***
مع ذلك لم يبق في الحقيقة الكثير، وأقترح بكل الأحوال أن نكتفي بهذا القدر حتى لا يتسرب الملل إلى الناس، فمنذ يومين ونحن ندور بالموضوع نفسه رغم أنه لا يستحق أبدا ذلك. ضعفي باختصار يا أمي ما زلت أجيء إلى هذا الموقع ـ بالأحرى ممتنا شاكرا ـ لزيارتك وزيارة بعض الأحباء، وأحيانا للقراءة أيضا والتعلم منكم، مما في قلوبكم وليس بالضرورة في رسائلكم.
أما أن أكتب وبشكل دوري، سيان لغرض التثبيت بالمنتدى أو لأي غرض آخر: فهذا يا أمي ـ في ظل الظروف الراهنة ـ صعب جدا، إن لم يكن محالا. هناك ألف سؤال نحتاج إجابتها قبل أن نلتزم أمام الله والناس بالتزام كهذا، بدءا بسؤال الجدارة نفسها (هل ضعفي جدير أصلا بهذا الأمر؟) وانتهاء حتى بسؤال العدد (لمن بالضبط نكتب هنا وكم عددهم؟). يعني مثلا أنا لا أرى في هذا الموقع سوى عشرة أشخاص على الأكثر، اثنان منهم على الأقل ليسوا مسيحيين أصلا. فهل تطلبين منى الكتابة دوريا لثمانية أشخاص تحديدا، لا يتشاركون معا بأي حوار ومن ثم لا أعرف عنهم شيئا، وقد يكون حتى بعضهم من ذلك الفريق الذي يشك أصلا بأمرى ويشكك حتى بهويّتي وأهدافي؟ هل هذا حقا هو ما تقترحين؟ 
ناهيكِ طبعا عن سؤال الهدف والغاية، خاصة وأنك لا تدركين كم تكلف حقا هذه الرسائل (من وقت وجهد وتركيز ومراجعة للأصول وترجمة للآيات إلخ). "سؤال الهدف" هذا هو ما ركزت عليه في رسالتي الأولى هنا (حين كتبت عن حال العالم اليوم وعن أزمته الروحية وعن نبوءة كارل رانر، إلخ). ولكنه كما ترين سؤال واحد فقط من أسئلة كثيرة، كما أنه ـ بحد ذاته ـ ينطوي على أسئلة عديدة، كلها تقريبا أسئلة صعبة لا أعتقد أن لدينا أو حتى لدى الإدارة نفسها إجابة عليها (مَن نحن حقا؟ ماذا نريد؟ ماذا نفعل هنا؟ ما هو دورنا مع الناس وكيف نساعدهم وكيف نصنع فرقا بحياتهم؟ هل الناس أصلا أولويتنا، أم أن أولويتنا ـ أدركنا أم لم ندرك ـ هي "السبت" وليس "الإنسان"؟ أم أن أولويتنا هي الرد على المسلمين وكل أولئك البائسين المشككين؟ أم أنها "صورتنا" وكيف نبدو لأنفسنا وللأخرين؟ أم أنها "دعمنا ذاتيا" لأنفسنا، خاصة وأن معظمنا بالشرق يحتاج نفسيا لذلك... وكل ذلك ـ علاوة على ما سبق ـ في ضوء أننا في "عالم جديد"، عالم تبدّلت فيه حتى "عقولنا"، عالم ينقطع كليا عن سائر جذوره الروحية كما ذكرت برسالتي الأولى).
فهل اتضحت الصورة ولو قليلا يا أمي؟ هل تدركين الآن كم هو حقا صعب هذا الذي تقترحين وتقترح معك صديقتنا "لمسة يسوع" الجميلة، إن لم يكن حتى محالا؟
من ناحية أخرى: لأنني لا أحب أن أرفض طلبا جاءني من الأحباء هكذا بشكل صريح مباشر ـ ولأنني قبل ذلك لست صاحب القرار أصلا ـ رأيت ببساطة أن أحيل الأمر إلى صاحب الأمر، وكان ذلك هو بالفعل ما كتبت لصديقتنا في رسالتي الأخيرة: ... بدلا من ذلك نرفع ببساطة كل أمورنا لمشيئته سبحانه ونقول باختصار إن حياتنا كلها بين يديه وأن كل خطوة نخطوها إنما بتدبيره وحسب ارشاده، لا نطمح إلا أن يستخدمنا كيف شاء وأين شاء لإعلان حضوره وأنواره ولمجد اسمه القدوس سبحانه. فهل نتفق على الأقل على ذلك؟
أعتقد أن هذه هي الخلاصة حقا يا أمي، وفيها الكفاية تماما كخاتمة سعيدة لكل هذا الحوار.
***
أخيرا خطر لي في الساعات الأخيرة فقط خاطر لطيف: ما دمنا في "عالم جديد" حقا، فلماذا نُشقي أنفسنا بكل هذه الأمور ولا نستخدم "الذكاء الاصطناعي" حلا للمشكلة؟ ألا يمكن أن نطلب يا أمي من هذا "الذكاء" أن يكتب لنا رسائلنا الروحية التي نريد بشكل دوري، وأن نثبتها أيضا بالمنتدى؟ ألا يمكن حتى أن ندعو هذا الذكاء إلى هنا، في هيئة "عضو جديد" معنا؟ أليس هذا حلا رائعا؟ فكّري جدّيا بالأمر: لماذا يجب أن يكون "إنسانا" هو الذي يكتب هذه الرسائل؟ لماذا لا يكون "برنامجا" آخر من هذه البرامج؟ ما الفرق أصلا بين الإنسان والبرنامج، ألم يعد هذا اليوم يشبه ذاك تماما؟ 
لا ولسه، ولسه ولسه، صحيح اللي يعيش ياما يشوف! 
***
قاعد معاي: الأبنودي ـ سلطان ـ كروان الشرق فايزة أحمد ـ وسهرة سعيدة لكل الأحباء: