تفسير سفر إرميا - الأصحاح 50 | تفسير انطونيوس فكري


العدد 1- 8:
الأيات 1-8:- 1- الكلمة التي تكلم بها الرب عن بابل و عن ارض الكلدانيين على يد ارميا النبي. 2- اخبروا في الشعوب و اسمعوا و ارفعوا راية اسمعوا لا تخفوا قولوا اخذت بابل خزي بيل انسحق مرودخ خزيت اوثانها انسحقت اصنامها. 3- لانه قد طلعت عليها امة من الشمال هي تجعل ارضها خربة فلا يكون فيها ساكن من انسان الى حيوان هربوا و ذهبوا. 4- في تلك الايام و في ذلك الزمان يقول الرب ياتي بنو اسرائيل هم و بنو يهوذا معا يسيرون سيرا و يبكون و يطلبون الرب الههم. 5- يسالون عن طريق صهيون و وجوههم الى هناك قائلين هلم فنلصق بالرب بعهد ابدي لا ينسى. 6- كان شعبي خرافا ضالة قد اضلتهم رعاتهم على الجبال اتاهوهم ساروا من جبل الى اكمة نسوا مربضهم. 7- كل الذين وجدوهم اكلوهم و قال مبغضوهم لا نذنب من اجل انهم اخطاوا الى الرب مسكن البر و رجاء ابائهم الرب. 8- اهربوا من وسط بابل و اخرجوا من ارض الكلدانيين و كونوا مثل كراريز امام الغنم.

أية (2) بالرغم من معاملة ملك بابل الطيبة للنبى إلا أنه لا يستطيع أن يمنع كلمة الله. ولاحظ ان النبوة بخراب بابل بصيغة الماضى لأن كلام الله لا يتغير. ولاحظ أن من تنبأ بأن بابل تسود على الأمم وعلى يهوذا، ها هو يتنبأ بنهايتها وهذا دليل عدم ولائه لبابل. بل هو يحرص على الهرب منها لكيلا يشترك فى خطاياها وعقابها. وإرفعوا راية = الراية ترفع فهو يوم نصر. والراية تلفت نظر جميع الشعوب وهى تعطى فرح لشعب الله. خزى بيل = خزيت أصنام بابل فهى لم تستطع حماية بابل وسكانها وهكذا إبليس قد خزى بصليب المسيح. وكل من سار وراء إبليس سيخزى. وفى (3) أمة من الشمال = هى مملكة ميديا التى تقع شمال بابل والتى بدأ منها كورش نزوله على بابل. ولاحظ أن الفرس كانوا يعبدون إله واحد رمزه هو النار وكانوا يكرهون الأصنام ويحطمونها.

وفى (4) صورة رائعة بعد عمل الصليب يأتى شعب الله المتحد، فالمسيح وحدنا فى شخصه وهذا معنى يأتى بنو إسرائيل هم وبنو يهوذا = هم رجعوا لله بالتوبة والتوبة هى بداية لباقى البركات وقد صاحب التوبة بكائهم على خطاياهم. والمتوقع لمن يقدم توبة بدموع أن يحوَل الله حزنه إلى فرح. وهم عادوا بثقة كبيرة لأنهم رأوا أن ألهة بابل قد خزيت.

وفى (5) فى توبتنا نرجع لله وللكنيسة أمنا = يسألون عن طريق صهيون = وهم فكروا فى العودة لوطنهم كواجب لأن وطنهم هو جبل صهيون المقدس حيث بيت الله. ولكن الطريق يبدو صعباً وهم لم يسلكوه قبلاً. ولكن هم سوف يسألون وهذا دور الخدام أن يجيبوا بخبرتهم وإرشاد روح الله لهم. لكن طالما هم قرروا أنهم لن يرتدوا لبابل فهم حتماً سيصلون إلى صهيون، أورشليم السمائية. وفى التوبة نجدد العهد مع الله بعد أن كنا قد كسرناه.

وفى (6) حال الشعب قبل المسيح "الذين قبلى هم سراق ولصوص... أنا هو الراعى الصالح" كهنتهم وأنبيائهم أضلوهم. بل ظنوا أن من حقهم أن يظلموهم (7) ويستغلوهم كما لو كانوا خرافاً ضالة بلا صاحب. وبابل تصوروا أن هذا حقهم لأن هذا الشعب أخطأ لله. هذا ما ردده نبوزردان (3:40) وهذا ما يصنعه الشيطان الأن. وكان مما ضاعف خطيتهم أنهم قالوا عن الله مسكن البر = فهم يعلمون هذا وبضلالهم إبتعدوا عن البر وفى (8) دعوة للهرب من وسط بابل. هى دعوة لكل منا أن يترك طريق الشر لأن باب الحرية قد فتحهُ المسيح لنا بل إهربوا وكونوا مثل كراريز أمام الغنم = كراريز أى ذكور الغنم (الكباش، وهذه تندفع أمام إناثها تقودها. وهذا هو واجب كل واحد أن يكافح ويجاهد ليقود الأخرين لطريق التوبة وفى (أم31:30) نفس المعنى.
العدد 9- 20:
الأيات 9-20 :- 9- لاني هانذا اوقظ و اصعد على بابل جمهور شعوب عظيمة من ارض الشمال فيصطفون عليها من هناك تؤخذ نبالهم كبطل مهلك لا يرجع فارغا. 10- و تكون ارض الكلدانيين غنيمة كل مغتنميها يشبعون يقول الرب. 11- لانكم قد فرحتم و شمتم يا ناهبي ميراثي و قفزتم كعجلة في الكلا و صهلتم كخيل. 12- تخزى امكم جدا تخجل التي ولدتكم ها اخرة الشعوب برية و ارض ناشفة و قفر. 13- بسبب سخط الرب لا تسكن بل تصير خربة بالتمام كل مار ببابل يتعجب و يصفر بسبب كل ضرباتها. 14- اصطفوا على بابل حواليها يا جميع الذين ينزعون في القوس ارموا عليها لا توفروا السهام لانها قد اخطات الى الرب. 15- اهتفوا عليها حواليها قد اعطت يدها سقطت اسسها نقضت اسوارها لانها نقمة الرب هي فانقموا منها كما فعلت افعلوا بها. 16- اقطعوا الزارع من بابل و ماسك المنجل في وقت الحصاد من وجه السيف القاسي يرجعون كل واحد الى شعبه و يهربون كل واحد الى ارضه. 17- اسرائيل غنم متبددة قد طردته السباع اولا اكله ملك اشور ثم هذا الاخير نبوخذراصر ملك بابل هرس عظامه. 18- لذلك هكذا قال رب الجنود اله اسرائيل هانذا اعاقب ملك بابل و ارضه كما عاقبت ملك اشور. 19- و ارد اسرائيل الى مسكنه فيرعى كرمل و باشان و في جبل افرايم و جلعاد تشبع نفسه. 20- في تلك الايام و في ذلك الزمان يقول الرب يطلب اثم اسرائيل فلا يكون و خطية يهوذا فلا توجد لاني اغفر لمن ابقيه.

أية (9) جمهور شعوب عظيمة أى مادى وفارس ومن هو متحد معهم وهؤلاء سيأخذوها = من هناك تؤخذ = أى من الذين إصطفوا أمامها وحاصروها وهم بقيادة كورش. والأن كل المؤمنين يفعلون هذا بإبليس بقيادة ربنا يسوع المسيح الذى خرج غالباً ولكى يغلب (رؤ2:6) وفى (11) كعجلة فى الكلأ = أى تدوس المرعى. والمعنى لشماتتهم فى خراب شعب الرب وهذا ما تفعله الشياطين. فإذا كان هناك فرح فى السماء بخاطىء واحد يتوب فهناك فرح عند الشياطين بكل إنسان يضل الطريق ويترك الله. ويُصوَر هنا فرحهم بعجلة تجرى فرحة وحصان يصهل فرحاً ونشوة. يدوسون المرعى أى يدوسوا هذا الإنسان الساقط. وفى (12) تخزى أمكم = أى يا أيها الشامتون ستخزون حينما تسقط بابل وتخزى. ها أخرة الشعوب = فى هذا الوقت كانت بابل هى آخر دولة عظمى ولكن ها هى سوف تصبح خراباً. وكم من دولة عظمى الأن يحكمها الشر سوف تصبح خراباً.

والأيات حتى (15) تصوَر خرابها العجيب (بابل = تعنى بلبلة، ومن يتبع إبليس (رمزه بابل) فنصيبه ضلال وبلبلة على الأرض وخراب هنا وهناك). وعلماء الأثار بذلوا جهوداً خرافية للعثور على بقاياها بلا فائدة مع العلم بأن أسوارها كانت من عجائب الدنيا وفى (16) كل العاملين بعد خرابها (العمال المسخرون) سيطلقون ويرجع كل واحد إلى وطنه.

والأيات (17-20) يظهر فيها عمل المسيح = يطلب إثم إسرائيل فلا يكون = وهذا لم يكن إلا بصليب المسيح الذى قال وهو معلق عليه "يا أبتاه إغفر لهم" ومن هنا بدأ عمله الشفاعى. "فدم يسوع يطهرنا من كل خطية". وبعد أن تشتت شعب الله وداسهُ أشور وبابل أى الشياطين، عاقبهم الله ورد شعبه إسرائيل لمسكنه. فهذا حقه أن يتمتع بكرمل وباشان وهى جبال عالية فالله رد شعبه ليعيش فى السماويات وأشبعه فى جبل أفرايم = هو أشبعنا من جسده ودمه وتعزيات روحه القدوس. وهو يرعانا فى مراع خضر.


العدد 21- 32:
الأيات 21-32:- 21- اصعد على ارض مراثايم عليها و على سكان فقود اخرب و حرم وراءهم يقول الرب و افعل حسب كل ما امرتك به. 22- صوت حرب في الارض و انحطام عظيم. 23- كيف قطعت و تحطمت مطرقة كل الارض كيف صارت بابل خربة بين الشعوب. 24- قد نصبت لك شركا فعلقت يا بابل و انت لم تعرفي قد وجدت و امسكت لانك قد خاصمت الرب. 25- فتح الرب خزانته و اخرج الات رجزه لان للسيد رب الجنود عملا في ارض الكلدانيين. 26- هلم اليها من الاقصى افتحوا اهراءها كوموها عراما و حرموها و لا تكن لها بقية. 27- اهلكوا كل عجولها لتنزل للذبح ويل لهم لانه قد اتى يومهم زمان عقابهم. 28- صوت هاربين و ناجين من ارض بابل ليخبروا في صهيون بنقمة الرب الهنا نقمة هيكله. 29- ادعوا الى بابل اصحاب القسي لينزل عليها كل من ينزع في القوس حواليها لا يكن ناج كافئوها نظير عملها افعلوا فيها حسب كل ما فعلت لانها بغت على الرب على قدوس اسرائيل. 30- لذلك يسقط شبانها في الشوارع و كل رجال حربها تهلكون في ذلك اليوم يقول الرب. 31- هانذا عليك ايتها الباغية يقول السيد رب الجنود لانه قد اتى يومك حين عقابي اياك. 32- فيعثر الباغي و يسقط و لا يكون له من يقيمه و اشعل نارا في مدنه فتاكل كل ما حواليها.

أية (21) مراثايم = إسم لبلاد جنوب بابل ومعناها تمرداً مضاعفاً. وهى قطعة من أرض بابل جزء منها فى أشور وجزء فى أرمينيا. وفقود كانت بلداً فى بابل إستولى عليها كورش فى نزوله على بابل. ويقولون أنها ضاحية من ضواحى العاصمة التى أبادها كورش. والمعنى أن الرب أبادها لتمردها. وفى (23) كانت بابل مطرقة الأمم [ تستخدم مطرقة (تجارب) لضرب الماس (المؤمنين) والماس الحقيقى (الأبرار) لا يتأثر والمغشوش (الأشرار) ينكسر]. = فهى ضربت الجميع وهكذا الشيطان فقد أذل الجميع. والأن فتح الرب خزانته (25) وأخرج الرب منها جيش فارس ليحطم بابل. فالله لهُ أدواته وألات رجزه لتأديب العصاة. فالرجال العظماء والدول ما هم إلا ألات لتنفيذ أغراض الله. وكانت فارس شركاً لبابل (24) واللة حكم بهذا على بابل لأنها كانت مطرقة طالما أذت وأضرت شعب الله وكانت تكسره وهى أيضاً خاصمت الرب (24) أى حاربته وعارضته وتمردت عليه وهى خربت أورشليم وبيت الله. وهذا ما صنعه الشيطان بأن دمر أولاد الله. ورمز الشيطان هنا بابل أم الوثنية فى العالم.

