- إنضم
- 6 أكتوبر 2009
- المشاركات
- 16,056
- مستوى التفاعل
- 5,370
- النقاط
- 0
تابع ثانياً: شرح معاني كلمة الإيمان
تابع شرح المعنى الثاني للإيمان: الأمانـــــــــــــة πίστις
2 - أمانة الله: أولاً العهد القديم
(( الرجاء الرجوع للجزء السابق لفهم معنى يهوه وارتباطه بالأمانة والموضوع من هنا ))
بحث عن الإيمان في أصول معناه ومفهومه الصحيح (13) أمانة الله
تابع شرح المعنى الثاني للإيمان: الأمانـــــــــــــة πίστις
2 - أمانة الله: أولاً العهد القديم
(( الرجاء الرجوع للجزء السابق لفهم معنى يهوه وارتباطه بالأمانة والموضوع من هنا ))
بحث عن الإيمان في أصول معناه ومفهومه الصحيح (13) أمانة الله
2 – تابع أمانة الله
عموماً – كما رأينا – أن الاسم (يهوه) يدل على أمانة الله الثابتة غير المتغيرة قط [ أن كنا غير أُمناء فهو يبقى أميناً لن يقدر أن ينكر نفسه – 2تيموثاوس 2: 13 ]، هذه الأمانة الذي يؤكدها العهد القديم لتثبيت الثقة في الله:
[ الرب صخرتي وحصني (ملاذي الخاص) (fortress قلعتي الشخصية الحصينة) ومنقذي (مخلصي الخاص بي). إلهي صخرتي به احتمي (إني على ثقه فيه، عندي إيمان فيه لأنه) تُرسي وقرن خلاصي وملجأي (برج قلعتي) ] (مزمور 18: 2)
ويقول إشعياء النبي: [ نسيتي إله خلاصك ولم تذكري the rock your stronghold صخرة حصنك ] (أشعياء 17: 10)
وهذه الصفة نفسها يتضمنها إعلان الله عن نفسه لموسى وإسرائيل بأنه إله إبراهيم واسحق ويعقوب إله آبائهم الشخصي: [ ثم قال (لموسى) أنا إله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب، فغطى موسى وجهه لأنه خاف أن ينظر إلى الله... وقال الله أيضاً لموسى هكذا تقول لبني إسرائيل يهوه إله آبائكم، إله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب أرسلني إليكم... أذهب واجمع شيوخ بني إسرائيل وقُل لهم الرب إله آبائكم، إله إبراهيم واسحق ويعقوب ظهر لي قائلاً: إني قد افتقدتكم ] (خروج 3: 6و 15و 16)
ولنلاحظ أن الحق المُعلن هُنا فيما يختص بالله، ليس هو – ببساطة – أنه يقف موقفاً كريماً من الآباء الذين لبوا دعوته وأطاعوه، لكن الموقف هنا يوضح ويُظهر أمانة الله وحفظة لوعده الكريم الذي قدمه لآبائهم، فكما كان مع آبائهم والتزم بهم، فأنه سيظل كذلك بالمثل لموسى وإسرائيل.
