تابع مدخل عام للكتاب المقدس (15) تعليقات سفر التكوين: ذكراً وأُنثى خلقهم

aymonded

مشرف سابق
مشرف سابق
إنضم
6 أكتوبر 2009
المشاركات
16,056
مستوى التفاعل
5,370
النقاط
0
تابع سلسلة مدخل عام للكتاب المقدس - الجزء الثاني عشر
تابع تعليقات على سفر التكوين
التعليق (10) نعمل الإنسان على صورتنا
المرحلة الأولى [الكتاب الأول : بداية الكون والإنسان]
بيراشيت = בּֽרֵאשִׁית = Bereshith = في البدء
____________________________
[FONT=&quot]للعودة للجزء الأول أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT=&quot]للعودة للجزء الثاني أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT=&quot]للعودة للجزء الثالث أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT=&quot]للعودة للجزء الرابع أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT=&quot]للعودة للجزء الخامس أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT=&quot]للعودة للجزء السادس أضغط هُنــــــــــا[/FONT]​
[FONT=&quot]للعودة للجزء السابع أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT=&quot]للعودة للجزء الثامن أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT=&quot]للعودة للجزء التاسع أضغط هُنــــــــــا[/FONT]​
[FONT=&quot]للعودة للجزء العاشر أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT=&quot]للعودة للجزء الحادي عشر أضغط هُنــــــــــا[/FONT]​
[FONT=&quot]للعودة للجزء الثاني عشر أضغط هُنــــــــــا
[/FONT][FONT=&quot]للعودة للجزء الثالث عشر أضغط هُنــــــــــا[/FONT]
[FONT=&quot]للعودة للجزء الرابع عشر أضغط هُنــــــــــا[/FONT]​




  • تعليق [11] ذكراً وأُنثى خلقهم:

[ فخلق الله الإنسان على صورته، على صورة الله خلقه. ذكراً وأُنثى خلقهم ] (تك1: 27)، أولاً يلزمنا أن نعرف وبحسب التعليقات السابقة إن الإنسان لم يُخلق بالصدفة أو بواسطة قوة مجهولة، أو أنه خُلق ناقصاً في شيء ما، أو يوجد فيه ما يتناسب مع الخطية والسقوط كما يدَّعي البعض عن غير وعي، لأن الإنسان في نظر الله القدوس مخلوق [ حسنٌ جداً ]، أنه تاج الخليقة ورأسها، إذ أقامه الله على مخلوقاته كملك على كل الخليقة، فالله أولاً صنع كل الجمال الذي يراه أنه يليق بمحبوبه الخاص أي الإنسان، لذلك خلق كل شيء أولاً ليتناسب مع وجود الإنسان ليكون سيداً على كل شيء، وبهذه الطريقة أظهر الله تكريماً خاصاً للإنسان.

وقد وضح في سفر التكوين أنه خلق الإنسان [ ذكراً وأُنثى ] في النور، ولم يوجد أبداً في خلقته ظلمة، لأننا راينا أنه لا يوجد خلق للظلمة، لأن الظلمة هي حالة غياب النور، فالله أوجد النور ويستحيل أن يوجد ظلمة قط، لأن النور إيجابي بطبعة والظلمة حالة سلبية تأتي بغياب النور فقط، فالإنسان – بحسب تعليم الكتاب المقدس – هو طاهر ومُقدس وخليقة إلهية، وفي وجوده النفسي والجسدي لا يوجد فيه (ذكراً وأُنثى) أي شيء غير طاهر أو دنس، لأن هذا يستحيل، لأن الله حينما يخلق، فأنه يخلق كل شيء تام وكامل وطاهر، ولا يصح أن يتهم الإنسان الله أنه خلق ما يتناسب مع سقوطه كما نسمع من البعض الذي يفسرون الجنس بهذه الصورة المشوهة ويلقون هذا الاتهام البشع على الله، بأنه سبب السقوط خلق الجنس في الإنسان الذي اكتشفه الإنسان بالسقوط، لئلا يكون الجميع في دنس وموت والكل وُلِدَ من دنس.

عموماً يلزمنا أن نعلم يقيناً، أن الإنسان خُلِقَ من فيض محبة الله، فمحبة الله الأزلية هي الدافع الرئيسي والجوهري لخلق الإنسان بقصد إقامة شركة محبة بين الخليقة والخالق، بين الله والإنسان، ويقول القديس غريغوريوس النيصي: [ لم يخلق الله الإنسان عن احتياج ما، لكن من محبته العظيمة خلق هذا الموجود الحي بسبب أنه كان ينبغي لنور الله أن لا يظل غير مرئي، ولا لمجده أن يظل غير معروف. أيضاً لا ينبغي أن لا تستمتع مخلوقات أخرى بهذه المحبة ولا لطاقات الله الأخرى أن تظل بلا عمل، بدون أن يوجد شخص يُشارك في هذه الطاقات ويفرح بها ].

