نسمات ميلادية

اني بل

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
17 يوليو 2007
المشاركات
36,143
مستوى التفاعل
1,341
النقاط
0
بميلاد المسيح صار الله معنا وفينا . والله الذي كان موجوداً - منذ الأزل - في حضن الآب .. لأنه كلمته الأزلية .. هو الآن حاضر معنا بالجسد .. كما يقول يوحنا الحبيب : " الكلمة صار جسداً وحلّ بيننا " . ويوضح لنا ذلك في رسالته الأولى قائلاً : " الله لم يره أحد قط ... الإبن الوحيد الذي في حضن الآب هو الذي كشف عنه"
أعني إن ميلاد المسيح هو إعلان حسيّ .. ظاهري .. ومرئي لحضور الله بيننا . وبحضوره كشف لنا من هو الله : الله محبة ! وما أعظم حب الله لنا .. فقد قال يوحنا الحبيب : " هكذا أحب الله العالم .. حتى إنه بذل أبنه الوحيد .. لكى لا يهلك كل من يؤمن به .. بل تكون له الحياة الأبدية " .
ونحن نؤكد هذا في قانون الإيمان عندما نقول: " من أجلنا نحن البشر .. ومن أجل خلاصنا نزل من السماء .. وبالروح القدس تجّسد من مريم العذراء وصار إنساناً " . إذاً من خلال يسوع، يكلم الله البشر .. ويكشف لهم سره . فكل من يُحب يسوع .. هو متحد بالله .. يعرف الله ويُصبح له أبناً ! فقد قال ، يوماً عند عماد يسوع ، في نهر الأردن : " هذا هو ابني الحبيب الذي به سُررت .. فله اسمعوا ". " فإن فعلنا هذا .. سيملأنا من حبه الإلهي .. فنصبح أبناء الله بالتبني " " لأننا من ملئه كلنا أخذنا .. ونعمة على نعمة .." (1يو) .
إلهي ما أعظمك .. وما أبهاك في الإنسان الذي خلقته على صورتك ووهبته الإيمان والحب ! في الميلاد نرى – بإيمان – قطبىْ سر الخلاص وخُلاصة حياة يسوع على الأرض : المذود والصليب ! لقد قبل أن يٌولد في مذود " لأن خاصته لم تقبله" (يو) .. تقبل الصليب .. وقبل أن يُصلب بين لصيين مجرمْين .. لقساوة ووحشية قلوب اليهود ولرفضهم حبه العظيم !
ولكن هناك فئتان من البشر قبلتا حبه واكتشفتا الطريق إليه وهما : الرعاة والمجوس .. صورة حية للبسطاء والعلماء الذين يعترفون بإنهم لا يفهمون شيئاً أو لا يفهمون كل شىء . فقد " أنزل الأقوياء عن الكراسي ورفع المتواضعين" (الإنجيل) وعلى رأسهم مريم العذراء .. أم الله .. مثال وقدوة لنا في هذا التواضع والإيمان . فقد قيل عنها في الإنجيل : " طوبى للتي آمنت لأنه سيتم ما قيل لها " لأنها خضعت لإرادة الله قائلة للملاك عند البشارة : " ها أنا أمة الرب .. فليكن لي حسب قولك " (الإنجيل) .
عزيزي .. لقد تنازل الله وصار إنساناً .. لكى نلتجىء إليه ونمكث معه .. لكى نقبله كل يوم في قلوبنا لنُولد من جديد بالصلاة وكلمة الله المُعاشة .. لكى نقبله في إخوتنا الصغار .. الفقراء والمهمشين .. نخدمهم بحب وعطاء .. لقد صار الله إنساناً لكى نُصبح نحن أيضاً أطفالاً بتواضعنا ووداعتنا مع الجميع لأننا خُلقنا منه ومن أجله .. وأمامه نُدرك حبه لنا ورحمته .. أمامه نُدرك قوته الإلهية في ضعفنا البشري .
إن كبرياء البشر لا تبنى إلا بروح الأنانية والعنف والكراهية أعني بروح بابل ! في حين أن اعتمادنا على الله في ثقة وتواضع .. يكشف لنا حقيقتنا ويرفعنا إلى ديار الحب والمجد .. ويجعل من حياتنا – على مثاله – جسراً بين السماء والأرض !

الأب/ يوسف المصري
 
أعلى