...........................................
ممكن يا أخي هاد الشخص الوحيد محتاج شي معين وهاد بيكون عندك وما يكون عند شخص تاني لانه ميزك... لا تخبي هالموهبة؟ لربما يحتاجها شخص واحد لتقوده للمسيح
وهل ربنا ـ اللي أعطاني هذه "الموهبة" وميّزني بهذه "الميزة" ـ هل تعتقدي إنه بعد كده تركني "أنا" شخصيا كي أتحكم بها؟ هل تعتقدي إن ربنا أعطاني "أنا" شخصيا سلطان أن أمنحها للناس أو أمنعها عنهم؟!
معلش يا اختي الجميلة سامحيني ولكن هذه من الأفكار التي تكررت وأختلف معها جذريا. إذا فيه إنسان محتاج شيء معين، وأذا كنت أملك هذا الشيء ولكن قررت أن أمنعه عن هذا الإنسان: يبقا فين ربنا إذن؟ هل ربنا واقف يتفرج؟ حاشا! ربنا بالأحرى هو ضابط الكل، صاحب كل سلطان وكل تدبير، اللي أعطى أصلا كل عطية واللي سمح ابتداء بكل تجربة.
(اقرأي للنهاية يمكن تفهمي رؤيتي عموما بشكل أفضل).
***
القرار ... قرارك
لا يا أختي الجميلة، القرار ليس أبدا قراري. هذا أيضا مما نختلف فيه، معلش. لكن القرار ـ ثقي وتأكدي واطمئني تماما ـ هو فقط وحصرا قرار الرب، صاحب الأمر سبحانه. مفيش يا أختى في الطريق الروحي "أنا" بتاخد أي قرارات.
***
ملاحظة : انا وأخت الغالية مشتاقين لكتاباتك...
إذا أردتِ أن أكتب فقط لأجلك أنتِ شخصيا وللغالية نعومة ـ كما أكتب فقط للجميلة ديانا ـ فلا مانع بالطبع أبدا. ولكن أليس هذا هو ما يحدث بالفعل، وفي كل زيارة؟
فقط لا أفعل ذلك بشكل دوريّ ثابت ومنتظم. هذا هو الفرق الوحيد بين ما تقترحان هنا وما يحدث فعليا، وقد أغيب بالتالي ـ مضطرا لا مختارا ـ لأسابيع أو حتى أكثر من ذلك أحيانا (تماما كما يحدث أيضا مع ديانا).
___________________________________________________________________________________
أخيرا هذا جزء من رسالة كتبتها بالأمس لأجلك ثم قمت بإلغائها منعا للتشتت والعثرة (علاوة على أنني تحدثت فيها قليلا عن نفسي). أكتفي على أي حال فقط بهذا الجزء الصغير لأنه ربما يساعد في فهم رؤيتي أخيرا وكيف أفكر بكل هذا الأمر عموما:
الشمس حين تشرق: هل نرفع لها المدائح لأنها أشرقت؟ وهل ـ حين تغرب ـ نلومها لأنها قررت الرحيل واختارت الغروب؟
البلابل حين تغني: هل نرسل لها بطاقات الشكر لأنها أمتعتنا بكل هذا النغم؟ وهل ـ حين تنام ـ نحزن لأنها "صمتت" ولأنها "بخلت بما وهبه الله لها"؟
الزهور حين تتفتح بالصباح وترسل عبيرها: هل نشعر نحوها بأسمى آيات الامتنان لأنها أسعدتنا بكل هذه الألوان وكل هذا العطر؟ وهل ـ حين يأتي الليل وتنطوي على نفسها ـ نشكو لأنها "حجبت" عنا جمالها أو "حبست" العطر في صدرها؟
لا، نحن لا نفكر أبدا هكذا ولا نفعل أيّا من هذا أبدا. نحن عموما لا نفكر أصلا بالطبيعة ولا نلتفت لها وليس لدينا وقت لذلك. ولكن حين يمنّ الله علينا أخيرا فنجلس قليلا لنفكر ونتأمل: عندئذ نرى بوضوح أن كل هذه الأضواء والألوان والنغمات والعطور إنما هي مجرد لمحات من جمــال أعظم يقف خلفها جميعا. مجرد تعبيرات بسيطة جدا، مجرد تجليات مؤقتة زائلة، عن روعة كامنة باهرة تحتجب وراء الوجود، وعن عظمة فائقة مطلقة تعلو تماما عن سائر أفكارنا ولغاتنا بل تتجاوز حتى أروع خيالاتنا.
كما ترين: هناك فرق جوهري في رؤيتنا يا أختى الغالية، علاوة على أنني لا أتحدث ولا أريد أن أتحدث عن نفسي، وهكذا صار الرد عليك صعبا جدا فأرجو فضلا أن تساعديني. ببساطة ليس هناك "شخص" اسمه خادم البتول. ليس هناك أي أحد هنا "يفعل" أي شيء أو "يقرر" أي قرار أو حتى "يكتب" أي رسالة. على الإطلاق. ضعفي ـ في أحسن الأحوال ـ مجرد ظاهرة طبيعية أخرى، تماما كالنجم والزهر والطير وكالشجر والمطر والحجر.......
***
(هذا بالطبع ـ حسب رؤيتي المتواضعة ـ ينطبق على الجميع دون استثناء، ليس حصرا على المذكور.
الفرق فقط أن بعضنا يعرف ذلك وبعضنا لا يعرفه).
أشكرك يا أختى الجميلة ختاما وأمتن من أعماق قلبي لتقديرك واهتمامك، كذلك للجميلة نعومة أيضا ربنا يبارك الجميع. أشكر محبتك وأؤكد أنني بمشيئة الرب رهن الإشارة دائما، دون إبطاء، في أي مكان، لأجلك ولأجل كل مَن يحتاجيني، وحتى لمن لا يحتاجني إذا قدّر الرب بفائق حكمته وعلياء تدبيره أن يضعنا في طريقه أو يضعه في طريقنا. تحياتي ومحبتي وحتى نلتقي. ♥