وهذا هي عموماً الفكرة الأساسية في العهد القديم فيما يختص بأمانة الله؛ كما يُمكن لنا أيضاً أن نرى هذا في الكلمات العبرية المستخدمة للتعبير عن طبيعة الله وعمله، وهذه الكلمة هي אֱמֶת و אֱמוּנָה، وكلمة אֱמֶת تُستخدم عادة لقول الصدق، وهي لا تعني فقط أن القول صحيح وليس كذباً، بل تعني الموثوقية، وإذ هي عادة تأتي في كلام الله الصادق صدق مُطلق، إذ تُعلن أن كلمته جديرة بالثقة لتُقام حياة الإنسان عليها، وتأتي في أغلب الأحيان بدمج عدة كلمات معها مثل: إحسان وترتبط به لتدل على ثبوته أي [ إحسان ثابت ]، والكلمة تتصل كثيراً بالبرّ وأحياناً بالعدل، والمغزى العام لهذا هو أن أمانة يهوه (إله أمانة אֵל אֱמוּנָה) نحو إسرائيل، وتندمج مع المعنى القوي بالاستقامة الأخلاقية وليس بمعنى التساهل أو اللامبالاة الأدبية، وفي خروج 34 يُظهر بيان توكيدي بأمانة ولطف الله نحو إسرائيل غير الأمين مع مجموعة اشتراطات واضحة كالعهد المُجدد (للأهمية أنظر خروج 34: 11 – 26) وإعلان اسم الله الملتزم بعهده، وبقول آخر أنه يُعلن عن شخصه وأمانته وعدله معاً غير قابلاً للمساومة في عدم الثقة فيه [ وهذا ما أظهره القديس بولس قائلاً في عبرانيين: بدون إيمان لا يُمكن إرضاؤه ]، لذلك هناك دور على شعب إسرائيل بل وكل من يتعرف على الله الحي الذي يُعلن له ذاته إلهاً أميناً [ أخشوا الرب واعبدوه بكمال وأمانة בְּתָמִים וּבֶֽאֱמֶת] (وهي ترجمة حرفية صحيحة جداً في كل الترجمات العربية يشوع 24: 14)، وبذلك نفهم معنى العبارة الشهيرة التي تكلم عنها بونهويفير Bonhoeffer في كتابه اتباع المسيح [ ليس هناك نعمة رخيصة ]، لأن النعمة مكلفة، وتكلفتها الطاعة والخضوع بثقة في الله الحي، وتقديم أمانة بحياة صادقة واضح فيها الإيمان ليكون الإنسان [ صريح في الإيمان ] (1تيموثاوس 1: 2).
عموماً من خلال شرح المعنى للكلمة نجدها باختصار تأتي في أصلها بمعنى أمان على نحو خاص، فمصدر الكلمة وجذرها אמן يعني أن تكون آمناً، أو ثابتاً، فهي تدل في صيغة (أسم الفاعل) على ثبات شيء يُدعم شيئاً آخر، إذ تُستخدم للتعبير عن المُربية التي تحمل طفلاً:
كما أن الفعل له معنى عندما يستخدم الناس: [أن يكون أميناً]، اي أنه كنتيجة لأمانته يُرسل إنسان أميناً على بيته يحمل رسالته:
[ لم أكتم عدلك في وسط قلبي. تكلَّمت بأمانتك وخلاصك. لم أُخفِ رحمتك وحقك عن الجماعة العظيمة ] (مزمور 40: 10)، [ يا رب في السماوات رحمتك، أمانتك إلى الغمام ] (مزمور 36: 5).
وهي موضوع الحمد: [ بِمَرَاحِمِ الرَّبِّ أُغَنِّي إِلَى الدَّهْرِ. لِدَوْرٍ فَدَوْرٍ أُخْبِرُ عَنْ حَقِّكَ بِفَمِي. لأَنِّي قُلْتُ: إِنَّ الرَّحْمَةَ إِلَى الدَّهْرِ تُبْنَى. السَّمَاوَاتُ تُثْبِتُ فِيهَا حَقَّكَ ] (مزمور 89: 1و 2)
[ حَسَنٌ هُوَ الْحَمْدُ لِلرَّبِّ وَالتَّرَنُّمُ لاِسْمِكَ أَيُّهَا الْعَلِيُّ. أَنْ يُخْبَرَ بِرَحْمَتِكَ فِي الْغَدَاةِ وَأَمَانَتِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ ] (مزمور 92: 1و 2)
