إتخذنا مقعدين تتوسطهما (ترابيزة) مستديره في ركن منزوي بكافيه مشهور، وجاء (الويتر) يحمل (منيو) شيك ذكرني بألبومات صور الزفاف، إخترت انا قهوة (إسبيرسو) و إختارت هي عصير مانجو (بالرغم من أن السعر مكتوب بالانجليزيه!).
كان (الكافيه) يعج بالبشرمن جنسيات مختلفه، وبأشكال مختلفة، يتوسطه مساحة مستديرة منخفضة، تترامى على نقاط متفرقة منها (شلالات) مصنوعه بحرفيه شديده، تنساب منها المياه في نعومة ذكرتني بمشهد في فيلم من ذوي اللونين، لا أتذكر إسمه، ولا أتذكر البطلة، ولا أتذكر القصة !! .. حتماً كان به بطل، ولكن المشهد الذي أقصده (!) كان به البطلة فقط .. تغني.
المهم .. كنت ارتدي (تي شيرت) أحمر داكن و بنطلون جينز أزرق، وكانت هي كذلك .. (بناتي) طبعاً ! .. وإبتسمت هي و بدأت بالحديث:
- هل تعلم! طارق كان لا يُحب أن يرتدي ملابس تشبه ملابسي من حيث اللون أو ما شابه.
- !! (بالحواجب).
- نعم ! .. انتم هكذا أيها المصريون
- إذا, إن كنا هكذا, لماذا أنا إندهشت !
- لأنك لست كل المصريين .. أنني اتحدث عن الغالبيه منكم, بالرغم أنكم, بشكل أو بآخر، تتفقون في أغلب تلك الأمور العجيبة!.
- ربما يكون معك الحق, فمثلاً (صديقك) هذا يتفق معي في أمرين, هو مصري, وإسمه طارق !!.
إبتسمت, وجاءت (المشاريب), و تناولت هي (الشاليموه) و غمسته في كوب العصير الإسطوري (الحجم .. و السعر), وجلست ترشف منه برقة، زادتها، نمنمت شفاهها، وطول رموشها، و زرقة عيناها الواسعتان، ولم أستطع أنا أن أقاوم الرغبة الملحة في تعكير صفو هذا الجمال الرقيق، البعيد كل البعد عن (تكبيير .. أو تجميل .. أو تصغير .. ) كله طبيعي! فأخذت رشفة طويلة من قهوتي (التي كانت ُمفضّلة لدي)، وإعتدلت كمن يهم بإتخاذ قرار بإعلان الحرب على أمريكا و الإتحاد الأوربي وقولت :
- ألا تتفقين معي أن هناك هوة سحيقة بين ثقافتك و ثقافته؟.
- لا أشعر بذلك، بل أنت أيضاً قد تتفق معي أن علاقتك بالأجانب هنا قد تكون غيّرت من ثقافتك و مبادئك التي نشأت عليها.
- نسبياً .. فربما الآن أكون أكثر دراية في فهم كيف لفتاة أن تعيش مع شاب دون زواج لعدة سنوات !
- أرأيت ! .. هذا الامر مرفوض تماماً في الدول العربية .
- حسناً .. هناك فرق بين كوني أفهم الاسباب.. وبين أنني أوافق عليها !
- وستظل هذه مشكلتكم إلى الأبد .. إسمعني .. كم عمرك الآن؟
- 32 سنه !
- هل إختبرت علاقة جنسية من قبل؟
- يالهوي! .. إطلاقاً.
- هل تتمنى؟
- يا خبر! .. بالتأكيد .. أحم .. آأقصد في إطار الزواج بالطبع
- أنتم تعانون من كبت جنسي رهيب يسيطر على معظم تفكيركم إن لم يكن كله، كلكم تتحدثون عن الفضيلة و الإحتشام و الشرع، وما ان تُبصر عيناكم فتاة جميلة، حتى يسيل لعابكم و تتحرك غرائزكم و أشياء أخرى ( ... ).
- إحترسي .. لقد سقطتي في التعميم
- أنت لست قديساً
- ولست منحرفاً
- كيف تكون غرائزك إنحراف؟!
- الإنحراف هو تغيير المسار .. وعندما تتحرك غرائزي وأشياء أخرى ( قولتها بإبتسامه خبيثه ) هذا يسمى إنحراف عن مسارها الطبيعي الذي خُلقت من أجله.
- ألا ترى أنه من الصائب أن يعيش إثنان سوياً بعض الوقت يختبرا فيه كيف ستكون حياتهم بعد الزواج.
- ما الذي يهمك في شريك حياتك؟ شخصيته و تفكيره و حبه لك .. ام كيف ينام و كيف يأكل وهل يغسل أسنانه قبل و بعد .. أيهما أهم ؟؟!
- انت تمزح أليس كذلك؟؟؟! .. هناك أمور أخرى كثيرة.
- لا تقولي الجنس.
- الامر لا يتوقف على الجنس فقط بالرغم من انه حاجه مُلِحّه كالماء و الطعام .. إفهمني .. هذه حياة سنحياها سوياً، ينبغي لنا أن نختبر كل أبعادها بكل دقائقها، أنا سأحمل إسم رجل وأريد أن أفعل ذلك إلى الأبد، فلست فتاة عابثة تجري وراء شهواتها فقط، اليوم مع هذا و غداً مع ذاك .. كلا .. تفكيرنا ليس كذلك، عندما نُحب .. نُخلص بصدق .. ونتطلع إلى حياة مستقرة دائمة .. أريد أن أرى من سيكون شريك حياتي هذا في كل وقت .. وفي كل حدث .. أريد أن أراه في غضبه .. وقسوته .. وحنانه .. كل شيء كل شيء.
- ولكنه مُسلم !!
- (بضحكة هادئة زادت الموقف إشتعالاً) هل إقتنعت الآن و إنتقلت لنقطة أخرى؟
- (أنا .. بإبتسامة ماكرة) كلا .. ولكني فَضّلت الإنتقال للأهم
- حسناً .. هو مُسلم .. هذه حقيقة .. و أنا مسيحية .. إنتهى الأمر
- حقاً! .. تقصدين إنتهى امرك!
- لماذا! .. أنا لن أتخلى عن مسيحيتي .. وقد إشترطت عليه ذلك.
- أية شراكة للنور مع الظُلمة.
- أنا كاثوليكية .. لا أنكر ان علاقتي بالعقيدة بدأت منذ سنتان، كنت قبلها مُلحدة، ولكن هذا لا يجعلني أتخلى عن عقيدتي التي إقتنعت بها تماماً.
- انت بالفعل لن تتخلي عن عقيدتك .. بل تتخلين عن مسيحك.
- هالو الله
- كنت أتوقع منك هذا الرد .. كلا .. لم أتخذ موضع الله .. ولكن كيف يمكنني أن أصدقك عنما تقولين ان الشمس لم تشرق اليوم في حين أن أشعتها تلهب قفاي؟!! .. هناك أمور لا تقبل الجدل أو التأويل .. كمثل أن الشيطان مكانه الجحيم لا محالة، لا يمكن أن يأتيني راهب مبتسم ذو لحية بيضاء ووجهه مُشرق و هو يحتضن الكتاب المقدس، ويقول لي ان الشيطان سيدخل الفردوس و أصفق انا وأصرخ هللويا !! بل سأستلقي على قفاي منفجراً في الضحك! .. إسمعي .. الزواج ليس عقد يُحرر في محكمة أو عند محام أو حتى في كنيسة .. بل هو إتحاد حقيقي بين إثنين يتفقان في الثوابت .. ويخرجا للبشرية أبناء و بنات يكونوا زريه صالحة لله، تحمل إسمه، وتبشر به في سلوكها، هل يمكنك أن تُخبريني كيف سيكونوا أولادكم؟ مسلمين أم مسيحيين؟ ماذا ستعلميهم؟ ماذا ستخبريهم عن المسيح؟ عن الكتاب المقدس (المُحرف)؟ أعتقد انك تعلمين ان غالبية المسلمين يؤمنون بأن كتابنا مُحرف .. أنت بالنسبة له كافره .. لا محالة أنت كافره في نظر عقيدته .. لو لم يؤمن بذلك لن يكون مسلم، أنت بالنسبة له جسم جميل .. جنسية أجنبيه .. عملة صعبه .. وإن فُرض أنه ليس من هؤلاء أرباع الرجال (لا يستحقوا وصف أنصاف الرجال) ، فسينظر إليك على الأقل على انك طريقه للعبور إلى الجنة .. وإن لم يكن كذلك أيضاً .. فسيكون مُغيباً .. انتي و هو!
- هذا رأيك
- نعم .. هذا رأيي .. أتعلمين! .. إكتشفت شيئاً جديداً في علاقتي بالاجانب .. الاخلاق أمر نسبي .. وكذلك الإيمان
لي عودة مع بنت الهبله دي تاني !
إبتسمت هي وإنحنت على (الشاليموه) الذي يخترق كوب العصير (الأسطوري) وهي ترمقني بنظرة فاحصة وإبتسامة خبيثة تزين شفتيها، ربما لو لم تكن تعرفني هي جيداً لظنت على الفور أنني مغرمٌ بها، ولذا اعتقد أن الامر كان بالنسبة لها تحدي!، تناولت فنجان القهوة وأنا أرمقها بدوري محاولاً سبر أغوارها، لا أعلم لماذا إختارتني أنا بالذات لتتحدث معي في أمور شخصيه كهذه، ربما لرفضي لها أن تُقبّلُني (في الخد و النعمة) كعادة (أهل الفرنجه) عندما يودون قول: هاي ( أه أنا مُعقد ورجعي! ) .. أو ربما لزمالتنا في العمل أولإعجابها بذكائي الفذ الذي ينضح على قسمات وجهي البشعه، أحاط مجلسنا بعض الصمت ذكّرني بذاك الذي يسبق العاصفة .. فكسرته هي قبل العاصفة :
- ألا ترى أنك قاسٍ في حكمك عليه؟
- وعليك .. ولكنها الحقيقة
- أية حقيقة؟!
