- إنضم
- 6 أكتوبر 2009
- المشاركات
- 16,056
- مستوى التفاعل
- 5,370
- النقاط
- 0
تابع سلسلة مدخل عام للكتاب المقدس - الجزء الثاني عشر
____________________________
[FONT="]للعودة للجزء الأول أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT="]للعودة للجزء الثاني أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT="]للعودة للجزء الثالث أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
تابع تعليقات على سفر التكوين
التعليق (10) نعمل الإنسان على صورتنا
التعليق (10) نعمل الإنسان على صورتنا
المرحلة الأولى [الكتاب الأول : بداية الكون والإنسان]
بيراشيت = בּֽרֵאשִׁית = Bereshith = في البدء
[FONT="]للعودة للجزء الأول أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT="]للعودة للجزء الثاني أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT="]للعودة للجزء الثالث أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT="]للعودة للجزء الرابع أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT="]للعودة للجزء الخامس أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT="]للعودة للجزء السادس أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT="]للعودة للجزء السابع أضغط هُنــــــــــا[/FONT][FONT="]للعودة للجزء الخامس أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT="]للعودة للجزء السادس أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT="]للعودة للجزء الثامن أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT="]للعودة للجزء التاسع أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT="]للعودة للجزء العاشر أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT="]للعودة للجزء الحادي عشر أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT="]للعودة للجزء الحادي عشر أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT="]للعودة للجزء الثاني عشر أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
- [10] نعمل الإنسان على صورتنا:
في الحقيقة أن خلقة الإنسان في سفر التكوين جاءت في موضوعين مختلفين [ في سفر التكوين الإصحاح الأول : [ 26 – 31 ؛ في الإصحاح الثاني : 7 ] والله حينما خلق الإنسان لم يخلقه إنسان متعدد، أي لم يخلق كل إنسان على حده، بل خلق إنسان واحد لكي يكون رأس البشرية ومن ضلعه جبل حواء لتكون أم كل حي، فآدم يصير أب البشرية وحواء أمها، وبذلك صار آدم يُمثل الجنس البشري بأجمعه، وفي مواضع أخرى في الكتاب المقدس نجد أن لفظة آدم تأتي أحياناً لتُعبِّر عن الجنس البشري أو الإنسان كمخلوق يعتمد على الله مصدر وجوده وحياته الحقيقية (أنظر مزمور32: 2؛ أمثال: 28: 17؛ جامعة 5: 18)، ولنلاحظ عند خلق الإنسان لم يعطي الله أمراً كما فعل عند خلق باقي الخليقة فهو لم يقل [ ليكن الإنسان ] فلم يخلق الله الإنسان بأمر، بل خلقه بالمشورة الإلهية بصيغة الجمع: [ نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا ]، وواضح هنا إرادة الثالوث القدوس الذي بمسرة مشيئته يخلق الإنسان على صورته ليكون له ميزه خاصة وكرامة عظيمة جداً، ويقول القديس باسيليوس الكبير (330 – 379م): [ أما هنا (يقصد على الإصحاح الأول من سفر التكوين) وما زال الإنسان لم يوجد بعد، وإذا بمداولة بخصوص الإنسان. فالله لم يقل كما قال بالنسبة لسائر المخلوقات: [ ليكن إنسان ] !؛ لاحظ الكرامة التي تختص بك. فإنه لم يستدعي وجودك بأمر، ولكن كان هُناك تشاور في الله (غير مقصود أن الله كان حائراً أو يتشاور مثل الرؤساء ليفعل ما هو أفضل بل المعنى هنا لتوصيل أهمية الإنسان وتفضيله عن سائر المخلوقات، أي لإظهار اهتمام الله الخاص جداً بالإنسان) من أجل أسلوب الدخول إلى الحياة لذلك الكائن الحي (أي الإنسان) المستحق للكرامة ]