وهذه الصفة: الصدق مع الأمانة هي التي يقول عنها المُرنم، إنها يجب أن تكون موضوع الحمد والثناء من كل الناس: [ وَالسَّمَاوَاتُ تَحْمَدُ عَجَائِبَكَ يَا رَبُّ وَحَقَّكَ (أمانتك) أَيْضاً فِي جَمَاعَةِ الْقِدِّيسِينَ... يَا رَبُّ إِلَهَ الْجُنُودِ مَنْ مِثْلُكَ قَوِيٌّ رَبٌّ وَحَقُّكَ (وأمانتك) مِنْ حَوْلِكَ؟ ] (مزمور 89: 5و 8)
وهذه الأمانة من جهة الله توصف بالثبات الراسخ الذي لا يتزعزع قط وبالامتداد بلا توقف لأنها واسعه للغاية وأوسع واشمل من الزمان كله: [ لأن الرب صالح إلى الأبد رحمته، وإلى دورٍ فدورٍ (من جيل لجيل) أمانته ] (مزمور 100: 5)
ولأن الصدق والأمانة صفة مُميزة من صفات الله، فهي مُميزة أيضاً لخلاصه، وبذلك فهي أساس الثقة في أن الله يسمع صلاة الإيمان: [ يا رب اسمع صلاتي واصغي إلى تضرعاتي. بأمانتك أستجب لي بعدلك ] (مزمور 143: 1)
وبذلك يدخل الإنسان بصلاة الإيمان لحماية الله حيث يأمن من كل شرّ لأنه أصبح في أمن وأمان [ آمنوا بالرب إلهكم فتأمنوا، آمنوا بأنبيائه فتفلحوا ] (2اخبار 20: 20)، [ أن لم تؤمنوا فلا تأمنوا ] (إشعياء 7: 9)، ولذلك يقول المرنم: [ بخوافيه (بريشه مثل الطائر) يُظللك، وتحت أجنحته تحتمي. تُرسٌ ومجن حقهُ (يكون لك حقه مجناً وتُرساً) (والمجن هو الترس، ترس الجندي في الحرب، والترادف هنا للتأكيد الشديد وترسيخ المعنى) ] (مزمور 91: 4)
وبذلك يصبح الله هو قوة معونة الإنسان وسنده الآمن: [ أخرجني من الشبكة التي خبأوها لي لأنك أنت حصني ] (مزمور 31: 4)
ويتفق مع ذلك، أننا نجد في النبوات أن خلاص شعب الرب لا يستند على استحقاق أو فضل فيهم، ولكنه يعتمد كُليةً على رحمته الثابتة ونعمته وأمانته وعدله وإخلاصه الفائق.
وعندما جلب إسرائيل على نفسه دينونة الله العادلة، بدا كما لو أن الوعد قد خاب، ولكن حاشا لله فهو أمين لكلمة وعده التي تثبت إلى الأبد حينما خرجت من فمه [ يبس العشب، ذبل الزهر، واما كلمة إلهنا فتثبت إلى الأبد ] (إشعياء 40: 8)، اي أن كلمته تظل قائمة ونافذة وسارية المفعول stand for ever
فمنذ الأزل تتميز كل مشوراته بالأمانة والصدق كما هو واضح في (إشعياء 25: 1): مقاصدك counsels (مشورتك وتدابيرك) منذ القديم أمانة وصدق faithfulness and truth = אֱמֶת = ἀλήθεια
وطبعاً الله أميناً تجاه علاقته بشعبه إسرائيل (كما هو معنا اليوم) ليس بسبب أمانتهم أو استحقاقهم، بل لأجل نفسه قد محا ذنوبهم: [ وَأَنْتَ لَمْ تَدْعُنِي يَا يَعْقُوبُ حَتَّى تَتْعَبَ مِنْ أَجْلِي يَا إِسْرَائِيلُ. لَمْ تُحْضِرْ لِي شَاةَ مُحْرَقَتِكَ وَبِذَبَائِحِكَ لَمْ تُكْرِمْنِي. لَمْ أَسْتَخْدِمْكَ بِتَقْدِمَةٍ وَلاَ أَتْعَبْتُكَ بِلُبَانٍ. لَمْ تَشْتَرِ لِي بِفِضَّةٍ قَصَباً وَبِشَحْمِ ذَبَائِحِكَ لَمْ تُرْوِنِي. لَكِنِ اسْتَخْدَمْتَنِي بِخَطَايَاكَ وَأَتْعَبْتَنِي بِآثَامِكَ. أَنَا أَنَا هُوَ الْمَاحِي ذُنُوبَكَ لأَجْلِ نَفْسِي وَخَطَايَاكَ لاَ أَذْكُرُهَا ] (إشعياء 43: 22 – 25)
