وجدان - قصة قصيرة

philanthropist

أميرة الورد
عضو مبارك
إنضم
30 يوليو 2013
المشاركات
1,239
مستوى التفاعل
161
النقاط
0
الإقامة
القصر الملكى السماوى قصر الملك يسوع المسيح

وجدان
اطلقت لخيالى العنان لاجد هذه الكلمات تداعب رقبة قلمى واذا بى اروى قصتى التى كثيرا ما أزعجنى تذكرها لفرط ما الم بى من عجز و جهل و قلة حيلة . انه الشعور الكامن بداخلك الذى يراودك كلما هممت القيام بأمر ما , هو الشعور الذى تقتل فى كل مرة تقتله فيه دون ان تدرى , و كم من مرة حاولت ايذائه و تحملك حتى انقلب عليك و رد لك الصاع صاعين او اكثر .
قصتى معه بدأت وق ان خرجت من بيتى فى احدى ليالى الشتاء بعد مشاجرة عنيفة مع زوجتى بسبب رجوعى متأخرا و سكرانا . زوجتى انسانة فاضلة لا تفوت فرض ال و تؤديه و تتلو القرآن دائما و قد اخبرتنى اكثر من مرة اننى يجب ان اكون قدوة حسنة لابنتى ذات الخمس ربيعا , فليس جيدا ان يقال ان ابيها سكير المنطقة وادعت انى افسد سمعتنا بتصرفاتى هذه .
لم اتحمل كلامها الموجع برغم انها على صواب و خرجت من البيت هائما على وجهى , و ركبت سيارتى الفورد و توجهت الى حيث لا تدرى نفسى الى اين تذهب او بمن تستغيث . و وصلت الى الفيوم و اذا بى اجد نفسى امام بحيرة قارون . اسندت رأسى على شجرة عند البحيرة فى الظلام القاتم الذى لم يجد من يكسره الا ضوء القمر فى حالة البدر . اغمضت عينى قليلا آملا ان تهدأ براكين الفكر التى انفجرت فى عقلى . مرت عدة ساعات وانا على هذه الحالة مغمض العينين احاول الا افكر فى أى شىء . و فجأة يقطع هذا الصمت الذى ساد المنطقة من قبل ان ادخلها صرخة مدوية كأن رجلا اصيب بجرح عميق و لم يجد من ينقذه , فزعت لهذا الصوت كثيرا و فتحت عينى و الغريب انى لم اجد شيئا احولى الا الفراغ فقلت " اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ". و اغمضت عينى مرة اخرى و بعد عدة دقائق سمعت نفس الصرخة بل اشد منها ففتحت عينى و انتصبت أرجلى فى هرع ورحت اجول بنظرى يمينا و يسارا لكن لا ارى شيئا , و كأن البصر قد غادر عينى . بينما اتلفت حولى كالمجنون و اتسائل ماذا يحدث كنت اود لو انه كان هناك شخص لاسأله عن مصدر هذه الصرخة لكن لم يشأ الله ان يحقق لى هذه الامنية .
نظرت الى الشجرة التى كنت استند عليها و اذا بها تحترق و يتصاعد دخانها الى ابعد ما يصل الى النظر . و من عجائب القدر يخرج صوت من الفراغ ليزيد خوفى و يحادثنى بما لم أكن اشتهى ان يحادثنى به احد يوما .
- لماذا قتلتنى ؟
- من أنت و لماذا تقول انى قتلتك ؟ اتبتلى علي سادتك ؟
- أنا الكامن بداخلك منذ ولدت , انا الذى قتلته انت بمجونك و عبثك و خبثك , انا وّجدان .
-من وّجدان ؟ انا لا اعرف شخصا بهذا الاسم و لماذا لا اراك ؟
- انت لا ترانى ولا تعرفنى لانك البصيرة اشاحت بوجهها عنك فلا مكان لها بداخل امثالك من الماجنين .
- و ماذا تريد منى يا وّجدان ؟
- اريدك ان تنظر الى هذه الفتاة , ماذا ترى فيها ؟
- اراها تشبه ابنتى بل تكبر عنها قليلا , و لكن ما لها شاحبة الوجه و رثة الثياب هكذا ؟
- انها ابنتك , و هذه هى الحالة التى ستصل اليها عندما تكبر ان لم تتوقف عن تصرفاتك المشينة هذه .
يظهر شبح اسود طويل القامة جدا له اصابع كمخالب الاسد و عينان حمراويتان كلون الغزال حينما يذبح , ينظر الى وّجدان بغضب و يقول له :
- لن اسمح لك ان تأ خذه منى يا وّجدان فقد تعبت جدا فى تنشئته و تقويته على الرذيلة و لن اسمح لك ان تضيع مجهودى هدرا .
- الامر ليس بخاطرك فهو سيعود معى ولن يتركنى بعد اليوم من أجل زوجته و ابنته , و لن ينصاع اليك ثانيا .
- لن تقدر على حربى يا وّجدان .
- و انا لن اكلف نفسى و احاربك

و نظر وّجدان الى الطفلة الصغيرة و قال لها : " تستطيعين التعامل معه ".
فرفعت الطفلة عينيها نحو الشبح الاسود , وانا اشاهد كل هذا و لا اقوى على فعل شىء فكأنما شل لسانى عن الجديث و كذلك جسمى عن الحركة و سمعتها تقول :
بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5) .
و اتمت قائلة :

قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَظ°هِ النَّاسِ (3)مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)
و فيما هى تتلو هذه الأيات الكريمة احترق الشبح الاسود ناثرا نيرانه فى ارجاء المكان لكنها لم تقدر ان تمسنى و ابنتى و وّجدان بل احرقت جميع الاشجار من حولنا .
و من هول المنظر فقدت وعيى و سقطت على الارض , وجاء شخصا ينكزنى فى جانبى و يزجرنى بشدة و يقول لى :
- ما الذى اتى بك الى هنا ؟
- تبين لى انه ضابط شرطة فجاوبته :" انى كنت جالسا هنا فغلبنى النوم "
- حسنا عد الى بيتك ولا تعود تفعل هذا ثانيا
- حسنا انا أسف .
قلتها له و قمت لأركب سيارتى و اعود الى بيتى لمصالحة زوجتى . لكن العجيب ان كل شىء كان صحيحا فلا اثر لحريق او غيره . و عندما وصلت الى المنزل وجدت زوجتى جالسة امام شاشة التلفاز تستمع الى الاخبار , توجهت اليها لاصالحها لكن عطلنى قليلا عن مصالحتها هذ الخبر الغريب " حريق هائل يلتهم جزءا من الاشجار بجوار بحيرة قارون بالفيوم .

انتهى .
 
أعلى