تفسير سفر إرميا - الأصحاح 8 | تفسير انطونيوس فكري


العدد 1- 3:
الأيات 1-3 :- في ذلك الزمان يقول الرب يخرجون عظام ملوك يهوذا و عظام رؤسائه و عظام الكهنة و عظام الانبياء و عظام سكان اورشليم من قبورهم. و يبسطونها للشمس و للقمر و لكل جنود السماوات التي احبوها و التي عبدوها و التي ساروا وراءها و التي استشاروها و التي سجدوا لها لا تجمع و لا تدفن بل تكون دمنة على وجه الارض. و يختار الموت على الحياة عند كل البقية الباقية من هذه العشيرة الشريرة الباقية في كل الاماكن التي طردتهم اليها يقول رب الجنود.

هنا ذكر لأعمال مرعبة يقوم بها الجيش الكلدانى، فهم يخرجون الجثث من القبور بحثاً عن الكنوز المخبوءة ولإهانة الموتى ذو الهيبة مثل الملوك والرؤساء. فحتى الموت لم يعد فيه راحة. وهو أنذر بهذا فى الإصحاح السابق أن جثتهم لن تدفن بل تترك لطيور السماء (33:7) وهذه كانت عادات بربرية والله سمح بهذا ليرعب الأحياء الباقين وفى أية (2) تعرض هذه الجثث تحت الشمس والنجوم التى عبدوها ولم تحميهم وفى هذا سخرية منهم وفى (3) سيفضل الأحياء الموت على الحياة مع البؤس الذى يعانون منهُ.
العدد 4- 12:
الأيات 4-12:- و تقول لهم هكذا قال الرب هل يسقطون و لا يقومون او يرتد احد و لا يرجع. فلماذا ارتد هذا الشعب في اورشليم ارتدادا دائما تمسكوا بالمكر ابو ان يرجعوا. صغيت و سمعت بغير المستقيم يتكلمون ليس احد يتوب عن شره قائلا ماذا عملت كل واحد رجع الى مسراه كفرس ثائر في الحرب. بل اللقلق في السماوات يعرف ميعاده و اليمامة و السنونة المزقزقة حفظتا وقت مجيئهما اما شعبي فلم يعرف قضاء الرب. كيف تقولون نحن حكماء و شريعة الرب معنا حقا انه الى الكذب حولها قلم الكتبة الكاذب. خزي الحكماء ارتاعوا و اخذوا ها قد رفضوا كلمة الرب فاية حكمة لهم. لذلك اعطي نساءهم لاخرين و حقولهم لمالكين لانهم من الصغير الى الكبير كل واحد مولع بالربح من النبي الى الكاهن كل واحد يعمل بالكذب. و يشفون كسر بنت شعبي على عثم قائلين سلام سلام و لا سلام. هل خزوا لانهم عملوا رجسا بل لم يخزوا خزيا و لم يعرفوا الخجل لذلك يسقطون بين الساقطين في وقت معاقبتهم يعثرون قال الرب.

فى (4) الله يطلب منهم أن يجعلهم يقفون وقفة حساب مع أنفسهم لعلهم يتنبهوا. والسؤال هنا. هل إذا وقع أحدكم على الأرض وإتسخت ملابسه، هل يستمر جالساً على الأرض ينعى حالهُ أم يقوم ويسرع لتنظيف ملابسه!! وهكذا أنتم فقد سقطتم فى نجاسات فلا تستمروا بل قدَموا توبة. أو يرتد أحد ولا يرجع = لو ضل مسافر فى طريقه وأرشده أحدهم للطريق الصحيح فهل يستمر فى الطريق الخطأ أو يصحح طريقه شاكراً لمن أرشده. فالخطية إذاً هى إنحراف عن الطريق الصحيح وهى سقوط ولكنهم أى شعب يهوذا لم يرجع للطريق الصحيح ولم يقوم من سقطته (5). وفى (6) الله الذى يريد أن الجميع يخلصون ويصغى لصوت كل واحد لعله يقدم توبة يقول هنا فى حزن أنه يصغى ويسمع ولكن لم يسمع أن أحداً منهم قدم توبة. بل كل واحد كفرس = بدلاً من أن يقف الإنسان مع نفسه ليراجع نفسه فكل واحد رجع لخطيته كحصان يجرى فى معركة بلا خوف وبإندفاع، مبتعداً عن الله لاهثاً وراء شهوته وربما لو هدأ الإنسان مع نفسه وجلس يفكر فى طريقه لترك طريق الشر حين يكتشف ان هذا الشر لا يصاحبه سلام القلب. ومما ضاعف من خطيتهم أن الطيور تفهم العلامات خير منهم فهى تغير مكانها إذا جاء الشتاء وتغير الطقس (7) وها هى العلامات تشير لإقتراب كارثة عظيمة ولا أحد يفهم. وفى (8) هم لا يدركون العلامات ومع هذا يدَعون الحكمة لأن شريعة الرب معهم. ولكن لا يكفى معرفة الكتاب معرفة عقلية جامدة بل أن نحيا به لنعرف قضاء الرب. بل أن كتبتهم حرفوا أقوال الله = طوَعوها لرغباتهم الشريرة وعلينا إذا جلسنا للكتاب المقدس أن نطلب الله لا أن نثبت رأى خاص لنا.
العدد 13- 22:
الأيات 13-22 :- نزعا انزعهم يقول الرب لا عنب في الجفنة و لا تين في التينة و الورق ذبل و اعطيهم ما يزول عنهم. لماذا نحن جلوس اجتمعوا فلندخل الى المدن الحصينة و نصمت هناك لان الرب الهنا قد اصمتنا و اسقانا ماء العلقم لاننا قد اخطانا الى الرب. انتظرنا السلام و لم يكن خير و زمان الشفاء و اذا رعب. من دان سمعت حمحمة خيله عند صوت صهيل جياده ارتجفت كل الارض فاتوا و اكلوا الارض و ملاها المدينة و الساكنين فيها. لاني هانذا مرسل عليكم حيات افاعي لا ترقى فتلدغكم يقول الرب. من مفرج عني الحزن قلبي في سقيم. هوذا صوت استغاثة بنت شعبي من ارض بعيدة العل الرب ليس في صهيون او ملكها ليس فيها لماذا اغاظوني بمنحوتاتهم باباطيل غريبة. مضى الحصاد انتهى الصيف و نحن لم نخلص. من اجل سحق بنت شعبي انسحقت حزنت اخذتني دهشة. اليس بلسان في جلعاد ام ليس هناك طبيب فلماذا لم تعصب بنت شعبي.

فى (13) نزعاً أنزعهم = بقضاء وراء قضاء. ولن يبقى هناك عنب فى الكرمة ولا تين فى التينة. فالعدو ينزع منهم كل خيراتهم. بل وسينتهوا كشعب فسينزعهم العدو بالسبى والقتل

(فإسرائيل تمثل بتينة) لو 6:13 وحتى ورق التينة ذَبُلَ. وكل ما أعطاه الله لهم سينزعه الله، وهذا يفعلهُ الله، إن لم نلتزم بالعهد معه (العهد الذى بيننا وبينه) والأيات (14-17) يظهر فيها رعبهم بعد أن أكتشفوا هجوم الجيش البابلى عليهم ففى (14) هم يفكرون فى التجمع داخل أورشليم الحصينة. وهنا يبدأون فى إدراك أن الله غاضب عليهم. وماء العلقم = مر وسام. ياليت الخاطىء يعلم أن سبب الألم الذى فيه هو غضب الله وفى (15) طالما عشموا أنفسهم بكلام الأنبياء الكذبة بأن هناك سلام بل وشفاء. ولكن أمامهم الأن رعب.

وفى (16) دان أقصى الشمال حيث يأتى جيش بابل وفى (17) الحيات = هى جيش بابل وهى لا ترقى = أى لا تستجيب لصوت المزمار والمعنى أن قلبهم لا يلين إذا ما إستعطفوهم أو حاولوا تهدئتهم فإذا لم يكن سلام مع الله فلا سلام مع إنسان. وفى (18) حزن النبى على هذه الأخبار وفى (19) هنا النبى يردد صدى أراء الشعب كما يتصورها النبى بعد السبى وهم يبكون على الأماكن المقدسة ويدهشون لفنائها ويبكون من الذل الذى هم فيه ثم فى الشق الثانى من الأية جواب الله على ما يجول فى خاطرهم. فالله ليس فى صهيون ولا يدافع عنها لأنهم أغاظوه بمنحوتاتهم وفى (20) مضى الحصاد وإنتهى الصيف = أى أن وقت طويل قد مضى والسنة قاربت على الإنتهاء ولم يظهر أى أمل فى الخلاص بل وقد أتى وقت الشتاء والبرد والحزن. فالله أعطاهم فرص كثيرة للخلاص ولكنهم ضيعوها ثم أكتشفوا مؤخراً أن الله ليس فى صهيون. وفى (21) النبى يعبَر عن حزنه ثانية وفى (22) جلعاد هى بقعة واقعة شرقى قرية النبى وفيها تنمو الأعشاب والأشجار والزهور التى يستخرج منها البلسم الذى يستخدمه أطباء الشرق فى صنع الدواء. والمعنى ألم يبقى فى هذا المكان طبيب ولا دواء. لا نبى ولا كاهن ولا من يشفى هذا الشعب مريض القلب ويبدو أن الإجابة لا. والعجيب أن الله موجود فى كل مكان وكل وقت والدواء موجود ولكنهم لا يستعملونه. بل يلجأوا لغير الله إذاً جلعاد فى وسطهم والله فى وسطهم ملكاً ولهم الأنبياء إذاً الشفاء ممكن ولكنهم لا يستعملون الدواء فدمهم على رؤوسهم. وبلسان جلعاد لنا هو دم المسيح والروح القدس هو طبيبنا.
أسفار الكتاب المقدس
أعلى