- حقيقة قالها ممثل مشهور لدينا إسمه "هاني رمزي"
- وماذا قال؟!
- قال أنه "لا يمكن أن يختلط الزيت بالماء"
- ولكننا من (مادة) واحدة .. إذاً يمكننا الإختلاط (بإبتسامة الضربة القاضية)
- هل يمكنك أن تتزوجيني؟
- أنت صديق فقط
- بالرغم من اننا من (مادة) واحدة!
- إذاً سأتزوج 2 مليار على الأقل من الرجال
- أفهم ماذا تقصدين .. حسناً .. إن كانت المشاعر تستطيع أن تتحكم في قرار مصيري كهذا .. فما بالك عندما يتعلق الامر بخالق هذه المشاعر!
- لماذا تفترض أنني سأتخلى عن عقيدتي!
- لأن هذا ما سيحدث
- كيف تُجزم!!
- الأمر برمته يقوم على باطل.
- من وجهة نظرك.
- من وجهة نظر الكتاب المُقدس.
- لا تحدثني بالكتاب المقدس، فما لا تستطيع إقناعي به بالعقل و المنطق، لن تستطيع فعله بالكتاب المقدس الذي يحوي أمور تفوق العقل ولا تخضع لمنطق.
- أخطأتي سيدتي، بل أن تلك الأمور التي تفوق العقل ولا تخضع لمنطق، هي في ذاتها منطقية و عقلانيه عندما تتعلق بالله، فمن المنطقي و العقلاني أن ما يصدر ممن هو فوق العقل و المنطق، يكون أمر غير منطقي ولا يستسيغه العقل
- ألم أقل أنك فيلسوف
- طب وبعدين (بنظرة ذات مغزى)
كانت من المرات النادره في حياتي التي أسمع فيها ضحكة بهذه الرقة والعذوبة، جعلتني ألتفت يُمنةً ويسره، وقد تلون وجهي بألوان لوحة ليوناردو دافنشي قبل أن تظهر معالمها، ما كان يثير إعجابي في هذه الفتاة هو بساطتها في تقبّل أية أمور، أية أمور بلا استثناء، فتشعرك في مناقشتك معها انك امام خرير مياه عذبة لا يوجد به شائبة تُذكر.
- طارق! .. هل أحببت فتاة مسلمة من قبل؟
- !! (بنفس الحواجب) كلا بالطبع .. ولكن هي فعلت.
- أحبتك؟
- نعم.
- صارحتك بذلك؟
- نعم.
- وانت؟
- قلت لها: انتِ تعلمين أننا مختلفين في أهم شيء في حياتنا، ألا وهو العقيدة، لذا .. هذا الحب محكوم عليه بالموت السريع.
- (كادت تقتلني) ماذا؟!!!
- ماذا تعتقدي من شخص عقلاني مثلي أن يقول؟
- إذاً أنت عقل بلا مشاعر.
- بل مشاعر متعقله.
- Fuc… للفلسفة!
- قد تندهشي لو قلت لك انني أرى نفسي من أكثر الأشخاص رومانسية على الأرض، و أشعر انني أمتلك حنان يكفي الهند و الصين مجتمعين، ولكن لا أحب أن أدخل في صراعات متوجه بالهزيمة الساحقة، لأنني أضع امام عيني دائماً عقيدتي .. وأعلم علم اليقين أنها ترفض تماماً –أي عقيدتي- أن أعطي جسدي و روحي لغير المؤمن، لأن الزواج في المسيحية هو سر مُقدس، من خلاله نشارك الله في الخلق! .. نعم! .. نحن نخلق مع الله في الزواج!.
ثم إعتدلت، وتابعت:
- إصغي إلىّ .. لا يمكن ان نضع مصيرنا الابدي في قبضة مشاعر قد تتغير اليوم او غداً، ففي تعريف علم النفس للعواطف قال انها كتلة من الإنفعالات، هي متغيره، متذبذبه، ليست مستقره، فما نحبه اليوم قد نكرهه غداً، او على الأقل تتغير وجهة نظرنا عنه.
- انت لا تعرف "طارق" إلا من خلال كلامي عنه معك، هو إنسان مثقف جداً، وجدت فيه الزوج الذي يستطيع إحتوائي، انت لا تعلم ماذا فعل لإخوته و أسرته كي ينتشلهم من الفقر و الألم.
- كل ما تقولينه جيد جداً، ولكنه ليس مبرر للزواج! .. بل إسمحي لي أن أكشف لك جانب من شخصيته ..
إنحنيت للامام حتى شعرت هي بأنفاسي ترتطم بوجهها، و إرتسمت على وجهي نفس تعبيرات قرار الحرب على أمريكا و الاتحاد الأوربي وباغتها بسؤالي التقليدي الذي يدور في عقول أغلب شباب مصر عندما يلتقون بأجنبيه:
- هل أنت عذراء؟
إنطلقت تلك الضحكة الرقيقة ولكن بأكثر عذوبة، أشعرتني انها كانت تتوقع هذا السؤال، بل و تنتظره!