[ مَنْ هُوَ إِلَهٌ مِثْلُكَ غَافِرٌ الإِثْمَ وَصَافِحٌ عَنِ الذَّنْبِ لِبَقِيَّةِ مِيرَاثِهِ! لاَ يَحْفَظُ إِلَى الأَبَدِ غَضَبَهُ فَإِنَّهُ يُسَرُّ بِالرَّأْفَةِ. يَعُودُ يَرْحَمُنَا يَدُوسُ آثَامَنَا وَتُطْرَحُ فِي أَعْمَاقِ الْبَحْرِ جَمِيعُ خَطَايَاهُمْ. تَصْنَعُ الأَمَانَةَ لِيَعْقُوبَ وَالرَّأْفَةَ لإِبْرَاهِيمَ اللَّتَيْنِ حَلَفْتَ لآبَائِنَا مُنْذُ أَيَّامِ الْقِدَمِ ] (ميخا 7: 18 – 20)
الأمانة (الحق والصدق) = אֱמֶת truth ἀλήθεια
الرأفة = mercy الرحمة – النعمة – البركة
وفي سفر الخروج يُشار لأمانة الله אֱמֶת على أنها تعني – بكل وضوح – ثابتة من جيل لجيل: [ الرب الرب إله merciful رحيم gracious ورؤوف بطيء الغضب وكثير goodness الإحسان truth والوفاء (أمانة، صدق، استقامة) ] (خروج 34: 6)
وفي التثنية نجد أيضاً أمانة الله אֱמוּנָה بالمقارنة مع أمانة إسرائيل: [ هو الصخر الكامل صنيعه. أن جميع سُبله عدلٌ، إله أمانة אֱמוּנָה لا جور فيه، صديق وعادلٌ هوَّ ] (تثنية 32: 4)
هو الصخر الكامل صنعيه his work perfect
كل طرقه حق وحكمة وعدل judicious – judgment
إله أمين truth بار just مستقيم right
فكلمة [إله أمانة] هو ما ينطبق على كلمة אֱמֶת المترجمة بكلمة حق ἀλήθεια
[فَدَيْتَنِي يَا رَبُّ إِلَهَ الْحَقِّ ] (مزمور 31: 5)
- [ فأعلم أن الرب إلهك هو الله، الإله الأمين، الحافظ العهد والإحسان للذين يحبونه ويحفظون وصاياه إلى ألف جيل ] (تثنية 7: 9)
- [ يا رب في السماوات رحمتك. أمانتك إلى الغمام (إلى الغيوم أمانتك) ] (مزمور 36: 5)
- [ وَيَكُونُ الْبِرُّ مِنْطَقَةَ مَتْنَيْهِ وَالأَمَانَةُ مِنْطَقَةَ حَقَوَيْهِ ] (أشعياء 11: 5)
- [ وأنت فأرجع (أرجعوا وتوبوا) إلى إلهك. أحفظ (تمسك بـ) الرحمة والحق وانتظر (تقوا بـ) إلهك دائماً... وأنا الرب إلهك من أرض مصر حتى أُسكنك الخيام كأيام المواسم (أنا الرب إلهكم منذ كنتم في أرض مصر، وسأسكنكم في الخيام كما في أيام عيد المظال) ] (هوشع 12: 6و 9، وفي العبري آية 7, 10)
[ الرب صخرتي وحصني (ملاذي الخاص) (fortress قلعتي الشخصية الحصينة) ومنقذي (مخلصي الخاص بي). إلهي صخرتي به احتمي (إني على ثقه فيه، عندي إيمان فيه لأنه) تُرسي وقرن خلاصي وملجأي (برج قلعتي) ] (مزمور 18: 2)
ويقول إشعياء النبي: [ نسيتي إله خلاصك ولم تذكري the rock your stronghold صخرة حصنك ] (أشعياء 17: 10)
وهذه الصفة نفسها يتضمنها إعلان الله عن نفسه لموسى وإسرائيل بأنه إله إبراهيم واسحق ويعقوب إله آبائهم الشخصي: [ ثم قال (لموسى) أنا إله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب، فغطى موسى وجهه لأنه خاف أن ينظر إلى الله... وقال الله أيضاً لموسى هكذا تقول لبني إسرائيل يهوه إله آبائكم، إله إبراهيم وإله اسحق وإله يعقوب أرسلني إليكم... أذهب واجمع شيوخ بني إسرائيل وقُل لهم الرب إله آبائكم، إله إبراهيم واسحق ويعقوب ظهر لي قائلاً: إني قد افتقدتكم ] (خروج 3: 6و 15و 16)
ولنلاحظ أن الحق المُعلن هُنا فيما يختص بالله، ليس هو – ببساطة – أنه يقف موقفاً كريماً من الآباء الذين لبوا دعوته وأطاعوه، لكن الموقف هنا يوضح ويُظهر أمانة الله وحفظة لوعده الكريم الذي قدمه لآبائهم، فكما كان مع آبائهم والتزم بهم، فأنه سيظل كذلك بالمثل لموسى وإسرائيل.