لذلك يا إخوتي فلننتبه، أن الإنسان مميز للغاية، لأنه الوحيد الذي لم يُخلق بأمر، بل بفعل خلق مُميز جداً، على صورة وشبهه الله، وينبغي علينا حينما نسمع أننا على صورته كشببه، أن نُنقي أنفسنا من أي مَرضٍ ملتصق بالقلب، ونخلع ظلمة الفكر وفلسفته القاتلة للنفس، وأن ننزع من داخلنا أي فهم ردئ عن الله الحي، لأن هُناك أُناس بظلمة فكرهم المظلم يقولون: إذا كُنا قد خُلقنا على صورة الله، فإن الله من نفس هيئتنا: له عينان، وأُذُنان، ورأس، أيدي... أخل، اي خلع شكل الجسد على هيئة الله، ويقولون لأن الكتاب المقدس يتكلم على أن الله جلس، وأنه يمشي ... الخ، أهكذا يكون الله ؟
فينبغي علينا أن نطرح من قلبنا تلك الأوهام التي لا تليق بالله، وأن نطرد من مخيلتنا كل فكر لا يتناسب مع عظمة الله ، فالله الحي ليس له هيئة لأنه بسيط في طبيعته، ولا ينبغي لنا أن نتخيل أن له شكل مُحدد، ونحصره في داخل المفاهيم الجسدية، ولا نحده بالعقل ونضعه تحت الفكر الفلسفي، وميكروسكوب التحليل النظري حسب مفهوم كل واحد فينا عنه، لأنه ليس صنم ولا هو كتاب علمي أو ففلسفي قابل للنقاش والجدل والتحليل، لأن من يستطيع أن يصف من لا يوصف، أو يستطيع أن يتكلم عن هيئة لم يراها أو يعرف اتساعها لذلك نجد الرب يقول لليهود [ والآب نفسه الذي أرسلني يشهد لي لم تسمعوا صوته قط ولا أبصرتم هيئته ] (يوحنا 5: 37)، فعظمة الله يستحيل إدراكها، فلو فكرنا في العظمة ووصفناها بكل دقة، فينبغي علينا أن نضيف إلى عظمة الله أكثر مما وصلنا إليه بما لا يُقاس بكثيراً جداً ...
ولا ينبغي علينا أن نُفكر في الله من جهة الشكل، فالله يُفهم من قدرته وأعماله، من بساطة طبيعته وليست من عظمة حجمه، قهو مالئ كل مكان ويفوق الكل، يرى كل شيء وحتى أفعال الإنسان القبيحة ولكنها يستحيل أن تمسه بشيء، يحجب وجهه عن الشر وكل من يفعله، مع أنه يعتني به ويقدم له بصبر عظيم الطريق لخلاص نفسه ليخرج من الظلمة للنور، وهذا كله يفعله بطبيعة عدل محبته، لأنه ميز الإنسان عن كل الخليقة بملامح وسجايا جديرة به، لكي يعود دائماً لأصل وجدوه ليحيا في سعادة تامه بشركة الحياة، لأن الإنسان لم يكن له نفس وروح مثل باقي الخليقة الحية، مثل الطيور والحيوانات، ولكنه تميز بصورة الله ومثاله، والإدراك لما هو إلهي، لأننا لا نملك صورة الله من جهة الشكل الجسدي، مع أن الله الكلمة ظهر في الشكل الجسدي لأنه أخذ طبيعتنا واتحد بها، ولكنها ليست هي شكل جوهره أو هيئة لاهوته، بل استتر فيها لاهوته مثلما شبهها القديس أثناسيوس الرسولي، مثل النار في الحديد، لأن الحديد هو الهيئة والنار المتحدة به ليس لها هيئة أو شكل، ولكنها اندمجت واتحدت به حتى اتخذت نفس الهيئة والشكل، مع أنها لازالت ناراً ولم تتغير عن طبعها إطلاقاً، ولا حتى الحديد نفسه تحول ليصير هو ناراً، فلا النار ابتعلت الحديد ولم يعد له وجود، ولا الحديد استحوذ على النار ليغير طبعها فتصير هي ذاتها حديد ولم يعد لها وجود...
[ وقال الله نعمل الإنسان بصورتنا كشبهنا، فخلق الله الإنسان بصورته، بصورة الله خلق إياه (على صورته خلق الإنسان) ] (حسب الترجمة العبرية):
لماذا نرى هذا الجمع، مع أن هذا الكلام في النص العبري لا يُشير لأي تعظيم أو تفخيم أو مدح وإكرام !!! ولو دققنا لن نجد الجمع الطبيعي في الكلام، لأنه لم يخلقه على صور، بل على صورته، فنجد جمع مع مفرد عجيب يخرجنا خارج كل قواعد اللغة المتعارف عليها...
ويقول العلامة ترتليان (155 – 220م): [ إني أسألك: كيف يُمكن لكائن ما وهو واحد وحدانية مُطلقة أن يتكلم بصيغة الجمع قائلاً: "نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا" ... ثم يقول أيضاً: "هوذا الإنسان قد صار كواحدٍ منا"؟، فهو يا إما يخدعنا أو يلهو بنا إذا كان يتكلم بالجمع وهو واحدٍ مفرد. أم أنه يتكلم مع الملائكة كما يُفسر اليهود هذا النص لأنهم لا يعرفون الابن ؟ أم أنه منذ البدء: الآب والابن والروح القدس، لذلك تكلم عن نفسه بصيغة الجمع لهذا السبب ؟ نعم، فلأن الابن كان معه أقنوماً ثانياً، كلمته الخاصة، والأقنوم الثالث أيضاً، الروح في الكلمة، لذلك استخدم بالقصد هذا القول الجمع: (نعمل) على (صورتنا)، (صار كواحد منا). لأنه بمن صنع الإنسان ؟ ومن هو الشبيه الذي صنعه على صورته ؟ فهو يتكلم مع الابن الذي كان عليه أن يلبس طبيعة البشر، ومع الروح الذي كان عليه أن يُقدسها. فهو إذن يتكلم معها في وحدانية الثالوث كما مع شركاءه وشهوده ]
ويقول القديس باسيليوس الكبير: [ إن قول الكتاب "فخلق الله الإنسان" يجعلك تُوَحَّد الإلوهية، توحَّد القدرة وليس الأقنوم. تُعطي في عبادتك مجداً واحداً وليس مُقسماً على آلهة كثيرة. لم يقل "خلق الآلهة الإنسان" بل "خلق الله". إن للآب أقنوم خاص يُميزه وللابن أقنوم خاص يُميزه وأيضاً للروح القدس أقنوم خاص يُميزه.
إذن لماذا ليسوا ثلاثة آلهة؟ لأن الإلوهية هي واحدة. فالإلوهية التي أُبصرها في الآب، هي نفسها التي في الابن وفي الروح القدس أيضاً. فطالما أنه يوجد شكل واحد في كل واحد منهم، لهذا السبب: فإن عبادتنا وتسبيحنا هما واحد. والتدبير السابق لخليقتنا هو حقاً أمراً لاهوتياً. ]
- ما معنى الصورة والشبه التي خُلق عليها الإنسان ؟
الصورة وهي في العبرية : צַלםֵ صَلم = Selem، وفي اليونانية تُقابلها كلمة σκιά (سكيا) والتي وردت في كورنثوس 2: 17 بمعنى ظل أو شبه، وأيضاً ذُكرت في عبرانيين 8: 5، وهي عكس كلمة εἰκών (أيقون) والتي تعني ذات الشيء [ لأن الناموس إذ له ظل Σκιάν الخيرات العتيدة لا نفس صورة Εἰκόνα الأشياء ] (عبرانيين10: 1)، وطبعاً لابد أن نلاحظ أنه لم يذكر صورته فقط بل لحقها بكلمة شبهه، أي أن الإنسان لم يكن هو الأصل أي أنه ليس هو الصورة الحقيقية بل هو على صورة الله وشبهه بمعنى أنه لم يكن هو الله بشخصه بل على صورته، أي يُعتبر الظل من الأصل، فهو هنا يعني الشبه والمثال، غير شخص المسيح الكلمة الذي قال عنه القديس بولس الرسول أنه صورة الله الحقيقية أي الهيئة ونسخة طبق الأصل، إذ قال واصفاً شخص المسيح كلمة الله [ رسم جوهره (جوهر الله) ] فهو ليس مجرد (سكيا) مثلما قيل عن الإنسان بل هو من نفس ذات الطبيعة من نفس ذات جوهر طبيعة الله، والذين يرونه ويعرفونه، يرون الآب ويعرفونه [يو14: 7 – 10] لذلك لم يستخدم القديس بولس الرسول الكلمة اليونانية χαρακτήρ – character، والتي تعني رسم طبق الأصل أو نسخه طبق الأصل، وهذا واضح في سياق الكلام وارتباط كلمات الآية كاملة، لأن الاقتصاص لكل كلمة وحدها لن تصل بنا للمعنى الذي قصده القديس بولس الرسول ...
عموماً هنا يشرح أن الرب يسوع ليس مجرد نسخه مرسومة أو مطبوعة أو مقلدة، ولكنه نفس الهيئة وذات الحق لذلك لم يقل أنه مجرد رسم، بل قال [ الذي هو ὅς ὤν بهاء άπαύγασμα مجده ورسم جوهره وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته ] (عبرانيين1: 3)، الذي هو ὅς ὤν الكينونة [ لأن كلمة هو هنا ليس ضمير بل اسم الفاعل "الكائن" أي الكائن بذاته = [ أنا هو ]، وكلمة بهاء άπαύγασμα هُنا تُشير إلى نور الشمس الذي يوصل ضياءها ونفس ذات قوتها عينها، وليس المقصود إطلاقاً هُنا أي معنى للانفصال أو المحدودية أو مجرد شعاع يخرج من شمس أو أنه شعاع كما شعاع الشمس والتي هي ذات أشعه كثيرة، هذا شطط في المعنى وبعيد عن المقصود تماماً، فلابد أن نفهم أن القديس بولس الرسول هنا يتكلم عن الصدور والانعكاس كمجال للاتصال، ومجد يعلن عن مجد، ونور يعلن عن نور، وذلك باتحاد مطلق، أزلي أبدي يستحيل فيه انفصال قط، وبمعنى كنسي أدق وحسب قانون الإيمان: نور من نور، ومن نفس ذات جوهر الآب، مساوي للآب في الجوهر = ὁμοούσιος = هوموأوسيوس = أي co-essential = أي الجوهر المتحد المتساوي ...
عموماً شخص المسيح الكلمة المتجسد هو صورة الله غير المنظور والذي هو قبل كل شيء، وفيه يقوم الكل (كولوسي1: 15، 17)، فالله لم يره أحد قط، الابن الوحيد الذي هو في حضن الآب هو خبر (يوحنا1: 18) ومن رآه فقد رأى الآب (يو14: 9)، وهو رسم جوهر الآب الغير محدود ولا ظاهر لأحد، بل هو الصورة التي تظهر بهاء مجد الآب وتعلنه أمام الجميع [ فقال له يسوع: أنا معكم زماناً هذه مدته ولم تعرفني يا فيلبس ؟ الذي رآني فقد رأى الآب، فكيف تقول أنت أرنا الآب ؟ ألست تؤمن أني أنا في الآب والآب فيَّ ] (يو14: 9و 10)
__________ يتبـــــع__________
في الجزء القادم سنكمل باقي التعليق رقم [10]
في الجزء القادم سنكمل باقي التعليق رقم [10]