حين التقيتك، كنت سلحفاة تتقن الانسحاب داخل صدفتها، وتبدع في فن الاختباء و “الكاموفلاج” حين ودعتك كنت قد صرت سنونوة، ستظل أجنحتها تُذَكِّرها بك دائماً.
في النهاية، ما النسيان سوى قلب صفحة من كتاب العمر.
قد يبدو الأمر سهلًا، لكن ما دُمتَ لا تستطيع اقتلاعها، ستظلّ تعثر عليها في كلّ فصل من فصول حياتك.
ليس نظرك هو الذي يتوقّف عندها، بل عمرك المفتوح عليها دومًا، كأنّها مستنسَخة على كلّ صفحات حياتك. لذا يعلّق مالك حدّاد بتهكم مُرّ : «يجب قلب الصفحة، هل فكّرتم في وزن الصفحة التي نقلبها؟».
دور الكاتب تخفيف وزن هذه الصفحة ما استطاع، وقلبُها نيابةً عنكم. دعوني أحاول؛ ربّما استطعتُ قلبَ صفحتكم هذه. ذلك أنّ من الأسهل قلب صفحة الآخرين!
كي تكون كاتباً برُتبة عاشق ، تحتاج إلى أوهامٍ كبيرة ، وإلى تصديق خرافة أوهامك العشقيّة تصديقاً أعمى .
أنت تعمل على وهم الأحاسيس ، تصفُ شيئاً لم يلمسه أحد ، يوجد في مكان غير مرئيّ من الجسد . مُهمّتك جعل القارئ يمتلك وهمَ الإمساك بما لا يُرى ، إلقاء القبض على دمعةٍ ، أو حفنةٍ من التنهدات . . أن تحوّله إلى صائد فراشاتٍ في بساتين الروح
و أحيانا مش بلاقي حد اتكلم معاه ...
مش عشان مش بيتكلموا أو مش بيفهموا ...
بس عشان بيتكلموا كتير ... و الكلام الكتير مش كلام ...
و في كل كلمة مش في مكانها دوشة تلغي المعنى و متسيبش غير احتياج للكلام ...
و أحيانا بختار ملاقيش حد اتكلم معاه ... عشان لسه محتاجة حد اتكلم معاه!
كل يوم يمر بي.. يزيدني يقينا بأن الرحيل هو أسوأ طريقة للإبتعاد .. وأسخف وسيلة للفراق .. أي هرب ما دامت الأشياء تسكننا ؟! وما دمنا حين نرحل هرباً منها .. نجد انفسنا معها وجهاً لوجه!