وهذا هي عموماً الفكرة الأساسية في العهد القديم فيما يختص بأمانة الله؛ كما يُمكن لنا أيضاً أن نرى هذا في الكلمات العبرية المستخدمة للتعبير عن طبيعة الله وعمله، وهذه الكلمة هي אֱמֶת و אֱמוּנָה، وكلمة אֱמֶת تُستخدم عادة لقول الصدق، وهي لا تعني فقط أن القول صحيح وليس كذباً، بل تعني الموثوقية، وإذ هي عادة تأتي في كلام الله الصادق صدق مُطلق، إذ تُعلن أن كلمته جديرة بالثقة لتُقام حياة الإنسان عليها، وتأتي في أغلب الأحيان بدمج عدة كلمات معها مثل: إحسان وترتبط به لتدل على ثبوته أي [ إحسان ثابت ]، والكلمة تتصل كثيراً بالبرّ وأحياناً بالعدل، والمغزى العام لهذا هو أن أمانة يهوه (إله أمانة אֵל אֱמוּנָה) نحو إسرائيل، وتندمج مع المعنى القوي بالاستقامة الأخلاقية وليس بمعنى التساهل أو اللامبالاة الأدبية، وفي خروج 34 يُظهر بيان توكيدي بأمانة ولطف الله نحو إسرائيل غير الأمين مع مجموعة اشتراطات واضحة كالعهد المُجدد (للأهمية أنظر خروج 34: 11 – 26) وإعلان اسم الله الملتزم بعهده، وبقول آخر أنه يُعلن عن شخصه وأمانته وعدله معاً غير قابلاً للمساومة في عدم الثقة فيه [ وهذا ما أظهره القديس بولس قائلاً في عبرانيين: بدون إيمان لا يُمكن إرضاؤه ]، لذلك هناك دور على شعب إسرائيل بل وكل من يتعرف على الله الحي الذي يُعلن له ذاته إلهاً أميناً [ أخشوا الرب واعبدوه بكمال وأمانة בְּתָמִים וּבֶֽאֱמֶת] (وهي ترجمة حرفية صحيحة جداً في كل الترجمات العربية يشوع 24: 14)، وبذلك نفهم معنى العبارة الشهيرة التي تكلم عنها بونهويفير Bonhoeffer في كتابه اتباع المسيح [ ليس هناك نعمة رخيصة ]، لأن النعمة مكلفة، وتكلفتها الطاعة والخضوع بثقة في الله الحي، وتقديم أمانة بحياة صادقة واضح فيها الإيمان ليكون الإنسان [ صريح في الإيمان ] (1تيموثاوس 1: 2).
