تابع مدخل عام للكتاب المقدس (14) تعليقات سفر التكوين: (2)الإنسان وصورة الله

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0
تابع سلسلة مدخل عام للكتاب المقدس - الجزء الثاني عشر
تابع تعليقات على سفر التكوين
التعليق (10) نعمل الإنسان على صورتنا
المرحلة الأولى [الكتاب الأول : بداية الكون والإنسان]
بيراشيت = בּֽרֵאשִׁית = Bereshith = في البدء
____________________________
[FONT=&quot]للعودة للجزء الأول أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT=&quot]للعودة للجزء الثاني أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT=&quot]للعودة للجزء الثالث أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT=&quot]للعودة للجزء الرابع أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT=&quot]للعودة للجزء الخامس أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT=&quot]للعودة للجزء السادس أضغط هُنــــــــــا[/FONT]​
[FONT=&quot]للعودة للجزء السابع أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT=&quot]للعودة للجزء الثامن أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT=&quot]للعودة للجزء التاسع أضغط هُنــــــــــا[/FONT]​
[FONT=&quot]للعودة للجزء العاشر أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT=&quot]للعودة للجزء الحادي عشر أضغط هُنــــــــــا[/FONT]​
[FONT=&quot]للعودة للجزء الثاني عشر أضغط هُنــــــــــا
[/FONT][FONT=&quot]للعودة للجزء الثالث عشر أضغط هُنــــــــــا[/FONT]





  • تابع تعليق [10] نعمل الإنسان على صورتنا:
نعود مرة أخرى لنوضح معنى خلق الإنسان على صورة الله ومثاله بعد أن أوضحنا الفرق ما بين الإنسان كصورة لله والفرق بين المسيح الرب كرسم جوهر الله:
يقول القديس مقاريوس الكبير: [ فالنفس إذن، هي صنيع إلهي عظيم مملوء عجباً ... والحاصل أنه خلقها من نوع يُصيرها له عروساً ورفيقة (على صورته ومثاله) حتى يقترن بها فتصير معه روحاً واحداً (كقول الرسول في 1كورنثوس 6: 17) ]
ويقول القديس كيرلس الكبير شارحاً المعنى باختصار: [ تكوين الإنسان على صورة الله له معانٍ كثيرة، معاني على السطح ومعاني عميقة، لأن الإنسان وحده، بين كل المخلوقات الحية على الأرض، كائن عاقل ناطق، متعاطف مع غيره، ذو قدرة على كل نوع من الفضيلة، وقد خصَّهُ الله بالسلطان على كل خلائق الأرض حسب صورة الله وشبهه. لذلك فبقدر ما هو كائن ناطق عاقل، محب للفضيلة وسيد على الأرض، بقدر ما يُقال إنه مخلوق على صورة الله ]
ويقول القديس إيرينيئوس: [ الإنسان كائن عاقل ناطق، وعلى هذا الأساس هو شبيه بالله، مخلوق بإرادة حره وسيد لنفسه ]
ونختتم الكلام بقول القديس كيرلس الأورشليمي: [ أعرف نفسك، أعرف من أنت – فهذه هي حالتك: فأنت بشر مِكوَّن من نفس وجسد، والله نفسه هو المبدع لكل من النفس والجسد. وأعلم أيضاً أن لك نفساً هي سيدة لنفسها، وهي أعجب إنجازات الله المصنوعة على صورة صانعها، غير قابلة للموت، من أجل الله الذي أعطاها الخلود، فهي كائن عاقل غير قابل للفساد بسبب ذلك الذي أعطى مجاناً كل هذه النعم، والذي له القدرة على أن يفعل ما يشاء ] ( عظات القديس كيرلس الأورشليمي للموعوظين 4: 8 )


  • الوجه الثاني للشبه بالله في الإنسان :
لقد عرفنا أن الإنسان خُلق على صورة الله وأوضحنا الوجه الأول من الصورة الإلهية فيه أو فينا من جهة أنه أخذ الخلود والإرادة الحرة والنمو نحو الله ليكون مثالاً، إذ نال كل السجايا الجديرة باللاهوت حتى ينمو حسب المثال الذي ينبغي أن يكون عليه، إذ قد نال الملامح الإلهية من جهة حب القداسة والطهارة والنقاوة التي توجد ملامحها بداخله فيشتاق إلى كل منها في الله فيسعى وينمو بها ليصل إلى كمالها في الله حبيبه الخاص بالالتصاق به ليصير في وحده معه فتنطبق الصورة على صانعها وترتاح على مثيلها أي الله، لذلك يظل الإنسان في قلق مستمر إلى أن يجد راحته في الله أصل وجوده ...


