بفضل الأوبئة.. تحسّنت حياة البشر بهذه المجالات

paul iraqe

عضو مبارك
عضو مبارك
إنضم
3 يناير 2014
المشاركات
15,606
مستوى التفاعل
1,314
النقاط
113
الإقامة
IRAQ-BAGHDAD
dfce8b69-2f01-4a67-bc54-f647de662bb5.jpg


رسم تخيلي يجسد عددا من ضحايا الطاعون الدبلي

منذ قديم الزمان، أسفرت الأوبئة عن سقوط أعداد هائلة من الموتى وانتهت أحياناً بانهيار إمبراطوريات. ومن مثل هذه الازمات الصحية تعلّم البشر أشياء عديدة فاتجهوا لإرساء جانب من الإصلاحات التي أثرت بشكل كبير على المجتمع والثقافة، وساهمت في جعل الحياة أفضل. فعقب موجة الكوليرا التي فتكت بكثيرين بالقرن 19، عمد البشر لتحسين أنظمة الصرف الصحي ونقل المياه. وأمام ارتفاع الوفيات بسبب الجدري والحصبة طور العلماء والباحثون اللقاحات لحماية الأجيال القادمة.


5f25d04c-9119-4c90-92b4-80629e8c3f36.jpg


لوحة تجسد عملية التطعيم التي قادها الطبيب الإنجليزي إدوارد جينر


الطاعون والطبقة الفقيرة الكادحة

بالقرن الرابع عشر، عاش العالم على وقع ويلات الطاعون الأسود الذي أسفر عن وفاة نحو ثلث سكان القارة الأوروبية. ومع تبدد هذا الوباء وزواله بشكل تدريجي، تحسّنت حياة الناجين بشكل لافت للانتباه خاصة بالنسبة للطبقة الفقيرة الكادحة. فقد أسفر الطاعون الأسود عن تراجع حاد في اليد العاملة، وبفضل ذلك عرفت "قوانين القنانة"، التي كانت سائدة منذ قرون طويلة، بداية زوالها حيث أصبح بمقدور العاملين بالمجال الفلاحي مطالبة مالكي الأراضي بتحسين أجورهم وظروف عملهم.


4579cb1c-0700-41e6-bd34-ef0b02035e11.jpg


رسم تخيلي لجانب من جثث ضحايا طاعون لندن



وبالمدن التي شهدت سقوط أعداد هائلة من الضحايا مقارنةً بالأرياف، اتجهت السلطات لتحسين قواعد النظام الصحي لمقارعة تفشي الأوبئة ففرضت نظام الحجر الصحي على الأشخاص الذين تشكك في إصابتهم بالمرض. وظلت هذه الإجراءات موجودة وتواصل تطبيقها طيلة القرون التالية، خاصة على التجار والمسافرين، لمواجهة عودة الطاعون الأسود وتفشيه مجدداً.


52b3c06a-d440-4057-8ccf-dd3a12ddc985.jpg


لوحة تجسد انتشار الجثث بسبب الطاعون الأسود


الإنفلونزا الإسبانية والنظام الصحي

بالقرن الماضي، ساهمت جائحة الانفلونزا الاسبانية التي عصفت بالعالم وتسببت في وفاة نحو 50 مليون شخص، في تحسين الظروف الصحية لكثيرين حيث لجأت العديد من الحكومات والدول لإعادة النظر في أنظمتها الصحية التي أثبتت في الغالب عدم فاعليتها لمواجهة مثل هذه الأزمات. ولجأت لاعتماد أنظمة جديدة قامت على الطب الوقائي والاجتماعي. وبينما لجأت دول كفرنسا وبريطانيا وروسيا لإرساء أنظمة صحية مركزية، اتجهت دول أخرى لوضع خطط تأمين صحي وضمان اجتماعي. ومكّن كلا هذين النظامين الناس من الوصول للخدمات الصحية وساهم في مساعدة وإنقاذ العديد منهم.


4da7823d-749e-4a5a-9f8e-f96520010639.jpg


صورة لعملية نقل أحد ضحايا الإنفلونزا الإسبانية


كذلك، اتجه العلماء عقب الإنفلونزا الإسبانية للتركيز على العوامل الديموغرافية والاجتماعية والمهنية التي تساهم في ظهور الأمراض، وبفضل ذلك ظهر علم الأوبئة المعاصر الذي اتجه للبحث في أنماط وأسباب وتأثيرات الأمراض وسبل الوقاية منها.
من جهة ثانية، ساهمت الأوبئة التي أنهكت البشرية طيلة القرون الماضية في إرساء قواعد التباعد الاجتماعي خاصة في مجال التهيئة العمرانية والبناء. فبعد اعتمادهم على "قناع المنقار" لمقارعة نظرية "الميازما" بالقرون الوسطى، تيقن البشر من دور المنازل الضيقة والمكتظة في نقل ونشر الأمراض. وإثر أهوال الإنفلونزا الإسبانية، شدد الرئيس الأميركي فرانكلن روزفلت بثلاثينيات القرن على ضرورة احتواء جميع المنازل على مخرج نجدة وأروقة ومداخل واسعة وغرف حمام منفصلة.



dd27a36b-90e6-4d9c-b35f-d86faafaa051.jpg


رسم تخيلي يبرز تطور أعراض الحمى الصفراء على شخص بمدينة فيلادلفيا عام 1793



القوانين الصحية الأولى بأميركا

وعقب فترة حرب الاستقلال الأميركية، عاش الأميركيون على وقع أهوال الحمى الصفراء التي ألقت بظلالها على مدينة فيلادلفيا، عاصمة الولايات المتحدة الأميركية حينها، لتتسبب في سقوط عدد كبير من الضحايا. وأوكل الآباء المؤسسون للولايات المتحدة، والذين عاصروا هذا المرض، جانباً كبيراً من اهتماماتهم لمقارعته. وضمن برامج إرساء أولى الأنظمة الصحية بالبلاد، لم يتردد الأميركيون سنة 1798 خلال عهد جون أدامز (John Adams)، ثاني رئيس بتاريخ البلاد، في إقرار قانون لمواجهة الامراض القادمة من البحار عبر "قانون البحارة المرضى"، الذي أمر بإنشاء مستشفيات بالموانئ لفحص البحارة المرضى والمصابين وعلاجهم.



08434530-3094-4f41-b0ed-91d492d2cf37.jpg


صورة للرئيس الأميركي جون أدامز


العربية . نت
 
أعلى