عموماً من خلال شرح المعنى للكلمة نجدها باختصار تأتي في أصلها بمعنى أمان على نحو خاص، فمصدر الكلمة وجذرها אמן يعني أن تكون آمناً، أو ثابتاً، فهي تدل في صيغة (أسم الفاعل) على ثبات شيء يُدعم شيئاً آخر، إذ تُستخدم للتعبير عن المُربية التي تحمل طفلاً:
- [ أَلعَلِّي حَبِلتُ بِجَمِيعِ هَذَا الشَّعْبِ أَوْ لعَلِّي وَلدْتُهُ حَتَّى تَقُول لِي احْمِلهُ فِي حِضْنِكَ كَمَا يَحْمِلُ المُرَبِّي الرَّضِيعَ إِلى الأَرْضِ التِي حَلفْتَ لآبَائِهِ؟ ] (عدد 11: 12)، [ وكان ليوناثان بن شاول ابن، فحملته مُربيته وهربت ] (2صموئيل 4: 4)، [ ويكون الملوك حاضنيك وسيداتهم مرضعاتك ] (إشعياء 49: 23)
- (1) الطفل المحمول: [ يأتي بنوك من بعيد وتُحمل بناتك على الأيدي ] (إشعياء 60: 4)
- (2) البيت الراسخ الأساس: [ وأُقيم لنفسي كاهناً أميناً يعمل حسب ما بقلبي ونفسي، وابني لهُ بيتاً أميناً، فيسير أمام مسيحي كل الأيام ] (1صموئيل 2: 35)، [ وأصفح عن ذنب أمتك (ابيجايل امرأة نابال) لأن الرب يصنع لسيدي بيتاً أميناً، لأن سيدي يُحارب حروب الرب ولم يوجد فيك شر كل أيامك ] (1صموئيل 25: 28)
- (3) الوتد الثابت بشدة: [ وأُثبته وتداً في موضع أمين، ويكون كُرسيَّ مجد لبيت ابيه... في ذلك اليوم يقول رب الجنود يزول كل الوتد المثبت في موضع أمين ] (إشعياء 22ك 23و 25)
- (4) المملكة الراسخة: [ ويأمر بيتك ومملكتك إلى الأبد أمامك. كُرسيك يكون ثابتاً إلى الأبد ] (2صموئيل 7: 16)
- (5) القلب الأمين: [ ووجدت قلبه أميناً امامك وقطعت معهُ العهد ] (نحميا 9: 8)
كما أن الفعل له معنى عندما يستخدم الناس: [أن يكون أميناً]، اي أنه كنتيجة لأمانته يُرسل إنسان أميناً على بيته يحمل رسالته:
- [ فأعلم أن الرب إلهك هو الله الإله الأمين الحافظ العهد والإحسان للذين يحبونه ويحفظون وصاياه إلى ألف جيل ] (تثنية 7: 9)
- [ عيناي على أمناء الأرض لكي أُجلسهم معي، السالك طريقاً كاملاً هو يخدمني ] (مزمور 101: 6)
- [ الرب الذي هو أمين وقدوس إسرائيل الذي قد أختارك ] (إشعياء 49: 7)
- [ لأَنَّهُمْ حُسِبُوا أُمَنَاءَ وَكَانَ عَلَيْهِمْ أَنْ يَقْسِمُوا عَلَى إِخْوَتِهِمْ ] (نحميا 13: 13)
- [ وأما عبدي موسى فليس هكذا بل هو أمين נאמן في كل بيتي ] (عدد 12: 7)
- [ فمن هو العبد الأمين הנאמן πιστός الحكيم الذي أقامه سيده على خدمه ليُعطيهم الطعام في حينه ] (متى 24: 45)
[ لم أكتم عدلك في وسط قلبي. تكلَّمت بأمانتك وخلاصك. لم أُخفِ رحمتك وحقك عن الجماعة العظيمة ] (مزمور 40: 10)، [ يا رب في السماوات رحمتك، أمانتك إلى الغمام ] (مزمور 36: 5).