- كلا .. لست عذراء.
- الله! (بفرح) .. إحم .. قصدي حسناً (إبتسامة الثعلب المكار) .. لن أسألك كم مره مارستي (الحب) مع أخرين، و بالطبع حتماً فعلتي ذلك مع "طارق" ولكن السؤال الذي يشغل ذهني الآن: كيف إستطاع هو تقّبُل هذا الأمر برغم خلفيته (العربيه) التي تعلمين تعقيداتها جيداً في هذا الشأن؟!.
- ببساطة لأنه هو أيضاً كان يعرف فتيات قبلي!
- كلا .. ليس بهذه البساطة .. فأنا على سبيل المثال، لو فعلت ذلك، لن أقبله على الفتاة التي سأرتبط بها!
- هذا ليس عدل!
- نعم! .. ولكنها ثقافتنا العفنة!
- هو ليس أنت!
- حسناً .. إن كان كذلك .. فلماذا يمنعك من الجلوس معنا في أي مكان عام؟ .. ولماذا يدقق في كل تصرفاتك مع أصدقائك المصريين تحديداً كما اخبرتيني؟!
- لا تنسى انه رجل شرقي.
- وشرقيته أيضاً تمنعه من تقّبُل فكرة ان يتزوج فتاة ليست عذراء!
- وما السبب في رأيك؟
- أنتِ بالنسبة له "باسبور أوربي" فقط .. فتضييقه عليك في جلوسك و خروجك مع مصريين، تحركه طبيعته الشرقيه و عدم ثقته فيك، ولا يضيره شيء في ان يعقد قرآنه عليك، او حتى بزواج مدني، او عرفي، فما أن يأخذ الجنسية حتى يسألك من أنتِ!
- وإن تأكدت أنني لست كذلك بالنسبة له، وأنه يحبني حقيقتاً؟
- يتبقى أمر العقيدة .. وهو الأهم من وجهة نظري .. أنتي تعلمين بالطبع ان زميلتك (أجنشكا) ستتزوج من (جرجس) قريباً .. أنا لا أجد غضاضة في تقّبُل هذا الأمر! ..بالرغم من انها مثلك ... ليست عذراء.
- هذا هو بيت القصيد .. انت ترفض الزواج بغير المسيحي، وأنا أوافق، و سيبقى هذا الإختلاف إلى الأبد، لأننا نختلف في أفكارنا و ثقافتنا مهما حيينا.
- هنا الامر لا يتعلق بثقافة .. بل بالإيمان!
- هل سأدخل النار؟
- لا أعلم!
- (صرخت) What the fuc.. are you doing?!!
- (بالعربي) إحترمي نفسك بقى علشان ما أقلش أدبي عليكي
- ماذا؟
- نعم .. أنا لا اعلم هل ستدخلي الفردوس أم النار؟ هذا يوجد في علم الله فقط! .. لا يستطيع أحد أن يُجزم بشيء في هذا الأمر، ولكن هناك أمور تكون عن جهل او بسبب ثقافات خاطئة، ولا يمكنني أن أعطي رأياً فيها، ولكن الله لا يترك أحد دون إرشاد و توجيه له، و أعتقد ان هذا ما يفعله معكِ الآن، فربما إستخدمني انا لفعل ذلك، نحن نُحاسب بقدر معرفتنا، فكما قال بولس الرسول أنه بالناموس عرفنا الخطية، فلو لم يكن هناك ناموس، لما عرفنا ان هذا أو ذاك خطية تستوجب الدينونه.
- طارق .. انا سأتزوجه.
- حسناً .. هنيئاً لك
ليس من السهل أن تُقنع إنسان شب عوده على أمور صارت جزء من تكوينه و طبيعته، بخطأها، خصوصاً عندما تكون العقيدة من ثانويات إهتماماته، إن لم تكن في مؤخرتها (مؤخرة إهتماماته علشان محدش يتفذلك)، فالحقيقة أنني لم أكن على يقين بقدرتي على إقناعها، ليس لضعف حجتي، ولكن لمعرفتي العميقه بأفكارهم و ثقافتهم، وما علمته بعدها أنها سافرت له إلى باريس و قضيا وقتاً (طيباً) ثم إفترقت عنه!.
الأمر مُعقد، فأنت تجد نفسك بين شقي الرحى من وجهة نظرهم، بين الحرية التي أعطاها الله للإنسان، وبين ضوابط هذه الحرية التي تمنع التمتع بلذات مُحرمه تميل إليها الطبيعة الإنسانيه الساقطة، أنا لست ضد الإرتباط بفتاة ليست عذراء إن توفرت عدة شروط، من أهمها اليقين التام بانها ليست فتاة ليل، وانها قدمت توبه صادقة بالفعل، وسيكون الأمر صعباً أيضاً، لاأحسب نفسي قادراً عليه، ولكني لا امانع إن أقدم أحد غيري على هذا، وليس لدي أدنى مانع شخصياً من الإرتباط بفتاة أُغتصِبت، ولكني ضد الإرتباط بفتاة (أو شاب) يختلف عني في العقيدة!، مهما كانت عبقرية، ورجولة، و شهامة، ووسامة، و ذكاء، و صدق، هذا الشاب!! لأنني بذلك أكون قد سلمت له جسدي .. وروحي.