  • والوجه الثاني للشبه بالله في الإنسان ممكن نلخصه في الآتي :
[أ] التسلط والسيطرة [ نعمل الإنسان على صورتنا كشبهنا فيتسلطون ]، فملامح الله في الإنسان من جهة أنه أخذ سلطان إلهي بالتسلط والسيطرة على كل الخلائق غير العاقلة الكائنة على الأرض، سواء كانت في البحر أو الجو أو البرّ أو على اليابسة أي الأرض.
[ب] لقد جُعلت المخلوقات عموماً – الغير عاقلة – تابعة ونافعة لآدم، وغُرس في طبيعتها المخافة من الإنسان كسيداً لها ولكي تخضع لسلطانه الموهوب له من الله.
[جـ] بفضل هذا السلطان أصبح الإنسان سيداً على الأرض كلها شبيهاً بالله الذي يفرض سيادته العُليا على الكون كله [ ونعود نركز على كلمة شبيهاً [ شبيهاً ثانوياً ] وليس مثله من جهة المعنى الحرفي للكلمة كما أظهرنا في الجزء السابق ].
عموماً الأكثر تمييزاً لصورة الله في الإنسان هو أنهُ خُلِقَ مُشابهاً لله في الفضيلة والقداسة وبوجه آخر أخذ سلطاناً على الخليقة كلها، والسيادة في الإنسان مرتبطة بجوهر طبيعته بحسب هبة الله الممنوحة له بالخلق ...
ويقول القديس كيرلس الكبير عامود الدين: [ إنه ليس تجنباً للواقع إذا قيل إن شَبَه الله في الإنسان هو من جهة سلطانه على الخليقة، لأن السلطان قد أُعطى له على كل ما على الأرض. وهذا هو الوجه الثاني للشَبَه بالله. فقد خُلِقَ آدم على صورة خالقه وعُيِّن ليتسلط على كل ما على الأرض ]

عموماً باختصار ومن ناحية التطبيق العملي في حياتنا الشخصية اليوم نستطيع أن نلخص هذه النقطة في الآتي :
+ الله قدوس، والإنسان مخلوق على صورة الله في القداسة: [ فتكونوا قديسين لأني أنا قدوس ] (لاويين 11: 45)، وتكرر كلام الله بنفس ذات الكلام مخاطباً شعبه الخاص في [ لاويين 19: 2 ؛ لاويين 20: 7 و26]. وفي العهد الجديد فقط طالبنا الرب يسوع له المجد بأن نكون كاملين: [ فكونوا أنتم كاملين كما أن أباكم الذي في السماوات هو كامل ] (متى5: 48). كما يؤكد القديس بطرس الرسول قائلاً: [ بل نظير القدوس الذي دعاكم كونوا أنتم أيضاً قديسين في كل سيرة، لأنه مكتوب: كونوا قديسين لأني أنا قدوس ] (1بطرس 1: 15 و16)
ونلاحظ أن في معظم كتابات القديس كيرلس الكبير وتفاسيره للكتاب المقدس أنه ركز على القداسة بروح رسولية إنجيلية، باعتبارها صورة الله في الإنسان من حيث أن القداسة هي التي تجعلنا متطابقين للمسيح الرب في صورته فيقول: [ إن القديسين يُشكَّلون دائماً (يُخلقون جديداً) ليُماثلوا المسيح الذي هو قدوس لا يُضاهَى ولا يُمكن تجاوزه، فهُمْ على صورته ] Glaphyra in Genesis 5 – PG 69, 260
ويقول أيضاً: [ نحن الذين نؤمن بالمسيح نتغير إلى هيئته، لأننا قد تجددنا بالروح لنصير قديسين وعديمي الفساد ] Glaphyra in Exodum 2 – PG 69, 436

فبالإقتداء بالمسيح الرب ينال المؤمنون به جمال الطبيعة الإلهية مُضيئة في نفوسهم، لأن الرب يسوع يشع فينا جماله الخاص بالروح القدس الذي يسكننا أن خضعنا للنعمة وأطعنا من القلب دعوته لنا؛ فبالقداسة التي نلبسها بالروح القدس نستعيد جمال طبيعتنا الأصلية التي هي صورة الله ومثاله.