وهي موضوع الحمد: [ بِمَرَاحِمِ الرَّبِّ أُغَنِّي إِلَى الدَّهْرِ. لِدَوْرٍ فَدَوْرٍ أُخْبِرُ عَنْ حَقِّكَ بِفَمِي. لأَنِّي قُلْتُ: إِنَّ الرَّحْمَةَ إِلَى الدَّهْرِ تُبْنَى. السَّمَاوَاتُ تُثْبِتُ فِيهَا حَقَّكَ ] (مزمور 89: 1و 2)
[ حَسَنٌ هُوَ الْحَمْدُ لِلرَّبِّ وَالتَّرَنُّمُ لاِسْمِكَ أَيُّهَا الْعَلِيُّ. أَنْ يُخْبَرَ بِرَحْمَتِكَ فِي الْغَدَاةِ وَأَمَانَتِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ ] (مزمور 92: 1و 2)
وهذه الصفة: الصدق مع الأمانة هي التي يقول عنها المُرنم، إنها يجب أن تكون موضوع الحمد والثناء من كل الناس: [ وَالسَّمَاوَاتُ تَحْمَدُ عَجَائِبَكَ يَا رَبُّ وَحَقَّكَ (أمانتك) أَيْضاً فِي جَمَاعَةِ الْقِدِّيسِينَ... يَا رَبُّ إِلَهَ الْجُنُودِ مَنْ مِثْلُكَ قَوِيٌّ رَبٌّ وَحَقُّكَ (وأمانتك) مِنْ حَوْلِكَ؟ ] (مزمور 89: 5و 8)
وهذه الأمانة من جهة الله توصف بالثبات الراسخ الذي لا يتزعزع قط وبالامتداد بلا توقف لأنها واسعه للغاية وأوسع واشمل من الزمان كله: [ لأن الرب صالح إلى الأبد رحمته، وإلى دورٍ فدورٍ (من جيل لجيل) أمانته ] (مزمور 100: 5)
ولأن الصدق والأمانة صفة مُميزة من صفات الله، فهي مُميزة أيضاً لخلاصه، وبذلك فهي أساس الثقة في أن الله يسمع صلاة الإيمان: [ يا رب اسمع صلاتي واصغي إلى تضرعاتي. بأمانتك أستجب لي بعدلك ] (مزمور 143: 1)
وبذلك يدخل الإنسان بصلاة الإيمان لحماية الله حيث يأمن من كل شرّ لأنه أصبح في أمن وأمان [ آمنوا بالرب إلهكم فتأمنوا، آمنوا بأنبيائه فتفلحوا ] (2اخبار 20: 20)، [ أن لم تؤمنوا فلا تأمنوا ] (إشعياء 7: 9)، ولذلك يقول المرنم: [ بخوافيه (بريشه مثل الطائر) يُظللك، وتحت أجنحته تحتمي. تُرسٌ ومجن حقهُ (يكون لك حقه مجناً وتُرساً) (والمجن هو الترس، ترس الجندي في الحرب، والترادف هنا للتأكيد الشديد وترسيخ المعنى) ] (مزمور 91: 4)
وبذلك يصبح الله هو قوة معونة الإنسان وسنده الآمن: [ أخرجني من الشبكة التي خبأوها لي لأنك أنت حصني ] (مزمور 31: 4)
ويتفق مع ذلك، أننا نجد في النبوات أن خلاص شعب الرب لا يستند على استحقاق أو فضل فيهم، ولكنه يعتمد كُليةً على رحمته الثابتة ونعمته وأمانته وعدله وإخلاصه الفائق.
