يقول السيد المسيح :
" عندما تصومون لا تكونوا عابسين الوجوه كما يفعل المراءون الذين يقطبون وجوههم لكي يظهروا للناس صائمين . الحق أقول لكم أنهم قد نالوا مكافآتهم .
أما أنت , فعندما تصوم , فاغسل وجهك , وعطر رأسك , لكي لا تظهر صائما للناس , بل لأبيك الذي يرى في الخفاء , وأبوك الذي يرى في الخفاء هو يكافئك ."
(متى 6 :16 -18 )
فيعلمنا الرب يسوع المسيح
أن لا نصوم على طريقة الفريسيين المرائين لأجل نيل المديح من الناس , بل نصوم في الخفاء لوجه الله . فنرى أننا لسنا ملزمين بالصيام بل مخيرين . ولكنه يكون مناسبا في أوقات الشدة و الحزن وعلى الخصوص في أوقات الحزن على خطايانا أو على فتورنا في الإيمان . ونعلم أن الصيام يقهر الجسد ويبين أفضلية الروح عليه .
ومن مزاياه أيضا أنه يجعل الإنسان متواضعا ويستميله إلى الصلاة والرياضة الروحية .
ونرى في العهد الجديد أن المسيحيين صاموا وصام بولس الرسول نفسه
(أعمال الرسل 13:2-3) و (2كورنثوس 11:27 )
وبعد عهد الرسل لم ينقطع الصيام من بين المسيحيين الأتقياء ولكنهم كانوا يصومون في أحوال خصوصية لأجل تقوية الخدمة المسيحية , ويقرنون صيامهم بالصلوات الحارة . فالصيام الذي يكون خالصا لوجه الله تعالى لا لمديح الناس ولا لطلب الثواب , يكون مثل هذا الصيام مقبولا عند الله ولا يخلو من عظيم الفائدة .
ونعلم أن الجسد عبد الروح , فينبغي للمسيحيين أن يخضعوا أجسادهم لسلطان أرواحهم بحياة النقاوة والطهارة والصيام يعينهم على ذلك , قال بولس الرسول :
" كا من يجاهد يضبط نفسه في كل شيء .....بل أقمع جسدي وأستعبده حتى بعدما كرزت للآخرين لا أصير أنا نفسي مرفوضا " ( 1كورنثوس 9:25و27) .
إذا خلاصة ما جاء هو أن المؤمنين يصوموا عندما يريدون أن يصلوا إلى الله تعالى من أجل أمر هام أو عندما يشعرون بحاجتهم للتقرب من الله . والصوم أمر شخصي قد يطول وقته أو يقصر . قد يقرر أحدهم أن يمتنع عن تناول إحدى الوجبات حتى يتمكن من صرف وقت أطول في الصلاة . أو من الممكن أن يمتنع عن الطعام لمدة يوم كامل أو أسبوع حتى يبتعد عن أمور العالم وليطلب وجه الله تعالى , والصوم ما هو لكسب المدح بل ليساعد الإنسان على نسيان الأمور المادية والتركيز على الله وحده . والصوم ليس لإظهار التقوى للناس الآخرين . في بعض الأحيان يمكن أن يكون الصيام جماعيا وذلك بالاتفاق المتبادل ولكنه لا يفرض فرضا , فهو بين الإنسان وبين الله تعالى .