كان (الكافيه) يعج بالبشرمن جنسيات مختلفه، وبأشكال مختلفة، يتوسطه مساحة مستديرة منخفضة، تترامى على نقاط متفرقة منها (شلالات) مصنوعه بحرفيه شديده، تنساب منها المياه في نعومة ذكرتني بمشهد في فيلم من ذوي اللونين، لا أتذكر إسمه، ولا أتذكر البطلة، ولا أتذكر القصة !! .. حتماً كان به بطل، ولكن المشهد الذي أقصده (!) كان به البطلة فقط .. تغني.
المهم .. كنت ارتدي (تي شيرت) أحمر داكن و بنطلون جينز أزرق، وكانت هي كذلك .. (بناتي) طبعاً ! .. وإبتسمت هي و بدأت بالحديث:
- هل تعلم! طارق كان لا يُحب أن يرتدي ملابس تشبه ملابسي من حيث اللون أو ما شابه.
- !! (بالحواجب).
- نعم ! .. انتم هكذا أيها المصريون
- إذا, إن كنا هكذا, لماذا أنا إندهشت !
- لأنك لست كل المصريين .. أنني اتحدث عن الغالبيه منكم, بالرغم أنكم, بشكل أو بآخر، تتفقون في أغلب تلك الأمور العجيبة!.
- ربما يكون معك الحق, فمثلاً (صديقك) هذا يتفق معي في أمرين, هو مصري, وإسمه طارق !!.
إبتسمت, وجاءت (المشاريب), و تناولت هي (الشاليموه) و غمسته في كوب العصير الإسطوري (الحجم .. و السعر), وجلست ترشف منه برقة، زادتها، نمنمت شفاهها، وطول رموشها، و زرقة عيناها الواسعتان، ولم أستطع أنا أن أقاوم الرغبة الملحة في تعكير صفو هذا الجمال الرقيق، البعيد كل البعد عن (تكبيير .. أو تجميل .. أو تصغير .. ) كله طبيعي! فأخذت رشفة طويلة من قهوتي (التي كانت ُمفضّلة لدي)، وإعتدلت كمن يهم بإتخاذ قرار بإعلان الحرب على أمريكا و الإتحاد الأوربي وقولت :
- ألا تتفقين معي أن هناك هوة سحيقة بين ثقافتك و ثقافته؟.
- لا أشعر بذلك، بل أنت أيضاً قد تتفق معي أن علاقتك بالأجانب هنا قد تكون غيّرت من ثقافتك و مبادئك التي نشأت عليها.
- نسبياً .. فربما الآن أكون أكثر دراية في فهم كيف لفتاة أن تعيش مع شاب دون زواج لعدة سنوات !
- أرأيت ! .. هذا الامر مرفوض تماماً في الدول العربية .
- حسناً .. هناك فرق بين كوني أفهم الاسباب.. وبين أنني أوافق عليها !
- وستظل هذه مشكلتكم إلى الأبد .. إسمعني .. كم عمرك الآن؟
- 32 سنه !
- هل إختبرت علاقة جنسية من قبل؟
- يالهوي! .. إطلاقاً.
- هل تتمنى؟
- يا خبر! .. بالتأكيد .. أحم .. آأقصد في إطار الزواج بالطبع
- أنتم تعانون من كبت جنسي رهيب يسيطر على معظم تفكيركم إن لم يكن كله، كلكم تتحدثون عن الفضيلة و الإحتشام و الشرع، وما ان تُبصر عيناكم فتاة جميلة، حتى يسيل لعابكم و تتحرك غرائزكم و أشياء أخرى ( ... ).
- إحترسي .. لقد سقطتي في التعميم
- أنت لست قديساً
- ولست منحرفاً
- كيف تكون غرائزك إنحراف؟!
- الإنحراف هو تغيير المسار .. وعندما تتحرك غرائزي وأشياء أخرى ( قولتها بإبتسامه خبيثه ) هذا يسمى إنحراف عن مسارها الطبيعي الذي خُلقت من أجله.
- ألا ترى أنه من الصائب أن يعيش إثنان سوياً بعض الوقت يختبرا فيه كيف ستكون حياتهم بعد الزواج.
- ما الذي يهمك في شريك حياتك؟ شخصيته و تفكيره و حبه لك .. ام كيف ينام و كيف يأكل وهل يغسل أسنانه قبل و بعد .. أيهما أهم ؟؟!
- انت تمزح أليس كذلك؟؟؟! .. هناك أمور أخرى كثيرة.
- لا تقولي الجنس.
