"جاذبية الكتاب المقدس"

فادى نور

Active member
عضو
إنضم
8 مايو 2011
المشاركات
161
مستوى التفاعل
61
النقاط
28
في بداية القرن العشرين كتب الأديب الروسي أنطون تشيكوف قصة رائعة اسمها "جاذبية الكتاب المقدس" سأقدم لك عزيزي القاريء ما تحتويه من معانٍ هامة...


في قصر أحد الأغنياء اجمتع رجال السياسة والقانون والمال تلبية لدعوة صاحب القصر وكان موضوع إلغاء عقوبة الإعدام هو الموضوع المثار في كل المحافل حينها وكان النقاش على درجة كبيرة من الإنفعال نظراً لإنسانية الفكرة. فالذين يؤيدون إلغاء عقوبة الإعدام والإكتفاء بالسجن مدى الحياة لهم ما يجعلهم متحمسين لها، والذين يتبنون عدم إلغاء العقوبة أيضاً لهم أسبابهم.


وكان صاحب القصر رجل الأعمال الغني من أشد المؤيدين لعقوبة الإعدام وبينما كان النقاش مع رجال القانون ورجال الدولة في هذا الموضوع كان أيضاً هناك محام شاب يتكلم بانفعال شديد عن إلغاء العقوبة، وبينما كان الحديث بين أطراف كثيرة إلا أن حماس الشاب جعل الحديث يدور بين هذا المحامي وصاحب القصر، وبينما صمت الجميع مراقبين نهاية الحديث...


فقال الشاب لصاحب القصر: إن الإعدام عقوبة غير آدمية وماذا حين يظهر دليل لبراءة الذي أعدم بعد موته. ولكن حين يكون مسجوناً يمكن تدارك الخطأ بينما دافع صاحب القصر...


وقال: بل إنها عقوبة رحيمة أكثر من السجن مدى الحياة. فالمسجون يموت كل يوم بينما الذي أعدم يموت مرة واحدة.


وهنا ابتسم المحامي الشاب بسخرية...


وقال له: ما هذا الكلام كيف يمكن أن نقارن بين الموت الحقيقي والآلام النفسية التي يشعر بها المسجون.


ورد صاحب القصر وقال: أيها المحامي إنك تتكلم دون أن تختبر الأمور لأنك لم تسجن من قبل ولكنني واثق أنك إذا سجنت ستتغير وجهة نظرك.


واحتدم النقاش بصورة انفعالية وعندئذ أعلن صاحب القصر عن صفقة ليسكت بها المحامي الشاب ويقدم دليلاً عملياً عن صدق رأيه... فقال أمام الجميع: أيها المحامي إنني أبرم معك اتفاقاً مكتوباً وموثقاً وهو أنني سأتنازل لك عن كل ثروتي وقصري إذا استطعت أن تحتمل السجن خمسة عشر عاماً.


وصمت المحامي الشاب ولمعت عينيه وهو يفكر وقال: أنا موافق.


ووسط همهمة الجميع كتب صاحب القصر الغني الإتفاق الذي بموجبه تذهب ثروة هذا الرجل الغني إلى الشاب بعد خمسة عشر عاماً من السجن في القصر على أن لا يتكلم مع أحد وأن يوفر صاحب القصر للشاب الأكل والشرب والملابس والكتب والأمور الشخصية. وإذا لم يحتمل الشاب السجن يمكنه الخروج في أي وقت ولكنه سيخسر كل شيء ولا يأخذ أي تعويض عن سنوات السجن. ومع محاولات الجميع لإيقاف هذا الإتفاق إلا أن الإثنين كان مصرين على اتفاقهما.


وفعلاً ذهب الشاب إلى حجرة بحديقة القصر ليسجن هناك. ومع أنه دخل سجناً اختيارياً حتى بدأ يتسرب إليه القلق والضيق وانفجرت الكلمات داخل عقله، ما الذي فعلته بنفسي؟؟!! وأي مستقبل ينتظرني؟؟!! وقد أموت هنا قبل أن أحصل على الثروة. وقد أحصل على الثروة ولا أستطيع أن أتمتع بها!!! ما هذا...!!! ولكنه أيضاً لم يستطع أن يرجع في اتفاقه لأجل التحدي الذي قبله أمام كل المجتمع.


ومرت الأيام بصعوبة بالغة. فطلب كتباً ووسائل تعليم ليكسر بها صعوبة الأيام. ومرت السنوات الخمسة الأولى وقد تعلم اللغات والموسيقى وقرأ كل أنواع الأدب ولكنه كل يوم يزداد عصبية وضيقاً وكان يشعر بأنه قد دفن نفسه بارادته. ولكن في العام السادس طلب كتباً في الديانات وقرأ كل ما كتب عن ديانات العالم، فقد كان قد قرأه منذ زمن ولم يكن يستمتع به. ولكنه الآن يريد أن يعيد قراءته. وما أن قرأه حتى تغير سلوك المحامي الشاب. فلقد كان كثير الطلبات من صاحب القصر وكان يعامل الحارس معاملة قاسية ولكن مر عام بعد طلبه الكتاب المقدس ولم يعد يطلب شيئاً آخر.


ومرت الأعوام التالية وهو في هدوء وبلا طلبات حتى مرت السنوات وأصبح صاحب القصر رجل عجوز وها هي السنة التي سيخسر فيها كل شيء وتذهب أمواله إلى المحامي السجين. وتمر شهور السنة وصاحب القصر في غاية القلق والضيق. فطلب من الحارس وسأله عن أحوال السجين...


فقال له: منذ سنوات وهو لا يفعل شيئاً سوى أن يقرأ الكتاب المقدس ويصلي. لقد صار قديساً. ولم يهتم صاحب القصر بكلام الحارس ولكنه كان يسأل عن حقيقة انتقال ثروته إلى المحامي حسب العقد المبرم بينهما.


وها هي الأيام تقترب وظل صاحب القصر لا ينام ولا يعرف كيف سيعيش فيما بعد حتى أنه في إحدى الليالي. أخذ سكيناً ونزل إلى الحديقة ودخل إلى مكان سجن المحامي. ووجده نائماً في هدوء. واقترب ليقتله ولكنه وجد ورقة بجوار سريره فأخذها وما أن قرأها حتى انهار وسقط من الدهشة. لقد كانت الورقة هي التنازل من المحامي عن حقه في ثروة صاحب القصر وفي نهاية التنازل شكر لصاحب القصر على استضافته ومحبته له.


واستيقظ المحامي ووجد صاحب القصر في ذهول فأطلعه على السر الذي حول حياته ... إنها كلمات الله ... فقال له: بعدما قرأت الكتاب المقدس بعمق ووجدت وكأن الله يسكن معي هنا فلم أعد أهتم بثروتك ولا بقصرك، بل لم أعد أشعر أنني في حالة قلق من شيء. ولم أعد أتضايق من شيء فلقد أحسست أنني لا أريد شيئاً ولا أشتهي شيئاً. لقد صرت غنياً فعلاً حين وجدت المسيح...


فاحتضنه صاحب القصر وترجاه أن يقبل مشاركته في القصر. فقبل المحامي أن يسكن معه فقط دون أن يأخذ منه شيئاً...


عزيزي القاريء...


إن العالم هو مكان القلق ومصدر القلق، بينما المسيح هو مصدر العزاء وحيث يوجد المسيح توجد الراحة ألم يقل لنا:



"تعالوا إليَ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم" (مت11: 28)



فكل من عاش واختبر قلق العالم ثم وجد المسيح أو وجده المسيح وعاش معه شعر بالراحة والشبع وبالطمأنينة. هكذا يقول القديس أغسطينوس:


"لقد خلقتنا متجهين إليك يا الله لذلك ستظل نفوسنا قلقة حتى تجد راحتها فيك"

متقول
 

أَمَة

اخدم بفرح
نائب المشرف العام
إنضم
16 يونيو 2008
المشاركات
12,676
مستوى التفاعل
3,591
النقاط
113
الإقامة
في رحم الدنيا، اتطلع الى الخروج منه الى عالم النور
القصة في نهايتها سلطت النور على تأثير الكتاب المقدس على حياة الشاب الداخلية و تغييره إلى إنسان فوق الأرضيات و الماديات، و هذا شيء معهود به منذ أيام الرسل و تلاميذ المسيح الأولين الذين اعتبروا ربح المسيح أغلى من كنوز الأرض، و لا يختلف عليه كل الذين تذوقوا حلاوة المسيح إذ أننا لا نزال نسمع حتى هذه الدقيقة التغيير الذي أحدثه المسيح في تغيير حياة الكثيرين من خلفيات مختلفة كثيرة من الذين عرفوه و تبعوه بالرغم من الإضطهادات الجمة التي عانوا و لا يزالون يعانون منها من قبل عائلاتهم و حكوماتهم.

أريد العودة إلى أصل القصة التي لم يتطرق اليها كاتبها و هو نتيجة الجدل حول قانون عقوبة الإعدام.

أرى، شخصياً، أن تغيير حياة الشاب الذي قبل التحدي هو ربح له في قضيته ضد حكم الإعدام. لأن، على افتراض انه كان مجرماً و تم عليه حكم الإعدام لمات في خطبته و لكن السجن "المؤبد" ‏أعطاه فرصة أن يقرأ الكتاب المقدس وتتغير حياته إلى الأفضل.

لذلك أعجبُ من إله يطلب من اتباعه قتل الذين يرفضونه بدلاً من ان يعطيهم فرصةً لكي يعرفوه في حياتهم الباقية على الأرض. هل هذا إله عاقل؟ لا أقول مُحب لأن أتباعه يعتبرون هذه الصفة إهانه له.
 

خادم البتول

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
1,159
مستوى التفاعل
1,163
النقاط
113
الإقامة
عابـــر سبيــــل
قصة رائعة! العبقري تشيكوف كان "ملك القصة القصيرة" عموما على مستوى العالم، وما يزال!
تسلم إيدك أستاذنا الحبيب على هذا الاختيار البديع.
لذلك أعجبُ من إله يطلب من اتباعه قتل الذين يرفضونه بدلاً من ان يعطيهم فرصةً لكي يعرفوه في حياتهم الباقية على الأرض. هل هذا إله عاقل؟ لا أقول مُحب لأن أتباعه يعتبرون هذه الصفة إهانه له.
الإله لم يطلب شيئا من أتباعه يا أمي! :LOL: ما حدث ببساطة هو أن الإنسان ـ وقد امتلأ قلبه بالشر والطمع والحقد والكراهية والاغتراب عن الآخرين ـ لم يجد حلا لصراعه ومعاناته الداخلية، ولا شرعية تسمح له بالبقاء هكذا أمام نفسه وأمام الناس، أفضل من "الإسقاط" على إله يأمر بذلك! أسقط كل أمراضه وشروره وجنونه على إله في السماء "هو" الذي يطلب منه هذا ويدعو إليه! وهكذا لم يحصل الإنسان فقط على الشرعية والمبرر لسقوطه، بل حتى على المكافأة أيضا والثواب الجزيل بعد الموت! :giggle:
 

لمسة يسوع

Well-known member
إنضم
20 أغسطس 2022
المشاركات
3,871
مستوى التفاعل
1,835
النقاط
113
رائع يا اخي خادم البتول
ربنا يزيدك بركة ويعطيك سؤل قلبك
وبشكر ربنا لأجلك
فيه عبقرية باجابتك وحكمة وخبرة لامتناهية صنعة ربنا الغالي
ممنوعة يا ربنا لأجل حبيبك خادم البتول
 

خادم البتول

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
1,159
مستوى التفاعل
1,163
النقاط
113
الإقامة
عابـــر سبيــــل
رائع يا اخي خادم البتول​
ربنا يزيدك بركة ويعطيك سؤل قلبك​
وبشكر ربنا لأجلك​
فيه عبقرية باجابتك وحكمة وخبرة لامتناهية صنعة ربنا الغالي​
ممنوعة يا ربنا لأجل حبيبك خادم البتول​
آمين يا رب! أشكرك يا أميرتنا الغالية ربنا يباركك. هذه هي فقط عين المحبة التي ترى كل شيء جميلا. 🌷
أجدد أيضا تحيتي لصاحب الموضوع المميز أستاذنا الحبيب فادي وبانتظار مختاراته الحلوة دائما. 🌷
(وأخيرا بمناسبة الموضوعات المميزة، لدي سؤال خارج السياق يبحث عن إجابة: وين يا برنسيس "زوادة اليوم"؟ لماذا حرمتينا من "الزوادة" الجميلة؟ :) هل تعلمين أن "الزوادة" كانت من أفضل وأطبب موضوعاتك، خاصة الحلقات التي جاءت بالعامية الشامية الجميلة؟ يعني الفكرة والعنوان والأسلوب واللغة والإخراج وكل شيء، موضوع في غاية الروعة بكافة تفاصيله! أتمنى أن تعود "الزوادة" مرة أخرى قريبا ونستمتع من جديد بأسلوبك المميز ولمساتك البديعة فيها).
 

أَمَة

اخدم بفرح
نائب المشرف العام
إنضم
16 يونيو 2008
المشاركات
12,676
مستوى التفاعل
3,591
النقاط
113
الإقامة
في رحم الدنيا، اتطلع الى الخروج منه الى عالم النور
الإله لم يطلب شيئا من أتباعه يا أمي! :LOL: ما حدث ببساطة هو أن الإنسان ـ وقد امتلأ قلبه بالشر والطمع والحقد والكراهية والاغتراب عن الآخرين ـ لم يجد حلا لصراعه ومعاناته الداخلية، ولا شرعية تسمح له بالبقاء هكذا أمام نفسه وأمام الناس، أفضل من "الإسقاط" على إله يأمر بذلك! أسقط كل أمراضه وشروره وجنونه على إله في السماء "هو" الذي يطلب منه هذا ويدعو إليه! وهكذا لم يحصل الإنسان فقط على الشرعية والمبرر لسقوطه، بل حتى على المكافأة أيضا والثواب الجزيل بعد الموت! :giggle:
لست متأكدة إذا قصدتَ توجيه كلامك اليَّ شخصياً و كأني اؤمن بوجود هكذا اله.

كان بوسعي ان انهي تعليقي على القصة الجميلة من غير إضافة الفقرة الأخيرة التي اخترتَ أن تعلق عليها. و لكن شئتُ إضافتها بكامل تقديري لردة فعلها لكي أبين للأحبة المنخدعين، من خلال القصة، الفرق بين إلههم الذي يأمر أتباعه بقتل الذين يرفضونه و يرفضون رسوله (( قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [ سورة التوبة: 29]))
و الإله الحقيقي الذي نعرفه، و "الذي يريد أن جميع الناس يخلصون، وإلى معرفة الحق يقبلون." (1 تي 2: 4).
أرجو ان تكون قد وصلت الفكرة.
 

خادم البتول

عضو نشيط
عضو نشيط
إنضم
13 أبريل 2012
المشاركات
1,159
مستوى التفاعل
1,163
النقاط
113
الإقامة
عابـــر سبيــــل
لست متأكدة إذا قصدتَ توجيه كلامك اليَّ شخصياً و كأني اؤمن بوجود هكذا اله.
لا يا أمي الغالية طبعا، ليس هذا بالطبع ما أقصد أبدا. أنت تكتبين كأنك تؤمنين بوجود هكذا إله، وأنا أرد كأنني أصحح هذه المعلومة. هذا كل ما بالأمر. أعتذر على كل حال عن أي سوء بالفهم ربما سببته كلماتي دون قصد.
كان بوسعي ان انهي تعليقي على القصة الجميلة من غير إضافة الفقرة الأخيرة التي اخترتَ أن تعلق عليها.
اخترت التعليق خاصة عليها لأنني أتفق بالطبع ـ تماما وكليا ـ مع بقية الرسالة، وأعطيتك حتى التقييم وقتها على الرسالة ككل.
ولكن شئتُ إضافتها بكامل تقديري لردة فعلها لكي أبين للأحبة المنخدعين، من خلال القصة، الفرق بين إلههم الذي يأمر أتباعه بقتل الذين يرفضونه و يرفضون رسوله (( قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ [ سورة التوبة
والإله الحقيقي الذي نعرفه، و"الذي يريد أن جميع الناس يخلصون، وإلى معرفة الحق يقبلون." (1 تي 2: 4).
أرجو ان تكون قد وصلت الفكرة.
وصلت بالطبع تماما. وإن كنت عن نفسي شخصيا لا أميل لكل ما قد يوحي بالمقارنة، لأن المقارنة لا تستقيم على الإطلاق. المقارنة ربما تنطوي حتى على الإهانة، كأن نقارن الملك مثلا بواحد من العامة! في الاجتماع التأسيسي لهذه الديانة، ما يمكن أن نعتبره "اجتماعا تأسيسيا"، نقرأ من نص طويل بالتفاسير:
... وبعثوا رجلا منهم يقال له: "المطلب"، قالوا: استأذن لنا على أبي طالب، فأتى أبا طالب فقال: هؤلاء مشيخة قومك يريدون الدخول عليك، فأذن لهم عليه، فدخلوا عليه فقالوا: يا أبا طالب، أنت كبيرنا وسيدنا، وإن محمدا قد آذانا وآذى آلهتنا، فنحب أن تدعوه فتنهاه عن ذكر آلهتنا، ولندعه وإلهه. فدعاه، فجاء النبي (ص)، فقال له أبو طالب: هؤلاء قومك وبنو عمك. قال رسول الله (ص): "ما تريدون؟" قالوا: نريد أن تدعنا وآلهتنا، ولندعك وإلهك. قال له أبو طالب: قد أنصفك قومك، فاقبل منهم، فقال النبي (ص): "أرأيتم إن أعطيتكم هذا، هل أنتم معطيّ كلمة إن تكلمتم بها ملكتم بها العرب، ودانت لكم بها العجم، وأدت لكم الخراج (وفي رواية الجزية)؟" قال أبو جهل: وأبيك لنعطينكها وعشرة أمثالها قال: فما هي؟....
نحن إذاً ـ وبكل هدوء وموضوعية وحياد ـ أمام "مشروع سياسي" ببساطة! إذا كانت هذه هي الدوافع الأولى، على لسان القائد المؤسِّس نفسه، فنحن أمام مشروع سياسي وسلطوي كبير! وبالطبع فأن من حق أي إنسان أو قبيلة أو شعب أن يكون له مشروعه السياسي وحلمه التوسعي وربما حتى الاستعماري الإمبراطوري أيضا. ولكن ما علاقة هذا حقا بالله رب هذا الوجود، أو باللوغوس العقل الإلهيّ الخلّاق الذي يقوم به الكون ويتناسق معا، أو بالإنسان وروح الإنسان وارتقاء الإنسان، أو بالخير والشر وكيف تعصرنا الحياة بينهما، أو بعلّة هذا الوجود ولماذا خلقنا الله ابتداء..... أي مقارنة يمكن حقا عقدها يا أمي، ويا كل الأحباء؟!
 
أعلى