- إنضم
- 27 ديسمبر 2005
- المشاركات
- 284
- مستوى التفاعل
- 4
- النقاط
- 0
هذه القصة هي حلقة من مسلسل تلفزيوني موجه لأهل فلسطين عنوانه "وردة في حقل الصبار" ....... قدمت العمل الابداعي "أقصد القصة القصيرة " لأني أعتقد السيناريو لن يكون شيقا على الورق
***
سلام في سلفيت
بقلم: عماد حنا
كنت دائماً أشعر بحزن عظيم وأنا أرى أطفال شعبي وهم يتألمون في كل مدينة وفي كل قرية، لا أعتقد أن حزني هذا هو نفس الحزن الذي يشعر به العالم ويعبر عنه في كل مكان... إنه حزن من نوع آخر. فأنت تستطيع أن تحزن من أجل أي شخص بعيد عنك لأنه يعاني، ولكن لا يمكن أن أبداً أن تصل تلك المشاعر نفسها وأنت ترى إبنك يعاني. العالم يشجب ويندد ويعترض ويكتئب ويكتب الأغنيات... ولكن كل هذا لا يساوي عن ما أشعر به تجاه مَن هم جزء مني، ومنذ سنوات قليلة كنت أنا منهم... اجل أننا من يسمينا العالم بأطفال الحجارة... البعض يرى هؤلاء الأطفال صنيعة ونتاج إرهاب الآباء -أقصد آباءنا- والبعض يرى هؤلاء الأطفال نتاج ظلم المجتمع... تكثر التحليلات وتكثر الاستنتاجات، ولكن في الواقع لم يتجرع كأس الألم إلا الأطفال أنفسهم. ولم يشعر بتلك الغضة والجرح إلا من كانوا ضمن أهله. أسموهم بمسميات كثيرة أما أنا فأدعوهم أطفال الخوف والحزن.
الخوف لأنه لا يعرف غده, ولا يثق فيه, ولا يأمل منه خيراً وهو يرى دنياه تتهاوى من أمامه ربما لهذا السبب يصل لسن المراهقة فيجد نفسه مستعداً أن يفجر نفسه ويقضي على حياته يأساً من غد مشرق بالنسبة له، وأملاً في حياة سعيدة في مكان آخر بعد أن يأخذ لقب شهيد...
أما الحزن لأنه ما من طفل إلا وتجرع كأس الألم والمر من جراء فقدان أحد زويه سواء بالموت من رصاص جنود الاحتلال أو من جراء السجن التعسفي لإتهام ليس له أساس.
أشعر بكل هذه المشاعر لأني ببساطة واحد من هؤلاء الذين شعروا بكل هذا، وتخطيت مرحلة المراهقة دون أن أشعر بنفس الرغبة في تفجير نفسي، لأني وضعت ثقتي في ذلك الذي عندما يقول أحبك أثق أن محبته لا يضاهيها محبة, ولا يعتريها مصلحة ... لذلك أصبحت أشعر بالسلام في وادي الخوف، وأثق أن وجودي في وادي الخوف هذا إنما لهدف وضعه الله لي أن أعلم أطفال بلدي الطريق الذي من خلاله يحصلون على السلام.
لست وحدي في هذا ، ولكن لي مجموعة من الأصدقاء اتخذنا من هذا الأمر هدف لنا, تعاهدنا أنا وهؤلاء الأصدقاء أن ننتقل إلى القرى ونذهب إلى تلك الأطفال المحرومة من الفرحة... أحاول أن أزرع البسمة في قلوب أطفال تعودت على البكاء حتى تحجرت الدموع في مقلتيها لتصير في صلابة الحجارة التي تحملها دائما في أيديها لتدافع بها عن بقاءها.
في ذلك اليوم ذهبت أنا وأصدقائي إلى قرية سلفيت... تلك القرية القريبة من نابلس والتي عانت الكثير من جنود الجيش الإسرائيلي، ووقفنا في دوار القرية وبنينا مسرحا خشبياً صغيراً للعرائس( الدمى) وبدأنا في تحريك تلك الدمى لنرقص ونغني ونزرع الفرحة في القلوب
وسرعان ما تجمع أولاد القرية ... كانوا محتاجين إلى الضحكة فضحكوا من قلوبهم، فتجرأنا وعلمناهم تلك الأغنية البسيطة
ســـــــــــــلام .. ســـــــــــــلام لشعب الله في كل مكان
وبدأت الأطفال تكرر هذه الكلمات مع الدمي ونحن نغني معها, ونضع أسماء ومدن وأقاليم من فلسطين ونرفع أيدينا طالبين السلام، سلام لنابلس ... سلام لبيت لحم ... سلام لأورشليم... سلام الله في كل مكان.
وتعالت الصرخات, وتعالت الضحكات وتعالت رقصات الدمى من الصباح إلى المساء ومع المساء كان كل طفل في سلفيت يرقص ويغني معنا والضحكات ملأت القلوب ليرجع الأولاد لبيوتهم فرحين وفي كل أيد كانوا يحملون تقدمة بسيطة من الخبز والفاكهة ... ووضعنا في قلوبنا أمل أن ينام الأطفال في تلك الليلة وقد غادر الخوف قلبه ولسان حاله تلك العبارة الجميلة
ســـــــــــــلام .. ســـــــــــــلام سلام الله في كل مكان
ولكننا كنا نحلم ..