وفى (26) أهراءها = أى خزائنها أو مخازنها فكل ما تملكه سيذهب عنها وفى (28) نقمة هيكله = فبابل دنست أنية بيت الرب وهيكله. والشياطين دنسوا أولاد الله لذلك سينتقم منهم. ولكن من عَرِف عمل الرب وفداؤه أى كل مبشر وكارز سيبشر بأن الله إنتقم. والأيات هنا تشبه سفر الرؤيا فى خراب بابل الباغية (34).
العدد 33- 46:
الأيات 33-46:- 33- هكذا قال رب الجنود ان بني اسرائيل و بني يهوذا معا مظلومون و كل الذين سبوهم امسكوهم ابوا ان يطلقوهم. 34- وليهم قوي رب الجنود اسمه يقيم دعواهم لكي يريح الارض و يزعج سكان بابل. 35- سيف على الكلدانيين يقول الرب و على سكان بابل و على رؤسائها و على حكمائها. 36- سيف على المخادعين فيصيرون حمقا سيف على ابطالها فيرتعبون. 37- سيف على خيلها و على مركباتها و على كل اللفيف الذي في وسطها فيصيرون نساء سيف على خزائنها فتنهب. 38- حر على مياهها فتنشف لانها ارض منحوتات هي و بالاصنام تجن. 39- لذلك تسكن وحوش القفر مع بنات اوى و تسكن فيها رعال النعام و لا تسكن بعد الى الابد و لا تعمر الى دور فدور. 40- كقلب الله سدوم و عمورة و مجاوراتها يقول الرب لا يسكن هناك انسان و لا يتغرب فيها ابن ادم. 41- هوذا شعب مقبل من الشمال و امة عظيمة و يوقظ ملوك كثيرون من اقاصي الارض. 42- يمسكون القوس و الرمح هم قساة لا يرحمون صوتهم يعج كبحر و على خيل يركبون مصطفين كرجل واحد لمحاربتك يا بنت بابل. 43- سمع ملك بابل خبرهم فارتخت يداه اخذته الضيقة و الوجع كماخض. 44- ها هو يصعد كاسد من كبرياء الاردن الى مرعى دائم لاني اغمز و اجعلهم يركضون عنه فمن هو منتخب فاقيمه عليه لانه من مثلي و من يحاكمني و من هو الراعي الذي يقف امامي. 45- لذلك اسمعوا مشورة الرب التي قضى بها على بابل و افكاره التي افتكر بها على ارض الكلدانيين ان صغار الغنم تسحبهم انه يخرب مسكنهم عليهم. 46- من القول اخذت بابل رجفت الارض و سمع صراخ في الشعوب.

فى (33) يشير للظلم الذى وقع من بابل ضد يهوذا أو من إبليس ضد شعب الله (أدم ونسله). ولكن الله كان يرى ذُلَ شعبه إسرائيل ويهوذا من بابل وأنهم فى ضعفهم كانوا غير قادرين أن يُخلصوا أنفسهم ولكن (34) وليهم قوى = هو الذى سيفكهم من الأقوياء الذين سبوهم (بابل أو الشياطين) وكانوا يرفضون تماماً فكهم. وهذا الولى الذى سيدفع الدين هو المسيح الذى إشترانا بدمه. وهذا الكلام ينطبق على كل المسبيين للخطية ويشتكون من ضعفهم ولكن المسيح المخلص يحرر. يريح الأرض ويزعج سكان بابل. ومن (35-40) وصف للخراب القادم على بابل لخطاياها وهى الوثنية والإضطهاد لشعب الله ورفض تحريرهم وفى (38) كانوا يعشقون أوثانهم = بالأصنام تجن فهم أعطوا مجد الله لآخرين. كانوا لا يهتمون بأى تكلفة فى عبادتهم فبابل هى أم الزوانى وأصل الوثنية (رؤ5:17). وهنا سيف الله سيأتى على الجميع "الرؤساء والمخادعين" وهم كهنة الأوثان الذين يستشيرون الكواكب. وسيكون كورش كحر على مياهها فتنشف وهذا ما فعلهُ كورش الذى حول نهر الفرات لعدة مجارى حتى يتمكن من دخول بابل. وحين إنقطعت المياه عن بابل تحولت لبرية مثل سدوم وعمورة. والأيات (41-43) إستخدمت من قبل فى غزو بابل ليهوذا (22:6-24) والمعنى أن حساب بابل سيدفع من نفس العملة التى دفعتها يهوذا من قبل. ولكن هناك فرق بين مجموعتى الأيات هذه وتلك. فبالنسبة لإسرائيل سمع الشعب فإرتخت يداه وبالنسبة لبابل سمع ملك بابل فإرتخت يداه وبهذا تساوى ملك بابل مع أقل واحد من شعب يهوذا ثم من (44-46) هى نفس الأيات التى قيلت عن آدوم (19:49-24) فالمخرب سيخربه. ويكون واضحاً أن الكلام عن المسيح الأسد الخارج من سبط يهوذا ليهزم الشيطان وجنوده سواء كانت أدوم بخطيتها أو بابل بخطيتها رمز لهم.
أسفار الكتاب المقدس
أعلى