عموماً اننا نرى من خلال الكتاب المقدس كله أن الله القدوس بمبادرة محبته الحُرة خلق الإنسان [ ذكراً وأُنثى ]، وهنا حسب الشرح الآبائي الأصيل، أن هذا النص يعني أن الرجل والمرأة كلاهما على صورة الله، فصورة الله تظهر في الرجل والمرأة معاً، وأن الصفات الشخصية لكل منهما تعكس معاً الصورة المتكاملة لطبيعة الله. ولنلاحظ أنه في هذا النص أن الله انتقل من الكلام الفردي إلى الكلام بالجمع، فقد قال [ خلق الإنسان على صورته ]، ثم قال في النهاية [ ذكراً وأنثى خلقهم ]، فالإنسان لم يُخلق رجلاً منفرداً، بل خُلق في وحدة بين أثنين متميزين وهما معاً صورة الله الغير منظور، ونلاحظ أن الله هنا خلقهما لكي يتعلم الإنسان الوحدة وأن لا يحيا منعزلاً عن الآخر، فهما وان كانا أثنين ولكنهما من البدء خُلقا ليكملا بعضهما البعض بوحدتهما معاً لتحقيق تلك الصورة التي خُلقا عليها [ لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكونان جسداً واحداً ] (تكوين2: 24)، وهنا نرى بوضوح أن الرجل والمرأة لهما نفس الدعوة والاتجاه نحو الكمال وملء الطبيعة البشرية، فالدعوة تظهر هنا من الله للإنسان، وهي دعوة لهدف مجيد، والهدف المجيد هو تحقيق وحدة الطبيعة البشرية الواحدة وغير قابلة للتجزئة، لذلك جعل البشرية كلها تأتي من رأس واحد لتكون مترابطة، بل ونلاحظ أنه أحضر حواء من ضلع آدم، ولم يخلق أثنين بل الكل من واحد، لذلك كل من يقول أن الجنس لم يوجد في الإنسان إلا بسبب السقوط فقد أخطأ ولم يفهم مقاصد الله من خلق الإنسان ذكراً وأُنثى، هذا الذي فهمه البعض بسبب الفكر المشوش، أنه خلق تمييزي بين شخصين منفصلين، مع أن الله خلقهما واحد، حواء من آدم، وباقي البشر بالتسلسل من أب وأم يعتبروا رأس الخليقة، والجذر الواحد الذي أتى منه الجميع، ليحيا الإنسان بصورة جامعة غير مُجزئة أو منفصله قط، وذلك لكي يجمع العالم المخلوق ويوحده ليتحد بخالقه بشركة المحبة، لذلك خُلق الإنسان في حالة من عدم الانقسام بل في وحدة ومحبة حتى أنه يرعى في الفردوس، ويحقق الوحدة التي تظهر بين الرجل والمرأة، أي بين الأنا والأنت. ونتيجة هذه العلاقة هي العون المتبادل ونوال ملء الكائن البشري، لأن الإنسان عموماً يستطيع أن يكون كاملاً أو يُحقق الكمال فقط عندما يكون في علاقة وارتباط مع إنسان آخر، اي يكون الأخ الحقيقي في الإنسانية مُشاركاً للآخر.

ويلزمنا أن نعرف – لكي يتم إزالة الفكر المشوش عن الجنس وتسلسل البشرية – إن الهدف من خلق الجنسين لم يكن مجرد إقامة شركة بشرية صغيرة لشخصين فقط، وكأن الله خلق آدم وحواء ليكونا موضوع حبه فقط دون باقي البشرية، لذلك وضعهما في الفردوس وطالما لم يخطئوا فأنهم لن ينجبوا باقي البشرية الذي يدَّعي البعض أنها أتت بسبب السقوط وكأنها كانت خارج التدبير الإلهي مثل الخطية التي لم تكن على الإطلاق من ضمن التدبير، فآدم وحواء لم يُخلقا لكي يحيوا بمفردهما في عالم الله وكأنه محصور عليهما فقط في التقوى والبرّ ولكن للبشرية فهو قاصر على السقوط والموت !!!

مع أن لو دققنا سنرى أن الله أعطاهما – مباشرة – بعد خلقهما، البركة الأولى [ أكثروا واثمروا ] (تكوين 1: 28) وبالتالي خَلْق الجنسين بهدف تضاعف البشر وتكوين شركة أشخاص. و يهدف – في الأساس – خلق الجنسين إلى تحقيق شركة الأشخاص ليكونوا واحد، اي كنيسة، التي هي ملكوت الله على الأرض كما قال القديس يوحنا ذهبي الفم وكثرة من الآباء، وهذا ينقلنا للمعنى الروحي والقصد الإلهي العميق...

فمن جهة المعنى الروحي الحقيقي وراء الكلام قد شرحه القديس كليمندس الروماني في رسالته الثانية (150م) قائلاً: [ اعتقد أنكم لا تجهلون هذه الحقيقة أن الكنيسة الحية هي جسد المسيح. فالكتاب يقول "ذكراً وأُنثى خلقهم الله" . فالذكر يُمثل المسيح والأُنثى هي الكنيسة. وعلاوة على ذلك فالكتب (أسفار العهد القديم) والرسل (كتبة العهد الجديد) يؤكدون أن الكنيسة التي تختص بالزمان الحاضر، هي كائنة منذ البدء. فالكنيسة روحيه مثل يسوعنا تماماً؛ ولكنه استُعلن في آخر الأيام ليُخلصنا؛ والكنيسة أيضاً، لكونها روحية، فقد أُظهرت في جسد المسيح ]
 
أعلى