العدد 1- 5: من أخطأ هذا أم أبواه حتى وُلِدَ أعمى= فاليهود يرجعون كل مرض وكل عاهة تصيب الإنسان إلى خطية قد إرتكبها وبسببها يعاقب، أو خطية لأبواه وينال هو جزاؤها، أو خطية إقترفها هو ذاته في حياة أخرى عاشها قبل ولادته في هذه الحياة بمقتضى عقيدة تناسخ الأرواح أي العودة إلى التجسد، التي كانت شائعة في ذلك الوقت في بلدان الشرق الأوسط ولا سيما في مصر وفلسطين والهند. ولذلك قال الفريسيين للأعمى بعد أن شفي "في الخطيئة ولدت أنت بجملتك" (34:9). فالفلسفات نشرت فكرة تناسخ الأرواح وأيضاً فهم اليهود الخاطئ للآية "يفتقد ذنوب الآباء في الأبناء حتى الجيل الثالث والرابع" جعلهم يتصورون أن الله قد يعاقب مولود نتيجة أخطاء أبويه. ومع أن الله صحح هذا المفهوم (حز4:18) إلاّ أن الفكرة ظلت مستمرة ومعنى أن الله يفتقد ذنوب الآباء في الأبناء، أن الله يبحث في الأبناء.. هل خطيا أبائهم مازالت موجودة.. حينئذ يعاقب. وهو قال الجيل الثالث والرابع حين تكون الخطية صارت شائعة فتكون العقوبة عامة. ولاحظ أنه لم يقل أعاقب الأبناء بل أفتقد أي أبحث هل الخطية مازالت موجودة. ولكن في بعض الأحيان ينشأ طفل بمرض ناتج عن خطية أبواه وذلك مثلاً من أمراض النجاسة، أن أب ينهك صحته فيخرج إبنه ضعيفاً (حز5:20+7:34+ تث9:5). والمسيح لم يجب عن هذا السؤال ليتركنا نفكر ليس عن سبب الألم الذي نحن فيه ولكن كيف نحول الألم لعمل إلهي. والمسيح لم يلغي أن هناك علاقة بين الخطية والمرض فمن المؤكد أن هناك علاقة ولكن من العسير أن ندركها نحن بعيوننا فلا يصح أن نقول على كل متألم أنه متألم نتيجة خطيته. علينا أن لا نفكر فيمن أخطأ بل نصلي للمتألم ولكن من السهل أن نؤمن أن كل شئ يؤول إلى مجد الله فكل الأمور تعمل معاً للخير للذين يحبون الله. وكون أن هناك علاقة بين المرض وبين الخطية يتضح من قول المسيح لمقعد بيت حسدا "لا تخطئ فيكون لك أشر" أنا نور العالم= المسيح هو المرسل (سلوام تعني المرسل). فهذه البركة تشير لشخص المسيح الإلهي فهو المرسل من الآب لخلاص البشر. وهذه البركة كانت ترمز في النبوات إلى عرش ومملكة بيت داود (أش6:8+ نح15:3+ لو4:13) فالنبوات كانت تقول عن المسيح أنه مرسل من الله. والمسيح هو نور العالم ومازال موجوداً في العالم ولن يفارقه، ويعطي نوراً وإنفتاحاً لكل إنسان يؤمن. هو جاء ليكمل عمل الخليقة بإعطائها عيون روحية بدلاً مما فقدتها بالخطية ورافعاً حجاب الظلمة الذي كان يحجز رؤية الإنسان لله. هو يعطي نوراً للعالم وبصيرة في قلب الإنسان. وبين هذا عملياً بشفاء الأعمى. أعمل أعمال الذي أرسلني= في كل عمل أو معجزة يقوم به المسيح فهو يستعلن محبة الله لنا وإرادته من نحونا فهو يفتح عيني الأعمى ليعلن أن إرادة الله الآب هي أن نبصر ويقيم لعازر ليعلن أنه يريد لنا القيامة والحياة. ما دام نهار= ما قبل المسيح كان ليل يغطي الإنسان إذ فقد رؤيته لله وحين جاء المسيح نور العالم صار نهار والمسيح صنع معجزات شفاء كثيرة وعلَّم تعاليم محيية طوال فترة وجوده بالجسد على الأرض والمعنى المباشر الذي يقصده السيد، أنه طالما أنا في الجسد فلأعمل أعمال شفاء لتؤمنوا. ونحن لازلنا نستمتع بنهار المسيح فهو مازال معنا "ها أنا معكم كل الأيام إلى إنقضاء الدهر" (مت20:28) وهو يعمل مع كل واحد ليفتح بصيرته قبل أن يأتي ليله، وليل الشخص يعني يوم موته وهناك ليل عام وهو يوم الدينونة حين تنتهي فرصة كل إنسان خاطئ أعمى من أن يستنير بنور المسيح. (فلننتهز الفرصة مادام نهار قبل أن نموت). ما دمت في العالم فأنا نور العالم فالمسيح لنا هو نور الحياة، هو يضئ في ظلمة حياتنا. ينبغي أن أعمل= المسيح مشتاق أن يعمل، ويغير طبيعتنا إلى الخليقة الجديدة. فلنسلم له حياتنا طالما نحن أحياء (مادام هناك نهار). ما دام نهار= المقصود به وقت العمل. أما الليل فهو التوقف عن العمل إذاً النهار هو حياة المسيح على الأرض بالجسد قبل صلبه. العدد 6- 7: هذه عملية خلق أو هي خلقة تصحيحية. فالمسيح هنا يخلق عينين (تك7:2+ أش8:64) كأن عجنة الطين التي خُلِقَ منها الأعمى عادت ليد خالقها الأول يشكل لها من ذات الطين عينين راجع (أر18). ولعاب المسيح يصنع شفاء فهو ينقل من المسيح سر الحياة الجسدية والسليمة والكاملة فهو حي ومحيي وكل جزء من جسده فيه حياة وشفاء. إذهب إغتسل في بركة سلوام= وكان على الأعمى أن يؤمن ويطيع ويغتسل ولو فكر لإمتنع فلو إغتسل لسقط الطين. وبركة سلوام هي بركة تستمد مياهها من نبع عالٍ إسمه حالياً "نبع مريم" وقد حُفِرتْ البركة بقصد توصيل المياه داخل أسوار أورشليم خلال قناة تحت الأرض ليكون هناك مياه في أورشليم أثناء حصارها. وربما حفرت من أيام سليمان. ومعنى كلمة سلوام= المرسل لأن مياهها مرسلة من مكان آخر، وليست نابعة من مكانها، بل منحدرة ومرسلة إليها من نبع آخر أعلى كأن المسيح يقول أن من يشفي الأعمى أي المسيح نفسه هو مرسل من الله. والإغتسال فيه معنى المعمودية والمعمودية هي موت وقيامة مع المسيح المرسل من الله= سلوام (رو3:6-5) وهذا هو الخلق الجديد. وسماها إشعياء "شيلوه" (6:8) بمعنى مرسلة. وقد ردمت مع الزمن وأعيد إكتشافها. وهي لها إتصال وثيق بخدمة الهيكل لذلك إعتبرت مياهها مقدسة وكانت تستخدم مياهها في طقوس عيد المظال. والرب أرسل الأعمى ليغتسل فيها، والإغتسال في مياه مقدسة هو المعمودية. فالماء له دور في الخلقة الجديدة لذلك أرسله المسيح إلى الماء. وكانت المياه مياه جارية لإنحدار القناة من البركة العليا للبركة السفلى. والمعمودية تسمى الإستنارة في العهد الجديد. وهذه البركة ترمز للمسيح (أش6:8) وبالذات لخلاص المسيح الهادئ، وفي (أش6:8) نجد مقارنة بين خلاص المسيح الهادئ وبين المياه القوية والكثيرة التي كانت ترمز للقوى الإنسانية التي يتصورها اليهود لخلاصهم، فهم يريدون مسيحاً يقود جيوش. وهذه النبوة تشير لأن اليهود رفضوا المسيح "رذلوا مياه شيلوه الجارية" ولاحظ أن المسيح ذهب للأعمى دون أن يسأله أحد، رمزاً لأنه أتى لتجديد خلقة البشر دون أن يسأله أحد (أش1:65) نلاحظ أن الطين يفسد العين السليمة، أي الطين يزيد حجم المشكلة. وهكذا في بعض الأحيان نتصور أن الله يعقد المشكلة. كما حدث للشعب فالبحر أمامهم وفرعون وراءهم.
العدد 8- 12: إنسان يقال له يسوع= في أصلها اليوناني الإنسان الذي يقال له يسوع. فالأعمى رأى المسيح أنه في وضع يفوق كل الناس. أليس هذا هو= فشكله قد تغير. وهكذا كل من عرف المسيح وإستنارت عيناه. ولاحظ أن المولود أعمى لم يرى المسيح حتى ذلك الوقت. العدد 13- 15: السنهدريم مكون من الفريسيين ورؤساء الكهنة. لذلك فالفريسيين هم فرع من السنهدريم. وهؤلاء رأوا أن المسيح كسر السبت في عدة نواحٍ فهو تفل على الأرض وصنع طيناً وهذا عمل، وعالج الأعمى وهذا عمل والأعمى سار حتى بركة سلوام. والربيين قالوا من يضع دواء في العين يوم سبت فهو حرام، ولكنهم لم يروا المعجزة في روعتها فصاروا هم عمياناً وأبصر الأعمى. هنا نرى أعمى بالجسد وقد صار مبصراً ونرى عميان بالبصيرة يرون الماديات ولا يرون الحقيقة. العدد 16: هنا بدأ إنشقاق بين الفريسيين. العدد 17- 23: إنه نبيٌ= بعد أن كان المسيح في نظره مجرد "إنسان إسمه يسوع". فبعد أن إنفتحت عيناه صار يسوع نبي. كان يخبئ الكلمة في قلبه، ولم يستطع كتمانها أكثر من ذلك، وشهادته هذه تأكيد للنور الذي دخل قلبه، ولاحظ عدم خوفه من الفريسيين= السنهدريم= اليهود. لم يصدق اليهود= هو ظنوها مؤامرة بين المولود الأعمى والمسيح فطلبوا سؤال أبويه وهم خافا حتى لا يخرجوا من المجمع. العدد 24- 25: إعط مجداً لله= عبارة تشير إلى أن هناك إجراء خطير سيتخذ ضدك وهذا الإجراء له شقين [1] شق ديني= يحرم المتهم من الله والحياة الأخرى. [2] شق مدني= يعزل عن المجتمع ولا يتعامل معه أحد (بيع أو شراء) وهم يخيفونه بهذه العبارة (يش18:7) والمعنى إعترف لعل الله يرحمك في الحياة الأخرى، فهم يطالبون المتهم بالإعتراف بالحق خوفاً من الله. وأن قراراً سيصدر بقطع المتهم أو إعدامه، فعليه قبل هذا أن يعترف بخطيته ويعطي بهذا مجداً لله ليحتفظ بحق الرحمة في الدهر الآتي بعد أن يكون قد حُرِم من كل حقوق الحياة كواحد من شعب الله في الحاضر (قتل أو قطع). وهم هنا يريدون أن يرعبوا هذا الأعمى البصير حتى يسحب إعترافه بأن المسيح نبي وهم يوصوا للأعمى بما يقول إذ يقررون أمامه بأن المسيح خاطئ، وأن هذا حكمهم وهم السنهدريم أي الهيئة الرسمية، حتى يلتزم بتغيير شهادته. أنا أعمى والآن أبصر= إن أقوى رد على محاولات التشكيك في المسيح هي إختباراتنا الشخصية. العدد 26- 28: هم يريدون أن يستنطقوه بأن المسيح صنع سحراً إو إستخدم شياطين ليشفيه أو يقول كلاماً مناقضاً لما قاله من قبل فيمسكونه عليه. وبدأ الأعمى البصير يهاجمهم ويسخر منهم فشتموه وإتهموه بأنه تلميذ المسيح وليس تلميذاً لموسى. (هذا الأعمى الشحات وبخهم= أعلنها للأطفال الصغار وأخفاها عن الحكماء). تلاميذ موسى= كانوا يقولون أنهم تلاميذ موسى ويقولون هذا بصلف وكبرياء وإستعلاء. فإن كانوا يتباهون بأن الله كلَّم موسى فإنه من المؤكد أنهم سمعوا شهادة المعمدان بأن السماء إنفتحت للمسيح والآب تكلم يوم عماده. تلميذ ذاك= بهذا هم فصلوه من المجمع. العدد 29- 34: الله لا يسمع للخطاة= (أي8:27،9+ مز15:34،16+ أم27:1-29، 29:15+ أر11:11) نرى الفريسيين متشككين ويحاولون تشكيك ذلك الأعمى المستنير وما يثير هؤلاء الفريسيين أن المسيح لم يحصل منهم على تصريح بما يفعله، لا منهم ولا من مدارسهم. وهم سلطانهم من موسى، وموسى من الله، وهم يتكلمون بفم موسى أي بفم الله، ولكن المسيح بأعماله يهدم كل ذلك، والأعمى رأى وفهم أما هم فتحجروا. وما منعهم من الفهم هو إحساسهم بضياع سلطانهم. وكان منطق الأعمى المستنير، وإن لم تعرفوا من أين هو فيكفي هذه المعجزة لأن تعلموا من هو ومن أين هو، فهو لابد من الله فلا يمكن أن يسمع الله للخطاة (مز18:66). وكالعادة إذ لم يجدوا رداً بدأوا يشتمونه. في الخطايا ولدت أنت= أي أنت ولدت أعمى بسبب خطاياك وخطايا أبوك وأمك وهذا هو الرأي اليهودي ولكن ما قولهم إذ فتح المسيح عينيه الآن. ثم طردوه من جماعة اليهود. وكان الحكم بالطرد إمّا لفترة 30يوماً أو لمدة طويلة. والطرد كان يحرمه من مزاياه الدينية والاجتماعية. لاحظ تخبط اليهود "أما هذا فما نعلم من أين هو (29:9) "هذا نعلم من أين هو (27:7) "المسيح متى جاء لا يعرف أحد من أين هو" (27:7). العدد 35- 38: فوجده= أي فتش عليه حتى وجده، فالمسيح يبحث عن كل من خسر شيئاً لأجله ليعطيه إختباراً أعمق لذلك هو أب الأيتام وقاضي الأرامل ومعين من لا معين له. والمسيح فتح له باب الحياة الأبدية بأن دعاه للإيمان، وهو إذ طردوه شابه المسيح المرفوض وحمل معه صليبه، ولقد ظنه الأعمى من قبل أنه نبي، وها هو يؤمن أنه إبن الله. الذي يتكلم معك هو هو= هو الثانية تعني الكينونة (أنا الكائن). العدد 39- 41: أتى المسيح للعالم كنور ليفضح الظلام. حتى يبصر الذين لا يبصرون= مثل الأعمى وكل الذين آمنوا وتابوا، فالأعمى آمن وسجد. ويعمي الذين يبصرون= أي الذين يدَّعون لأنفسهم البصر والبصيرة والعلم والمعرفة، العارفين للحق كالفريسيين، هؤلاء قاوموا ورفضوا الإيمان لأن غلظة قلوبهم أعمت بصائرهم. هؤلاء هم من أسماهم المسيح من قبل الحكماء (حكماء في أعين أنفسهم) والفهماء (لو21:10+ مت25:11+ رؤ17:3). وقولهم ألعلنا نحن أيضاً= فيها كبرياء وترفع على الآخرين فهم يشعرون أنهم العلماء العارفين، وهذا يزيد عماهم. ونرى هنا أن الأعمى قبل نورين، نور الجسد ونور الله فأبصر وإستنار معاً. والفريسيين بإرادتهم ورفضهم إنحجب عنهم النور (يو19:3+ مت14:15+ لو51:1-53). فالنور هو بهجة العيون السليمة وأذى للعيون الكليلة المريضة. والمسيح نور ومن يقبله وترحب به عينيه يتزايد نورها، وكل عين لا تقبله يرفع عنها النور. لدينونة أتيت= لإظهار ما في القلوب، وتمييز الأبرار من الأشرار= وضع لسقوط وقيام كثيرين (لو34:2) المسيح لم يأتي في مجيئه الأول ليدين، لكن من يرفض الإيمان به يدان= لدينونة أتيت ومن يؤمن به ينجو من الدينونة. المسيح أتى لينير قلوب العميان لجهلهم فيبصرون، ويفضح المتكبرون الرافضون. لو كنتم عمياناً لما كانت لكم خطية= أي لو كان عماكم ناشئ عن جهل بالكتاب المقدس لما أدنتكم، ولكنكم تعاندون. (قارن مع رو19:2). والمسيح وصفهم من قبل بأنهم يبصرون ولكنهم في سبيلهم لأن يكونوا غير مبصرين. وما الذين يجعل المبصر لا يرى سوى أعماله الشريرة وكبرياؤه وخطاياه، ومع هذا فهم يقولون نحن نبصر ونحن نور للذين في الظلمة كما فعل الفريسيين، فهم في الحقيقة عميان والخطية أعمت عيونهم. فخطيتكم باقية= طالما أنتم مصرين على خطيتكم ولا تريدون أن تأتوا لتبصروا. ولكن لو شعرتم بأنكم عميان وأتيتم لتشفوا فسيضئ لكم النور وتغفر لكم خطاياكم. ولكنهم ينكرون المسيح ليس جهلاً ولكن تجاهلاً للحقيقة. ألعلنا نحن أيضاً عميان= الإنسان الذي يشعر بالإكتفاء وعدم الإحتياج للمسيح يتقيأه المسيح (رؤ16:3،17). تقولون أننا نبصر= تدعون المعرفة وبعنادكم ستظلون كما أنتم.