وعندما جلب إسرائيل على نفسه دينونة الله العادلة، بدا كما لو أن الوعد قد خاب، ولكن حاشا لله فهو أمين لكلمة وعده التي تثبت إلى الأبد حينما خرجت من فمه [ يبس العشب، ذبل الزهر، واما كلمة إلهنا فتثبت إلى الأبد ] (إشعياء 40: 8)، اي أن كلمته تظل قائمة ونافذة وسارية المفعول stand for ever
فمنذ الأزل تتميز كل مشوراته بالأمانة والصدق كما هو واضح في (إشعياء 25: 1): مقاصدك counsels (مشورتك وتدابيرك) منذ القديم أمانة وصدق faithfulness and truth = אֱמֶת = ἀλήθεια
وطبعاً الله أميناً تجاه علاقته بشعبه إسرائيل (كما هو معنا اليوم) ليس بسبب أمانتهم أو استحقاقهم، بل لأجل نفسه قد محا ذنوبهم: [ وَأَنْتَ لَمْ تَدْعُنِي يَا يَعْقُوبُ حَتَّى تَتْعَبَ مِنْ أَجْلِي يَا إِسْرَائِيلُ. لَمْ تُحْضِرْ لِي شَاةَ مُحْرَقَتِكَ وَبِذَبَائِحِكَ لَمْ تُكْرِمْنِي. لَمْ أَسْتَخْدِمْكَ بِتَقْدِمَةٍ وَلاَ أَتْعَبْتُكَ بِلُبَانٍ. لَمْ تَشْتَرِ لِي بِفِضَّةٍ قَصَباً وَبِشَحْمِ ذَبَائِحِكَ لَمْ تُرْوِنِي. لَكِنِ اسْتَخْدَمْتَنِي بِخَطَايَاكَ وَأَتْعَبْتَنِي بِآثَامِكَ. أَنَا أَنَا هُوَ الْمَاحِي ذُنُوبَكَ لأَجْلِ نَفْسِي وَخَطَايَاكَ لاَ أَذْكُرُهَا ] (إشعياء 43: 22 – 25)
[ مَنْ هُوَ إِلَهٌ مِثْلُكَ غَافِرٌ الإِثْمَ وَصَافِحٌ عَنِ الذَّنْبِ لِبَقِيَّةِ مِيرَاثِهِ! لاَ يَحْفَظُ إِلَى الأَبَدِ غَضَبَهُ فَإِنَّهُ يُسَرُّ بِالرَّأْفَةِ. يَعُودُ يَرْحَمُنَا يَدُوسُ آثَامَنَا وَتُطْرَحُ فِي أَعْمَاقِ الْبَحْرِ جَمِيعُ خَطَايَاهُمْ. تَصْنَعُ الأَمَانَةَ لِيَعْقُوبَ وَالرَّأْفَةَ لإِبْرَاهِيمَ اللَّتَيْنِ حَلَفْتَ لآبَائِنَا مُنْذُ أَيَّامِ الْقِدَمِ ] (ميخا 7: 18 – 20)
الأمانة (الحق والصدق) = אֱמֶת truth ἀλήθεια
الرأفة = mercy الرحمة – النعمة – البركة
وفي سفر الخروج يُشار لأمانة الله אֱמֶת على أنها تعني – بكل وضوح – ثابتة من جيل لجيل: [ الرب الرب إله merciful رحيم gracious ورؤوف بطيء الغضب وكثير goodness الإحسان truth والوفاء (أمانة، صدق، استقامة) ] (خروج 34: 6)
وفي التثنية نجد أيضاً أمانة الله אֱמוּנָה بالمقارنة مع أمانة إسرائيل: [ هو الصخر الكامل صنيعه. أن جميع سُبله عدلٌ، إله أمانة אֱמוּנָה لا جور فيه، صديق وعادلٌ هوَّ ] (تثنية 32: 4)
هو الصخر الكامل صنعيه his work perfect
كل طرقه حق وحكمة وعدل judicious – judgment
إله أمين truth بار just مستقيم right
فكلمة [إله أمانة] هو ما ينطبق على كلمة אֱמֶת المترجمة بكلمة حق ἀλήθεια
[فَدَيْتَنِي يَا رَبُّ إِلَهَ الْحَقِّ ] (مزمور 31: 5)
συ με ελύτρωσας, Κύριε ο Θεός της αληθείας
you are my saviour, O Jehovah God for ever true
عموماً نجد في مواضع عديدة أن رحمة الله ترتبط بحقه، حيث أن رحمة الله هي مصدر مواعيده الكريمة الصادقة: you are my saviour, O Jehovah God for ever true
- [ كل سُبل الرب رحمة وحق لحافظي عهده وشهاداته ] (مزمور 25: 10)
- [ يُرسل الله رحمته وحقه ] (مزمور 57: 3)
- [ (الملك) أجعل رحمة وحقاً يحفظانه ] (مزمور 61: 7)
- [ الرحمة والحق التقيا، البرّ والسلام تلائما ] (مزمور 75: 10)
- [ أما أنت يا رب فإله رحيم ورؤوف طويل الروح وكثير الرحمة والحق ] (مزمور 86: 15)
التعديل الأخير: