى حدود مهمته وأعطاه صندوق
بريد رقم (2233) بدمشق لكي يراسله عليه...... وغادر مرتضى دمشق إلى
القاهرة حيث أقام بحجرة مفروشة بالمنزل رقم (62 شارع حليم) وأرسل هذا
العنوان إلى سامي في دمشق على صندوق البريد المحدد للتراسل عليه بينهما
وقد أرسل سامي عنوان مرتضى إلى المنظمة في روما.
وفي أول يوليو عام 1958 حضر سامي إلى القاهرة حيث زار مرتضى في
مسكنه وأطلعه على خطاب ورد له بالحبر السري من المخابرات الإسرائيلية
تطلب فيه موافاتها بمعلومات عن القوات الجوية واستعداداتها بمطار أنشاص..
ثم قام بتدريبه على الكتابة بحبر سري جديد وأعطاه زجاجة بها الحبر الجديد
والمظهر الخاص به.
وبعد يومين أخرين حضر إليه سامي حيث كان مرتضى قد أنتهى من جمع
المعلومات المطلوبة عن القوات الجوية واشترك مع سامي في كتابة اول خطاب
بالحبر السري الجديد يتضمن المعلومات المطلوبة عن القوات الجوية على أن
يرسله مرتضى إلى مخابارت إسرائيل..... وعاد سامي إلى ددمشق.
وفي أول سبتمبر عام 1958 وصل مرتضى أول خطاب سري من المخابارت
الإسرائيلية مباشرة تطلب فيه تفصيلات أكثر عن مطار أنشاص ومعلومات
عن المطارات الأخرى واستمرت المراسلات بين المخابرات الإسرائيلية
ومرتضى عن تفصيلات أكثر حولها.
إتصال لاسلكي:
واستمر الحال هكذا حتى يوليو عام 1959 حيث أستدعت المخابرات
الإسرائيلية سامي للسفر إلى روما مرة أخرى للأهمية....... وهناك كان عصام
في إنتظاره (ضابط الحالة المسئول عنه) حيث أخبره أن طريقة التراسل بينهما
سوف تتغير وتصبح بالإتصال اللاسلكي وأن عليه أن يمكث في روما ثلاثة
أشهر لتدريبه على ذلك.
وفي منزل خاص مؤجر بمعرفة المخابرت الإسرائيلية قام عصام بتدريب سامي
على الإرسال والإستقبال اللاسلكي وطريقة الشفرة وفي النهاية سلمه التعليمات
اللازمة لذلك مع مواعيد الإرسال والإستقبال بينهما وسلمه بيك أب مركباً
بداخله وبطريقة سرية جهاز إرسال لاسلكي صغير وراديو لإستقبال الإشارات
اللاسلكية ومفكرة صغيرة فيها شرح مفصل لكيفية الإتصال اللاسلكي وطريقته
وأوقاته في الأحوال العادية وفي حالة الطوارئ والموجات التي يتم الإتصال
عليها والشفرة الخاصة بالإتصال اللاسلكي وطريقة حلها...... كذلك سلمه آلة
تصوير بها عدسة إضافية وحاجز للضوء ولوح صغير من الزجاج يستخدم في
تصوير المستندات وأفهمه أن عليه لإنتقال من دمشق إلى القاهرة حيث يتعين
عليه الإقامة بها وأن مهمته هناك هي جمع المعلومات عن مطار ألماظة الحربي
وأسماء الطيارين الموجودين فيه والتدريبات المختلفة التي تتم بع وانواع
الطائرات وأعدادها... كما رفع مرتبه من 1000 دولار شهرياً إلى 1500
دولار شهرياً وأعطاه 600 دولار كمكافأة.
ووصل سامي إلى القاهرة ومعه كل ما سلم له من ادوات للتراسل السري حيث
بدأ في تنفيذ مهمته الجديدة ....... وفي 2 فبراير عام 1960 تم القبض على
الجاسوسين محمد سامي نافع ومرتضى مصطفى التهامي وكان من أحد أهم
الأسباب الرئيسية في القبض عليهما هو الفنان سمير الاسكندراني بعد تجنيده
ليصبح عميل مزدوج لصالح المخابرات المصرية في قضية هي الأشهر من
نوعها سميت (بتخابر مركز روما).
وقدما إلى المحاكمة حيث قضت بإعدام سامي نافع شنقاً وبالإشغال الشاقة
المؤبدة على مرتضى مصطفى التهامي وكانت هذه نهاية كل خائن لهذا البلد
العريق.
تمت