- الامر لا يتوقف على الجنس فقط بالرغم من انه حاجه مُلِحّه كالماء و الطعام .. إفهمني .. هذه حياة سنحياها سوياً، ينبغي لنا أن نختبر كل أبعادها بكل دقائقها، أنا سأحمل إسم رجل وأريد أن أفعل ذلك إلى الأبد، فلست فتاة عابثة تجري وراء شهواتها فقط، اليوم مع هذا و غداً مع ذاك .. كلا .. تفكيرنا ليس كذلك، عندما نُحب .. نُخلص بصدق .. ونتطلع إلى حياة مستقرة دائمة .. أريد أن أرى من سيكون شريك حياتي هذا في كل وقت .. وفي كل حدث .. أريد أن أراه في غضبه .. وقسوته .. وحنانه .. كل شيء كل شيء.
- ولكنه مُسلم !!
- (بضحكة هادئة زادت الموقف إشتعالاً) هل إقتنعت الآن و إنتقلت لنقطة أخرى؟
- (أنا .. بإبتسامة ماكرة) كلا .. ولكني فَضّلت الإنتقال للأهم
- حسناً .. هو مُسلم .. هذه حقيقة .. و أنا مسيحية .. إنتهى الأمر
- حقاً! .. تقصدين إنتهى امرك!
- لماذا! .. أنا لن أتخلى عن مسيحيتي .. وقد إشترطت عليه ذلك.
- أية شراكة للنور مع الظُلمة.
- أنا كاثوليكية .. لا أنكر ان علاقتي بالعقيدة بدأت منذ سنتان، كنت قبلها مُلحدة، ولكن هذا لا يجعلني أتخلى عن عقيدتي التي إقتنعت بها تماماً.
- انت بالفعل لن تتخلي عن عقيدتك .. بل تتخلين عن مسيحك.
- هالو الله
- كنت أتوقع منك هذا الرد .. كلا .. لم أتخذ موضع الله .. ولكن كيف يمكنني أن أصدقك عنما تقولين ان الشمس لم تشرق اليوم في حين أن أشعتها تلهب قفاي؟!! .. هناك أمور لا تقبل الجدل أو التأويل .. كمثل أن الشيطان مكانه الجحيم لا محالة، لا يمكن أن يأتيني راهب مبتسم ذو لحية بيضاء ووجهه مُشرق و هو يحتضن الكتاب المقدس، ويقول لي ان الشيطان سيدخل الفردوس و أصفق انا وأصرخ هللويا !! بل سأستلقي على قفاي منفجراً في الضحك! .. إسمعي .. الزواج ليس عقد يُحرر في محكمة أو عند محام أو حتى في كنيسة .. بل هو إتحاد حقيقي بين إثنين يتفقان في الثوابت .. ويخرجا للبشرية أبناء و بنات يكونوا زريه صالحة لله، تحمل إسمه، وتبشر به في سلوكها، هل يمكنك أن تُخبريني كيف سيكونوا أولادكم؟ مسلمين أم مسيحيين؟ ماذا ستعلميهم؟ ماذا ستخبريهم عن المسيح؟ عن الكتاب المقدس (المُحرف)؟ أعتقد انك تعلمين ان غالبية المسلمين يؤمنون بأن كتابنا مُحرف .. أنت بالنسبة له كافره .. لا محالة أنت كافره في نظر عقيدته .. لو لم يؤمن بذلك لن يكون مسلم، أنت بالنسبة له جسم جميل .. جنسية أجنبيه .. عملة صعبه .. وإن فُرض أنه ليس من هؤلاء أرباع الرجال (لا يستحقوا وصف أنصاف الرجال) ، فسينظر إليك على الأقل على انك طريقه للعبور إلى الجنة .. وإن لم يكن كذلك أيضاً .. فسيكون مُغيباً .. انتي و هو!
- هذا رأيك
- نعم .. هذا رأيي .. أتعلمين! .. إكتشفت شيئاً جديداً في علاقتي بالاجانب .. الاخلاق أمر نسبي .. وكذلك الإيمان
لي عودة مع بنت الهبله دي تاني !
إبتسمت هي وإنحنت على (الشاليموه) الذي يخترق كوب العصير (الأسطوري) وهي ترمقني بنظرة فاحصة وإبتسامة خبيثة تزين شفتيها، ربما لو لم تكن تعرفني هي جيداً لظنت على الفور أنني مغرمٌ بها، ولذا اعتقد أن الامر كان بالنسبة لها تحدي!، تناولت فنجان القهوة وأنا أرمقها بدوري محاولاً سبر أغوارها، لا أعلم لماذا إختارتني أنا بالذات لتتحدث معي في أمور شخصيه كهذه، ربما لرفضي لها أن تُقبّلُني (في الخد و النعمة) كعادة (أهل الفرنجه) عندما يودون قول: هاي ( أه أنا مُعقد ورجعي! ) .. أو ربما لزمالتنا في العمل أولإعجابها بذكائي الفذ الذي ينضح على قسمات وجهي البشعه، أحاط مجلسنا بعض الصمت ذكّرني بذاك الذي يسبق العاصفة .. فكسرته هي قبل العاصفة :
- ألا ترى أنك قاسٍ في حكمك عليه؟
- وعليك .. ولكنها الحقيقة
- أية حقيقة؟!
- حقيقة قالها ممثل مشهور لدينا إسمه "هاني رمزي"
- وماذا قال؟!
