العدد 1- 11: الأيات 1-11:- 1- كان صدقيا ابن احدى و عشرين سنة حين ملك و ملك احدى عشر سنة في اورشليم و اسم امه حميطل بنت ارميا من لبنة. 2- و عمل الشر في عيني الرب حسب كل ما عمل يهوياقيم. 3- لانه لاجل غضب الرب على اورشليم و يهوذا حتى طرحهم من امام وجهه كان ان صدقيا تمرد على ملك بابل. 4- و في السنة التاسعة لملكه في الشهر العاشر في عاشر الشهر جاء نبوخذراصر ملك بابل هو و كل جيشه على اورشليم و نزلوا عليها و بنوا عليها ابراجا حواليها. 5- فدخلت المدينة في الحصار الى السنة الحادية عشرة للملك صدقيا. 6- في الشهر الرابع في تاسع الشهر اشتد الجوع في المدينة و لم يكن خبز لشعب الارض. 7- فثغرت المدينة و هرب كل رجال القتال و خرجوا من المدينة ليلا في طريق الباب بين السورين اللذين عند جنة الملك و الكلدانيون عند المدينة حواليها فذهبوا في طريق البرية. 8- فتبعت جيوش الكلدانيين الملك فادركوا صدقيا في برية اريحا و تفرق كل جيشه عنه. 9- فاخذوا الملك و اصعدوه الى ملك بابل الى ربلة في ارض حماة فكلمه بالقضاء عليه. 10- فقتل ملك بابل بني صدقيا امام عينيه و قتل ايضا كل رؤساء يهوذا في ربلة. 11- و اعمى عيني صدقيا و قيده بسلسلتين من نحاس و جاء به ملك بابل الى بابل و جعله في السجن الى يوم وفاته.
كان قبل ذلك قد حدث عدة مرات أن أتى جيش بابل ليسبى من يهوذا ثمَ عشم الشعب نفسه بأنه لن يحدث سبى آخر. ولكن الله كان مستاء منهم لدرجة أنه قررَ أن يطردهم من أمامه كما يطرد أب غاضب إبنه العاق من أمامه. فطردهم الله من هذه الأرض الجيدة كما طرد الكنعانيين قبلهم. وطردهم الله من هيكله المقدس. لذلك كان داود يصلى " لا تطرحنى من أمام وجهك " فهذا هو أشر شىء أن يطردنا الله من أمام وجهه.
وصدقيا هذا لم يكن أسوأ الكل ولكن كان فاعل شر وكان تمرده على ملك بابل خطية وغباء، خطية لأنه كسر حلفه لهُ بإسم الله (حز15:17) وغباء لظنه أن مصر تسنده. ولأن الله كان غاضباً على يهوذا وأورشليم فقد تركه لمشوراته الرديئة التى إتضحت خطورتها على المملكة. وحاصر الكلدانيين أورشليم فى السنة التاسعة لملك صدقيا فى الشهر العاشر وسقطت المدينة فى السنة الحادية عشرة لصدقيا فى الشهر الرابع وكتذكار لهذين الحدثين اللذين تمَ بهما خراب أورشليم صام الشعب فى سبيهم فى الشهر الرابع والعاشر (زك19:8) أما صوم الشهر الخامس فكان تذكاراً لحرق الهيكل وصوم الشهر السابع كان تذكاراً لقتل جدليا. ولنا أن نتصوَر الفزع الذى إجتاح المدينة أثناء الحصار وكانوا منتظرين هلاكهم بينما هم مصممين على الصمود للنهاية حتى لم يصبح خبز للجنود فلم يستطيعوا الوقوف، والأسرار لا تحمى بدون رجال وراءها. وإذا وُجد الرجال والأسوار ولكن بدون الله فلن يفعلوا شيئاً. وحين هرب الملك وقع فى أيدى أعدائه فلا أحد يمكنه الهروب من يد الله. ولكن يبدو أنهُ كان لهُ بعض الكرامة فى موته (5:34) ولطالما نبهه أرمياء لما سيحدث لهُ ولكنه لم يستمع. العدد 12- 23: الأيات 12-23:- 12- و في الشهر الخامس في عاشر الشهر و هي السنة التاسعة عشر للملك نبوخذراصر ملك بابل جاء نبوزرادان رئيس الشرط الذي كان يقف امام ملك بابل الى اورشليم. 13- و احرق بيت الرب و بيت الملك و كل بيوت اورشليم و كل بيوت العظماء احرقها بالنار. 14- و كل اسوار اورشليم مستديرا هدمها كل جيش الكلدانيين الذي مع رئيس الشرط. 15- و سبى نبوزرادان رئيس الشرط بعضا من فقراء الشعب و بقية الشعب الذين بقوا في المدينة و الهاربين الذين سقطوا الى ملك بابل و بقية الجمهور. 16- و لكن نبوزرادان رئيس الشرط ابقى من مساكين الارض كرامين و فلاحين. 17- و كسر الكلدانيون اعمدة النحاس التي لبيت الرب و القواعد و بحر النحاس الذي في بيت الرب و حملوا كل نحاسها الى بابل. 18- و اخذوا القدور و الرفوش و المقاص و المناضح و الصحون و كل انية النحاس التي كانوا يخدمون بها. 19- و اخذ رئيس الشرط الطسوس و المجامر و المناضح و القدور و المناير و الصحون و الاقداح ما كان من ذهب فالذهب و ما كان من فضة فالفضة. 20- و العمودين و البحر الواحد و الاثني عشر ثورا من نحاس التي تحت القواعد التي عملها الملك سليمان لبيت الرب لم يكن وزن لنحاس كل هذه الادوات. 21- اما العمودان فكان طول العمود الواحد ثماني عشرة ذراعا و خيط اثنتا عشرة ذراعا يحيط به و غلظه اربع اصابع و هو اجوف. 22- و عليه تاج من نحاس ارتفاع التاج الواحد خمسة اذرع و على التاج حواليه شبكة و رمانات الكل من نحاس و مثل ذلك للعمود الثاني و الرمانات. 23- و كانت الرمانات ستا و تسعين للجانب كل الرمانات مئة على الشبكة حواليها.
كل هذا الخراب كان إنتقاماً من ملك بابل لوقوفهم فى وجهه طويلاً. ولاحظ أن كل ما أخذه هذه المرة كان نحاساً فقد سبق وأخذوا الذهب والفضة. ولاحظ أن العمودين أحدهما إسمه بوعز أى فيه القوة والثانى ياكين أى الله يؤسس وفى تحطيمهم معنى أن الله لن يعود مهتماً أن يؤسس هيكله ولا يعود يكون قوته فقد فارقه. العدد 24- 30: الأيات 24-30:- 24- و اخذ رئيس الشرط سرايا الكاهن الاول و صفنيا الكاهن الثاني و حارسي الباب الثلاثة. 25- و اخذ من المدينة خصيا واحدا كان وكيلا على رجال الحرب و سبعة رجال من الذين ينظرون وجه الملك الذين وجدوا في المدينة و كاتب رئيس الجند الذي كان يجمع شعب الارض للتجند و ستين رجلا من شعب الارض الذين وجدوا في وسط المدينة. 26- اخذهم نبوزرادان رئيس الشرط و سار بهم الى بابل الى ربلة. 27- فضربهم ملك بابل و قتلهم في ربلة في ارض حماة فسبي يهوذا من ارضه. 28- هذا هو الشعب الذي سباه نبوخذراصر في السنة السابعة من اليهود ثلاثة الاف و ثلاثة و عشرون. 29- و في السنة الثامنة عشرة لنبوخذراصر سبى من اورشليم ثمان مئة و اثنان و ثلاثون نفسا. 30- في السنة الثالثة و العشرين لنبوخذراصر سبى نبوزرادان رئيس الشرط من اليهود سبع مئة و خمسا و اربعين نفسا جملة النفوس اربعة الاف و ست مئة.
هنا حادثة محزنة عن ذبح عظماء يهوذا. وهناك خلاف فى الأرقام فقد قيل هنا 7 رجال ينظرون وجه الملك اما فى الملوك فقيل خمسة والحل يبدو أن إثنين من السبعة هما أرمياء وعبد ملك الذين أطلق سراحهم فلم يموتوا. والذين قتلوا هم ممثلين لكل الطوائف فالكل أخطأ. وأول من ذكر هو سرايا الكاهن فهو أخطأ وجعل الشعب يخطىء. وبخصوص المسبيين وأعدادهم ولنرى كيف لفظت الأرض سكانها اليهود كما لفظت سكانها الكنعانيين من قبل بسبب الخطية (27) وكان الله قد سبق وحذرهم أنه سيطردهم من الأرض لو ساروا فى نفس خطايا الكنعانيين (لا28:18) وهناك خلاف أيضاً بين سفر الملوك فى أعداء المسبيين فأعداء سفر الملوك أكثر كثيراً من هنا ويبدو أن أعداد سفر الملوك هى أعداد السبايا إلى بابل وأن الأعداد التى ذُكرت هنا هم الذين أعدمهم نبوخذ نصر كمتمردين ثوار. ونلاحظ أن الزمنين المذكورين فى الملوك وأرمياء مختلفين لذلك فهم غالباً يشيروا لحدثين مختلفين. فيبدو ان مالفت نظر كاتب هذا الإصحاح الثورات والفتن التى قمعها نبوخذ نصر أما كاتب سفر الملوك فإهتم بأن يضع أعداد من ذهبوا للسبى. وهناك سبى ثالث لم يذكر سوى هنا وهو فى السنة 23 لنبوخذ نصر بعد 4 سنين من خراب أورشليم حيث سبى 745 نفساً وقد يكون هذا قد حدث كإنتقام لمقتل جدليا. ومن المحتمل أيضاً أن يكون هؤلاء الأشخاص قد قتلوا كمساعدين أو مؤيدين لإسمعيل قاتل جدليا والكلدانيين الذين كانوا معهُ. العدد 31- 34: الأيات 31-34:- 31- و في السنة السابعة و الثلاثين لسبي يهوياكين في الشهر الثاني عشر في الخامس و العشرين من الشهر رفع اويل مرودخ ملك بابل في سنة تملكه راس يهوياكين ملك يهوذا و اخرجه من السجن. 32- و كلمه بخير و جعل كرسيه فوق كراسي الملوك الذين معه في بابل. 33- و غير ثياب سجنه و كان ياكل دائما الخبز امامه كل ايام حياته. 34- و وظيفته وظيفة دائمة تعطى له من عند ملك بابل امر كل يوم بيومه الى يوم وفاته كل ايام حياته.
هناك خلاف بين سفر الملوك وهنا فى أرمياء فى التاريخ فقد قيل هناك فى اليوم السابع والعشرين وهنا قيل فى اليوم الخامس والعشرين. وقد يرجع السبب أن القرار صدر فى يوم 25 وظهر الملك فى مكانه الرفيع يوم 27. ولنلاحظ تغير حال يهوياكين من الملك للسجن ثم إلى مركز سام لدى ملك بابل. وهكذا العالم فلنفرح كأننا لا نفرح ونحزن كأننا لا نحزن وحين يجىء ليل تجربة طويل فعلينا أن نتوقع أن يكون هناك فجر جديد لمراحم الله. ولاحظ أن سجن يهوياكين كان حوالى 37 سنة ولكن مهما طالت الغيمة فلنأمل فى أن تظهر الشمس من ورائها ولنلاحظ أن الله إستخدم أعداء شعبه ليعطوا الخير لشعبه.
* ** يهوياكين يمثل الإنسان الذى خلقه الله ليكون ملكاً على شهواته وعلى كل الخليقة ولكنه بسبب خطيته سقط وفقد ملكه، بل صار فى عبودية لنبوخذ نصر ملك بابل (رمز لما قيل أن الخليقة أسلمت للباطل.... ليس طوعاً بل من أجل الذى أخضعها على الرجاء... رو 20:8). ونلاحظ المدة البسيطة التى ملك فيها يهوياكين وهى 3 شهور رمز للمدة البسيطة التى قضاها آدم بدون خطية، وهذا قبل أن يأكل فيسقط. ثم ذهب يهوياكين للسبى مدة طويلة ولكن فى وسط هذه المدة يرفعه ملك بابل لمركز سام ولكن مع بقائه فى الأسر، وهذا ما عمله المسيح بفدائه أنه حررنا ورفعنا لدرجة البنوة لله ولكن مع بقائنا فى هذا العالم. حقاً لقد أسلمنا لله للعبودية ولكن كان هناك رجاء، فى شخص من نسل المرأة حين يأتى يسحق رأس الحية. وال 37 سنة التى قضاها يهوياكين فى السبى هى رمز لحياة الإنسان على الأرض بعد سقوطه. وعودة المسبيين فى نهاية مملكة بابل هى رمز لدخولنا أورشليم السماوية بعد إنقضاء صورة هذا العالم. فالله أسلمنا للعبودية لإبليس لنتأدب وتركنا فى العالم لنستعد لدخولنا السماء، وأرسل المسيح فى وسط الأيام ليتم الفداء وبهذا نعود لملكنا ويرفعنا إلى سمائه، فهو أسلمنا للباطل ولكن على رجاء.