تابع مدخل عام للكتاب المقدس (12) تعليقات على سفر التكوين تعليق من 5 إلى 9

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0
تابع سلسلة مدخل عام للكتاب المقدس - الجزء الثاني عشر
تابع تعليقات على سفر التكوين
(5) وروح الله يرف؛ (6) الجَلَد؛ (7)
عُشباً وبقل؛ (8) جَلَد؛ (9) التنانين العِظام
المرحلة الأولى [الكتاب الأول : بداية الكون والإنسان]
بيراشيت = בּֽרֵאשִׁית = Bereshith = في البدء
____________________________
[FONT=&quot]للعودة للجزء الأول أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT=&quot]للعودة للجزء الثاني أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT=&quot]للعودة للجزء الثالث أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT=&quot]للعودة للجزء الرابع أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT=&quot]للعودة للجزء الخامس أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT=&quot]للعودة للجزء السادس أضغط هُنــــــــــا[/FONT]​
[FONT=&quot]للعودة للجزء السابع أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT=&quot]للعودة للجزء الثامن أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT=&quot]للعودة للجزء التاسع أضغط هُنــــــــــا[/FONT]​
[FONT=&quot]للعودة للجزء العاشر أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT=&quot]للعودة للجزء الحادي عشر أضغط هُنــــــــــا[/FONT]​




  • [5] وروح الله يرف على وجه المياه :
روح الله = רוּחַ אֳלֹהִים = روح إلوهيم، وهو يعني نسمة الله أي الروح القدس، وهذا التعبير يأتي في الكتاب المقدس عادة ليُشير إلى الروح القدس كمصدر للحياة في نشأتها وانتظامها وبقاءها، سواء كانت مادية بأي شكل أو عقلية أو روحية. وفي سفر التكوين وفي هذه الآية الافتتاحية يُذكر كأول إشارة لبدء الحياة الذي يصدر من الله الذي هو أصل وعلَّة كل حياة، وهذه هي الحركة الأولى للاستعلان الفائق لطبيعة الله، والتي يلزم أن تتقدَّم كل حركة وتسبق كل نطق إلهي يدعو أي شيء إلى الوجود، فلا منفعة لأي شيء ويستحيل أن توجد فيه حياة إن لم يحلَّ عليه أولاً روح الله، روح الحياة، الرب المُحيي، وهكذا تبدأ الحياة ويستمر الإعلان بهدوء ويقوى على مر الزمان إلى أن انكشفت الحقيقة في كمال استعلانها لنا في العهد الجديد في يوم الخمسين وحلول الروح القدس للسكنى الدائمة، وولادة الكنيسة كجسد المسيح الحي بروحه الخاص، روح الله، الروح القدس، روح إلوهيم.

أما كلمة [يرف] فتأتي بالعبرية بمعنى يحتضن [ مثلما يحتضن الطائر فراخه بكل حب وحنان شديد ]، وهنا يصف الوحي فاعلية الأقنوم الإلهي، أقنوم الروح القدس، ويصفه في حاله فعل [ يرف ] على وجه المياه، كما لو كان يرف فوقها محتضناً إياها في حب وحنان شديد بكل رأفة وعناية فائقة، مثلما وصف الله حبه لشعب إسرائيل وخلاصه لهم وإخراجهم من وسط الخراب وحالة المذلة ليصيروا شعباً جديداً وأمه مقدسة: [ إن قِسْمَ الرب هو شعبه، يعقوب حَبْلُ نصيبه، وجَدَهُ في أرض قَفر وفي خلاء مستوحش خَربٍ. أحاط به ولا حظه وصانه كحدقة عينه. كما يُحرك النسر عُشَّهُ وعلى فراخه يَرفُّ ويبسط جناحيه ويأخذها ويحملها على منكبيه، هكذا الربُ وحده اقتاده وليس معه إله أجنبي (أو إله غريب) ] (تثنيه 32: 9 – 12)

ويلزم أن نُلاحظ هنا وجود الماء والروح قبل أن تنشأ الحياة، فهما العنصران الأساسيان لظهور الحياة، فروح الله هو مصدر الحياة والمياه هي واسطتها: [ لأن هذا يُخفى عليهم أن السماوات كانت منذ القديم والأرض بكلمة الله قائمه من الماء وبالماء ] (2بطرس 3: 5)، وكما هو مكتوب في المزمور: [ تُرسل روحك فتُخلق وتجدَّد وجه الأرض ] (مزمور 104: 10)، كما نلاحظ أيضاً أن منذ البدء والوحي يُشير إلى ولادتنا الجديدة من الماء والروح، لأن يستحيل يوجد خلق جديد بلا الروح القدس [ إن كان أحد لا يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله ] (يو3: 5)

ويقول العلامة ترتليان عن المعمودية (في القرن الثاني) قائلاً: [ المياه البدائية هي التي أنشأت الحياة، حتى لا يندهش أحد من كون المياه أيضاً تقدر أن تهب الحياة في المعمودية ... فقد كان روح الله يرفُ فوق المياه، وهو نفسه الذي يُعيد خليقة الإنسان المعتمد ]، ويقول القديس أثيناغوراس (القرن الثاني): [ خلق الله كل شيء بكلمته وهو يحفظها في الوجود بالروح المنبثق منه ]


  • [6] وقال الله ليكن جَلَدٌ :
كلمة [ الجَلَد ] باللغة العبرية רׇקׅיעֵ (ر ق ي ع)، ويعني سطح منبسط مطروق، والكلمة اليونانية في الترجمة السبعينية هي: στερέωμα وتعني المنبسط الممتد عَبْر السماء ليفصل بين المياه السفلية والمياه العلوية بواسطة الفضاء الممتلئ بالهواء الذي يُهيء جواً مُلائماً للحياة على كوكب الأرض. والكلمة الإنجليزية للجَلَد: Firmament أو Expanse ومعناها [ دُعامة صلبه ممتدة كقبة تحجز فوقها المياه عن المياه التي تحتها ] " ودعا الله الجَلَد سماء "، والجلد بالمعنى العام هو سماء الطيور، أي المجال الجوي الذي تطير فيه الطيور، وكما يقول في باقي الأسفار المقدسة:
[ يُصرُّ المياه في سحبه فلا يتمزَّق الغيم تحتها ... ] (أيوب26: 8)
[ سبحيه يا سما السماوات ويا أيتها المياه التي فوق السماوات ] (مزمور148 : 4)


  • [7] وقال الله: لتنبت الأرض عُشباً وبقلاً يُبزر بزراً:
وهذا النص يأتي في اللغة العبرية هكذا [ وقال الله : تنبت الأرض نباتاً عُشباً مُبزراً بزراً ]، فبقلاً تعني نباتاً .
وعموماً المعنى العام أن الله خلق النبات الأخضر الذي ينمو في الأرض تلقائياً [ ليمطر على أرض حيث لا إنسان على قفر لا أحد فيه. ليروي البلقع و الخلاء و ينبت مخرج العشب ] (أيوب38: 26 – 27)، أو النبات العُشبي أو البري الذي يقتات منه الحيوان أو الإنسان [ أنظر إشعياء42: 15؛ إرميا14: 6؛ مزمور106: 20 ]، وبعد ذلك وأخيراً خلق الأشجار المثمرة كالنخل والزيتون ... وغيرها ... وهذه الأنواع جميعها تُعطي ثمراً بحسب أصنافها وأنواعها المختلفة، وهنا نلاحظ أن سفر التكوين يُشير هنا إلى الله الذي أقام في الكون نظاماً دقيقاً جداً لا يتبدل بحسب القوة التي وضعها الله في الكون، لأنه الله الخالق العظيم كل شيء بكلمته يكون ويُحفظ، لأن كلمته تُعطي حياة بل وتحفظ كل ما خُلق بها بدقة متناهية لا تتغير ...


  • [8] وقال الله : لتكن أنوار في جَلَد السماء (تك1: 14) :
وكلمة جلد هُنا تختلف عن سابقتها في المعنى المقصود بالرغم أن نفس اللفظة مثل سابقتها في العبرية، لأن الأولى تعني سماء الطيور والتي تُسمى في التقليد العبري [ السماء الأولى ]، أما الثانية فتأتي بالمعنى المقصود في النص عموماً [ سماء النجوم والكواكب ] والتي تُسمى في التقليد العبري [ السماء الثانية ] لذلك قال قبلها مباشرة: [ تكون نيرات في جلد السماوات ] ونيرات أو المنارات تأتي في العبرية מְארת (مآرات) أي أنوار، ومن ذلك نستطيع أن نفهم قول القديس بولس الرسول حينما قال: [ اعرف إنساناً في المسيح قبل أربع عشرة سنة أفي الجسد لست اعلم أم خارج الجسد لست اعلم الله يعلم اختطف هذا إلى السماء الثالثة ] (2كو 12 : 2)، فقول القديس بولس السماء الثالثة يقصد بها أنه لم يصعد للسماء الأولى التي هي سماء الطيور، ولم يصعد أيضاً للسماء الثانية، سماء الفلك والنجوم والكواكب، بل صعد إلى الله الحي والذي يُسمى في التقليد سماء الله أو إلى عمق الحضرة الإلهية في السماوات عينها حيث حضور الله وسكناه، وهذا الاختطاف بالروح حسب مقاصد الله بسر لا يُنطق به أو يستطيع أحد وصفه حتى أن القديس بولس الرسول نفسه لم يستطع أن يصفه قط، لذلك لا نستطيع ان نسمع لأي تفسير يشرح بدقة ما حدث للقديس بولس الرسول، لأنه كان في حضره إلهيه فائقة هو نفسه لم يستطع أن يشرحها أو ينطق بأسرارها، لذلك اي اجتهاد في الشرح هنا هو مجرد تأمل وظنون فكر تختلف من واحد لآخر ولا يُصح أن تُكتب كشرح أو تفسير، بل نتركها كما هي لأن القديس بولس الرسول نفسه لم يكتب عنها شيئاً على الإطلاق سوى ما ذكره فقط.


  • [9] التنانين العظام :
المقصود بها الحيوانات الضخمة عموماً وبكل أنواعها ولا يُقصد نوع محدد أو معين كما يعتقد البعض .

____________________
عموماً وباختصار الله خلق كل شيء بقدره كلمته وأعطى للأرض حياة، لأن كل ما يعطيه الله حياة دائمة ولا يستطيع أن يعطي موتاً قط، وهذا هو الدلالة العُظمى لأول الخلق في سفر التكوين، إذ أن الله المصدر الوحيد للحياة، بل وتقوم عليه كل حياة مهما كان نوعها وبدونه تستحيل الحياة نهائياً، ويقول القديس باسيليوس الكبير: [ دعنا نُمجد المولى صانع كل الأشياء التي خلقها بكل مهارة وحكمة؛ ومن جمال الأشياء المنظورة دعنا نكوَّن فكرة عن ذاك الذي هو أبرع جمالاً من بني البشر، ومن عظمة تلك الأجسام المُدركة والملموسة أمامنا، دعنا نتصوَّر ذاك الذي هو غير محدود وعظيم ويفوق كل التصوُّر في ملء قوته. لأننا حتى ولو كنا جاهلين بكل الأشياء التي صنعها. إلا أن ما يقع تحت ملاحظتنا فقط هو عجيب للغاية، حتى أن أكثر العقول ذكاء يظهر غير قادر على الإلمام بأقل ما في العالم من مخلوقات، سواء كان ذلك من حيث القدرة على الشرح الوافي لها؛ أو من حيث تقديم التسبيح اللائق لخالقها الذي له كل المجد والكرامة والقوة إلى الأبد ]


__________ يتبـــــع__________
في الجزء القادم سنكمل بعض التعليقات على سفر التكوين
مع شرح مفصل لبعض الألفاظ والكلمات الغامضة
 
أعلى