ونذكر باختصار بعض من أقوال القديس كيرلس الكبير إذ يقول :
[ إرادة الآب أن يجعل المؤمنون به مُماثلين للمسيح في القداسة بالروح القدس ]
[ أخذ الابن جسداً لكي يجعلنا مُماثلين له، وبالقداسة والبرّ حفر فينا جمال طبيعته الإلهية ]
[ لقد تصور المسيح فينا بالقداسة والبرّ ]
[ لكي نحفظ قرابتنا للمسيح التي بدأت بالتجسد، يجب علينا أن نحفظ صورة القداسة المُكتسبة التي تعني أننا يجب أن نستمر في تشبهنا بالمسيح في قداسة الحياة ]
[ إذ يتصور المسيح فينا: نصير صورة الله ]
[ لقد شُكلنا لنصير مثل الابن، إذ يطبع علينا الروح بواسطة القداسة جمالاً فريداً مثل جمال الله ]
[ تصور المسيح فينا بالقداسة التي تأتي لنا من الروح ]
[ صار المسيح إنساناً لكي يجعلنا مُماثلين لشخصه ]
[ إذن فالمسيح له إخوة مُماثلين ( ويقصد بكلمة إخوة من جهة أنه اتخذ الجسد، أي في التجسد لأننا بذلك صرنا له أقرباء منتسبين له كإخوة من جهة الجسد ) يحملون صورة طبيعته الإلهية بواسطة التقديس، لأن هذا هو الطريق ليتصور المسيح فينا، بقدر ما يُغيرنا الروح القدس مما هو بشري إلى ما يخصُه ... فأولئك الذين صاروا شركاء طبيعته الإلهية بمشاركتهم في الروح القدس، قد دُمغوا بمشابهتهم غير الحسية للمسيح، حيث يتألق جمال الألوهة الذي لا يُعبَّر عنه في نفوس القديسين ]
وعلينا أن نفهم أننا لا نتقدس على المستوى العملي لنكون قديسين في المطلق، أي أن القداسة فينا أي في داخلنا هي أن يشع الرب قداسته فينا بالروح القدس على قدر انفتاح كل واحد، وحسب فيض النعمة، ونحن ننمو فيها ونزداد طالما متمسكين بها خاضعين لعمل الروح القدس بتقديم التوبة الدائمة مع الصلوات المقدسة حسب مسرة مشيئة الله المعلنة لنا في الكتاب المقدس، ولا يتخيل أحد انه من الممكن أن يصل للقداسة المطلقة، لأن قداستنا نسبيه وحسب عطية الله لنا، ولكن طالما نحن نحيا محبين لله ملتزمين بوصاياه بالحب، فالله يرانا في المسيح الرب كاملين وقديسين، لأن الرب يسوع يغطينا بقداسته فنظهر فيه كاملين لأننا به وحده فقط كاملين وهذا ليس فضل منا على الإطلاق، بل هي هبة نعمه مجانية ممنوحة لنا من محبة الله التي تسترنا وتكسينا، لأننا لا نكتسي بالنعمة ولا بالقداسة من تلقاء ذاتنا لأننا مهما ما فعلنا فمستحيل أن نُرضي الله أو نصل لأي نوع من أنواع القداسة قط، بل الله وحده هو فقط من يهبها لنا بالروح القدس، فلا يتصور أحد أنه ممكن أن يصير قديس من ذاته، لأنه باطل كل عمل لنا وفعل إن لم يكن بقوة الله حسب مسرة عطيته لنا ...
وكما يقول القديس كيرلس الكبير: [ كل مَنْ يؤمن بالمسيح قد صار هيكلاً للروح القدس ، حتى أنه يُمكن أن يُقال عنه إنه قد قَبِلَ في نفسه كل ينبوع القداسة ]
ويقول أيضاً: [ فعندما نحفظ أنفسنا مؤمنين ومُقدَّسين، يتصور المسيح فينا بوضوح وسماته الخاصة تشع في داخل عقولنا بجلاء ]
ويقول أيضاً عن المسيح أنه هو الذي يجددنا: [ ويُعيد خلقتنا مرَّة أُخرى على صورته حتى تُستعلن فينا علامات طبيعته الإلهية المُميَّزة بواسطة القداسة والبرّ والحياة الفُضلى ... وهكذا يلمع جمال هذه الصورة الفائقة السمو في أولئك الذين هم في المسيح طالما نحن قد سلكنا كرجال صالحين بالأعمال نفسها ]
عموماً باختصار القول بحسب القديس كيرلس الكبير : إن تقديس الإنسان هو تكريسه لله، واختياره لعمل إرادة الله ببذل ذاته، والاستعداد لتقديم ذاته ذبيحة، بمعنى [ أنا أُخصص نفسي وأبذلها كذبيحة مقدسة في الحق، أي في المسيح الرب لأني أؤمن به أنه هو سرّ تقديس حياتي في الروح القدس، وبه وفيه أقدم نفسي بالإيمان المتُرجم بصورة عملية بطاعتي الوصية وتخليَّ عن نفسي أي عن كل رغبات جسدي وشهواتي بقوته التي تحل عليا بالنعمة من خلال التوبة والكلمة (الكتاب المقدس) والأسرار ]
ويقول القديس غريغوريوس النيصي (330 – 395م): [ كيف نشترك في قداسة الله ؟ بأن نتبعه بالإيمان، بأعين مغلقة، إلى حيثما يقودنا، بأن نفتح قلوبنا دائماً من أجل تسليم أكثر وأعمق؛ بأن نُعري أنفسنا من كل منفعة أو ربح أو امتياز قد حصلنا عليه بالفعل بسعينا الحثيث المستمر نحو ما هو فائق لطبعنا، وفي كلمة: بالدهش الذي هو خروج خارج الذات. فصورة الله إذن ليست حقيقة جامدة، ولكنها نمو مستمر، وهي أبعد جداً من أن تكون شيئاً يُرى بالرؤيا الواضحة، فهي تبقى مغمورة بعمق في الله غير المُدرك. فالصورة هي القداسة ، والقداسة هي الدَهش في ليل ( يقصد أنها غير منظورة – أي سرية في داخل قلب الإنسان) ]