على أي حال تركتهم وأنا أعدهم أن أغني هذه الأغنية معهم صباح باكر من جديد، ورجعت أنا ورفاقي إلى بلدتنا القريبة والسعادة تملأ قلوبنا لأننا حققنا هدف مصبوا إليه.
***
انتظرني
***
سلام في سلفيت
بقلم: عماد حنا
كنت دائماً أشعر بحزن عظيم وأنا أرى أطفال شعبي وهم يتألمون في كل مدينة وفي كل قرية، لا أعتقد أن حزني هذا هو نفس الحزن الذي يشعر به العالم ويعبر عنه في كل مكان... إنه حزن من نوع آخر. فأنت تستطيع أن تحزن من أجل أي شخص بعيد عنك لأنه يعاني، ولكن لا يمكن أن أبداً أن تصل تلك المشاعر نفسها وأنت ترى إبنك يعاني. العالم يشجب ويندد ويعترض ويكتئب ويكتب الأغنيات... ولكن كل هذا لا يساوي عن ما أشعر به تجاه مَن هم جزء مني، ومنذ سنوات قليلة كنت أنا منهم... اجل أننا من يسمينا العالم بأطفال الحجارة... البعض يرى هؤلاء الأطفال صنيعة ونتاج إرهاب الآباء -أقصد آباءنا- والبعض يرى هؤلاء الأطفال نتاج ظلم المجتمع... تكثر التحليلات وتكثر الاستنتاجات، ولكن في الواقع لم يتجرع كأس الألم إلا الأطفال أنفسهم. ولم يشعر بتلك الغضة والجرح إلا من كانوا ضمن أهله. أسموهم بمسميات كثيرة أما أنا فأدعوهم أطفال الخوف والحزن.
الخوف لأنه لا يعرف غده, ولا يثق فيه, ولا يأمل منه خيراً وهو يرى دنياه تتهاوى من أمامه ربما لهذا السبب يصل لسن المراهقة فيجد نفسه مستعداً أن يفجر نفسه ويقضي على حياته يأساً من غد مشرق بالنسبة له، وأملاً في حياة سعيدة في مكان آخر بعد أن يأخذ لقب شهيد...
أما الحزن لأنه ما من طفل إلا وتجرع كأس الألم والمر من جراء فقدان أحد زويه سواء بالموت من رصاص جنود الاحتلال أو من جراء السجن التعسفي لإتهام ليس له أساس.
أشعر بكل هذه المشاعر لأني ببساطة واحد من هؤلاء الذين شعروا بكل هذا، وتخطيت مرحلة المراهقة دون أن أشعر بنفس الرغبة في تفجير نفسي، لأني وضعت ثقتي في ذلك الذي عندما يقول أحبك أثق أن محبته لا يضاهيها محبة, ولا يعتريها مصلحة ... لذلك أصبحت أشعر بالسلام في وادي الخوف، وأثق أن وجودي في وادي الخوف هذا إنما لهدف وضعه الله لي أن أعلم أطفال بلدي الطريق الذي من خلاله يحصلون على السلام.
لست وحدي في هذا ، ولكن لي مجموعة من الأصدقاء اتخذنا من هذا الأمر هدف لنا, تعاهدنا أنا وهؤلاء الأصدقاء أن ننتقل إلى القرى ونذهب إلى تلك الأطفال المحرومة من الفرحة... أحاول أن أزرع البسمة في قلوب أطفال تعودت على البكاء حتى تحجرت الدموع في مقلتيها لتصير في صلابة الحجارة التي تحملها دائما في أيديها لتدافع بها عن بقاءها.
في ذلك اليوم ذهبت أنا وأصدقائي إلى قرية سلفيت... تلك القرية القريبة من نابلس والتي عانت الكثير من جنود الجيش الإسرائيلي، ووقفنا في دوار القرية وبنينا مسرحا خشبياً صغيراً للعرائس( الدمى) وبدأنا في تحريك تلك الدمى لنرقص ونغني ونزرع الفرحة في القلوب
وسرعان ما تجمع أولاد القرية ... كانوا محتاجين إلى الضحكة فضحكوا من قلوبهم، فتجرأنا وعلمناهم تلك الأغنية البسيطة
ســـــــــــــلام .. ســـــــــــــلام لشعب الله في كل مكان
وبدأت الأطفال تكرر هذه الكلمات مع الدمي ونحن نغني معها, ونضع أسماء ومدن وأقاليم من فلسطين ونرفع أيدينا طالبين السلام، سلام لنابلس ... سلام لبيت لحم ... سلام لأورشليم... سلام الله في كل مكان.
وتعالت الصرخات, وتعالت الضحكات وتعالت رقصات الدمى من الصباح إلى المساء ومع المساء كان كل طفل في سلفيت يرقص ويغني معنا والضحكات ملأت القلوب ليرجع الأولاد لبيوتهم فرحين وفي كل أيد كانوا يحملون تقدمة بسيطة من الخبز والفاكهة ... ووضعنا في قلوبنا أمل أن ينام الأطفال في تلك الليلة وقد غادر الخوف قلبه ولسان حاله تلك العبارة الجميلة
ســـــــــــــلام .. ســـــــــــــلام سلام الله في كل مكان
ولكننا كنا نحلم ..
على أي حال تركتهم وأنا أعدهم أن أغني هذه الأغنية معهم صباح باكر من جديد، ورجعت أنا ورفاقي إلى بلدتنا القريبة والسعادة تملأ قلوبنا لأننا حققنا هدف مصبوا إليه.
***
انتظرني