- قال أنه "لا يمكن أن يختلط الزيت بالماء"
- ولكننا من (مادة) واحدة .. إذاً يمكننا الإختلاط (بإبتسامة الضربة القاضية)
- هل يمكنك أن تتزوجيني؟
- أنت صديق فقط
- بالرغم من اننا من (مادة) واحدة!
- إذاً سأتزوج 2 مليار على الأقل من الرجال
- أفهم ماذا تقصدين .. حسناً .. إن كانت المشاعر تستطيع أن تتحكم في قرار مصيري كهذا .. فما بالك عندما يتعلق الامر بخالق هذه المشاعر!
- لماذا تفترض أنني سأتخلى عن عقيدتي!
- لأن هذا ما سيحدث
- كيف تُجزم!!
- الأمر برمته يقوم على باطل.
- من وجهة نظرك.
- من وجهة نظر الكتاب المُقدس.
- لا تحدثني بالكتاب المقدس، فما لا تستطيع إقناعي به بالعقل و المنطق، لن تستطيع فعله بالكتاب المقدس الذي يحوي أمور تفوق العقل ولا تخضع لمنطق.
- أخطأتي سيدتي، بل أن تلك الأمور التي تفوق العقل ولا تخضع لمنطق، هي في ذاتها منطقية و عقلانيه عندما تتعلق بالله، فمن المنطقي و العقلاني أن ما يصدر ممن هو فوق العقل و المنطق، يكون أمر غير منطقي ولا يستسيغه العقل
- ألم أقل أنك فيلسوف
- طب وبعدين (بنظرة ذات مغزى)
كانت من المرات النادره في حياتي التي أسمع فيها ضحكة بهذه الرقة والعذوبة، جعلتني ألتفت يُمنةً ويسره، وقد تلون وجهي بألوان لوحة ليوناردو دافنشي قبل أن تظهر معالمها، ما كان يثير إعجابي في هذه الفتاة هو بساطتها في تقبّل أية أمور، أية أمور بلا استثناء، فتشعرك في مناقشتك معها انك امام خرير مياه عذبة لا يوجد به شائبة تُذكر.
- طارق! .. هل أحببت فتاة مسلمة من قبل؟
- !! (بنفس الحواجب) كلا بالطبع .. ولكن هي فعلت.
- أحبتك؟
- نعم.
- صارحتك بذلك؟
- نعم.
- وانت؟
- قلت لها: انتِ تعلمين أننا مختلفين في أهم شيء في حياتنا، ألا وهو العقيدة، لذا .. هذا الحب محكوم عليه بالموت السريع.
- (كادت تقتلني) ماذا؟!!!
- ماذا تعتقدي من شخص عقلاني مثلي أن يقول؟
- إذاً أنت عقل بلا مشاعر.
- بل مشاعر متعقله.
- Fuc… للفلسفة!
- قد تندهشي لو قلت لك انني أرى نفسي من أكثر الأشخاص رومانسية على الأرض، و أشعر انني أمتلك حنان يكفي الهند و الصين مجتمعين، ولكن لا أحب أن أدخل في صراعات متوجه بالهزيمة الساحقة، لأنني أضع امام عيني دائماً عقيدتي .. وأعلم علم اليقين أنها ترفض تماماً –أي عقيدتي- أن أعطي جسدي و روحي لغير المؤمن، لأن الزواج في المسيحية هو سر مُقدس، من خلاله نشارك الله في الخلق! .. نعم! .. نحن نخلق مع الله في الزواج!.
ثم إعتدلت، وتابعت:
- إصغي إلىّ .. لا يمكن ان نضع مصيرنا الابدي في قبضة مشاعر قد تتغير اليوم او غداً، ففي تعريف علم النفس للعواطف قال انها كتلة من الإنفعالات، هي متغيره، متذبذبه، ليست مستقره، فما نحبه اليوم قد نكرهه غداً، او على الأقل تتغير وجهة نظرنا عنه.
- انت لا تعرف "طارق" إلا من خلال كلامي عنه معك، هو إنسان مثقف جداً، وجدت فيه الزوج الذي يستطيع إحتوائي، انت لا تعلم ماذا فعل لإخوته و أسرته كي ينتشلهم من الفقر و الألم.
- كل ما تقولينه جيد جداً، ولكنه ليس مبرر للزواج! .. بل إسمحي لي أن أكشف لك جانب من شخصيته ..
إنحنيت للامام حتى شعرت هي بأنفاسي ترتطم بوجهها، و إرتسمت على وجهي نفس تعبيرات قرار الحرب على أمريكا و الاتحاد الأوربي وباغتها بسؤالي التقليدي الذي يدور في عقول أغلب شباب مصر عندما يلتقون بأجنبيه:
- هل أنت عذراء؟
إنطلقت تلك الضحكة الرقيقة ولكن بأكثر عذوبة، أشعرتني انها كانت تتوقع هذا السؤال، بل و تنتظره!
- كلا .. لست عذراء.