  • عموماً في الختام نقدر أن نقول: أن صورة الله في الإنسان أي هي سعيه المتواصل للقداسة لتحقيق صورة الله في داخله، فالإنسان قديس إذا عاش بالقداسة. ويستحيل بالطبع أن يعيش إنسان بالقداسة إلا إذا ثبت في المسيح الرب ينبوع القداسة بالروح القدس الذي سكبه علينا ليمكث معنا ويكون فينا. لأنه حينما تجسد الله الكلمة وصار إنساناً وشابهنا في كل شيء – ما خلا الخطية وحدها بالطبع – قد [ أخذ الذي لنا وأعطانا الذي له ] [ أخذ جسدنا وأعطانا روحه القدوس ]، وصار المثل الأعلى المرئي والملموس كصورة الله الحقيقية المطلقة للكمال والقداسة، ونحن من ملئه نأخذ نعمة فوق نعمه ونستمر ننمو فيها ونُقيم، فنتغير لصورته عينها باستمرار من مجد إلى مجد كما من الرب الروح القدس، وهذا هو كمال محبة الله وصلاحه إذ جعلنا شركاء طبيعته الإلهية (2بطرس 1: 4) من حيث الصورة التي خلقنا عليها، إذ خُلقنا على صورة الابن الوحيد لنتمثل به ونأخذ النعمة منسكبة من خلاله إلينا بروح القداسة ، الروح القدس الرب المُحيي ...
 
أعلى