- الله! (بفرح) .. إحم .. قصدي حسناً (إبتسامة الثعلب المكار) .. لن أسألك كم مره مارستي (الحب) مع أخرين، و بالطبع حتماً فعلتي ذلك مع "طارق" ولكن السؤال الذي يشغل ذهني الآن: كيف إستطاع هو تقّبُل هذا الأمر برغم خلفيته (العربيه) التي تعلمين تعقيداتها جيداً في هذا الشأن؟!.
- ببساطة لأنه هو أيضاً كان يعرف فتيات قبلي!
- كلا .. ليس بهذه البساطة .. فأنا على سبيل المثال، لو فعلت ذلك، لن أقبله على الفتاة التي سأرتبط بها!
- هذا ليس عدل!
- نعم! .. ولكنها ثقافتنا العفنة!
- هو ليس أنت!
- حسناً .. إن كان كذلك .. فلماذا يمنعك من الجلوس معنا في أي مكان عام؟ .. ولماذا يدقق في كل تصرفاتك مع أصدقائك المصريين تحديداً كما اخبرتيني؟!
- لا تنسى انه رجل شرقي.
- وشرقيته أيضاً تمنعه من تقّبُل فكرة ان يتزوج فتاة ليست عذراء!
- وما السبب في رأيك؟
- أنتِ بالنسبة له "باسبور أوربي" فقط .. فتضييقه عليك في جلوسك و خروجك مع مصريين، تحركه طبيعته الشرقيه و عدم ثقته فيك، ولا يضيره شيء في ان يعقد قرآنه عليك، او حتى بزواج مدني، او عرفي، فما أن يأخذ الجنسية حتى يسألك من أنتِ!
- وإن تأكدت أنني لست كذلك بالنسبة له، وأنه يحبني حقيقتاً؟
- يتبقى أمر العقيدة .. وهو الأهم من وجهة نظري .. أنتي تعلمين بالطبع ان زميلتك (أجنشكا) ستتزوج من (جرجس) قريباً .. أنا لا أجد غضاضة في تقّبُل هذا الأمر! ..بالرغم من انها مثلك ... ليست عذراء.
- هذا هو بيت القصيد .. انت ترفض الزواج بغير المسيحي، وأنا أوافق، و سيبقى هذا الإختلاف إلى الأبد، لأننا نختلف في أفكارنا و ثقافتنا مهما حيينا.
- هنا الامر لا يتعلق بثقافة .. بل بالإيمان!
- هل سأدخل النار؟
- لا أعلم!
- (صرخت) What the fuc.. are you doing?!!
- (بالعربي) إحترمي نفسك بقى علشان ما أقلش أدبي عليكي
- ماذا؟
- نعم .. أنا لا اعلم هل ستدخلي الفردوس أم النار؟ هذا يوجد في علم الله فقط! .. لا يستطيع أحد أن يُجزم بشيء في هذا الأمر، ولكن هناك أمور تكون عن جهل او بسبب ثقافات خاطئة، ولا يمكنني أن أعطي رأياً فيها، ولكن الله لا يترك أحد دون إرشاد و توجيه له، و أعتقد ان هذا ما يفعله معكِ الآن، فربما إستخدمني انا لفعل ذلك، نحن نُحاسب بقدر معرفتنا، فكما قال بولس الرسول أنه بالناموس عرفنا الخطية، فلو لم يكن هناك ناموس، لما عرفنا ان هذا أو ذاك خطية تستوجب الدينونه.
- طارق .. انا سأتزوجه.
- حسناً .. هنيئاً لك
ليس من السهل أن تُقنع إنسان شب عوده على أمور صارت جزء من تكوينه و طبيعته، بخطأها، خصوصاً عندما تكون العقيدة من ثانويات إهتماماته، إن لم تكن في مؤخرتها (مؤخرة إهتماماته علشان محدش يتفذلك)، فالحقيقة أنني لم أكن على يقين بقدرتي على إقناعها، ليس لضعف حجتي، ولكن لمعرفتي العميقه بأفكارهم و ثقافتهم، وما علمته بعدها أنها سافرت له إلى باريس و قضيا وقتاً (طيباً) ثم إفترقت عنه!.
الأمر مُعقد، فأنت تجد نفسك بين شقي الرحى من وجهة نظرهم، بين الحرية التي أعطاها الله للإنسان، وبين ضوابط هذه الحرية التي تمنع التمتع بلذات مُحرمه تميل إليها الطبيعة الإنسانيه الساقطة، أنا لست ضد الإرتباط بفتاة ليست عذراء إن توفرت عدة شروط، من أهمها اليقين التام بانها ليست فتاة ليل، وانها قدمت توبه صادقة بالفعل، وسيكون الأمر صعباً أيضاً، لاأحسب نفسي قادراً عليه، ولكني لا امانع إن أقدم أحد غيري على هذا، وليس لدي أدنى مانع شخصياً من الإرتباط بفتاة أُغتصِبت، ولكني ضد الإرتباط بفتاة (أو شاب) يختلف عني في العقيدة!، مهما كانت عبقرية، ورجولة، و شهامة، ووسامة، و ذكاء، و صدق، هذا الشاب!! لأنني بذلك أكون قد سلمت له جسدي .. وروحي.
التعديل الأخير: